• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العقيدة.. وأثرها في صياغة الشخصية المسلمة

محمد جلال القصاص

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/2/2007 ميلادي - 22/1/1428 هجري

الزيارات: 44671

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقيدة.. وأثرها في صياغة الشخصية المسلمة


(خرجت قريش - يوم أحد - بحدِّها وجدِّها وحديدها وأحابيشها، ومَن تابعها مِن بني كنانة، وأهل تهامة والظعينة[1])، موتورين بآبائهم وإخوانهم، يُجعجع فرسانهم، وتضرب بالدف نساؤهم، وينادي بالثأر جميعهم، فيهم مائتا فارس، على رأسهم خالد بن الوليد؛ يواجهون سبعمائة رجل؛ رجال حُسر، ولم يغنِ قريشًا أن بها خالد بن الوليد، ولم يستطع أن يفعل شيئًا إلا على غِرَّة، والمسلمون مشغولون، قد انفضوا من مواقعهم، واستدار بعضهم على بعض؛ و برغم ذلك، ما استطاع خالدٌ بثلاثة آلاف أن يقتل إلا سبعين رجلًا، أو أقل.

وفي يوم الحديبية خرجت قريش، كخروجها يوم أُحُد أو أشدَّ، ووقف خالد بن الوليد على رأس فرسان قريش، وما جرؤ على قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، وهم حُرُمٌ لا يحملون إلا سيف الراحلة، بل وقف يبحث عن وقت غفلة؛ كي يأخذهم على غِرَّة - كما فعل يوم أحد - وما استطاع شيئًا[2].


وفي سنة تسع من الهجرة عقدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لواءً لخالد بن الوليد - رضي الله عنه - بأربعمائة وعشرين فارسًا، إلى إحدى قرى الشام (دومة الجندل)؛ كي يُغِير على مَلكها أُكَيْدِرِ؛ فقال خالد: يا رسول الله، كيف لي به وسط بلاد كَلْبٍ، وإنما أنا في أناس يسير؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ستجده يصيد البقر؛ فتأخذه))؛ فتشجع خالد، وسار إليه فوجده على الحال التي وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فأخذه.[3]

وبعد عامين فقط: تجمَّعت قبائل كلب، ومَن جاورها مِن بني تميم، ومعهم أحياء قضاعة عند دومة الجندل؛ فتحرك إليهم خالدٌ في جيش أقل منهم بكثير جدًّا، وذبحهم في الحصون وحولها.

وبعد عامين آخرين: ركب خالد بن الوليد في نفر يسير - بالنسبة لقوَّات العدوِّ - إلى مَن ارتد مِن العرب؛ من غطفان، وبني حنيفة. ثم اتجه إلى أهل العراق والشام؛ فأتى على قوى الكفر كلها؛ من عرب، وفرس، وروم في تلك البلاد، وما تردد في معركة، وما انهزم.


ما الذي حدث؟

خالد هو خالد، بل في الإسلام كبرت سنه ورقَّ - بعض الشيء - عظمه، فكيف يَهزم كل هذه الجيوش المتماسكة المجتمعة؟ وكيف يقتل كل هذا العدد من البشر؟[4]

حدث هناك نوع من التغيُّر في المفاهيم، والتصورات الداخلية، التي تُحرِّك خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ومَن معه؛ نوع جديد من المفاهيم عن طبيعة المعركة، وأسباب النصر والهزيمة؛ جعلت خالدًا يُحْدث كل هذا الأثر في واقع الناس. وتدبَّر هذين الموقفين:


الإسلام يُغيِّر مفاهيم خالد:

يوم اليرموك: جاء أحدهم يخوفه من الروم - وقد أقبلَت كالسحابة السوداء، تسد الأفق، تموج بهم الأرض، كما يموج البحر، صوتهم كالرعد - كما يصفهم ابن كثير - رحمه الله - على لسان من حضر المعركة - والمسلمون قِلة -: جاء يقول لخالد: ما أكثرَ الرومَ وأقل المسلمين! فقال خالد: ويلك! أتخوفني بالروم؟ إنما تكثر الجنود بالنصر (أي من الله)،[5] وتقل بالخذلان، لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الأشقر – يعني فرسه - براءٌ مِن تَوَجِّيه، وأنهم أُضعِفوا في العدد.

وحين همَّ بعبور بادية الشام من العراق إلى اليرموك؛ تخوف مَن معه؛ واستداروا كأنهم يريدون مراجعته في أمر العبور إلى الشام؛ فقام فيهم خطيبًا بهذه الكلمات: "اعلموا أن المعونة على قدر النية، والأجر على قدر الاحتساب؛ فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ يمدكم بمَدده".

خالد بالأمس القريب، حين أُمِرَ بالتوجُّه لأُكيدر؛ يحسب للعدد حسابًا وينادي: "كيف... وإنما أنا في نفر يسير؟" وهو اليوم يلغي عامل العدد من أسباب النصر والهزيمة.

وخالد يتمنى شفاء فرسه؛ ليكون أنشط في القتال، مقابل أن يزيد جيش الروم ضعفًا كاملًا. أهذا خالد يوم أُحد والحديبية؟!

وخالد يُقدم على عبور المفازة، سالكًا طريقًا لا يظن عاقل أن جيشًا يسير به وينجو؛ معتمدًا على أن "المعونة - من الله - على قدر النية"؛ فهو يتكلم بأن السبب المطلوب بذلُه لعبور هذه المفازة هو صدْق اللجوء إلى الله، وحسْن التوكل عليه، ويُذكِّر من معه بالاحتساب؛ حتى لا يضيع الأجر.


العقيدة.. ومقاييس أخرى للنصر والهزيمة:

إن العامل الأساسي هو العقيدة، وليس شخص خالد - رضي الله عنه - فكما رأيت، حَدَثَت تغيرات نوعية في شخصية خالد، وما أنجزه بعد الإسلام، وهذا الأثر ازداد تدريجيًّا بثبات الإسلام في صدر أبي سليمان – خالد بن الوليد - كما علل هو، رضي الله عنه وأرضاه.

يزداد هذا الأمر وضوحًا في ذهنك - أخي القارئ - حين تتذكر أن الفتوحات الإسلامية لم تتأثر مطلقًا برحيل خالد عن القيادة، ولكن برحيل الجيل الأول من الصحابة، ومجيء من كانوا أقلَّ شأنًا في أمر الدين.

ويزيد من هذه الفرضية أن النصر، والهزيمة، وطبيعة المعركة - من حيث أطرافها – لها تصوُّر خاص في الشريعة الإسلامية؛ فالشريعة تتكلم على حضور الملائكة القتال؛ تثبِّت الذين آمنوا، وتلقي الرعب في قلوب الذين كفروا؛ قال الله – تعالى -: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال:12]، وحضور الملائكة الكرام متوقِّف على تقوى الله، لا على عدد المسلمين وعتادهم، ولا على كونهم منتسبين للإسلام فقط؛ يقول الله – تعالى -: ﴿ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران:125].

وفي التصور الإسلامي - عن النصر والهزيمة - نجد أن العدد ليس من الأهمية بمكان؛ قال – تعالى -: ﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:249]، ونجد – أيضًا - أننا سِتار لقدر الله - سبحانه وتعالى - فالله يُنفذ مِن خلال عباده قدَرَه، ويُظهر آثارَ صفاته؛ فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب المتاحة للنصر؛ والله ينصر من ينصره.

وفي الشريعة الإسلامية: الهزيمة سببها الذنوب، ومنها: التقصير في الأخذ بالأسباب المتاحة، كما أمر الله؛ قال الله – تعالى -: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران:165]، وقال – سبحانه -: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران:152].

والشاهد: أن هذه معارف يكتسبها أحدُنا بقراءتها فقط - إن صدَّق المخبِرَ بها - أما أن تستيقن منها، وتصطبغ بها، وتتعامل من خلالها - فهذا لا تناله في يوم وليلة؛ فالشهوات والشبهات تتصارع مع خطاب الوحي، ولا يستقر الإيمان في القلب إلا بعدَ حينٍ، وبين حين وآخر يجد من يناوشه، ويريد زحزحته، فإن لم ينتبه، تزحزح[6].


قوة العقيدة بحسب التفاعل معها:

وحين استقرت هذه المعاني في قلب خالد ورفاقه، تغيرت أسباب النصر، ليس بسبب خالد؛ ولكن بسبب الصياغة الجديدة التي صاغتها العقيدة لخالد ورفاقه.

وفرض الصورة العكسية يبين لك الأمر أكثر، لو اجتمع ثلاثون ألفًا من مشركي العرب، أمام ربع مليون - أو يزيد - من الروم والعرب، هل كانوا ينتصرون؟

لم يكونوا ليجتمعوا أولًا، وإن اجتمعوا، ما كانوا ليفكروا في غزوهم، وإن غزوهم، ما ثبتت أقدامهم ساعة.

ولتستبين قولي، ولتعلم أن العقيدة هي المحرك الأساسي، وهي التي صاغت خالدًا وغير خالد من قادة الأمة؛ راجع الآيات التي تتكلم على المنافقين وقت القتال، مثل قول الله - تعالى -: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [الفتح:11]، وقوله – تعالى -: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [ الأنفال: 49 ]، وقوله – تعالى -: ﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا ﴾ [الأحزاب:12].

مَن تكلموا في هذه الآيات مِن المنافقين كانوا مِن جنس المسلمين، لا يختلف بعضهم عن بعض في الصفات الخارجية، ولكن خُلِعَ قلب هؤلاء حين جاء الخوف؛ لأنهم لم يؤمنوا، ولم تستقر حقائق الإسلام في قلوبهم، ولم يستيقنوا أن الفرار لن ينفعهم، وأنه لا عاصم من الله إن أراد بهم ضرًّا؛ ولذا راحوا يبحثون عن مخرج، حين جاء الخوف.

أما الصادقون المستيقنون؛ فأقدموا، وصبروا، واحتسبوا، وعلموا أنه النصر، وأنهم إن لم يدركوه هم، فمَن بعدهم.


أبواب دون أبواب:

يُشكل على بعضهم أنه إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتساوَ الجميع أو يُرَتَّبوا على حسب إيمانهم؟ هل برز خالد، وأبو عبيدة، وقتيبة الباهلي؛ لكونهم أكثرهم إيمانًا؟

قول: ليس الأمر كذلك؛ فالله - سبحانه وتعالى - خصَّ بعض الأفراد ببعض الصفات، وفتح على بعضهم من أبواب دون أبواب؛ فهذا حَبَّبَ إليه الجهاد، ورزقه بنيةً قوية، وقوة في قلبه، وهذا حبب الله إليه طلب العلم، وتعليمه، ورزقه عقلًا، وعزيمة في الطلب، وهذا حبب الله إليه الإنفاق، وأمده بالمال، وهكذا.

والعقيدة تصل بالمرء إلى أقصى مستوى، بل تصوغه صياغة جديدة؛ بحيث لا يُقارَن به مَن لم يتأثر بالعقيدة بعد، أو ما زال في المراحل الأولى من التفاعل مع مفاهيم الدين وتصوراته.


العقيدة.. و قوة البدن:

لا يقتصر الأمر - فقط - على صياغة الشخصية من جديد، بل أستطيع أن أقرر أن التزام الشرع يعطي قوة بدنية، ولهذا الأمر شواهد كثيرة؛ منها هذا الحديث الذي رواه مسلم من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن فاطمة - رضي الله عنها - اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها، وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم – سبي؛ فانطلقت؛ فلم تجده، ولقيت عائشة؛ فأخبرتها؛ فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها؛ فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا وقد أخذنا مضاجعنا؛ فذهبنا نقوم؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عَلى مكانكما؛ فقعدَ بيننا؛ حتى وَجَدتُ بَردَ قدَمِه على صَدري، ثمَّ قال: أَلا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحَاهُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدَاهُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ)).[7]


توجيه الدليل:

فاطمة - رضي الله عنها - تعمل بالرَّحى حتى أثَّرت في يدها، ويشهد لهذا ما جاء في سنن الترمذي عن علي - رضي الله عنه – "شكت فاطمة إليَّ مَجْلَ يدَيْها"، ويقال لليد: مَجَلَتْ، إذا ثخُنَ جلدها، وتعجَّرت، وظهر فيها ما يشبه البتر، من العمل بالأشياء الصُّلبة الخشنة، ففاطمة - رضي الله عنها - تشتكي من الجهد المبذول في بيتها، وتريد خادمة تحمل عنها؛ ويكون الجواب وِرْدٌ من الأذكار (يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوةٌ على الخدمةِ، أكثرَ مما يَقدرُ الخادم).[8] أو بعبارة أخرى: (إن الذي يلازم ذكر الله؛ يُعطى قوة أعظم من قوة الخادم، أو تسهل الأمور عليه؛ بحيث يكون تعاطيه أُموره أسهل من تعاطي الخادم لها)، هكذا استنبطه بعضهم من الحديث.[9]


وختامًا:

من خلال ما سبق من المفارقات في حياة خالد - رضي الله عنه - وما طرأ عليه من المتغيرات في ظل الإسلام، يتبين لنا جليًّا أن العقيدة أساس صناعته وصياغته، وسرُّ رفعته، وعلو منزلته. 

ويتبين لنا أثر هذه العقيدة في صياغة القادة وتخريج الرجال، وأثرها - أيضًا - في بناء الأجيال والمجتمعات، وتغيُّر الأمم والحضارات، وإلا لما بلغت أمة الإسلام ما بلغت، ولما كان لها اليوم أن تكون.

إنها العقيدة، التي إذا تمسك المسلم بها، وعاش في ظلها، تغيرت حاله، واستقامت حياته، بل وقويَ بدنُه، وأصبح شخصًا آخر، غير الذي يعرف، آمنًا مطمئنًا هنيئًا سعيدًا.

 

 


 

[1] من سيرة ابن هشام، في ذكر غزوة أحد.

[2] المغازي، الجزء الثاني 582، وذكره النووي في شرح حديث صالح بن خوّات، عن صلاة الخوف في البخاري، باب المغازي / 3817.

[3] ذكره الواقدي في المغازي، الجزء الثالث / 1025.

[4] يذكر أهل السير أن جملة من قُتلوا على يد خالد في أول أربعين يومًا من فتح العراق فقط - أربعمائة ألف مقاتل، أي: بمعدل عشرة آلاف لكل يوم، وما كان يقاتل كل يوم.

[5] ما بين القوسين مني، والنص لابن كثير - رحمه الله - في أحداث غزوة اليرموك.

[6] وهذا مفهوم من المثل المضروب في سورة الرعد في قوله – تعالى -: ﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ﴾ [الرعد:17]، ولابن القيم في "مدارج السالكين" وفي "الداء والدواء" كلام طيب عن النفس المطمئنة والنفس الأمَّارة، أو قوة الخير وقوة الشر، وكيف الطريق لغلبة الخير على الشر، لمن أراد المزيد.

[7] متفق عليه.

[8] تحفة الأحوذي لشرح سنن الترمذي، في التعليق على الحديث / 3330- كتاب الدعوات. وهو قول العَينيِّ نقله صاحب التحفة.

[9] فتح الباري /4942





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مسؤوليتنا نحو العقيدة
  • قادة التغيير
  • المنهج المفيد في بناء الإيمان والعقيدة (عرض)
  • هل حققنا معنى العقيدة أولاً؟
  • منهج القرآن في بناء العقيدة في العهد المكي
  • جوانب من الحياة الشخصية لخالد بن الوليد
  • الطريق إلى المطابقة بين العقيدة والسلوك
  • تدريبات على عقيدة المسلم الصحيحة
  • الشخصية المسلمة التي يخشاها الغرب
  • حصن العقيدة
  • الإجابة الوافية لأسئلة بعض رواد المجلس العلمي في العقيدة
  • إصلاح العقيدة .. هو المنطلق لكل إصلاح
  • العقيدة وبناء المجتمع الفاضل
  • أهمية دراسة العقيدة وحكم تعلمها
  • مفهوم العقيدة وتسمياتها
  • مقاصد العقيدة: مدخل تأصيلي
  • ملامح شخصية المؤمن كما يحددها الرسول صلى الله عليه وسلم
  • العقيدة أولا
  • شرح العقيدة الواسطية (2)
  • شخصية المسلم متميزة بعقيدتها وسلوكها الملتزم
  • أسس بناء الشخصية المسلمة
  • عقيدتان لقومين
  • معنى العقيدة لغة واصطلاحا والفرق بينها وبين التوحيد
  • المنهج العقلي في بيان العقيدة
  • متى تكوني شخصية غامضة؟
  • شخصية المسلم

مختارات من الشبكة

  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هذه هي عقيدتنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال الأئمة في العقيدة التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم العقيدة للصغار (1) من عقيدة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متن العقيدة الطحاوية - عقيدة أهل السنة والجماعة - للإمام الطحاوي المصري - قراءة الشيخ فهد الحمين(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مخطوطة عقيدة أهل السنة والجماعة (العقيدة الطحاوية) (نسخة رابعة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
4- شكراللجهود المبذولة
خليل الله محمد الله السلفي المحمدي - افغانستان 23-03-2015 12:46 PM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
تقبل جهودكم المبذولة في ساحة الطغن والمحن جعل مقالات راشدة للحق حاسمة للخصم إنه ولي التوفيق

3- ابداع
عمرو - مصر 17-02-2007 06:12 AM
يا أخوانى ليه ما يكونش فيه أفلام جرافيك من انتاجنا تمثل هذه المواقف لنعيش عصر الصحابه بالرؤيه أيضا
2- جهد طيب
خباب الحمد - فلسطين 16-02-2007 10:33 PM
أخي العزيز الأستاذ محمد جلال القصَّاص
جهد مبارك ، ومقال طيب ، كتب الله لك الأجر والثواب
1- جزاك الله خيرا
مممممممم - egypt 15-02-2007 10:12 AM
جزاك الله خيرا هذا حق وياليتك وليت العاملين فى الدعوة يستشهدون بمعاصرين أيضا حتى يصدق الناس ذلك لأن البعض يظن أن حكايات الصحابة انتهى زمانها
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب