• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)
الشيخ تركي بن عبدالله الميمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/3/2012 ميلادي - 13/4/1433 هجري

الزيارات: 8783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)

باب الفدية

 

الفدية: هي ما يُعْطى فداءً لشيء، وهي: ما يجب لفعلِ محظورٍ أو ترك واجب، وسميت فدية؛ لقوله تعالى: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196]. ومحظوراتُ الإحرام من حيث الفديةُ تنقسم إلى أربعة أقسام:

الأول: ما لا فدية فيه، وهو عقد النِّكاح.

الثاني: ما فديته مغلَّظة، وهو الجِماع في الحجِّ قبل التحلُّل الأول.

الثالث: ما فديته الجزاء أو بدَلُه، وهو قتل الصيد.

الرابع: ما فديته فدية أذى، وهو بقية المحظورات.

 

وفدية الأذى: إطعام ستَّة مساكين، لكلِّ مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرِّقة، أو ذبح شاة، فتذبح وتوزَّع على الفقراء؛ لقوله تعالى: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196].

 

(يخيَّر بفدية حلق، وتقليم، وتغطية رأس، وطيب، ولبس مخيط)؛ أي: يُخَيَّر المحرم إذا فعل محظورًا من هذه الأجناس، يخيَّر في هذه الأربعة (بين صيام ثلاثة أيامٍ، أو إطعام ستَّة مساكين، لكل مسكين مدُّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمرٍ أو شعير، أو ذَبْح شاة)، ظاهره أنَّ الفدية في الإطعام محصورة في هذه الأصناف الثلاثة: البُرِّ، والتمر، والشعير، وهذا غيرُ مراد؛ لأنَّ المراد ما يطعمه الناس من تمرٍ أو شعير أو بُرّ أو رز أو ذرة أو دخن أو غيره، والمؤلِّف هنا فرَّق بين البُرِّ وغيره، فالبُرُّ مد، وغيره نصف صاع، وفي باب الفطرة لم يفرِّق المؤلف بين البُرِّ وغيره، ولكن مذهبنا في الفطرة مذهب أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه -: "فإنَّه لما قَدِم معاوية - رضي الله عنه - المدينةَ، وقال: أرى مُدًّا من هذه يساوي مُدَّين من الشعير، قال أبو سعيد: أمَّا أنا، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -"، ونحن نقول كما قال أبو سعيد - رضي الله عنه - وكذلك مذهبنا هنا: أنه لا فرق بين البُرِّ وغيره؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لكعب بن عجرة - رضي الله عنه -: "أطعم ستَّة مساكين، لكلِّ مسكين نصف صاع"، فعيَّن المقدار، وأطلقَ النوع، فظاهر الحديث أنَّ الفدية نصف صاع لكلِّ مسكين، سواء من البُرِّ أو غيره؛ ولهذا جميع ما ورد فيه إطعام مساكين يجوز أن تغدِّيهم أو تعشيهم، إلاَّ هذا الموضع، فلا بدَّ أن تطعمهم طعامًا يملكونه، ومقداره نصف صاع لكلِّ مسكين.

 

قوله: "أو ذبح شاة" سواء كانت خروفًا أم أنثى، معزًا أم ضأنًا، بل أو سُبع بدنة، أو سبع بقرة مِمَّا يجزئ في الأضحية، ويوزعها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئًا؛ لأنها دَمُ جبران.

قوله: "صيام ثلاثة أيام" ولم يقيِّدها.

 

(وبجزاء صيد بين مِثْلٍ إن كان)؛ أي: مثلٍ للصيد إن كان له مثل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ [المائدة: 95]، والمثل هذا يذبحه ويتصدَّق به على فقراء الحرم؛ لقوله تعالى: ﴿ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾ [المائدة: 95].

 

(أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعامًا، فيطعم كل مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مُدٍّ يومًا)؛ أيْ: إنه يخيَّر في جزاء الصيد بين ذَبْح مثله يتصدق به على فقراء الحرم، وتقويمه بدراهم؛ لقوله تعالى: ﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ﴾ [المائدة: 95] والكفَّارة تساوي المثل، وإنَّ الَّذي يقوَّم المثل؛ لأنه هو الواجب في الكفارة أصلاً، فالواجب قيمته، فيُقَوَّم المِثْلُ بدراهم يشتري بها طعامًا، ويُطْعِم كلَّ مسكين مُدًّا، وهو الراجح، وهو أقرب إلى قواعد الشَّرع، أن الذي يقوم المثل، سواء قلَّتْ قيمته عن الصيد أو زادت. مثال: الحمامة مثلها شاة، فهذا رجل محرم قتل حمامة نقول: أنتَ بالخيار: اذبح شاة وتصدَّق بها على فقراء الحرم، أو قوم الشاة بدراهم، وأخرج بدل الدراهم طعامًا، ولا تُخْرِج الدراهم؛ لقوله: ﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ﴾ [المائدة: 95] فإذا قدَّرنا الشاة بمائتي ريال، وقدَّرنا الطعام كل صاع بريال، فتكون مائتي صاع يساوي ثمانمائة مدٍّ، فنقول: إن شئت أخرج الطعام، وإن شئت اعدل عن الطعام، وصُم ثمانمائة يوم؛ لأنَّه عن كلِّ مد يومًا.

 

(وبما لا مثل له، بين إطعام وصيام)؛ فإمَّا أن يشتري بقيمته طعامًا يُطْعمه الفقراء، وإمَّا أن يصوم عن إطعام كل مسكين يومًا، مثاله: الجراد صيدٌ لا مِثل له، فإذا قتل المُحْرم جرادًا، فعليه: إمَّا قيمته يشتري بها طعامًا يطعم كل مسكين مدًّا، وإما أن يصوم عن كل مد يومًا.

 

(وأما دم متعة وقِرَان، فيجب الهَدْي، فإن عُدِمَه فصيام ثلاثة أيام)؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ﴾ [البقرة: 196]، والهَدْيُ المعروف شرعًا، هو الذي جمع الأوصاف الثلاثة المتقدِّمة، قوله: "فإن عُدِمه"؛ أي: فمن لم يجد الهدي أو لم يجد ثَمنه، وهنا يعمل بغالب ظنِّه، فإن كان حين إحرامه بالعمرة يغلب على ظنِّه أنه لن يجد الهدي، فإنه يحكم بأنه لم يَجِده، وإن كان يمكن أن يجده في يوم العيد.

 

(والأفضل كون آخرها يوم عرفة) قالوا: وفي هذه الحال ينبغي أن يُحْرِم بالحجِّ في اليوم السابع؛ ليكون صومه الأيام الثلاثة في نفس الحج، وفي هذا نظرٌ من جهتين: من جهة تقديم الإحرام بالحجِّ، ومن جهة كون آخرِها يوم عرفة؛ أمَّا الأول: فإن تقديم إحرام الحج على اليوم الثامن خلاف هدي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأما الثاني: وهو كون آخرها يوم عرفة، ففيه نظر أيضًا؛ لأن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - "نَهَى عن صوم يوم عرفة بعرفة".

 

مسألة: ابتداء جواز صيامها (أي: الثلاثة) من حين أن يُحْرِم بالعمرة، والذي يظهر لي: أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يصومونَها في أيام التشريق؛ لقول عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم -: "لَم يرخّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلاَّ لمن لا يجد الهدي"، ويجوز أن يصوم الأيام الثلاثة متتابعةً ومتفرِّقة، وإذا صامها في أيام التشريق، فهنا لا بد أن تكون متتابعة؛ لأنه لم يبق من أيام الحج إلاَّ ثلاثة.

 

(وسبعة إذا رجع إلى أهله)؛ أيْ: إلى بلده؛ لقوله تعالى: ﴿ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 196]، قال كثيرٌ من العلماء: لو صامها بعد فراغ أعمال الحجِّ كلها، فلا بأس؛ لأنه جاز له الرُّجوع إلى الأهل، فجاز له صومها.

 

(والمُحْصَر إذا لم يجد هديًا، صام عشرة ثم حلَّ)، المُحْصَر يجب عليه الهدي بنصِّ القرآن، قال تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196] ﴿ أُحْصِرْتُمْ ﴾؛ أيْ: مُنِعتم من إتمام النُّسك؛ الحج، أو العمرة، والمراد: الهدي الشرعي المعروف؛ بأن يكون من بهيمة الأنعام، وبالغًا للسنِّ المقدرة شرعًا، وسليمًا من العيوب المانعة من الإجزاء.

 

مسألة: يُذْبَح الهدي عند الإحصار، وفي مكان الإحصار؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]، وقد ساق النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الهدي معه في عمرة الحُدَيبية، وظاهر كلامِ المؤلِّف أنه لا حَلْقَ عليه، لكن السُّنة دلَّت على وجوب الحلق؛ لأن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمرهم أن يحلقوا.

 

قوله: "صام عشرة ثم حلَّ" يقتضي وجوب الصوم، وأنه لا يحلُّ حتَّى يصوم العشرة، ثم يحل، ودليلهم القياس على التمتُّع، لكن هذا قياس مع الفارق، ومُخالِفٌ لظاهر النصِّ؛ لأنه لما سكَت - عزَّ وجلَّ - عن الصيام في الإحصار، وأوجبه في التمتُّع لمن عدمَ الهَدْي، دلَّ على أن من لم يجد الهدي من المُحْصَرين، فليس عليه شيءٌ، فيحل بدون شيء.

 

(ويجب بوطءٍ في فرج في الحجِّ بدنة، وفي العمرة شاةٌ)، فيجب في الحجِّ بدنة إذا كان قبل التحلُّل الأول، فإن لم يجد بدنة، ووجد سَبْع شِياه، أجزأ، فإذا لم يجد شيئًا فنقول: سقط عنه كسائر الواجبات، وفي العمرة شاة، حكمها كفدية الأذى؛ لأنَّ كل ما أوجب شاة من المحظورات، ففيه فدية أذى، سوى الصيد.

 

(وإن طاوعته زوجتُه لزِمَها)؛ أي: البدنة في الحجِّ، والشاة في العمرة، أو لزمها الحكم. مسألة: قال في "الرَّوض": "والدم الواجب لفواتِ أو تَرْكِ واجب كمتعة"؛ أي: كدَمِ متعة. والذي يظهر لي أنَّ من ترك واجبًا، فعليه دمٌ احتياطًا، واستصلاحًا للناس؛ لأن كثيرًا منهم قد يتساهل إذا لم يكن عليه شيء، فإن لم يجِد، فليس عليه شيء.

 

(فصل)

(ومن كرَّر محظورًا من جنس ولم يَفْد، فدى مرَّة)، لكن بشرط ألاَّ يؤخِّر الفدية؛ لئلاَّ تتكرر عليه، بحيث يفعل المحظورَ مرة أخرى، فيعاقب بنقيض قصدِه. مثاله: أن يقلِّم مرتين، أو يَحْلق مرتين، فإنَّ عليه فديةً واحدة إذا لم يَفْد؛ قياسًا على ما إذا تعدَّدت أحداثٌ من جنس واحد، فيكفيه وضوء واحد، وقوله: "لم يفد" عُلِم من كلامه أنَّه لو فدى عن الأول فدى عن الثاني (بخلاف صيد)؛ أيْ: فإنَّ جزاءه يتعدَّد بِعَدده، ولو برمية واحدة، فإذا رمى رمية واحدة وأصاب خمس حمامات، فإنَّ عليه خمسَ شياه؛ لأنَّ الله اشترط في جزاء الصيد أن يكون مثلَه، والمُماثلة تشمل الكمِّية والكيفيَّة.

 

(ومن فعل محظورًا من أجناسٍ، فدى لكلِّ مرة) مثاله: أن يلبس القميص، ويطيِّب رأسه، ويحلق، ويقلِّم، هذه أربعة أجناس، فعليه أربع فِدًى، مع أن موجبَها واحد، وهو: ذَبْح شاة، أو إطعام ستَّة مساكين لكلِّ مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، ومع ذلك نقول: عليه لكلِّ واحد فدية. والقاعدة: أنه إذا كان المُوجَبُ واحدًا، فلا تتكرَّر الكفَّارة أو الفدية، لكن لعلَّ الفقهاء - رحمهم الله - قالوا: احترامًا للنسك، وتعظيمًا لشعائر الله؛ نُلْزِمه عن كلِّ جنس بكفَّارة، (رفض إحرامه أوْ لا)؛ سواء فعل المحظورَ بعد أن رفض الإحرام، ونوى الخروج، أم لا، فلا تسقط الفِدْية، اللَّهم إلا أن يكون غير مكلَّف كالصغير، فإنه إذا رفض إحرامه حلَّ منه.

 

مسألة: لا يُمكن الخروج من النُّسك إلاَّ بواحدٍ من ثلاثةِ أمور: الأوَّل: إتمام النُّسك، الثاني: التحلُّل، إن شرط ووجد الشَّرط، الثالث: الحصر، وهذا مما اختصَّ به الحجُّ من بين سائر العبادات، فسائر العبادات إذا رفضها خرج منها، أما الحجُّ فلا.

 

(ويسقط بنسيانٍ)، ومثله الجهل والإكراه (فديةُ لبسٍ وطيبٍ وتغطيةِ رأس)، والدليل على سقوط هذه الأشياء بالنسيان والجهل والإكراه ما يلي:

 

أولاً: قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، فقال الله: ((قد فعلتُ)).

 

ثانيًا: قوله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]، فالكفر إذا كان يَسْقط موجبُه بالإكراه، فما دونه من باب أولى.

 

ثالثًا: قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الله تعالى تجاوز عن أمَّتِي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).

 

(دون وطء وصيدٍ وتقليمٍ وحِلاق)؛ أي: إنه لا تسقط الفدية في هذه الأشياء بالنِّسيان والجهل والإكراه. والرَّاجح أن فاعل المحظورات كلِّها لا يخلو من ثلاثة أقسام:

 

الأول: أن يفعلها بلا عُذْر شرعي ولا حاجة، فهذا آثِم، ويلزمه ما يترتَّب على المحظور الذي فعله.

 

الثاني: أن يفعله لحاجة متعمدًا، فعليه ما يترتَّب على فعل ذلك المحظور، ولكن لا إِثْم عليه؛ للحاجة، ومنه حلق الشَّعر لدفع الأذى، ومثله لو احتاج المُحْرِم إلى لبس المخيط لبردٍ شديد.

 

الثالث: أن يكون معذورًا بجهل أو نسيانٍ أو إكراه، فعلى المَذْهب التَّفريق بين المحظورات، فبَعضها لا تسقط فدْيته بالنِّسيان والجهل والإكراه، وهو ما كان إتلافًا أو بمعنى الإتلاف، وبعضها تسقط، وهو ما ليس كذلك، والصحيح أن جميعها تسقط، وأنَّ المعذور بِجَهل أو نسيانٍ أو إكراه، لا يترتَّب على فعله شيء إطلاقًا، لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التَّقليم، ولا في لبس المخيط.

 

(وكلُّ هَدْي) سواء كان هدْيَ تطوُّع، أو كان واجبًا، (أو إطعامٍ)؛ أي: كلُّ إطعام، كإطعام ستَّة مساكين في فدية الأذى، أو في جزاء الصيد (فلِمَساكينِ الحرَم) هذا ليس على إطلاقه في كلِّ هدي؛ لأن هَدْي المتعة والقِرَان هدْيُ شكران، فلا يجب أن يُصْرَف لمساكين الحرم، بل حكمه حكم الأضحية؛ أيْ: يأكل منه ويتصدَّق على مساكين الحرم، والهدي الذي لِتَرك واجب يجب أن يتصدَّق بجميعه على مساكين الحرم، والهَدْي الواجب لفعل محظورٍ غير الصيد، يجوز أن يوزَّع في الحرم، أو يُوَزَّع في محلِّ فعلِ المَحظور؛ لأنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن يفدي بشاةٍ في محلِّ فعل المحظور.

 

مسألة: مساكين الحرَم: من كان داخل الحرم مِن الفقراء، ولا فرق أن يكونوا من أهل مكَّة، أو من الآفاقيِّين؛ لأن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر عليًّا أن يتصدَّق بلحم الإبل التي أهداها النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يستثن أحدًا، فدلَّ هذا على أن الآفاقيَّ مثل أهل مكَّة.

 

(وفدية الأذى) وهي: ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين لكلِّ مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيَّام، وهي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196] (واللبس ونَحْوهما) كفدية الطِّيب وتغطية الرأس، وما أشبه ذلك (ودم الإحصار حيث وُجِد سببُه)؛ أي: الدَّم الذي وجب بالإحصار، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]، والمراد بالحَصْر: كلُّ ما يمنع الإنسان من إتمام نسُكِه، من عدوٍّ أو غيره، كضياع النفقة، والمرض، وما أشبه ذلك، وهذا القول هو الأصحُّ، فدم الإحصار يكون حيث وجد سببُه؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لما حصره المشركون في عمره الحُدَيبية، أمر بذبح الهدي في المكان، ويُستثنى من فعل المحظور جزاء الصيد، فإنه لا بدَّ أن يَبْلغ إلى الحرم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ [المائدة: 95] إلى أن قال: ﴿ بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾، والمراد في الحرم: ذبحًا وتفريقًا، فما وجب في الحرم وجب أن يُذْبَح في الحرم، فإن فعل ذلك وفرَّقه في الحرم، أجزأه؛ لأنَّ المقصود نفْعُ فقراء الحرم وقد حصل، ولا ينبغي الإفتاء به إلاَّ عند الضرورة.

 

(ويُجْزِئ الصوم بكلِّ مكان)؛ لأنَّه لا يتعلَّق بنفع أحد، ولكن يجب أن يلاحظ: أن الكفَّارات تجب على الفَوْر، فإذا تأخَّر سفَرُه مثلاً إلى بلده، لزمه أن يصوم في مكَّة، (والدَّمُ شاةٌ) وهي للذَّكر والأنثى من الضَّأن المعز، فالتيس شاة، والخروف شاة، والشاة الأنثى شاة، والعَنز شاة، (أو سُبع بدنة)، وهذا هو الثَّاني مما مراد بالدَّم؛ لأن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لكعب بن عجرة: ((انسك شاة))، وجعل البعير يشترك فيها سبعة أشخاص، كما قال جابر - رضي الله عنه -: "نَحرنا مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة"؛ بشرطِ أن ينوِيَه قبل ذبْحِها، ولا بدَّ للفدية أن تذبح بنيَّة الفدية، (وتجزئ عنها بقرة)؛ أي: تُجْزِئ عن البدنة بقرة، وهذا هو الثَّالث مما يُراد بالدم، والبدنة هي البعير، ولْيُعلَم أن سُبع البدنة والبقرة يجزئ عما تجزئ عنه الشاة، وعلى هذا لو ضحَّى به الإنسان عن نفسه وأهلِ بيته، لأجزأ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (1)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (2)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (3)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (4)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (5)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (6)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (7)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (8)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (9)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (10)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (11)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (12)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (15)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (16)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (17)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (18)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (19)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (22)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (23)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (24)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (25)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (26)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (27)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (28)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (29)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (30)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (31)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (34)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (35)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (36)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (37)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (38)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (39)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (40)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (42)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (43)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (45)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (47)

مختارات من الشبكة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (44)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع (20) باب صلاة العيدين(مقالة - ملفات خاصة)
  • بلوغ التقى في شرح المنتقى: المقدمة وكتاب الطهارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (نسخة كاملة سبعة أجزء)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك (ج2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب