• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (6)

العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (6)
محمود محمد عراقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2012 ميلادي - 13/5/1433 هجري

الزيارات: 27296

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العام والخاص والمطلق والمقيد

(دراسة أصولية فقهية)


الفصل الثامن

القول في بناءِ العام على الخاص

هذا الفصل يحتوي على:

• بناء العام على الخاص.

 

• "جاء في كتابات بعضِ العلماء المُحْدَثين إدخالُ الأمر والنهي في مباحِث العام والخاص؛ ولذلك أورد الباحثُ كلامًا مختصرًا عنهما، على غيرِ اقتناع منه، لكنْ لِمُسايرةِ أسلوب المحدَثِين في التجديد".

 

القول في بناءِ العام على الخاص

إذا رُوِيَ عن رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - خبران: خاصٌّ، وعامٌّ - وهما كالمتنافيين - فإما أن نعلم تاريخهما، أو لا نعلمَ.

 

فإنْ عَلِمْنا التاريخ: فإمَّا أن نعلمَ مقارنتَهُما، أو نعلمَ تراخيَ أحدِهما عن الآخَر.

 

فإنْ عَلِمنا مقارنتهما نحوَ أن يقول: "في الخيْل زكاة"، ويقول عَقِيبَه: "ليس في الذكور من الخيْل زكاة"، فالواجب: أن يكون الخاصُّ مخصِّصًا للعامِّ.

 

ومنهم مَن قال: بل ذلك القَدْر مِن العام يصيرُ معارضًا للخاص.

 

لنا وجوه:

الأول: أنَّ الخاصَّ أقوى دلالةً على ما يتناولُه من العام، والأقوى راجحٌ، فالخاصُّ راجح.

بيان الأول: أنَّ العام يجوز إطلاقُه من غير إرادة ذلك الخاص، أما ذلك الخاص لا يجوز إطلاقُه مِن غير إرادة ذلك الخاص، فثَبَت أنَّه أقوى.

 

أخص مِن قوله: ﴿ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 5] من حيث إنَّ اليهوديَّ أخصُّ من المشرِك، وأعمُّ منه مِن حيث إنَّه دخَل في المتقدِّم من الأوقات ما لم يدخل في المتأخِّر، وهو: ما بين زمان ورود المتقدِّم والمتأخِّر.

 

فظهَر أنَّ الخاص المتقدم أعمُّ في الأزمان، وأخصُّ في الأعيان، والعام المتأخِّر بالعكس، فكلُّ واحد منها أعمُّ من الآخر من وجه، وأخصُّ من وجه آخر، وإذا ثبَت ذلك، وجَب التوقُّف والرجوع إلى الترجيحِ، كما في كلِّ خِطابين هذا شأنهما.

 

فتخصّه بما إذا كان الأَحْدثُ هو الخاص.

 

وعن الثاني: أنَّ الفرْق ما ذكرْنا من أنَّ الخاص أقوى من العام، فوجَب تقديمُه عليه؛ ولأنَّا لو لم نسلِّط الخاص المتأخِّر على العام المتقدِّم، لزِم إلغاء الخاص.

 

أما لو لم نُسلِّط العام المتأخِّر على الخاص المتقدِّم لا يلزم ذلك، فظهَر الفرْق.[1]

 

ويجوز ذلك عندَ من يُجوِّز تأخيرَ بيان العام، ولا يجوز عندَ المانعين منه، وإنَّ ورَد الخاص بعد حضورِ وقتِ العملِ بالعام، كان ذلك نسْخًا وبيانًا لمراد المتكلِّمِ فيما بعدُ، دون ما قبلُ؛ لأنَّ البيان لا يتأخَّر عن وقتِ الحاجة.

 

أمَّا إنْ كان العام متأخِّرًا عن الخاص، فعندَ الشافعي وأبي الحسين البصري: يُبنَى على الخاص، وهو المختار.

 

وعند أبي حنيفة، والقاضي عبدالجبَّار بن أحمد: أنَّ العام المتأخِّر ينسخ الخاصَّ المتقدِّم، وتوقَّف ابن القاص فيه.

 

لنا وجوه:

الأوَّل: الخاص أقوَى دلالةً على ما يتناوله من العام، والأقوى راجح:
فالخاص راجحٌ.

 

الثاني: أنَّ إجراء العامِّ على عمومه يُوجِب إلْغاءَ الخاص، واعتبار الخاصِّ لا يوجِب إلغاءَ واحد منهما، فكان أَوْلى.

 

واحتجَّ أبو حنيفة وأصحابُه - رحمهم اللَّه - بأمور:

أحدهما: ما رُوي عن ابن عبَّاس - رضي الله عنه - أنه قال: "كنَّا نأخُذ بالأحْدثِ فالأحدث".

فإذا كان العامُّ متأخرًا، كان أحْدث، فوجَب الأخذ به.

 

وثانيها: لفْظان تعارضَا، وعُلِم التاريخ بينهما، فوجَب تسليطُ الأخير على السابق، كما لو كان الأخير خاصًّا.

واحترز بقولنا: "لفظان" - عن العامِّ الذي يخصُّه العقل، فإنَّا - هناك - سلَّطْنا المتقدم.

 

وثالثهما: أنَّ اللفظ العام - في تناوله لآحادِ ما دخل تحته - يَجري مجرَى ألْفاظ خاصَّة، كلُّ واحد منها يتناول واحدًا [فقط] مِن تلك الآحاد؛ لأن قوله - تعالى -: ﴿ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 5]، قائم مقام قوله: "اقتلوا زيدًا المشرِك، اقتلوا عمرًا، اقتلوا خالدًا"، ولو قال ذلك بعدَ ما قال: "لا تقتلوا زيدًا"، كان الثاني ناسِخًا.

 

واحتجَّ ابن القاضي على التوقُّف بأنَّ هذين الخِطابين كلُّ واحد منهما أعمُّ من الآخَر من وجه، وأخصُّ من وجهٍ آخر؛ لأنَّه إذا قال: "لا تقتلوا اليهود"، ثم قال بعدَه: "اقتلوا المشرِكين"، فقوله: "لا تقتلوا اليهودَ" أخصُّ من قوله اقتلوا المشركين؛ من حيث إنَّ اليهودي أخصُّ من المشرك وأعم منه؛ من حيث إنه دخل في المتقدم من الأوقات ما لم يدخل في المتأخر، وهو ما بين زمان ورود المتقدم والمتأخر.

 

الثاني: أنَّ إجراءَ العام على عمومِهِ إلغاءٌ للخاص، واعتبار الخاص لا يوجِب إلغاءَ واحدٍ منهما، فكان ذلك أولى.

 

فإن قلتَ: هلاَّ حملتُم قوله: "في الخيل زكاة" على التطوُّع، وقوله: "لا زكاةَ في الذكور من الخيل" على نفْي الوجوب، وهذا - وإن كان مجازًا - لكن التخصيص أيضًا مجاز: فلِمَ كان مجازُكم أَوْلى من مجازنا؟!

 

قلت: إنَّا نفرض الكلامَ فيما إذا قال: "أوجبتُ الزكاة في الخيل"، ثم قال: "لا أوجبها في الذُّكور من الخيل".

 

ولأنَّ قوله: "في الخيْل زكاة" لا يقتضي وجوبَها في الإناثِ والذُّكور، فلو حملناه على التطوُّع، لكنَّا قد عدَلْنا باللفظ عن ظاهره في الإناث؛ لدليلٍ لا يتناول الإناثَ، وليس كذلك إذا أخْرَجْنا الذكور في قوله: "في الخيل زكاة"؛ لأنَّا نكون قد أخرجْنا من العام شيئًا لدليلٍ يتناوله، واقتضَى إخراجه.

 

أما إذا علمنا تأخيرَ الخاصِّ عن العامِّ، فإنْ ورد الخاص قبلَ حضور وقتِ العمل بالعامِّ، كان ذلك بيانًا للتخصيص.

 

فصل النهي

تعريفه:

النهي هو القولُ الدالُّ على طلب ترْك الفِعل دلالة أولية.

فالقول جِنس يشمل الأقوالَ كلَّها، أمرًا كانت أو نهيًا أو خبرًا.

 

و"الدالُّ على الطلب" قيْد أوَّل أخرَج الخبر، فإنَّه لا طلبَ فيه، وإضافة الطلب إلى الترْك قيْد ثانٍ أخرج الأمر، فإنَّه دالٌّ على طلب الفعل، "دلالة أولية" قيْد ثالث أخرَج نحو كُفَّ عن الزِّنا، فإنه وإن كان قولاً طالبًا للترْك، لكنه لا يدلُّ على طلب الترْك دلالة أولية، فإنَّ المطلوب أولاً هو الكف عن الزِّنا؛ لأن هذا هو المنطوق، ولكن الكف عن الزِّنا يستلزم تركَ الزنا؛ إذ لا يمكن وجوبُ الكف دون الترْك، فدلالة "كُفَّ عن الزنا" على طلب ترْك الزِّنا دلالة التزاميَّة، أتت بعدَ الدلالة المطابقيَّة التي فُهِمت أولاً.

 

والمراد بالفِعل في تعريف النهي كلُّ ما يمكن صدورُه من المكلَّف، فيشمل القولَ، فإنه فعْل لساني، والقصد، فإنَّه فعْل قلبي، كما يشمل الأفعالَ الظاهرة الواقعةَ مِن الجوارح، كالضَّرْب، والمشي[2].

 

هذا، ويأتي في النهي ما تقدَّم في الأمر من أنَّ لفظ "نهي" اسم مسمَّاه ألفاظٌ هي صِيغة النهي، مثل: ﴿ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾ [الإسراء: 32]، ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، ﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188]، ونحو هذا.

 

ولكن الذي يُوصَف بالدلالة على التَّكْرار والفورية، وأنَّ له أثرًا في العبارات والمعاملات، إنَّما هو صيغة النهي لا لفظ "نهَى".

 

دلالة النهي على الفور والتَّكْرار:

صِيغة النهي تدلُّ التزامًا على الفور والتَّكْرار؛ أي: الاستمرار والدوام، وخالَف في هذا شذوذٌ؛ حيث قالوا: موجَب النهي مطلَق الكفِّ مِن غير دلالة على دوام، ولا على مرَّة.[3]

 

فإذا قلت لغيرك: لا تُسافِر، فقد منعتَه من إدخال ماهية السفر في الوجود، ولا يتحقَّق امتثالُ ذلك إلا بامتناعه مِن جميع أفراد السفر فورًا، وفي جميع الأوقات اللاحِقة، فدلالة صِيغة النهي على الفورية والتَّكْرار لازمةٌ من المنهي عنه[4]؛ لأنَّ الكف عن المطلوب لا يتحقَّق إلا بترْك جميعِ أفراد الفعْل في جميع الأوقات[5]، ولا معنى لدلالةِ النهي على الفورية والتَّكْرار إلاَّ هذا، وممَّا يدلُّ على أنَّ صيغة النهي تدلُّ دلالةً التزامية على الفوْر والتَّكْرار - أنَّ العلماء سلفًا وخلفًا استدلُّوا بالنهي على تحريمِ الفعل مطلقًا، مِن غير انتظار إلى قرينةٍ دالَّة على الدوام، فدلَّ هذا الاستدلالُ منهم على أنَّ المتبادَر من النهي هو نفيُ حقيقة الفعل، وهذا إنما يتحقَّق بالانتفاء دائمًا لجميعِ الأفراد في جميع الأوقات.

 

فهذا دليلٌ عُرفي ولُغوي يدلُّ على أنَّ النهي يستلزم الفوريةَ والتَّكْرار؛ أي: الدوام؛ لأنَّ الأصل موافقةُ العُرْف واللغة، ومما يدل أيضًا على الفعْل المنهي عنه النكرة في سِياق النهي؛ إذ الفِعل في مقولة النَّكرة، والنكرة في سياق النهي تَعُمُّ[6].

 

هذا، ومراد الأصوليِّين بالدوام: الدوامُ مدَّة العمر في النهي المطلَق، كالنهيِ عن الزِّنا وشرْب الخمر والسَّرِقة، والدوام مدَّة القيْد في النهي المقيَّد بمدة كنهي الحائضِ والنُّفساء عن الصلاةِ وقراءةِ القرآن مدةَ الحيض والنِّفاس[7].

 

أثر النهي في العبادات والمعاملات[8]:

النهيُ في العِبادات لا يخلو مِن حالة من اثنتين:

الأولى: أن يكونَ النهي لأمرٍ خارج غيرِ لازم للعبادة، كالنهي عن الوضوءِ بماءٍ مغصوب، فإنَّ إتلاف الماء المغصوب قد يحصل بغير الوضوء، وإنَّ الوضوء قد يحصُل بماء غيرِ مغصوب، والصلاة في المكان المكروه أو المغصوب.

 

والنهي في هذه الحالةِ لا يؤثِّر شيئًا في العبادة، فلا يُفيد فسادَها عندَ أكثر العلماء؛ لأنَّ المنهي عنه هنا هو الحقيقة في الأمر الخارج، فالصلاة لم يتعلَّق بها نهي، وكذا الوضوء، وإنَّما تعلَّق النهي بالغَصْب، ولا ملازمةَ بيْن غصْب وصلاة، ولا بيْن غصب ووضوء، حتى يكونَ النهي عن الغصْب نهيًا عن الصلاة والوضوء.

 

الثانية: أن يكونَ النهي في العبادات لذاتِ العبادة، أو لأمرٍ لازم لها، والمراد بذاتِ العبادة ما يشمل جُزأَها وشرْط صحَّتِها، فالنهيُ عن الصلاة دون قراءة أو ركوع نَهْيٌ راجِعٌ إلى ذاتِ العبادة، ونهيُ الحائض عن الصلاة وقتَ الحيض نَهْيٌ راجع أيضًا إلى ذات العبادة.

 

وأمَّا النهي لأمرٍ خارجٍ لازم للعبادة، فمثاله: النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة، فكلَّما وُجدتِ الصلاة في الأوقات المكروهة، وُجدتِ الأوقات، وَكُلَّمَا وُجِدَتْ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ، وُجِدَتْ الصَّلاةُ]؛ لأنَّ الأوقات المكروهة لا يُقال لها مكروهة بالصلاة فيها؛ لأنَّ معنى كوْن الوقتِ مكروهًا أنَّ الصلاة مكروهةٌ فيه.

 

والنهي في هذه الحالة يدلُّ شرعًا على فسادِ هذه العبادات ونحوها؛ أي: على عدمِ الاعتداد بالعبادات المنهي عنها إذا وقَعَت، فلا تترتَّب عليها الثمرةُ المقصودة منها[9].

 

ويدلُّ على هذا أنَّه لو لم تكنِ العبادة المنهي عنها فاسدةً، لكانتْ مأمورًا بها؛ لأنَّ الصحيح ما وافَق الأمر، لكنَّها ليستْ مأمورًا بها، وإلا للزِم أن تكون مطلوبةَ الفعْل، ومطلوبةَ الترْك، وهذا جمْع بيْن الضدَّيْن، وهو مستحيل.

 

والنهي في المعاملات لا يخلو مِن حالة من اثنتين أيضًا:

الأولى: أن يكون النهيُ فيها لأمرٍ خارج غيرِ لازم لها، كالنهي عن البَيْع وقتَ أذان الجُمُعة، فإنَّ النهي عنه لوصف خارِج مجاور، يُمكن انفكاكه عن البيع؛ لأنَّ البيع قد يوجَد دونَ الإخلال بالسعي، وقد يوجد الوصف دون البيع بأن يمكث في الطريق من غيرِ بيع.

 

والنهي في هذه الحالةِ لا يؤثِّر شيئًا في هذه المعاملة، فلا تَبطُل.

 

ويدلُّ على هذا أنَّ النهي في الواقِع ليس راجعًا للبيع، وإنما هو نهيٌ عن تفويت الجمعة، ولا ملازمةَ بين تفويت الجُمُعة، وبيْن البيع، كما تقدَّم.

 

الثانية: أن يكون النهي راجعًا إمَّا إلى نفْس العقد، وإمَّا إلى أمرٍ داخل فيه، وإمَّا إلى أمرٍ خارج عنه لازم له.

 

مثال الأول: النهي عن بيْع الحَصاة، وهو جَعْل الإصابة بالحصاة بيعًا قائمًا مقامَ الصيغة، وهو أحدُ التأويلين في الحديث[10].

 

ومثال الثاني: النهي عن بيْع الملاقيح، وهو ما في بطونِ الأمهات مِن الأجِنَّة، فإنَّ النهي راجعٌ إلى نفْس المبيع، الذي هو رُكنٌ من أركان البيع، وعلَّة النهي هي تيقُّن وجود المبيع.

 

ومثال الثالث: النهي عن الرِّبا، كالنهي عن بيْع درهم بدِرْهَمين؛ لاشتمالِ هذا العقْد على الزِّيادة اللازمة بالعقْد عليها؛ لأنَّ الزِّيادة أمرٌ خارج عن نفْس العقد؛ إذ المعقودُ عليه من حيثُ هو قابل للبيع، وكونه زائدًا أو ناقصًا وصفٌ خارجٌ لازم لعقدِ ربا الفضْل[11].

 

والنهي في هذه الحالة بصُورها الثلاث يدلُّ على فسادِ المعاملة، كما اختارَه جمْع من محقِّقي الأصوليِّين منهم البيضاوي، بل حكَاه الغزالي في المستصفَى عن جماهير العلماء[12].

 

وقد استدلَّ هؤلاء على دعواهم هذه بأنَّ علماء الأمصار في جميعِ الأزمنة تمسَّكوا في استدلالهم مِن غير نكيرٍ عليهم من أحدٍ، فكان ذلك إجماعًا[13]، وإذا ثبت دليلُ الفساد في النهي عن الرِّبا، وهو لأمرٍ خارج عن العقْد لازم له، فليثبتْ في غيره ممَّا كان فيه النهي لذات العقْد، أو لأمرٍ داخلٍ فيه من باب أوْلى.

 

الأمر

تعريف الأمر: اللفْظُ المركَّب من همزةٍ وميم وراء (أ م ر) هو القولُ الطالِب للفعل.

 

فسُمِّي اللفظ المركب من الحروف الثلاثة بهيئتها المتقدِّمة صيغة الأمر، مثل: ﴿ أَقِيمُوا الصَّلاَةَ ﴾ [الأنعام: 72]، ﴿ آتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ ﴾ [البقرة: 196]، اجتهد، سافر، قم، ونحو هذا من صِيغ الأمر، فإنَّ صيغة ﴿ أَقِيمُوا الصَّلاَةَ ﴾ [الأنعام: 72]، وما عُطِف عليها لم تخرجْ عن كونها أقوالاً طالبة للصلاة والزَّكاة، والحج والاجتهاد، والسَّفر، والقِيام.

 

شرح التعريف: القوْل هو اللفْظ المستعمل، وهو جِنسٌ يشمل الأمرَ وغيره، ويخرج عنه الطلَب بالإشارة، فإنَّه ليس أمرًا؛ لأنَّه ليس لفظًا.

 

والطالب: قيْد أوَّل مخرِج للخبر، فإنَّه لا طلبَ فيه.

 

وللفعل: قيْد ثانٍ مخرِج للنهي، فإنه قول طالب للترك.

 

هذا، ومَن نظر في كلام الأصوليِّين يجد أن اللفظ المركَّب من همزة مفتوحة، وميم ساكنة وراء (أ م ر) حقيقة في كلِّ قول طالب للفعل، سواء أكان على سبيلِ الإيجاب، مثل: ﴿ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [الأنعام: 72]، أم كان على سبيل الندب، مثل: ﴿ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ﴾ [النور: 33]، ولكن هذا لا يمنع من كون صيغةِ الأمر التي هي مثل اسجدوا وارْكعوا، وجاهِدوا وقوموا ونحوها - حقيقةً في الإيجابِ فقط، وهذا ما سنتعرَّض له على الأثَر بمشيئة اللَّه تعالى.

 

موجِب الأمر: المراد بموجب الأمر هو مدلولُ صِيغة الأمر، لا مدلول اللفْظ المركَّب من همزة وميم وراء، فالكلام هنا فيما يدلُّ عليه لفظ ارْكعوا، اسجدوا، اجتهدوا، ونحوها.

 

فأكثر العلماء قالوا: صِيغة الأمر تدُلُّ على الوجوب دلالةً حقيقية، ولا تدلُّ على غيرِ الوجوب مِن الندْب والإباحة ونحوهما إلا بقَرينة، ودليلُهم على ذلك ما يأتي:

أولاً: أنَّ تارك المأمور به يُسمَّى عاصيًا؛ لقوله تعالى: ﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴾ [طه: 93]، وقوله - تعالى -: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ﴾ [التحريم: 6]، وأنَّ العاصي يستحقُّ النار؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23].

 

فهذه الآيات تدلُّ على أنَّ تارك المأمور به يستحقُّ العذاب، واستحقاقُ العذاب على ترْك المأمور به دليلٌ على وجوبه؛ إذ غيْرُ الواجب لا عقابَ على ترْكه بلا خلاف.

 

ثانيًا: قوله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

ووجه الدلالة هو أنَّ اللَّه تعالى حذَّر مخالِفَ الأمر مِن العذاب، وهذا يستلزم أنَّ مخالِفَ الأمر يستحقُّ العذابَ؛ بسبب مخالفته الأمْر، ولا معنًى لكون الأمر يقتضي الإيجابَ إلا هذا.

 

ولهذا قال جمهورُ العلماء: صِيغةُ الأمْر تقتضي الإيجابَ حقيقة، ولا تدلُّ على غيرِه إلا بقرينة.

 

حكم الأمر الوارد بعد الحظر:

اختلف الأصوليُّون في موجب صِيغة الأمْر الواردة بعدَ التحريم أهو الإباحة أم الوجوب؟

فالشافعي[14] وأكثر الفقهاء والمتكلِّمين قالوا: الأمر بعدَ التحريم يدلُّ على الإباحة.

 

واستدلُّوا بأنَّ هذا هو الغالِب في استعمال الشرع غلبةً جعلت المتبادرَ إلى الأذهان مِن ورود صيغة الأمر بعدَ الحَظْر على لسان الشَّرْع إنَّما هو الإباحة، فأصبح الأمرُ بعدَ الحظْر حقيقة عُرفية؛ أي: في عُرْف الشرع، وقد اتَّفق العلماء على تقديمِ الحقيقة العرفية على الحقيقة اللُّغوية.

 

والشاهِد على أنَّ الغالب في استعمال الشَّرْع لصِيغة الأمر بعدَ الحظْر إنما هو استعمالها في التخيير بيْن الفِعْل والترْك أنَّه - تعالى - قال: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ [المائدة: 2]، وقال: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، وقال: ﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 222]، وقال: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((كنتُ نهيتُكم عن ادِّخار لحومِ الأضاحي فوقَ ثلاث، فأمسِكوها ما يبدو لكم))، وقال: ((كنتُ نهيتكم عن زِيارةِ القبور فزُوروها، فإنَّها تُذكِّر بالآخرة)).

 

فالمأمورُ به بعدَ الحظْر في هذه الآياتِ وفي الحديثين يُخيَّرفيه بيْن الفِعْل والترْك بالإجماع، ولم نقفْ على حظْرٍ وَرَد بعده أمرٌ يفيد الإيجاب إلاَّ في موضعين، هما: قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 5]، فإنه للوجوب، وقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لفاطمةَ بنت حُبَيش: ((إذا أقبلَتْ حيضتُك فدَعِي الصلاة، وإذا أدبرَتْ فاغسلي عنكِ الدمَ، ثم صلِّي))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

فالغالبُ في الأمور الشرعية بعدَ الحظْر استعمالها في الإباحة، فكان حقيقةً عُرفيَّة لهذا، وعامة الحنفية والإمام الرازي، والمعتزلة، والباقلاني مِن الشافعية قالوا: ما زالتْ صِيغة الأمر بعد الحظْر دالَّة على الوجوب، واستدلُّوا بما يأتي:

أولاً: بأنَّ الأدلة على أنَّ الأمر حقيقةٌ في الوجوب لم تفرِّق بيْن أمر وارد بعدَ حظْر، وبيْن أمر لم يرِدْ بعد حظْر.[15]

 

ثانيًا: بأن المقتضِي للوجوبِ موجود، وهو الصِّيغة، ولا مانعَ هنا مِن ترتُّبه عليها، فإنه كما يمكن الانتقالُ من التحريم إلى الإباحة، كذلك يمكن الانتقالُ من التحريم إلى الوجوب، وإذا وُجِد المقتضي من غير وجوب القول به.



[1] "المحصول" في علم أصول الفقه"، الجزء الأول، ص161 وما بعدها.

[2] يراجع: مسلم الثبوت وشرحه (1/315)، وكذلك البناني على جمع الجوامع (1 /224).

[3] "تيسير التحرير" جـ2، ص91.

[4] "حاشية البناني على جمع الجوامع" جـ1، ص224.

[5] "تقرير الشربيني على جمع الجوامع" جـ1، ص448.

[6] "البناني" (1 /224).

[7] "شرح مسلم الثبوت" (1 /406)، و"نَسمات الأسحار على المنار" (ص: 69).

[8] هذا المبحث منقولٌ من كتاب "الموجز في أصول الفقه".

[9] "شرح المحلى" (ص: 451)، "تيسير التحرير" (2/91).

[10] يراجع الإسنوي مع الإبهاج (2 /49).

[11] "الإبهاج" جـ2، ص42، 43، و"شرح المحلى على جمع الجوامع"، و"حاشية البناني عليه" جـ1، ص226، 227، و"حاشية العطار على جمع الجوامع" جـ1، ص451.

[12] "المستصفى" جـ2، ص25.

[13] "الإبهاج" جـ2، ص42.

[14] يراجع "شرح مسلمالثبوت" (1 /379، 380).

[15] يراجع "التلويح على التوضيح" جـ1، ص156.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (1)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (2)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (3)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (4)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (5)

مختارات من الشبكة

  • في وداع العام واستقبال العام الجديد والحث على العمل وفضل يوم عاشوراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • في وداع العام واستقبال العام الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العام الدراسي ليكون عام نجاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: ‌ذكر ‌فرد ‌من ‌أفراد ‌العام بحكم العام لا يخصصه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مخطوطة العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • العام الهجري الجديد عام تجديد أم تبديد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • وزير الإرشاد والأوقاف السوداني: هذا العام عام مناصرة مسلمي جنوب السودان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • العام والخاص من متن الورقات(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب