• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

الدروس والعبر المستفادة من حادثة سقيفة بني ساعدة

د. أبو حميد عبدالملك بن ظافر الماجوني الكوسوفي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2011 ميلادي - 2/8/1432 هجري

الزيارات: 86314

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدروس والعبر المستفادة من حادثة سقيفة بني ساعدة

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث سقيفة بني ساعدة:

عن عائشةَ - رضي الله عنها - زوجِ النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مات، وأبو بكرٍ بالسُّنْح - قال إسماعيل: يعني بالعالِيَة - فقام عمر يقول: والله ما مات رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - - قالت: وقال عمرُ: والله ما كان يقع في نفسي إلاَّ ذاك - وليبعثَنَّه الله فليقطعن أيدي رجالٍ وأرجُلَهم، فجاء أبو بكرٍ، فكشف عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقبَّلَه، قال: بأبي أنت وأمي، طِبْتَ حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده، لا يُذِيقك الله الموتتيْن أبدًا، ثم خرج، فقال: أيُّها الحالف، على رِسْلك.


فلما تكلَّم أبو بكر، جلس عمر، فحمد اللهَ أبو بكر، وأثنى عليه، وقال: ألاَ من كان يعبد محمَّدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يَعْبد الله؛ فإن الله حيٌّ لا يموت، وقال: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، قال: فنَشِج الناس يَبْكون.


قال: واجتمعت الأنصارُ إلى سعد بن عُبَادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: مِنَّا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، فذهب إليهم أبو بكر وعمرُ بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلَّم، فأسكتَه أبو بكرٍ، وكان عمر يقول: والله ما أردْتُ بذلك إلا أنِّي قد هيَّأتُ كلامًا قد أعجبني، خشيت ألاَّ يَبْلغه أبو بكرٍ، ثم تكلم أبو بكرٍ، فتكلم أبْلغَ الناس، فقال في كلامه: نحن الأُمَراء، وأنتم الوُزَراء، فقال حُبَاب بن المنذر: لا والله، لا نَفْعل، منا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، فقال أبو بكر: لا، ولكنَّا الأمراء وأنتم الوزراء؛ هم أوسَطُ العرب دارًا، وأعرَبُهم أحسابًا، فبايِعُوا عمر، أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال عمر: بل نبايعك أنت؛ فأنت سيِّدُنا وخيرنا، وأحبُّنا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأخذ عمر بيده فبايعَه، وبايعه الناس، فقال قائلٌ: قتلتم سعْدَ بن عُبَادة، فقال عمر: قتلَه الله...

 

تخريج الحديث:

• أخرجه البخاريُّ (3/ 1342/ 3467) واللفظ له: من طريق إسماعيل بن عبدالله، قال: حدثنا سُلَيمان بن بلال، عن هشامِ بن عروة، عن عروة بن الزُّبير، فذكَره.

• والنَّسائيُّ في"الكبرى" (4/ 11) من طريق أحمد بن عمرو، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عُرْوة، فذكره.

• وأخرجه أحمد (6/ 55)، وقال: حدَّثني عبدالله بن أبي شَيْبة، وفي (6/ 17 و7/ 164) قال: حدثنا علي بن عبدالله.

• وابن ماجه (1457) من طريق أحمد بن سنان، والعبَّاس بن عبدالعظيم، وسهل بن أبي سهل.

• والترمذيُّ في "الشمائل" (390) قال: حدثنا محمد بن بشَّار، وعباس العنبري، وسوار بن عبدالله، وغير واحد.

• والبيهقيُّ في "السنن الكبرى" (8/ 142) من طريق إسماعيل بن أبي أُوَيس، قال: حدثنا سليمان بن بلالٍ، عن هشام بن عروة، أخبرنى عروة بن الزُّبَير، عن عائشة به.

 

شرح الغريب:

السُّنْحُ - بسكون النُّون وبضمِّها -: منازل بني الحارث من الخزرج بالعوالي، وبينه وبين المسجد النبويِّ مِيل.

ما كان يقع في نفسي إلاَّ ذاك: يعني عدم موته - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينئذٍ.

هم أوسط العرب دارًا: والدار: مكَّة.

وأعرَبُهم أحسابًا: الحسَب: الفِعَال الحسان، مأخوذٌ من الحساب، إذا عدُّوا مناقِبَهم فمن كان أكثر كان أعظم حسَبًا، ويُقال: النَّسَب للآباء، والحسَب للأفعال[1].

فنَشِج: النَّشيج: تردُّد صوت الباكي في صدْرِه من غير انتحاب.

سقيفة: السَّقِيفة: الصُّفَّة في البيت، وبنو ساعدة: بطنٌ من الأنصار[2].

قتَلْتُم سعْدَ بن عبادة: أي كِدْتُم أن تقتلوه، وقيل: هو كنايةٌ عن الإعراض والخِذْلان.

وقول عمر: "اقتلوه، قتَله الله" لم يرد حقيقته[3].


وقال الخطَّابيُّ: ومعناه - والله أعلم - أنَّ هذه الكلمة جرَت منه جوابًا على مذهب المُطابقة لِلَفْظ الأنصاريِّ؛ يريد بها إبطالَ معذرتِه في التَّثْبيط عن البيعة مكان سعد، ولم يَقْصد بها إيقاعَ الفعل، وإنَّما قال: "اقتلوه" بمعنى: لا تُبَالوا بما ناله من الضَّغط والألم، وأقبلوا على شأنكم، وأحكِمُوا أمر البيعة، وهذا في مذهب المطابقة؛ كقوله: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194]، فسمَّى الجزاءَ على العدوان عُدوانًا، وإنما هو جزاء ومكافأة، وليس بِعُدوان في الحقيقة[4].


الدُّروس والعِبَر والفوائد من هذه الحادثة:

1 - إنَّ الأنبياء والرُّسل أحبُّ الخلق إلى الله تعالى وقد ماتوا؛ لأنه لا يَبْقى على وجه الكون أحدٌ من المخلوقات، وهذا يدلُّ على أن الدنيا متاعٌ زائل، ومتاعُ الغرور الذي لا يدوم، لا يَبْقى للإنسان من تعبه ومالِه إلاَّ ما كان يبتَغِي به وجه الله تعالى، وما عدا ذلك يكون هباءً منثورًا.

2 - حِرْص النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يكون مع الرفيق الأعلى؛ ولهذا سأل الله تعالى ذلك مرَّاتٍ متعدِّدة، وهذا يدلُّ على عِظَم هذه المنازل لأنبيائه وأهل طاعتِه.

3 - استحباب تغطية الميت بعد تغميض عينيه، وشدِّ لَحْييه؛ ولهذا سجِّي وغطِّي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بثوب حَبِرة.

4 - الدعاء للميت بعد موته؛ لأن الملائكة يؤمِّنون على ذلك؛ ولهذا قال أبو بكر - رضي الله عنه - للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "طبت حيًّا وميتًا".

5 - إذا أصيب المسلم بِمُصيبة فلْيَقل: "إنَّا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها".

6 - جواز البُكاء بالدَّمع، والحزن بالقلب.

7 - النَّهْي عن النِّياحة، وشقِّ الجيوب، وحلق الشعر ونَتْفِه، والدُّعاء بدعوى الجاهلية، وكل ذلك معلومٌ تحريمُه بالأدلَّة الصحيحة.

8 - إنَّ الرجل وإن كان عظيمًا قد يَفُوته بعضُ الشيء، ويكون الصواب مع غيره، وقد يُخْطئ سهوًا ونسيانًا.

9 - فَضْل أبي بكر وعِلْمه وفقهه؛ ولهذا قال: "من كان يعبد محمَّدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حيٌّ لا يموت".

10 - حِكْمة عمر العظيمة في فضِّ النِّزاع في سَقِيفة بني ساعدة، وذلك أنَّه بادرَ فأخذ بيد أبي بكر، فبايعه، فانصبَّ الناس وتتابعوا في مبايعة أبي بكر، وانفض النِّزاع، والحمد لله تعالى.

12 - بلاغة أبي بكر؛ فقد تكلَّم في السَّقيفة، فأجاد وأفاد، حتى قال عمر عنه: "فتكلَّم أبلغَ الناس".

13 - قد نفع الله بِخُطبة عمر يوم موت النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل دخول أبي بكر، فخاف المنافقون، ثم نفع الله بخطبة أبي بكر، فعرف الناسُ الحق.

14 - ظهرت حكمةُ أبي بكر وحسْنُ سياسته في خطبته يوم الثلاثاء بعد الوفاة النبويَّة، وبيَّن أن الصِّدق أمانة، والكذب خيانة، وأن الضعيف قويٌّ عنده حتى يأخذ له الحقَّ، والقوي ضعيفٌ عنده حتى يأخذ منه الحق، وطالب الناس بالطاعة له إذا أطاع الله ورسولَه، فإذا عصى الله ورسوله فلا طاعةَ له عليهم.

15 - حكمة عمر - رضي الله عنه - وشجاعَتُه العقليَّة والقلبية؛ حيث خطب الناسَ قبل أبي بكر، ورجع عن قوله بالأمس واعتذَر، وشدَّ من أزْرِ أبي بكر، وبيَّن أن أبا بكرٍ صاحِبُ رسول الله، وأحبُّ الناس إليه، وثاني اثنين إذْ هما في الغار[5].

16 - الدلالة على أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم ينُصَّ صراحةً على الخليفة مِن بعده، وإنْ أخبَر بمن سيتولَّى، وفي هذا دلالةٌ على أنَّ للإمام أن يَتْرك الاختيار للمسلمين مِن بعده.

17 - أنَّ بيعة أبي بكرٍ - رضي الله عنه - تَمَّت بعد مُشاورات بين فُضَلاء المهاجرين والأنصار، وفي هذا دلالةٌ على أنَّ الذي يقوم بالاختيار هم فُضَلاء القوم وعلماؤهم ورُؤَساؤهم، وهم من يُسَمَّون بأهل الحَلِّ والعَقْد.

18 - لا يُشترط الإجماع التامُّ على اختيار الخليفة؛ فلا تضرُّ مخالفة بعض القوم كما لم تضُرَّ مخالفةُ سعْدِ بن عُبَادة - رضي الله عنه.

19 - مشروعيَّة البيعة للخليفة المُخْتار من قبل أهل الحَلِّ والعَقْد أولاً، ثم من قبل عامَّة المسلمين ثانيًا، كما تمَّ لأبي بكرٍ - رضي الله عنه.

20 - لا يُشترط في الانتِخاب حضورُ جميع أهل الحَلِّ والعقد، كما لم يضرَّ تخلُّف عليِّ بن أبي طالب والزُّبير بن العوام - رضي الله عنهما - حيث تخلَّفا لتجهيز النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإن كانا بايعا بعد ذلك[6].

21 - الحديث دليلٌ لأهل السُّنَّة في تقديم أبي بكر ثمَّ عمر في الخلافة، مع إجماع الصَّحابة على عَقْد الخلافة له، وتقديمه لفضيلته، ولو كان هناك نصٌّ عليه أو على غيره، لَم تقَع المنازعةُ من الأنصار وغيرهم أولاً، ولَذَكر حافظُ النصِّ ما معه، ولرجَعوا إليه، لكن تنازعوا أوَّلاً، ولَم يكن هناك نصٌّ، ثمَّ اتَّفقوا على أبي بكر واستقرَّ الأمر[7].

22 - فيه أنَّ سبب اختيار الصحابة أبا بكرٍ للخلافة هو سابِقَتُه، وتقديمُ النَّبيِّ له في الصلاة على جميع الصحابة - رضي الله عنهم[8].

23 - فيه فضْلُ الصدِّيق، وتعامُله مع النُّفوس، وقدرته على الإقناع.

24 - زُهْد عمر وأبي بكرٍ - رضي الله عنهما - في الخِلافة، وحرص الجميع على وَحْدة الأمَّة.

25 - سَعْد بن عبادة وموقفه من خلافة الصدِّيق:

إن سعْدَ بن عبادة قد بايع أبا بكرٍ بالخلافة في أعقاب النِّقاش الذي دار في سَقِيفة بني ساعدة؛ إذْ إنَّه نزل عن مقامه الأول في دعوى الإمارة، وأذعن للصدِّيق بالخلافة، وكان ابن عمِّه بشير بن سعد الأنصاري أوَّلَ من بايع الصديق - رضي الله عنه - في اجتماع السقيفة، ولم يُثْبِت النَّقْلُ الصحيح أيَّة أزمات، لا بسيطة ولا خطيرة، ولم يثبت أيّ انقسام أو فِرَق لكلٍّ منها مرشَّح يطمع في الخلافة؛ كما زعم بعض كُتَّاب التاريخ، ولكن الأُخوَّة الإسلامية ظلَّت كما هي؛ بل ازدادَتْ توثُّقًا كما يُثبت ذلك النقلُ الصحيح، ولم يثبت النقل الصحيح تآمرًا حدث بين أبي بكرٍ وعمر وأبي عبيدة؛ لاحتكار الحكم بعد وفاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهم كانوا أخشى لله وأتقى من أن يفعلوا ذلك.

26 - فيه دليلٌ أنه لا يُمْكِن أن يكون للمسلمين خليفتان، ويستحيل أن يفعل المسلمون ذلك؛ لأنَّه سبيل إلى الفُرْقة والخلاف[9].

27 - فضل الأنصار - رضوان الله عليهم - وإذعانهم واستجابتهم لبيعة الصدِّيق - رضي الله عنه[10].

28 - فيه أنَّ القولَ بخلاف خلافة أبي بكرٍ - رضي الله عنه - ضلالٌ عن الحقِّ، وخروجٌ عن الجادَّة، واتِّباعٌ لغير سبيل المؤمنين التي بيَّنها الرسولُ في قوله: ((يأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر))، فالله يأبى إلاَّ أبا بكر، والمؤمنون يأبَوْن إلاَّ أبا بكر، ويأبى بعضُ الذين اتَّبعوا غيرَ سبيل المؤمنين مِن أهل الأهواء والبدعِ إلاَّ غير أبي بكر، نعوذ بالله من الخِذْلان[11].

29 - فيه أنَّ مُبايعة الصديق - رضي الله عنه - من المهاجرين والأنصار كان عزًّا للإسلام والمسلمين، وذُلاًّ للكفار والمنافقين[12].

30 - ولا يَقْدح في هذا ما ثبت في "صحيح البخاريِّ" من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن عليًّا قد تخلَّف عن بيعة أبي بكرٍ حياةَ فاطمة - رضي الله عنها - ثم إنه بعد وفاتها التمسَ مُصالحة أبي بكرٍ، وبايعه معتذرًا له بأنه ما كان ينافس أبا بكرٍ فيما ساقه الله إليه من أمر الخلافة، لكنَّه كان يرى له حقَّ المشورة؛ لقرابته من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم[13].

31 - وقد تمسَّكَ الرافضةُ بتأخُّر عليٍّ - رضي الله عنه - عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتَتْ فاطمة، وهذيانهم في ذلك مشهور، وفي هذا الحديث ما يَدْفع حُجَّتَهم، وقد صحَّح ابنُ حِبَّان وغيره من حديث أبي سعيدٍ الخدري وغيره: "أن عليًّا بايع أبا بكرٍ في أوَّل الأمر"، وأمَّا ما وقع في "مسلمٍ" عن الزُّهري أن رجلاً قال له: "لَم يُبايع عليٌّ أبا بكرٍ حتى ماتت فاطمة؟ قال: لا" فيحمل قول الزهري: لم يبايعه علي في تلك الأيام، على إرادة الملازمة له والحضور عنده، وبِهذا تندحض دعوى الرافضة في زعمهم أنَّ الصحابة لم يتَّفِقوا على مبايعة أبي بكر، وإنكارهم إجماع الصحابة على بيعته، وتبيّن أنَّ ما استُدِلَّ به من بعض الأخبار الواردة في كتب التاريخ بتخلُّف بعض الأفراد عن بيعة أبي بكر لا تثبت عند التحقيق، ولا تَقْوى على معارضة الرِّوايات الصحيحة، الدالَّةِ على إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر التي تناقلها المُحَدِّثون في كتبهم، وحكموا عليها بالصِّحة والثُّبوت، وما نصَّ عليه المحقِّقون من أهل السُّنة من القطع بإجماع الصحابة على بيعة الصديق[14].

32 - تقديم أبي أبكرٍ أمرٌ معلوم بالضَّرورة من دين الإسلام، وتقديمه له دليلٌ على أنَّه أعلم الصحابة وأقرؤهم؛ لما ثبت في الخبَرِ المتَّفَقِ على صحَّته بين العلماء: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسُّنة، فإن كانوا في السُّنة سواء، فأكبَرُهم سنًّا، فإن كانوا في السِّن سواء فأقدَمُهم إسلامًا))، قال ابن كثيرٍ: وهذا من كلام الأشعريِّ - رحمه الله - مما ينبغي أن يُكتَب بماء الذَّهَب، ثم قد اجتمعت هذه الصِّفات كلُّها في الصدِّيق - رضي الله عنه وأرضاه[15].

33 - فهذه الأخبار وما في معناها تدلُّ على أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى أن يكون الخليفةَ من بعده أبو بكرٍ الصديقُ، فنبَّه أمَّتَه بما ذكر من فضيلته وسابقته وحُسْن أثره، ثم بما أمرهم به من الصَّلاة خلفه، ثم الاقتداء به وبعمر بن الخطَّاب - رضي الله عنهما - على ذلك، وإنما لم ينصَّ عليه نصًّا لا يحتمل غيره، والله أعلم؛ لأنه علم بإعلام الله إيَّاه أنَّ المسلمين يَجْتمعون عليه، وأن خلافته تنعقد بإجماعهم على بيعته[16].

34 - فيه إثباتُ الموتتَيْن: الموت في الدُّنيا، والموت في القبر، وهما الموتتان المعروفَتان المشهورتان؛ فلذلك ذكرهما بالتَّعريف، وهما الموتتان الواقعتان لكلِّ أحدٍ غير الأنبياء - عليهم الصَّلاة والسَّلام - فإنَّهم لا يموتون في قبورهم؛ بل هم أحياء، وأمَّا سائر الخَلْق؛ فإنَّهم يموتون في القبور، ثم يَحْيَون يوم القيامة، ومذهب أهل السُّنة والجماعة أنَّ في القبر حياةً وموتًا، فلا بدَّ من ذوق الموتتين لكلِّ أحدٍ غير الأنبياء[17].

35 - فيه جواز تقبيل الميت؛ لأنَّه لم يُنْقَل أنه أنكر أحدٌ من الصحابة على أبي بكر، فكان إجماعًا - قاله الشوكاني[18].

36 - فيه أنَّ المراد بالموتة الأخرى موتُ الشَّريعة؛ لا يجمع الله عليك موتَك وموت شريعتِك، ويؤيِّد هذا القولَ قولُ أبي بكرٍ - رضي الله عنه -: "من كان يعبد محمَّدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت"؛ قاله القسطلاني[19].

37 - يُستفاد من الحديث أنَّ الحلف على خلاف الحقيقة معفوٌّ عنه، وهي مثل قول الرجل: لا والله، بلى والله، ونحو ذلك مما يَجْري على الألسنة من غير قصد، وقد سمَّاه الفقهاء بـ: "لَغْو اليمين"، وهو أن يَحْلف على شيء يظنُّ صدق نفسه،فيظهر أو فيبينبعد ذلك خلافُه، كما حلف عمر بعدم موت النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم[20].

38 - فيه دليلٌ أنَّ الصحابة كلَّهم مجتهدون في باب العلم، واجتهادهم دائرٌ بين الأجر والأجرين، ولذلك طلب الأنصارُ الإمارةَ اجتهادًا منهم، وهذا لا ينقص من شأنهم شيئًا.

39 - فيه أن الصحابة أكثر الناس وقوفًا على حدود القرآن، واستسلامًا له، وعمَلاً به، وهذا الموقف يظهر جليًّا بعد استشهاد أبي بكرٍ - رضي الله عنه - بالقرآن على موته.

40- فيه دليلٌ أنَّ مرتبة "الصِّدِّيق" أعظم وأرفع من مرتبة "الفاروق"؛ حيث لا يحفظ للصدِّيق خلاف نصٍّ واحد أبدًا، ولا يُحْفَظ له فتوى ولا حكم مأخذها ضعيف أبدًا، وهو تحقيق لكون خلافته خلافةَ نبوَّة - قاله ابن القيِّم[21].

41 - فيه مشروعيَّة استفتاح الكلمة بحمد الله - عزَّ وجلَّ - والثناءِ عليه كما فعل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه.

42 - فيه أنَّ مِن أدب المستمِعين الجلوسَ لاستماع خطبة الخطيب؛ لأنَّ هيئةَ الجلوس أوقع تأثيرًا في نفوس المستمعين من حالة الوقوف قيامًا، كما جلس عمر - رضي الله عنه - عندما بدأ يتكلم أبو بكر - رضي الله عنه.

43 - فيه دليل أنَّ فهم الصحابة حُجَّة؛ مما يجب المسير إليه في جميع أمور الدِّين، ويتعيَّن ضروريَّة ذلك أكثر في النَّوازل والمصائب.

44 - فيه ردٌّ على القُبوريِّين بِمُختلف أشكالِهم، الذين يعتَقِدون بعدم وفاة الأولياء، أو بِما يصرفون العبادة للأموات؛ لأن قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30] يُبطِل معتقداتهم جملة وتفصيلاً.

45 - فيه مشروعيَّةُ إلقاء كلمة توجيهيَّة، أو موعظة، أو نصيحةٍ للناس عند المصائب والنوازل؛ حتى يعرفوا الأمور التي يجب عليهم القيامُ بها، ويجتنبوا ما يُحذَّرون منها.



[1] "فتح الباري" لابن حجر (7/ 29 - 30).

[2] "جامع الأصول في أحاديث الرسول" لابن الأثير أبي السعادات (4/ 85).

[3] "فتح الباري" (7/ 153).

[4] "غريب الحديث" للخطَّابي (2/ 128).

[5] "موسوعة الدِّفاع عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم" لعلي نايف الشحود (2/ 162 - 16).

[6] وهذه الفوائد مقتبسَةٌ من كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة و الجماعة" (ص147 - 148) بتصرُّف يسير.

[7] قاله الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (15/ 154 - 155).

[8] "لمعة الاعتقاد" لابن قُدَامة (ص 35).

[9] دراسة نقديَّة في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطَّاب وسياسته الإدارية - رضي الله عنه - لعبدالسلام بن محسن آل عيسى (ص/ 518)، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلاميَّة، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1423هـ/ 2002م.

[10] المصدر السابق (ص/ 519).

[11] "الرياض المستطابة" ليحيى بن أبي بكرٍ العامري (ص/ 143).

[12] "منهاج السُّنة" لابن تيميَّة (1/ 531).

[13] انظر "صحيح البخاري" (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر)، "فتح الباري" 7/ 493، ح4240 - 4241.

[14] "الانتصار للصَّحب والآل من افتراءات السماوي الضَّال" للشيخ إبراهيم الرحيلي (ص/ 470 - 471)، مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة.

[15] "البداية والنهاية" لابن كثير (5/ 265).

[16] "الاعتقاد" للبيهقي (ص/ 172).

[17] "عُمْدة القاري" للعيني (24/ 16 - 17).

[18] "تحفة الأحوذي" للمُباركفوري (4/ 55).

[19] "شرح سنن ابن ماجه" للسيوطي (1/ 117).

[20] "شرح كتاب التوحيد" لعلي الخضير (ص/ 346).

[21] في "إعلام الموقعين"، له (4/ 120).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبو بكر الصديق.. رجل الدولة العظيم
  • علي بن أبي طالب والشيخان أبو بكر وعمر
  • الصحابة في سقيفة بني ساعدة
  • الدروس والعبر من قصة الثلاثة النفر (أصحاب الغار)

مختارات من الشبكة

  • أعظم الدروس والعبر من قصة أكل آدم عليه السلام من الشجرة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • وفاة سيد البشر صلى الله عليه وسلم وما فيها من الدروس والعظات والعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أمنيات متأخرة: وقفات مع مجموعة آيات نستلهم منها الدروس والعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سير أعلام النبلاء: مجمل الدروس والعبر (2)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • سير أعلام النبلاء: مجمل الدروس والعبر (1)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • سبعة من الدروس والعبر من هجرة سيد البشر(مقالة - ملفات خاصة)
  • تنزيل الأحكام على الوقائع في القضاء والفتيا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • دروس وعبر من حادثة الإفك(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • حادثة الطفل ريان دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درس نموذجي في القواعد(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
2- دعاء
محمد الأمين - الزائر 30-10-2012 12:26 AM

يا رب اهدِ الشيعة وأرهم الحق ورزقهم اتباعه

1- بركة العلم شكره لأهله
هلال - الأردن 10-07-2011 08:48 PM

أشكر الكاتب على هذا الموضوع الجميل ،وما ذكره من الفوائد حول هذه القصة يدل على مهارته في هذا العلم وحسن منهجه العلمي في التحصيل.
أسأل الله له المزيد من التوفيق والسداد وأن يجعله من العلماء الربانيين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب