• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

الدولة الصفوية (7)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/10/2010 ميلادي - 3/11/1431 هجري

الزيارات: 8636

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدولة الصفوية (7)

 

الحمْدُ لله العليم الحَكيم؛ يَبْتلي عبادَه على قدْر دِينهم، فمَن قَوِيَ دِينُه اشتدَّ بلاؤه؛ ليعظمَ أجْره، وتعلوَ منزلته، ومَن ضعُف دِينه كان ابتلاؤه على قدْره، نحمده في السرَّاء والضرَّاء، ونسأله الشكرَ في النعماء، والصَّبرَ على البلاء، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه؛ ما أُوذي أحدٌ من الناس كما أُوذي، ولا صَبَر أحدٌ كصبره، هُدِّد نوح بالرجم، ورُجِم محمدٌ حتى أُدمي، وهاجَر إبراهيم مِن قومه، وأُخْرِج لوطٌ من قريته، وهاجَر محمَّد من مكةَ، وهي أحبُّ البلاد إليه، وقُتِل أصحاب موسى، وقُتِل أصحاب محمَّد، وطُورد عيسى لقتله، فَرَفَعه الله تعالى إليه، وتآمَر المشركون على قتْل محمد غيرَ مرَّةٍ فنجَّاه الله تعالى، وطُعِن على عيسى في أمِّه العذراء البتول، وطعن على محمد في زوجِه الصِّدِّيقة الطاهرة، وما مِن أذًى نال نبيًّا إلا ومثله أو نحوه أو أعظم مِنْه نال نبيَّنا محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصَبَر على كل ذلك؛ امتثالاً لأمر الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى إخْوانه النبيِّين، وعلى أصحابِه وأتْباعه إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعدُ:

فاتَّقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظِّموا حُرماتِه، وقِفوا عندَ حدوده، وانتصروا لأنبيائه، وكونوا مِن أوليائه؛ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 56].

 

أيُّها الناس:

الابتلاءُ سُنَّةُ الله تعالى في عباده؛ ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3].

 

والأنبياء هم أوْفرُ الناس حظًّا من البلاء؛ لأنَّهم أقوى الناس إيمانًا، وأرسخُهم يقينًا، وأمضاهم عزيمة، فَضُعِّفَ البلاء عليهم؛ كما قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ مِن أَشَدِّ الناس بَلاَءً الأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهم، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهم))؛ رواه أحمد.

 

ولما قيل له - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ما أشدَّ حُمَّاك يا رسولَ الله! قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّا كذلك معْشَر الأنبياء، يُضاعَف علينا الوَجَع؛ ليضاعفَ لنا الأجْر))؛ رواه الحاكم وصحَّحه.

 

والبلاءُ المعنويُّ أشدُّ على النفوس مِن البلاء الجسدي؛ لأنَّه بلاءٌ يجلب الهمومَ والغموم، ويفتك بالقلوب، ويطرد النَّوْم، ويمنع الأكْل، ويشغل الفِكر، وربما قتَل صاحبَه.

والأجساد تتحمَّل عظيمَ الأذى والنَّصَب إذا كانتِ القلوب راضيةً مطمئنة، فلا شقاءَ إلا شقاءُ النَّفْس، ولا عذابَ إلا عذابُ القلب.

 

والطعْن في العِرْض هو أشدُّ شيء على النفْس البشرية؛ لأنَّ العِرْض هو شرَف الإنسان، وبتدنيسه تكون الوضاعةُ والمهانة، والتشهير والتعيير؛ ولذا فإنَّ الله تعالى قد ابْتلَى الرسلَ بكفر آبائهم كالخليل - عليه السلام - وبكُفْر أبنائهم كنوح - عليه السلام - وبكفر أزواجهم كنُوح ولوط - عليهما السلام - لكنَّه لم يَبْتَلِ أحدًا منهم بدناسة عِرْضه، وتلويث شَرَفه، وخيانة زوْجه في فراشه، حتى قيل: لم تزْنِ امرأةُ نبيٍّ قط؛ ذلك أنَّ كفر أحد مِن آل النبي ضررُه عليه، ولا يتعدَّى ضرره إلى النبي، وأمَّا خيانة النبي في فِراشه فضررُها واقعٌ على النبي، فحمَى الله تعالى رسلَه من وقوع ذلك؛ لئلاَّ ينقصَ قدرُهم، وتضعُف دعوتهم، ويستطيل الفَسَقةُ فيهم.

 

وما حكاه الله تعالى عن امرأتي نوح ولوط - عليهما السلام - من الخيانة في قوله سبحانه: ﴿ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التَّحريم: 10]، فليستْ خيانةَ العِرْض والشَّرَف، وإنَّما هي خيانةُ ممالأة الأعداء، وإطْلاعهم على أسرارِ الأنبياء، وكلمة المفسِّرين مجتمعةٌ على ذلك.

 

واليهودُ هم أوَّل مَن أحدث الطعْنَ في أعراض الأنبياء، حين رمَوْا مريم العذراء البتول بالزِّنا؛ كما حكَى الله تعالى ذلك عنهم بقوله سبحانه: ﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 156]، وهذا البُهتان الذي افترَوه هو المذكور في قوله - تعالى -: ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾[مريم: 27 - 28]، فكانتِ المعجزة الربَّانية بكلامِ المسيح في المهد؛ ليبرِّئَ أمَّه العفيفة؛ ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله آَتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴾ [مريم: 29 - 30]، فطائفةٌ من بني إسرائيل برَّأتْ مريم، وآمنتْ بالمسيح واتبعتْه، وطائفةٌ أخرى كفَرَتْ به، واتَّهمت أمَّه، ومِن هذه الطائفة شاؤول اليهودي الذي أظْهَر اعتناق النصرانية وتسمَّى ببولس، وأفْسَد دِينَ النصارى مِن داخله.

 

فلمَّا بَعَث الله تعالى محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأظْهَر دِينَه على الدِّين كلِّه، وانتشرتْ دعوته في الأرْض، عزَم عبدُالله بن سبأ اليهودي أن يكون هو بولس هذه الأمَّة بإفساد عقيدتها مِن داخلها، فحاول عزْلَ الصحابة عن نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأحْدَث الطعْن فيهم، وجرّأ الجهلةَ عليهم، وما ذاك إلا ليعزلَ نقلة الدِّين عن مبلغه؛ ليتسنَّى له تحريفُه كما حرَّف سلفُه دِينَ النصارى.

 

إنَّ النِّفاقَ في هذه الأمَّة وإن كان عقيدة ملخَّصها إظهارُ المنافق خلاف ما يبطن؛ فإنَّه في دوافعه على نوعين: نفاق مصالِح، وهو نِفاق ابن سلول ومَن معه، الذي نشأ بعد غزْوة بدر، ونِفاق عقائد، وهو نِفاق ابن سبأ ومَن تَبِعه، وهو الأخْطر؛ لأنَّ أصحابه مكتفون بعقائدهم عن سوادِ الأمَّة، ونشأ في خلافة عثمان - رضي الله عنه - وكِلاَ نوعي النِّفاق موجودٌ في الأمَّة منذ حدوثهما إلى يومِنا هذا، وتُمثِّل التيارات العلمانية في زمننا النفاقَ المصلحي الذي أحْدَثه ابنُ سلول، والمنتحِلون له يتغيَّرون ويتلوَّنون باختلافِ ميزان القُوَى بيْن أهل الإيمان وأعدائهم؛ لأنَّهم يكونون مع مصالِحهم الآنية.

 

كما تُمثِّل الطوائفُ الباطنية البِدعية النفاقَ الذي دافعُه عقدي، ولا يتزحزح أصحابُه عن معتقداتهم إلا بتَوْبة، وإلا فإنَّهم إنْ كانوا في حال ضعْف أخفوها، واستخدموا التَّقِيَّة التي هي تِسعةُ أعشار دِينهم، وإنِ استقووا أظهروها ودَعَوا إليها.

 

ولئن كان أربابُ النفاق المصلحي السلولي قد طَعَنوا في عِرْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حادثةِ الإفْك المشهورة؛ لينالوا منه، ويَصْرِفوا الناس عنه، ففضَحَهم الله تعالى في قرآنٍ يُتْلَى إلى يومنا هذا، وبرَّأَ الصِّدِّيقة الطاهرة من فوق سبع سموات - لئن فَعَل ذلك أربابُ النفاق المصلحي السلولي، فإنَّ كثيرًا من أرباب النِّفاق العقدي السبئي ما زالوا يَطْعنون في عِرْض النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - باتِّهام عائشة - رضي الله عنها - وفِعْلُهم أشدُّ خطرًا مِن فعْل ابن سلول وأتباعه؛ لكثرةِ أتباعهم؛ ولأنَّ فعل ابن سلول قد فضَحَه القرآن، فانتهتْ فِرْيتُه بذلك.

 

إنَّ الرافضة ومَن وافقهم قد مهدوا الطريق للطعْن في عِرْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإجراءات فِكريَّة وعِلميَّة متعدِّدة:

فهم قد أخْرجوا أمَّهات المؤمنين - رضي الله عنهنَّ - مِن آل بيْت محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومِن عِتْرته؛ ليتسنَّى لهم سبُّهنَّ وشتمهنَّ وقذفهنَّ، ثم اخترَعوا أقذعَ الألفاظ، وأحطَّ القصص وأشدَّها تنفيرًا، فألْصقوها بأمهات المؤمنين؛ ليتربَّى أطفالُهم عليها، وتمتلئ قلوبُهم بالضغينة والبغضاء عليهنَّ - رضي الله عنهنَّ.

 

وإذا قدح في أذهان أتباعِهم تساؤلاتٌ مِن مثل: إذا كنَّ بهذا السوء فكيف رَضِيهنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أزواجًا له؟! وكيف أقرَّه الله تعالى على ذلك، وما كان الله تعالى ليختارَ لنبيِّه إلا خيرَ النساء؟! كانت كُتُبهم ورواياتهم وافتراءاتهم قد عالجتْ هذه القضية، تارةً بادِّعاء أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد طلَّق نساءَه كلهنَّ قبل وفاته، أو جعَل أمرَهنَّ إلى علي - رضي الله عنه - فطلقهنَّ، وتارةً بزعْم أنهنَّ مجرَّد سرايا وإماء تسرَّى بِهنَّ ولسن زوجاتٍ له، ويختلقون من الرِّوايات ما يؤيِّد كَذِبَهم.

 

إنهم قد مهدوا الطريقَ لثلبهنَّ، والحطِّ عليهنَّ، وربَّوْا أتباعهم على ذلك، ولا سيَّما عائشة - رضي الله عنها - التي كفَّروها، واستحلُّوا لعْنَها، وادعوا أنَّها تَكذِب على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخصُّوها ببابٍ من أبواب النار؛ فلا عجبَ حينئذٍ أن يظهرَ فيهم مَن يقذفها في عِرْضها، ويدَّعي أنَّ قائمهم المنتظر بعد عودته سيُحييها ويُقيم الحدَّ عليها، ولهم في ذلك رواياتٌ تنضح بالقذارة والخِسَّة والحقارة، وأفْرَدوا كتبًا للطعْن في عِرْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عامَلَهم الله تعالى بما يستحقُّون.

 

وزعَموا أنَّ ذلك وقَع منها بعدَ وفاة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليفرُّوا من تكذيب القرآن لأهْل الإفك، فكانوا أشدَّ خبثًا من أهل الإفْك الأول، وأمضى أثرًا في أتباعهم، ورضِي الله تعالى عن عائشةَ وأرْضَاها إذ ابتليت بإفْكَيْن، وطُعنت في شرَفِها من كلا الطائفتين المنافقتين: طائفة ابن سلول، وطائفة ابن سبأ.

 

وواللهِ ما قدَّر الله تعالى ذلك عليها إلا رفعةً لدرجاتها، وعُلُوًّا لمنزلتها؛ لمكانتِها من النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولمنزلتها في الإسلام، فهي أحفظُ نِساء هذه الأمَّة، وأعلمهنَّ وأفقههنَّ، فجَمَع الله تعالى لها الفِقهَ والحِفظَ، ومحبَّة أفضل الخلْق، فلا يواليها إلا مَن يحبُّ اللهَ ورسولَه، ولا يُعاديها إلا مَن يُبغِض اللهَ ورسولَه؛ ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19] بارَك الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مبارَكًا فيه كما يُحبُّ ربُّنا ويرْضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهُداهم إلى يومِ الدِّين.

 

أما بعد:

فاتَّقوا الله تعالى وأطيعوه؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أيُّها المسلِمون:

هذه الابتلاءاتُ العظيمة التي تُحيط بأهْلِ الإيمان في هذا الزَّمن، مِن أذية الكفَّار والمنافقين لهم في ربِّهم - جلَّ جلاله - وفي نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي صحْبه الكِرام - رضي الله عنهم - وفي أمَّهاتِ المؤمنين - رضي الله عنهن - وفي كتابِهم المنزل، وفي دِينهم الذي ارْتضاه الله تعالى لهم، وفي شعائرِهم التي أُمِروا بِإِظْهارها - كل هذه الابتلاءات فيها مِن الخيرِ ما لا يَعْلمه إلا اللهُ تعالى؛ ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

لقد كان فيها مِن الخيرِ كَشْفُ حقيقة المنافقين الذين اغترَّ بهم الجَهَلةُ والرعاع من المسلمين، سواء أهْل النفاق السبئي الذين أحْدَثوا هذه الفِرْية، وآذوا المؤمنين بها، أم أهْل النِّفاق السلولي الذين كانوا في مواقِفهم مع إخوانهم أهْل النِّفاق السبئي رغمَ أنَّهم لا يَدينون بدِينهم، ولا يتمذهَبون بمذهبهم، ولكنَّهم مع المصلحة حيثُ كانت، فلمَّا كانتْ مصلحتهم في ضرْب التيار الأثري، الذي يُسمُّونه الوهَّابي، وقَفُوا مع أهل النِّفاق السبئي لأجْل ذلك.

 

كما أظهرتْ هذه الحادثةُ حقيقةَ مَن يدَّعون ولاية النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وولاية أصحابه وأزواجه مِن المتصوِّفة، الذين لم تكنْ لهم مواقف في نُصْرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا أيام الرسوم الساخِرة به - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا أيام الطَّعْن في عِرْضه الشريف - صلَّى الله عليه وسلَّم - مما يدلُّ على أنَّ ادعاءَهم تولِّيه لا تُصدِّقه أفعالُهم، ولا يدلُّ عليه سلوكُهم؛ إذ حصروه في الموالدِ والاحتفالات البِدعية التي يتأكَّلون بها، فلمَّا طُعِن فيه وفي عِرْضه الشريف تخلَّوْا عنه، فهم يُريدونه في السرَّاء ولا يريدونه في الضرَّاء، يُريدونه حالَ التأكُّل به، ولا يُريدون تحمُّلَ تَبِعات الدِّفاع عنه، فكانوا مؤمنين به على حرْف.

 

وظَهَر مَن يتولاَّه حقيقةً مِن أهل سُنَّته، وأتباع أثره، الذين ما رأوا عِرْضَه الشريف يُنال منه إلا انْتَفضوا منكِرين بما يستطيعون مِن إنكار، ومَن أراد معرفة حقيقة ذلك فليستعرض المواقِع الإلكترونيَّة للصوفيَّة والليبراليَّة، ويُقارنها في الدِّفاع عن عِرْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالمواقع التي يُسمُّونها وهابيَّة.

 

وأظهرتْ هذه الحادثة حقيقةَ عبَّاد الصليب حين كانوا - وما يزالون - يُؤوون الطاعنين في الإسلام، ويُظهِرون أمرَهم، ويَرفعون شأنَهم، ويُؤيِّدونهم ماديًّا ومعنويًّا تحت شعارات حريَّة الرأي، وحريَّة الدِّين، في الوقت الذي لم تشفعْ فيه هذه المفردات الخادِعة لِمَن يُبيِّن حقيقةَ الصهاينة، أو يُشكِّك في المحارقِ النازية، أو يُقلِّل من أعداد ضحاياها، وقد أخَذَ بذلك مؤرِّخون وأكاديميُّون وكُتَّاب غربيُّون، وسُجِنوا وغُرِّموا، مما يُثبت أنَّ الحضارة الغربية المعاصِرة - وإن بدتْ قوية - فهي أسيرةٌ لرجال الأعمال والمال والإعلام اليهودي، وأنَّ الليبراليِّين العَرَب أُسَراء لهذه الحضارة المأْسُورة، كما أنَّ أهل الفِرَق الباطنية مأسورون لأئمَّتهم المبتدعة، ولا أحرار حقًّا إلاَّ أهل التوحيد الخالِص، الذين عَبَّدوا أنفسَهم لله تعالى، ولم يُعبِّدوها لأحد منَ البَشر مهما كان، وهَبُّوا لنصرة نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - والدِّفاع عن عِرْضه الشريف، وقد أجْمَع أهلُ الباطل على حرْبهم، ولن يضرُّوهم إلا أذًى؛ ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ ﴾ [الصَّفات: 171-173]، ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، ﴿ كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].

 

وصَلُّوا وسَلِّموا على نبيِّكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدولة الصفوية (1)
  • الدولة الصفوية (3)
  • الدولة الصفوية (4)
  • الدولة الصفوية (5)
  • الدولة الصفوية (6)
  • الدولة الصفوية (8)
  • الدولة الصفوية (10)
  • الدولة الصفوية (12)

مختارات من الشبكة

  • الدولة الصفوية (17) تاريخ الأطماع الفارسية في اليمن(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الدولة الصفوية (16) تهجير أهل السنة في العراق(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الدولة الصفوية (15) تجويع السوريين واليمنيين(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الدولة الصفوية (14) السعي لتدويل الحرمين(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الدولة الصفوية (13)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الدولة الصفوية (11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الفتوحات في عهد الخليفة أبي بكر الصديق: زيادة وتأمين رقعة نفوذ بلاد الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • معركة حران سنة 497 هـ(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • وقفة تدبر مع دولة بني عثمان وحالنا الآن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلمانية والدعوة إلى الدولة المدنية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب