• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

بين الزوجين

محمد بديع موسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2011 ميلادي - 28/6/1432 هجري

الزيارات: 15380

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين الزوجين


الملِكة، هل تعرفينها؟ كانتْ ملِكة على عرشها، على أُسرةٍ ممهدة، وفرشٍ منضدة، بيْن خدَم يخدمون، وأهلٍ يكرمون، لكنَّها كانتْ مؤمنةً تكتم إيمانها، إنَّها آسية، امرأة فرعون، كانتْ في نعيم مقيم.

فلما رأتْ قوافل الشهداء تتسابق إلى أبوابِ السماء، اشتاقتْ لمجاورة ربِّها، وكرِهَتْ مجاورة فرعون، فلما قتَل فرعون الماشطة المؤمِنة، دخَل على زوجه آسيةَ يستعرض أمامَها قواه، فصاحتْ به آسية: الويل لك! ما أجْرأَكَ على الله! ثم أعلنت إيمانها بالله.

فغضِب فرعون، وأقسم لتذوقَنَّ الموت، أو لتكفرَنَّ بالله.

 

ثم أمَر فرعون بها فمدَّتْ بين يديه على لَوحٍ، ورُبطت يداها وقدماها في أوتاد مِن حديد، وأمر بضربِها فضربت، حتَّى بدأتِ الدماء تسيل من جسَدِها، واللحم ينسلِخ عن عِظامها، فلمَّا اشتدَّ عليها العذاب، وعاينتِ الموت، رفعت بصرَها إلى السَّماء، وقالت: ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].

وارتفعتْ دعوتَها إلى السَّماء؛ قال ابنُ كثير: "فكشَف الله لها عن بيتِها في الجنَّة، فتبسَّمتْ، ثُم ماتتْ".

نعمْ، ماتتِ الملِكة التي كانتْ بين طِيب وبخور، وفرَح وسُرور، نعمْ تركَتْ فساتينها، وعطورها، وخدمها، وصديقاتها، واختارتِ الموت، لكنَّها اليوم تتقلَّب في النعيم كيفَما شاءتْ، قد نفعَها صبَرُها على الطاعات، ومقاومتها للشهوات.

 

• رَوى البخاريُّ في صحيحه: عن أبي مُوسَى - رضي الله عنه - قال: قالَ رَسولُ اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كَمُل مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكملْ مِن النِّساء إلاَّ آسية امرأة فِرْعون، ومريم بنت عمران، وإنَّ فضْل عائشة على النساء كفضْلِ الثريد على سائرِ الطعام)).

وأخْرَج النَّسائيُّ بإسناد صحيح، وأخْرج الحاكم من حديثِ ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((أفضلُ نِساء أهل الجنة: خديجةُ وفاطمةُ، ومريم وآسية)).

 

أيها الأحبَّة الأفاضل، أتدرون كيفَ يُمكِن للمرأة المسلِمة أن تدرك هذه المراتِبَ العالية في الفضل والصلاح والتقوى؟

قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صلِّتِ المرأة خمْسَها، وصامَتْ شهرَها، وحفِظتْ فرْجَها، وأطاعتْ زوجَها قيل لها: ادخلي الجنةَ مِن أيِّ الأبواب شِئت))؛ إنَّه باختصار تقْوَى الله وطاعَة الزَّوْج.

وحَديثي اليومَ عن العامِل الثاني مِن هذين العاملين.

 

إنَّ اضطراب الحياة الزوجيَّة عاملٌ كبير مِن عواملِ اضطراب الأوْضاع في الأمَّة، وهذه المشكلات إنَّما تنشأ عن التساهُل في أحكامِ الشَّرْع، وعندَما تخف رقابةُ الإنسان لربِّه - تبارك وتعالى - والواجِب على المسلِم أن يعرِف الحقوق والواجبات بيْن الزوجين، ويقوم بها خيرَ قيام، فلو استقام الأمرُ بينهما على حبٍّ رُوحي كريم، وعلى حقٍّ واضِح صريح يعرِفه كلٌّ منهما ويُطبِّقه على نفْسه، ويطالِب به نفْسه قبل أن يُطالب به الآخَر - لو حصَل ذلك كله لارْتَفع المستوى الاجتماعي في البيت؛ حيث تنعَم الأُسرة كلها بالأمْن والسعادة والاستقرار.

 

ويوم أنْ كانتْ أمَّتنا المسلمة تقود رَكْب الإنسانية إلى الخيرِ، وتحمل مشعلَ الهداية إلى الشُّعوب، كانتْ في داخل بيوتها تنعَم بما لا يعرِف له التاريخ مثيلاً مِن استقرار السعادة الزوجيَّة، وشُمول الطُّمأنينة والحب والتعاون لجميعِ أفرادها؛ ذلك لأنَّ الإسلام وضَع لكلٍّ مِن الزوجين والآباء والأبناء حدودًا واضحةً، يتميَّز فيها حقُّ كلِّ فئة عن حق الفِئة الأخرى، وهي حقوقٌ متكافئة منسجِمة تؤدِّي إلى ملْءِ القلوب بالحب، وملْء الحياة بالنعيم، وملْء المجتمع بالنَّسْل الصالح الذي يبني ولا يهدِم، ويسمو ويرتفِع ولا ينحدر.

 

ويجب أن تعرِف كلُّ زوجة واجبَها تُجاهَ زوجها:

فأوَّل هذه الحقوق: طاعَة الزوجة لزوجِها بالمعروف حسبَ ما يُقرِّره الشارع الحكيم، وهي طاعةٌ تحتِّمها المصلحة المعنوية المشترَكة بيْن كل شريكين متحابَّين متصافيين، إنها ليستْ طاعة العبد لسيِّده، ولا الذليل لمَن يستعبده، وإنما هي طاعةُ الأخ الصغير للأخِ الكبير، والزوجة غالبًا ما تكون أصغرَ مِن الرجل سنًّا، وهي القوامة التي يطلبُها الإسلام مِن الزوجة لزوجها، كما أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34].

وهذه الطاعةُ لها أثرُها الكبير في استقامةِ الحياة وسعادة الأُسْرة، بل هي سببٌ في دخول المرأة إلى جنَّة ربِّها - تبارك وتعالى - كما جاءَ في الحديث.

ويَنبغي التنبيهُ على أنَّ الطاعة في المعروف وفي غيرِ معصية، فلو أرادَها على شُرْب حرام أو طعام حرام، أو لِباس لا يجوز أو اختلاط، أو تغيير لخلْق الله ونحو ذلك، فلا تُطعِه؛ ((لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق)).

 

• ومِن حقِّ الزوج على زوجته أن ترَعى شعورَه، فتبتعد عمَّا يُؤذيه من قول أو فِعل أو قلَق، وأن تراعي ظروفَه المالية، ومكانته الاجتماعيَّة، وأن تُقدِّر مسؤولياته في العملِ خارجَ البيت فلا تَضيق مِن ذلك، ولا تُكلِّفه من النَّفَقات ما لا يُطيقه، وألاَّ تستكثر مِن الطلب لئلاَّ يلجئ إلى الكسْب الحرام.

لقدْ كانتِ المرأة تقول لزوجها: إنَّا نصبِر على الجوع ولا نصبر على النار، وعندما اجتمعتْ أمهات المؤمنين لطلبِ النَّفَقة، اغتَمَّ لذلك واعتزلهنَّ شهرًا حتى نزَل قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 28 - 29].

 

• ومِن حقوق الزَّوْج أن توفِّر له زوجته: سكن النَّفْس والطُّمأنينة في البيت بنظافةِ جِسمها ونظافة بيتها، وأن تتزيَّن له حين يقدم بما يقرِّبها إليه، ويَزيد حبه لها وشوقَه إليها، وكانتِ المرأة تُوصي ابنتها بذلك عندَ الزواج كما أوصتِ امرأة ابنتها، "أي بنيَّة: إنَّكِ خرجتِ من العُشِّ الذي درجتِ فيه، فصرتِ إلى فراشٍ لم تعرفيه، وقرين لم تألفِيه، فكوني له أرضًا يكن لك سماءً، وكوني له مهادًا يكن لك عمادًا، وكوني له أَمَةً يكن لك عبدًا، ولا تَلحفي عليه فيقلاك، ولا تباعدي عنه فينساك، إنْ دنا منك فاقربي إليه، وإن نَأَى عنك فأبعدي عنه، واحْفَظي أنفَه وسمعَه وعينه؛ فلا يشمنَّ مِنك إلا طيبًا، ولا يسمع إلا حسنًا، ولا ينظر إلا جميلاً".

 

• ومِن حقِّ الزوج على زوجته: ألاَّ تخرجَ من بيتها إلا بإذنه، ومِن واجبها ألا تخرُجَ مِن بيتها إلا بإذن زوجها، فإن فعلتْ لعنتها الملائكة حتى تعودَ، وأمر الله المرأة بغضِّ النظر، فقال: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

• ومِن حقِّ الزوج أن تحافِظ على سُمعته وكرامته وعِرْضه، وأن تكونَ أمينةً على ماله، لا تأخُذ منه إلا بالمعروف.

هذه بعضُ الحقوق التي للزوج على زوجته، وهو نداء للزوجات ليسمعْنَ له هنا:

أيُّها الزوجات، احرصْنَ على سعادةِ أزواجكنَّ، واجعلْنَ مِن بيوتكنَّ جناتٍ يأوي إليها الأزواج، حتى يجدوا من قلوبكنَّ وبشركنَّ، ونظافتكنَّ وتعاونكنَّ، سكنًا لهم يحصِّن فروجهم، ويغضُّ مِن أبصارهم، ويَقيهم فتنةَ النساء، وما أشدَّها في زماننا!

وحذارِ حذارِ من الغفْلة، والتفريط والتساهُل في الحقوق التي شرَعها الله تعالى.

 

2- حقوق الزوجة:

ولئن كشفْنا عمَّا يَنبغي أن تكونَ عليه المرأة؛ لتكون زوجةً صالحةً، فإنَّ مِن الحق أن نُشير إلى ما ينبغي أن يراعيَه الرجل ليكون زوجًا صالحًا، فيَعيش عندئذ الزوجان متآلفين متوازيين متراحمين، يسْعَد كلٌّ منهما بصُحْبة صاحبه، ويَنعَم مِن حولهما بثمراتِ ذلك.

وإنَّما أُشير إلى الحقوقِ الأدبيَّة التي يجب أن يُراعيَها الرجل:

اعملوا - رحِمكم الله -: أنَّ من أعظم حقوقِ الزوجة أن يُعاشرَها بالمعروف، ولنتأمل طويلاً قولَ الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

ومعْنى بالمعروف: ما لا يُنكِره الشَّرْع والمروءة، والمراد هُنا النصفة في القِسم والنَّفْقة، والإجمال في القول والفِعْل، وقيل بالمعروف: هو ألاَّ يضربها، ولا يسيءَ الكلام معها، ويكون منبسطَ الوجه معها، ولا يَنبغي للرجل أن يُبغِضَها إذا رأى منها ما يكره؛ لأنَّه إن كره منها خُلقًا رضِي منها آخَر، فيقابل هذا بذاك، وقد رُوي أنَّ عمر قال: لرجل طلَّق امرأته: لِمَ طلقتها؟ قال: لا أحبُّها، فقال: أوَ كل البيوت بُنِي على الحب؟! فأين الرِّعاية والتذمُّم؟!

وليذكر الرجل قولَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ المرأةَ خُلقت من ضِلَع، لن تستقيمَ لك على طريقة، فإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها وبها عِوج، وإنْ ذهبْتَ تُقيمها كسرتها، وكسْرُها طلاقُها)).

 

ومِن المعاشَرة بالمعروف: أن يتحبَّبَ إليها ويُناديَها بأحبِّ الأسماء إليها، ولقدْ كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نبراسًا لمَن أراد أن يمتثِلَ قول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]؛ قال ابنُ كثير - رحمه الله تعالى -: "وكان مِن أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه جميلُ العِشرة، دائمَ البِشْر، يداعب أهلَه، ويتلطَّف معهم، ويوسعهم نفقتَه، ويضاحِك نساءَه".

 

واعلمْ أنَّه ليس حسنُ الخُلُق معها كفَّ الأذى عنها، بل احتمال الأذَى منها والحِلم عندَ طيشها وغضبها، اقتداءً برسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقدْ كانت أزواجه يراجعْنَه الكلام، وتهجرُه الواحدة منهنَّ يومًا إلى الليل، وراجعتِ امرأةُ عُمَر عمرَ، فقال عمرُ: أتراجعينني، فقالتْ: إنَّ أزواج رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يراجعْنَه وهو خيرٌ منك.

ويستحبُّ للرجل إذا وجَد فراغًا أن يشارك المرأةَ في خِدمة البيت، فإنَّ هذا من حُسن المعاشرة المأمور به؛ قالتْ عائشة - رضي الله عنها - وقد سُئِلتْ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما يعمل في بيته: كان يكون في مِهنة أهله، يَقُمُّ بيتَه، ويرفو ثوبَه، ويخصِف نعْلَه، ويحلب شاتَه.

 

ومن معاشرتها بالمعروف: ألاَّ يتعمَّدَ هجرها، فهو مأمورٌ بأداء حقِّها بقدْر حاجتها وقُدرته؛ فعَن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله: ((يا عبدالله، ألَمْ أُخبَرْ أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟)) قلت: بلى يا رسولَ الله، قال: ((فلا تفعل، صُمْ وأفطِر، وقُم ونَم، فإنَّ لجسدِك عليك حقًّا وإنَّ لعينك عليك حقًّا، وإنَّ لزوجك عليك حقًّا)).

 

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلتْ عليَّ خويلة بنت حَكيم بن أمية، وكانت عندَ عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذاذةَ هيئتها، فقال لي: ((يا عائشةُ، ما أبذَّ هيئة خويلة؟ قالت: قلت: يا رسولَ الله، امرأة لها زوجٌ يصوم النهار، ويقوم الليل، فهي كمَن لا زوجَ لها، فتركتْ نفسها وأضاعتْها، قالت: فبعث رسولُ الله إلى عثمان بن مظعون فجاءَه، فقال: يا عثمانُ، أرغبةً عن سُنتي؟ قال: فقال: لا والله يا رسولَ الله، ولكن سُنَّتَك أطلُب، قال: فإنِّي أنام وأصلِّي، وأصوم وأُفطر، وأنكِح النِّساء، فاتَّقِ الله يا عثمان، فإنَّ لأهلك عليك حقًّا، وإنَّ لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفْسك عليك حقًّا، فصُمْ وأفطِر، وصلِّ ونَم)).

 

هذه الشريعة الحنيفيَّة تُقرِّر أنَّ الزوج لو آلى (حلف) ألاَّ يقرب زوجتَه، يلزم أن يحنَث في يمينه؛ قال - تعالى -: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 226 - 227]، فقدْ نصَّ على أنَّ الذين يحلِفون على ألاَّ يَقْرَبوا زوجاتِهم يمهلون أربعةَ أشهر، فإنْ عاد أحدُهم إلى الإنصاف وأداء الحقِّ لها فعليه كفَّارة يمين، وإلا كان إصرارُه إضرارًا موجبًا للفراق.

وعلى الزَّوْج أن يتزيَّن لزوجته كما يحبُّ أن تتزيَّن هي له، فإنها يُعجبها منه ما يُعجبه منها، وقد فهِم السلف ذلك مِن قوله - تعالى -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]؛ قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: إنِّي لأتزيَّن لامرأتي كما تتزيَّن لي؛ لهذه الآية.

 

ومِن حقِّ الزوجة أن يُعلِّمها أصولَ دِينها: كيف تؤمِن بالله الإيمانَ الحقَّ، وتوحِّده التوحيدَ الخالص، وتؤمِن بأسمائه وصفاته على الوجهِ اللائق بجلاله - سبحانه وتعالى - وتعرِف ما يجب لله تعالى، وما يجوز له سبحانه، وما يستحيل عليه - تبارك وتعالى - وتؤمِن بما جاءَ مِن عندِ الله مِن أركان الإيمان وسائرِ أحكام الإسلام الواجبة عليها وأصول معرفةِ الحلال والحرام، وأن يُعلِّمها أحكامَ العبادات، ويحضها على القيام بها خاصَّة الصلاة في أوَّل الوقت، وشروطها وأركانها، ومفسداتها ومكروهاتها، وسائر العبادات وحقوقِ الله تعالى عليها وحقوق الزوجيَّة.

 

وأن يُعلِّمها مكارمَ الأخلاق مِن وقاية القلْب مِن أمراض الحسد والبغضاء، ووقاية اللسان مِن الغِيبة والنميمة، والسبِّ والكذِب، ويُراقبها في ذلك كله ما استطاع إلى المراقبة سبيلاً؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، قال علي: أدِّبُوهم وعلِّموهم، وقال الألوسي: واستدلَّ بها على أنَّه يجب على الرجلِ تَعلُّم ما يجب مِن الفرائض وتعليمه لهؤلاء.

وقدْ أثْنَى الله - عزَّ وجلَّ - على نبيِّه إسماعيل - عليه السلام - فيما أثْنى بقوله: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55].

 

ومِن حقِّها عليه أن يَغارَ عليها، ويصونَها من كل نظرة أو كلمة، فهي أعظمُ ما يَكْنزه المرءُ، فلا يليق أن يجعلها مضغةً في الأفواه تلوكها الألْسِنة، وتتقبَّحها الأعين، وتجرحها الأفكارُ والخواطر، كلاَّ! إنَّ الغيرة أخصُّ صفات الرجل الشهْم الكريم، وإنَّ تمكُّنَها منه يدلُّ دَلالةً فعلية على رسوخه في مقامِ الرُّجولة الحقَّة الشريفة، ومِن هنا كان كرامُ الرجال يمتدحون بالغَيْرة على نسائهم، والمحافظة عليهنَّ، وإنَّ مِن شر صفات السوء ضعفَ الغَيرة وموتَ النخوة، ولا يركن إلى ذلك إلا الأرْذلون.

ولا يُقْصد بالغَيْرة سوءُ الظن والْتماس العثرة؛ فعن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((إنَّ مِن الغَيرة غَيرةً يبغضها الله، وهي غَيْرة الرجل على أهله مِن غير رِيبة)).

 

وقد رَوى الإمامان البخاريُّ ومسلم - رحمهما الله تعالى - قولَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أتَعْجبون مِن غَيْرة سعد؟ أنا أغيرُ منه، والله أغيرُ مني)).

والغَيْرة المحمودة ما كانتْ في محلِّها، أما ما جاوز الحدَّ، وكان ظنًّا باطلاً لا أساسَ له إلا وسوسة الشيطان، فهي غَيْرة مكروهةٌ؛ قال عنها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ مِن الغيرة غَيْرةً يبغضها الله - عزَّ وجلَّ - وهي غَيْرة الرجل على أهله مِن غير ريبة)).

 

ومِن حقِّها ألاَّ يتخوَّنَها ولا يتلمس عثراتِها، وذلك بأنْ يترك التعرُّضَ لما يوجب سوءَ الظن بها، وقد دلَّ على ذلك أحاديثُ، منها: ما رواه جابرُ بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يكره أن يأتيَ الرجل أهلَه طُروقًا"، وعنه - رضي الله عنه -: "نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يَطرُق الرَّجلُ أهلَه ليلاً؛ يتخوَّنهم أو يطلب عثراتِهم".


بل على الرجل أن يُعلِم أهله بقدومه؛ كي يتأهَّبوا لاستقباله، فلا يرى ما يُنفِّره، وقدْ أشار إلى ذلك بقوله لجابرٍ حين قدِم معه مِن سفر: ((إذا دخلتَ ليلاً فلا تدخُلْ على أهلك، حتى تستحدَّ المغيبة، وتمتشط الشَّعثة)).

كل ذلك لتبقَى العَلاقة سليمةً بعيدةً عن كل ما يوهنها.

فما أسعدَ بيوتًا عرَف أهلُها هذا فنَهضوا به! عرَف كلٌّ من الزوجين عِظَم الرابطة التي جمعتهما، والغاية مِن ذلك فأحْسن معاشرةَ الآخَر، فكانا قدوةً لأبنائهما في التوادِّ والتراحُم.

أسأل الله العليَّ الكبير أن يحفظ بيوتنا بالإسلام، وأن يُلهِم رجالَنا ونساءنا الوقوفَ عندَ حدوده، والاقتداء برسوله الكريم، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله وصحْبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصور التي ينقض فيها الحاكم النكاح بين الزوجين
  • الحوار بين الزوجين تفاهم أم تفاصل!
  • أحكام العشرة بين الزوجين
  • الخلافات الصحية بين الزوجين
  • الأحكام المالية بين الزوجين
  • من زوجك مع التحية
  • الإصلاح بين الزوجين وفضله
  • زوجي لا يصلي!
  • عاد إليَّ حبيبي بعد زواجه!
  • العصبية معول هدم
  • الحقوق المشتركة بين الزوجين
  • تعبت من انتقادات زوجي
  • أيخون خل خليله؟!
  • أقوال الفقهاء في التفريق بين الزوجين بسبب العيوب
  • نبضات قلب بين زوجين
  • إلى الزوجين: لتكن حصنا حراما
  • تنمية الحب بين الزوجين
  • وقوع الفرقة بين الزوجين بالخلع
  • تبادل المشاعر بين الزوجين
  • الإصلاح بين الزوجين (خطبة)
  • بركة المال الصالح على الزوجين
  • الهجر بين الزوجين

مختارات من الشبكة

  • العشرة الطيبة بين الزوجين وما يجلب المودة والمحبة بينهما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • زوجي لا يعدل بيني وبين زوجته الأولى؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • رسالة في جواز خلع القاضي للزوجة ببعض المهرِ عند حدوث الشقاق بين الزوجين(كتاب - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهل الزوجين ودورهما في حل المشاكل الزوجية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار السلبي بين الزوجين ومؤشراته(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب