• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الخمسون النبوية الشاملة (2 / 10)

الشيخ محمد بن عبدالله العوشن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2010 ميلادي - 13/11/1431 هجري

الزيارات: 26634

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخمسون النبوية الشاملة (2 / 10)

الحديث السادس

عن ابن عمر- رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلمُ أخو المسلم لا يَظْلِمُه ولا يُسْلِمُه، ومَنْ كان في حَاجةِ أخيه كانَ اللهُ في حاجته، ومَنْ فرّج عن مسلمٍ كُرْبةً فرّج الله عنه بها كُرْبةً مِنْ كُرُبَاتِ يَومِ القيَامة، ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يومَ القِيَامَة)) متفقٌ عليه[1].


راوي الحديث:

سبقت ترجمته في الحديث الثاني - رضي الله عنه-. ويضاف إلى ما هناك: ما أخرجه البخاري في صحيحه أنه (ابن عمر) رأى رؤيا فقصّها على أخته حفصة فقصّتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((نِعْم الرَّجل عبد الله لو كان يصلي من الليل))، فكان بعدها لا ينام من الليل إلا القليل[2]! وقال ابن المسيّب: لو شهدتُ لأحدٍ [أنه] من أهل الجنة لشهدت لابن عمر[3].

 

وكان - رضي الله عنه - ما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بكى، ولا مرّ على رَبَعهم إلا غمّض عينيه[4].

 

ومرّ براعٍ فقال له: بعني شاة من الغنم. قال: إني مملوك.قال [مختبرًا له]: قل لسيّدك: أكلها الذئب. قال: فأين الله عز وجل؟! قال ابن عمر: فأين الله! ثم بكى، ثم اشترى الراعي وأعتقه، واشترى الغنم ووهبها له[5].

 

ولما بُويع يزيد بن معاوية بالخلافة قال: إن كان خيرًا رضينا، وإن كان بلاءً صبرنا[6]. وترجمته- رضي الله عنه - حافلة، فحريّ بطالب العلم أن ينظر فيها.

 

معاني الكلمات:

1- لا يظلمه: لا ينقصه في ماله، ولا بدنه، ولا عرضه.

2- لا يسلمه: لا يتركه لمن يظلمه.             

3- فرّج: أزال وخفّف[7].

4- كربة: كل ما يُشغل الإنسان من الهمّ والغمّ.

 

الشرح:

يبين هذا الحديث حقيقة الأخوّة، وأن المسلم أخو المسلم، كما قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 

((لا يظلمه)) وهو خبر بمعنى الأمر. و((الظلم)) هو النقص. قال تعالى: ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [الكهف: 33].

والنقص: ((إما ترك واجب، وإما فعل محرم))[8]. فلا يظلمه بأي صورة كانت.

((ولا يُسلمه))، أي: ولا يدعه ويسلمه لمن ينقصه شيئًا من حقه، بل ينصره ويدفع عنه الظلم ((انصر أخاك طالمًا أو مظلومًا)) قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالم-ًا؟ قال: ((تأخذ فوق يديه))[9].

 

و((من تركه يجوع ويعرى - وهو قادر على إطعامه وكسوته - فقد أسلمه))[10]، ويدخل فيه - وهو أولى - من ترك أخاه المسلم بعد تلبّسه ببعض المعاصي وظهور الانحراف عليه، فيُسْلمه للشيطان والنفس الأمّارة بالسوء.

((ومن كان في حاجة أخيه))، أي: من كان يسعى لمساعدة أخيه وقضاء حاجاته، ((كان الله في حاجته)) فيسهّل الله له حاجاته، ويعينه عليها، والجزاء من جنس العمل.

وفي رواية لمسلم: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).

 

((ومن فرّج عن مسلم..))، أي: من أزال أو خفّف عن مسلم ما يكربه من الهمّ والغمّ، كأن يكون في كربة مالية، من ديْن، أو إيجار مسكن، أو تكاليف علاج، أو غيرها من الكربات الحسية، والمعنوية فيساعده في تفريج هذا الضيق، فإن الله يكافئه على هذا العمل بأن يفرّج عنه من كُرب يوم القيامة، ويا لها من كربات، وكربات! جاء في ترجمة عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان أنه كان يشتري أهل البيت (من الأرقّاء)، ثم يأمر بهم فيُكسون ثم يدهنون ويعرضون عليه، فيقول: أنتم أحرار لوجه الله، استعين بكم على غمرات الموت. فخُتم له رحمه الله بخاتمة حسنة فمات وهو يصلي[11]. نسأل الله من فضله.

((ومن ستر مسلمًا..))، أي: ستر عليه عيبه فلم يُخبر به أحدًا، ولا يعني هذا ترك الإنكار عليه برفق وعلى إنفراد.

 

((ومن ذلك أيضًا أن تستر عنه العيب الخَلْقي...كجروحٍ مُؤثّرة في جِلْده، أو برص، أو بهق أو ما أشبه ذلك، وهو يتستر ويحب ألا يطّلع عليه الناس فإنك تستره...فالستر بالنسبة للأعمال السيئة التي يقوم بها الإنسان ينقسم إلى قسمين:..من شخص منهمك في المعاصي مستهتر، فهذا لا نستر عليه. وقسم أخر حصل منه هفوة، فهذا هو الذي نستر عليه))[12].

ومفهوم المخالفة لهذا الحديث أن من لم يكن كذلك مع أخيه المسلم مع القدرة، أنه يكافأ بجنس عمل. وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [متفق عليه].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- تحريم ظلم المسلم، وخذلانه.

2- الحث على تعاون المسلمين فيما بينهم.

3- عِظَم أجر من قام بهذه الأعمال، وما شابهها.

4- الجزاء من جنس العمل.

•   •   •   •

 

الحديث السابع

عن معاويةَ بن أبي سُفْيان - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ يُرِدْ الله به خَيْرًا يُفَقِّهُه في الدِّين)) متفقٌ عليه[13].


راوي الحديث:

معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب القُرشي الأُموي، أمير المؤمنين، وأحد كتبة الوحي، وأمّه هند بنت عتبة. هو وأبوه وأمه من الصحابة، أسلم عام فتح مكة، ولّاه عمر بلاد الشام بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان، وبقي واليًا عليها عشرين سنة، ثم تنازل له الحسن بن علي - رضي الله عنهما - عن الخلافة عام 41 للهجرة وسُمّي عام الجماعة. وهو أول ملوك المسلمين، ومؤسس دولة بني أمية. اشتهر بالحِلْم، والدهاء، والكرم. مات - رضي الله عنه - سنة 60 للهجرة.

 

معاني الكلمات:

1- يفقهه: الفقه العلم والفهم، وغلب على علم الدين لشرفه.

 

الشرح:

((طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحّت نيته))[14]، وفي هذا الحديث الموجز المفيد يبيّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فضل من طلب العلم. فكل من تراه يطلب العلم الشرعي فقد أراد الله به خيرًا، والنّية أمرها إلى الله.

((ومفهوم الحديث أن من لم يتفقّه في الدين - أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حُرم الخير))[15].

 

والآيات والأحاديث الواردة في فضل العلم كثيرة جدًا، منها قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، وقد استنبط العلامة ابن القيم رحمه الله من هذه الآية عشرة أوجه في فضل العلم وأهله[16]، وقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، فلم يأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بطلب الازدياد من شيء إلا العلم، وقوله تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، وغيرها من الآيات.

 

ومن الأحاديث قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((...ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سّهل الله به طريقًا إلى الجنة..)) [أخرجه مسلم].

وتأمل هذا الحديث العظيم عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يخرج يطلب علمًا إلا وضعت له الملائكة أجنحتها، وسُلك به طريق إلى الجنة ، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا، ولكنهم ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظًّ وافر)) [أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارمي].

 

ولذا فضّل العلماء طلب العلم على نوافل العبادات. وفي الحديث: ((فَضْلُ العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع)) [أخرجه الطبراني وحسنه المنذري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي] [17].

 

و((العلم من أفضل الرزق الذي ينتج عن التقوى، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]

وأحسن ما قيل في تفسير الفرقان أنه ما يحصل للعبد من نور العلم الذي يفرق به بين الحق والباطل))[18].

قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: ((الناس يحتاجون إلى العلم، مثل الخبز والماء؛ لأنّ العلم يُحتاج إليه في كل ساعة، والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين))[19]. وقد قيل: ((من فاته العلم ماذا أدرك؟ ومن أدرك العلم ماذا فاته؟))[20].

 

فوائد:

1- فضل العلم وأهله.

2- فضل التفقّه في الدين على سائر العلوم.

3- أنّ من لم يتفقّه في الدين، ولم يحرص على التفقه فيه؛ فإن الله لم يُرد به خيرًا.

•   •   •   •

 

الحديث الثامن

عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البرِّ، وإنّ البِرِّ يَهْدي إلى الجنّة، وإنّ الرّجلَ لَيَصْدُق حتى يُكتب عند الله صدّيقًا، وإنّ الكذِب يَهْدي إلى الفُجُور، وإنّ الفُجورَ يهدي إلى النّار وإنّ الرّجلَ لَيَكْذِب حتى يُكتبَ عند الله كذّابًا)) متفقٌ عليه[21].


ترجمة الراوي:

سبقت ترجمته في الحديث الخامس، ويضاف إلى ما هناك: ما أخرجه البخاري عن حذيفة قال: ((ما أعرف أحدًا أقرب سمتًا وهديًا ودَلًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من ابن أُمِّ عبد))، يعني: ابن مسعود.

 

وأخرج مسلم عن أبي موسى قال: قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينًا ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما نرى من دخوله ودخول أُمّه على النبي - صلى الله عليه وسلم - )).

 

ومنها ما أخرجاه عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود - فبدأ به - ومن أُبيّ بن كعب، ومن سالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل)).

 

معاني الكلمات:

1- البرّ: هو الخير، وهو اسم جامع للخيرات كلها.

2- يهدي: يوصل.

3- الفجور: أصل الفجر الشق، فالفجور شق ستر الديانة، ويطلق على الميل إلى الفساد، وهو اسم جامع للشر.

 

الشرح:

جاء الإسلام بالحثّ على مكارم الأخلاق، واجتناب مساوئها، ومن هذه الأخلاق: الصدق: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، وهي خصلة كان العرب في جاهليتهم يحرصون على التمسك بها، ففي حديث أبي سفيان المشهور مع هرقل، وسؤالاته له، وكان أبوسفيان إذْ ذاك مشركاَ، قول أبي سفيان: ((فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ (أي من معه من قومه) كذبًا لكذبت عنه))[22].

 

ولذا ل-مّا أُمر - صلى الله عليه وسلم - بالصدع بالدعوة، صعد الصفا ونادى بطون قريش وقال لهم: ((أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ؟)) قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلا صدقًا[23]، فكانت شهادتهم الجماعية له بأنه لا يقول إلا الصدق حجةً عليهم لما قال لهم: ((إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)). وهذا من حكمته - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة.

 

((إن الصدق يهدي إلى البرّ))، أي: الصدق موصل إلى الخير، وبالتالي إلى الجنة وهي الغاية التي يسعى إليها كل مسلم. ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [المطففين:٢٢].

 

((وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقًا))، أي: يصدق دائمًا ويتحرّى الصدق حتى يكون صدّيقًا عند الله وعند الناس، وهو اسم مبالغة، وما أعظمها من صفة، أن يُكتب الرجل صدّيقًا عند الله: ﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ﴾ [الأحزاب:٢٤].

و((الصدق يكون باللسان ويكون بالأركان، فمتى طابق الخبر الواقع فهو صدق باللسان، ومتى طابقت أعمال الجوارح ما في القلوب فهي صدقٌ بالأفعال))[24].

وقد كذّب الله عز وجل المنافقين لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون:١].

 

وفي المقابل: ((وإن الكذب يهدي إلى الفجور)): والفجور: هو الخروج عن طاعة الله، فالكذب موصل إلى ذلك، وبالتالي إلى النار، جزاءً وفاقًا، والجزاء من جنس العمل.

((ولا يصح تقسيم من قسّم الكذب من العامة إلى كذب أبيض وكذب أسود.. فالكذب كله أسود))، ((ولكن لاشك أن الكذب تتفاوت مراتبه، وإذا تفاوتت مراتبه تفاوتت عقوباته))[25]، ولم يرخّص الشارع الحكيم في الكذب إلا في أمور ثلاثة، كما في حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط قالت: ولم أسمعه - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرخّص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها)) [أخرجه مسلم].

 

والكذب من كبائر الذنوب، أخرج البيهقي في ((الشُّعب)) بسند صحيح عن أبي بكر – رضي الله عنه -: ((الكذب يُجانب الإيمان)) وأخرجه مرفوعًا، وقال: الصحيح الموقوف[26]. وجعل الكذب من علامات المنافق: ((..وإذا حدّث كذب)) [متفق عليه].

 

وفي حديث رؤياه الطويل - صلى الله عليه وسلم - ورؤيا الأنبياء حق -: ((....فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلّوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتمّ شدقه هذا، فيعود فيصنع مثله. قلت: ما هذا؟...قالا:..أما الذي رأيته يُشق شدقه فكذّاب يُحدّث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيُصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة...))[27] [أخرجه البخاري].

 

فانظر إلى هذا الوعيد الشديد، وليحذر من يفتري الكذب على غيره، وينشر كذبته في الآفاق، ويعظم الإثم إذا كان المفترى عليه من ولاة الأمر من العلماء والحكام؛ ليضعف مكانتهم في النفوس، ولا يخفّف من هذا أن يكون السامعون على علم بأن هذا كذب، وإنما المراد إضحاكهم، وقد جاء الوعيد في ذلك، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويل للذي يُحدّث فيكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له)) [أخرجه أبو داود، والترمذي][28].

 

وليحذر أيضًا من يسمع بالكذبة ثم ينشرها، ويجعل العهدة على الراوي، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سمع)) [أخرجه مسلم في المقدمة].

وقد حفل التاريخ بقصص الصادقين، وعاقبتهم الحميدة، ومن أصحها وأشهرها: قصة الثلاثة الذين خُلفوا في غزوة تبوك، كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع – رضي الله عنهم -.

 

وفي الحديث قول كعب: ((وعرفتُ أني لن أخرج منه أبدًا بشيء فيه كذب، فأجمعتُ صِدْقه))، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمّا هذا فقد صدق..))، وفي آخره قول كعب: ((فو الله ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني، ما تعمّدت منذ ذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا كذبًا))[29].

وهذا ربعي بن حراش - وهو من التابعين - كان له ابنان عاصيان زمن الحجّاج، فقيل للحجاج: إن أباهما لم يكذب كذبة قطّ، لو أرسلت إليه فسألته عنهما، فأرسل إليه أين ابناك؟ قال: هما في البيت، قال: عفونا عنهما لصدقك[30].

وقال الغازي بن قيس (ت 199): والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا أن عمر بن عبد العزيز قاله ما قلتُه[31].

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: ((الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها))[32].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- الحثّ على الصدق.

2- أنه موصل إلى الجنة.

3- أن من عُرف بكثرة الصدق استحق أن يُكتب صديقًا.

4- التحذير من الكذب.

5- أنه موصل إلى النار.

6- أن من عُرف بكثرة الكذب استحق أن يُكتب كذَّابًا.

•   •   •   •

 

الحديث التاسع

عن أبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال في خُطْبَتِه يومَ النّحْرِ في حجّة الوَدَاع: ((إنَّ دِمَاءَكُم وأمْوَالَكم وأعْرَاضَكم، حَرامٌ عليكم كَحُرْمَةِ يومِكُم هَذا، في شَهْرِكُم هذا، في بَلَدِكم هذا، ألاَ هلْ بَلّغْت)) متفقٌ عليه[33].


راوي الحديث:

أبو بكرة نُفيع بن الحارث الثقفي، من موالي النبي - صلى الله عليه وسلم -، أسلمَ في حصار الطائف، بعد أن تدلّى إلى المسلمين ببكرة. روى عددًا من الأحاديث. سكن البصرة.

 

قال الحسن البصري: لم ينزل البصرة أفضل من أبي بكْرة وعمران بن حصين. كان من فقهاء الصحابة، وممن اعتزل الفتنة بين عليّ ومعاوية ب. مات سنة51، وقيل 52 للهجرة – رضي الله عنه -.

 

معاني الكلمات:

1- يوم النحر: يوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر.

2- أعراضكم: العِرْض موضع المدح والذمّ من الإنسان.

3- بلدكم هذا: مكة.

 

الشرح:

جاء الإسلام بحفظ الحقوق الخمس: الدين، والنفس، والعرض، والمال، والنسل، وهذا من عظمة هذا الدين، فهو يأمر بحفظ المسلم المعصوم الدم في حياته، وبعد مماته، في حضوره، وغيبته. وقد أعلن ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أكبر تجمّع بشري في حياته، ألا وهو: ((حجة الوداع)) أمام عشرات الآلاف من الناس، وفدوا إليه من أنحاء الجزيرة العربية.

 

وقد جاء تحريم ذلك في الكتاب والسنة: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الفرقان: ٦٨ – ٦٩]. وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء:٩٣]، بل جعل قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعًا: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾  [المائدة: ٣٢].

 

وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصبْ دمًا حرامًا)). [أخرجه البخاري].

 

وأخبر أن: ((أول ما يقضى بين الناس في الدماء)) [أخرجه البخاري ومسلم]، وجعلها من الموبقات: ((أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس..)) [أخرجه البخاري]. و((الدماء المحرّمة أربعة أصناف: دم المسلم، ودم الذّمي، ودم المعاهد، ودم المستأمن، وأشدّها وأعظمها دم المؤمن))[34] وحرّم ماله: ((من اقتطع حقّ امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرّم عليه الجنة)) فقال رجل: يا رسول الله: وإن كان شيئًا يسيرًا؟ فقال: ((وإنْ قضيبًا من أراك)) [أخرجه مسلم].

 

وقال: ((إنّما أنَا بَشَرٌ، وإنّكم تَخْتصمونَ إليّ، ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحنَ بحُجتّه مِنْ بعض، فاقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيتُ له بحقّ أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنّما أقطع له قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها)) [أخرجه البخاري ومسلم].

وحرّم عرضه وجعله من الكبائر: ((إن من أرْبى الرِّبا الاستطالة في عِرْضِ المسلم بغير حق)). [أخرجه أبو داود].

 

وجعل من اغتاب مسلمًا كأنما أكل من لحمه: قال تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: ١٢]. ولما قالت عائشة- رضي الله عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حسبك من صفيّة كذا وكذا)). قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: ((لقد قلتِ كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته...)) [أخرجه أبو داود].

قال النووي رحمه الله: ((وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئًا من الأحاديث يبلغ في الذمّ  لها هذا المبلغ))[35].

وكثير من المسلمين اليوم - للأسف - يستهين بالوقيعة في عرض أخيه المسلم، فتجده شديد الورع في بعض المباحات، وربما سأل عن الطعام، ومصدره، ولكنه لا يتورع عن الأكل من لحم أخيه المسلم!.

 

قال ابن الجوزي (ت597) - رحمه الله -: ((رأيتُ كثيرًا من الناس يتحرزون من رشاشة نجاسة، ولا يتحاشون من غيبة..)) [36]، وقال ابن القيم (ت751) - رحمه الله -: ((ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه.. وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي بما يقول))[37]!.

ورحم الله امرءًا شُغل بنفسه عن غيره.

 

ذُكر رجلٌ عند الإمام أحمد فقال: ((في نفسي شغل عن ذكر الناس)) ((وأثنى على رجلٍ، فقيل له: قولكَ فيه خلاف قوله فيك، فتبسّم وقال: ما أعلم إلا خيرًا، هو أعلم وما يقول، تريد أن أقول ما لا أعلم؟ رحم الله سالمًا - ابن عبد الله بن عمر - زحمتْ راحلته راحلة رجلٍ فقال الرجل لسالم: أراك شيخ سوء. قال: ما أبعدتَ))[38]!.

قال أبو عاصم النبيل الضحّاك بن مخلد: ما اغتبتُ أحدًا منذ عقلت أنّ الغيبة حرام[39]، وورِث هذا الهديَ تلميذُه الإمام البخاري، فكان يقول: ((أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا))[40].

 

فائدة:

استثنى العلماء بعض الحالات التي تجوز فيها الغيبة، فصّلها الإمام النووي رحمة الله في ((رياض الصالحين)) باب ما يباح من الغيبة، وفي شرحه لصحيح مسلم[41]. وكذا في الأذكار[42].

 

وقد جمعها الناظم بقوله:

والقدح ليس بغيبة في ستةٍ
مُتظلِّمٍ ومعرّفٍ ومحذّر
ولمظهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومن
طلب الإعانة في إزالة منكر [43]


ما يستفاد من الحديث:

1- تحريم دماء المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم.

2- بيانه - صلى الله عليه وسلم - ذلك في هذا المجتمع العظيم.

3- حرص الإسلام على حفظ الضروريات الخمس وهي: الدين، النفس، العقل، العِرْض، المال.

 

فائدة:

للإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى - رسالة نافعة، بعنوان: ((رَفْعُ الرِّيبة فيما يجوز وما لا يجوز من الغيبة)) وهي في الرسائل المُنيريّة (1/48) وفي الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (11/5557).

•   •   •   •

 

الحديث العاشر

عن ابن مسعود- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يَدْخُلُ الجنّةَ مَنْ كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ)). قال رجُلٌ: إنّ الرَّجلَ يُحِبُّ أنْ يكونَ ثَوْبُه حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَة. قال: ((إنّ الله جميلٌ يُحِبُّ الجَمَالِ، الكِبْرُ بَطْرُ الحقِّ وغَمْطُ النّاسِ))، أخرجه مسلم[44].


راوي الحديث:

سبقت ترجمته في الحديث الخامس، والحديث الثامن.

 

معاني الكلمات:

1- مثقال: وزن.

2- ذرّة: صِغَار النّمل، وقيل: ما ليس لها وزن، ويُراد بها ما يُرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة.

3- بطر الحق: ردّه وإنكاره ترفّعًا وتجبرًا.

4- غمط الناس: احتقارهم.

 

الشرح:

هذا الحديث فيه وعيد شديد لمن كان في قلبه شيء من الكِبْر، وإن كان يسيرًا. والكبْر خصلة مذمومة، وعاقبته أليمة. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتلّ جوّاظ متكبر)) متفق عليه.

وقال: ((يُحشر المتكبّرون يوم القيامة أمثال الذّر في صور الرجال، يغشاهم الذّل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يُسمى بُولس تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال))[45].

 

فالجزاء من جنس العمل، فكما كان هؤلاء المتكبّرون يَنظرون للناس في الدنيا بازدراءٍ واحتقارٍ كأنّهم الذّرّ، فإنّهم يُحشرون يوم القيامة كأمثال الذّرّ لكن في صُوَرِ الرّجال! ((فالذي في قلبه كِبْر، إما أن يكون كِبْرًا عن الحقّ وكراهة له، فهذا كافر مخلّد في النار، ولا يدخل الجنة، لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: ٩].

 

وأما إذا كان كِبْرًا على الخلق وتعاظمًا على الخلق، لكنه لم يستكبر عن عبادة الله، فهذا لا يدخل الجنة دخولًا كاملًا مطلقًا لم يُسبق بعذاب، بل لابدّ من عذاب على ما حصل من كِبْره وعلوائه على الخلق، ثم إذا طُهّر دخل الجنة))[46].

 

فلما حدّث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث ظنّ رجل ممّن سمعه أن عناية الرجل بثوبه ونعله من الكبر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله جميل..)) جميل في ذاته، جميل في أفعاله، جميل في صفاته، كل ما يصدر عن الله عز وجل فإنه جميل ((يُحبّ الجمال)) يحب التجمل، بمعنى: أنه يحبّ أن يتجمل الإنسان في ثيابه، وفي نعله، وفي بدنه[47]. ولكن كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلوا واشربوا والبسوا وتصدّقوا في غير إسْراف ولا مخيلة)). وقال ابن عباس: ((كُلْ ما شئت والْبَسْ ما شئت، ما أخطأت اثنان: سرفٌ أوْ مَخِيلةٌ))[48].

 

كان يزيد بن المهلّب بن أبي صُفرة جوادًا كريمًا، لكن كان فيه كبْر، رآه مُطرِّف بن الشّخّير (ت86) يسحب حُلّته، فقال له: إن هذه مشيه يبغضها الله، قال: أوَ ما تعرفني؟ قال: بلى، أوّلكَ نطفة مَذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذِرة.[49]! قال ابن عيينة: من كانت معصيته في الشهوة فارج له، ومن كانت معصيته في الكبر فاخش عليه، فإنّ آدمَ عصى مشتهيًا فغُفر له، وإبليس عصى متكبّرًا فلُعِن[50].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- تحريم الكِبْر، وأنّه من كبائر الذنوب.

2- فيه مراجعة التلميذ لشيخه.

3- أن الله يحبّ التجمّل من غير خيلاء، ولا إسراف.



[1] أخرجه البخاري، كتاب المظالم، رقم(2442)، ومسلم: كتاب البرّ والصلة، رقم(2580).

[2] كتاب المناقب، برقم (1121 - 112)، و(3738، 3739).

[3] صححه ابن حجر، وعزاه إلى معجم البغوي، الإصابة (2/339).

[4] صححه ابن حجر، وعزاه إلى الزهد للبيهقي، الإصابة (2/339).

[5] أورده الهيثمي في المجمع (9/347)، وعزاه إلى الطبراني، وقال: رجال رجال الصحيح.

[6] سير أعلام النبلاء (3/225).

[7] علّق الشيخ عبد العزيز السدحان - جزاه الله خيرًا - بقوله: قرأت: أنّ هذا المعنى: «خفّف» ل-: «نفّس»، أمّا: «فرّج» فهو بمعنى: «أزال».

[8] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين (2/596).

[9] أخرجه البخاري، رقم(2444).

[10] ابن حزم، المحلى (6/157).

[11] صفة الصفوة (2/102)، التهذيب (6/13).

[12] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين (2/568).

[13] أخرجه البخاري في كتاب العلم، رقم(71)، ومسلم في كتاب الزكاة، رقم(2389).

[14] تُنسب للإمام أحمد،  المنهج الأحمد (1/451).

[15] فتح الباري (1/165).

[16] انظرها في: مفتاح دار السعادة  (1/48) دار الكتب العلمية.

[17] العلم لابن أبي خيثمة، تحقيق الألباني، ص(9).

[18] ابن باز، فتاواه (6/311).

[19] طبقات الحنابلة (1/146).

[20] أبجد العلوم (1/96).

[21] أخرجه البخاري، كتاب الأدب، رقم (6094)، وأخرجه مسلم في كتاب البرّ والصلة، وزاد في رواية له: «...ويتحرى الصدق...ويتحرى الكذب...» رقم (2607).

[22] البخاري، كتاب بدء الوحي، رقم(7).

[23] البخاري، كتاب التفسير، رقم(4770).

[24] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين (1/294).

[25] ابن عثيمين، أحكام من القرآن الكريم (1/61).

[26] فتح الباري (10/508).

[27] وقد بلغ من انتشار الكذبة في الآفاق في هذا  العصر ما لم تبلغه أي عصر مضى، وذلك عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والصحافة، والهاتف، وغير ذلك من وسائل  الاتصال.

[28] برقم (4990)، (3015)، وصححه الشيخان ابن باز، فتاواه (6/319)، والألباني في صحيح الجامع.

[29] أخرجه البخاري ومسلم، وهي قصة مليئة بالفوائد.

[30] تاريخ بغداد (8/433).

[31] الديباج المذهّب في معرفة أعيان علماء المذهب ص(314).

[32] الفتاوى (20/74).

[33] أخرجه البخاري، كتاب الحج، رقم(1741)، ومسلم: كتاب القسامة والمحاربين، رقم(1679).

[34] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين (4/654).

[35] الأذكار ص(300).

[36] صيد الخاطر ص(167).

[37] الجواب الكافي، ص(187).

[38] الورع، ص(190).

[39] سير أعلام النبلاء (9/482).

[40] سير النبلاء (12/439).

[41] (16/142).

[42] ص (303).

[43] غذاء الألباب، للسفاريني (1/109).

[44] كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر، رقم(91).

[45] أخرجه الإمام أحمد (6677)، والترمذي (2492) واللفظ له، وقال: حسن صحيح، وحسنه الحافظ العراقي (تخريج الإحياء 5/2017) وصححه أحمد شاكر، وحسّنه الألباني، صحيح الجامع (7896).

[46] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، (6/239).

[47] ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين (6/239).

[48] أخرجهما البخاري تعليقًا، كتاب اللباس (10/252 فتح).

[49] سِير أعلام النبلاء (4/505).

[50] سير أعلام النبلاء  (8/461).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخمسون النبوية الشاملة (3/10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (4 / 10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (5/10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (6 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (7 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (8 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (9 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (10/10)

مختارات من الشبكة

  • الخمسون النبوية الشاملة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الأحاديث الخمسون المختارة فيما يتعلق بشهر رمضان وصيامه وقيامه (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • الفوائد الخمسون فيما يحتاجه الحجاج والمعتمرون(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفوائد الخمسون فيما يحتاجه الحجاج والمعتمرون(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخمسون الغراء في الأحاديث المتعلقة بفقه النساء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء من كتاب التاريخ (الجزء الخمسون) (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون النووية .. الحديث الخمسون - بلغة الإشارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تاريخ ابن أبي خيثمة - الجزء الخمسون(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب: السنوات الخمسون القادمة (حال العلم)(مقالة - المترجمات)
  • الحلقة الخمسون(مقالة - موقع الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب