• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تمام المنة - الصلاة (15)

تمام المنة - الصلاة (15)
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2012 ميلادي - 5/7/1433 هجري

الزيارات: 11478

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موقف الإمام وترتيب صفوف المأمومين:

أولاً - ترتيب الصفوف:

أقَلُّ الجماعة اثنان؛ لِمَا تقدَّم في الحديث: ((إذا حضَرَت الصَّلاة، فليؤذِّنْ أحدُكما، وليؤُمَّكما أكبَرُكما))[1]، وعلى هذا؛ فيَكون ترتيب الصُّفوف على النَّحْو الآتي:

(أ) فإذا كان المأمومُ رجلاً أو صبيًّا؛ فإنَّه يقف عن يمين الإمام بِجانبه تَمامًا، فلا يتقدَّم عنه ولا يتأخَّر.

 

قال الإمام البخاريُّ - رحمه الله -: "بابٌ: يقوم عن يمين الإمام بحِذائه سواءً، إذا كانا اثنين"، ثُمَّ أورد فيه حديثَ ابن عبَّاس وصلاته خلف النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيت خالته ميمونة، وفي بعض ألفاظه أنَّ ابن عباس قال: "فقمتُ إلى جنبه".

 

قال الحافظُ: "وظاهِرُه المُساواة"[2].

 

وعن ابن جُرَيج قال: قلتُ لعطاء: الرَّجل يُصلِّي مع الرجل؛ أين يكون منه؟ قال: إلى شقِّه الأيمن، قلت: أيُحاذي به حتَّى يصفَّ معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم، قلت: أتحبُّ أن يُساوِيَه حتَّى لا تكون بينهما فُرْجة؟ قال: نعم[3].

 

وفي الموطَّأ عن عبدالله بن عتبة بن مسعودٍ قال: دخلتُ على عمر بن الخطَّاب بالهاجرة، فوجدتُه يُسبِّح (يعني: يصلِّي)، فقمت وراءه، فقرَّبني حتَّى جعلَني حِذاءَه عن يمينه[4].

 

وعلى هذا؛ فمِن الأخطاء الشَّائعة أن يقف المأمومُ خلف الإمام قليلاً؛ بأن يجعل أصابع قدَمِه عند مؤخرة قدم الإمام، وقد يبتعد عنه قليلاً، والصواب ما تقدَّم من مُحاذاته سواءً بسواء، بأن تكون قدَمُه بقدمه صفًّا واحدًا.

 

(ب) فإن كانوا ثلاثةً فأكثر، تقدَّمَ الإمام وصفَّ المأمومان أو المأمومون خلْفَه.

 

فعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: "صلَّيتُ أنا ويتيمٌ في بيتنا خلف النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأمي أمُّ سليم خلْفَنا"[5].

 

ومِمَّا يُؤكِّد ذلك ما رواه مسلمٌ من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: "قام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليصلِّي، فجئتُ فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدارني، حتَّى أقامني عن يمينه، ثم جاء جابرُ بن صخر، فقام عن يسار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأخذ بأيدينا جميعًا فدفَعَنا حتَّى أقامَنا خلفه"[6].

 

ويجوز أن يقف أحَدُهما عن يمينه والآخَرُ عن يساره إذا كانا اثنَيْن فقط؛ لِمَا ثبتَ عن ابن مسعودٍ أنَّه وقف بين علقمة والأسود، وصلَّى بهما، وقال: "هكذا رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعَل"[7].

 

ويرى بعضُ أهل العلم أنَّ ذلك منسوخ، ويرى آخرون أنَّ ذلك إذا كانت الصَّلاة فرضًا، والحالة الأولى في حالة النَّفل، والراجح جواز الأمرَيْن جميعًا، وإن كانت الأولى هي الأفضل.

 

ملاحظات:

(1) إذا أمَّت المرأةُ المرأةَ، وقفَتْ بِجانبها، فإن كُنَّ نسوة، وقفت وسطهنَّ - كما تقدم.

 

(2) إذا كان مع الرَّجلين امرأة، وقف الرَّجل بحذاء الإمام، ووقفَت المرأة خلفهما، فإن كان معه مأمومان، وقَفا خلفه، ووقفت المرأة خلفَهما؛ لحديث أنسٍ السَّابق.

 

فإن كان مع الإمام امرأةٌ فقط، صلَّتْ خلفه، وفي هذه الصُّورة يُكرَه أن يؤمَّ الرَّجلُ المرأة الأجنبيَّة بِمُفردها؛ حتَّى لا تكون خلوةً، إلاَّ أن تكون مِن مَحارمه.

 

وهذه الكراهة كراهةُ تَحْريم، كما نصَّ على ذلك الإمامُ النَّووي[8].

 

(3) إذا وقف المأموم عن يَسار الإمام، أداره الإمامُ من خلفه، حتَّى يوقفه عن يمينه، كما فعل النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بابن عبَّاس، وبِجابر.

 

(4) إن وقف المأموم عن يَمين الإمام، ثم جاء آخر فوقَفَ عن يساره، أخَّرَهما الإمامُ إلى ورائه؛ لِما تقدَّم في حديث جابر

قال ابن قُدَامة: "ولا يتقدَّم الإمام إلاَّ أن يكون وراءه ضيق، وإن تقدَّم جاز"[9].

 

(5) إذا صلَّى المأموم عن يسار الإمام ولَم يُدِرْه الإمام عن يمينه، فهل صلاة المأموم صحيحة أم باطلة؟

 

مذهب الحنابلة بُطْلان صلاته، إلاَّ إذا كان عن يمين الإمامِ رجلٌ آخر؛ لحديث ابن مسعود المتقدم[10].

 

ومذهب مالكٍ والشافعي وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد: أنَّ صلاته صحيحة على كلِّ حال، إلاَّ أنه خالف السُّنة، وهذا هو الرَّاجح؛ لأنه لم ينصَّ دليلٌ صريح على بُطْلان الصلاة.

 

(6) إذا كبَّرَ اثنان خلف الإمام، ثُم خرج أحدُهما لِعُذر، تقدَّم الثاني حتَّى يقف بحذاء الإمام عن يمينه.

 

(7) علمنا أن السُّنة أن المرأة تقف خلف الرِّجال، وكذلك صفوف النِّساء خلف صفوف الرجال؛ فما الحكم لو خالفَتْ؟ يعني لو صلَّت بحذائهم أو أمامَهم؟

 

قال ابنُ حجر: "فلو خالفَتْ، أجزأَتْ صلاتُها عند الجمهور، وعن الحنفيَّة تفسد صلاة الرَّجل دون المرأة"[11]، والصحيح من ذلك قولُ الجمهور.

 

قال النَّووي: "وعُمْدتُنا أنَّ الأصل أن الصلاة صحيحة، حتَّى يَرِدَ دليلٌ صحيح شرعي في البطلان، وليس لهم ذلك..."[12].

 

قلتُ: ولا يخفى أنَّها تكون آثِمةً لو تعمَّدَت ذلك.

 

ثانيًا - تسوية الصفوف:

الرَّاجح وجوب تسوية الصُّفوف؛ فعن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَتُسوُّنَّ بين صفوفكم، أو لَيُخالِفَنَّ الله بين وجوهكم))[13]، وفي بعض الروايات: ((بين قُلوبكم))، وعن أنسٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((سَوُّوا صُفوفَكم؛ فإنَّ تسوية الصُّفوف من إقامة الصلاة)) - وفي روايةٍ -: ((من تَمام الصَّلاة))[14]، وهذه التَّسوية تتحقَّق بِمُراعاة هذه الأمور:

(1) المُحاذاة: بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، وهذه المُحاذاة تكون بالمَناكب (الأكتاف)، وبالأَكْعُب، وأمَّا المحاذاة بأطراف أصابع الأرجُل، فهو خطأ؛ لأنَّ أقدام الناس تختلف طولاً وقِصَرًا.

 

(2) التَّراص: بحيث لا يكون فُرجات وخلَلٌ بين الصُّفوف، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أقيموا الصُّفوف، وحاذُوا بين المناكب، وسدُّوا الخلل، وَلِينُوا بأيدي إخوانكم، ولا تذَروا فرجاتٍ للشيطان، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه الله، ومن قطعَ صفًّا قطعه الله))[15].

 

وعن أنسٍ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((رصُّوا صُفوفَكم، وقارِبوا بينها، وحَاذوا بالأعناق؛ فوالَّذي نفسي بيده، إنِّي لأَرَى الشَّيطان يَدْخل من خلل الصَّف كأنَّها الحذف))[16].

 

قال الخطابي: ((رصُّوا صفوفكم)) معناه: ضمُّوا بعضها إلى بعض، و"الحذف": غنم سودٌ صغار.

 

وصفة الرَّص: ما ثبت في روايتَيْ حديث أنسٍ والنُّعمان السابقتين، وفيهما: وكان أحَدُنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمَه بقدمه[17].

 

تنبيه: لا يَعْني ما سبق: "التَّزاحُم" الذي قد يُذْهِب الخشوع.

 

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "وليس المراد بالتراصِّ التزاحم"[18]؛ فعلى المسلم أن يلين لأخيه؛ بأن يَصِلَ الصفَّ ويسدَّ الخلل، ولا يدفعه بِمنكبه؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خِيارُكم ألْيَنُكم مناكِبَ في الصلاة))[19].

 

(3) تقارب الصفوف: وقد تقدَّم في حديث أنسٍ قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها)).

 

(4) إتمام الصُّفوف: بحيث لا يشرع في صفٍّ حتَّى يتِمَّ الذي قبله؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أتِمُّوا الصفَّ المقدَّم، ثم الذي يليه، فما كان مِن نقصٍ، فلْيَكن في الصفِّ المؤخَّر))[20].

 

وقد ورد الحثُّ على ذلك؛ فعن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ تَصفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربِّها - عزَّ وجلَّ؟))، قلنا: وكيف تصفُّ الملائكة عند ربِّها؟ قال: ((يتمُّون الصُّفوف المقدَّمة، ويتَراصُّون في الصَّف))[21].

 

(5) أن تُقدَّم صفوف الرِّجال وتؤخَّر صفوف النِّساء، وقد تقدَّم بيانُ ذلك.

 

وهل تؤخَّر صفوف الصِّبيان بحيث تَلِي صفوف الرِّجال؟ يَرى بعضُ العُلماء أنَّ ذلك من تسوية الصُّفوف؛ لِمَا ثبتَ في "سنن أبي داود" عن أبي مالكٍ الأشعريِّ - رضي الله عنه - قال: "ألاَ أُحدِّثكم بصلاة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: فأقام الصَّلاة، وصفَّ الرِّجال، وصفَّ خلفهم الغلمان، ثم صلَّى بهم..." إلخ[22]، ولكنه حديث ضعيف؛ فإنَّه من رواية شَهْر بن حَوْشب؛ ولذلك رجَّح الشيخ ابن عثيمين والشيخُ الألباني - رحمهما الله - وقوفَ الغلمان مع الرِّجال[23]، وقد أوردَ الشيخ ابن عثيمين بعض المحاذير من جعْلِهم صفوفًا منفرِدةً بِما يُحْدِثون من تشويش، ومن كراهيتهم للمَسْجد، وكراهيتهم لمن أخَّرَهم.

 

قلتُ: يُمكِن أن يستدلَّ على وقوفهم في الصُّفوف بحديث ابن عبَّاس قال: "أقبلتُ راكبًا على أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهَزْتُ الاحتلام، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلِّي بالناس بِمِنًى إلى غير جدار، فمررتُ بين يدَيْ بعض الصف، فنَزلتُ وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصَّف، فلم يُنكِر ذلك عليَّ أحد"[24].

 

لكن يُراعَى ألاَّ يكونوا خلف الإمام مباشرة؛ للحديث الآتي:

(6) أن يلي الإمامَ أُولو الأحلام والنُّهى: وذلك لحديث أبي مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لِيَلِيني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يَلُونهم، ولا تختلفوا فتختَلِفَ قلوبكم، وإيَّاكم وهَيْشَات الأسواق))[25].

 

"وأولو الأحلام": البالغون المَوْصفون بالحِلْم، العُقَلاء؛ لشرفهم ومزيد تفَطُّنِهم وتيقُّظهم، وضَبْطهم لصلاة الإمام، ولذا رجَّحتُ أنَّ الأطفال لا يكونون خلف الإمام، و"هيشات الأسواق": ما يكون فيه من الجَلَبة وارتفاع الأصوات.

 

(7) تفضيل مَيامن الصُّفوف عن شمائلها؛ لِمَا ثبت في الحديث: ((إنَّ الله وملائكته يُصَلُّون على ميامن الصُّفوف))[26].

 

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: "ولا حرجَ أن يكون يمينُ الصفِّ أكثر - يعني من يساره - حرصًا على تحصيل الفَضْل".

 

(8) تُكْرَه أن تُصَفَّ صفوف الصَّلاة بين السواري إلاَّ لحاجة؛ لِما ثبت عن عبدالحميد بن محمود قال: صلَّيتُ مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدفعنا إلى السَّواري فتقدَّمنا وتأخرنا، فقال أنس: "كُنَّا نتقي هذا على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"[27].

 

وعن مُعاويةَ بنِ قُرَّة عن أبيه، قال: "كنا نُنْهَى عن الصَّلاة بين السواري، ونُطْرَد عنها طردًا"[28].

 

قال ابن العربي: "ولا خِلاف في جوازه عند الضيق، وأمَّا عند السَّعَة، فهو مَكْروه للجماعة"[29].

 

ملاحظات وتنبيهات:

(1) على الأئمَّة أن يُسوُّوا صفوفَ المُصلِّين؛ فعَن البَراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتخلَّل الصفَّ من ناحيةٍ إلى ناحية يَمْسح صُدورَنا ومناكبنا، ويقول: ((لا تَختلِفوا فتختلِفَ قُلوبكم))[30].

 

(2) إذا لَم تُسوَّ الصُّفوف، فهل تَبْطل الصَّلاة؟


قال الشيخ ابن عثيمين: "الْجَواب: فيه احتِمال، قد يُقال: إنَّها تبطل؛ لأنَّهم ترَكوا الواجب، ولكن احتِمال عدم البُطْلان مع الإثم أقوى"[31].

 

قال الحافظُ: "ومع القَوْل بأنَّ التَّسوية واجبة، فصَلاة مَن خالف ولَم يُسوِّ صحيحةٌ"[32]، ثم استدلَّ على ذلك بحديث أنسٍ - رضي الله عنه - حين قدم المدينة قيل له: ما أنكرت منَّا منذُ يوم عهدت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟ قال: "ما أنكرت شيئًا إلاَّ أنَّكم لا تقيمون الصُّفوف"[33]، ومع هذا الإنكار؛ فإنَّ أنسًا - رضي الله عنه - لَم يأمرهم بالإعادة.

 

(3) من الأخطاء الشَّائعة - خاصَّة في المساجد الكبيرة - أن يتَكاسل بعضُ النَّاس عن إتْمام الصُّفوف؛ لطول المَسافة التي سيَقْطعها إلى الصَّف، فتراه يُنشئ صفًّا جديدًا خلف الإمام، وهذا مُخالف لِهَدْي النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

(4) ومِن الأخطاء كذلك أن يَقوم خادِمُ المسجد ومعه رجلٌ أو رَجُلان بإنشاء صفٍّ وحْدَهما، ولكن هل تصِحُّ صلاتُهم؟

 

الجواب: نعم؛ لأنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَم يبطل إلاَّ صلاة المنفرد، وهذا غيرُ منفرد، لكنَّهم خالفوا السُّنة.

 

(5) نَرى في بعض المساجد وضْعَ كراسيَّ في آخِر المسجد يصلِّي عليها المَرْضى، وهذه فيها مُخالَفات:

منها: حِرْمانهم من ثواب الصُّفوف المقدَّمة.

 

ومنها: عدم وَصْلِهم للصُّفوف.

 

ومنها: بُعْدهم عن الإمام.

 

وهل تصحُّ صلاتهم؟ الجواب: نعَم؛ بشرط ألاَّ يكون أحَدُهم منفردًا.

 

(6) من الأخطاء وقوفُ بعض الأئمَّة قبل تكبيرة الإحرام للدُّعاء وتأمين مَن خلفه؛ إذْ لَم يثبت دليلٌ من السُّنة على هذا.

 

(7) اشتهَر على ألسنة الأئمَّة قولُهم: "إنَّ الله لا يَنْظر إلى الصفِّ الأعوج"، وهذا لا أصل له، والصحيح أن يقول ما كان يقولُه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند تسوية الصُّفوف[34].

 

(8) وكذلك من الأخطاء وعْظُ الإمام قبل تكبيرة الإحرام؛ كقول الإمام: "صَلِّ صلاة مُودِّع"[35]، ورُبَّما قرأ قولَه تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 2]، ثم هو قد يكتفي بهذه المواعظ التي لا أصل لها في هذا الموطن، ولا ينظر إلى الصُّفوف: هل هي مستويةٌ أم لا؟

 

(9) من الأخطاء هروَلةُ بعض المَسْبوقين إذا وجَدوا الإمام راكعًا لإدراك الرَّكعة، وبعضهم يتنحنَح أو يُردِّد كلماتٍ أو آيات؛ لتنبيه الإمام إلى إطالة الرُّكن؛ لكي يدركوه، وهذا كلُّه مُخالف للشرع، وعليه أن يأتي بالسَّكينة والوقار، ثم يتمَّ ما فاته من الصلاة.

 

(10) ومن الأخطاء أنَّ المسبوق إذا رأى الإمام ساجدًا أو جالسًا، لا يدخل الصَّلاة معه حتَّى يقف الإمام، وأمَّا إذا كان الإمام في التشهُّد الأخير، انتَظَروه حتَّى يُسلِّم ليقيموا جماعةً أخرى.

 

والصَّوَاب: أنه متى دخلَ المُصلِّي المسجدَ انتظم مع إمامه؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا جئتُم إلى الصَّلاة ونحن سُجود، فاسجدوا، ولا تعدوها شيئًا، ومَن أدرك ركعةً فقد أدركَ الصَّلاة))[36].

 

(11) إذا أدرك الإمامَ راكعًا، احتسبَ هذه الرَّكعة، وهذا قول المَذاهب الأربعة، وقد ثبَتَ في ذلك بعضُ الأحاديث المُصرِّحة بذلك، وفي أسانيدها مَقال، لكنَّه يُقوِّيها بعضُ الآثار عن الصحابة، منها عن ابن عُمَر - رضي الله عنهما -: "من أدرك الإمام راكعًا، فركعَ قبل أن يرفع الإمامُ رأسه، فقد أدرك تلك الرَّكعة"[37].

 

وثبتَ نحوُ هذا عن أبي بكر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن الزُّبير[38].

 

(12) من الألفاظ الواردة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لتسوية الصُّفوف:

((سَوُّوا صفوفكم؛ فإنَّ تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)).

 

((أقيموا صُفوفكم)) ثلاثًا.

 

((لا تختلفوا فتختَلِف قلوبُكم)).

 

((أقيموا صفوفكم، وحاذوا بين المَناكب، وسُدُّوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذَرُوا فُرجاتٍ للشيطان، ومن وصَلَ صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله)).

 

((رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق)).

 

((أتِمُّوا الصف المقدَّم، ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ، فلْيَكن في الصف المؤخَّر)).

 

وقد تقدَّم تخريجُ كلِّ هذه الأحاديث في الصفحات السابقة، وهي كلُّها صحيحة.

 

(13) لا تصِحُّ صلاة المأموم أمامَ الإمام، إلاَّ إذا كانت ضرورة.

 

وهذا ما رجَّحَه شيخ الإسلام ابن تيميَّة[39].

 

(14) من الأخطاء الشائعة كذلك وقوفُ بعض عوامِّ النَّاس أو وقوف الصِّبيان خلف الإمام، وابتعاد أولي الأحلام والنُّهى عن هذا الموطن.



[1] البخاري (628)، ومسلم (674)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، وابن ماجه (979).

[2] "فتح الباري" (2/ 190).

[3] رواه عبدالرزاق (2/ 406 - 3870) بسند صحيح.

[4] رواه مالك في "الموطأ" (1/ 154)، والبيهقي (3/ 96)، وإسناده صحيح.

[5] البخاري (727)، ومسلم (658)، وأبو داود (612)، والترمذي (234)، والنسائي (2/ 85).

[6] مسلم (3010)، وأبو داود (634)، والبيهقي (2/ 239).

[7] صحيح: رواه أبو داود (613)، والنسائي (2/ 84).

[8] انظر "المَجْموع" (4/ 277).

[9] "المغني" (2/ 216).

[10] صحيح: [تقدم تخريجه].

[11] "فتح الباري" (2/ 212).

[12] "المجموع" (4/ 252).

[13] البخاري (717)، ومسلم (436)، وأبو داود (662)، والترمذي (227)، والنسائي (2/ 89)، وابن ماجه (994).

[14] البخاري (723)، (724)، ومسلم (433)، وأبو داود (668)، وابن ماجه (993).

[15] صحيح: أبو داود (666)، والنسائي مختصرًا (2/ 93).

[16] حسن: أبو داود (667)، والنسائي (2/ 92)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3505).

[17] انظر "صحيح البخاري" (725)، و"سنن أبي داود" (662).

[18] "الشرح الممتع" (3/ 14).

[19] صحيح: رواه أبو داود (672)، والبيهقي (3/ 101).

[20] صحيح: رواه أبو داود (671)، والنسائي (2/ 93).

[21] مسلم (430)، وأبو داود (661)، والنسائي (2/ 92)، وابن ماجه (992).

[22] أبو داود (677)، والطبراني في "الكبير" (3/ 281)، والبيهقي (3/ 97).

[23] "الشرح الممتع" (3/ 20 - 22)، و"تمام المنَّة في التعليق على فقه السُّنة" (ص284).

[24] البخاري (76)، (493)، ومسلم (504)، وأبو داود (715)، والترمذي (337)، والنسائي (2/ 64)، وابن ماجه (947).

[25] مسلم (432)، وأبو داود (674)، والترمذي (228)، وابن ماجه (976).

[26] رواه أبو داود (676)، وابن ماجه (1005)، وابن حبان (2160)، وحسنه الحافظ في الفتح، لكن المحفوظ بهذا الإسناد بلفظ: ((إن الله وملائكته يصلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف)).

قُلْتُ: وثبَتَ عن البَراء قال: كُنَّا إذا صلَّيْنا خلف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أحبَبْنا أن نكون عن يَمينه؛ رواه أبو داود (615)، والنَّسائي (2/ 94)، وصحَّحه الحافظ في "الفَتْح" وابنُ ماجه (1006).

[27] صحيح: أبو داود (673)، والترمذي (229)، والنسائي (2/ 94).

[28] حسن: ابن ماجه (1002)، وابن خزيمة (1567)، وابن حبان (2219).

[29] انظر "نيل الأوطار" (3/ 336).

[30] صحيح: رواه أبو داود (664)، والنسائي (2/ 89)، وابن ماجه (997).

[31] "الشرح الممتع" (3/ 12).

[32] "فتح الباري" (2/ 210).

[33] البخاري (724)، وأحمد (3/ 112).

[34] انظر الملاحظة رقم (12) الآتية.

[35] الطبراني في الأوسط (4/ 358)، وأحمد (5/ 412)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1914)، لكن لم يكن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعظ الناس به عند إقامة الصلاة.

[36] رواه أبو داود (893)، وله شواهد، انظر "إرواء الغليل" للألباني (496).

[37] رواه ابن أبي شيبة (1/ 243)، والبيهقي (2/ 90)، وسنده صحيح.

[38] انظر "إرواء الغليل" (2/ 264).

[39] "مجموع الفتاوى" (23/ 404).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تمام المنة - الصلاة (1)
  • تمام المنة - الصلاة (2)
  • تمام المنة - الصلاة (3)
  • تمام المنة - الصلاة (4)
  • تمام المنة - الصلاة (5)
  • تمام المنة - الصلاة (6)
  • تمام المنة - الصلاة (7)
  • تمام المنة - الصلاة (8)
  • تمام المنة - الصلاة (9)
  • تمام المنة - الصلاة (11)
  • تمام المنة - الصلاة (12)
  • تمام المنة - الصلاة (13)
  • تمام المنة - الصلاة (14)
  • تمام المنة - الصلاة (16)
  • تمام المنة - الصلاة (17)
  • تمام المنة - الصلاة (18)
  • تمام المنة - الصلاة (19)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة شرح ديوان أبي تمام ( شرح ديوان الحماسة لأبي تمام )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تمام المنة - الصلاة (43)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (42)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (41)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (40)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (39)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (38)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (37)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (36)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (35)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جميل
شريف المحيا - إندونيسيا 01-10-2012 12:16 PM

فقد قرأت االكتاب عبر الإنترنت فألفيته جميلا ملما بالفائدة, فجزا الله الكاتب كل خير كما جزا الموقع المبارك أيضا كل خير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب