• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

القول المفيد في البيع بالتقسيط

القول المفيد في البيع بالتقسيط
الشيخ علي رمضان علي السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/11/2011 ميلادي - 12/12/1432 هجري

الزيارات: 79992

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القول المفيد في البيع بالتقسيط

 

الحمد لله ربِّ العالَمين، وأشهد أنْ لا إله إلاَّ الله الواحد الصَّمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا رسولُ الله، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللَّهم عن صحابته الكرام وآله، وارحم مَن عمل بِسُنته وسار على نهجه إلى يوم الدِّين.

 

أما بعد:

فهذا بحثٌ عن موضوعٍ في غاية الأهميَّة، وقد قمت بإعداده تلبيةً لرغبة أخٍ لي في الله، أسأل الله أن ينفع به.

 

وقبل أن أبيِّن أحكام هذا البيع، رأيتُ أنه من المناسب أن أبيِّن خطورة الدَّيْن على المدين في الدُّنيا والآخرة؛ فأقول وبالله التوفيق:

جاء عند الترمذيِّ في حديث حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((نَفْسُ المؤمن معلقة بِدَينه حتَّى يُقضَى عنه)).

 

وفي الحديث الذي رواه مسلمٌ عن أبي قتادة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قام فيهم، فذكَر أنَّ الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضَلُ الأعمال، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن قُتِلت في سبيل الله، أتُكَفَّر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نعم، إن قُتِلتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسِب، مُقبِل غير مدبر))، ثم قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كيف قُلت؟)) قال: أرأيتَ إن قتلتُ في سبيل الله أتكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نعم، وأنت صابر محتسب، مقبلٌ غير مدبر، إلا الدَّيْن؛ فإنَّ جبريل قال لي ذلك)).

 

فمن هذين الحديثين - وغيرهما كثير - يَعلم كلُّ عاقل أن الدَّين يكون سببًا في حجزه عن الجنَّة، حتى لو قُتِل في سبيل الله؛ لأنَّ نفسه معلَّقةٌ بدينه.

 

ولِلدَّين ضررٌ عظيم على صاحبه؛ فهو ذلٌّ بالنهار، وهَمٌّ بالليل، لا يهدأ صاحبه ولا يستقرُّ.

 

ورغم ذلك لا يبالي بعضُ الناس، ويشترون السِّلَع - التي ليست ضرورية بالنسبة لهم - بالتقسيط، ولا يتذكَّرون كيف حالهم وقد أثقلَتْهم الدُّيون وأرهقَتْهم، وهناك بعضٌ آخر لا يفكِّر في شراء السِّلَع بالتقسيط إلاَّ عند الضرورة التي لا بُد منها، وبالشروط التي سأبيِّنُها - إن شاء الله تعالى - في بحثي هذا.

 

المقدمة

الحمد لله ربِّ العالمين، الخالق الرزَّاق، العليم الحكيم، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، النبيُّ الأُمِّي الأمين، أرسله الله - عزَّ وجلَّ - بالهدى ودين الحق؛ لِيُظهره على الدِّين كلِّه، ولو كره المشركون.

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمَّد، وعلى أزواجه أمَّهات المؤمنين، وعلى آله وصحبه الطيِّبين الطاهرين، وعلى مَن اهتدى بِهَدي النبيِّ الكريم، وسار على نهجه واتبع سُنَّته.

 

اللهم ارحم علماءنا الأبرار الذين قضَوْا أعمارهم في سبيل الله - عزَّ وجلَّ - واجتهدوا في بيان الحقِّ للناس، وأسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يرزقنا علمًا نافعًا، ورِزقًا واسعًا، وأن يشفينا من كلِّ داء.

 

أما بعد:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أُوصي نفسي وإيَّاكم بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - واعلموا أنَّ أحسن الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأن شرَّ الأمور مُحْدَثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وأن ما قَلَّ وكفى خيرٌ مِمَّا كَثُر وألهى.

 

وبعد:

فهذا بحثٌ في موضوعٍ هو في غاية الأهميَّة، وقد دعاني إلى كتابته أخٌ كريم، وأيضًا الأسئلةُ الكثيرة التي ألَحَّتْ في هذا الأمر، ولَمَّا وجدت الحاجة ماسَّة إلى موضوعنا هذا؛ فقد استعنت بالله - عزَّ وجلَّ - وسألتُه التوفيق والسداد في إعداد بحثٍ مفيد عن هذا الموضوع.

 

وموضوع البيع بالتقسيط - وهو البيع بالأجَل، أو البيع المُؤَجَّل - الكلام عنه ليس بالْهَيِّن ولا بالسهل؛ وذلك لأنَّه نوعٌ من البيوع لم يَثْبت أنَّه كان موجودًا في الزمن الذي يُؤخَذ منه التشريع - زمنَ النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما أعلم - فصار بين العلماء خلافٌ كبير في إباحته أو منعه، أو التفصيل فيه، ومَدار هذا الخلاف هو: هل هذا قسم من أقسام البيوع المباحة، والتي تدخل تحت قول الله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾؟ [البقرة: 275]، أو أنه من الرِّبا؛ بسبب الزيادة مقابِلَ التأجيل؛ على أساس أنَّ هذا المال المتبقِّي عند المشتري جرَّ نفعًا للبائع بسبب التأجيل، فيكون من باب الربا، وهو مثل ربا النَّسيئة؟

 

فهذا وجهٌ من أوجُهِ الخلاف، والوجه الثاني: هل عَرْض السِّلعة نقدًا بكذا، وبالتقسيط بكذا يكون من باب بَيْعتين في بيعةٍ أوْ لا؟


والمهم أنَّ هذا الموضوع يحتاج إلى بحثٍ طويل، ولكني سأختصر قدر الإمكان - إن شاء الله تعالى - بحيث لا يكون هذا الاختصار مخلاًّ بالموضوع، وسأحرص - إن شاء الله تعالى - على أن يستفيد قارئُ هذا البحث، ويحصل على نتيجةٍ مرجوَّة، والتوفيق من الله تعالى، ومِنْه العون والسداد.

 

سيكون البحث مكونًا من تمهيدٍ، ومقدِّمةٍ وقد سبق، وهذه هي، وأبواب كما يلي:

الباب الأول: موضوع البحث.

الباب الثاني: تنبيهات.

خاتمة.

 

الباب الأول

موضوع البحث

وموضوع البيع بالتقسيط محلُّ خلافٍ عظيم بين العلماء؛ فمنهم مَن يرى منع البيع بالتقسيط مطلقًا، ومنهم من يرى جواز البيع بالتقسيط مطلقًا، ومنهم مَن يرى جوازه مع وجود الشُّبهة فيه، وتَرْكه من باب الخوف من الوقوع في الشُّبهات، والمهمُّ الذي نخلص إليه أننا إذا أخذنا بالرأي الذي يُجيز البيع بالتقسيط؛ فعلينا أن نتبع الآتي:

1- تُعرَض السِّلعة ولا يتمُّ وضع سعرَيْن لها؛ بحيث لا يُقال: ثمَنُها - مثلاً - نقدًا بألف، وبالتقسيط بـ 1200 جنيه، ولكن تُعرض السِّلعة إما بالنقد فقط، أو بالتقسيط فقط؛ حتَّى نخرج من الخلاف بين العلماء؛ حيث إنَّ منهم مَن قال بأن هذا الشكل من البيوع يدخل في بيع بيعتين في بيعة، المنهي عنه في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكَسُهما، أو الرِّبا))؛ حديث حسن، رواه ابن ماجهْ وأبو داود.

 

2- يتم تحديد الثَّمن بحيث يكون المقدَّم من الثمن كذا، والباقي من الثمن موزَّعًا على أقساط عددها كذا، وكل قسط قيمته كذا.

 

3- لا يزاد الثمن مقابل تأجيل دفع الأقساط؛ فمثلاً لا يُقال: هذه السلعة بمبلغ 1500 جنيه، إذا كان التقسيط مدَّته مثلاً سنة، يكون 1700 جنيه إذا كان مدته 18 شهرًا، ولكن يتم التحديد النهائيُّ، ولا يزاد الثمن مقابل تطويل المدة - مدَّة السداد.

 

4- لا يجوز لبائع السلعة المؤجَّل ثمنها - بالتقسيط - أن يشتري السِّلعة التي باعها مرَّة أخرى نقدًا؛ لأنَّ هذا منهيٌّ عنه؛ بدليل حديث النبي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا تبايَعْتم بالعِينَة، وأخَذْتُم أذناب البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهاد؛ سَلَّط الله عليكم ذلاًّ لا يَنْزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))؛ حديث صحيحٌ رواه ابن ماجه وأبو داود.

 

5- على المشتري أن يتَّقِيَ الله - عزَّ وجلَّ - ولا يلجأ للشراء بالتقسيط إلاَّ عند الضرورة القُصْوى التي لا بُدَّ منها؛ لأنَّ هذه ديونٌ عليه.

 

6- لا يجوز للبائع أن يستَغِلَّ حاجة المشتري، وطلبَه السِّلعةَ، ويزيد في السِّعر زيادةً مرهقة للمشتري، وهو يعلم أنه لا بدَّ له منها، وأنه مضطرٌّ إلى شرائها، وعليه أن يرحم المشتري؛ عسى الله - عزَّ وجلَّ - أن يرحمه ويرحم المسلمين.

 

7- على المشتري أن يؤدِّيَ الثمن المقسط حسب الاتِّفاق، ولا يماطل، ولا يتأخَّر في الدفع والسداد؛ لأنَّ المسلمين عند شروطهم، فلا بُدَّ من الوفاء بالعهد، والالتزام بالاتفاق.

 

8- كلُّ من اشترى سلعةً بالتقسيط، عليه أن يكتب في وصيته للورثة من بعده أن يقوموا بالسداد بعد موته فورًا، أو ينقل أحد الورثة الدَّين عليه هو؛ حتى تبرأ ذمَّة الميت من الدَّين.

 

9- تنبيه: لا يجوز لبائعي السيارات أن يحسبوا المتبقِّي من ثمن السيارة عند المشتري (الجنيه بجنيه) كما يقولون؛ فمثلاً: إذا باع أحدهم السيارة يقول للمشتري: هذه السيارة بمائة ألف جنيه مثلاً، فكم تدفع من الثمن؟ يقول: خمسين ألف جنيه، فيقول له: "الخمسون ألفًا المتبقية تصير مائة؛ لأنَّ الخمسين ألفًا بخمسين ألفًا"، فهذا لا يجوز، وهو ربا ظاهر، فلْيَتَّقِ الله هؤلاء التُّجار، وليعلموا أنَّهم مُلاقو ربِّهم، وسيحاسبهم على أموالهم؛ من أين اكتسبوها؟ وفيم أنفقوها؟

 

10- على أصحاب السِّلع الذين يبيعونها ويعلمون أنَّ الذي يشتري منهم السلع يقوم ببيعها، وينفق ثمنها فيما لا يرضي الله - عزَّ وجلَّ - من اللعب المحرَّم والشُّرب المحرم، ألاَّ يساعدوا هؤلاء، ولا يعطوهم؛ لأنَّها من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [المائدة: 2]، ولا يكون حجتهم أنَّهم أحرار، وعليهم أن ينصحوهم إذا أرادوا أن يشتروا منهم سلعًا بالتقسيط؛ وذلك عملاً بالحديث الشريف: ((الدين النَّصيحة...))؛ رواه مسلم.

 

11- لا يجوز أن يأخذ المشتري السِّلعة ولم يحدِّد الثمن؛ فمثلاً يقول البائع للمشتري: هذه السلعة بـ1000 جنيه نقدًا، و1300 جنيه مؤجلاً بالتقسيط، ويأخذ المشتري السلعة دون تحديد.

 

خلاصة الموضوع

بالرغم من أنني أميل إلى الرأي الذي منع البيع بالتقسيط، فإنَّني أوصي نفسي وكلَّ من يريد أن يتعامل بالبيع بالتقسيط بيعًا وشراءً - أخذًا برأي من أجاز البيع بالتقسيط - أوصيهم بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - وأن يَعْملوا ليومٍ يُعرَض الناس على الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﴾ [البقرة: 281]، وهو يوم مقدارُه خمسون ألفَ سنة، يومٌ تشيب فيه الولدان، وتضع كلُّ ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1 - 2]، فلْيتَّقوا الله تعالى، ولا يَلجؤوا لشراء السلع بالتقسيط إلاَّ حالة الضرورة القصوى التي لا مفرَّ منها، ولا يجدون غيرها بدلاً منها، وكلٌّ منا يعلمُ حاله وضرورته، ويَحكم على نفسه؛ هل هو مضطرٌّ إلى الشِّراء أو البيع بهذه الصورة أوْ لا؟ فحاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزنوا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: 18].

 

وفي حالة عدم الضرورة المُلِحَّة فلا داعي لشراء السِّلع بالتقسيط، ولا داعي لبيعها بالتقسيط كذلك، واعلموا أنَّ الدُّنيا عمرها قصير، ومهما طال العمر فلا بدَّ من الموت، وبعد الموت حساب، وبعد الحساب إمَّا جنة وإما نار، عافانا الله وإيَّاكم من عذاب النار.

وأرجو ألاَّ يكون هَمُّنا جَمْع الأموال من حلِّها وحرامها، ومن المشتبهات، فلا نأكل إلاَّ حلالاً، ولا نطعم إلاَّ ما ليس فيه شبهة.

 

وكم من قضايا بالمحاكم في بلادنا بسبب (الشيكات) أو إيصالات الأمانة كما يسمُّونها، التي تم تحريرها على الذي ابتاع السِّلعة بالتقسيط، ولم يُسدِّد الأقساط المستحقَّة عليه، وقد ماطل البائع ولم يجد البائع بدًّا من عَرْض الأوراق على المحاكم! وكم من أناسٍ أصبحوا داخل أسوار السُّجون بنفس السبب! وكم من اختلافاتٍ بين الناس وبين العائلات وبين الأُسَر؛ بسبب نفس الموضوع، فأين أصحاب العقول النيِّرة؟ أين مَن لهم قلوبٌ يَفقهون بها؟ أين أصحاب البصائر؟

 

تنبيهات

لا يجوز التَّأجيل أو التقسيط في بيع الذَّهب والفضة.

لا يجوز التقسيط في الصَّرف (بيع وشراء الأوراق المالية).

 

من شروط البيع ألاَّ يَقصد المشتري عند شراء السلعة أنَّه سيبيعها عند حاجته إلى المال؛ لأنَّ عمر بن عبدالعزيز سُئِل عن التورُّق، فقال: "هو أخية الرِّبا"، بل يكون غرَضُه سدَّ حاجته إلى نفس السلعة، أو الاتِّجار بها.

 

سؤال: هل يجوز أن يزيد البائع على الثَّمن المحدَّد بالنسبة للأقساط بسبب التأخير؟

والجواب: فتوى صادرة عن الرِّئاسة العامَّة لإدارات البحوث العلميَّة والإفتاء؛ إن كان المؤجَّل كما هو مفهومٌ من السؤال يَزِيد بتأخير دفع القسط عن موعده المحدَّد بنسبةٍ معيَّنة؛ فذلك لا يجوز بإجماع المسلمين؛ لأنه ينطبق عليه ربا الجاهليَّة.

 

وقد نقل الأخ الكريم صاحب كتاب "صحيح فقه السُّنة" 4/ 378، ومن "الفتاوى البزاريَّة" 4/ 511 - 512، و"الأشباه والنَّظائر" لابن نجيم 2/ 212، و"الأم" 3/ 88، و"المغني" 4/ 485:

"فإذا توُفِّي المشتري حلَّ الثمن المؤجَّل، ولا يحلُّ بموت البائع؛ لأنَّ الأجل يَبْطل بموت المدين دون الدائن، ووجه ذلك: أنَّ فائدة التأجيل تظهر في أنْ يتَّجِر المشتري، فيؤدِّي الثمن من نماء المال؛ فإذا مات تعيَّن المال الذي تركه لقضاء الدَّين، فلا يُجْدِي التأجيل".

 

الخاتمة

من خلال عرض الموضوع السابق، نستطيع - إن شاء الله تعالى - أن نخرج بنتائج حول حكم البيع بالتقسيط، وأرجو ألاَّ يقول قائل: كلُّ الناس يفعلون كذا! فأنت مأمورٌ بطاعة الله - عزَّ وجلَّ - وباجتناب معاصيه - جلَّ وعزَّ - ومأمورٌ إن كنت تخاف على دينك وعِرْضك باجتناب المشتبهات، ولو أننا امتلأَتْ قلوبنا بخشية الله - عزَّ وجلَّ - وتقواه، لفتح الله علينا البركات من السماء والأرض.

 

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

وأسأل الله أن يُحْسِن لنا ولكم الخاتمة، وأن يجعلنا من الَّذين يقولون: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربَّنا وإليك المصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا الأمين، وعلى الآل والصحب الطيِّبين.

 

وقد قدمتُ إليك - أيُّها القارئ الكريم - بحثًا متواضعًا عن موضوع البيع بالتقسيط، ولا يفوتني أن تَعْلم - أيها القارئ الكريم - أنِّي أُوافق الذين منعوا البيع بالتقسيط، ولم يجيزوه، ولكن من باب الأمانة العلميَّة، نقلتُ اختلافَ العلماء في هذا الأمر مجملاً، مع تفصيل حالة الجواز بشروطها، ومَن اتَّقى الشُّبهات فقد استَبْرأ لدينه وعرضه.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحج بالتقسيط
  • الوقوع في الديون: الأسباب ووسائل العلاج؟!
  • البيع بالتقسيط
  • خلاصة القول في البيع بالتقسيط والمرابحة والربا بأقسامه
  • تعريف البيع بالتقسيط وحكمه وأدلة الجمهور على جوازه

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • خلاصة القول في الخيارات في البيع وشروطه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلاصة القول في البيع وأحكامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول المفيد في أحكام صيام العبيد (بحث مفيد يجمع مسائل متعلقة بأحكام الصيام)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
محمد - الجيزة - مصر 06-03-2014 12:50 AM

أكرمك الله يا شيخنا الكريم

1- بالنسية للبند رقم 3
المعز لدين الله - مصر 03-12-2012 08:55 PM

فأرجو أن أوضح أن العلماء لم يقصدوا مثل ما ذكر الشيخ من أنه لا يجوز أن تقول لشخص أن أقسط لك مثلا سيارة على سنة 15000 وعلى 18 شهر 20000 وهكذا
فهذا جائز بحسبهم

ولكن الذى هو غير جائز على هذا الوجه أن تقسط لشخص سيارة ب 15000 لمدة عام ثم يتعثر فى السداد ويطلب زيادة المدة عن سنة فتقول له سأزيدك مثلا شهرين وأزيد مال التقسيط بزيادة الشهرين فهذا ربا ولا يجوز بإجماع العلماء
لذا لزم التنويه وجزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب