• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

فقه الخلاف والموازنات، بين المغالاة والمجافات (1)

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2008 ميلادي - 27/8/1429 هجري

الزيارات: 26186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقه الخلاف والموازناتْ، بين المغالاة والمجافاتْ (1)

 

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فلا تخفى على ذي حسٍّ صادق، وقلبٍ سليم، ومتأمِّل ومتابع للأحداث الجارية في بلاد الإسلام - الهجمةُ الشرسة على الإسلام وثوابتِه، ومُحاولةُ تَحريف وتقويض قواعدِه الكبرى، كما لا يخفى أيضًا ما استخدمه الأعداءُ في ذلك من أُناسٍ، هم من جِلْدَتنا، ويتكلَّمون بألسِنَتِنا، بل يُنْسَبون أحيانًا لأهْلِ السُّنَّة، والسُّنَّةُ منهم براء.

وهؤلاءِ قد جعلوا من أُصول دينِهم، وقواعدهم المُحْكمة التمسُّكَ بسقطات العلماء وأخطائِهم، فالنَّاسُ عندهم لا يُوزَنون إلا بأخطائِهم، ولا يُحكَم عليهم إلا من خِلال زلاتِهم وهفواتِهم، وأنَّ كُلَّ زلَّة وخطأٍ وهفوة تَهْدِمُ كلَّ إحسانٍ وبِرٍّ، واجتِهاد بل شهادةٍ في سبيل الله.

فأهلُ السُّنَّة العاملون الصادعون بالحقِّ: علماؤهم المجاهدون بالسيف والكلمة، ودُعاتُهم، وعوامُّهم هم المُنْكَرُ الأكبر - في رأيهم السقيم - الواجبُ إزالتُه من على وجه البسيطة، وكلَّما زاد عِلْمُ العالم، وجِهادُ المُجاهد، وجهْرُ الدَّاعية بالحقِّ، كلما زادَ إنكارُهم عليه، وتضليلُهم إيَّاه، وهتْكُ عِرْضِه بألسِنَتِهم الحداد وأقلامِهم المسمومة، وتسليمهم لأعداء الأمة وأعداء الإنسانية!

ولو أنَّ الأمْرَ قدِ انتهى عند هذا الحدِّ لهان الخطْبُ، ولكنَّهم مع كلِّ هذا الضلال نسبوا باطلَهم وزيغَهم، وتُرَّهاتِهم وخُزَعْبِلاتِهم إلى مُعتقد أهْلِ السُّنَّة والجماعة.

ومن المعلوم من دينِ الإسلام بالضرورة، ومن البَدَهيَّات العقليَّة: أنَّ الرَّدَّ على المُخالف لا يكون إلا بعلْمٍ وعدْل، وليس بظُلْمٍ وجهل وجَوْر، وأنَّ الكلام يُحْمَل ويُفَسَّر على وجهٍ حسنٍ صحيحٍ ما أمكن، وأنَّ ما أُجْمِل في موضعٍ يُحْمل على المُفَصَّل المُحْكم من كلامِه في موضعٍ آخَر، وأنَّ مذهبَ الرَّجُل إنما يؤخَذ من آخِر كُتُبِه، كما يَجِبُ عدمُ تَحميل كلام المخالف ما لا يَحتمِلُه؛ بالدُّخول في النَّوايا، أو افتِراض الظَّنِّ السيِّئ.

وما قوَّى نَشَاطِي لهذا الموضوع: أَنِّي رَأَيْتُ كثيرا من المبتدئين في العلم الشرعي قد غرَّهم مذهبُ القِيل والقال، وثقافةُ الغِيبة والنَّميمة والبُهتان، يَقْرَؤُونُ ولا يَفْهَمُون، ومَذْهَبُهُم مَذْهَبُ العَوَامِّ، مع قلَّةِ العِلْمِ، وعَدَمِ الفَهْم، فضلاً عن ما هم عليه من العَصَبِيَّةِ المقيتة، والتي يسمُّونها سُنَّةً، حتى أن كثيرين ممن لم ينتسبوا لهذا المذهب الفاسد تأثروا به تأثرًا بالغا؛ ويظهر هذا جليا من تطاول هؤلاء الفُسْل على الأكابر من أهل العلم، الأحياء منهم والأموات؛ فوجب بيانُ الصَّوَاب لكلِّ مَن رزقه الله فَهْمًا في الدين والدنيا.

هذا؛ وإن كان الكَلامُ مَعَ هؤلاء مشافهةً صَعْبًا؛ لِقِلَّةِ فَهْمِهِم، وضحالة فِقْهِهِم، وهروبهم دائما من المناقشة؛ بدعوى أنها - أي المناظرة - من بدع العصر الحديث!!

بيد أَنِّه لابدَّ من مرَاعَاة طَالِبِي الحَقِّ مِنَ المسلمين، فنبين لهم الحق وندحض الباطل، وإن كنَّا لَم نبَالِ بِالسَّفْسَافِ الغَوْغَاءِ، الذين جِنَايَتُهُم على الشريعةِ، ومُخالفتِهم لمذاهبِ الفقهاءِ أجْمعين، ومنابذتهم لمعتقد أهل السنة وتفريق المسلمين - أكثَرُ من أن تُحصى.

وإن كان الغرض الأسمى والمطلب الأقوى - فيما أُرى - لهذا المقال هو مراعاة حال من ليس من أهل العلم؛ فيظن جهلاً أن ما يفعله ألئك الأغرار - هو فعلاً - مذهب أهل السنة في معاملة المخالفين، فضلاً عن معاملة علمائهم. 

وليُعلم أن من أعظم قواعدِ الملَّة الحَنِيفِيَّة في الحُكم على الأشخاص، والَّتي دلَّ عليْها الكِتاب والسُّنَّة والإجْماع - قاعدةَ الموازنة، وتتلخَّص في أنَّ الحكم على الأشخاص يكونُ بالأغلب من أقوالِهم وأفعالهم، ما دام العالم أو الدَّاعية على مذهب أهل السُّنَّة في الجملة، وناصرًا لمعتقدهم على الإجمال، ثم بعد ذلك قال بقَوْلِ أهل البِدَعِ في مسألة - أو مسائلَ - لا يَعني ذلك أنَّه قد صار مبتدِعًا خارجًا عن أهل السُّنَّة، وهذا ما لم يَقُلْه أحد من أهل العلم ألبتة، ولَو قُلْنَا بغيْر ذلك، ومَاشَيْنا أهْلَ الضَّلال - وحاشانا - لَم يَسْلم لنا عالِمٌ واحد ولا إمام! كما قيل:

مَنْ ذَا الَّذِي مَا سَاءَ قَطّ ♦♦♦ وَمَنْ لَهُ الحُسْنَى فَقَطْ

 

قال العلاَّمة ابن القيِّم في "زاد المعاد": "ومن فوائد هذه القِصَّة: أنَّ الكبيرةَ العظيمة - مِمَّا دون الشِّرك - قد تُكَفَّرُ بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجَسُّ من حاطبٍ مُكَفَّرًا بشهوده بدرًا، فإنَّ ما اشتملتْ عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة، وتَضَمَّنتْه من محبَّة الله لَها، ورِضاه وفرحِه بها، ومُباهاته لِلملائِكة بفاعِلها - أعظمُ مما اشتملت عليه سيئةُ الجَسِّ من المفسدة، وتَضَمُّنِه من بُغْضِ الله لها، فَغَلَبَ الأقوى على الأضعف، فأزاله وأبطل مُقْتضاه؛ وهذه حكمةُ الله في الصحة والمرض، الناشئَيْنِ من الحسنات والسيئات، المُوجِبَيْنِ لصحة القلب ومرضه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، وقال: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [النساء: 31].

فتأمَّلْ قوَّةَ إيمان حاطب، التي حملَتْه على شهود بدر، وبَذْلِه نَفْسَه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثارِه اللهَ ورسولَه صلى الله عليه وسلم على قومِه وعشيرتِه وقرابتِه، وهم بين ظَهْرَانَيِ العَدُوِّ وفي بلدهم، ولم يَثْنِ ذلك عِنان عزمه، ولا فَلَّ من حَدِّ إيمانه، ومُواجهته للقتال لِمَنْ أهلُه وعشيرتُه وأقاربُه عندهم، فلما جاء مرَضُ الجَسِّ بَرَزَتْ إليه هذه القوَّة، فاندفع المرض، وقام المريض، كأنْ لم يكن به قَلْبُه، ولما رأى الطبيبُ قُوَّةَ إيمانه قد اسْتَعْلَتْ على مرض جَسِّهِ وَقَهَرَتْهُ، قال لمن أراد فَصْدَهُ: لا يحتاج هذا العارضُ إلى فِصَادٍ، ((وما يُدريك لعلَّ الله أن يكونَ قدِ اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))".اهـ. مُختصرًا.

وروى البخاري ومسلم، عن عِتْبانَ بن مالك: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أتاه في بيتِه ليُصَلِّي له في مكان يتَّخِذُه مُصلًّى. إلى أن قال: فقال رجلٌ منهم: ما فعل مالك، لا أراه؟! فقال رجل منهم: ذاك منافقٌ لا يُحبُّ الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقُلْ ذاك، ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغى بذلك وجه الله؟!)) فقال: الله ورسوله أعلم، أمَّا نَحن، فوالله، لا نرى ودَّه ولا حديثَه إلا إلى المنافقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإنَّ الله قد حرَّم على النَّار مَن قال: لا إله إلا الله يَبتغى بذلك وجه الله)).

فانظُرْ - رعاك الله - كيف تثبَّت النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في شأْنِ مالكٍ، وأنكر على مَن نَسَبه للنِّفاق، وحَمل الأمرَ فيه على الوَجْهِ الجميل، ودافع عنه ببيان أنَّ مالكًا لَم يكتَفِ في الإيمان بِمجرَّد النُّطْقِ من غيْرِ اعتِقادٍ، بل أثبت له صِدْقَ إيمانِه، وبيَّن بيانًا عامًّا: أنَّ العمل الذي يُبْتَغى به وجهُ الله - تعالى - يُنْجِي صاحبه، إن شاء الله تعالى.

أمَّا أقوال أئمَّة السُّنَّة الأعلام، فأكثَرُ من أن تُحصَر، وأعظم من أن تُذكر؛ إلا أن نذكر منها النَزْرَ اليسير، فَمَنْ راجعَ كُتُبَ العقائد والتَّراجِم والسِّيَر، وتأمَّل كُتُبَ شَيْخَيِ الإسلام أبي العبَّاس، ابن تيمية، وأبي عبدالله، ابن القيم، وكُتُب الحافظ الذَّهَبِيِّ، وغيرهم من أهل العلم الكِبار، وَجَدَ الحُجَّة تِلْوَ الحُجَّة في تَأْصِيلِهم لِهذا المنهج الرَّشيد القَويم، الَّذي شَهِدَ له المنقولُ والمعقولُ بأنه قاعدةٌ مُضطرِدةٌ في الشرع والعقل.

قال الإمام مالك بن أنس: "كلٌّ يُؤْخذ من قولِه ويُترَك؛ إلا رسولَ الله"، وقال الإمام أحمدُ بن حنبل: "لم يَعْبُر الجِسْر إلى خُراسانَ مثلُ إسحاق، وإن كان يُخالفنا في أشياء، فإنَّ النَّاس لم يَزَلْ يُخالف بعضُهم بعضًا"، "سير أعلام النبلاء".

وقد حكى شيخ الإسلام، أبو العبَّاس ابن تيمية اتِّفاقَ أهلِ السُّنَّة على قاعدة الموازنة الذهبية تلك، فقال - قَدَّسَ اللهُ رُوحَه، ونَوَّرَ ضَرِيحَه - في "مجموع الفتاوى" (28/209): "وإذا اجتَمع في الرَّجُل الواحد خيرٌ وشرٌّ، وفجورٌ وطاعةٌ ومعصيةٌ، وسنَّةٌ وبدعةٌ - استحقَّ من الموالاة والثَّواب بقَدْرِ ما فيه من الخَيْرِ، واستحقَّ من المُعاداة والعِقاب بِحَسب ما فيهِ من الشَّرِّ، فَيجْتَمِعُ في الشَّخص الواحد مُوجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا؛ كاللِّصِّ الفقير: تُقْطَع يدُه؛ لسَرِقَته، ويُعْطى من بيت المال ما يَكفيهِ لحاجتِه، هذا هو الأصل الذي اتَّفق عليه أهل السُّنَّة والجماعة، وخالفَهُم الخوارجُ والمعتزِلة ومَن وافقهم عليْه؛ فلم يَجعلوا النَّاسَ إلاَّ مُستحِقًّا للثَّواب فقط، وإلاَّ مُستحقًّا للعِقاب فقط".

وقال في موضعٍ آخَر (35/ 94): "ومَن كان فيه ما يُوالَى عليه من حسناتٍ، وما يُعادَى عليْه من سيِّئاتٍ، عُومل بِموجِب ذلك، كفُسَّاق أهل الملَّة؛ إذْ هُم مستحقُّون للثَّواب والعقاب، والمعاداة، والحبِّ والبغض، بِحسب ما فيهم من البِرِّ والفجور فإنَّ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].

وقال أيضًا (3/283): "والأصل أنَّ دماءَ المسلمين وأموالَهم وأعراضَهم مُحرَّمةٌ من بعضِهم على بعض، لا تَحلُّ إلا بإذن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا خطبَهُم في حجَّة الوداع -: ((إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعْرَاضَكُم عليْكم حرامٌ، كَحُرمة يومِكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا))، وقال: ((كلُّ المسلم على المسلِمِ حرامٌ: دمُه، ومالُه، وعرضُه))، وقال: ((مَن صلَّى صلاتَنا، واستقْبَل قِبْلَتنا، وأكَل ذبيحَتَنا، فهُو المُسْلِم، له ذمَّة الله ورسولِه))، ولهذا؛ كان السلف مع الاقتِتال يُوالِي بعضُهم بعضًا مُوالاةَ الدين، لا يُعادون كمُعاداة الكفَّار؛ فيقْبَل بعضُهم شهادةَ بعض، ويأخُذ بعضُهم العلمَ عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بِمعاملة المسلمين، بعضهم مع بعض، مع ما كان بينَهم من القتال والتَّلاعُن وغير ذلك".

وقال كذلك عن أبي مُحمَّد بن حزم - على الرَّغْم من أنَّه قال بقول الجَهْمِيَّة في باب الأسماء والصفات - (مجموع الفتاوى 4/20): "وإن كان أبو مُحمَّد بن حزم في مسائل الإيمان والقدَر أقومَ من غيْرِه، وأعلَمَ بالحديث، وأكثرَ تعظيمًا له ولأهله من غيره، لكنْ قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة، في مسائل الصِّفات ما صرفه عن مُوافقة أهل الحديث في معاني مذهبِهم في ذلك، فوافق هؤلاءِ في اللفظ وهؤلاء في المعنى. وإن كان له من الإيمان والدِّين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يَدْفَعُه إلا مُكابر، ويُوجَد في كُتُبِه من كثرة الاطِّلاع على الأقوال، والمعرفة بالأحوال، والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانبِ الرِّسالة ما لا يَجتمِعُ مثلُه لغيره، فالمسألة التي يكون فيها حديثٌ يكون جانِبُه فيها ظاهِرَ التَّرجيحِ، وله من التَّمييزِ بين الصحيح والضَّعيف والمعرفة بأقوال السلف ما لا يكادُ يقَع مثلُه لغيره من الفقهاء".

واعتذر أيضًا عن القاضي أبي يعلى، وهو من متكلِّمة الحنابلة - وقد قال بقول الجهْمِيَّة في مسألة شاتِم الرَّسول - في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (1 /513)، فقال: "وهذه زلَّة منكَرة وهفوة عظيمة، ويرحم الله القاضيَ أبا يعلى، قد ذكر في غيْرِ موضعٍ من كُتُبِه ما يُناقض ما قاله هنا؛ وإنَّما وقع من وقع في هذه المهْواة ما تلقَّوْهُ من كلام طائفةٍ من متأخِّري المتكلمين".

ومَنْ طالع كتاب "مدارج السالكين"، للإمام أبي عبدالله بن القيم رأى أنَّه ينقل عن الهروي صاحبِ المنازل أشياءَ كثيرةً مُنْكَرة، ومُخالفة لعقيدة السلف، وأحيانًا تكون من الطَّامَّات الكبرى، ثُمَّ يتأوَّل عنه، ويُحاول حَمْلَ كلامِه مَحملاً حسنًا؛ لأنَّه كان من أهل السنَّة في الجملة، وغرضه نصرة الحق.

فقال مرَّة - بعد أن ذكر كلامًا مُتهافتًا للهروي - في (3 /394): "شيخ الإسلام حبيبُنا، ولكن الحقَّ أحبُّ إليْنا منه، وكان شيْخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: عملُه خيْرٌ من عِلْمِه، وصدق - رحِمه الله - فسيرتُه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد أهل البِدَع لا يُشَقُّ له فيها غبار، وله المقاماتُ المشهورة في نُصرة الله ورسولِه، وأبَى الله أن يكسُوَ ثوبَ العِصمة لغَيْرِ الصَّادق المصدوق، الذي لا يَنطِق عن الهَوى، وقد أخطأ في هذا الباب لفظًا ومعنًى".

ومَنْ تأمَّل كتاب "سير أعلام النبلاء"، للإمام الذَّهبي، يَجِد قاعدةَ الموازنة بعَدْلٍ وتجرُّد وإنصاف، واضحةً جليَّة مع مَن هم مِن أهل السنة في الجملة، فقال في ترجمة أبي مُحمَّد بن حزم (18/186): "ولقد وَقَفْتُ له على تأليف يَحضُّ فيه على الاعتِناء بالمنطق، ويقدِّمُه على العلوم، فتألَّمتُ له؛ فإنَّه رأس في علوم الإسلام، متبحِّر في النقل عديم النظير. إلى أن قال: فلا نَغْلو فيه ولا نَجفو عنه، وقد أثْنَى عليه قبلنا الكبار".

وقال في ترجمة الإمام الكبير محمد بن نصر المروزي (14/40): "ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتِهاده في آحاد المسائل خطأً مغفورًا له، قُمْنا عليه وبدَّعناه، وهجرْناه، لما سَلِمَ معنا ابْنُ نصر، ولا ابن منده، ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخَلْقِ إلى الحقِّ، هو أرحم الراحمين، فنعوذُ بالله من الهوى والفظاظة".

وقال معتذرًا عن إمام الأئمَّة ابن خُزيْمة، في تأويلِه لحديث الصورة (14/376): "فليُعْذر من تأوَّل بعض الصفات. ولو أنَّ كلَّ مَن أخطأ في اجتِهاده، مع صحَّة إيمانه وتوخِّيه لاتِّباع الحقِّ، أهدرناه وبدَّعناه - لقلَّ مَن يسلم من الأئمَّة معنا".

وقال في ترجمة قتادة (5/271): "وكان يرى القدر - نسأل الله العفو - ومع هذا فما توقَّف أحدٌ في صِدْقِه وعدالته وحفظه، ولعلَّ اللهَ ُيعذُر أمثالَه، مِمَّن تلبَّس ببدعةٍ، يُريد بِها تعظيمَ الباري وتنزيهه، وبذَل وُسْعَه، والله حكَمٌ عدْلٌ لطيف بعباده، ولا يُسأل عمَّا يفعل، ثم إنَّ الكبير من أئمَّة العلم إذا كثُر صوابُه، وعُلِمَ تحرِّيه للحقِّ، واتَّسع عِلْمُه، وظهر ذكاؤُه، وعُرِفَ صلاحُه وورعُه واتِّباعه، يُغْفَر له زلَلُه، ولا نُضلِّله ونطرحه وننسى محاسنه، نَعَمْ، ولا نقتدي به في بِدْعَته وخطئه، ونرجو له التَّوبة من ذلك".

وقال الحافظ في "الفتح"، (5/335): "الحُكْم على الشَّيْءِ بِما عُرِفَ من عادته، وإن جاز أن يطرأ عليه غيرُه، فإذا وقع من شخصٍ هفوةٌ، لا يُعْهَد منه مثلُها، لا يُنسب إليها، ويُردُّ على من نسبه إليها، ومعذرة من نسبه إليها مِمَّن لا يعرف صورة حاله".

هذا؛ وقد أفرد علامة عصْرِه، وأُعْجُوبةُ دهره الشَّيخ بكر بن عبدالله أبو زيد تصانيفَ قيِّمة، مشى فيها على طريقة الأقدمين في الانتِصار لعُلماء الأمَّة المُفْتَرى عليهم، ومن تلك الكتب: "الردود"، و"براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمَّة"، و"تصنيف الناس بين الشَّكِّ واليقين"، و"الرسالة الذهبيَّة"، وكان لسان حالِه، وهو يُجاهِد بقلمه، شاهرًا إيَّاه في وجْهِ الحروريَّة الجُدُد، والمرجئة الجُلُد، والمُتَنَطِّعة العبط:

فَدُونَكَ إِذْ تَرْمِى الظِّبَاءَ سَوَانِحًا ♦♦♦ تَلَقَّ مَرَامِيْهَا فَمَنْ يَرْمِ يَتَّقِي

 

وهاك بعضَ الآداب العامَّة للتعامُل مع المخالف:

• التثبت من قول المخالِف - مهما عظُمَتْ مُخالفتُه - وإعذارُه، وتنزيهُه من فساد النية وإرادةِ غير الحقِّ؛ ما دام ظاهره هو الدينَ والعدل.

• إحسانُ الظَّنِّ بالعلماء والدُّعاة والمصلحين وعامَّة المسلمين، وعدم الاعتِقاد أنَّهم تعمَّدوا تركَ الحقِّ إلا إن قام دليل صحيح يدل على ذلك، ولنترك سرائِرهم لله - سبحانه وتعالى.

• ترك التشنيع والتَّفسيق والتبديع في الأمور الاجتهادية، وفي كل ما يُعْذَر فيه بالجهل أو التأويل، وخاصَّة العُلماءَ المشهود لهم بالخير والاجتِهاد، إذا خالف بعض الأمور القطعيَّة اجتهادًا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وليس في ذِكْرِ كون المسألة قطعيَّة طعنٌ على مَن خالَفَها من المجتهدين؛ كسائِر المسائل التي اخْتَلَف فيها السلف، وقد تيقنَّا صحَّة أحدِ القولَيْن"، "الآداب الشرعية: 186/1".

ولا فرْقَ في ذلك بين مسائِلِ الاعتِقاد ومسائل الفِقْه؛ قال شيخ الإسلام: "فمَنْ كان من المؤمنين مُجتهدًا في طلب الحقِّ وأخطأ، فإنَّ الله يَغْفِر له خطأه كائنًا ما كان، سواءٌ كان في المسائل النظريَّة أو العمليَّة، هذا الذي عليه أصحابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم وجَماهير أئمَّة الإسلام".اهـ. "مجموع الفتاوى23/346".

وقال "مجموع الفتاوى 20/33-36": "والخطأ المغفورُ في الاجتهاد هو في نوعَيِ المسائل الخبريَّة والعمليَّة، كما قد بسط في غير موضعٍ، كمَنِ اعتقد ثبوتَ شيء لدلالة آيةٍ أو حديثٍ، وكان لذلك ما يعارضُه ويُبيِّن المراد ولم يَعْرِفه، مثلُ منِ اعتقَد أنَّ الذَّبيحَ إسحاقُ؛ لحديثٍ اعتقَدَ ثبوتَه، أوِ اعتقد أنَّ الله لا يُرى؛ لقولِه تعالى: ﴿ لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ﴾ [الأنعام: 103]، ولقوله: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ [الشورى: 51]، نُقِلَ عن بعض التابعين أنَّ الله لا يُرى، وفسَّروا قوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23] بأنَّها تنتظِرُ ثوابَ ربِّها، كما نُقِلَ عن مُجاهدٍ وأبي صالح - أوِ اعتقد أنَّ الله لا يَعْجَبُ، كما اعتقد ذلك شريْحٌ؛ لاعتِقاده أنَّ العجب إنَّما يكون من جهل السبب، والله منزَّه عن الجهل.

وكما أنكر طائفةٌ من السَّلف والخلف أنَّ الله يُريد المعاصيَ؛ لاعتِقادهم أنَّ معناه أنَّ الله يُحِبُّ ذلك ويرضاه ويأمُر به، وكالذي قال لأهله: ((إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم ذرُّوني في اليمِّ؛ فوالله، لئن قدر الله عليَّ ليُعذِّبنِّي عذابًا لا يعذِّبه أحدًا من العالمين))، وكثيرٌ من النَّاس لا يعلم ذلك؛ إمَّا لأنَّه لم تبلغْهُ الأحاديثُ، وإمَّا لأنَّه ظنَّ أنَّه كذب وغلط".اهـ مختصرًا.

وقال في "مجموع الفتاوى 19/122": "وتنازعوا - أي الصحابة - في مسائلَ علميَّة اعتقاديَّة - كسماع الميِّت صوتَ الحيِّ، وتعذيب الميِّت ببُكاء أهله، ورؤية مُحمَّد ربَّه قبل الموت - مع بقاء الجماعة والأُلْفة، وهذه المسائل منها ما أحدُ القولين خطأٌ قطعًا، ومنها ما المُصيب في نفْسِ الأمر واحدٌ عند الجُمهور أتباع السلف، والآخَرُ مؤدٍّ لِما وجب عليه بِحسب قوَّة إدراكه. ومذهبُ أهل السنة والجماعة: أنَّه لا إثْمَ على من ِاجتهَد وإنْ أخطأ".

ولعلَّه قد ظهر مِمَّا سبق بيانه: أنَّ الأصلَ عند هؤلاء الحرورية هو استحالةُ اجتِماع الثَّواب والعِقاب، والحسنات والسيِّئات، والسُّنَّة والبدعة، والمُوالاة والمعاداة في شخصٍ واحدٍ، فمَن أُثِيبَ لا يُعاقَب، ومَن عُوقب لَم يُثَبْ، كما قالتِ الخوارج قديمًا، والذي فارقوا به أهلَ السُّنَّة حيث زعموا: أنَّ الطاعة جزءٌ من الإيمان، والمعصية جزءٌ من الكفر، ولا يَجتمِعُ كفرٌ وإيمان؛ لأنَّه ليس هناك إلا مؤمنٌ مَحض أو كافرٌ محض - كما زعموا.

ودلائلُ اجتِماع شُعَب الإيمان وبعضِ شُعَب الكُفْر، في شخصٍ واحدٍ من الكتاب والسُّنَّة - كثيرٌة جدا، وقد أجْمَع عليه علماء الأمَّة؛ قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى (27/476)": "فإنَّ العبد قد يكون فيه سببُ هذا وسببُ هذا - الطاعةَ والمعصيةَ - إذا اجتمع فيه مِنْ حُبِّ الأمرَيْنِ؛ إذْ كان من أصول أهل السُّنَّة التي فارقوا بِها الخوارج: أنَّ الشَّخص الواحد تَجتمع فيه حسناتٌ وسيئات، فيُثاب على حسناتِه ويُعاقَب على سيِّئاته، ويُحمَد على حسناتِه ويذمُّ على سيِّئاته، وأنَّه من وجهٍ مرضيٌّ محبوبٌ، ومن وجهٍ بغيضٌ مسخوط؛ فلهذا كان لأهل الأحداث هذا الحكمُ، وأمَّا أهل التأويل المَحْض، الذين يسوغ تأويلهم: فأولئك مُجتهدون مُخطئون، خطؤُهم مغفورٌ لهم، وهم مُثابون على ما أحسنوا فيه، من حُسْنِ قَصْدِهم واجتهادِهم في طلب الحق واتِّباعه، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم: ((إذا اجتهد الحاكمُ فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد الحاكمُ فأخطأ فله أجْر)).

هذا؛ وللحديث بقية.


وقد وردت آيات كثيرة في القُرآن الكريم يصعُب حصْرُها تؤصل قاعدة العدْلِ والمُوازنة بالقِسط، منها قوله تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]، وقال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9]، وقال سبحانه: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3].

بل إنَّ الله - تعالى - قد أنصف اليهود فذكر ما عند بعضِهم من أمانةٍ، فقال سبحانه: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75].

قال الإمام أبو جعفر الطبري: "هذا خبر من الله عزَّ وجلَّ أنَّ من أهل الكتاب - وهُم اليهودُ من بني إسرائيل - أهلَ أمانةٍ، يؤدُّونَها ولا يَخونونها، ومنهم الخائنُ أمانتَه، الفاجرُ في يَمينِه المستحِلُّ".

وكذلك قد وردتْ في صحيح السُّنَّة أحاديثُ كثيرةٌ، تدلُّ على تأصيل النبي صلى الله عليه وسلَّم وإرسائه لتلك القاعدة الذهبيَّة، وأنه ربَّى أصحابَه عليها، ودفع عنهم ما كان يَشوبُها أحيانًا، مع تَوجيهِهم إلى الحقِّ والعدْل والإنصاف، ومن الأمثلة المشهورة ما رواه البُخاريُّ عن عمر بن الخطاب: أنَّ رجلاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلَّم كان اسمه عبدَالله، وكان يُلقَّب حمارًا، وكان يُضْحِك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وكان النبي صلى الله عليه وسلَّم قد جَلَدَهُ في الشراب، فأُتِيَ به يومًا، فَأَمَر به فجُلِدَ، فقال رجلٌ من القوم: اللهم الْعَنْه، ما أكثرَ ما يُؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلَّم: ((لا تلعنوه! فوالله، ما علِمْتُ إلا أنَّه يُحِبُّ الله ورسوله)).

فانظر رحِمك الله كيف دافع نَبِيُّ الرَّحمة عن مُدْمِن للخَمر؛ لأنَّه وازن بين إدمانِه وما استقرَّ في قلبه من محبَّة للَّه ولرسوله، التي هي أصلُ الإيمان، فغلَّب القويَّ على الضعيفِ، ومثلُه ما ورد في حديث البطاقة!

وروى الشَّيخان عن عليٍّ رضي الله عنه في قصَّة حاطبِ بنِ أبي بلتعة رضي الله عنه وفيها: أنَّه أرسل كتابًا إلى ناسٍ من المشركين من أهل مكَّة، يُخْبِرُهُمْ ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا حاطبُ، ما هذا؟!))، قال: يا رسولَ الله، لا تَعْجَلْ عليَّ، إنِّي كنتُ امْرَأً مُلْصَقًا في قريش، ولم أكن من أَنْفُسِهِا، وكان مَنْ معكَ من المهاجرين لهم قَرَابَاتٌ بمكَّةَ، يَحْمُونَ بها أهليهم وأموالَهم، فأحببتُ إذ فاتني ذلك من النَّسَبِ فيهم أن أَتَّخِذَ عندهم يدًا، يَحْمُونَ بها قَرَابَتِي، وما فعلتُ كفرًا، ولا ارتِدادًا، ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد صَدَقَكُمْ))، قال عمر: يا رسولَ الله، دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا المنافق، قال: ((إنه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْرِيكَ لعلَّ اللهَ أن يكون قد اطَّلَعَ على أهل بدر، فقال: اعمَلوا ما شئتُم، فقد غفرتُ لكم)).

ولا يَخفى أنَّ ما فعله حاطبٌ مُوالاةٌ للكُفار، والتي حُكْمُها، إما كفرٌ مُخْرِجٌ مِن المِلَّةِ، وإمَّا معصيةٌ من كبائر الذنوب، ومع كلِّ هذا لم يَرفَع عنه وصفَ الإيمان، بل أنكر عليه فِعْلَتَهُ وقَبِلَ عذره، وأثبت تأثيرَ حسناتِه الكبار في تَكفير ذنبِه وإن كان كبيرًا، بل ودافع عنه بردِّ النفاق وإثبات نقيضه وهو الإيمان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه الخلاف والموازنات، بين المغالاة والمجافات (2)
  • أدب الخلاف
  • تحرير محل النزاع.. حتى نضيق هوة الخلاف
  • من قواعد فقه التعامل مع المخالفين
  • أيها الكبار .. الخلاف فرصة
  • أعلم الناس بما لم يكن!!
  • من ركائز الإنصاف في مباحث الخلاف
  • العوج المرغوب والشطط المصحوب
  • مسائل حول الخلاف والاجتهاد
  • موقف العوام من اختلاف العلماء
  • حكم الخلاف
  • مسائل في فقه الخلاف: التأدب بأدب الخلاف والتسامح في مورد الاجتهاد
  • المغالاة في الديات

مختارات من الشبكة

  • الموازنة بين المصالح والمفاسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرية البدائل بين فقه الأولويات وفقه الضرورة(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فقه المرافعات (1) مكانة فقه المرافعات بين العلوم بعامة وعلوم الشريعة بخاصة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الفرق بين قواعد الفقه وأصول الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيد الأم .. ما بين فقه الدين وفقه الواقع(مقالة - ملفات خاصة)
  • السياسة الشرعية بين فقه الاستضعاف وفقه التمكين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقدمات في أصول الفقه: دراسة تأصيلية لمبادئ علم أصول الفقه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفقهاء والأخذ بالسنة (رسالة موجزة في بيان مكانة السنة عند الفقهاء وأعذارهم في ترك العمل ببعضها)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
13- لا فوض فوك
عبد الرحمن الطوخي - مصر 13-07-2010 11:25 PM

جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ خالد عبد المنعم على هذا المقال الرائع فلكم أثلج صدري ، ولعمر الله هؤلاء الين يتكلمون ويحيدون عن الحق ، لا يتكلمون بانصاف ، بل بهوي وتبعية ، ذيل إمعة ، يسمع بإذن غيره ، ويبصر بعين غيره ، لا يكاد يتفق معك في نقطة ، لأنها جاهل بالخلاف ، ولا يعرف تحرير محل النزاع ، وقى الله الأمة شر هؤلاء بمنة وكرمه
محبكم
أبو أروى

12- تنبيه من الألوكة
الألوكة - السعودية 06-09-2008 04:20 PM
الإخوة الزوّار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:
نشكر لكم قراءتكم للموضوع وإثراءكم له بالتعليقات
كما نعتذر عن إدراج أي تعليق لا يناقش الموضوع المقالة
مع شكرنا للجميع

الإدارة
11- وكان الإنسان أكثر شيء جدلا
سحنون - مصر 05-09-2008 06:42 PM
الأخت نور الهدى نور الله بصيرتها:
رمي الناس بالتعصب والمراء لا يعجز عنه أحد، ولو كان التغبير في وجوه الخصوم بتلك الطريقة دون سرد ما يثبت ذلك من الأدلة لكانت الصولة لبعض أهل الباطل الذين لا يحسنون سوى الجدل السوفسطائي على بعض أهل الحق الذين يملكون الحق الصراح إن ضعفت بضاعتهم من المناظرة والجدل، ولكن العامي الموحد يغلب ألف مُخَلِّط بما يحمله من الحق الواضح الصريح، فإن ضم إليه من حسن البيان وروعة الأسلوب ما يزينه فلا تسل عما يصيب الخصوم من الصراخ والعويل، وقديما قيل: الصراخ على قدر الألم.
وعجيب إنكار الأخت إقحام الشيخ البوطي ـ على حد تعبيرها ـ وكأن إنكار الشيخ بكر على أبي غدة رحمهما الله تعالى، ودفاعنا عن الشيخ بكر كان لحسابات شخصية، ولم يكن لمنهج يدين به أبو غدة، والبوطي، وغيرهما من أكابر الأشاعرة والصوفية في هذا الزمان، وكان ينبغي لها أن تسأل نفسها: هل في مقال الشيخ خالد الرفاعي ذكر لأبي غدة بمدح أو ذم؟ لكن التعصب للأشخاص يجعل المتعصب لا يطيق مدح المخالف لشيخه، ولا توقيره.
وتسألنا الأخت عن نهج السلف الصالح في التعامل مع المخالفين، وتريد أن تتوكأ على كلام ابن القيم في المدراج، وكأنها ما درت سبب الخلاف من البداية، فكلام ابن القيم فيمن كان على السنة في الجملة وخالف في بعض الأشياء بتأويل، لا من كانت أصوله تباين أصول أهل السنة، فأرجو أن تفهم الأخت مرادنا، وإلا فلا طائل من البحث.
ومن فهم هذا فهم العلة في غلظة الشيخ بكر على الشيخ أبي غدة رحمهما الله، فما كان له أن يغلظ عليه وهو يعتبره من أهل السنة في الجملة.
والأدلة الشرعية من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأئمة الحديث والسنة على جواز الإغلاظ على أهل البدع والضلال أكثر من أن تحصى، وشفاء العي السؤال، لا الافتئات على الشرع، ورمي المتبع بمخالفة هدي السابقين الذي لا يعرف الرامي عنه إلا النذر اليسير؛ إذ لو عرفه لعرف أن صنيع الشيخ بكر كان في غاية التلطف لا الإغلاظ، عرف ذلك من عرفه، وجهله من جهله.
أما الاتكاء على قصة حاطب رضي الله عنه، فهذا يدل على عدم فهم للحديث، ولا اطلاع على شرح العلماء له، فليراجع في مظانه، ومن أفضلها الصارم المسلول.
10- لماذا الخلط؟
حسام الحفناوي - مصر 05-09-2008 05:30 AM
الأخ أبو عبد الرحمن وفقه الله تعالى لما يحبه ورضاه، لا تعارض مطلقا بين ما قرره الشيخ خالد عبد المنعم حفظه الله تعالى في المقال، وما كتبه في الفتوى الموسومة بالفتوى المضللة؛ بل هذا متوافق تماما مع قوله: الكلام يُحْمَل ويُفَسَّر على وجهٍ حسنٍ صحيحٍ ما أمكن؛ لأن المردود عليه في الفتوى المذكورة قام من الأدلة والقرائن ما لا يحصى على تعمد مخالفة الحق إرضاء لأهواء الناس، وهل يتصور أحد من الناس أن المراد من وضع ضوابط للتبديع أو للتفسيق أو للتكفير ألا يعين ذلك على أحد قط مهما قام من القرائن على اتباع الهوى ومخالفة الحق عن بينة وبَصَر؟ هل يخفى على أحد أن بعض الناس يتحولون من الضد إلى الضد بمجرد تولي بعض المناصب، فيحلون ما حرموه بالأمس، ويحرمون ما أحلوه من قبل، ويبدعون ما كانوا يعدونه سنة، ولا يرون بأسا بما كانوا يرونه بدعة؟ فما بالنا بمن جمع من الشر فأعوى قبل تولي المنصب، فزاد الأمر ضغثا على إبالة بتوليه إياه (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).
9- الموضوع خرج عن مساره
جابر عبدالله - السعودية 04-09-2008 02:20 PM
الإخوة الكرام بارك الله فيكم ونفعنا بما تقولون أرى أن التعليقات خرجت عن موضوع الكاتب .
هناك فرق أيها الأحبة بين النظرية والتطبيق

كاتب المقال جزاه الله خيرا كتب موضوعا قيما واستشهد فيه بما كتبه الشيخ بكر رحمه الله .
هذا هو الموضوع .
كون الشيخ بكر التزم بهذه الضوابط أو لم يلتزم هذه مسألة أخرى .

كان الأولى بنا أن نناقش هذه الضوابط ، وأن تكون مداخلاتنا لإثراء الموضوع وليس الخروج به عن مساره .

دعونا أيها الأحبة نتناقش وفق ماجاء في المقال، لا وفق عصبيتنا وانتصارنا لآرائنا .

وفق الله الجميع لاستماع القول والأخذ بأحسنه.
8- التمسُّكَ بسقطات العلماء وأخطائِهم
أبو عبد الرحمن 04-09-2008 01:23 AM
الأخ خالد الرفاعي أشكر لك جهدك المميز لكن لى تعقيب على نقطة بسيطة أتمنى من فضيلتكم توضيحا

تقول في مقالتك:
((وهاك بعضَ الآداب العامَّة للتعامُل مع المخالف:
- التثبت من قول المخالِف - مهما عظُمَتْ مُخالفتُه – وإعذارُه، وتنزيهُه من فساد النية وإرادةِ غير الحقِّ؛ ما دام ظاهره هو الدينَ والعدل.

- إحسانُ الظَّنِّ بالعلماء والدُّعاة والمصلحين وعامَّة المسلمين، وعدم الاعتِقاد أنَّهم تعمَّدوا تركَ الحقِّ إلا إن قام دليل صحيح يدل على ذلك، ولنترك سرائِرهم لله - سبحانه وتعالى)).

مع أن فى موقعكم فتوى عنوانه (فتوى مضللة) ومجرد العنوان اتهام بالتضليل لأحد العلماء.. وفي مضمون الفتوى عن ذلك العالم ما نصه:
((فهو في مصر عبارة عن "موظف" في وزارة العدل تُحال إليه أوراق المتهمين للفصل فيها أحياناً - لا سيما المحكوم عليهم بالإعدام للتوقيع عليها؛ ولذلك فلا غرابة أن تجد فتاواه موافقه لتوجه الدولة الرسمي، وهذا هو سر سيل فتاواه الشاذة))

أين ذلك من قولكم:
((الكلام يُحْمَل ويُفَسَّر على وجهٍ حسنٍ صحيحٍ ما أمكن، وأنَّ ما أُجْمِل في موضعٍ يُحْمل على المُفَصَّل المُحْكم من كلامِه في موضعٍ آخَر، وأنَّ مذهبَ الرَّجُل إنما يؤخَذ من آخِر كُتُبِه، كما يَجِبُ عدمُ تَحميل كلام المخالف ما لا يَحتمِلُه؛ بالدُّخول في النَّوايا، أو افتِراض الظَّنِّ السيِّئ))

وأكرر سؤال الأخ سحنون من مصر:
هل يصح أن نطالب العلماء وطلبة العلم المخالفين لنا بالتلطف مع الذين نحبهم من العلماء والطلبة، ولا نتلطف نحن مع الذين نطالبهم أم أننا ننهى الناس عن أخلاق نأتي مثلها؟
7- العصمة
عبد الله - مصر 03-09-2008 12:18 AM
الأخ الفاضل سحنون من مصر
بعض الناس يرون العصمة للعلماء..
أهل البدع والضلال من الصوفية والمبتدعة لا يجيزون لأحد أن يتكلم من المريدين لأنهم أقل من أن يفهموا أفعال شيوخهم.
وكثيرون يرون أن من ينتقد رأيا لهم فهو الجاهل عدو الدين والسنة منهم براء - ويكون فسلا يتبع ثقافة الغيبة والنميمة والبهتان

قال تميم الداري : اتقوا زلة العالم , فسأله عمر : ما زلة العالم ؟ قل : يزل بالناس فيؤخذ به , فعسى أن يتوب العالم والناس يأخذون بقوله .

وتشبه زلة العالم بانكسار السفينة ; لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير .
6- زلة العالم
أبو محمد - مصر 03-09-2008 12:16 AM
الأخ كاتب المقالة:
هناك من العلماء من يرفضون أحاديث صحيحة للنبي صلى الله عليهم لمجرد أنها لا توافق عقلهم .. هل ترى أن من يردون عليهم قد جعلوا من أُصول دينِهم، وقواعدهم المُحْكمة التمسُّكَ بسقطات العلماء وأخطائِهم؟؟
وأن النَّاسُ عندهم لا يُوزَنون إلا بأخطائِهم؟؟

كمن قال مثلا: عن حديث في الصحيحين مرفوعا
(يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح) .
قال : من المعلوم المتيقن الذي اتفق عليه العقل والنقل
أن الموت ليس كبشا ولا ثورا ولا حيوانا من الحيوانات
5- لا للعصبية
نور الهدى - لبنان ـ بيروت 02-09-2008 09:21 PM
الأخ الكريم سحنون وقاك الله ريب المنون وتوفاك مستقيماً غير مفتون
المصيبة أيها الأخ الكريم أن نتعصب للأشخاص على حساب المنهج
مع العلم أن الرجال يقاسون على الشرع ولا عكس ..
لكن أم رأيت وقرأت الأوصاف التي وصفها بها الشيخ بكرٌ ـ غفر الله له ولنا ـ الشيخَ أبا غدة ..
أما قرأت العبارات القادحة والذم الصريح فضلاً عن المكنى ؟؟
هل هذا نهج السلف الصالح , وهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثله ـ وحاشاه ـ أو أحداً من صحابته الكرام ـ رضي الله عنهم ..
وأما قول عن التماس النبي صلى الله عليه وسلم العذر للصحابة الكرام ألم تره واضحاً في قصة حاطب رضي الله عنه..
وألم تسمعه في قصة عتبان بن مالك رضي الله عنه ؟؟
ثم ألم تسمع وتقرأ ـ أيها الكريم ـ قول صاحب المقالة : ومَنْ طالع كتاب "مدارج السالكين"، للإمام أبي عبدالله بن القيم رأى أنَّه ينقل عن الهروي صاحبِ المنازل أشياءَ كثيرةً مُنْكَرة، ومُخالفة لعقيدة السلف، وأحيانًا تكون من الطَّامَّات الكبرى، ثُمَّ يتأوَّل عنه، ويُحاول حَمْلَ كلامِه مَحملاً حسنًا؛ لأنَّه كان من أهل السنَّة في الجملة، وغرضه نصرة الحق"أهـ.
ثم ما شأنك الآن بالشيخ البوطي حتى تقحمه في الرد دون وجه حق ولا صواب ولا حاجة ولا مندوحة .؟؟..
قلتم : وسؤال أخير أرجو الإجابة عليه دون حيدة: هل يصح أن نطالب العلماء وطلبة العلم المخالفين لنا بالتلطف مع الذين نحبهم من العلماء والطلبة، ولا نتلطف نحن مع الذين نطالبهم أم أننا ننهى الناس عن أخلاق نأتي مثلها؟
هذا جوابه تجده في ردود الشيخ بكر على أبي غدة وغيره من العلماء ..
فاتق الله ودع عنك الجدل والمراء , فالأمر أعظم من انتصارك لشخص على حساب آخر..
4- أسئلة أرجو الإجابة عليها
سحنون - مصر 01-09-2008 04:17 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛وبعد،
فالعديد من الأسئلة انقدحت في ذهني لما قرأت تعليق نور الهدى، وأرجو منها الإجابة عليها:
هل كل عثرة تحتمل لصاحبها، ويتغاضى عنها، أم أن من العثرات عثرات لا تقال لذوي الهيئات، فضلا عمن كثرت منهم فصاروا من ذوي العثرات؟
هل يلزم من الرد العلمي أن يكون هينا لينا، أم أن ذلك يختلف باختلاف طبيعة المردود عليه وما أتى به، أم أن كل غلظة ـ ولو في موضعها ـ عددناها سوءا في الأدب ونقصا في الخلق؟
ماذا كان هدف الشيخ عبد الفتاح غفر الله له من الإكثار من النقل عن شيوخه ـ وعلى رأسهم الكوثري والتهانوي ـ مطاعنهم في أئمة المحدثين دون تعقيب يذكر إلا نشر قولهم، وإشاعته؟
هل مقام الشيخ أبي غدة غفر الله له أعلى عند الأخت من مقام أئمة الحديث المتقدمين كالبخاري وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي والخطيب البغدادي وغيرهم الكثير ممن أكثر الشيخ أبو غدة غفر الله له من نقل طعن مشايخه ـ كالكوثري والتهانوي ـ فيهم؟
هل الغلظة من الشيخ أبي غدة على أهل الحديث وأئمة السنة ـ والتي يضمنها كتبه عن طريق النقل عن شيوخه ـ مباحة لمن كان على نهجه ـ كالشيخ البوطي ـ ومحرمة على من كان مخالفا لهم، أم أن ردودهم على مخالفيهم عذب زلال، وضرورة لا غنى عنها صيانة لدين الأمة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وردود مخالفيهم عليهم فتح لباب الفتن، وإشغال للمسلمين بتوافه الأمور، وإنشغال من الرَّادِّين عن معالي الأمور ومهمات النوازل؟
هل صنف الشيخ أبو غدة في الرد على أعداء الملة مثلما صنف الشيخ بكر، أم أن سؤالك عن أولوية إدخار الجهد للرد على أعداء الإسلام كان من الأحرى أن يوجه له رحمه الله تعالى ولمن نَهَج نهجه وسار على دربه من الأحياء والأموات؟
هل حقا التمس النبي صلى الله عليه وسلم العذر لمن وقع في الكفر والخيانة العظمى أم أننا سنضطر لالتماس العذر بالجهل أو التأويل للأخت لقولها ذلك؟
وسؤال أخير أرجو الإجابة عليه دون حيدة: هل يصح أن نطالب العلماء وطلبة العلم المخالفين لنا بالتلطف مع الذين نحبهم من العلماء والطلبة، ولا نتلطف نحن مع الذين نطالبهم أم أننا ننهى الناس عن أخلاق نأتي مثلها؟
1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب