• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

صيغة العقد في الفقه الإسلامي (1)

صيغة العقد في الفقه الإسلامي (1)
د. عباس حسني محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2011 ميلادي - 18/1/1433 هجري

الزيارات: 383875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقد في الفقه الإسلامي

دراسة مقارنة بالقانون الوضعي تكشف تفصيلاً عن تفوق التشريع الإسلامي

 

الباب الثاني

أركان العقد[1]

 

الفصل الأول

الركن الأول: صيغة العقد

 

المبحث الأول

الصيغة في الفقه الإسلامي

 

المطلب الأول

الإيجاب والقبول وطرق التعبير عنهما

34- التعريف بالإيجاب والقبول:

إذا كان العقد بإرادتين فإن صيغته تتكون من طلب يتقدم به أحد الطرفين يشتمل على بيان العقد بكافة مشتملاته وشروطه ويقترن هذا الطلب برد من الطرف الثاني بقبول هذا الطلب دون أي تعديل. ويطلق على الطلب اصطلاح الإيجاب وعلى الرد اصطلاح القبول.


وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة فذهب الحنفية[2] إلى أن الإيجاب: هو ما صدر أولاً من العاقد أياً كان. والقبول: هو ما صدر من العاقد الآخر أياً كان.


ويرى الجمهور[3] (من المالكية والشافعية والحنابلة) أن الإيجاب: وهو ما صدر من المملِّك كالبائع والمؤجر والزوجة سواء صدر أولاً أو ثانياً.

وأن القبول: هو ما صدر من المتملك كالمشتري والمستأجر والزوج سواء صدر أولاً أو ثانياً.


وفي رأيي أن مذهب الحنفية في هذه المسألة أدق وأصح من مذهب الجمهور لأن الجمهور بنى رأيه على أساس أن موضع التمليك ينصب على العين، فالملك هو البائع والمؤجر والزوجة وهذا قول غير دقيق لا يستقيم مع ما يقر به جميع الفقهاء من أن المشترى يملك الثمن ويتملك المبيع والمستأجر يملك الأجرة ويتملك العين المؤجرة والزوج يملك المهر ويتملك البضع وهكذا فكل هؤلاء جميعاً مملك ومتملك ومن ثم فإن ما يصدر أولاً يكون الإيجاب دائماً، وما يصدر ثانياً يكون القبول دائماً ولا معنى لهذه التفرقة بين البائع والمشتري «ونظائرهما في سائر العقود» ما دمنا نسلم بأن كلاً منهما مملك ومتملك في الحقيقة ولذلك فإن رأى الحنفية في هذه المسألة هو الأصح في نظري.

 

هذا وقد ترتب على هذه التفرقة بعض الآثار الهامة كما في حالة الحق في الحبس فقد ذهب الحنفية (وانضم إليهم المالكية) إلى أن الحق في الحبس سواء بالنسبة للبائع والمشتري فللبائع أن يحبس المبيع حتى يسلم المشتري الثمن وللمشتري مثل ذلك. وذهب الحنابلة[4] والشافعية في قول أن البائع يجبر على تسليم المبيع أولاً فهو المملك ثم يجبر المشتري على تسليم الثمن فهو الممتلك وهذا غير صحيح لأن كلاً من البائع والمشتري مملِّك متملِّك. ولذلك نرى أن رأى الحنفية هو الأدق والأصح في مسألة تحديد الإيجاب والقبول. وإذا كان العقد بالإرادة المنفردة فلا يوجد قبول وتتكون صيغة العقد من عبارة العاقد الوحيد الذي يعلن التزامه قبل شخص معين أو غير معين بمضمون العقد الذي أنشاه.


35– طرق التعبير عن الإيجاب والقبول:

تختلف طرق التعبير عن الإيجاب والقبول فقد يكون التعبير بالألفاظ (شفاهة أو كتابة أو بهما معاً) وقد يكون بالإشارة وقد يكون عن طريق تبادل الرسائل بين الغائبين وقد يتم العقد بالتعاطي.

 

36– التعاقد بالألفاظ:

ويقصد به أن يتلفظ كل من العاقدين (أو العاقد الوحيد) بالألفاظ التي تفيد الإيجاب فالقبول. وذهب فريق من الفقهاء – وهم أهل الظاهر[5] وفي رواية عن الإمام أحمد[6] إلى أن ألفاظ العقود محصورة فيما ورد به الشرع فقط واستندوا إلى أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى، وبالإضافة إلى ذلك بالنسبة لأهل الظاهر فإنهم يرفضون القياس.

 

وذهب فرق ثان من الفقهاء – وهم الشافعية[7] وجمهور الحنابلة[8] إلى جواز انعقاد البيع ونحوه من العقود المالية بكل لفظ يدل على المقصود دلالة واضحة، وأما عقد النكاح فلا يجوز إلا بالألفاظ الواردة في الشرع وهي لفظا النكاح والزواج وما يشتق منهما لمن يفهم العربية، وأما من لم يفهمها فيصح منه الزواج بالعبارة التي تؤدي إلى معناه. واستندوا إلى أن عقد النكاح له خطورته وفيه معنى التعبد بإحصان الفرج وتكثير المسلمين وأنه لم يرد في القرآن الكريم إلا هذان اللفظان (النكاح والزواج).

 

وذهب فريق ثالث – وهم الحنفية[9] والمالكية[10] - إلى أن العقود بصفة عامة تتم بكل لفظ يدل عليها وهذا الرأي هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية[11] وابن القيم[12] واستند هذا الفريق إلى أن الله عز وجل اكتفى بالتراضي في العقود المالية؛ قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، واكتفى بطيب النفس في التبرعات؛ قال تعالى: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4]، واستندوا أيضاً إلى أن العبادات الأصل فيها الحظر والتوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، وأما المعاملات فالأصل فيها الإباحة إلا ما حرم بنص. واستندوا أيضاً إلى أن من تتبع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من أنواع المبايعات والتبرعات علم بالضرورة أنهم لم يكونوا يلتزمون صيغة معينة من الطرفين، وأما بالنسبة إلى عقد الزواج فقد استندوا إلى أن: [13][نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم انعقد بلفظ الهبة فينعقد به نكاح أمته، ودلالة الوصف قوله تعالى: ﴿ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ ﴾ معطوفاً على قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ... ﴾ أخبر تعالى أن المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم عند اسنتكاحه أياها حلال له، وما كان مشروعاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم يكون مشروعاً في حق أمته حتى يقوم دليل الخصوص فإن قيل: قد قام دليل الخصوص ههنا وهو قوله تعالى: ﴿ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ فالجواب أن المرد منه خالصة لك من دون المؤمنين بغير أجر فالخلوص يرجع إلى الأجر لا إلى لفظ الهبة][14] هذا وقد ورد في السنة الصحيحة استعمال لفظ التمليك للدلالة على النكاح في قوله عليه الصلاة والسلام لخاطب يحفظ القرآن الكريم: «اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن»[15].

 

وبالنسبة إلى تقدير هذه الآراء الثلاثة في هذه المسألة فإن الرأي الثالث – في نظري – هو الأصح لقوة الأدلة التي يستند إليها أصحاب هذا الفريق، وأما قول الفريق الأول أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى فهذا قول لا دليل عليه فالناس يتعارفون على أسماء جديدة في كل عصر ومن المعروف أن الأسماء اللغوية تنقسم إلى وضعية وعرفية، فالحقيقة الوضعية: هي اللفظ لمستعمل فيما وضع له أولاً في اللغة كالأسد مثلاً، والحقيقة العرفية: فهو اللفظ المستعمل فما وضع له بعرف الاستعمال اللغوي وهما قسمان:

 

الأول: أن يكون الاسم قد وضع لمعنى عام يخصص بعرف استعمال أهل اللغة ببعض مسمياته كاختصاص لفظ الدابة بذوات الأربع عرفاً وإن كان في الأصل لكل ما دب على الأرض.

 

الثاني: أن يكون الاسم في أصل اللغة بمعنى ثم يشتهر في عرف الاستعمال بالمجاز الخارج عن الوضع الغوي بحيث يصبح حقيقة عرفية فلا يفهم منه إلا هذه الحقيقة عند إطلاقه مثل لفظ الغائط فهو بحسب الوضع اللغوي يطلق على الموضع المطمئن من الأرض، ولكن بعرفه اللغوي أصبح عند إطلاقه لا يفهم منه إلا الخارج المستقذر من الإنسان[16] وأما الحقيقة الشرعية فهي استعمال الاسم الشرعي فيما كان موضوعاً له أولاً في الشرع سواء أكان الاسم الشرعي ومدلوله غير معروفين كالصاخة عند أهل اللغة أم معروفين إلا أنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى كالقارعة أو عرفوا المعنى ولم يعرفوا الاسم أو عرفوا الاسم ولم يعرفوا ذلك المعنى كاسم الصلاة والحج والزكاة ونحوه[17].

 

وبالنسبة لاستخدام المتعاقدين للأسماء التي تدل على العقد المراد إبرامه فإن العبرة هنا بعرف الاستعمال لأن المطلوب هنا هو أن تنعقد إرادة المتعاقدين على المعنى المقصود ولا يهم هنا اللفظ المستخدم ما دام في عرف استعمالهم يقصد منه العقد المطلوب إبرامه فالحقيقة العرفية تنفي قول الفريق الأول أن الأسماء كلها توقيفية من الله تعالى لأن هذه الأسماء المستخدمة إنما هي في دائرة المعاملات وليست في دائرة العبادات، وأما استثناء الفريق الثاني لعقد الزواج لأن فيه معنى التعبد فهو استدلال ضعيف لأن الزواج لا يعتبر عبادة بالمعنى الخاص وإنما هو يستوي مع سائر عقود المعاملات والمباحات في أنه يعتبر عبادة بالمعنى العام إذا صحح العاقد نيته وابتغى به وجه الله ويؤكد ذلك أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم استخدم في عقد الزواج لفظ التمليك وهو لم يرد في الكتاب ولذلك فإني أرى أن الرأي الصحيح هو رأى الفريق الثالث والله تعالى أعلم بالصواب.

 

37– صيغ الإيجاب والقبول المختلفة:

يعرض هنا أمر هام وهو مدى جواز استخدم جميع صيغ الإيجاب والقبول من حيث الزمان، وهذه الصيغ هي: المضارع والماضي والحاضر وما يدخل فيه من أمر واستفهام، وما يلحق بذلك كله من صيغة اسم الفاعل والمنادى، واللفظ الصريح والكتابة.

 

38– صيغة الماضي:

اتفق الفقهاء على صحة التعاقد بلفظ الماضي من غير توقف على نية أو قرينة لأن هذه الصيغة تفيد الرضا قطعاً وهذه صيغة تفيد الرضا قطعا[18] وهذه صيغة تكفي لإبرام العقد سواء أتقدم الإيجاب على القبول أم حصل العكس، وهذا عند جمهور الفقهاء من غير الحنفية الذين يذهبون إلى أن الإيجاب هو ما يصدر من الملك والقبول هو ما يصدر من المتملك، وأما عند الحنفية فهو من باب أولى يعتبر صحيحاً لأن الإيجاب أولاً والقبول ما صدر ثانياً.

 

39– صيغة المضارع:

اختلف الفقهاء في حكم التعاقد بصيغة المضارع لأن بعضهم اعتبرها تحتمل الحال والاستقبال[19]ومن ثم لا بد من قرينة تظهر نية إنشاء العقد في الحال عند هؤلاء.

 

وقد ذهب بعض الحنفية[20] إلى عدم صحة التعاقد بصيغة المضارع ولو مع النية وإلى هذا ذهب الحنابلة[21]فنصوا على أنه إذا كان القبول بصيغة المضارع فلا يصح التعاقد به. جاء في كشاف القناع: [لو قال البائع بعتك هذا بكذا فقال المشتري – وهو القابل عند الجمهور ما عدا الحنفية – أنا آخذه بذلك لم يصح، أي لم ينعقد البيع لأن ذلك وعد بأخذه][22].

 

وذهب جمهور الحنفية[23] والشافعية[24] إلى صحة التعاقد بالفعل المضارع مع النية فالمضارع عند هؤلاء يعتبر من ألفاظ الكناية التي تصححها النية.

 

وذهب المالكية[25] إلى صحة التعاقد بالفعل المضارع من غير اشتراط النية فلو ادعى أنه لم ينو بالمضارع العقد ولم يرض به فلا يقبل قوله إلا أن يحلف وهذا هو الفرق عند المالكية بين المضارع والماضي لأنه في حالة الماضي لا يقبل منه نفي العقد حتى لو حلف وإذا اقترن المضارع بالسين أو سوف فلا خلاف بين الفقهاء في أن العقد لا ينعقد به[26] ويرى ابن تيمية أنه يستثنى من هذا المنع أن توجد قرينة على إرادة العقد بالسين أو يتعارف الناس على ذلك لأن العقود تنعقد عنده بكل ما عده الناس عقداً[27].

 

40– صيغة الأمر:

الأمر هو فعل الطلب، وقد اختلف الفقهاء في انعقاد العقد به، فذهب الحنفية[28] إلى عدم جواز التعاقد بصيغة الأمر إلا في عقد النكاح فهو ينعقد استحساناً عندهم - بلفظين يعبر عن أحدهما بالاستقبال (كالأمر) وبالآخر عن الماضي ويستندون في هذا إلى قصة الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وفيها: «فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها... فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن »[29] فالرجل استعمل صيغة الطلب (كالأمر) والرسول الله صلى الله عليه وسلم رد مستعملاً صيغة الماضي.

 

وذهب المالكية [30]، والشافعية[31] في القول الظاهر عندهم، والحنابلة في رواية[32]إلى جواز التعاقد بصيغة الأمر في جميع العقود بما في ذلك عقد النكاح سواء أتقدم الإيجاب على القبول أم العكس ويستند هذا الرأي إلى ما استند إليه الحنفية – من حديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وما ورد في الحديث من استعمال صيغة الأمر في زواج الصحابي منها[33].

 

هذا وقد حصل خلاف في النقل عن الإمام مالك في مسألة نفي التعاقد بصيغة الأمر بالحلف فقد ورد في المدونة أن المتعاقد (بصيغة الأمر) إن حلف قبل قوله والّإ لَزَام، وورد في غير المدونة (وهو اختيار خليل) من قول مالك وابن القاسم أن هذا لا يصح والأرجح هو ما في المدونة طبقاً لأصول المالكية[34] وذهب الحنابلة في رواية ثانية[35] والشافعية[36] في قول مرجوح إلى العقد في حالة تقدم الإيجاب (من البائع) على القبول (من المشترى).

 

وذهب الشافعية في قول ثالث[37] بعدم الصحة مطلقاً وهذا الرأي يتفق مع بعض الروايات في المذهب الحنبلي[38] أيضاً.

 

هذا وفي نظري أن الرأي الذي يقول بصحة التعاقد بصيغة الأمر (سواء في الإيجاب أو القبول) هو الصحيح لقوة أدلة هذا الرأي وأضيف إلى هذه الأدلة ما ورد في حديث بيع جمل جابر بن عبد الله للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجابر: (بعنيه بأوقية)[39] وروى عن جابر أيضاً في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر بعد أن نقده ثمن الجمل: «خذ جملك ولك ثمنه» فهذه هبة بصيغة الأمر.

 

41- صيغة الاستفهام:

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية[40] والشافعية[41] والحنابلة[42] إلى عدم صحة التعاقد بصيغة الاستفهام. واستثنى الحنفية[43]

 

والحنابلة[44] عقد النكاح فأجازوه إذا وجدت قرينة على إرادة النكاح وذهب المالكية – في الراجح عندهم – إلى أن صيغة الاستفهام صالحة للتعاقد بها – كمسألة السوم أو التسوق عندهم – ولا يقبل قول مدعي عدم العقد إلا أن يحلف.

 

وفي نظري أن الرأي الأصح هنا هو الرأي الذي يجيز التعاقد بصيغة الاستفهام إذا وجدت قرينة تدل على العزم على العقد، والعرف قرينة قوية، ومما يلاحظ هنا أن الحنفية أجازوا صيغة الاستفهام في النكاح استحساناً لورود النص بها وفي هذا يقول الكاساني: [وهذا لا ينعقد بلفظ الاستفهام لكون الاستفهام سؤال الإيجاب، والقبول لا يعتبر إيجاباً وقبولاً كذا هذا وهذا هو القياس في النكاح إلا أنا استحسناه في النكاح بنص خاص وهو ما روى أبو يوسف أن بلالاً خطب إلى قوم من الأنصار فأبوا أن يزوجوه فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أخطب إليكم لم أخطب فقالوا له: أملكت؟ ولم ينقل أن بلالاً رضي الله عنه قال: قبلت.

 

فتركنا القياس بالنص ولا نص في البيع فوجب العمل بالقياس ولأن هذه الصيغة مساومة حقيقة فلا تكون إيجاباً وقبولاً حقيقة بل هي طلب الإيجاب والقبول فلا بد للإيجاب والقبول من لفظ آخر يدل عليها، ولا يمكن حمل هذه الصيغة على المساومة في باب النكاح لأن المساومة لا توجد في النكاح عادة فحملت على الإيجاب والقبول على أن الضرورة توجب أن يكون قول القائل زوج ابنتك منى (صيغة بالأمر) شطر العقد فلو لم تجعل شطر العقد لتضرر به الولي لجواز أن يزوج ولا يقبل المخاطب فيلحقه الشين فجعلت شطراً لضرورة دفع الضرورة عن الأولياء وهذا المعنى في باب البيع منعدم فبقيت سؤالاً فلا يتم به الركن مالم يوجد الشطر الآخر][45].

 

فالحنفية هنا يجمعون بين صيغة الأمر وصيغة الاستفهام في جوازهما (إيجاباً) في عقد النكاح ويستدلون لصحة رأيهم بورود النص وبمنع الضرر عن ولي المرأة كما هو واضح من كلام الكاساني السابق. وفي رأيي أنه يؤخذ على كلام الحنفية في هذه المسألة أنه إذا كان قد ورد النص بصحة صيغة الاستفهام (والأمر) في عقد النكاح فإن صحة هذا في عقد البيع أولى لخطورة عقد النكاح ولأن عقد البيع يشتمل على خيار المجلس فلا خطر من انعقاد العقد بالاستفهام (إيجاب) إذا احتوى هذا الاستفهام على جميع شروط العقد كأن يقول له: هل تبيعني سيارتك هذه (وهي حاضرة) بمبلغ كذا، هذا ويلاحظ هنا أن الحنفية لا يعترفون بخيار المجلس في البيوع وفسروا حديث: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» على أنه إذا أوجب أحد المتعاقدين البيع فالآخر بالخيار إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رده ما دام لم يصدر من صاحب الإيجاب ما يدل على تغير إراداته في المجلس[46] أي أن صاحب الإيجاب يستطيع الرجوع عن إيجابه ما دام المجلس لم ينفض ولم يصدر قبول من الطرف الآخر ويبدو لي أنهم لهذا السبب (وهو عدم اعترافهم بخيار المجلس) لم يجيزوا الاستفهام في البيوع رغم أنهم أجازوها في النكاح وهو أخطر من البيوع فكان من المتعين عليهم أن يجيزوها (هي والأمر) في البيوع لولا أنهم لا يعترفون بخيار المجلس ولكن يلاحظ هنا أن عدم اعترافهم بخيار المجلس هو خطأ واضح في حد ذاته لأنه معارض لصريح النص الصحيح وقد تأولوا النص تأولاً بعيداً لا أساس له بذلك فإن رأيهم في خيار المجلس لا يصلح مستنداً لهم[47]، لعدم إجازتهم لصيغة الاستفهام في البيوع مع إجازتهم لها في النكاح على خطره.

 

42– صيغتا اسم الفاعل والمنادى:

يذهب جمهور الفقهاء إلى جواز استعمال صيغة اسم الفاعل وكذلك صيغة المنادى في بعض أنواع العقود على الأقل فقد جاء في حاشية ابن عابدين ما يأتي: [ولو قال باسم الفاعل كجئتك خاطباً ابنتك فقال الأب: زوجتك فالنكاح لازم وليس للخاطب ألا يقبل لعدم جريان المساومة فيه][48] وجاء أيضاً في الحاشية: [في التتارخانية قال لامرأة بمحضر من الرجال: يا عروسي قالت: لبيك فنكاحها تم قال القاضي بديع الدين: إنه خلاف ظاهر الرواية][49] وقوله لعدم جريان المساومة فيه (أي النكاح) يعني أن صيغة اسم الفاعل لا تصلح في البيوع لجريان المساومة فيه[50] ويخرج على قولهم هذا أنه لو جرى العرف على استعمال صيغة اسم الفاعل بدون مساومة في البيوع فإن هذه الصيغة يمكن أن تصح فيها وكلام المالكية يدل على جواز العقود بأي لفظ بصفة عامة وهم أوسع من غيرهم في هذا الأمر، جاء في التاج والإكليل ما يأتي: [وكل لفظ أو إشارة فهم منه الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود][51] وجاء بحاشية الدسوقي ما يأتي: [باب ينعقد البيع بما يدل على الرضا... (قوله بما يدل) أي عرفاً سواء دل على الرضا لغة أو لا فالأول كبعت واشتريت والثاني كالكتابة والإشارة والمعاطاة][52] فهم يعممون في الأقوال (أي الألفاظ) كل ما دل على الرضا لغة فهو كاف وحده بدون عرف فإذا وجد عرف يدل على الرضا فهو مصحح للتعاقد كما هو ظاهر من كلامهم. واسم الفاعل هو من الأسماء التي تعمل عمل الفعل فهي تؤدي المقصود نفسه من الفعل[53]ولذلك نجد أن الشافعية وهم من المضيقين في هذا الأمر يجيزونه فقد جاء في حاشية عميرة عن الألفاظ التي يصح التعاقد بها: [المشتقات كبائع ومبيع قياساً على طالق ومطلق لأن اللفظ إنما اعتبر ليدل على الرضا ولم يتعبد به][54].

 

وأما ابن تيمية فهو المجلِّي في هذا المضمار ويقول: [كل ما عده الناس بيعاً أو هبة من قول أو فعل انعقد به البيع والهبة][55].

 

43– الصريح والكناية:

اللفظ الصريح هو كل لفظ مكشوف المعنى والمراد، حقيقة كان أو مجازاً[56]، والكناية بخلاف ذلك وهو ما يكون المراد منه مستوراً إلى أن يتبين بالدليل فالصريح هو ما كان مفهوم المعنى بنفسه والكناية هو ما يكون متردداً لمعنى في نفسه[57] ومثال الكناية في البيع أن يقول البائع: «هو لك » أو «بارك الله لك فيه» ومثال الكناية في النكاح أن يقول لزوجته: (ارجعي إلى أهلك).

 

وحكم الصريح أنه يتم به العقد دون الاعتداد بالنية ولا يمكن للمتعاقد أن يحلف على غيره، وحكم الكناية أن اللفظ لا يصح إلا بالنية والنية أمر خفي ولكن يستدل عليه بالقرائن من دلائل الحال وغيرها وهذا ما دلت عليه السنة الصحيحة كما ورد في حديث جابر بن عبد الله عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم «بعني جملك هذا » قال: قلت: لا بل هو لك، قال: «لا بل بعينه» قال: قلت: لا بل هو لك يا رسول الله قال: «لا بل بعينه» قال: قلت فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها قال: «قد أخذته »[58] ففي قول جابر في الأولى والثانية (لا بل هو لك) كناية عن الهبة ويستدل على ذلك بأنه نفى البيع وأصر على نقل ملكية الجمل للنبي صلى الله عليه وسلم وأما قوله في الثالثة (فهو لك بها) فهو كناية عن البيع لأنه قبل بالعوض، فاللفظ الواحد إذا كان كناية يتغير معناه بتغير ظروف الحال.

 

ويذهب جمهور الفقهاء[59] إلى أن الحكم لا يثبت بألفاظ الكناية إلا بالنية أو ما يقوم مقامها من دلائل الحال، ولكن من الفقهاء من يمنع الكناية في النكاح قطعاً نحو: أحللتك ابنتي وإن نوى بها النكاح وتوافرت القرائن على ذلك وعللوه: بأنه لا اطلاع للشهود على النية ومن هؤلاء الشافعية[60].

 

44– تفسير ألفاظ العقد: اختلاف الفقهاء بين الاعتبار بالمعاني وبين الاعتبار بالمباني:

اختلف الفقهاء حول تفسير ألفاظ العقد فمنهم من جعل العبرة بالمعاني لا بالمباني أي الألفاظ ومنهم من غلب ظاهر اللفظ على المعنى المقصود من سياقه، فإذا قال اشتريت منك ثوباً صفته كذا بهذه الدراهم فقال بعتك فهو ينعقد بيعاً اعتباراً باللفظ ورجح السبكي من الشافعية أنه ينعقد سلماً اعتباراً بالمعنى وإذا وهب بشرط الثواب فهل يكون بيعاً اعتباراً بالمعنى أو هبة اعتباراً باللفظ، والأصح الأول عند الشافعية[61].

 

وصرح فقهاء الحنفية في بعض المواضع بأن الاعتبار للمعنى لا للألفاظ[62] فالكفالة بشرط براءة الأصل تعتبر عند الحنفية حوالة تغليباً للمعنى على المبنى، وإن كانت بشرط عدم البراءة فهي كفالة، ولو وهب لمن عليه الدين له كان إبراء فلا يتوقف على القبول ومن فروع هذه القاعدة عندهم أن الإجارة تنعقد بلفظ الهبة والتمليك وبلفظ الصلح عن المنافع وبلفظ العارية، ولو شرط رب المال للمضارب كل ربح كان المال قرضاً ولو شرط الربح لرب المال كان بضاعة وقد صرح بهذا الحنابلة[63] والحنفية[64] وهو تطبيق لقاعدة الاعتبار للمعاني لا للألفاظ والمباني ولكنهم استثنوا من هذه القاعدة مسائل منها: لا تنعقد الهبة بالبيع بلا ثمن ولا العارية بالإجارة بلا أجرة ولا البيع بلفظ النكاح والتزويج.

 

وأما هبة الثواب إذا كان الثواب معلوماً فقد أجرى عليها الحنفية حكم البيع في ضمان الدرك وثبوت الخيار والشفعة وهذا هو رأى الحنابلة أيضاً في رواية عن أحمد وفي رواية أخرى أنها لا تأخذ حكم البيع ولا تثبت فيها أحكام البيع[65] ويذهب المالكية إلى أن هبة الثواب المعين تكون لازمة كالبيع[66] أي أنهم طبقوا عليها أحكام البيع وهذا تغليب للمعاني على الألفاظ والذي نستخلصه من مسلك الفقهاء بصفة عامة أنهم يغلبون المعاني على الألفاظ في بعض العقود على خلاف بينهم في بعض التفصيلات.

 

45– الفرق بين اعتبار ألفاظ الكناية وبين قاعدة الاعتبار للمعاني لا للألفاظ:

قاعدة الاعتبار للمعاني لا للألفاظ أعم وأشمل – في نظري – من قاعدة اعتبار ألفاظ الكناية، فالكناية نوع من الاعتبار للمعاني، ولكن توجد حالات لا يكون اللفظ فيها كناية ومع ذلك فهو غامض بالنسبة إلى المعنى المقصود فيحاول المفسر (القاضي وغيره) أن يتعرف على المعنى المقصود من مجموع ألفاظ العبارة فيصل إلى نتيجة قطعية لا تحتمل التأويل ولا نكون أمام حالة من حالات الكناية لأن ألفاظ الكناية بالنسبة إلى كل عقد تعتبر محدودة، ومن ثم فإنه لا يحتاج في هذه الحالة إلا يمين المتعاقد كما أنه إذا أنكر المعنى المستفاد فلا يجديه هذا الإنكار بل يلزمه العقد المستفاد من المعنى المغاير للفظ عن طريق تحول العقد أي أنه إذا كان العقد باطلاً بسبب المعنى المستفاد من عبارته وكان هذا المعنى يتوافر فيه شروط عقد آخر فهذا يدل على أن نية المتعاقدين قد التزمت بهذا العقد الآخر وفي هذا يقول السيوطي: [إذا قال ضمنت مالك على فلان بشرط أنه بريء ففي قول أنه ضمان فاسد نظراً إلى اللفظ وفي قول حوالة بلفظ الضمان نظراً إلى المعنى][67] فتحول العقد من ضمان فاسد إلى حوالة صحيحة. ومن هذا أيضاً ما ذكره الشافعي في الأم[68] أن الابنة الثيب أو البكر البالغ إذا رضيت قبل النكاح أن ينكحها بألفين على أن يعطي أباها أو أخاها من المهر ألفاً كان النكاح جائزاً ويعتبر هذا توكيلاً منها لأبيها بالألفين التي أمرت بدفعها إليه وكانت الألفان لها، ولها الخيار في أن تعطي إباها أو أخاها أو لا تعطيهما وكذلك الحال عند الشافعي لو أن رجلاً باع عبداً بألف واشترط على المشتري أن يعطي خمسمائة منها لآخر فإن هذا يعتبر عند الشافعي وكالة أو إحالة فهذه الصور هي في الحقيقة اشترط نفع لأجنبي عن العقد «أو الاشتراط لمصلحة الغير في الاصطلاح القانوني» وهو باطل عند الشافعي بناء على قاعدته في الأصل في العقود والشروط ولكن الشافعي صحح التصرف على أساس اعتباره وكالة أو إحالة وهذا التصحيح تم عن طريق تغيير التكييف الفقهي للعقد بتحويله من الصورة الباطلة إلى الصورة الصحيحة عند الفقيه فقد حول الاشتراط لمنفعة الأجنبي إلى وكالة وبالتالي أصبحت المرأة هنا هي صاحبة الحق فيما اشترطته من المهر لأبيها أو أخيها – وهما من الغير بالنسبة إلى عقد الزواج – وذلك كله رغم أن نيتها قد تكون منصرفة إلى إيصال بعض المهر لأبيها وأخيها كهبة ومن ثم تكون نيتها بعيدة تماماً عن توكيل أبيها أو أخيها في قبض جزء من المهر، وهذا يتفق مع أصول الإمام الشافعي في عدم اعتبار نية المتعاقدين إلا من المعاني التي يحتملها اللفظ ولا يجوز عنده تغليب النية على العبارة بأدلة منفصلة عن هذه العبارة فالعبرة عند الإمام الشافعي بالمعاني المستفادة من العبارة في جميع العقود ويترتب على عبارة المتعاقدين الحكم الشرعي بمجرد صدور العبارة وتوافر أركانها وشروطها من غير نظر إلى النية المستفادة من الأدلة منفصلة عن العبارة فلا عبرة عنده بالدليل القائم على عدم الرغبة في الحكم طالما أن هذا الدليل منفصل عن العبارة بمعناها ومدلولها بيعاً أو زواجاً أو طلاقاً أو غير ذلك من العقود ويستثنى الشافعي من ذلك حالة المخطئ لأنه قصد العبارة خطأ ولورود النص بذلك[69].

 

وما ذكرناه ينطبق على المثال الآخر الذي ذكره الشافعي وهو البيع مع اشتراط بعض الثمن لآخر فإنه من الصعب هنا اعتبار الغير وكيلاً عن البائع في قبض جزء من الثمن لأنه إذا كان قد أراد توكيل الغير في القبض فلماذا لم يوكله في قبض الثمن جمعيه ولذا قال الشافعي أن هذا وكالة أو إحالة لأن العبارة احتملت معنى باطلاً وهو اشتراط نفع لأجنبي عن العقد فتحول الشافعي إلى معنى آخر صحيح تحتمله العبارة مع عدم الاعتداد بالنية الثابتة بأدلة منفصلة عن العبارة ومما يلاحظ هنا أن هذا التصرف الفقهي الذي لجأ إليه الإمام الشافعي في رفض الاشتراط لمنفعة أجنبي عن العقد مع تحويل التصرف إلى وكالة أو حوالة لتصحيحه هو بعينه نظرية تحول العقد التي أخذ بها القانون المدني المصري الحالي في (م 144) منه والتي نصت على أنه: [إذا كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال وتوافرت فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت أركانه إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام العقد] هذا وقد ذكر واضعو القانون المدني المصري أن أحكام نظرية تحول العقد قد أخذت من القانون الألماني[70] (140م) والحق أن المصدر الأصلي لهذه الفكرة هو الفقه الإسلامي[71] الذي استفادت منه القوانين الأوروبية الحديثة عن طريق الفقه المالكي والفقه الشافعي في بلاد الأندلس بالإضافة إلى فقه ابن حزم الظاهري.

 

والذي يهمنا هنا أن نقرر أن قاعدة الاعتبار للمعاني لا للمباني أعم من قاعدة اعتبار ألفاظ الكناية لأن اللفظ قد لا يعتبر كناية كما في المثالين السابقين عند الإمام الشافعي وقد اعتبر الإمام هنا معنى بعيداً صحيحاً وألغى المعنى القريب المستفاد من ظاهر النص لأن هذا المعنى القريب يجعل العقد باطلاً وتصحيح عبارات العاقدين أولى من إبطالها إذا وجد سبيل مقبول إلى ذلك.

 

46– الفرق بين قاعدة الاعتبار للمعاني لا للألفاظ وبين قاعدة تغليب النية على العبارة أو تغليب الإرادة الباطنة على الإرادة الظاهرة:

يوجد فرق كبير – في رأيي – بين القاعدتين على الرغم مما يبدو لأول وهلة أنهما أمر واحد ذلك أن قاعدة الاعتبار للمعاني يقصد بها حالة التعارض بين ظاهر اللفظ (سواء أكان كناية أم غير كناية) وبين المعنى المستفاد من اللفظ فالكشف عن النية هنا يكون من اللفظ ذاته مرتبطاً بغيرة من الألفاظ الواردة بالعقد المراد تفسيره فإذا كان اللفظ فيه غموض وأمكن فهم المعنى من سياق اللفظ أي من مجموع الألفاظ التي تكونت منها العبارة فإن هذا المعنى هو المعتبر دائماً باتفاق الفقهاء طالما أن هذا المعنى لا يناقض مقتضي اللفظ المستعمل في العبارة وأما إن كان يناقضه مناقضة تامة فإن اللفظ لا يصح عند الفقهاء وذلك مثل التعبير عن البيع بلفظ النكاح أو الزواج، وأما إن كانت المغايرة بين ظاهر اللفظ وبين المعنى المستفاد من سياق اللفظ لا تصل إلى درجة التناقض التام فإن الفقهاء يميلون إلى تغليب المعنى عن طريق فكرة تحول العقد كما رأينا الأمثلة السابقة.

 

وأما قاعدة تغليب النية على العبارة فهي أوسع من ذلك بكثير لأن مقتضاها البحث عن النية الحقيقية بقرائن منفصلة عن العبارة وهذا على عكس القاعدة الأولى التي تقف عن حد البحث عن النية عن طريق العبارة ذاتها ككل باستلهام المعنى المستفاد من العبارة والذي قد يغاير ظاهر اللفظ ومن أجل ذلك نجد أن الإمام الشافعي أخذ بقاعدة الاعتبار للمعاني وهو يرفض رفضاً قاطعاً في الوقت نفسه – قاعدة تغليب النية على العبارة إلا فيما ورد به النص فقط (كالخطأ والنسيان والإكراه) ولا تناقض في هذا ما دامت القاعدتان متغايرتين ولذلك نجد أن الشافعي يصحح جميع العقود التي يقصد بها التوصل إلى محظور ما دامت العبارة جاءت خالية مما يشير إلى هذا القصد المحظور والحنفية قريبون من الشافعية في عدم الأخذ بقاعدة تغليب النية على العبارة ولذلك فإن عقد المحلل عند الحنفية والشافعية صحيح قضاء ما دام لم يرد في ألفاظه ما يدل على نية التحليل وكذلك في عقد العينة فهم يغلبون العبارة على النية[72] أي الإرادة الظاهرة على الإرادة الباطنة في الاصطلاح الحديث وأما المالكية والحنابلة فهم يأخذون بقاعدة تغليب النية على العبارة ولذلك فإنهم يبطلون العقود التي يقصد بها التوصل إلى محظور رغم عدم ذكر هذا المحظور ضمن عبارة العقد ما دامت توجد دلائل منفصلة عن العبارة تثبت هذا المحظور[73]وفي هذا يقول ابن قدامه: [وبيع العصير ممن يتخذوه خمراً باطل.. إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك إما بقوله وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.. ولنا أنه عقد على عين لمعصية الله بها فلم يصح كإجارة الأمة للزنا والغناء، وأما التدليس فهو الحرم دون العقد، ولأن التحريم ههنا لحق الله تعالى فأفسد العقد كبيع درهم بدرهمين ويفارق التدليس فإنه لحق آدمي، وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام كبيع السلاح لأهل الحرب أو لقطاع الطريق أو في الفتنة وبيع الأمة للغناء أو إجارتها كذلك أو إجارة داره لبيع الخمر فيها أو لتتخذ كنيسة أو بيت نار وأشباه ذلك فهو حرام والعقد باطل لما قدمنا][74].

 

ومن هنا يتضح لنا أن الشافعية والحنفية – على رغم من تصريحهم بأن العبرة للمعاني لا للألفاظ والمباني في العقود - فهم في الوقت نفسه يغلبون العبارة على النية المستترة التي لم يرد بشأنها دليل من العبارة ذاتها، وأما المالكية والحنابلة فإنهم يغلبون النية على العبارة حتى ولو لم يرد بالعبارة ما يدل على النية وذلك إذا ثبتت هذه النية بقرائن منفصلة عن العبارة كما في الأمثلة التي ساقها ابن قدامة ويترتب على ذلك أن قاعدة الاعتبار للمعاني لا للمباني عند الحنفية والشافعية تقتصر على استخراج المعنى من سياق اللفظ فقط ولا يجوز اعتبار المعاني التي لا يتحملها اللفظ وإنما تدل عليها قرائن منفصلة عن اللفظ فهذه قاعدة أخرى وهي قاعدة تغليب النية التي تثبت بكافة الطرق الشرعية على العبارة وهو ما يعرف في الاصطلاح الحديث بمبدأ تغليب الإرادة الباطنية على الإرادة الظاهرة إذا وجدت أدلة على ذلك سواء أكانت هذه الأدلة منفصلة عن العبارة أم مستقاة من سياق اللفظ[75].

 

47– التعاقد بالإشارة:

الإشارة لغة هي الإيماء إلى الشيء بطريقة يفهم منها يفهم ما من النطق وهذا الإيماء يكون بالجوارح – غير اللسان – كالعين واليد وغيرهما. وإشارة الأخرس المفهومة معتبرة شرعاً في جميع العقود عند مالك[76] والشافعي[77] والحنابلة[78] سواء أكان قادراً على الكتابة أم عاجزاً عنها وسواء أكان الخرس أصلياً أو طارئاً. والشافعية يقسمون الإشارة إلى صريحة وكناية فالإشارة الصريحة هي التي يفهم المقصود منها كل واقف عليها، والإشارة الكناية هي التي لا يفهم المقصود منها إلا المتميز بالذكاء[79] ويوجد قول لبعض الشافعية يشترط لقبول إشارة الأخرس أن يكون عاجزاً عن الكتابة[80].

 

وأما الحنفية[81] فلا يعتبرون إشارة الأخرس إذا كان يقدر على الكتابة لأن الكناية تعتبر بالقلم فهي كالألفاظ المنطوقة في قوة الدلالة، والإشارة أضعف منها ولا يصح العدول عن الدلالة القوية إلى الضعيفة ما أمكنت هذه فإذا كان الأخرس لا يعرف الكتابة فيشترط الحنفية لقبول إشارته أن يكون الخرس أصلياً أي ولد أخرساً فإن كان طارئاً فلا بد أن يدوم منه الخرس حتى يقع اليأس من كلامه ولا بد أن تكون إشارته مفهومة في كل حال حتى تقبل[82].

 

وفي نظري أن رأي الجمهور هو الأصح من رأي الحنفية فلا معنى لهذه التفريعات التي قالوا بها ما دامت الإشارة لن تقبل في أي حال إلا إذا كانت مفهومة وأما قولهم (أي الحنفية) بأنه إذا كان الخرس طارئاً فلا بد أن يدوم لكي تعتبر إشارته فهذا لا أساس له من الشرع وفيه تعطيل لمصالح الأخرس ومصالح الآخرين الذين يتعاملون معه ما دام يستطيع أن يعبر بالإشارة عن نفسه ومن أهم أصول الشريعة الغراء هو رفع الحرج عن الناس ما أمكن ذلك.

 

48– التعاقد بالرسالة:

التعاقد بالرسالة قد يكون بإرسال خطاب مكتوب فيه عبارات العقد وقد يكون بإرسال رسول يبلغ العقد ولا خلاف بين العلماء في صحة العقد بالرسالة: وجاء في الهداية [والكتاب كالخطاب وكذا الإرسال ][83] وقد اتفق الفقهاء – من المذاهب الأربعة – على جواز التعاقد بالكتابة في جميع العقود – إلا في النكاح سواء بين حاضرين أو بين غائبين عن طريق الرسالة المكتوبة[84] لأن الكناية – بعد الألفاظ – تعتبر قاطعة في الدلالة على الإرادة ولم يجيزوا التعاقد بالكتابة في عقد النكاح بين حاضرين إلا لأخرس للضرورة لأن عقد النكاح يشترط فيه الإشهاد والإشهار.

 

هذا ويوجد للشافعية[85] وجه بعدم الانعقاد بالكتابة مطلقاً، ولكن هذا الوجه خالفه كثير من الشافعية وقالوا بالتعاقد بالكتابة مع النية أي اعتبروا الكتابة من باب الكناية[86] هذا وقد صرح الحنفية في الزواج بالكتابة بالآتي: [فلو كتب تزوجتك فكتبت قبلت لم ينعقد وكذا لو قالت قبلت بخلاف ما إذا كان في جهة أخرى فكتب لها بالإيجاب فحضرت شاهدين وقرأته عليهما وقالت إن فلاناً كتب يخطبني فاشهدوا أني زوجت نفسي منه فإن العقد يصح ][87] فعند الحنفية يجوز أن يتم عقد النكاح بين غائبين بكتابة الإيجاب وحده ويشترط أن يتم القبول باللفظ. وهذا ويشترط الفقهاء لصحة التعاقد بالكتابة – بصفة عامة – أن تكون مستبينة أي تبقي صورتها بعد الانتهاء منها «فلا تصح الكتابة على الماء مثلا». ويشترطون أيضاً أن تكون الكتابة مرسومة أي مكتوبة بالطريقة المعتادة بحسب العرف الجاري، وقد كان العرف في الماضي يجري على أن تصدر الكتابة ببيان اسم المرسل منه واسم المرسل إليه وأن تكون موقعة أو مختومة من المرسل منه. والكتابة – في واقع الأمر – لا تقل قوة عن اللفظ إذا ثبتت نسبتها إلى صاحبها بل هي أقوى من اللفظ من ناحية البقاء بعد الصدور مدة طويلة، ولذلك ندب الله تعالى المؤمنين إلى توثيق ديونهم بالكتابة مما يدل على قوتها ووصفها الحق تبارك تعالى بأنها أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى إلى عدم الريبة[88].

 

49– تحديد مكان وزمان العقد بالرسالة:

يثير العقد بالرسالة مسألة هامة وهي مكان وزمان انعقاد العقد، لأن المتعاقدين يبرمان العقد في مكانين مختلفين كما يختلف بالضرورة زمن الإيجاب عن زمن القبول والظاهر من كلام جمهور الفقهاء هو أن العبرة بإعلان القبول من القابل حينما يتصل الإيجاب بعلمه عن طريق قراءة الرسالة أو سماع كلام الرسول، جاء في حاشية ابن عابدين: [صورة الكتابة أن يكتب أما بعد فقد بعت عبدي فلاناً منك بكذا فلما بلغه الكتاب قال في مجلسه ذلك اشتريت تم البيع بينهما][89] وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: [ قوله بما يدل على الرضا) أي السبب وجود ما يدل على الرضا من العاقدين... (قوله بما يدل) أي عرفاً سواء دل على الرضا أو لا، فالأول كبعت واشتريت وغيره من الأقوال والثاني كالكتابة والإشارة والمعاطاة][90] ويلاحظ أن المالكية هنا لم يذكروا صراحة ما ذكره الحنفية ولكنه مفهوم من سياق الكلام وهو دلالة الرضا من القابل. وجاء في مغني المحتاج للشربيني: [أما الرسالة فهي أن يرسل رسولاً إلى رجل فذهب الرسول وبلغ الرسالة فقال المشتري في مجلسة ذلك قبلت انعقد العقد][91]وجاء في كشاف القناع: [وإن كان المشتري غائباً عن المجلس فكاتبه البائع أو راسله أني بعتك داري بكذا أو أني بعت فلاناً داري بكذا فلما بلغه (أي المشتري) الخبر قبل البيع صح العقد][92].

 

ولكن يجب أن يلاحظ هنا أمراً هاماً وهو أنه في حالة التعاقد بين حاضرين يسمع الموجب قبول القابل، وأما في حالة التعاقد بين غائبين يقاس على التعاقد بين حاضرين فكان الأولى أن يقال أن العبرة بوصول القبول إلى الموجب وهذا يتفق مع ما ورد في بعض كتب الحنفية بخصوص عقد النكاح ففي حاشية يعقوب على شرح الوقاية: [وشرط سماع كل من المتعاقدين عبارة الآخر حقيقة أو حكماً... لأن الكتاب كالخطاب][93] وفي الدر المختار: [وشرط سماع كل المتعاقدين لفظ الآخر: (قوله كل) أي ولو حكماً كالكتاب إلى غائبة لأن قراءته قائمة مقام الخطاب كما مر][94]وفي مجمع الأنهر: [وشرط لصحة النكاح سماع كل من المتعاقدين لفظ الآخر حقيقة أو حكماً][95].

 

وما ذكره فقهاء الحنفية في عقد النكاح من وجوب سماع كل من العاقدين عبارة الآخر يتعين تطبيقه على جميع العقود لأنهم عللوه بأن الكتاب كالخطاب، وهذا حاصل في جميع العقود بين حاضرين فالموجب يسمع قبول القابل، ومقتضى هذا أنه في التعاقد بين الغائبين – عن طريق الرسالة – الأصح أن يقال أن العقد ينعقد عندما يسمع الموجب أو يقرأ قبول القابل فيتم العقد في مكان وزمان علم الموجب بقبول القابل وهذا مخالف لرأي بعض الفقهاء من المذاهب الأربعة في التعاقد بالرسالة بصفة عامة – باستثناء ما ورد في كتب الحنفية بالنسبة لعقد النكاح – ولكن يبدو لي أن الأصح هنا هو أن تكون العبرة بسماع الموجب لقبول القابل وهو ما يخالف ما ذهب إليه عدد من الفقهاء من المذاهب الأربعة، والحجة عليهم قوية لأنهم قاسوا التعاقد بالكتابة على التعاقد بين الحاضرين فكان من المتعين أن يراعوا أنه في حالة التعاقد بين الحاضرين يسمع القابل كلام الموجب ويسمع الموجب أيضاً كلام القابل ولا يتم العقد إلا بسماع الموجب للقبول لأنه لو خرج قبل ذلك انفض المجلس ولم يعتبر القبول الذي يصدر بعد انفضاض المجلس، ولذلك فإنه يتعين – في التعاقد بالمراسلة – أن يعلم الموجب بقبول القابل حتى يتم التعاقد وهذا هو ما ذكره الحنفية بعينه بشأن عقد النكاح بين غائبين إذ قالوا [وشرط لصحة النكاح سماع كل من العاقدين لفظ الآخر حقيقة أو حكما][96] وقد عللوا هذا صراحة بأن القراءة قائمة مقام الخطاب[97]... فهذا الكلام من الحنفية يدل على أن القائلين به يذهبون إلى أن العقد لا يتم في حالة التعاقد بالمراسلة إلا بوصول القبول إلى الموجب وقد أخذ بهذا الرأي الأخير بعض علماء الشريعة المعاصرين[98]. هذا ويترتب على الأخذ بهذا الرأي نتيجة هامة وهي أنه في التعاقد بالمراسلة يكون للقابل الحق في الرجوع عن قبوله قبل علم الموجب بالقبول ما دام العقد لا يتم إلا بوصول القبول إلى الموجب وعلمه به فالعقد يتم في مكان وزمان علم الموجب بالقبول.

 

50– التعاقد بالهاتف:

التعاقد بطريق الهاتف يشبه التعاقد بين الحاضرين من حيث سماع كل من المتعاقدين عبارة الآخر فور صدورها ويختلف عنه في أنهما متباعدين كما في التعاقد بالمراسلة فالعقد يتم في زمان واحد وفي مكانين مختلفين وقد تصور الفقهاء هذا النوع من العقود فقد جاء في المجموع للنووي ما يأتي: [لو تناديا وهما متباعدان صح البيع بلا خلاف.. وسواء في صورة المسألة كانا متباعدين في صحراء أو ساحة أو كانا في بيتين من دار][99]وهذا التنادي من بعيد يماثل التنادي بواسطة الهاتف فالزمان واحد والمكانان مختلفان، وعلى الرأي الذي رجحناه في التعاقد بالمراسلة فإن العقد يتم في مكان الموجب لأنه المكان الذي وصل فيه قبول القابل. هذا وإذا تعذر إثبات العقد بالهاتف عن طريق شهادة الشهود فالقول قول منكر العقد مع يمينه لأن الأصل براءة الذمة كما هو معلوم.

 

51– التعاقد بالتعاطي:

التعاطي لغة[100] من العطو بمعنى التناول أي تناول الشخص الشيء بيده، والتعاطي من الأفعال والأصل في العقود أنها تنعقد بالأقوال لأن الأفعال ليس لها دلالة – بأصل وضعها – على الالتزام بالعقد، وقد اختلف الفقهاء في العقد بالتعاطي إذا كانت الأفعال تنطوي على دلالة تشبه الدلالة اللفظية: فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية[101] والمالكية[102] وفي قول مرجوح للشافعية [103] والحنابلة[104] إلى جواز التعاقد بالتعاطي إذا وجدت قرائن تدل على أنها تفيد الرضا وهذا في عقود المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والاستصناع.. الخ. ومثاله من يدفع ثوباً إلى خياط ليخيطه وأجرة الخياط معلن عنها من قبل، ومن هذا أيضاً ما يوجد في الأسواق الحديثة من بضائع مكتوبة عليها الثمن فيأخذها المشتري ويدفع ثمنها بدون تلفظ بإيجاب أو قبول ويحصل مثل هذا في سيارات نقل الأشخاص المعلن فيها عن الأجرة والمذهب عند الشافعية هو عدم جواز العقد بالتعاطي حتى في المحقرات إذ تشترط الصيغة في العقد[105] وللشافعية[106] قول ثالث وهو صحة التعاقد في المحقرات فقط وهو قول للقدوري والكرخي من الحنفية[107]، وقول للقاضي أبي يعلي من الحنابلة[108].

 

والأصح هو رأي الجمهور بصحة التعاطي في عقود المعاوضات المالية لأن هذا هو المتعارف عليه بين الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لآن ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة النهي عن التعاطي في عقود البيع وما يقاس عليها من سائر المعاوضات المالية، رغم أنها شائعة بين الناس.

 

هذا وللعقد بالتعاطي صورتان عند المالكية والحنابلة وصورة واحدة عند الحنفية، وهذه الصورة – وهي التي يتفقون فيها مع المالكية والحنابلة – وهي أن يتم التعاطي من غير تكلم ولا إشارة من أحد العاقدين، وأما الصورة الثانية عند المالكية والحنابلة فقد ذكر الحنفية أنها ليست من قبيل التعاطي وقد فسرتها حاشية ابن عابدين بالآتي: [القبول قد يكون بالفعل وليس من صور التعاطي، وكذا إذا قال بعتكه بألف فقبضه ولم يقل شيئاً كان قبضه قبولاً بخلاف بيع التعاطي فإنه ليس فيه إيجاب بل قبض بعد معرفة الثمن فقط ففي جعل الأخيرة من صور التعاطي كما فعل بعضهم نظر][109] وهذه الصورة الثانية تعتبر من قبيل بيع المعاطاة عند الحنابلة وقد صرحوا بها وهي مقبولة عند مالك[110]، جاء في المغني: [المعاطاة مثل أن يقول أعطني بهذا الدينار خبزاً فيعطيه ما يرضيه أو يقول خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه فهذا بيع صحيح نص عليه أحمد فيمن قال لخباز: كيف تبيع هذا الخبز؟ قال كذا بدرهم قال: زنه وتصدق به فإذا وزنه فهو عليه وقول مالك نحو من هذا قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعاً][111]ويقول ابن قدامة أيضاً: [..ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلاً شائعاً ولو كان ذلك شرطاً لوجب نقله ولم يتصور منهم إهماله والغفلة عن نقله لأن البيع مما تعم به البلوى فلو اشترط له الإيجاب والقبول (أي في حالة التعاطي) لبينه صلى الله عليه وسلم ولم يخف حكمه لأنه يفضي إلى وقوع العقود الفاسدة كثيراً وأكلهم المال بالباطل ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فيما علمناه ولأن الناس يتابعون في أسواقهم بالمعاطاة في كل عصر ولم ينقل إنكاره قبل مخالفينا فكان ذلك إجماعاً][112] ويقول ابن قدامة أيضاً: [... ولأن الإيجاب والقبول إنما يرادان للدلالة على التراضي، فإذا وجد ما يدل عليه من المساومة والتعاطي قام مقامهما وأجزأ عنهما لعدم التعبد فيه][113] وهذا الكلام لابن قدامة هو في رأيي من أحسن ما قيل للدلالة على صحة بيع التعاطي.

 

وأما الشافعية كما قدمنا فهم الذين منعوا بيع المعاطاة بل منهم من قال: [وعقد المعاطاة من الكبائر][114] وبلغ من مبالغة بعض الشافعية في ذلك ما يأتي: [وقع السؤال في الدرس عما لو وقع بيع بمعاطاة بين مالكي وشافعي هل يحرم على المالكي ذلك لإعانته الشافعي على معصية في اعتقاده أو لا؟ فيه نظر والجواب عنه أن الأقرب الحرمة كما لو لعب الشافعي مع الحنفي الشطرنج حيث قبل يحرم على الشافعي لإعانته الحنفي على معصية في اعتقاده][115] ويستدل هؤلاء الشافعية على بطلان التعاطي بأن التراضي هو ركن العقد الثابت بالكتاب: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، مع الخبر الصحيح (إنما البيع عن تراض) والرضا أمر خفي لا اطلاع لنا عليه فجعلت الصيغة دليلاً على الرضا فلا ينعقد بالمعاطأة وهي أن يتراضيا ولو مع السكوت منهما][116].

 

هذا وإنه لمن الواضح أن حجة الشافعية في إبطال التعاطي واهية للغاية لأن التعاطي دليل قاطع على التراضي وهو حاصل بالإجماع في عهد النبوة كما ذكر ابن قدامة ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة الاعتراض على التعاطي مع شيوعه وكثرة وقوعه بينهم.

 

ونلاحظ هنا أن سبب تشدد جمهور الشافعية في بيع التعاطي هو أن الإمام الشافعي – كما قدمنا – جعل العبارة هي الأساس وإذا تعارضت مع النية الثابتة بأدلة منفصلة عن العبارة فإنه لا يعتد بهذه النية ما دامت العبارة لا تحتملها، ومن أجل ذلك كان من الطبيعي أن يرفض جمهور الشافعية بيع التعاطي لأنه يتعارض مع أولهم في تغليب العبارة على النية التي ليس لها مستند من العبارة، ولكن الحق أنه لا حجة مع ورود الشرع بما يخالفها ويكفينا هنا ما أورده ابن قدامه وغيره من الحنابلة والمالكية من إجماع المسلمين في عهد النبوة على صحة بيع التعاطي ولذلك فإن الرأي الصحيح في نظري هو صحة بيع التعاطي بإطلاق ما دام التعاطي قد اشتمل على كافة شروط خلافة ما دام البيع بالتعاطي.

 

52– كتابة العقد بعد التلفظ بصيغته:

كتابة العقد بعد التلفظ به تعتبر طريقاً من طرق التوثيق في الشريعة الإسلامية لأن الشريعة لم تنص على الكتابة باعتبارها ركنا في أي ركناً في أي عقد من العقود وإنما نصت على الكتابة وحرضت عليها بهدف التوثيق قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، فالأمر بالكتابة هنا للندب وليس للوجوب ولكن الله تعالى حث المسلمين على الكتابة في وقت لم تكن فيه أدوات الكتابة متوافرة بل كانت صعبة للغاية قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا... ﴾ [البقرة: 282]، هذا وقد يشترط ولى الأمر الكتابة من باب السياسة الشرعية مراعاة لمصالح المسلمين بسبب أمور استجدت أو مفاسد ظهرت، فقد يشترطها في بعض العقود كشرط لسماع الدعوى حين التخاصم بخصوص العقد لحث الناس على الكتابة ومثال ذلك عقد الزواج فإنه لا يمكن سماع الدعوى به أمام القضاء – في غالبية الدول الإسلامية في العصر الحالي – إلا إذا وثق في سجل خاص لدى موظف رسمي مختص أي يشترط هنا الكتابة والرسمية. وهذا أمر مطلوب شرعاً بسبب ما ظهر من مفاسد بسبب ارتفاع الأمانة ولجوء بعض الأزواج إلى إنكار الزواج بعد أن يكون قد تزوج المرأة وعاشرها وأنجب منها أطفالاً ثم يموت الشهود أو يرتشون من الزوج.



[1] الركن في اللغة هو الجانب القوى الذي يمسكه وهو عند جمهور الفقهاء ما لابد منه لتصور العقد ووجوده سواء أكان جزءاً من ماهيته أم خارجاً عنها وعلى هذا فأركان العقد عند الجمهور (ما عدا الحنفية) هي العاقد ومحل العقد وصيغة العقد وأما عند الحنفية فركن العقد هو ما كان جزءاً من ماهية الشيء فقط فالركن عندهم هو صيغة العقد التي تتكون من الإيجاب والقبول أو الإيجاب وحده إذا كان العقد بالإرادة المنفردة

[2] فتح القدير للكمال بن الهمام 3 / 344 0

[3] المجموع للنووي 7 / 165، المغني لابن قدامة 3 / 561 0

[4] المغني لابن قدامة 4 / 219

[5] المحلى لابن حزم 8 / 350

[6] الإنصاف للمر داوي 4 / 264 0

[7] نهاية المحتاج 6 / 211 – مغني المحتاج 2 / 5، 3 / 131 – 140 .

[8] شرح منتهى الإرادات 3 / 11، كشاف القناع 3 / 146، 5 / 37 0

[9] البدائع للكساني 2 / 229 .

[10] حاشية الدسوقي: 2 / 221، 3 / 2 .

[11] القواعد النورانية الفقهية لابن تيمية ص 105 .

[12] إعلام الموقعين 1 / 218 0

[13] نقلاً عن بدائع الصنائع للكسانى 2 / 230 .

[14] انتهى النقل عن البدائع 2 / 230 0

[15] رواه مسلم في كتاب النكاح 0

[16] منقول بتصرف قليل عن الإحكام للآمدي 1 / 21 وما بعدها.

[17] نقلاً عن الآمدى المرجع السابق 1 / 21 وما بعدها.

[18] بدائع الصنائع 5 / 133 وما بعدها – حاشية الدسوقي 3 / 3 وما بعدها – مغني المحتاج 2 / 5 وما بعدها – المغني لا بن قدامة 3 / 561 وما بعدها 0

[19] وهذا هو الراجح عند النحاة. انظر معجم القواعد العربية في النحو والصرف لعبد الغني الدقر 433.

[20] الهداية للمرغيناني 6 / 249 والعناية شرح الهداية 6 / 249.

[21] كشاف القناع للبهوتي 3 / 147.

[22] كشاف القناع 3 / 147.

[23] بدائع الصنائع للكاساني 5 / 133.

[24] نهاية المحتاج للرملي 3 / 387.

[25] الشرح الكبير للدر دير 3 / 4، ومواهب الجليل للحطاب 4 / 232 .

[26] شرح فتح القدير للكمال 6 / 256.

[27] القواعد النورانية لابن تيمية 105.

[28] البدائع 5 / 133.

[29] رواه البخاري في كتاب النكاح ورواه مسلم في كتاب النكاح.

[30] حاشية الدسوقي 3 / 3 ومواهب الجليل 4 / 229

[31] نهاية المحتاج للرملي وقد جاء به: [لو قال بعني أو اشتر مني هذا بكذا فقال بعتك أو اشتريت انعقد البيع على الأظهر لدلالة ذلك على الرضا]. 3 / 378.

[32] كشاف القناع للبهوتي 3 / 147 الإنصاف للمرداوي 4 / 163.

[33] مغني المحتاج للشربيني 3 / 147، ونهاية المحتاج للرملي 6 / 213 0

[34] لأن المعمول به عند المالكية هو أن قول ابن قاسم في المدونة مقدم على قوله وقول غيره في غيرها [ يراجع حاشية الدسوقي 3 / 3، 4 ]

[35] كشاف القناع للبهوتي 3 / 147 0

[36] روضة الطالبين للنووي 3 / 337 0

[37] روضة الطالبين للنووي 3 / 337 0

[38] كشاف القناع للبهوتي 3 / 147، الإنصاف للمرداوي 4 /163.

[39] متفق عليه: البخاري مع شرح فتح الباري لابن حجر 5 / 314، ومسلم في كتاب الرضاع 2 / 1089 0

[40] بدائع الصناع للكساني 5 / 134.

[41] نهاية المحتاج 3 / 378 .

[42] كشاف القناع 2 / 147.

[43] شرح فتح القدير 3 / 193.

[44] كشاف القناع 5 / 38 .

[45] نقلاً عن البدائع للكاساني 5 /134.

[46] الهداية 3 / 17.

[47] وهم لم يستندوا إليه في الحقيقة وإنما هو سبيل الافتراض فقط.

[48] حاشية ابن عابدين 3 / 12.

[49] حاشية ابن عابدين 3 / 12 ويلاحظ هنا أن الخطاب توجه من الخاطب إلى المرأة مباشرة وصح لأن الحنفية يجيزون النكاح بغير ولي مخالفين الجمهور في هذه المسألة.

[50] صرح بذلك في الحاشية: حاشية ابن عابدين 3 / 12 0

[51] التاج والإكليل شرح مختصر خليل للمواق بهامش مواهب الجليل 4 / 228.

[52] حاشية الدسوقي على شرح الكبير للدر دير ص 381 0

[53] أنظر شذور الذهب لا بن هشام الأنصاري ص 381.

[54] حاشية عميرة 2 / 152 وما بعدها، والمهذب للشيرازي 2 / 82.

[55] الاختيارات الفقهية لابن تيمية ص 121.

[56] أصول السرخسي 1 / 187، 188، الأشياء للسيوطي ص 318.

[57] أصول السرخسي 1 / 187، 188،الأشباه للسيوطي ص 318.

[58] رواه البخاري في باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة.

[59] أصول السرخسي 1 / 188، وكشاف القناع 3 / 147، 5 / 251 مغني المحتاج 2 / 5 الأشباه والنظائر للسيوطي 11.

[60] نهاية المحتاج للرملي 6 / 212.

[61] يراجع في هذا الأشباه والنظائر للسيوطي.

[62] الأشباه والنظائر لابن نجيم.

[63] المغني لابن قدامة 5 / 35.

[64] الأشباه لابن نجيم 207 / 208.

[65] المغني لابن قدامة 5 / 685.

[66] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 116.

[67] الأشباه والنظائر للسيوطي ص 186.

[68] الأم 5 / 65.

[69] يراجع نهاية المحتاج للرملي 8 / 38 .

[70] مجموعة الأعمال التحضيرية – للقانون المدني المصري – 144م ص 263 وما بعدها 0

[71] وسنرى في حينه إن شاء الله أن نظرية تحول العقد معروفة في المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة وسنعود إليها عند الكلام عن بطلان العقود إن شاء الله تعالى 0

[72] المجموع للنووي 9 / 277، حاشية ابن عابدين 5 / 84 .

[73] شرح منح الجليل على مختصر خليل للشيخ عليش 2 / 477، المغني لابن قدامة 4 / 246.

[74] نقلاً عن المغني لابن قدامة 4 / 245، 246.

[75] وهذا المبدأ سنبحثه عند الكلام عن ركن الصيغة أو التراضي في القانون في موضعه إن شاء الله تعالى.

[76] الشرح الكبير للدر دير 3 / 3، ومواهب الجليل 4 / 229.

[77] روضة الطالبين 3 / 341، ونهاية المحتاج 3 / 385.

[78] المغني لابن قدامة 3 / 566، كشاف القناع 5 / 39 .

[79] مغني المحتاج للشربيني 2 /7 .

[80] الأشباه والنظائر للسيوطي ص 238.

[81] بدائع الصنائع 2 / 231، 5 / 235، حاشية ابن عابدين 2 / 425.

[82] المرجع السابق للحنفية.

[83] الهداية 6 / 253.

[84] البدائع 2 / 231، والشرح الصغير للدردير 2 / 175، وروضة الطالبين للنووي 3 / 339 – كشاف القناع 5 / 39.

[85] صحح هذا الوجه الشيرازي في المهدب 9 / 162.

[86] انظر المجموع للنووي 9 / 167، مغني المحتاج 2 / 5 نهاية المحتاج 6 / 212.

[87] حاشية ابن عابدين 2 / 272 ويلاحظ أن المرأة زوجت نفسها في المثال لأن الحنفية لا يشترطون الولي في النكاح.

[88] آية الكتابة في سورة البقرة 282.

[89] نقلاً عن الحاشية 4/ 512.

[90] نقلاً عن حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 3 / 3 وما بعدها.

[91] مغني المحتاج 2 / 5.

[92] نقلاً عن الكاشف 3 / 148.

[93] حاشية يعقوب على شرح الوقاية مخطوط ص 51 0

[94] حاشية ابن عابدين 3 / 21.

[95] مجمع الأنهر 1 / 320 .

[96] مجمع الأنهر 1 / 320 .

[97] يراجع ما سبق – بالبند نفسه – من كلام ابن عابدين في الحاشية 3 / 21.

[98] انظر المدخل للفقه الإسلامي للدكتور محمد سلام مدكور ص 529، وص 530 فهو يرى هذا الرأي صراحة ويعضده بنقول الحنفية التي ذكرناهم ومن هذا الرأي أيضاً الدكتور مصطفى الزرقا في كتابه الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد ص 314 0

[99] المجموع للنووي 9 / 181.

[100] لسان العرب (عطا).

[101] حاشية ابن عابدين 4 / 514.

[102] حاشية الدسوقي 3 /3.

[103] نهاية المحتاج 3 / 364 وقد ذكر أن الغزالي يرى صحة بيع التعاطي 3 / 375.

[104] المغني لابن قدامة 3 / 561 – فتاوى ابن تيمية 3 / 453.

[105] نهاية المحتاج 3 / 375، مغني المحتاج 2 / 453.

[106] مغني المحتاج 3 / 3، 4.

[107] البدائع 5 /134 شرح فتح القدير 6 / 252 0

[108] المغني لابن قدامة 3 / 561 0

[109] نقلاً عن حاشية ابن عابدين 4 / 507

[110] نقلاً عن المغني لابن قدامة 3 / 561 وقد ذكر المالكية ذلك صراحة: [وإن كان دال الرضا بمعاطاة وفاقاً لأحمد وخلافاً للشافعي] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 2.

[111] نقلاً عن المغني 3 / 561 0

[112] نقلاً عن المغني لابن قدامة 3 / 562.

[113] نقلاً عن المغني 3 / 562.

[114] نقلاً عن حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي 3 / 375.

[115] نقلاً عن حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 3 / 375.

[116] نقلاً عن نهاية المحتاج 3 / 375 .





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقيقة العقد في الفقه الإسلامي والقانون
  • صيغة العقد في الفقه الإسلامي (2)
  • صيغة العقد في الفقه الإسلامي (3)
  • العاقدان أو العاقد الفرد في الفقه الإسلامي (1)
  • في العقد
  • من أركان عقد الصرف: العاقدان

مختارات من الشبكة

  • صيغة أفعل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكم استخدام صيغة من صيغ العقود المركبة بوعد(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • صيغ المبالغة في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الكلمات النادرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدلالة الصرفية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاستعاذة وأحكامها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإفراد والجمع في الدعاء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الإنشاء غير الطلبي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صيغة افتعل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صيغة فاعل(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب