• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

حرمة التدخين

د. محمد عمارة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/10/2008 ميلادي - 28/10/1429 هجري

الزيارات: 71510

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حرمة التدخين

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

أما بعد:

فلقد أجمع من يعتد برأيهم من علماء الإسلام على أن التدخين وباء لا يقبل عليه العقلاء، واستندوا في تحريمه إلى عدد من النصوص الصريحة، التي تشير بأوضح بيان إلى حرمة التدخين وخطره على الإنسان، لما يسببه من الأضرار في النفس وفي المال.

أليس التدخين من الخبائث التي يجب أن تتنزه عنها أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهي خير أمة أخرجت للناس؟ إني أخاطبكم بما للإسلام عليكم من حقوق، وبما عليكم نحوه من واجبات، وأولها أن تحفظوا عقولكم من الخلل، وأجسادكم من المرض، ونفوسكم من الأهواء والشهوات.

افتحوا أعينكم على الخطر الداهم الذي يشتعل نارًا بين أصابعكم، إنكم لم تولدوا والسيجارة في أفواهكم، بل اكتسبتم التدخين باعتباره عادة من أسوأ العادات في مجتمعكم: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

وإن أقبح عادة أن تكونوا عبيدًا لشهواتكم سائرين خلف أهوائكم... فاستخدموا هذه الجوارح فيما خلقت لأجله.

نريدكم أن تضعوا رقابة الله العلي الأعلى نصب أعينكم في كل صغيرة وكبيرة، ودقيقة وجليلة، فربكم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو يحاسب على الفتيل والنقير والقطمير، بل إنه يحاسب على مثاقيل الذر، قال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 6 - 8].

نريدكم أن تكونوا رقباء على أنفسكم قبل أن يكون أولياء أموركم رقباء عليكم، فتعسًا للبشر إذا لم يرعوا حق رب البشر... ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 120].

التدخين ظاهرة من الظواهر العامة السيئة التي يتمسك بها أصحابها، دون مسوغ إلا الشهوة والهوى، ويدافعون عنها بدافع الحقوق والحريات، والحقيقة أنها ليست حقًّا ولا حرية، إذا كانت بهذه الأضرار، والمعصية لله رب العالمين، التدخين معصية يجاهر بها بين الرجال والنساء دون حياء، أو خوف افتضاح، أموال تنفق، وصحة تهدر، وسموم يتعاطونها، واقتصاد يخرب، وتسمى حرية شخصية!!

وسوف نتناول هذا الموضوع المهم من خلال العناصر الآتية:

العنصر الأول: التسليم لله تعالى في أوامره:

إن أول ما ينبغي لنا تعلمه الاستجابة لأوامر الله ورسوله؛ يقول ربنا سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [الأنفال: 20-25]..

 

في هذه الآية يخاطب الله المؤمنين المصدقين، ويأمرهم بأن يستجيبوا لأوامره وأوامر رسوله، وينتهوا عن معصيته ومعصية رسوله...

وهذه الاستجابة ستؤدي حتمًا إلى الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة المتحققة برضوان الله تعالى، هذه الاستجابة ستقود حتما إلى حياة العزة والكرامة والنصر والتمكين في الدنيا، وستقود أيضًا إلى الحياة الحقيقية في جنات النعيم...

أيها المسلمون!

إن دينكم العظيم دين حياة متكاملة قد تفضل الله به على البشرية ليكون منهج حياة كاملة، يحمي القلوب من الاعتقادات الباطلة، ويحمي العقول من الأهواء المنحرفة، ويحيي البشر حياة كريمة، كما أنه يحيي الكون باستغلال خيراته واكتشاف أسراره.

إن الدين الإسلامي دين حركة وحيوية، ويخطئ كثيرًا ويتجنى على الإسلام من يقول إن الدين في القلب، وفي المسجد، ولا علاقة له بالحياة العامة...

أيها المسلمون!

إن استجابة المسلم لله أن تخضع رغباته وأهواؤه وتصرفاته لأوامر الله عز وجل في كل صغير وكبير من أمره ولا خيار له في ذلك.

لقد جاء النص القرآني الكريم واضحًا كل الوضوح، لا يحتاج إلى تأويل أو تغيير؛ يقول سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

لاحظ كلمة "أمر"... نكرة وهي تشمل أي أمر ولو كان في نظرك يسيرًا.. لاحظ أيضا قول الله تعالى: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36]؛ فأي أمر يخالف أمر الله تعالى أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو ضلال واضح، مهما كان مسوغ فاعله، هذا ما يجب أن يُعلم إخوتي في الله..

وعليه فلا يحق لمسلم أن يتصرف في نفسه أو ماله أو أهله أو مجتمعه بعيدًا عن الدين الإسلامي الحنيف؛ لأن ذلك التصرف سيؤدي حتمًا إلى خلل في الحياة على هذه الأرض، والأمثلة على ذلك واضحة على أرض الواقع.

ويكفينا في ذلك قول الله تعالى مقررًا هذه الحقيقة: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

إن نفسك مملوكة لله تعالى خلقها وتكفل برزقها، وجعل عليها حافظًا يحفظها فلا يجوز أن تتعدى أنت عليها بما يضرها أو يهلكها؛ لأنك لا تملكها، ومن ثم فقد توعد الله قاتل نفسه بنار جهنم وبئس المصير؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل نفسه بحديده فحديدته في يده في نار جهنم يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا فيها مخلدًا فيها أبدًا)).

ومن شواهد ذلك قصة الذي قتل نفسه في المعركة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما ذكر من بلائه في المعركة: هو من أهل النار، فتعجب الناس، فجاء رجل فقال: أشهد أنه لم يصبر على جراحته فاتكأ على رمحه، فقتل نفسه، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أشهد أني عبد الله ورسوله.

ولقد فهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم هذه الحقيقة فكانوا خير الناس في سرعة استجابتهم لأمر ربهم جل وعلا وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، والتاريخ يشهد على ذلك.. ولعله من المناسب في هذا اليوم أن نذكّر ببعض صور الاستجابة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

الصورة الأولى: سرعة استجابة الصحابة الكرام في ترك الخمر التي شبوا عليها واختلطت بدمائهم وأصبحت عادة متأصلة في حياتهم اليومية، يروي لنا هذه الصورة الصحابي الجليل أنس بن مالك –رضي الله عنه- فيقول: كنت قائما على الحي أسقيهم وأنا أصغرهم في بيت أبي طلحة، فإذا منادٍ ينادي فقال: اخرج فانظر، فخرجت فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال أبو طلحة: أهرق هذه القلال يا أنس فهرقتها، فما سألوا عنها، ولا راجعوها بعد خبر الرجل، قال: فجرت في سكك المدينة..

استجابة فورية، بعضهم كانت الشربة في فمه فأخرجها من فمه ومجها، وبعضهم كان الكوب في يده فرماه، وقالوا جميعا: انتهينا يا رب، انتهينا يا رب.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52].

أين هذه الصورة المشرقة... ممن يشرب الدخان في زماننا، وتعالوا معي لنوازن بين استجابتنا لأمر الله ورسوله وبين استجابة الصحابة رضي الله عنهم.

 

أيهما أعظم إدمانًا وتأثيرًا في النفس وصعوبة في الإقلاع عنه: آلخمر أم الدخان؟

والجواب: الخمر ولا شك.

فكم من المسلمين اليوم من يسمع حكم الدخان وأنه محرم، وأنه من الخبائث، فمن من المسلمين اليوم يخرج علبة الدخان ليتخلص منها ويقول كما قال الصحابة: انتهينا يا رب، انتهينا يا رب.

وأين تجار الدخان عندما يسمعون من الواعظ والخطيب والناصح حرمة بيع الدخان وشرائه؟ لماذا لا يستجيبون؟ لماذا لا يخرجون ما في محلاتهم ومستودعاتهم يحرقونها ويقولون: انتهينا يا رب، لماذا انتشرت المقاهي بهذه الصورة المخزنة المخزية، تقدم الدخان والشيشة، ويجلس عليها الناس بهذه الكيفية المحزنة، يا أصحاب المقاهي، ويا بائعي الدخان، ويا مؤجري المحلات، وبائعيها ممن يجعلها لهذا العمل، كسبكم حرام وسعيكم غير مشكور، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به)).

إن الله عز وجل إذا حرم شيئا حرم ما يؤدي إليه، فكل ما يتوصل به إلى الحرام فهو حرام، فإن كان بائع الخمر يتعلل بأنه لا يشرب فإن بيعه للدخان لا يقل في الحرمة عن الشرب، بل قد يكون أشد، عن أنس قال: ((لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له)). رواه الترمذي وابن ماجه.

وعن ابن عمر قال: ((لعنت الخمرة على عشرة وجوه، لعنت الخمرة بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها)). رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود بنحوه لكنه لم يذكر ((وآكل ثمنها))، ولم يقل: عشرة.

 

صورة محزنة تنم عن قسوة في القلب أسال الله أن يهدي ضال المسلمين.

الصورة الثانية: تحكي استجابة نساء المسلمين آنذاك في لبس الحجاب، وكيف أنهن تحولن من كاشفات للوجوه إلى مغطيات لوجوههن، حتى أصبحت الواحدة لا يرى منها شيء... تروي هذه الصورة أمنا عائشة رضي الله عنها فتقول: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول؛ لما أنزل الله: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31]؛ شققن مروطهن فاختمرن بها"؛ رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود عن أمنا أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: "لما نزلت: ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 59]؛ خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية".

فأين هذه الصورة المضيئة من واقع نساء المسلمين اليوم..

الصورة الثالثة: تحكى سرعة استجابة الصحابة الكرام وهم في الصلاة عندما أخبروا أن القبلة حولت من بيت المقدس إلى الكعبة.

 

يروي هذه الحادثة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيقول:

((بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءتهم آت فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة)) رواه البخاري..

إنهم لم ينتظروا حتى يكملوا الصلاة ويتحققوا من الخبر، بل استداروا وهم ركوع في الصلاة خشية أن يقعوا في دائرة معصية الله ورسوله..

فأين هؤلاء من الذين يسمعون أوامر الله تعالى وأوامر رسوله تتلى عليهم ليل نهار وهم معرضون عنها.. غير مبالين بها..

المحور الثاني: عدم المجادلة بغير علم:

نريد أن نقف أيضًا على نقطة مهمة، وهي عدم المجادلة بغير علم؛ فإنها أخطر الأمراض على الفرد والمجتمع، بل إن من علامات الساعة ذهابَ العلماء فيتخذ الناس رؤوسًا جهالا فيقولون بغير علم فيضلون ويضلون، كذلك ينبغي لنا أن نسلم للحق عند ظهوره، فنحن أحق به قال صلى الله عليه وسلم: ((الحكمة ضالة المسلم أني وجدها فهو أحق الناس بها))، وسبب هذا الكلام أن الكثير من الناس يكابر في أمر الدخان، ويمتنع من قبول الحق، وهذا جدال في الله، وقول على الله تعالى بغير علم، حتى يقول بعضهم: أين النص الذي يقول إن الدخان حرام، وقد قال بعضهم ساخرًا: "إن كان الدخان حلالا فنحن نشربه، وإن كان حرامًا فنحن نحرقه"! وبعضهم يتعلل بكثرة الشاربين، وبعضهم يتعلل بعدم القدرة على تركها!

لا تخادع نفسك ولا تكابر في قبول الحق، وتوكل على الله وأقلع عن هذه الخبائث قبل أن يداهمك هاذم اللذات حيث لا ينفع الندم ثم بعد ذلك عليك أن تكسب مزيدًا من الحسنات بأن تنصح أخًا واحدًا على الأقل وهذه فرصتك لتكسب حسنة جارية، جزانا الله وإياكم خير الجزاء.

البعض يقول: إن الدخان مكروه، فنقول لهم إذا كان مكروهًا فلماذا تشربونه، والمكروه أقرب للحرام منه للحلال، واسمعوا هذا الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه....)).

والدخان لم يكن موجودًا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولقد جاء بنصوص عامة تحرم كل ضار بالجسم، أو مؤذ للجار، أو متلف للمال. والدخان من الخبائث الضارة كريهة الرائحة، وإلا فأين تحريم الأفيون و(الماكس) في كتاب الله.

بعض الناس لا يقتنعون بتحريم الدخان، مع أدلة تحريمه، ولا سيما المدخنون الذين يدافعون عن أنفسهم، فنقول لهم: إذا لم يكن الدخان محرمًا فلماذا لا يشرب في المساجد، والأماكن المقدسة؟ بل تشربونه في الحمامات وأماكن اللهو والمحرمات، لماذا يتخفى الإنسان وهو يشربه ممن يستحي منه؟

هذا ولقد وردت آيات في كتاب ربنا سبحانه تبين أهمية التمسك بالدلائل الواضحة وحرمة الجدال بغير علم ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ﴾ [الحج: 3].

وأيضا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾ [لقمان: 20].

وأيضا يقول ربنا: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾ [لقمان: 20].

وقال تعالى: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي البِلادِ ﴾ [غافر: 4].

وقال أيضا: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [غافر: 56].

 

أخي:

هل الشيء الذي تهواه وتحبه وتنشط له وترغب فيه وتسعى لتحصيله محبوب لله ورسوله أو لا؟ إن كان هواك فيما يحبه الله ورسوله فأبشر بالسعادة في الدنيا والآخرة، وإن كان خلاف ذلك فالبدارَ البدار إلى تصحيح المسار، والرجوع إلى الله تعالى لتنال سعادة الدنيا وفوز الآخرة، وقد ذم ربنا المشركين باتباع الهوى فقال سبحانه: ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50].

ثالثا: أدلة تحريم التدخين من القرآن والسنة:

سنورد هنا من أقوال المختصين وأهل العلم ما يوضح طبيعة التدخين الخبيثة، بحيث تنقطع كل شبهة في تحريمه على كل نفس مسلمة تخاف الله وتخشى عقابه، ولنمض الآن في توضيح الأصول الأولى التي تنبني عليها الحرمة بالأدلة الشرعية.

أولا: إضاعة الصحة:

لا يماري أحد من العقلاء في أن الصحة نعمة من الله تعالى على عباده وأن الواجب شرعًا المحافظة عليها من أي أذى، وحفظ النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية، ولهذا شرع الله التداوي من الأمراض والأوبئة، قال صلى الله عليه وسلم: ((تداووا عباد الله؛ فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم))[1].

ولم يعد هناك أدنى شك أن التدخين سبب قوي من أسباب الإصابة بسرطان الرئة، هذه نتيجة علمية أسفرت عنها بحوثُ الهيئات الطبية المتخصصة في جميع أنحاء العالم.

وهناك حقيقة مؤسفة بهذا الصدد: وهي أن السرطان الرئوي داء خبيث، لا يظهر في العادة إلا بعد أن تتضح آثاره خارج الرئة نفسها، مما يجعل أربعة من كل خمسة أشخاص يصابون به لا يمكن تداركهم في الوقت المناسب فيواجهون القضاء المحتوم، ولهذا السبب أعلن مجلس البحوث الطبية في بريطانيا عام (1957م) أن التفسير الوحيد المقبول للازدياد ناتج في غالبيته هو التدخين.

وهناك إحصائية تقول: إن عدد الموتى في سنة واحدة - من المصابين بسرطان الرئة–ثلاثة وعشرون ألفا عام 1962م.

وقد مات في بريطانيا حتى عام 1963م أكثر من ربع مليون شخص بسبب التدخين، وكل شيء بقضاء الله وقدره.

وجدير بالذكر هنا: أن جمعيات السرطان التي تكافح هذا الوباء في كل مكان –تؤكد للعالم كله، أنها لا تنطلق في نشاطها المعادي للتدخين من دافع ديني أو اجتماعي أو أخلاقي، وأنها إنما تنبعث من دافع واحد فقط: وهو خطر التدخين على الناحية الصحية.

وحيث تأكدت علاقة التدخين بالسرطان الرئوي، فلم يعد ثمة مجال للقول بغير التحريم المطلق للتدخين بحكم كونه مفضيًا إلى التهلكة المنهي عن الوقوع فيها بالنص القرآني؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].

 

ومن عجب: أن يرى الإنسان كيف تضيع صحته وعافيته وهو مستمر في العكوف على هذا السم الزعاف: يحرق أصابعه، ويسل مدامعه ويبدد رحيق الحياة في جسمه، ويفسد عناصر الحيوية والوقاية في دمه، وقد جاء في الخبر عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر))[2].

وقد أجمع على ذلك الأطباء المهرة من العدول وغيرهم، الذين ثبت لهم من البحوث التجريبية والمعملية بما لا يدع مجالا للشك أن التدخين خطر على الحياة نفسها، مما يدخله مدخل الانتحار المحرم.

وهذه بعض الأمراض التي يسببها التدخين:

1- أنه يؤدي إلى الإصابة بسرطان الحنجرة والكلى والمثانة، وقرحة المثانة.

2- أنه يؤدي إلى الإصابة بضيق التنفس والالتهاب الشعبي المزمن.

3- أنه يؤدي إلى الأرق والتوتر والاكتئاب.

4- يضعف الأعصاب، وقد يصاب المدخن بشلل الأعصاب.

5- يضعف الذاكرة ويوهن النشاط الذهني.

6- يضعف حاستي الشم والذوق.

7- يؤدي إلى تصلب الشرايين ومنها شرايين القلب.

8- يؤدي إلى جلطات أوعية المخ الدموية.

9- يؤدي إلي الإصابة بالذبحات الصدرية.

10- يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

11- يؤدي إلى الإصابة بفِقدان الشهية.

12- يؤدي إلى الإصابة بسرطان الشفة واللسان والفم والبلعوم والمريء والبنكرياس.

13- يؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة والاثنى عشر.

14- يؤدي إلى الإصابة بمرض الضمور الكبدي.

المال نعمة من الله للخلق، ونعمة الله ينبغي أن تبذل فيما يرضيه لا فيما يغضبه ويسخطه، وإتلاف المال بسبب التدخين يؤثر في الفرد والمجتمع.

أما بالنسبة لأثره في الفرد فإن التدخين يعد ثغرة مفتوحة تتسرب فيها أموال طائلة ينفقها المرء يوميًّا بغير حساب، وينفقها في المقام الأول لإضعاف بدنه وإفساد صحته، فيدخل في عداد السفهاء الذين يجب فرض الحجر عليهم ومنعهم من حرية التصرف الفاسد بأموالهم، ولو عملنا إحصائية يسيرة مثلا على الإنفاق على التدخين بنسبة تقريبية تقديرية وافترضنا أن المدخن العادي يدخن في اليوم الواحد علبة دخان، ثمن العلبة ثلاثة جنيهات فهذا يعني أنه ينفق في الشهر على التدخين 3×30 = 90 جنيهًا، بغض النظر عن جلسات المقاهي والكافيهات وشرب الشيشة، وبغض النظر عن نفقات الخمر والمخدرات التي تحسب بالآلاف، فإن هذا يعني أن الإنسان الذي يدخن لمدة 30 سنة ينفق على التدخين أكثر من 32000 جنيه.

لا شك أن هذا من الإسراف الذي لا يجوز بحال، فالمدخن يبتاع بماله ما يُدخل الفتور والإضعاف على بدنه، ويضيع المال الذي استودعه الله إياه واستأمنه عليه، فيجمع بين ضررين في وقت واحد! وإذا كان الإسراف في حد ذاته محرمًا، فكيف بمن يجعل الإسراف مدعاة للإتلاف والإضعاف؟

ورد في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعًا وهات.. وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).

فلو لم يكن التدخين محرمًا لما فيه من كثرة الإسراف، فإنه لمحرم أشد التحريم لما فيه من الانتحار البطيء الذي يستنزف طاقة المدخن وعافيته حتى لا يكف عن السعال والهزال.

وأما خطر التدخين على المجتمع فلأن المدخنين كانوا سببًا في إشعال نيران الحرائق بنسبة أكثر من غيرهم، لأن كثيرًا من المدخنين تطيش عقولهم فيذهلون عقب السيجارة، وقد يدهمهم النوم وهو ما زال بين أصابعهم فيتسببون في إشعال النار في فراشهم، وبيوتهم هم أنفسهم أول الضحايا...!

وكم من فنادق صارت أنقاضًا، ومنشآت أصبحت رمادًا، ومؤسسات انصهرت واحترقت فيها مئات الأجساد بسبب غفلة من مدخن، أوقعه سوء عمله في إهلاك نفسه وإهلاك من معه!!

ولقد شاهدت بعيني جرينًا يحترق منذ ما يقرب من خمسة عشر سنة، وقد وضع الفلاحون فيه غلالهم وثمارهم وخراج أراضيهم نتيجة سيجارة ألقى بها بعض الشباب، فلم تبق لهم شيئًا لشدة حرارة الجو كل ذلك بسبب سيجارة.

ومن بين أغرب وأطرف الأخبار وأكثرها إيلامًا معًا، ذلك الخبر الذي قرأته ومفاده أن العرب ينفقون على التدخين أكثر مما ينفقون على التعليم.

وتؤكد أحدث أرقام منظمة الصحة العالمية ارتفاع أعداد المدخنين بين الأطفال العرب في الفئة العمرية من 13-15 سنة، إذ بلغت نسبة المدخنين بين الأطفال في هذه المرحلة العمرية 22%.

ثالثا: الرائحة المنتنة:

وهذا أيضًا دليل تحريم للدخان، فمَن مِن أصحاب النفوس السليمة يستطيع أن يقترب من فم أحد المدخنين لمدة دقيقة؟ من يطيق أن يدنو من مدخن برائحة فمه، التي سببتها ألوان التبغ الكثيرة فأصبح أسود الأسنان، قبيح النفس صعودًا وهبوطًا؟

كم من صف في الصلاة اضطرب حبله بسبب رائحة خبيثة انطلقت من فم مدخن فأصابت الجميع بالتقزز والاشمئزاز، وكانت سببًا في إلحاق الأذى والضر بعباد الله دون ذنب جنوه إلا مجاورة هذه المدخنة المحترقة!

وفي الصحيحين عن جابر: ((إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس)).

ومعلومٌ أن الإسلام يرعى حرمة المجتمعات الإسلامية ويوصي بحسن التأدب لها وضرورة الالتزام الخلقي وعدم إلحاق الضرر بأهلها لا سيما تجمعات العبادة ما دام الدافع إلى ارتيادها طاعة الله والرغبة في الخير والثواب وإبراز وحدة المسلمين.

وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن جابر مرفوعًا: ((من أكل ثومًا أو بصلا فليعتزلنا، وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته)).

ولا شك أن رائحة الثوم والبصل أخف وطأة من رائحة التدخين؛ لأن رائحة الثوم والبصل مؤقتة وليست دائمة، فهي تزول بتطهير الفم منها، ثم هي رائحة طعامين مباحين، وفي السنن: أنه –صلى الله عليه وسلم- ((أمر آكل البصل والثوم أن يميتهما طبخًا)).

وقد أهدي إليه صلى الله عليه وسلم طعام فيه ثوم، فأرسل به إلى أبي أيوب الأنصاري، فقال يا رسول الله: تكرهه وترسل به إلي؟ فقال: ((إني أناجي من لا تناجي)).

وقد ذكر ابن القيم[3] من فوائد البصل أنه يقوي المعدة، ويهيج الباءة، ويزيد في المني ويقطع البلغم، ويجلو المعدة، كما ذكر من فوائد الثوم: أنه هاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، يقوم في لسع الهوام وجميع الأورام مقام الترياق. أما التدخين، فما فوائده؟ ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111].

فالواجب على كل مدخن أن يراقب الله في نفسه وفي معاشريه، وليعلم علم اليقين أنه يسبب النفور لمن حوله بما يحمل من قبح الرائحة ونتن الأنفاس.

والسؤال بعبارة أخرى أكثر صراحة هو... هل يعلم المدخن حقيقة شعور زوجته نحوه؟ هل استطاع أن يدرك أهي قادرة على تحمل رائحة فمه أم تغالب نفسها في ذلك، وهل استطاع أن ينظف فمه قبل نومه أو تركه ينفث الخبائث والنتن في أرجاء المكان من حوله؟

تدبر ذلك يا أخي ثم تأمل كيف كان الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه فيقول: ((اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي))، ويقول: ((اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء، والأدواء)). أخرجه الترمذي وصححه الحاكم واللفظ له. فصلوات الله وسلامه على من كان المثل الكامل للإنسانية الفاضلة.

رابعا: الضرر المتحقق:

ومن أدلة تحريم التدخين الضرر المتحقق بشربه، فإنه ليس هناك أدنى شك في حصول الضرر من الدخان وتعاطيه، وقد جاء الإسلام بنفي الضرر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)). حديث صحيح رواه الإمام أحمد وغيره.

والضرر هنا ينقسم إلى نوعين:

أ- ضرر بدني: إذ يضعف القُوى ويغير لون الوجه بالصفرة والإصابة بالسعال الشديد الذي قد يؤدي إلى مرض السل.

 

ب- ضرر مالي: ويعنى به أن في التدخين تبذيرًا؛ لأنه لا يفيد لا في الجسم ولا في الروح ولا في الدنيا ولا في الآخرة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال كما مر معنا.

 

قال الشيخ عليش: أخبر بعض مخالطي الإنجليز أنهم ما جلبوا الدخان لبلاد الإسلام إلا بعد إجماعهم على منعهم من ملازمته، لتشريحهم رجلا مات باحتراق كبده وهو ملازمه، فوجدوه ساريًا في عروقه وعصبه، ومسوِّدًا مخَّ عظامه، وقلبه مثل إسفَنجة يابسة فمنعوهم من مداومته، وأمروهم ببيعه للمسلمين لإضرارهم، قال الشيخ عليش: فلو لم يكن فيه إلا هذا لكان باعثًا للعاقل على اجتنابه، وقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((الحلال بين والحرام بين......)).

خامسا: التدخين من الخبائث:

من أدلة تحريم التدخين أنه من الخبائث فلا تستطيبه النفوس الطيبة، ونبينا صلى الله عليه وسلم من جملة أوصافة أنه ينهى عن الخبائث؛ قال تعالى واصفا نبيه صلى الله عليه وسلم وأتباعه على دعوته: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِث ﴾ [الأعراف: 157].

لماذا يشيع التدخين بين الشباب؟

لا أظن أن الآباء والأولياء قد جنوا على النشء جناية أفدح ضررًا ولا أعظم خطرًا ولا أسوأ أثرًا من تلقينهم الدروس الأولى في التدخين، وذلك منذ أرسلوهم ليبتاعوا لهم علب السجائر أول مرة، ثم استمرءوا بعد ذلك إشعالها وتدخينها على مرأى ومسمع أبنائهم الصغار، الذين تحتل غريزة المحاكاة مكانًا أساسيًّا في طباعهم:

وينشأ ناشئُ الفتيان منا ♦♦♦ على ما كان عوَّده أبوه

 

 

 

كيف توقف التدخين؟

1- ليس ثمة ما يضمن نجاحك في إيقاف التدخين -بعد اعتمادك على الله تعالى، واستمدادك العون منه وحده- سوى عزيمتك القوية، وإرادتك الصارمة، وبدون هذه الإرادة الشخصية لن تفيدك عشرات النصائح، ولا مئات الإحصائيات عن عدد الضحايا، بهذه الإرادة عليك أن تستنقذ هذه الإرادة المسلوبة من براثن الداء، وبعدها يسهل عليك كل شيء بإذن الله.

2- لا تنس أبدًا أن التدخين مجرد عادة يمكنك أن تستبدل بها غيرها، بتغيير المكان، أو الغياب عن العصبة المدخنة، أو تغيير المناخ، عندئذ تصبح السيجارة مجرد ذكرى كئيبة تطردها الأيام والأعمال عن مخيلتك.

3- سوف تجد من يقول: إن الإقلاع عن التدخين مسألة من المستحيلات! فإن لقيت مثل هذا فاعلم أنه الصديق الجهول، الذي خير منه العدو العاقل. وضع نصب عينيك أن الكف عن التدخين إنما هو طاعة لله تعالى قبل أن يكون شيئا آخر.

4- إذا لم تقلع عن التدخين من الآن فلسوف يجبرك الأطباء غدًا على إيقافه، وعلى إيقاف تناول مجموعة أخرى معه من أحب الأطعمة والأشربة إلى نفسك، بعد أن يكون الخطر قد زاد، والضرر قد استشرى.

5- قبل أن تمد يدك إلى السيجارة في الصباح وقبل الإفطار، تناول كأسًا من الليمون المر، فهذا أكبر مساعد لك على إيقاف التدخين طوال فترة الصباح.

سؤال إلى كل مدخن؟:

هل تسمي أو تذكر الله عندما تشرب السيجارة؟!

هل تقول الحمد لله عندما تنتهي من السيجارة؟!

هل هناك مأكول أو مشروب غير الدخان تطؤه بحذائك عندما تنتهي منه؟!

هل يسرك أن ترى ابنتك أو ابنك يدخن؟!

هل من السنة أن تفطر في رمضان على سيجارة؟!

هل إهداء الرجل لأخيه سيجارة يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: ((تهادوا تحابوا))؟!

هل يوجد أي طعام أو شراب غير الدخان يكتب فيه على المنتج: إنه ضار بالصحة؟!

هل كلفت نفسك مرة أن تبحث عن تاريخ انتهاء صلاحية السيجارة؟! ولماذا؟! وهل تعلم مدى تأثيرها على صلاحيتك الشخصية؟!

كيف تنفق كل هذه الأموال على الدخان في سرور في حين إنك تصارع الحياة حتى تتمكن من الإنفاق على أهلك؟! ثم تتأفف من الإنفاق عليهم؟! ماذا تسمى هذا التصرف؟!

من أقل بلاهة: الشخص الذي يدفع المال لشراء الدخان وشربه وإلحاق الضرر بنفسه، أو الشخص الذي يأخذ هذا المبلغ ويحرقه ويرميه في القمامة؟!

هل جهزت إجابتك عندما يسألك رب العباد عن عدم التصدق على الفقراء واليتامى والجار الذي يتضور جوعًا؟!

هل تكون إجابتك: إنني أنفقت ما زاد على حاجتي لشراء الدخان؟! أولم تعِ جيدًا قولَ الله عز وجل: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].

 

 


 

[1] رواه أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح.

[2] رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وقال الحافظ العراقي: إسناده صحيح، وصححه السيوطي في الجامع الصغير.

[3] الطب النبوي لابن القيم صـ 223، 227 ط بيروت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم شرب الدخان ومضاره
  • التدخين.. ذلك الوباء العالمي المدمر
  • المدخن واعٍ ونزيه! - قصة قصيرة
  • أقلع عن التدخين
  • تدخين الهوانم والهندسة الاجتماعية
  • تدخين السجائر
  • الموت البطيء ومشتقاته
  • من أضرار الخمور والمسكرات والمخدرات
  • تذكير الإخوان بأضرار الشيشة والدخان
  • النفس والتدخين
  • التدخين (ذلك الوباء العالمي)
  • ظاهرة التدخين في مدارسنا
  • التدخين
  • فحم فواكه ولوازم شيشة!
  • فهل هذا حلم صعب المنال؟
  • نتائج أحدث الأبحاث الطبية حول أضرار التدخين
  • التدخين وباء يزداد
  • أضرار التدخين النفسية والعقلية والاجتماعية
  • نماذج من الجهود المبذولة في محاربة التدخين
  • إرشادات للمدخنين للإقلاع عن التدخين
  • تعال إلى حيث النكبة
  • إدمان وعناد
  • إذاعة مدرسية عن التدخين
  • أثر التدخين على الأم والجنين
  • التدخين شر ووبال (خطبة)
  • التدخين داء وعيلة
  • التدخين
  • خطبة: التدخين وخطره على الفرد
  • تحريم العلماء للتدخين

مختارات من الشبكة

  • التعريف بالبلد الحرام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حكم صلاة الفريضة في الفنادق حول الحرم اقتداء بإمام الحرم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كل ما حرم فيه التفاضل حرمت فيه النسيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قبسات من الحرم: فوائد منتقاة من دروس الحرم المكي (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • قبسات من الحرم: فوائد منتقاة من دروس الحرم المكي (PDF)(كتاب - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • حكم القتال في الحرم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • مما يترتب على حرمة شهر الله المحرم(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لأهلها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حرمة سفك الدماء في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
8- اترك الدخان
محمد - الأردن 08-11-2015 10:37 AM

الحمدلله الذي عافاني من التدخين توكل على الله لقد تركت التدخين لوجه الله تعالى الإصرار والإرادة اترك الدخان لأنه حرام ترك الدخان لأجل أطفالك لأجل زوجتك لأجل أهلك لأجل نفسك

7- التدخين
رقيه محمد عطيه عبد الحميد مرعي - مصر 14-02-2015 06:21 PM

الموضوع جميل جدا وأنا كنت محتاجة إليه لأني أنا في الصف السادس الابتدائي فالمدرسة كانت تريد نشاط وكانت عليه درجه كانت تريده جميلا ومتكاملا وانا دخلت الموقع
هذا وحصلت على كل شيء وأنا أشكركم جدا

6- كيف يكون المدخن عاله على المجنمع?
سمــر - المملكه العربيه السعوديه 21-10-2012 10:21 PM

...اذا راينا مريض مدخن ماذا يجب علينا فعله?وضعه في مكان لمساعدته في الإقلاع عن هذا الأمر...إذاً لتوفير هذه الأماكن يحتاج إلى أموال طائلة؛ للبناء والكهرباء والماء والممرضين والحراس إلخ..وبهذا أصبح المدخن عـالـة علـى المجتـمع. وشكــراً

5- التدخين
مخلوف - الجزائر 17-12-2010 10:52 PM

والله الذي لا إلاه إلا هو إنني الأن في 52 من عمري وأنا من المدمنين على التدخين وأعلم كل أضراره إلا انني كنت غير متأكدا من تحريمه .
أما اليوم وبفضلكم تيقنت أنني كنت على خطأ. إن شاء الله وبعونه سوف لن أضع سجارة بين أصابعي منذ هذه اللحظة.

4- الاعجاب
HAJIBA - MAROC 15-03-2009 07:13 PM
لقد أعجبني كثيرا وأتمنى لكم التوفيق
3- بالتوفيق
العربي - مصر 16-02-2009 12:21 PM
التدخين له من الاضرار البالغة على النفس حيث يقول تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}،صدق الله العظيم
2- شكرا
محمد - مصر 12-01-2009 06:42 PM
لابد من هذه الدروس القيمة لشبابنا
1- من أكبر أسباب التدخين
عز الدين - مصر 30-10-2008 02:14 AM
جزاك الله خيرًا فضيلة الدكتور على ما قدمت من معلومات غالية.

من أكبر أسباب التدخين التي أراها - من وجهة نظري - أن الشاب يرى نفسه في مرحلة المراهقة أنه قد آن له الأوان أن يكبر ويصبح رجلا، ويريد أن يظهر أنه قوي الشخصية، غير ضعيف.

يقول له الشباب من أمثاله: (شكلك خايف من والديك)، أو غيره مما يُقال ويزين الشيطان ذلك للشاب فيشرب أول سيجارة وما أن يمسك بها فلا يدعها أبدًا.

إخواني قراء الألوكة،
انقضى رمضان وشوال،
فكيف كان حال الصائمين من المدخنين؟!
كيف يصومون دون التدخين؟!
وهل حينما يفطرون فبماذا يفكرون بالدعاء عند الإفطار أم شرب السيجارة؟!

وأخيرا إلى كل مدخن:
تخيل نفسك تجلس في أرض وحولك خضرة وجو صافي!
وأيضًا تخيل نفسك وأنت تجلس بين اثنين يدخنون وأنت لا تدخن!

أخي المدخن، اتقِ الله فينا، قبل أن تتقي الله في نفسك!!!!
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب