• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

الوحي

د. محمد جميل غازي

المصدر: كتاب من مفردات القرآن
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2008 ميلادي - 23/8/1429 هجري

الزيارات: 31960

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوحي

 

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 51 -  53].

تعريف الوحي:

• ورد لفظ الوحي ومشتقاته في القرآن الكريم 78 مرَّة.

 

ومن استعراض المادة بكافة اشتقاقاتها، وعلى ضوء ما قَرَّرَتْهُ معاجم اللغة، نستطيع أن نخلص إلى هذه التعريفات:

الوحي في اللغة: يطلق على الإشارة والإيماء، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11]، وعلى الإلهام الذي يقع في النفس وهو أخفى من الإيماء، ومنه قوله عز وجل: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ [القصص: 7]، وعلى ما يكون غريزةً دائمةً، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾ [النحل: 68]، وعلى الإعلام في الخفاء، وهو أن تُعْلِمَ إنسانًا بأمر تُخفِيه على غيره، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [الأنعام: 112]، وأُطْلِقَ على الكتابة والرِّسَالة؛ لما فيها من التَّخصِيص. 

• ووحي الله إلى أنبيائه: هو ما يلقيه إليهم من العلم الضروري الذي يخفيه عن غيرهم، بعد أن يكون قد أعدَّ أرواحهم لتلقيه بواسطة كالمَلَكِ أو بغير واسطة.

وقد عرَّفه الشيخ محمد عبده، في رسالة التوحيد بأنه: "عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قِبَل الله بواسطة أو بغير واسطة، والأول: بصوت يتمثَّل لسمعه أو بغير صوت، ويُفَرَّق بينه وبين الإلهام، بأن الإلهام وجد أن تستيقنه النفس، وتنساق إلى ما يطلب على غير شعور منها من أين أتى، وهو أشبَه بوُجْدان الجوع والعطش، والحزن والسرور".

ضرورة الوحي:

• وقد تحدَّث القرآن الكريم عن ضرورة الوحي وحتميَّته، وعن أهمية إرسال الرسل، وإنزال الكتب؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، وقال عز وجل: ﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ﴾ [طه: 134]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 47]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ﴾ [القصص:59].

وفي الصحيحين، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((لا أحد أحبُّ إليه العذرُ من الله؛ ومن أجل ذلك بعث الرسل مبشرين ومنذِرين)).

هداية العقل، وهداية النبي:

وقد ذهب البعض إلى أن: هداية العقل تُغني عن هِدَاية النبي، وفسَّروا (الرَّسول) في قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15] بالعقل.

وهو وَهْم وَنَزَق تنفيه الآيات الأخرى التي تحدَّثَت عن الرسول، والتي لا يمكن - بحال من الأحوال - تفسير (الرسول) فيها (بالعقل)؛ كما في قوله تعالى: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، وقوله عَزَّ وجل: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ﴾ [القصص: 59]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرات.

في كل أمَّةٍ رسُول:

• ولقد أوحى الله إلى رسل كثيرين؛ منهم من قصَّ عَلَينا نبأه في القرآن عِظَة وذكرى، ومنهم من لم يقصص علينا نبأه، ولنا أن نَسْأل: إن الرسل الذين قص القرآن علينا أنباءهم يكادون يَنْحَصرون في المنطقة العربية وما حولها؛ فهل كانت هذه المنطقة وحدها - كما قد يتوهم البعض - هي منطقة النبوَّات؟ وهل خلت الأرض - فيما عدَا هذه المنطقة - من الأنبياء والمرسلين؟ مع أن الأرض - في تاريخها القديم - قامت عليها حضارَات كثيرة، هنديَّة وصِينيَّة وإغريقية، ويستبعد العقل أن تكون هذه الحضارات قد قامت بعيدًا عن وحي الله، وهداية الرسل.

وقد وضَّح القرآن الكريم الإجابة على هذا السؤال؛ حيث يقول: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وحيث يقول: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر: 24].

 

لقد أرسل الله رسله إلى أمَم الأرض كلها هادين، مبشِّرِين ومنذرين؛ لئلا يكون للنَّاس على الله حجة، فيقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً.

كلام الله ووحيُه:

• وضروب تكليم الله للبشر حدَّدَته آية الشورى، التي نحن بصدَدِ تفسيرها: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 51].

والوحي هنا النَّفَث في الروع، ومنه قوله صلَّى الله عليه وسَلَّم فيما يرويه ابن حِبَّان: ((إن الروح القدس نفَث في رُوعي: أن نفسًا لن تموت حتى تَستكمِل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجْمِلوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حَرُم)).

وقوله: ﴿ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الشورى: 51] كما كلَّم موسى، وقد سمى الله تكليمه لموسى وحيًا في قوله تعالى: ﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾ [طه: 13].

 

واستدلوا بتأكيد الفعل في قوله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164] على تكليم الله لموسى حقيقة لا مجازًا، يعنون أنه لو قال - في هذه الآية - كما قال في سورة البقرة: ﴿ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 253]، لم يزد عليه (تكليمًا) المؤكِّدة لجاز أن يكون التكليم مجازًا، فإن الفراء قال: "إن العرب تسمي ما وصل إلى الإنسان كلامًا بأي طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدَر، فإذا أكد لم يكن إلا حقيقة الكلام".

وقوله تعالى: ﴿ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى:51]، المقصود بالرسول: ملك الوحي المعبَّر عنه بالروح الأمين، وهو جبريل عليه السلام.

حالات الوحي إلى الرسول الخاتم:

وقد كان للوحي إلى الرسول الخاتم محمد صلَّى الله عليه وسَلَّم عدَّة حالات لا تخرج عمَّا جاء في هذه الآية الجامعة:

1) منها: الرؤيا، فقد روى البخاري، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "وأول ما بُدئ به رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم من الوحي: الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح"، وقد سبق لإبراهيم عليه السلام أن رأى في منامه أنه يذبح ابنه، فصدق ما رأى، وهَمَّ بتنفيذه: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102].

 

2) ومنها: ما كان يُلْقيه المَلَك في روعِهِ وقلبه من غير أن يراه، كما في قوله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((إن روح القدس نفث في روعي))، وقد مرَّ.

 

3) ومنها: أنَّه صلَّى الله عليه وسَلَّم كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول، وفي هذه المرتبَة كان يراه الصحابة أحيانًا؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم إذ طلع علينا رجل شديدُ بَياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه" الحديث.


وفيه: أنه سأل النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، وعلم الساعة، وأن النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((ذلك جبريل جاء يعلمكم أمورَ دينكم)).

 

وكان كثيرًا ما يأتيه في صورة دحية بن فضالة الكلبي، ولعل نزول الوحي في صورة هذا الصحابي كان بعد الهجرة؛ إذ إن دحية لم يُسْلم إلا بعد غزوة بدر.

 

4) ومنها: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس - وكان أشده عليه صلَّى الله عليه وسَلَّم فيتلبس به الملك، حتى إن جبينه ليَتَفَصَّدُ عرقًا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبَها، ولقد جاءه الوحي مرة كذلك، وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت تُضِّرُّها.

 

5) ومنها: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيَه، وهذا وقع له مرتين كما قصَّ الله علينا في سورتي التكوير والنجم؛ قال تعالى في سورة التكوير: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 19 - 23]، وقال تعالى - في سورة النجم -: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ [النجم: 1 - 15].

وقد أورد ابن القيم في كتابه: "زاد المعاد" حالتين للوحي غير ما ذكر: "الأولى: كلام الله للنبي صلَّى الله عليه وسَلَّم منه إليه بلا واسطة ملك، كما كلم الله موسى بن عمران.

الثانية: تكليم الله له كفاحًا من غير حجاب، ويرى ابنُ تيمية أن الصواب هو ما ذهبت إليه عائشة رضي الله عنها ووافقها عليه جمهور الصحابة، كما حكاه عثمان بن سعيد الدارمي إجماعًا للصحابة، وهو الحق؛ إذ إن المراجع الصحيحة تنفي أن يكون الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم قد رأى ربه في الدنيا".


أما الحالة الأولى التي أوردها ابن القيم - فإنه على فرض ثبوتها - يمكن أن تفهم من حالات الوحي التي سبق أن ذكرناها.

الوحي رُوح:

• وقد سمَّت (آية الشورى) التي نحن بصدد تفسيرها الوحيَ رُوحًا؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]؛ لأن به حياة الأفراد والأمم، وسعادة الدنيا والآخرة، وإنما قال: ﴿ مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]؛ لأنه أنزله كما يشاء على من يشاء من النَّظْمِ المُعْجِز، والتأليف المُعْجِب، ويمكن أن يحمل قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، أي: يسألونك: من أين لك هذا القرآن؟ قل: إنه من أمر الله، أنزله عليَّ معجِزًا.

• وقوله تعالى: ﴿ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾ [الشورى: 52] توضحه آيات أخرى؛ كقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، وقوله تعالى: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ [الضحى: 7].

وحي الشياطين:

والشياطين لا تَفتُر عن وَسْوَسَتِها، وإلقائها الوحي إلى أوليائها، فقد قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه، فقال: صدق، وتلا قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾ [الأنعام: 121].

ومن وحي الشياطين - كما يقول الشيخ رشيد رضا رحمه الله في تفسيره - ما جاء في كتب الصوفية من ضلالات وزندقة وأوهام، بل إن الشياطين لعبت بأوهام الصوفية وأهوائهم حتى زعموا أن الوحي إليهم أفضل من الوحي إلى الأنبياء، فابن عربي يرى: أن الأولياء أفضل من الأنبياء، وأن الأنبياء وسائر الأولياء يأخذون عن خاتم الأولياء، وأنه هو يأخذ من المعدِن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي إلى الرسول، فإن الملك عنده هو الخيال الذي في النفس، وهو جبريل عندهم، وذلك الخيال تابع للعقل، فالنبي عندهم: يأخذ من هذا الخيال ما يسمعه من الصوت نفسه، ولهذا يقولون: إن موسى كلم من سماء عقله، والصوت الذي سمعه كان في نفسه لا في الخارج، ويدعي أحدهم أنه أفضل من موسى، كما ادعى ابن عربي أنه أفضل من محمد صلَّى الله عليه وسَلَّم حيث ادعى أنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى النبي.

 

أرأيت إلى الشيطان كيف يلقي بأتباعه في هوة من الظلمات لا قرار لها؟ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مفهوم الوحي
  • هذا القرآن .. تعريف الوحي وأشكاله وأحكامه
  • دراسة الوحي المنزل ( مضامينه ودلالاته )
  • الوحي الإلهي هو المنقذ وليس الفكر الإنساني
  • رحلة مع الوحي المحمدي
  • إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا
  • اتباع الوحي وعدم الاستغناء عنه بالعقل
  • دلالة القرآن على أن السنة وحي
  • طعن المستشرقين في الوحي والرسالة
  • من كتاب الوحي
  • الوحي وحي (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • قصة الوحي الخاتم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الوحي ينتصر للمرأة(مقالة - ملفات خاصة)
  • إرهاصات نبوته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الثالثة عشرة) حكمة الوحي وتصنيفه للمجتمع الإسلامي في آخر عهد النبوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مبحث في موضوع: خصائص الوحي الإلهي الرباني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روح العالم رجال أشرق بهم العالم بنور الوحي لأحمد الطويان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوحي والعقل(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • عظمة الوحي الإلهي في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كاتب الوحي: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • منهج الوحي في إدارة ملف الإعلام والمناظرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب