• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات
علامة باركود

صلاحية مريم للحمل

صلاحية مريم للحمل
محمد محمد رمضان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2012 ميلادي - 3/5/1433 هجري

الزيارات: 9543

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صلاحية مريم للحمل

 

إنَّ حديثنا عن ادِّعاء صلْب المسيح لا يَمنعنا من الرُّجوع إلى الحديثِ عن صلاحية مريم للحمل بعيسى، والحديث عن ولادته، فقد كان الحديثُ عن الصَّلْب والفداء استطرادًا على دعوى اليهود صلْبَ عيسى، وذلك لا يمنعنا من الرُّجوعِ إلى الحديث عن صلاحية مريم للحمل، ولا مِن المحاولة عن الحديثِ عن ولدِها عيسى ونشأته؛ استتباعًا لترتيبِ الأمور وَفقَ أزماتها، فنقول: إنَّ الإنباتَ الحَسَن الذي تفضَّل الله به على مريم ﴿ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ﴾ [آل عمران: 37] - الإنبات الحسن يقتضي كمالَ خَلْقها كأُنثى صالحة للحَمْل والولادة، الذي هو للمرأة الثمرة الشهيَّة، والنتيجة الصالحة الطيبة، فلها - كأتْرَابِها - جهازٌ تناسلي، صالح للقيام بواجِبه: لها مهبل خرَج منه ولدُها، وأنَّ الظروفَ الطيِّبة الحَسَنة قد تهيَّأت له فنَبَت على خيرِ حال، يَسْمَح بمرورِ الجنين وقتَ الوضع، وما كان يُمكن أن يخرجَ ولدُها عيسى في غَيبة هذا العضو إلا بعملية "قيصرية"، وهذه العملية تتنافى وملابسات وضْعها، فقد انتبذتْ في وضعه مكانًا قصيًّا، وجاءتْ على الفور إلى قومِها تحمله عقبَ وضْعه.

 

ومريم التي حملتْ عيسى ووضعتْه، وجاءتْ به قومَها تحمله، قد حملتْه في رحمٍ صالِح لهذه المهمَّة من حيث جدرانُه، وسلامة بطانته، وسلامة دَورته، وسلامة الحوْض الذي احتواه، وسلامة كلِّ شيء يمتُّ له بصِلة، حتى أُعْطِي عيسى النبيُّ الشاب خاليًا مِن العيوب التشوهيَّة، ولها أنبوب "فلوب"، وهو عبارة عن قناةٍ تمتدُّ من بيْن يدي المبيض، ثُمَّ تجري في لفائف الرباط العظيم إلى مغرِسها ببدنِ الرَّحِم، ومريم إذا لم يكن لها أنبوب "فلوب" معدًّا للعمل في سبيلِ الإنتاج لاعْتُبرتْ ناقصة، ولمَا صحَّ أن يقول القرآن: ﴿ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ﴾ [آل عمران: 37]؛ لأنَّه أهمُّ غايات الإنبات الكامل الصحيح.

 

ولها مبيض، ويقَع المبيض عندَ طرف أنبوب "فلوب" وعلى مَقْرُبة من الرَّحِم، وله دورة دمويَّة، تُسلِّم له الغذاء كسائرِ الأعضاء، ولكنَّها في حالة المبيض تأخُذ منه إفرازَه الداخل الذي له شأنٌ يُذكَر في الحمل والوضع والرَّضاع، والتكوين النَّسوي على العمومِ ظاهرًا وباطنًا.

 

وللمبيض وظيفتان: بأحدِهما يُجهِّز البويضات التي تقتطع مِن أمِّ الخلايا حتى درجة النضوج، وبالثانية يُعطي إفرازه الداخلي الذي ألْمَحْنا إليه.

 

ولزيادةِ الإيضاح نقول: إنَّ مِن بين آثار الإفراز الداخلي للمبيض هيمنتَه على نموِّ الشَّعْر، فلا ينبت على مكانِ اللحيين والشارب والصُّدغ والثديين، فلا نرى الشعر ينبُت على هذه الأماكن عندَ المرأة، ثم إنَّ هذه الفروق التي توجد بين نبرات صوتِ الرجل والمرأة، وتُميِّزهما عن بعضهما هي مِن تلكم الآثار التي نُحْصيها للمبيض، ودقَّة العَظْم الذي يوجد في بعضِ نواحي الجسم، فيعطي المرأة شكلاً مميَّزًا عن الرجل - هي مِن آثار المبيض أيضًا، كما أنَّ مِن آثاره ذلك الشحم الذي يلفُّ جسم المرأة فيُكسبها جمالاً وفِتنة، ورِقَّة البشرة، ودقَّة الأنف، وجاذبية المرأة، كل ذلك وقْفٌ على الإفراز الداخلي للمبيض.

 

وكانتْ مريم - عليها السلام - بما تَفضَّل الله عليها مِن الإنبات الحَسَن لها مبيض يُهيمن على نموِّها، واستكمالها آيات الجمال النَّسوي الذي وُهِبتْه مريم؛ استعدادًا للتناسل، ولقد رأينا صورةَ مريم والتماثيل التي عُمِلت لها استحياء مِن صِفاتها تعترف ضمنًا بما لمريم مِن جمال نسوي قد استيقنتْه النفوس النصرانية، واستعظموا أمرَه، فلو أنَّ مريم كانتْ بغير مبيض، أو قام معه عضو تذكير "خصبة" على النحو الذي يُوجَد في الخنثى، لرأينا مريمَ قد تأثَّرت بذلك فنبَتْ على وجهها شعرُ لحية، وفتلتْ شاربًا، وهزَّتْ الأرض بنبرات صوتِها الخَشِن، ودرجت في الحي هائجةً مضطربة تروع نساءَه بمسلكها الشاذ إزاءَهنَّ! ولما رأينا زكريا يرتاح ويطمئنُّ إلى وجودها في بيْت كقدِّيسة، ولكن مريم كانتْ جميلةً طيِّبةً تقية، وارتاح زكريا إلى وجودِها بقُرْبه، ورأى آيات فضلِها، وقلَّدها الخلف عن السلف بطولةَ الجمال النسوي، فأنَّى لقائل بعدَ أن يقول: إنَّ مريم لَم يكن مبيض، وإنَّ أعضاءَها التناسلية قد شابتْها شائبةُ عجز، أو زيادة عن الحاجة الضروريَّة للتناسل، أو أي تشويه مِن شأنه أن يُعطِّل إنجاب الذرية؟!

 

حمل مريم بعيسى:

قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 45 - 49].

 

وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 16 - 33].

 

ونقول بصدد الحَمْل الخارق للعادَة، الذي تناولتْه تلك الآياتُ الكريمة واختصَّتْ به مريم دون أترابها: إنَّ مريم التي أنبتَها الله إنباتًا حسنًا، واصطفاها على نساءِ العالَمين، قد تهيَّأتْ للحمل العُذري، وإنَّ الذي يتدرَّج مع مريمَ في نشأتها، ويستظهر - في وضاحة - مزاياها وخصائصها، ليُوقِن في جزْم أنَّ مريم قد عُمِل على إعدادها؛ لأنْ تكون أمًّا كريمة لنبيٍّ عظيم، خُصَّ ميلادُه برُوح الإعجاز؛ توطئةً للبشارة به كنبيٍّ ورسول.

 

فمِن بين هذه الخصائص العالية: تَردُّد الملائكة عليها تارة، بغداء طيِّب له خواصه القَيِّمة في إعدادِ مريم للحمْل بغيرِ مباشرة جِنسيَّة، وتارة بالبشارات التي لا تَخْلو مِن أثر نافع في إعدادِ مريم للحمل بغير مباشرة جِنسيَّة، وتارة بالبشارات التي لا تخلو مِن أثر نافع في إعداد مريم لمِثْل هذا الحمل؛ ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45]، فالملائكة - والمراد جبريل - تَحمِل لها البشارةَ بولدٍ يصدُر عن كلمة: "كُن"، يأمُر الله بها، فلا يَلْبَث إلا أن يُحقّق مدلولها كيفما شاءَ الله، يُدْعَى المسيح لقبًا، وعيسى اسمًا، ويكون وجيهًا في الدنيا والآخِرة، ويُؤيَّد بإرهاصاتٍ ومعجزات تظلُّ حديثَ التاريخ، ليكون ذلك باعثَ إيمان بالله - جلَّ شأنُه - الذي يوجِد الأشياء وَفقَ إرادته، وذلك هو وجهُ الحِكمة من المعجزة - كما أسلفنا القول عليها.

 

وقد أفادتِ الآياتُ التي ذكَرَت أنَّ الملائكة كانتْ تتحدَّث مع مريم، ولا يخلو منطقُ الملائكة مِن "مغناطيسية" عالية لها تأثيرُها الحَسَن فيها، وما كانتِ الملائكة - وهم مصدر حيوي هائِل - يُرسَلون لمجرَّد البشارة بإنجابِ عيسى، بل لا بدَّ أنهم كانوا يُوجِّهون قواهم - وهم من المدبِّرات أمرًا - إلى غذاء مريم يشحنونه بقُوى حيويَّة هائلة، لا يبعد أن يكونَ لها فعلٌ عظيم في تحويلِ بعض مركَّباته إلى "فيتامينات" لها أثرُها الخاص في تنبيهِ بُويضات مريم للتوالُد العذري، كما لا يبعد أن يكونَ لذلك من بين آثارِ قواه الحيوية أيضًا التأثير على جِسم مريم، فيعمل "الفيتامينات" النافعة في دَمِها، ويُسلِّط قواه على بويضة مريم، كما تسلط القوى الكهربائية على الأنسجة تحتَ إشرافِ طبيب فيَحيا بها البعضُ ويندثر بها البعض الآخَر، فإذا سلطت الملائكة المبشِّرون لمريم قُواهم الحيويَّة على بُويضَة مريم بُغيةَ تنبيهها للتوالُد العُذري، فليس ثمَّة مانعٌ من أن تجري في طريقِ التولُّد.

 

وإذا عرَفْنا أنَّ بين القوى الحيوية التي تحتَ تصرُّفنا الآن ما يَفعل هذا الفعل في بويضات بعضِ الحيوان، ما استبعدْنا أن يقَع ذلك مِن الملائكة إذا هم أُمِروا - كما كانوا يُؤمَرون - بتنفيذِ حوادث كونية، ولا يبعد أيضًا أن يشمل النور الملائكي بقية أعضاء مريم التناسليَّة، أو ما يُسمَّى "بفرْجها"؛ إعدادًا للنموِّ الجنيني، ويفيد قوله تعالى: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ﴾ [التحريم: 12] إعداد فرْج مريم إعدادً محليًّا، بما في ذلك البُويضة التي سيخرُج منها عيسى - عليه السلام - كما يُفيد قوله تعالى: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 91].

 

إعداد مريم كان إعدادًا عموميًّا، يعين على إمدادِ هذا التوالُدِ العُذري في جميعِ أدواره حتى يومَ يُوضَع عيسى بما يمتصُّه من النسيج الخلوي، مِن إشعاعٍ وغذاء وخلافِه، وإنَّ مريم كانت تستبعد مثل هذا الحمل، حتَّى قالت: ﴿ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾ [آل عمران: 47]، فنفى الله - استحالة - هذا الأمر، وقال: ﴿ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾ [مريم: 9]، وهيَّأ له الوسائلَ والأسباب، والأسباب مَلِكه وتحتَ سلطانه وشاء أن يجعلَه آيةً للناس، تخرُج على غير مألوف العادَة؛ ليزدادَ الناسُ على الزَّمن إيمانًا بقُدرته وحِكمته، ولعلَّ لزوم مريم لبيت الله منذُ نشأتها، وانحدارها من سلسلة دينية ووجودها في وسط ديني وتحت رعاية رجل دِيني كزكريا، وقيامها بالتعبُّد والتبتُّل - قد نَمَّى أقدارَها الرُّوحية حتى بسطتْ سلطانها على أقدارها المادية، وكانت هذه الأقدارُ الرُّوحية المنبسطة في تكوين مريم أساسًا لاستطاعتها أن تشهدَ الملائكة في غيرِ انزعاج، وأن تسمَعَ منهم وحيَهم وحديثهم، كما كان للرزق الذي يأتيها مِن عندِ الله، وكانتْ تتناوله طعامًا طيِّبًا - أثرٌ في صفاءِ نفسها، وصقل قلبِها، حتى كانتْ تستشعرُ في رُوحها ما تلهم به مِن حقائقِ الحِكمة العالية، وليس مَن يتأمَّل اصطفاءَها واختصاصها بجليل المزايا، وما ذكرْنا ممَّا كان يلابس نشأتها مِن جلال رُوحي أن يَستبْعِد إطاقتها رؤية الملك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثقل التكليف دليل على عظم النتيجة: حمل وولادة السيدة العذراء مريم عليها السلام

مختارات من الشبكة

  • لماذا يشعر بعض المسلمين أحيانا بثقل بعض الأحكام الشرعية وعدم صلاحيتها؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العمق السياسي بين الدولتين النورية والصلاحية وأثرها في مجرى الأحداث السياسية (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • أحلام منتهية الصلاحية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مهام وصلاحيات مدير المدرسة الابتدائية وعلاقته البيداغوجية التعليمية بأستاذ التعليم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صلاحية القرآن لمخاطبة جميع الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزواج العصري وصلاحية قصيرة الأجل(مقالة - ملفات خاصة)
  • كاتب الدولتين النورية والصلاحية (PDF)(كتاب - موقع العلامة محمد بهجة الأثري)
  • الزواج العصري وصلاحية قصيرة الأجل(مقالة - ملفات خاصة)
  • صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المركزية الإدارية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب