• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تمام المنة - الصلاة (8)

الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2012 ميلادي - 5/7/1433 هجري

الزيارات: 11777

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

21 - ثم يصلِّي الركعة الثانية كالأولى:

لقوله للمسيء صلاته: ((ثم افعل ذلك في صلاتك كُلِّها))، وثبت ذلك أيضًا في حديث أبي حُمَيد، لكن تختلف بقيَّة الركعات عن الأولى، فليس فيها تكبيرةُ الإحرام ولا دعاءُ الاستفتاح، واختلفوا في الاستعاذة على ما تقدَّم، ويلاحظ أنَّ مِن السُّنَّة أن الركعة الثانية أقصر من الأولى كما تقدَّم.

 

22 - فإذا صلَّى ركعتَيْن جلس للتشهد الأول:

مشروعيَّتُه: ثبت في بعض روايات المُسِيء صلاتَه الأمرُ بِهذه الجلسة، ولفظه: ((فإذا جلَسْت في وسط الصلاة، فاطمئِنَّ وافتَرِش اليسرى، ثم تشهَّد))[1]، وثبت ذلك من فعْلِه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

حكمه: وحكم هذا الجلوس الأوسط في الصَّلاة: الوجوبُ على مذهب الإمام أحمد، وهو الراجح، وذهب بقيَّةُ المذاهب إلى أنه سُنَّة.

 

وصفة هذا الجلوس: (الافْتِراش) كما تقدَّم في الجلوس بين السجدتَيْن، ويكون هذا الجلوس في الصَّلاة الثُّنائية إذا كانت الصَّلاة ركعتَيْن كالصُّبْح أو صلاة النَّفل، وكذلك في التشهُّد الأول في الصلاة الثُّلاثية والرباعية؛ وذلك لعموم حديث ابن عُمَر المتقدِّم في صفة الجلوس بين السجدتين.

 

وأما وضْع اليدين في هذا الجلوس، فقد ورد في ذلك حالتان:

الأولى: أن يضع يدَه اليسرى على رُكْبته اليسرى، ويدَه اليمنى على ركبتِه اليمنى؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "كان إذا قعد في التشهُّد، وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يدَه اليمنى على ركبته اليمنى، وعقَدَ ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبَّابة"[2].

 

قال الحافظ - رحمه الله -: "وصورتُها أن يَجْعل الإبْهام معتَرِضةً تحت المُسَبِّحة"[3].

 

الثانية: أن يضع يدَه اليمنى على فخذه اليمنى، ويدَه اليسرى على فخذه اليسرى؛ لحديث ابن عمر أيضًا: "... كان إذا جلس في الصلاة وضع كفَّه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبَضَ أصابعه كلَّها، وأشار بإصْبَعِه التي تلي الإبْهام، ووضع كفَّه اليسرى على فخذه اليُسرى"[4].

 

ويُلاحظ في وضع اليد اليمنى أن يكون حَدُّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى؛ لِحديث وائل بن حُجر - رضي الله عنه - في صفة صلاته - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "... ووضَعَ كفَّه اليسرى على فخذه وركبته، وجعل حدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثِنتَيْن من أصابعه وحلَّق حلقة، ثم رفع أُصْبعَه، فرأيته يحرِّكها يدعو بها"[5].

 

ومِمَّا تقدَّم من الأحاديث يتبيَّن أن أصابع اليدَيْن تكون على النحو الآتي:

(أ) أصابع اليد اليسرى تكون مبسوطة على الفخذ أو الرُّكبة كما تقدَّم.

 

(ب) أصابع اليد اليمنى لها حالات:

الأولى: أن يَقْبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة؛ لِحَديث ابن عمر المتقدِّم.

 

الثانية: أن يَعْقد ثلاثةً وخمسين؛ بأنْ يَضُمَّ الخِنْصر والبنصر والوُسطى، ويشير بالمُسَبِّحة، ويَجْعل الإبهام أسفل المسبِّحة على حرف راحة اليَد.

 

الثالثة: أن يقبض الخنصر والبنصر، ويُحَلِّق الإبهام مع الوسطى، ويشير بالمسبِّحة، كما تقدَّم في حديث وائل بن حجر.

 

ملاحظات وتنبيهات:

(1) السُّنة تَحْريك الأصبع في الصَّلاة؛ لما ثبت في حديث وائل بن حجر: "ثم رفع أصبعه، فرأيتُه يُحرِّكها؛ يدعو بها"[6]، ويكون التحريك من بداية الشُّروع في التشُّهد حتَّى السلام.

 

وأما حديث ابن الزُّبَيْر عند أبي داود "كان يشير بأصبعه إذا دعا لا يُحرِّكها"، فهو حديث ضعيف، وإن صحَّ فهو نافٍ، والآخر مُثْبِت، والمثبت مقدَّم على النافي.

 

(2) تكون الإشارة بالأصبع إلى القِبْلة، ويرمي بِبَصره إليها، وقد ثبت هذا من حديث ابن عمر عند ابن خزيمة بإسنادٍ صحيح[7].

 

(3) الحكمة من الإشارة بالأصبع ما ورد في الحديث من قولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَهِيَ أشَدُّ على الشيطان من الحديد))[8]؛ يعني السبَّابة.

 

(4) لا يجوز الإشارة بالسبَّابتَيْن، وإنَّما بسبَّابةِ اليمنى فقط؛ فقد رأى النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلاً يُشير بأصبعَيْه فقال: ((أَحِّدْ، أَحِّد)) وأشار بالسبَّابة[9].

 

وأيضًا فإنَّ السُّنة في اليسرى أن تُبْسَط فيها الأصابع، وعلى هذا فلو كانت اليمنى مقطوعةً سقطَتْ عنه سُنَّة الإشارة، فلا يُشِرْ بغيرها[10].

 

23 - ويتشهد:

مشروعيته: وقد ورد الأمرُ بِهذا التشهُّد في إحدى روايات المسيء صلاته، ولفظه: ((إذا قُمْتَ في صلاتك فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، فإذا جلَسْت في وسط الصلاة، فاطمَئِنَّ وافترش فخذك اليسرى، وتشهَّد))[11].

 

حكمه: في هذا الأمر الوارد في الحديث السابق دليلٌ لِمَن قال بوجوب هذه الجلسة والتشهُّدِ فيها، وهو مذهب أحمدَ، واللَّيثِ، وإسحاقَ، وداود، وأبي ثور، ورواه النَّوويُّ عن جمهور المُحَدِّثين.

 

صِيَغ التشهُّد:

وردَتْ أكثر من صيغة للتشهد:

(1) تشهُّد ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنَّا إذا جلَسْنا خلْفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الصلاة نقول: السلام على الله، السَّلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السَّلام على فلان، السلام على فلان، فالتفَتَ إلينا النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((إنَّ الله هو السَّلام، فقولوا: التحيَّات لله، والصَّلَوات والطيِّبات، السَّلام عليك أيُّها النبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله؛ فإنكم إذا فعَلْتُم ذلك فقد سلَّمْتُم على كلِّ عبدٍ صالحٍ في السموات والأرض))[12].

 

قال الترمذيُّ - رحمه الله -: "حديث ابن مسعود أصحُّ حديث في التشهُّد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم"[13].

 

(2) تشهُّد ابنِ عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلِّمُنا التشهُّدَ كما يُعَلِّمنا السُّورةَ من القرآن، فكان يقول: ((التحيَّات المباركات الصَّلَوات الطيِّبات لله، السلام عليك أيها النبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله))[14]؛ رواه أبو داود والترمذي وصحَّحه، ورواه ابن ماجه وفيه: ((وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله)).

 

(3) تشهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: كان عمر يعلِّم الناس التشهُّد وهو على المنبر، يقول: قولوا: "التحيَّات لله، الزاكيات لله، الطيِّبات الصلوات لله، السلام عليك أيُّها النبي..." بِمِثل حديث ابن مسعود[15].

 

(4) تشهُّد أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((.. إذا كان عند القعدة، فلْيَكن أوَّل قولِ أحَدِكم: التحيات الطيِّبات الصلوات لله، السلام عليك أيُّها النبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أنْ لا إله إلا الله - وفي روايةٍ: وحْدَه لا شريك له - وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله))[16].

 

(5) تشهد ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في التشهُّد: ((التحيات لله، الصلوات الطيِّبات، السلام عليك أيُّها النبِيُّ ورحمة الله وبركاته - قال: قال ابن عمر: زِدْت فيها: ((وبركاته)) - السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله - قال ابن عمر: زدت فيها: ((وحده لا شريك له)) - وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله))[17].

 

ملاحظات:

(1) اختلف العلماءُ في أفضل هذه الصِّيَغ، والأكثر على تفضيل صيغة ابن مسعود، واختار الشافعيُّ صيغة ابن عباس، والأرجح في هذا أن لا يَكْتفي بصيغة واحدة؛ مُحافَظةً على السُّنة، وحضورًا للقلب.

 

(2) ورد في حديث ابن مسعود: "كُنَّا نقول ورسولُ الله حيٌّ: السَّلام عليك أيُّها النبِيُّ، فلما مات قلنا: السلام على النبِيِّ"[18].

 

قال الحافظ - رحمه الله -: "هذه الزيادة ظاهِرُها أنَّهم كانوا يقولون: ((السلام عليك أيُّها النبي)) بكاف الخطاب في حياة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلما مات النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - تركوا الخطاب، وذكروه بلفظ الغَيْبة، فصاروا يقولون: السَّلام على النبي"[19].

 

وقد ثبت ذلك في "مصنَّف عبدالرزَّاق" (3070)، عن ابن الزبير، وفي "الموطَّأ" (1/ 19) عن ابن عمر، وعند ابن أبي شيبة (1/ 293) عن عائشة أنَّهم كانوا يقولون: السَّلام على النبي.

 

قلتُ: فعلى هذا تكون هذه الصيغة ((السلام على النبيِّ)) هي الأَوْلَى بالإتيان بها؛ لِفِعْل الصحابة - رضي الله عنهم.

 

(3) السُّنة إخفاء التشهُّد؛ فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "من السُّنة أن يُخفي التشهد"[20].

 

24 - ثم يصلي على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

ذهب الشافعيُّ إلى مشروعية الصلاة على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد التشهُّد الأول وأنه سُنَّة، والجمهور على أنه لا يشرع، وما ذهب إليه الشافعي أرْجَح.

 

ودليل مشروعيته: أنَّهم قالوا: يا رسول الله، عَلِمْنا كيف نسلِّم عليك، فكيف نصلِّي عليك إذا نحن صلَّيْنا عليك في صلاتنا؟ فقال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد... إلخ))[21].

 

فهذا يدلُّ على مشروعيته بعد كلِّ تسليم - أيْ: بعد كل تشهُّد - لكنَّه لا يدلُّ على الوجوب؛ لأن قوله: ((قولوا..)) إنَّما هو أمر للكيفية التي سألوه عنها، وبيَّن ذلك الشَّوكانِيُّ في "نيل الأوطار"، فراجِعْه[22].

 

واستدل الجمهور بما رواه ابن مسعود في وصفه تشهُّدَه، ثم قال: "ثم إنْ كان في وسط الصلاة، نَهض حين يفرغ من تشهُّدِه، وإن كان في آخرها، دعا بعد تشهُّده بِما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم"[23]؛ أيْ: إنه لم يَذْكُر الصَّلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد التشهد.

 

قلت: والظاهر أنَّ ابن مسعود لم يتعرَّض في هذا الحديث لِمَسألة الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنما تعرَّض للتشهد، فالأَوْلَى أن يُقال: إنه قصد بالتشهُّد مَجموعَ ما يُقال في هذا الموطن، فيدخل فيه الصَّلاة على النبِيِّ تغليبًا، بدليل أنه قال: "وإن كان في آخرِها دعا بعد تشهُّدِه بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلِّم"، فتأمَّلْ.

 

وسيأتي ذِكْر صِيَغ الصَّلاة على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد ذِكْر التشهُّد الأخير.

 

25 - ثم يقوم إلى الركعة الثالثة مكبِّرًا رافعًا يديه:

وقد تقدَّم هذا في حديث أبي حُميد وغيرِه، ولفْظُه: "... ثُم إذا قام من الركعتين، كبَّر ورفع يدَيْه حتى يُحاذي بهما منكبيه، كما كبَّر عند افتتاح الصلاة".

 

والظاهر أنه يجوز أن يكون التكبير قبل القيام أو بعده، وإن كان الأَصْرَح في ذلك أن يكبِّر أوَّلاً قبل القيام؛ لأن قوله في الرِّواية السابقة: "وإذا قام" يحتمل: إذا أراد القيام؛ كقوله تعالى: ﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ﴾؛ أي: إذا أردتم القيام.

 

وأما دليل التكبير قبله، فلِمَا ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - "كان إذا أراد أن يسجد، كبَّر ثم يسجد، وإذا قام من القعدة، كبَّر ثم قام"[24].

 

وأما موضع رفع اليدَيْن في هذا الموطن، فظاهِرُ الأحاديث أنه يرفعهما بعد قيامه كما تقدَّم في حديث أبي حُمَيد، وهو كذلك في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام من الركعتين، كبَّر ورفع يديه"[25].

 

وقد رأيت شيخَنا الألباني - رحمه الله - يرفع يديه في هذا الموطن قبل القيام مع التكبير، ويبدو أنه حَمَل الحديث على معنى: (إذا أراد القيام)، فإنِّي لم أقف على توجيهه لِمَعنى الحديث، فإن كان كذلك، فهو توجيه قويٌّ، كتوجيه التكبير وأنه قبل القيام، وهذا الذي يترجَّح عندي الآن، والله أعلم.

 

ويكون قيامه معتمدًا على يديه كما تقدم في قيامه من جلسة الاستراحة.

 

26 - فإذا صلى الثالثة أو الرابعة جلس متورِّكًا:

وتقدَّم دليل ذلك في حديثَيْ أبي حُميد ووائل بن حُجر، وهذا الجلوس ركنٌ من أركان الصلاة، وهذه الجلسة تكون إذا كانت الصلاة فيها أكثر من تشهُّد، فتكون جلسة التورُّك في التشهد الأخير، وأمَّا إذا كانت الصلاة ثنائيَّة، فيكون الجلوس بالافتراش كما تقدَّم، وقد ورد تفصيل ذلك في هذه الأحاديث، وتُسمَّى هذه الجلسة: التورُّكَ، ولَها أكثر من صفة[26]:

 

الصفة الأولى: أن يُخْرِج رجله اليسرى من الجانب الأيمن مفروشةً، ويَجْلس على مقعدته، وتكون رجلُه اليمنى منصوبةً.

 

الصفة الثانية: أن يَفْرِش القدمَيْن جميعًا، ويُخْرِجهما من الجانب الأيمن، وقد وردَ هاتان الصِّفتان في روايات حديث أبي حُمَيد[27].

 

الصفة الثالثة: أن يفرش قدمَه اليمنى، ويَجْعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، ويَجْلس على مقعدته[28].

 

وأما اليدان فوَضْعُهما على النحو السابق ذِكْرُه في التشهُّد الأوسط.

 

ملحوظة:

يرى الإمام أحمد أنَّ المسبوق إن شاء تورَّك في الجلسة الأخيرة مع الإمام، وإن شاء افترش، ثُم يتورَّك في تشهُّده بعدما يقضي ما عليه.

 

ولكنه صرَّح فيمن أدرك من صلاة الظهر ركعتَيْن: لا يتورَّك إلا في الأخيرتَيْن[29].

 

قلت: وهذا الأرجح عندي - والله أعلم - لِعُموم حديث ابن عمر المتقدِّم، فالأصل في الجلوس الافتراش، وإنَّما التورُّك يكون في التشهُّد الأخير الذي يعقبه السَّلام في صلاة بِها أكثر من تشهُّد، والله أعلم.

 

27- ثم يتشهد

28- ويصلِّي على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

وهُما واجبان في هذا الجلوس، وقد تقدَّم في التشهُّد الأوسط دليلُ وصِيَغُ التشهد.

 

وأما الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد تقدَّم هناك في التشهُّد الأول أنه سُنَّة، ولكنه في الجلوس الأخير واجب، وهذا مذهب الشافعيِّ وإسحاقَ، وظاهرُ مذهبِ أحمد، وذهب مالكٌ والثوريُّ إلى أنه ليس بواجب، والدليل على وجوبه ما رواه أبو داودَ وابنُ خزيمةَ وأحمدُ: أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سمع رجلاً يدعو في صلاته لم يُمَجِّد ربَّه، ولم يُصَلِّ على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((عَجِلَ هذا))، ثم دعاه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((إذا صلَّى أحدُكم، فليبدأ بتمجيد ربِّه والثناء عليه، ثم ليُصلِّ على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم ليَدْع بعْدُ بِما شاء))[30]، والظاهر أن ذلك في الجلسة الأخيرة.

 

صِيَغ الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

(1) عن أبي مسعود البدريِّ - رضي الله عنه -: قال: قال بشير بن سعد: أمَرَنا اللهُ أن نصلِّي عليك يا رسول الله، فكيف نصلِّي عليك؟ فسكَتَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتَّى تَمنَّيْنا أنه لَم يسأله، ثم قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على مُحمَّد وعلى آل محمَّد، كما صلَّيْتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمَّد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالَمِين إنك حميد مَجِيد، والسلام كما قد علمْتُم))[31].

 

(2) عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: قلنا: يا رسول الله، قد عَلِمْنا كيف نسلِّم عليك، فكيف نصلِّي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مَجيد، اللهم بارك على محمَّد وعلى آل محمدٍ، كما بارَكْتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد))[32].

 

وفي لفظٍ للبخاري وأبي داود: ((كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وكما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم))، ورواه ابن حبَّان بهذا اللفظ (912).

 

(3) عن أبي حُمَيد الساعديِّ - رضي الله عنه - أنَّهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلِّي عليك؟ قال: ((قالوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صلَّيْتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد))[33].

 

(4) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قلنا: يا رسول الله، هذا السلام عليك، فكيف نصلِّي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم))[34].

 

29 - ثم يتعوَّذ بالله من أربع:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فلْيَتعوَّذ بالله من أربع: من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القَبْر، ومن فِتْنة المَحيا والممات، ومن شرِّ المسيح الدجَّال))[35].

 

وقد استَدلَّ بهذا الحديث مَن يقول بوجوب الاستعاذة من هذه الأربع بعد التشهُّد الأخير، وهو الراجح.

 

فصلٌ: في أدعية الصَّلاة:

(1) عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: علِّمْنِي دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللَّهم إنِّي ظلَمْتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحَمْني إنك أنت الغفور الرحيم))[36].

 

(2) عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يدعو في الصَّلاة: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المَغْرَم والمأثم))[37]، ومعنى ((الْمَأثم)): الأمر الذي يَأْثَم به الإنسان، و((المَغْرَم)): الدَّيْن.

 

(3) عن عمَّار بن ياسر - رضي الله عنهما - أنه صلَّى صلاة، فأوجز فيها، فأنكروا ذلك، فقال: "ألَمْ أُتِمَّ الرُّكوع والسُّجود؟"، فقالوا: بلى، قال: أما إنِّي دعَوْتُ فيها بدُعاء كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدعو به: ((اللهم بعِلْمِك الغيبَ، وقدرتِك على الخلْقِ، أحْيِنِي ما عَلِمْتَ الحياة خيرًا لي، وتوفَّنِي إذا كانت الوفاة خيرًا لي، اللهم إنِّي أسألُك خشيتَك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحقِّ في الغضب والرِّضا، وأسألك القَصْد في الفقر والغِنَى، وأسألك نعيمًا لا يَنْفَد، وأسألك قرَّة عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرِّضا بعد القضاء، وأسألك بَرْد العيش بعد الموت، وأسألك لذَّةَ النظر إلى وجهك، وأسألك الشَّوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مُضِرَّة، ولا فتنة مُضِلَّة، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين))[38].

 

(4) عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: لقِيَنِي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((إنِّي أوصيك بكلمات تقولُهنَّ في كلِّ صلاة: اللَّهم أعنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْنِ عبادتك))[39].

 

وفي رواية: ((إنِّي لأُحبُّك، فلا تدعنَّ أن تقول في دبُر كلِّ صلاة...))[40].

 

(5) عن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصلاة يكون آخر ما يقول بين التشهُّد والتسليم: ((اللهم اغفر لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسررْتُ وما أعلنت، وما أسرَفْت وما أنت أعلم به منِّي، أنت المقدِّم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت))[41].

 

(6) عن أبي صالحٍ عن رجل من الصحابة - رضي الله عنه - قال: قال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرجل: ((كيف تقول في الصلاة؟)) قال: أتشهَّد، ثم أقول: اللهم إنِّي أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إنِّي لا أحسن دَنْدنَتَك ولا دَنْدنة مُعاذٍ، فقال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حولَهما نُدَندِن))[42]، ومعنى "الدَّندنة": أن يتكلَّم الرَّجُل بكلام تُسمع نغمته ولا يُفهَم[43].

 

(7) وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنتُ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - جالسًا، ورجُلٌ قائم يصلِّي، فلما ركع وتشهَّد، قال في دعائه: الله إنِّي أسألك بأنَّ لك الحمْدَ، لا إله إلا أنت الْمنَّان، بديع السَّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيُّوم، إنِّي أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، فقال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تدرون بما دعا؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((والذي نفسي بيده، لقد دعا اللهَ باسْمِه العظيم - وفي رواية: الأعظم - الذي إذا دُعِي به أجاب، وإذا سُئِل به أعطى))[44].

 

(8) عن حنظلة بن علي أن مِحْجَن بن الأدرع - رضي الله عنه - حدَّثَه قال: دخل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسجد، فإذا هو بِرَجُل قد قضى صلاته، وهو يتشهد ويقول: اللهم إنِّي أسألك يا ألله الواحد الأحد الصَّمَد، الذي لم يَلِد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ، أن تغفر لي ذنوبي إنَّك أنت الغفور الرحيم، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قد غُفِر له، قد غفر له))[45].

 

(9) وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سَمِعْت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول في بعض صلاته: ((اللهم حاسِبْنِي حسابًا يسيرًا))[46].

 

تنبيه:

هل يجوز أن يدعو بغَيْرِ ما ذُكِر في الأحاديث المأثورة:

الجواب: أمَّا الدُّعاء الذي يتقرَّب به إلى الله مِمَّا ليس بِمَأثور، ولا يُقصد به ملاذُّ الدُّنيا، فهو جائز، ولا خلاف في ذلك؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث ابن مسعود: ((ثم ليتخيَّر من الدُّعاء))، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وأما السُّجود، فأكثروا فيه من الدعاء))، هكذا مطلقًا.

 

وأما ما يتعلَّق بملاذِّ الدنيا، أو الدعاء لأقوام يسمِّيهم، أو الدعاء عليهم، فمذهب الشافعيَّة الجواز مطلقًا، وعند الحنابلة عدمُ الجواز لملاذِّ الدنيا، وأما الدعاء لأقوام، فعلى روايتَيْن.

 

والصحيح الجواز في جَميع ما سلف؛ لعموم الأحاديث السابقة، وكذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثم يدعو لنفسه ما بدا له))[47]؛ ولأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - دعا لأُناس: ((اللَّهم أَنْجِ الوليد بن الوليد...))[48]، ودعا على أناس: ((اللهم الْعَن رعلاً وذكوان...))[49].

 

30- ثم يسلم:

التسليم رُكْن؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مِفْتاح الصلاة الطُّهور، وتَحْريمها التكبير، وتَحْليلها التسليم))[50]، وقد تقدَّم.

 

صفته: المشروع في التسليم أن يسلِّم تسليمتين؛ إحداهُما عن يَمينه، والأُخْرى عن يساره، فعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: "كنتُ أرى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسلِّم عن يمينه وعن يساره، حتَّى أرى بياض خدِّه"[51].

 

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يسلِّم عن يمينه، وعن شماله حتَّى يرى بياض خدِّه: السلام عليكم ورحمة الله"[52].

 

ويَجوز أن يسلِّم تسليمة واحدة؛ فعن عائشة - رضي الله عنها -: "أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يسلِّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه"[53].

 

وثبت عنها أنَّها كانت تسلِّم تسليمة واحدة قبالة وجهها[54].

 

ألفاظ السلام:

(1) تقدَّم في الأحاديثِ السابقة أن يقول عن يَمينه: السَّلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.

 

(2) قال الشيخ الألبانِيُّ - رحمه الله -: "وكان أحيانًا يزيد في التَّسليمة الأولى ((وبركاته))، وكان إذا قال عن يمينه: ((السلام عليكم ورحمة الله)) اقتصر - أحيانًا - على قوله عن يساره: ((السَّلام عليكم))"[55].

 

حكم السلام:

تقدَّم أنه رُكْن في الصلاة، وإنَّما الواجب في ذلك التَّسليمة الأولى، والثانية مستحبَّة، وهذا رأي الجمهور، خلافًا للحنفية الذين يرَوْن أن التسليم كلَّه مستحَبٌّ.

 

قال ابن المنذر - رحمه الله -: "أجْمع العلماء على أنَّ صلاة مَن اقتصر على تسليمة واحدة جائزة"[56].

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "وأجْمَع العلماء الذين يُعتدُّ بِهم على أنه لا يجب إلاَّ تسليمة واحدة، فإنْ سلَّم واحدة استُحِبَّ أن يسلمها تلقاء وجهه، وإن سلم تسليمتَيْن جعل الأولى عن يمينه، والثانية عن يساره، ويلتفت في كلِّ تسليمة حتَّى يرى مَنْ على جانبيه خدَّه"[57].

 

ملاحظات:

(1) إذا سلَّم المصلِّي تكون يداه قارَّتَيْن على فخذيه، ولا يشير بِهما؛ فعن جابر بن سُمَرة - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إذا صلَّيْنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قلنا: السَّلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين - فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((علامَ تومِئُون بأيديكم كأنَّها أذناب خيلٍ شُمْسٍ؟ إنَّما يكفي أحدَكم أن يضع يده على فخذيه، ثم يسلِّم على أخيه من على يمينه وشماله))[58].

 

ومعنى ((شُمس)) جمع أشمس، وهو النَّفُور.

 

(2) النِّية في التسليم:

 

يَجتمع في التسليمِ بعضُ النَّوايا:

(أ) الخروج من الصَّلاة؛ لِما تقدَّم: ((وتحليلها التسليم)).

 

(ب) ينوي السَّلام على الملائكة المقرَّبين ومن تَبِعَهم من المسلمين والمؤمنين؛ لِما ثبت عن عليٍّ - رضي الله عنه -: "كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلِّي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهنَّ بالتَّسليم على الملائكة المقرَّبين ومن تَبِعَهم من المسلمين والمؤمنين"[59].

 

(جـ) أن يسلِّم على أخيه مِن على يَمينه وعلى شماله؛ وذلك لِحديث جابر بن سَمُرة المتقدِّم، وهو في "صحيح مسلم".

 

(3) استحَبَّ العلماء أن يدرج لفظ السلام ولا يمدَّه، وقد ورد في ذلك حديث ((حَذْفُ السَّلام سُنَّة))[60]، لكنه ضعيف.

 

(4) يستحب للمأموم أن لا يبتدئ السَّلام حتَّى يفرغ الإمامُ من التسليمتَيْن، ويجوز أن يسلِّم بعد فراغه من الأولى؛ وإنَّما الخلاف في الأفضل.

 

(5) كذلك يستحَبُّ للمسبوق ألاَّ يقوم ليأتي بِما فاته إلاَّ بعد أن يسلِّم الإمام التسليمتين، ويجوز أن يقوم بعد فراغه من التسليمة الأولى، فإن قام قبل شروع الإمام في التسليم بطلت صلاتُه.

 

(6) قال الشافعيُّ - رحمه الله -: "إذا اقتصر الإمام على تسليمة يُسَنُّ للمأموم تسليمتان؛ لأنَّه خرج عن متابعته بالأولى، بِخلاف التشهُّد الأول لو تركه لزم المأمومَ تركُه؛ لأن المتابعة واجبة عليه قبل السَّلام"[61].

 

(7) لو بقي على المأموم إتْمام التشهُّد والصلاة على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد فراغ الإمام، فله أن يُتِمَّه، ولا يخرجه ذلك عن المتابعة؛ لأنَّها انتهَتْ بتسليم الإمام.

 

(8) قال النوويُّ - رحمه الله -: "قال أصحابنا: ولو سلَّم التسليمتَيْن عن يَمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أجْزَأه وكان تاركًا للسُّنة، وقال البغويُّ: لو بدأ باليسار كره وأجزأه"[62].



[1] أبو داود (860)، والبيهقي (2/ 133)، وحسَّنه الألباني في صفة الصلاة، وانظر "الإرواء" (337).

[2] مسلم (580)، وأحمد (2/ 131)، والبيهقي (2/ 130).

[3] "تَلْخيص الْحَبير" (1/ 262).

[4] مسلم (580)، وأبو داود (987).

[5] أحمد (4/ 316، 317، 318)، والنَّسائي (2/ 126)، (3/ 34).

[6] رواه النَّسائي (2/ 126، 3/ 135)، وأحمد (4/ 318)، بسند صحيح، وهذه الزيادة انفرد بِها "زائدةُ بن قدامة، أبو الصَّلْت الثقفي" أحَدُ رواة الحديث؛ لذا يرى البعض أنَّها شاذَّة؛ لتفرُّده بها، ويرى البعض أنه لا مُنافاة؛ لأنَّ الحركة لا تُنافي الإشارة، بل إنَّ الإشارة تكون بِمَعنى الحركة أيضًا، كما يقولون عن الأخرس: يُفْهَم منه بالإشارة، ومعلوم أنَّ الإشارة المقصود بِها الحركة، وكما ثبت في الحديث أنه - صلَّى الله عليه وسلم - لَمَّا قام إلى الثالثة فسبَّحوا له، أشار إليهم أنْ قُوموا، وهذه إشارة بِحَركة لا شكَّ، والعلمُ عند الله.

[7] صحيح: ابن خزيمة (719)، والنَّسائي (2/ 236)، وابن حبان (1947).

[8] رواه أحمد (2/ 119)، والبزار بإسناد حسن، وحسَّنه الشيخ الألباني في "المشكاة" (917).

[9] صحيح: رواه أبو داود (1499)، والترمذي (3557)، والنَّسائي (3/ 38).

[10] انظر "المجموع" للنووي (3/ 455).

[11] رواه أبو داود (860)، والبيهقي (2/ 133) بسند جيد.

[12] البخاري (831)، (1202)، (7381)، ومسلم (402)، وأبو داود (968)، والترمذي (289)، والنَّسائي (3/ 41)، وابن ماجَهْ (899).

[13] مسلم (403)، وأبو داود (974)، والترمذي (290)، والنَّسائي (3/ 41)، وابن ماجَهْ (900).

[14] "سُنن الترمذي" (2/ 81) تعليقًا على الحديث (289).

[15] رواه مالك (1/ 90)، والبيهقي (2/ 144)، وابن أبي شيبة (1/ 261) بسند صحيح.

[16] مسلم (404)، وأبو داود (972)، وابن ماجَهْ (901)، وهذه الزيادة عند أبي داود (973).

[17] صحيح: رواه أبو داود (971).

[18] البخاري (6265).

[19] "فَتْح الباري" (11/ 56).

[20] رواه ابن خزيمة (706)، بسند حسن، ورواه الترمذي (291)، وأبو داود (986).

[21] حسن: رواه ابن خزيمة (711)، وعنه ابن حبان (1959)، ورواه الحاكم (1/ 268)، والبيهقي (2/ 146)، وصحَّحه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. ورواه الدارقطني (1/ 354)، وقال: هذا إسناد حسن متصل.

[22] "نَيل الأوطار" (2/ 321).

[23] حسن: رواه ابن خزيمة (708).

[24] حسن: رواه أبو يعلى (6029)، وصحَّحه الشيخ الألباني في "الصحيحة" (604)، وله شاهد من حديث أبي حميد عند ابن حبان (1865).

[25] رواه أبو داود (743)، وابن أبي شيبة (1/ 213) بسند صحيح.

[26] انظر "الشرح الممتع" في بيان هذه الصفات (3/ 300).

[27] الرواية الأولى عند البخاري (267)، والثانية عند أبي داود (963)، وسنده صحيح.

[28] مسلم (579)، من حديث عبدالله بن الزُّبَيْر.

[29] انظر "المُغْني" (1/ 451).

[30] صحيح: رواه أبو داود (1481)، والترمذي (3477)، والنَّسائي (3/ 44).

[31] مسلم (405)، وأبو داود (980)، والترمذي (3220)، والنَّسائي (3/ 47).

[32] البخاري (3370)، (6357)، ومسلم (406)، وأبو داود (976)، وابن ماجَهْ (904).

[33] البخاري (6360)، ومسلم (407).

[34] البخاري (4798)، في كتاب الدعوات، وأبو داود (979).

[35] مسلم (588)، وأبو داود (983)، والنَّسائي (3/ 58)، وابن ماجَهْ (909).

[36] البخاري (834)، (3626)، ومسلم (2705)، والترمذي (3531)، والنَّسائي (3/ 53)، وابن ماجَهْ (3835).

[37] البخاري (832)، (2397)، ومسلم (589)، وأبو داود (880)، والترمذي (3495)، وابن ماجَهْ (3838).

[38] صحيح: رواه النَّسائي (3/ 54)، والحاكم (1/ 524)، وصحَّحه ووافقه الذهبي، وصحَّحه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (1301).

[39] صحيح: رواه أحمد (5/ 247)، والطبراني في "الكبير" (20/ 125).

[40] صحيح: رواه النَّسائي (3/ 53)، وأبو داود (1522).

[41] مسلم (771)، وأبو داود (760) ، والنَّسائي (2/ 132).

[42] صحيح: رواه أحمد (3/ 474)، وأبو داود (792)، وابن ماجَهْ (910).

[43] انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" (2/ 137).

[44] صحيح: رواه أبو داود (1495)، وأحمد (3/ 245) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (705).

[45] صحيح: رواه أبو داود (985)، والنَّسائي (3/ 52)، وأحمد (4/ 338)، وابن خزيمة (724).

[46] حسن: رواه أحمد (6/ 48، 185)، وابن خزيمة (849)، والحاكم (1/ 57)، وصحَّحه ووافقه الذهبي، وفي "مِشْكاة المصابيح" (5562).

[47] رواه النَّسائي (3/ 58) بسند صحيح.

[48] البخاري (804)، (4560)، ومسلم (677).

[49] البخاري (1003)، ومسلم (677)، وأبو داود (1070).

[50] حسن: رواه أبو داود (61، 618)، والترمذي (3)، وابن ماجَهْ (275).

[51] مسلم (582) ، والنَّسائي (3/ 61)، وابن ماجَهْ (915).

[52] "صحيح الترمذي" (295)، وأبو داود (996)، والنَّسائي (2/ 230).

[53] حسن لغيره: رواه الترمذي (296)، وابن ماجَهْ (919)، وابن خزيمة (729)، والحاكم (1/ 131)، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث أنس: رواه الطبراني في "الأوسط" (7/ 25)، والبيهقي في "السُّنَن" (2/ 179). وشاهد آخر عن سهل بن سعد، رواه ابن ماجَهْ (918)، والدارقطني (1/ 359). وعن سلمة بن الأكوع عند ابن ماجَهْ (920) ، وعن سمرة عند الدارقطني (1/ 358)، ولا يَخْلو كلٌّ منها من مقال، لكنها تقوى بمجموعها.

[54] صحيح: رواه ابن خزيمة (730)، والحاكم (1/ 231)، والبيهقي (2/ 179).

[55] انظر "صفة صلاة النبي - صلَّى الله عليه وسلم" للألباني - رحمه الله - (ص168)

[56] "الإجماع" (ص8)، وانظر "المجموع" (3/ 482).

[57] "شرح صحيح مسلم" (5/ 83).

[58] مسلم (431)، وأبو داود (998)، والنَّسائي (3/ 4، 5).

[59] رواه الترمذي (429)، وابن ماجَهْ (1161)، وقال: حديث حسن، ورواه أحمد (1/ 85)، وصحَّحه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (237)؛ انظر: "صحيح الترمذي".

[60] رواه أحمد (2/ 532)، وأبو داود (1004)، والترمذي (297)، لكنه حديث ضعيف.

[61] انظر: "المجموع" للنووي (3/ 484).

[62] "الْمَجموع" (3/ 478).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تمام المنة - الصلاة (1)
  • تمام المنة - الصلاة (2)
  • تمام المنة - الصلاة (3)
  • تمام المنة - الصلاة (4)
  • تمام المنة - الصلاة (5)
  • تمام المنة - الصلاة (6)
  • تمام المنة - الصلاة (7)
  • تمام المنة - الصلاة (9)
  • تمام المنة - الصلاة (10)
  • تمام المنة - الصلاة (11)
  • تمام المنة - الصلاة (12)
  • تمام المنة - الصلاة (13)
  • تمام المنة - الصلاة (14)
  • تمام المنة - الصلاة (15)
  • تمام المنة - الصلاة (16)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة شرح ديوان أبي تمام ( شرح ديوان الحماسة لأبي تمام )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تمام المنة - الصلاة (43)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (42)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (41)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (40)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (39)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (38)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (37)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (36)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (35)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب