• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / أخلاق ودعوة
علامة باركود

الشجاعة الأدبية في التحدي بإعجاز القرآن

د. هاني الشتلة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2011 ميلادي - 25/1/1433 هجري

الزيارات: 17153

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشجاعة الأدبية في التحدي بإعجاز القرآن

 

تتضمَّن آياتُ القرآن الكريم العديدَ من الصُّوَر والمَشاهد والسِّياقات التي تَشْهد بِعَظَمتِه، وتُخاطب الآخرين بالتحدِّي في ظاهرةٍ لِلَفْت النَّظر إلى إعجازه وعظمته؛ فقد أيَّد الله تعالى جميعَ رسُلِه بأمورٍ خارقة للعادة، مُخالفةٍ للسُّنن والنَّواميس الكونيَّة التي اعتاد عليها النَّاس؛ لأنَّ تغيير سُنَن الله في كونه شهادةٌ بيِّنة مِن خالقها ومُدبِّرها - الذي لا يَقْدر على تغييرها سواه - بأنَّ هؤلاء مَبْعوثون من عند الله تعالى، صادِقون في جميعِ ما أَخبروا به عنه، وقد اقتضَتْ حكمةُ الله تعالى البالغةُ أن تكون مُعجِزاتُ الأنبياء قبل محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمورًا مادِّية لا تتَّسِم بسِيمة الخلود والدَّوام؛ ما دامت شرائعُهم محدودةً في زمانها ومكانها، وأمَّا رسالة خاتَمِهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهي عامَّة في كلِّ زمان ومكان، منذ بُعِث، وإلى أن يَرِث الله الأرضَ ومَن عليها؛ ولذا كانت معجزتُه متناسبةً مع طبيعة رسالته، فكانت أمرًا معنويًّا تُدْرِك إعجازَه العقولُ، وتتفقَّهُه القلوب، وتَعِيه الأفهام.

 

ولقد بلَغَ العرَبُ الذين بُعث فيهم رسولُ الإسلام الغايةَ التي لا غاية وراءها في الفصاحة والبلاغة والبيان، ولقد تحدَّاهم الرَّسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأن يأتوا بِمِثل هذا القرآن، فعَجزوا عن الإتيان بمِثْله، فدلَّ ذلك على أنَّه ليس من كلام محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإنَّما هو من كلام خالق المُلك والملَكوت الله ربِّ العالمين، ودلَّ أيضًا على أنَّ جميع مَن سواهم أشَدُّ منهم عجزًا ضرورة؛ لأنَّهم أعاجِمُ، ليس لهم مثلُ خصيصة هؤلاء في خلاصة خلوص عروبة الكلام، والاقتدار على ناصية البيان، وإيداع أروع فنون البلاغة، بشهادة العدوِّ قبل الصديق، فكان ما رواه عبدالله بن عبَّاس - رضي الله عنهما -[1] أنَّ الوليد بن المغيرة جاء إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقرأ عليه القرآن، فكأنَّه رَقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عم، إنَّ قومك يريدون أن يَجْمعوا لك مالاً لِيُعطوكه، فإن أتيت محمَّدًا لتعرض لما قبله، قال: لقد علمَتْ قريشٌ أنِّي مِن أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنَّك منكِرٌ له، وأنك كارهٌ له، فقال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجلٌ أعلَمُ بالشِّعر مني، ولا بِرَجزه ولا بقصيده منِّي، ولا بأشعار الجنِّ، والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله إنَّ لقوله لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّه لَمُنيرٌ أعلاه، مُشرِق أسفله، وإنَّه ليعلو وما يُعْلَى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدَعْني حتى أفكِّر، فلمَّا فكَّر، قال: هذا سِحْر يُؤْثَر، يأثره عن غيره، فنَزلَتْ: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾ [المدثر: 11]).

 

وقام من ذلك كلِّه آية بيِّنة على صدق محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في دعواه بالرِّسالة، وفي أنَّ ما أتَى به إنَّما هو تَنْزيلُ ربِّ العالمين، معجزةٌ خالدةُ الإعجازِ أبدَ الدَّهر، ليست من جنس ما ألِفَتْه البشريَّة من المعجزات الماديَّة التي يزول أثَرُها بزَوالِها، وتنتهي صحبتها ولا سيَّما في النفوس الضَّعيفة بانتهاء زمنها، بل معجزةٌ خالدة في القلوب والعقول، شاخصة أمام البَصائر والأبصار، تقرَؤُها الألسِنَةُ، وتَسمعها الآذان ألفاظًا منطوقة، وتراها الأعين نقوشًا مرموقة، وأحرُفًا مرسومة، وتَعِيها القلوبُ والعقول معانِيَ شريعة، وغاياتٍ سامية، معجزةٌ خصيصتُها - أو لِتَقُل: من خصائصها - الشُّمول لكلِّ ما يَصْلح عليه أمرُ العقيدة، ويستقيم السُّلوك، وتتمُّ مكارم الأخلاق، أعنِي القرآن العظيم، الَّذي أنزلَه الله تبيانًا لكلِّ شيء وهدًى ورحمة وبُشرى للمسلمين، والمستقرئُ لألفاظ القرآن وتعبيراته، المتتبِّع لآياته، يجِدُها تتَّسِم بالإثارة والتَّلميح والتشويق، أو يلفُّها في غلالة من رقيق اللَّفظ أو اللفظ الرَّقيق، أو مصبوبةً في قالب كنائي جميل، أو تشبيهات أخَّاذة، بها من روعة الجمال وبهائه، أو من بهاء الرَّوعة وجمالها؛ لِيَهدف من وراء تَعابيره وإرشاداته تلك أن يوجِّه الأنظارَ إلى إعجاز اللَّفظ، أو اللَّفظ المعجز، وقد بلغَ من روعة الإعجاز أنَّ الإنس والجنَّ لو اجتمعوا على أن يأتوا بِمثله، لا يأتون بمثله ولو كان بعضُهم لبعض ظهيرًا، وهكذا تحدَّاهم مُنَزِّل القرآن أن يأتوا بمثله، فعَجزوا، وقد وقع التحدِّي بالقرآن على وجوهٍ متعدِّدة؛ أحدها الإتيان بمثله، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88][2]، وهذا يدلُّ على شرَفِ القُرآن العظيم؛ لأنَّ الله أخبر أنَّ الإنس والجِنَّ كلَّهم لو اجتَمَعوا واتَّفَقوا على أن يأتوا بِمِثل ما أنزل الله على رسوله، لَمَا أطاقوا ذلك، ولَما استطاعوه، ولو تَعاونوا وتساعدوا؛ لأنَّه لا نظيرَ له، ولا مِثالَ له، ولا عديلَ له، ولَمَّا عجزوا، أرخى لهم العنانَ وطلبَ منهم أن يأتوا بعشر سُوَر مثله، فعجزوا، قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13][3]، فأمعنَ في تَحدِّيهم، وقصَرَ الطَّلب على سورةٍ واحدة، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23][4]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ﴾ [يونس: 38][5]، ولو كانَتْ كأقصَرِ سورةٍ، فعجزوا أتمَّ العجز وأبينَه، مع أنَّهم كانوا يقولون ما حكاه القرآنُ عنهم: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 31][6].

 

وهذا دليلٌ واضح وأكيد على أنَّ القرآن لم يَصْدر مِن بشر، بل هو كلامُ خالقِ البشَر، ولو كان من عند محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا؛ لِعَدم استطاعته واستطاعة أيِّ مخلوق أن يَأتي بمِثل هذا القرآن في بيان الحقِّ والباطل، والحلال والحرام، وسائر الأحكام، بنِظام لا يختلف ولا يتفاوت في شيءٍ منه، ولا في حكايته عن الماضي الَّذي لم يُشاهِدْه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يقف على تاريخه، ولا في إخباره عن الآتي في أمورٍ كثيرة وقعَتْ كما أنبأَ بها، ولا في بيانه لخفايا الحاضر، حتَّى حديث الأنفُس، ومُخبَّآت القلوب، ولعدم استطاعته واستطاعة غيره أن يأتي بمثل ما جاء به من فُنون القول، وألوان العِبَر في أنواع المخلوقات في الأرض والسَّموات.

 

وفوق ذلك كلِّه، ما فيه من العلم الإلهيِّ، والإخبار عن عالَم الغيب والدَّار الآخرة، وما فيها من الحساب على الأعمال والجزاء الوِفَاق، وكون ذلك مُوافقًا لفِطْرة الإنسان، فالاتِّفاق والالتِئام بين الآيات الكثيرة في هذا الباب هو غاية الغايات عند من أوتي الحكمة وفَصْل الخطاب، وإذا عجز العرب الذين أنزل فيهم القرآن عن الإتيان بمثل هذا القرآن، فغيرُهم أعجز؛ ذلك أنَّ العرب هم ملوكُ الفصاحة والبيان، وقد أذعنوا للقرآن، وأقَرُّوا بإعجازه، وشَهِدوا على أنفسهم بالعَجْز عن مُطاولَتِه في أقصر سورةٍ من سُوَرِه، ولم يُنقَل عن أحدٍ منهم أنَّه حدَّث نفسه بشيءٍ من ذلك ولا رامه، بل عدَلوا إلى العناد تارة، وإلى الاستِهْزاء أخرى، فتارةً قالوا: سِحْر، وتارة قالوا: شِعر، وتارةً قالوا: أساطير الأولين.

 

وتِلْك بعضٌ من قضايا الشَّجاعة الأدبيَّة في التحدِّي بإعجازِ القرآن الكريم، نُورِد منها على سبيل المثال لا الحصر: الجَمْع بين المفرد - وأعني به سورةً واحدة - والكلِّ - وأعني به مُجمَل القرآن جميعه - في قول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾[البقرة: 23]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الإسراء: 88 - 89].

 

وتتضمَّن هاتان الآيتان الحديثَ عن معجزةِ صَفْوة الأنبياء محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - المُصدِّقة له في جميع ما جاء به عن ربِّه، ومتحدِّيًا به كإعجاز، وبِهذا اللَّون الصارخ المُهين في التحدِّي والإعجاز، تأتي أُولى الآيتين اللَّتَيْن نحن بِصدَدِ الحديث عنهما، وتُلاحظ فيها فوق هذا من الحِكْمة والهَدْي شيئًا كثيرًا، ثم ضرب المثل فيه للنَّاس؛ لِيَتَّعِظوا، فهذا القرآنُ ليس ألفاظًا وعباراتٍ يُحاول الإنسُ والجن أن يُحاكوها، إنَّما هو كسائرِ ما تفرَّد الله به، ويَعْجز البشر عن الإتيان بمِثله، ولا يستطيعون إدراكَ سرِّه الشامل الكامل، وإن أدركوا بعضَ أوصافه وخصائصه وآثاره.

 

والقرآنُ - بعد ذلك - منهجُ حياةٍ كاملٌ مُتكامل، منهجٌ مَلحوظ فيه نواميسُ الفطرة التي تصرف النَّفسَ البشرية في كلِّ أطوارها وأحوالها، والتي تصرف الجماعات الإنسانيَّة في كلِّ ظروفها، ومن ثَمَّ فهو يُعالج النفس المُفْرَدة، والجماعةَ المتشابكة، بالقوانين الملائِمة للفطرة، المتغلغلة في وشائجها ودُروبِها ومنحنياتها، يُعالجها علاجًا مُتكامِلاً متناسقَ الخطوات في كلِّ جانب؛ لأنَّ إعجازه أبعَدُ مدًى من إعجاز نَظْمِه ومَعانيه، وعجز الإنس والجنِّ عن الإتيان بمثله هو عجزٌ كذلك عن إبداعِ منهجٍ كمَنْهجه يُحيط بما يحيط به، تحاول أن تفهم سرَّ تأثيره العميق في النَّفس البشريَّة، فلا تصلُ إلى قرار، فتُحاول أن تقرأ عن ذلك في مباحث البلاغة، فلا تَستحسن تقَعُّرَ أربابِها الذين حوَّلُوا القرآنَ الجميل المؤثِّر، إلى صَنعةٍ شديدةِ التكلُّف والتعقيد؛ تصويراته فنِّية، تعبيراته لُغَويَّة، حواراته أخَّاذه بألباب العقول الربانيَّة، يحوِّل المعنى المرادَ التعبيرُ عنه إلى صورةٍ فنِّية يتمثَّلُها الخيال، بالنَّغم والظِّلال والحوار، ومع ذلك يثبت يقينًا في قلبك أنَّ الأمر أكبرُ بكثير؛ لأنَّها قدرة القرآن الفائقة على تكثيف المعاني العميقة، القويَّة الشجيَّة، في كلماتٍ قليلة، مشحونةٍ ومعبِّرة، حتَّى توشك الكلمات أن تتصدَّع من ثقل المعاني، حتَّى ظنَّ العلماءُ قديمًا أنَّ المقصود بالتحدِّي هو النَّظْم الفريد، فانصبَّتْ معظَمُ التفسيرات على أناقة الوِعاء.

 

فالقرآن - بلا شكٍّ - تُحفةٌ فريدة من نَظْمها ونوعها، لكن سرّه الحقيقي يَكْمن في المحتوى، المعنى الكبير الَّذي أراد القرآنُ توصيلَه؛ لذلك لا شكَّ أنَّ مُحاكاة القرآن مستحيلة، والتحدِّي بذلك تحصيلُ حاصل، فأنَّى من يحاول مُحاكاته من معرفةِ الصِّفات الإلهيَّة للخالق؛ جماله وكماله، وشمول عِلمه، وعظيم سُلطانه؟ ومَن المستطيع؟ ومَن الذي يَقْدر على مُواجهة التحدِّي؟ الصُّورة الكاملة المتكاملة التي لَهِثَت البشريَّة وراءَها دون أن تُدركها، إلهٌ مُتكامل الصِّفات، الواحد الأحد، العالِمُ بكلِّ شيء، المُنَزَّه عن الشَّريك والشبيه والولد؛ إذْ ما الَّذي أدرى القرآنَ بحقيقة النبوَّة ووظيفتها؟ فالنبيُّ فيه لا يملك خزائنَ الأرض، ولا يعرف الغيب، ليست وظيفتُه التَّنجيم، أو معرفةَ الغيب المرهوب، والتحذيرَ منه، أو الاستِعْدادَ بالخوارق والمعجزات، مهمَّتُه التبليغُ وفقط، وأنَّى له أن يصحِّح أخبارَ الأنبياء السابقين على هُدًى مِن عصمة النبوَّة؟ وكيف يَعرف الحكمةَ الكامنة خلف أسرار اليوم الآخِر؟ وما سيَحْدث في هذا اليوم مِن مَشاهِدَ عميقةٍ ومؤثِّرة؟ حين يُرْسي الخالقُ - عزَّ وجلَّ - ميزانَ العدل الإلهي، الذي لا يقوم الإيمانُ بغيره، ثم كيف يَعرف ما يُصلح البشَر، ويستنقذ فطرةَ الخير فيهم؟ ثُمَّ كيف يَصُوغ هذه المعانِيَ العميقة في لغةٍ أنيقة كثيفة، كلُغة القرآن؟ يَفهمها أبسَطُ النَّاس، ويتذوَّقها أكثَرُهم ثقافةً، ثم يجد كلُّ إنسان فيه حاجتَه، رغم تنوُّع الناس، واختلاف الزَّمان.

 

فما هذا القرآن؟ وما سِرُّه وسحرُه؟ ما رَوعته وبلاغته؟ ما رهافته وكثافته؟ ومِن أعظم أوجُهِ إعجازه إنزالُه على نبيٍّ أمِّيٍّ، كتابٌ مَعانيه جليلة، تتركَّز في كلمات قليلة، حادَّةٍ كرُؤوس الرِّماح؛ لذا تَلقَّاه العربُ بالدهشة والإبهار والإعجاب، وما زِلْنا نسمعه جيلاً بعد جيل، فيعترينا منه ما يَعْترينا، كلماتُه تَخْشع لها الأفئدةُ والقلوب، وتتصدَّع منها الأودِيَةُ والجبال، ترِقُّ وتَلِين، تصفو وتَسْمو، وتصبُّ صَوْبَ الخالق؛ تُعرِّفهم بجلاله وجماله، وعظَمتِه ورحمته وكماله، وهيمنته وسُلطانه، فلقد سحرَ القرآنُ النَّاس جيلاً بعد جيل، فلماذا يؤثِّر فينا القرآنُ إلى هذا الحد؟ تُرى هل لأنَّنا عالَجْنا الكتابةَ وسعَيْنا إلى تجويد اللُّغة؟ أم لأنَّنا كعَرَب أدركنا سرَّ جماله وبهائه؟ لا أدري سوى أنَّ تلك هي رَوْعة القرآن وعظَمتُه وإعجازه.

 

ومِن السِّياق القرآني الجميل، يتَّضِحُ ما يلي:

• تأكيدٌ على أنَّ القرآنَ كلامُ الله تعالى وصِفتُه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا ﴾ [البقرة: 23]، ولا يردُّ مثل قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25][7]، وقوله تعالى: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ [الرعد: 17][8]؛ لأنَّ الكلام صفةٌ لا تَقوم بذاتها، ولا تقوم إلا بمتكلِّم، بخلاف الحديد والماء؛ فإنَّهما عينٌ قائمة بنفسها، فتكون مخلوقةً، وأمَّا القرآن فليس بمخلوق؛ لأنَّه صفةٌ للخالق - عزَّ وجلَّ - والمخلوق شيءٌ بائن عن الخالق، منفصِلٌ عنه.

 

• إثبات صفة العلو لله؛ لقوله تعالى: ﴿ نَزَّلْنَا ﴾ [البقرة: 23]، والإنزال لا يكون إلاَّ من أعلى لأسفل، فإذا كان القرآنُ كلامَه، ونزل، فالله تعالى فوق، وهو كذلك، ومذهب الرُّسل وأهل السُّنة أنَّ الله تعالى فوقَ كلِّ شيء، وقد ثبتَ العُلوُّ لله - عزَّ وجلَّ - بخمسة أنواع من الدلالات: الكتاب والسُّنة والإجماع والعقل والفطرة:

أمَّا الكتاب، فأدلَّتُه أكثرُ من أن تُحصى، فتارةً يَذكر العلوَّ، نحو قوله تعالى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1][9]، وتارة يَذْكر الفوقيَّة؛ لقوله تعالى: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 50][10]، وتارةً بِنُزول الأشياء، نحو قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ [الأنعام: 99][11]، وتارة بصعودها؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فاطر: 10][12]، وتارة يَذْكر كونَه في السماء؛ لقوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الملك: 16، 17][13].

 

أمَّا السُّنة، فمتواترةٌ في علُوِّ الله ومتنوِّعة؛ كقول أبي داود في "صحيحه" أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول في سجوده: ((سبحان ربِّي الأعلى))[14]، وتارةً بفِعْله، فيشير إلى السَّماء بيديه عند الدُّعاء كما أخرجَه أبو داود في "سننه"[15]، وأشار إلى السماء حين أشهدَ ربَّه على أمَّتِه، في تصحيح عقيدة خُسوف الشَّمس والقمر في عهده[16]، وتارةً بإقراره، حين سأل الجاريةَ: ((أين الله))؟ قالت: في السَّماء، قال: ((أعتِقْها؛ فإنَّها مؤمنة))[17].

 

أمَّا الإجماع، فقد أجمع السَّلَف من الصَّحابة والتابعين وأئمَّة الهدى على أنَّ الله تعالى في السماء.

 

أمَّا العقل، فحين تُسأل ماذا تقول في العلوِّ: أهو صفةُ كمالٍ أم نقص؟ قلتَ: صفة كمال، والعقل يقول: كلُّ صفة كمالٍ فهي ثابتةٌ لله؛ فيَثْبت العلوُّ لله بدلالة العقل.

 

وأمَّا الفطرة، فتَراها حين يَرْفع المخلوقُ بصرَه إلى السماء إذا أراد أن ينظر إلى الخالق، ويرفع يديه إلى أعلى حين يحبُّ أن يَدْعو؛ ولهذا استدلَّ أبو العلاء الهمذانيُّ على أبي المَعالي الجُوَينيِّ بهذا الدَّليل الفِطْري، حتى إنَّ الجوينيَّ لم يتَمالك أنْ صرخَ وضرب على رأسه وقال: حيَّرَني؛ لأنَّ أبا المعالي الجوينيَّ - رحمه الله - كان يُحدِّث الناس، ويقول: "كان الله ولا شيء"، وهذا قول صائب؛ لأنَّ الله هو الأوَّل الذي ليس قبله شيء، ويقول: "وهو الآن على ما كان عليه"، وهذه الكلمة مُوهِمة، تعني أنه غيرُ مُستوٍ على العرش؛ لأنَّ العرش لم يكن قبل خَلْقِه، وقد كان الله ولا شيء، وهو الآن على ما كان عليه؛ إذًا فلَم يستَوِ على العرش، فقال أبو العلاء: "يا أستاذ، دَعْنا من ذِكْر العرش؛ لأنَّ الاستِواء على العرش دليلُه سمعي، فلولا أنَّ الله أخبَرَنا أنه استوى على العرش، ما عَلِمْنا ذلك، أخبِرْنا عن هذه الضَّرورة التي نجدها في نفوسنا؛ ما قال عارِفٌ قَطُّ: يا ألله، إلاَّ وجدَ مِن قلبه ضرورةً بِطَلب العلوِّ، فرفعَ رأسه لأعلى"، فصرخَ أبو المعالي، وضرب على رأسه وقال: "حيَّرَني".

 

• التدرُّج في التحدِّي بعظَمة القرآن من الكلِّ إلى عشر سُوَر، إلى السُّورة الواحدة - خيرُ دليلٍ على عجز البشَر عن الإتيان بمثله، وخيرُ بيانٍ على شرَفِ القرآن، وعظَمة مُنْزل القرآن؛ الله ربّ العالَمين، وعلى صِدْق مَن نزل عليه القرآن - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

• أنه على كلِّ عاقلٍ أن يشرِّف لسانه بالاعتراف بالحقِّ، وعلى رأسه إعجازُ القرآن، كما أشرفَ قلبه باليقين بهذا الحقِّ؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ ﴾.

 

• أنه على مَن يعرف الحقَّ أن يبلغه لغيره، ولا يُقصِّر في تبليغه؛ أخذًا من قول الله تعالى أيضًا: ﴿ قُلْ ﴾.

 

• أنه لا يَكفي للإيمان بإعجاز القرآن أن تكون موقِنًا به بقلبك فحَسْب، بل لا بد كذلك أن تَعترف به بلسانك في صراحةٍ ووُضوح، ويُفاد هذا من توجيه الله الأمرَ لنبيِّه، وسائر مَن يفهم الخطاب عن الله بأن يَقول هذه المقالة الصريحة الاعتراف بإعجاز القرآن: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ ﴾ [الإسراء: 88]، بدلاً من أن يَكتفي سبحانه بمجرَّدِ طلب اليقين به فحَسْب؛ بأن يَقول: اعتَقِد، أو أيقِن بأنَّ الإنس والجنَّ لو اجتَمعوا.

 

• أنَّ قضية إعجاز القرآن حقيقةٌ عِلميَّة واقعة ومستمرَّة، لا يمكن أن يَأتي ما يُناقضها؛ فإنَّ العاقل إذا تردَّد في نفسه، أو حتَّى غلب على ظنِّه شيء، فإنَّه لا يليق به أن يُخْرِجه عن حدِّ الإسرار في النَّفْس إلى حيِّز العلانية، حيث يكون واثِقًا تمام الوثوق من صِدْقه، موقِنًا أشدَّ اليقين بأنَّ شيئًا لا يمكن أن ينقضه؛ لأنَّه كلامُ ربِّ العالَمين الذي تكفَّل بحِفْظه، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9][18].

 

• أسلوب القسَم في الآية يدلُّ على مدى أهميَّة القضيَّة المَطْروحة علينا من قِبَلِه تعالى، وأعني قضيَّة الشَّجاعة الأدبيَّة في التحدِّي بإعجاز القرآن، كيف لا؟ وقد سَمِعْنا تأكيدَه تعالى بِأتَمِّ ما يكون التَّأكيد، وأوثَقِه، وهو قسَمُه به - سبحانه وتعالى.

 

• عناية الله الفائقةُ، ورحمته بأمَّة القرآن؛ فإنه لَم يَكِلْها إلى نفسها في إدراك هذه الأهميَّة، وإنَّما لَفَتَ إليها أبلغَ لَفْتٍ بهذا التَّأكيد والتوثيق.

 

• أنَّه على العاقل العارفِ بأهمية الشجاعة الأدبيَّة في التحدِّي بإعجاز القرآن، أن يُعطي هذه الأهميةَ حقَّها من العناية في نفسه، وأن يُعطيها كذلك حقَّها من التأكيد والتوثيق عندما يتصدَّى للنُّصح بها لغيره، كما سمع ربَّه تعالى، وقرأ عنه ما يؤكِّد هذه القضية إلى حدِّ القسَم عليها، ويطلب - سبحانه وتعالى - إلينا أن نَقولها على عَيْن هذا النَّحو من التأكيد: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].

 

• القسَمُ والتأكيد عليه في كلِّ حق بلا تردُّد ولا رَوِيَّة، وأنه يجب على المؤمنين أن يُقسموا على ما هم واثقون مِن صِدْقه، وعلى ما يعلمون أنَّه الحق.

 

• التأكيد على أن الإنس غالبًا هم المَقْصودون بخطاب القرآن؛ لأنَّ المبعوث بالقرآن هو من الإنس، وفي بيئتهم، وبين أظهُرِهم، وهم المقصودون بالتحدِّي، وبذلك يكون ذِكْرُ الجن على سبيل التَّبَع، ويكون تقديم الإنس من باب تقديم ما هو أصيلٌ وأساسي على ما هو تابع؛ وذلك مقصود المعنى من تقديم لفظ الإنس على الجنِّ في الآية الكريمة، وذلك على الرغم من أنهم أشَدُّ قوة، وأقوى شكيمة؛ لقوله تعالى: ﴿ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ﴾ [الإسراء: 88].

 

• التأكيد من قِبَل الله تعالى على وجود الجنِّ، وأنَّهم موجودون بالفعل كوُجودِ الإنسان، وذلك على الرَّغم من مَزاعمِ الزَّائغين عن مَنطِقِ القرآن، وحُكْمِه الفَصْل، الذين يُنكِرون وجودَهم؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ وَالْجِنُّ ﴾.

 

• لفت الأذهان والأنظار إلى عظَمةِ وكمال إعجاز القرآن وهدايتِه، ووضوح بيانه، وأنَّه يَستحيل أن يكون له مِثْلٌ، وأنَّ مَن جهل قدْرَ القرآن، فقد انحطَّ إلى درجة الجماد الذي تجرَّد حتى عن إدراك المَحسوسات المُشاهَدة والجليَّة؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ هَذَا الْقُرْآنِ ﴾.

 

• تكرار كلمة "مِثْل"، يؤكِّد الأمر لدَيْنا؛ بألاَّ يَخطر ببال أحدنا إمكانُ أن يكون لهذا القرآن مِثل معيَّن ومَعلوم في النفس؛ لأنَّه شيءٌ معدوم بالكليَّة؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ [الإسراء: 88].

 

• الدلالة على أنَّ إعجاز القرآن ذاتِيٌّ فيه، لا ينفكُّ عنه بحال، مع دحض مزاعم القائلين بأنَّ القرآن غيرُ معجز لذاته، وأنَّه يمكن الإتيان بمثله حقيقة؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].

 

• إقامة الحُجَّة على الناس من الله تعالى، فلم يَبْق لهم أدنى عُذْرٍ - بعد هذا البيان - في الإعراض عن آيات الله البيِّنات؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 89].

 

• تَصْريف الله للنَّاس في هذا القرآن من كلِّ مثَل؛ وذلك بتكرار المعنى بأساليبَ مختلفة، ووجوهٍ متنوِّعة كلها غاية في البلاغة والبيان؛ ليرسخ في الذِّهن، ويتمكَّن من القلب، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ [الإسراء: 89].

 

• التأكيد على شدَّة انهِماك أهل الباطل في باطلهم، ومُبالغتهم في الإعراض عن الحقِّ، والمُسارعة في هذا الإباء الظالم، وذلك حسبما يفيد تعبيرُه تعالى عن صنيعهم بالإباء، وهو أشدُّ الرفض؛ لقوله تعالى: ﴿ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الإسراء: 89].



[1] رواه عبدالله بن عباس، المحدِّث: السيوطي، المصدر: لباب النقول، رقم: 319، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[2] سورة الإسراء، مكية، ترتيب نزولها50، عدد آياتها 111، عدد كلماتها 1559، عدد حروفها 6480.

[3] سورة هود، مكية، ترتيب نزولها52، عدد آياتها 123، عدد كلماتها 1947، عدد حروفها 7633.

[4] سورة البقرة، مدنية، ترتيب نزولها 87، عدد آياتها 286، عدد كلماتها 6144، عدد حروفها 25613.

[5] سورة يونس، مكية، ترتيب نزولها 51، عدد آياتها 109، عدد كلماتها 1841، عدد حروفها 7425.

[6] سورة الأنفال، مدنية، ترتيب نزولها 88، عدد آياتها 75، عدد كلماتها 1243، عدد حروفها 5299.

[7] سورة الحديد، مدنية، ترتيب نزولها 94، عدد آياتها 29، عدد كلماتها 575، عدد حروفها 2475.

[8] سورة الرعد، مدنية، ترتيب نزولها 96، عدد آياتها 43، عدد كلماتها 854، عدد حروفها 3450.

[9] سورة الأعلى، مكية، ترتيب نزولها 8، عدد آياتها 19، عدد كلماتها 72، عدد حروفها 293.

[10] سورة النحل، مكية، ترتيب نزولها 70، عدد آياتها 128، عدد كلماتها 1845، عدد حروفها 7642.

[11] سورة الأنعام، مكية، ترتيب نزولها 55، عدد آياتها 165، عدد كلماتها 3055، عدد حروفها 12418.

[12] سورة فاطر، مكية، ترتيب نزولها 43، عدد آياتها 45، عدد كلماتها 780، عدد حروفها 3159.

[13] سورة الملك، مكية، ترتيب نزولها 77، عدد آياتها 30، عدد كلماتها 337، عدد حروفها 1316.

[14] رواه حذيفة بن اليمان، المحدث: الألباني، المصدر "صحيح أبي داود"، رقم 874، خلاصة حكم المحدِّث: صحيح.

[15] رواه يزيدُ الثقفيُّ والد السَّائب، المحدِّث: أبو داود، المصدر: "سنن أبي داود"، رقم: 1492، خلاصة حكم المحدِّث: سكتَ عنه، وقد قال في رسالته لأهل مكَّة: كل ما سكَتُّ عنه فهو صالِح.

[16] روَتْه عائشة، المحدِّث: مسلم، المصدر: "صحيح مسلم"، رقم: 901، خلاصة حكم المحدِّث: صحيح.

[17] رواه معاوية بن الحكَم السلمي، المحدِّث: مسلم، المصدر: "صحيح مسلم"، رقم: 537، خلاصة حكم المحدِّث: صحيح.

[18] سورة الحجر، مكية، ترتيب نزولها54، عدد آياتها 99، عدد كلماتها 658، عدد حروفها 2797.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشجاعة في الإسلام
  • الشجاعة الأدبية فى تطييب النفس الإنسانية
  • الشجاعة الأدبية في قول الصدق

مختارات من الشبكة

  • الشجاعة الأدبية في القرآن والسنة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية عند النساء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية عند معاوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشجاعة الأدبية للفاروق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشجاعة الأدبية عند القضاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية عند العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في النصيحة الابنية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية في الاحتراز من الوقوع في أعراض المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية لرسول الإنسانية(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
2- تُحْفَةُ المؤمنِ الموتُ
الشيخ خالد الرفاعي - مصر 09-09-2015 02:27 PM

تُحْفَةُ المؤمنِ الموتُ

فالتحفة ليست مرادفة لتحف البيت أو غيرها كما ظننت أخي الكريم، وإنما هي اسم لما حفظه الإنسان من النفائس، وهي البر واللطف والطرفة، ولو تأملت الأحاديث التي وردة فيها تلك الكلمة لأدركت هذا المعنى؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «تحفة المؤمن الموت» . رواه البيهقي في شعب الإيمان، أو (تحفة الملائكة تجمير المساجد).

« مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 161)قال في

تحفة المؤمن الموت» ) لأنه وسيلة السعادات الأبدية، وذريعة الوصول إلى محضر القدس، ومحفل الأنس فالنظر متوجه إلى غايته، معرض عن بدايته من الفناء والزوال والتمزق والاضمحلال، أو لأن العبرة بروح الروح، والقالب إنما هو بمنزلة القفص وفي النهاية التحفة طرفة الفاكهة، وقد تفتح الحاء ثم تستعمل في غير الفاكهة من الألطاف. قال الأزهري: أصلها وحفة فأبدلت الواو تاء ذكره الطيبي، وفي القاموس التحفة بالضم الطرفة جمع تحف وقد أتحفه تحفة أو أصلها وحفة.

وفي لسان العرب (9/ 17)

تحف: التُّحْفةُ: الطُرْفةُ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الرَّياحين. والتُّحْفَةُ: مَا أَتْحَفْتَ بِهِ الرجلَ مِنَ البِرِّ واللُّطْف والنَّغَص، وَكَذَلِكَ التُّحَفَة، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْجَمْعُ تُحَفٌ، وَقَدْ أَتْحَفَه بِهَا واتَّحَفَه؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:

واسْتَيْقَنَتْ أَنها مُثابِرةٌ، ... وأَنَّها بالنَّجاحِ مُتَّحِفَهْ

قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: تَاؤُهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ إِلَّا أَنَّها لازمةٌ لِجَمِيعِ تَصارِيف فِعْلِهَا إِلَّا فِي يَتَفَعل. يُقَالُ: أَتْحَفْتُ الرَّجُلَ تُحْفَةً وَهُوَ يَتَوَحَّفُ، وكأَنهم كَرِهُوا لزوم البدل هاهنا لِاجْتِمَاعِ المِثْلين فَرَدُّوهُ إِلَى الأَصل، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَهُوَ مَنْ وَحَفَ، وَقَالَ الأَزهري: أَصل التُّحْفةِ وُحْفةٌ، وَكَذَلِكَ التُّهَمَةُ أَصلها وُهَمَةٌ، وَكَذَلِكَ التُّخَمةُ، وَرَجُلٌ تُكَلةٌ، والأَصل وُكَلة، وتُقاةٌ أَصلها وُقاةٌ، وتُراثٌ أَصله وُراثٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تُحْفَةُ الصائِم الدُّهْنُ والمِجْمَرُ

، يَعْنِي أَنه يُذْهِب عَنْهُ مَشَقَّةَ الصوْمِ وشِدَّتَه. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عَمْرةَ فِي صِفَةِ التَّمْرِ: تُحْفَةُ الكَبير وصُمْتةُ الصَّغِيرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

تُحْفَةُ المؤمنِ الموتُ

أَي مَا يُصِيبُ المؤْمنَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الأَذى، وَمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لَا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا بالموتِ.

والحاصل قصرت معنى التحفة على المعنى الحادث، خطأ محض، وهي بلا شك تشمله، ولكنها أيضا تعني كل جميل لطيف كما سبق بيانه.

1- الاحتجاج على وصف القرآن الكريم بأنه تحفة
أ. عبدالمجيد الصاعدي - السعودية 07-09-2015 08:58 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الدكتور هاني إني لأعتب عليك حينما وصفت القرآن الكريم بالتحفة الفريدة؛ فالتحفة مع نفاستها إلا أنها تركن في زاوية من البيت ولا أثر لها أكثر من هذا الحد، وحاشا القرآن بأن يوصف بهذا الوصف. وشكرا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب