• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

سخرية المنافقين بالدين وأهله

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2008 ميلادي - 5/9/1429 هجري

الزيارات: 75557

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من صفات المنافقين (3)

سخرية المنافقين بالدين وأهله

 

الحمد لله رب العالمين؛ هدى مَنْ شاء من عباده للإيمان والهدى، وضلَّ عن دينه وشريعته أهلُ الرَّدى، نحمده على ما هدانا، ونشكره على ما أعطانا، ونسأله الثبات على ديننا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أقام الحُجَّة على خَلْقِه، وبشَّر عباده وأنذرهم، وحذَّرهم من عداوة الشيطان لهم: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ حرص على هدايتنا فنصح لنا وبلَّغنا، وعزَّ عليه عَنَتُنا فسلك سبيل اليسر بنا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومَنْ اتبع هداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصي نفسي وإيَّاكم عباد الله بتقوى الله تعالى وطاعته؛ فإن الأيام تمضي بكم إلى قبوركم، وإنكم مرتحلون من دنياكم إلى أُخراكم؛ ولن تجدوا أمامكم إلا أعمالكم؛ فاحذروا الاشتغال بما يفنى عمَّا يبقى، وتزوَّدوا فإن خير الزاد التقوى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112].

أيها الناس:

النفاق داءٌ يفتك بالقلوب حتى ينقل أصحابها من الإيمان إلى الكفر، ومِن استحقاق الجنة إلى الدَّرَك الأسفل من النار، والمنافقون فتنةٌ تسري في الأمة للصدِّ عن دين الله تعالى، وإخراج أهل الإيمان منه، ومحاربة الحق ودعاته؛ وذلك ابتلاءً من الله تعالى وامتحانًا للعباد: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [الأنعام: 53]، وفي الفرقان: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ [الفرقان: 20]، وفي القتال ﴿ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4].

ومن أسلحة المنافقين في الصدِّ عن دين الله تعالى: السخرية بالدين وأهله، ورفض أحكامه، وردُّ شريعته، والطعن في حَمَلَته ودُعاته؛ لتنفير الناس منهم، وتفريقهم عنهم.

وتلك هي طريقة المشركين القدماء؛ فإنهم اتخذوا السخرية بالنبيِّين وأتباعهم سلاحًا لهم؛ ليردُّوهم عن اتِّباع الحق، وليُبقوهم على الباطل؛ كما سخر قوم نوحٍ منه لمَِّا صنع السفينة، وسخر قوم لوطٍ منه وآل بيته لأنهم يتطهَّرون، وسخر أهل مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى كانوا يضحكون ويتمايلون؛ ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الأنعام: 10].

بيد أن سخرية المنافقين بالدِّين وأهله أعظم من سخرية الكافرين، وأشد خطرًا على المؤمنين؛ لأن مَنْ أظهروا الكفر يعرفهم المؤمنون فيتَّقون شرَّهم، ويحذرون سخريتهم، ولا يقبلون قولهم، ويصبرون على أذاهم. أما سخرية المنافقين؛ فإن أكثر الناس لا يأبهون بها، ولا يحاسِبون أصحابها عليها، ولا يتَّخذونهم أعداءً، ولا يحذرونهم أو يحذِّرون الناس منهم؛ لأنهم يُظهرون الإسلام، وربما أتوا بشعائره الظاهرة، كما كان المنافقون في صدر هذه الأمة يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم ويصومون، ويغزون معه، وهم يُبطنون الكفر.

والناس يقبلون من المنافقين ما لا يقبلونه من الكافرين، ودليل ذلك: أن كفار أهل الكتاب في عصرنا لما سخروا بالنبي صلى الله عليه وسلم في رسومهم ومقولاتهم غضب الناس أشدَّ الغضب، ولكن المنافقين والمرتدين كانوا - ولا يزالون - يسخرون بدين محمد صلى الله عليه وسلم الذي بلَّغه عن ربِّه، وبحَمَلَة هذا الدين وأتباعه، ويعلنون رفضهم التام لشريعته، ولا يحرك ذلك في الناس ساكنًا، وما ذاك إلا لأن الناس يتَّقون العدو الظاهر أكثر من اتِّقائهم للعدو الكامن.

وسخرية المنافقين بالدين وأهله أخبرنا بها ربُّنا جلَّ جلاله في مواضع شتى من كتابه الكريم؛ ففي سورة البقرة: ﴿ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ ﴾ [البقرة: 13]، فوصفوا الإيمان بالسَّفَه! وجعلوا المؤمنين سفهاء!! وليس بعيدًا عن هذه المقولة مقولات منافقي عصرنا هذا، وكتاباتهم في صحفهم عن الإسلام وشريعته، ومَنْ يتمسَّكون بها، ويدعون الناس إليها: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14].

لقد كان منافقو عهد الرسالة يخبرون رؤوس الكفر من اليهود والمشركين بأنهم معهم، وأن إيمانهم جُنَّة يستترون بها، وأنهم يسخرون بالمؤمنين ويلعبون بهم، ويقع هذا في عصرنا؛ فإن منافقي العصر يتصلون برؤوس الكفر في هذا الزمان، ويروِّجون لمذاهبهم المادية المعارِضة للإسلام باسم التقدُّم والإصلاح، ويدعون الناس إليها على أنها الخلاص من مشاكلهم، ويطعنون في الشريعة وحَمَلَتها وأهلها، زاعمين أنها التخلُّف والرَّجعيَّة والظَّلاميَّة.

وسورة التوبة نزلت في غزوة (تبوك)، وسُمِّيَت الفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين، وهتكت أستارهم، وأظهرت مكنون قلوبهم: ﴿ يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 64].
قال مجاهد رحمه الله تعالى: "يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرَّنا هذا". اهـ.

وقد أخبر الله تعالى فيها ببعض ما فعله المنافقون من السخرية بالدين وأهله: فلمزوا النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [التوبة: 58]، وسخروا بأصحابه رضي الله عنهم في تصدقهم بالقليل والكثير، كما في حديث أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: "لما نزلت آيةُ الصَّدقة كنَّا نُحامِل، فجاء رجلٌ فتصدَّق بشيءٍ كثيرٍٍ؛ فقالوا: مُرائي، وجاء رجلٌ فتصدَّق بصَاعٍ؛ فقالوا: إنَّ الله لَغنيٌّ عن صاع هذا! فنزلت: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].

ومَنْ رأى سخرية منافقي العصر بالعلماء والدعاة، ورجال الحِسْبَة، وحَلْقات تحفيظ القرآن، ودور التحفيظ النسائية، وكل مجالٍ من مجالات الخير والهدى علم أن السخرية بالصلاح وأهله، والترويج للفساد وأهله سمةٌ من سمات المنافقين في كل زمن، لا تنفكُّ عنهم أبدًا.

وكان أعظم فَضْحٍ للمنافقين في سورة الفاضحة: حين سخروا بقرَّاء الصحابة رضي الله عنهم فكفَّرهم الله تعالى بذلك في قرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة؛ كما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلسٍ: ما رأينا مثل قرِّائنا هؤلاء أَرْغَب بطونًا، ولا أَكْذَب ألسنةً، ولا أَجْبَن عند اللقاء. فقال رجلٌ في المجلس: كذبتَ، ولكنك منافقٌ؛ لأخبرنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فبلغ ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن". قال عبد الله بن عمر: "فأنا رأيتُه متعلِّقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون! لا تعتذروا، قد كفرتم بعد إيمانكم))؛ رواه الطبري بسندٍ صحيح.

ومن يومها إلى اليوم؛ يقرؤها المسلمون ويسمعونها في مساجدهم: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِالله وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65 - 66].

وبناءً على هذه الآية - وما في معناها - انعقد الإجماع قديمًا وحديثًا على كفر مَنِ استهزأ بشيءٍ من دين الله تعالى، أو سخر من شخص لتمسُّكه بشعيرةٍ من شعائر الإسلام، لا يسخر به إلا لأجلها؛ كسخريتهم بالعلم، والحِسْبَة، وتحفيظ القرآن، وتدريس السنة، أو استهزائهم بإعفاء اللحى، وتقصير الثياب، واحتجاب المرأة. ونحو ذلك.

وأقوال العلماء من شتَّى المذاهب الفقهية متضافرةٌ على ذلك:

قال ابن نُجَيْم الحنفي، رحمه الله تعالى: "الاستهزاء بالعلم والعلماء كفرٌ".

وقال ابن العربي المالكي، رحمه الله تعالى في الكلام على سخرية المنافقين في تبوك: "لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدًّا أو هزْلاً، وهو كيفما كان كفرٌ؛ فإن الهَزْل بالكفر كفرٌ، لا خلاف فيه بين الأمة".

وقال النووي الشافعي، رحمه الله تعالى: "والأفعال الموجِبة للكفر: هي التي تصدر عن عمدٍ واستهزاءٍ بالدين صريحٍ".

وقال ابن قدامة الحنبلي، رحمه الله تعالى: "مَنْ سَبَّ الله تعالى كَفَرَ، سواء مازحًا أو جادًّا، وكذلك مَنِ أستهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برُسُله، أو كُتُبه".

وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاةَ الضدِّ ضدّه، والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك".

نسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين من النفاق وأهله، وأن يُحبِط كيدهم، ويُبطِل سعيهم، ويكفي الأمة شرَّهم.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ [المطَّففين: 29 - 30].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم



الخطبة الثانية

الحمد لله، حمدًا طيبًا كثيرًا مبارَكًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

أيها المسلمون:

تحالفُ أهل الكفر والنفاق ضد المسلمين قديمٌ قِدَمَ الإسلام؛ لأنهم لم يرتضوا دينهم، فلن يرضوا عنهم، وما يقوم به المنافقون من السخرية بالدين وأهله هو من جملة الأذى الذي يؤجَر عليه المؤمنون، والواجب عليهم الثبات على دينهم، وألاَّ تزحزحهم سخرية الكافرين والمنافقين بهم عن هذا النور الذي هداهم الله تعالى إليه؛ فإنهم لن يضرُّوهم إلا أذًى، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وَكَفَى بِالله وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب: 48].

والصبر عليهم، وعلى أذاهم وسخريتهم، مع التقوى واليقين - سببٌ للتمكين: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لله يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، وأُمِرَ بذلك نبيُنا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ﴾ [الرُّوم: 60]، وفي الآية الأخرى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49].

كما يجب على المؤمنين عدم موالاة المستهزئين بدين الله تعالى، ولو كانوا أقرب الناس إليهم؛ لأن الله تعالى نهى المؤمنين عن اتخاذهم أولياء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].

ولا يجوز حضور مجالسهم التي يسخرون فيها من دين الله تعالى، إلا على سبيل الإنكار عليهم، وردِّهم عن غيِّهم: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68]؛ فنهى الله تعالى عن القعود معهم بعد هذا التحذير والتَّذْكير، وسمَّاهم: (ظالمين)!

وأمَّا مَنْ حضر وسكت؛ فهو كَمَنِ استهزأ بنصِّ القرآن؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

وأقبح من ذلك: الدفاع عنهم، والاعتذار لهم، وتأويل أقوالهم؛ فإن فيه إعانةً لهم على ظلمهم ونفاقهم وإجرامهم، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105]، وفي الآية الأخرى: ﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [النساء: 107].

أيها الإخوة المؤمنون:

لقد عوَّدنا فَسَقَة الإعلام ومجرموه في كل رمضانٍ جديد على صنع مسلسلات ومشاهد يسخرون فيها بدين الله تعالى، وشعائره الظاهرة، وأحكامه المنزَّلة، ويصوِّرون للمشاهدين حَمَلَة الدين ومبلِّغيه، والمتمسكين به، والدَّاعين إليه، والمدافعين عنه - في أبشع الصُّوَر وأحطِّها، وهذا من الغيظ الذي امتلأت به قلوبهم على الإسلام وأهله، ويأتي ذلك في سياق الحملة العالمية التي تآزر فيها الكفر مع النفاق لإجهاض الإسلام، والحدِّ من انتشاره في الأرض: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

وهو حِلْفٌ شيطانيٌّ، اجتمع فيه أهل الضلال والبدعة مع أهل النفاق والرِّدَّة، ومن ورائهم كفار أهل الكتاب... اجتمعوا على أهل السنَّة، وإلا فإنهم على مدار السنوات الماضية لم يسخروا في مسلسلاتهم الرمضانية من كافرٍ لكفره، ولا من مبتدِعٍ لبدعته، ولا من مرتدٍّ لردَّته، مع ما عند الكفار والمبتدِعة والمرتدِّين من الأفكار والأعمال مما هو موضعٌ للنَّقْد والسخرية والاستهجان!!

والعجب كل العجب من صائمين قائمين، يفطرون - حين يفطرون - على مشاهد يُسخَر فيها بدين الله تعالى، وهم يقرؤون في القرآن أن الجالس معهم مثلهم: ﴿ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾ [النساء: 140]!!

فالحذر الحذر يا أهل الصيام والقيام، ويا روَّاد المساجد، وقرَّاء القرآن - من هذه المشاهد التي وصلت إلى بيوتكم عبر الإعلام الفاسد المفسِد؛ فإن المسألة عظيمةٌ خطيرةٌ؛ إنها مسألة إيمانٍ ونفاق، والراضي فيها كالفاعل، وأيُّ رضا أبلغ من الإفطار عليها في كل يومٍ من هذا الشهر الكريم!

إياكم إياكم أن تتنعَّموا برزق الله تعالى لكم في كل يوم تفطرونه وأنتم تأنسون بما يُعْرَضُ في الشاشات من السخرية بدينه عز وجل وتشاهدون الاعتراض على شريعته، والاستهزاء بعباده الصالحين؛ فإن ذلك من محادَّة الله تعالى ومعاداة أوليائه، ومَنْ عادى لله تعالى وليًّا فقد بارزه بالمحاربة: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الخِزْيُ العَظِيمُ ﴾ [التوبة: 63].

ويُخشى على مَنْ أَلِفَ هذه المجالس أن يزيغ قلبه، ويفقد إيمانه؛ فإن زيغ القلوب يكون بزيغ العباد عن الحق: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ ﴾ [الصَّف: 5]، وأيُّ زيغٍ أعظم من الأنس بمسلسلات يُسخَر فيها من دين الله تعالى، ومن عباده الصالحين!

ولا يغرنَّكم كثرة المتساقطين في هذا الإثم والضلال، فإنَّ أهل الباطل أكثر من أهل الحقِّ، كما أن أصحاب الجنة أقلُّ من أصحاب النار؛ قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "لو كان للمنافقين أذنابٌ؛ لضاقَت بكم الطُّرُق". اهـ.


وصلوا وسلموا على نبيِّكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صد المنافقين عن الخير ودعوتهم إلى الشر
  • تكبر المنافقين وإفسادهم في الأرض
  • النفاق
  • صفات المنافقين في القرآن
  • النفاق والمنافقون
  • خطبة مستريح ومستراح منه
  • صد المنافقين عن سبيل الله تعالى
  • فرح المنافقين بمصاب المؤمنين
  • المنافقون يريدون أن يبدلوا كلام الله
  • قول المنافقين للمؤمنين: غر هؤلاء دينهم
  • أنواع المنافقين
  • يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف
  • معاملة المنافقين في الإسلام
  • سبب ترك قتل المنافقين

مختارات من الشبكة

  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات المنافقين في القرآن والسنة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • صفات المنافقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا الإطناب في ذكر صفات المنافقين في سورة البقرة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات المنافقين في القرآن(محاضرة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • من صفات المنافقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعض صفات المنافقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات المنافقين في سورة المائدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بغض المؤمنين من صفات المنافقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات المنافقين (11) ثم سئلوا الفتنة لآتوها(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب