• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

صد المنافقين عن سبيل الله تعالى

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/8/2010 ميلادي - 5/9/1431 هجري

الزيارات: 31751

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من صفات المنافقين (5)
الصد عن سبيل الله تعالى


الحمدُ لله العليم الحكيم؛ له الحِكْمة العظيمة فيما شَرع، وله الحُجَّة البالغة فيما أمَر، فهدَى مَن شاء بِرَحمته، وأضَلَّ من شاء بِعَدْله، ولو شاء - سبحانه - لهدَى العباد أجمعين؛ ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99].

 

نَحْمَده كما يَنبغي له أن يُحْمَد؛ فقدْ هدانا صراطه المستقيم، ومنَّ علينا بهذا الدِّين العظيم.

وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وَحْده لا شريك له؛ خلَقَ عبادَه حُنفاءَ مُؤمِنين، فاجْتَالَتْهم الشياطين، فحَرفَتْهم إلى كافرين ومنافقين.

وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبْدُه ورسولُه؛ لا خيرَ إلا دَلَّنا عليه، ولا شَرَّ إلا حَذَّرَنا منه، ترَكَنا على بَيْضَاءَ، لَيْلُها كنهارِها، لا يَزِيغ عنها إلا هَالِك، صلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ عليه، وعلى آلِه وأصحابه والتَّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعد:

فأُوصي نَفْسي وإيَّاكم - أيها الناس - بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - فاتَّقوه حقَّ التَّقْوى؛ فإنَّ الفِتَن عليكم تَتْرَى، ولا يَأتي على الناس زمان إلاَّ والَّذي بَعده شرٌّ منه، ولا نجاةَ إلاَّ بالله - تعالى - يُدْرِكها العباد بالإيمان والتقوى: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].

 

أيُّها الناس:

لِلنِّفاق والمنافقين تاريخٌ طويلٌ مِن الكَيْدِ والتَّآمُرِ على هذه الأُمَّة المبارَكَة، منذ أنْ أَعْلَن رأْسُ النِّفاق ابنُ سَلُول مبايعتَه للنَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عَقِب غزوة بَدْر، بعْدَ أنْ أيقَنَ أنَّ دِين الله - تعالى - قد ظهَر وعَلا، فأَظهر الإيمان وأبطنَ الكُفر، وبَيَّتَ هو وعُصْبَتُه حرْبَ الإسلام وأهلِه.

 

ومنذ أَنِ ابْتُلِيَت هذه الأمَّة المبارَكة بطائفة المنافقين والقرآنُ يتَنَزَّل بِذِكْر أوصافهم، وفَضْح أفعالهم، والتحذير منهم، واستغرقَ ذلك آياتٍ كثيرةً من كتاب الله - تعالى - واختُصُّوا بسورة سُمِّيَت بهم، وأتَتْ على جُمْلة من أوصافهم وأفعالهم ومَقُولاتِهم؛ وما ذاك إلاَّ لِعَظيم خَطَرِهم على المؤمنين.

 

والحديث عن أوصاف المنافقين يَطُول؛ لكثرةِ ما تنَزَّل فيهم من القرآن، بَيْدَ أنَّ مِن أهَمِّ أوصافِهم التي يَنبغي لأهل الإيمان معرِفَتُها؛ لِاتِّقاء شَرِّهم - صُدَودَهم عن دِين الله - تعالى - وإعراضَهم عن شَرِيعته، واعْتِراضَهم على أحكامه، وصَدَّ الناسِ عنها، ودَعوتَهم إلى التمَرُّد عليها.

 

وقد جاء كَشْفُ هذا الوصْفِ في المنافقين في عدد من الآيات القرآنية: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61]، وقد أخَذ العلماءُ مِن هذه الآية الكريمة أنَّ مَنْ دُعِي إلى العمل بالقرآن والسُّنة وصَدَّ عن ذلك - فإنَّه مِن جُمْلة المنافقين، فكيف إذًا بِمَن حارب الشَّريعة، ورامَ تَبْدِيلَها وتَحريفَها، ودَعا إلى العمل بغيرها، كما هي دَعواتُ مُنافقِي عَصْرِنا؟!

 

وصدودُهم هذا كان عن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في وَقْتِه كما حكَاه الله - تعالى - عنهم: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون: 5]، وأمَّا بَعْدَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبِإِعراضهم عن دِينه وشريعته، وتنقيصها واحتقارها، وإبدال غيرها بها: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [النور: 48].

 

ولم يَكْفِهم أنَّهم أعْرضوا عن دِين الله - تعالى - وصَدُّوا أنفُسَهم عن شريعته، حتَّى عَمِلوا على صَدِّ الناس عنها، بالطَّعْن فيها وفي حَمَلتِها﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [المجادلة: 16].

 

وفي العهْد النَّبَوي حاولوا صَدَّ الناسِ عن كثير من الطَّاعات بشتَّى الوسائل: ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ﴾ [النساء: 72]، ﴿ وَقَالُوا لاَ تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ﴾ [التوبة: 81]، ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [الأحزاب: 18]، ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ﴾ [المنافقون: 7]، وخَلَفُهم يَسْعَون بِجِدٍّ واستماتة في صدِّ الناس عن الطاعات، ودعوَتِهم إلى المُحرَّمات.

 

ومِن عظيم المِحْنة بالمنافقين أنَّهم اتَّصفوا بصِفات تَجذِب الناسَ إليهم، فتَشْخَص إليهم الأبصار، وتُنْصِت لهم الأسماع، ويتسلَّل كلامُهم إلى القلوب، فيَمْلَؤها نفاقًا وتمرُّدًا على الله - تعالى - وعلى شريعته.

ولو لم يكن للمنافقين وُجودٌ في مجتمَعات المسلمين - كما يدَّعِيه بعضُهم - أو كانوا غيرَ مُؤَثِّرين في الناس، لَمَا اشْتَدَّ تحذيرُ الله - تعالى - منهم، ولَمَا كَرَّر في القرآن ذِكْرَ أوصافهم لاتَّقائهم.

 

ويَكفي في ذلك قولُ الله - تعالى - مخاطِبًا نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو المعصوم منهم، لكنَّ الخطاب إليه خطابٌ لأمَّته؛ لِيَحْذروا غوائلَ المنافقين، ذلكم الخطاب القرآني التحذيرِيُّ الجازم: ﴿ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ﴾ [المنافقون: 4].

 

إنَّ المنافقين يَملكون من الوسائل والأساليب لِضَعْضَعة المؤمنين وتَشْكِيكهم في دِينهم - ما لاَ يَملكه سِوَاهم مِن الطَّوائف المُعَادية للمسْلِمين؛ ولذا كان خطَرُهم أشدَّ، وقولُهم أمْضَى في عوامِّ المؤمنين مِن قول غيرهم، وأَعظمُ خصيصةٍ اخْتُصُّوا بها عن غيرهم من أعداء المِلَّة: أنَّهم عدُوٌّ خفِي غير ظاهر ﴿ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ [التوبة: 101]، فيَخفى أمْرُهم على كثير من الناس، ولا سِيَّما أنَّهم يُظْهِرون النُّصْح للمسلمين، ويتَباكون على حالِهم ومُصَابهم، ويُقْسِمون الأَيْمَان المغلَّظة أنَّهم مِنْهم، والله - تعالى - وَحْده يَعْلم ما في قلوبِهم: ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ ﴾[التوبة: 56].

 

وممَّا مَيَّز المنافقين عن سِوَاهم من الأعداء، فعَظُم أثَرُهم في النَّاس: أنَّهم مطَّلِعون على مَواضِعِ القوَّة في المسلمين، فيَسْعَون في إضعافها، وعلى مَواطن الضَّعف، فيتَسَلَّلون من خِلالِها؛ وسبب ذلك: أنَّهم يعيشون مع المسلمين، ومِنهم مَن كانوا مُؤْمِنين ثُمَّ انقلبوا مرتَدِّين يُخْفُون رِدَّتَهم، فعرَفوا - أيَّامَ إيمانِهم - مَواطِنَ القوَّة والضعف في المسلمين ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [المنافقون: 3].

 

ومنهم مَن أُعْطُوا فصاحةً في اللِّسان، وبلاغةً في البيان، فيَلْحَنُون بحُجَّتهم، ويُزَوِّقون مَقُولتهم، فيُخْدَع بِهم كثير ممَّن يُنْصِت إليهم في مَجالسهم أو فضَائيَّاتِهم، ويغتَرُّ بهم بعضُ مَن يَقرأ لهم في صحُفِهم ومجلاَّتِهم، وطَلاقةُ اللِّسان وروعةُ البَيان وصْفٌ كاشِفٌ لبعضهم، وليس في جَمِيعهم؛ إذْ إنَّ مِنهم العَيِيَّ الذي لا يُحْسِن النطق، وإنما حذَّر الله - تعالى - من فصحائهم وبُلَغائهم؛ لِئَلاَّ يُخْدَع الناس بِجَميل هيئاتهم، وحُسْن ألفاظهم، وجودة عَرْضهم لأفكارهم ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ [المنافقون: 4].

 

ووصَفَهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنهم ((دُعاةٌ على أبواب جهَنَّم، مَنْ أجابَهَم إليها قذَفُوه فيها))، فقيل له: يا رسولَ الله، صِفْهم لنا، قال: ((هم مِن جِلْدَتِنا ويتكلَّمون بألْسِنتنا))؛ رواه الشيخان.

 

فتأمَّلُوا دِقَّة وَصْفِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين أَخبَر أنَّهم دُعاةٌ على أبواب جهنَّم؛ أيْ: يَدْعُون الناس إلى الكفْر والمعاصي التي تُوجِب النار، وأخبَرَ أنَّهم مِن جِلْدتنا؛ أيْ: مِن قَومِنا وأوطانِنا، وأهْلِ لساننا ومِلَّتنا، ومع ذلك فهم يَقْذِفون مَن أطاعهم في نار جهنم!

 

ولسان المنافِق إذا كان فصيحًا، فإنَّه يَقْلب - بِحُسْنِ بيانه ومَنْطِقه - المعروفَ منكرًا، والمنكَرَ معروفًا، ويَلْبِس الحقَّ بالباطل، ويَجعل مَن يستمع كلامه أو يَقرأ كتابَه تابعًا له في باطله، وهذا ما خافَه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أمَّته حين قال: ((إنَّ أخْوَف ما أخافُ على أمَّتِي كلُّ منافقٍ عَلِيم اللِّسان))؛ رواه أحمد.

 

فالحذَرَ الحذرَ مِن المنافقين، ولو لَبِسوا لِباسَ المُصْلِحين، ونطَقُوا بمنطق النَّاصحين، فكَمْ مِن مُدَّعٍ للإصلاح وهو مفْسِد! وكَمْ مِن مُتَباكٍ على واقِعِ الناس وهو سبَبُ واقِعِهم!

 

وكلُّ مَن انتقَصَ شيئًا مِن أحكام الشريعة، أو رام تَبديلها، أو طعَنَ في حَمَلتِها أو رَضِي ذلك - فهو مُفْسِد، ولو ادَّعَى صلاحًا.

 

وفي أوَّلِ آيات المصْحَف مِن سُورة البقرة قال الله - تعالى - في المنافقين: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11 - 12].

بارك الله لي ولكم في القرآن.


الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمْدًا طيِّبًا كثيرًا مبارَكًا فيه، كما يُحِبُّ رَبُّنا ويَرْضى، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وَحْده لا شريكَ له، وأشْهد أنَّ محمَّدًا عبْدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بِهُداهم إلى يوم الدِّين.

 

أما بعد:

فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه:﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾[البقرة: 281].

 

أيُّها الناس:

لِلمنافقين في صَدِّ الناس عن دِينهم وَسائِلُ كثيرة، وحِيَلٌ عِدَّة، ومَكْرٌ كَبِير، لا يَرُدُّهم عن غايتهم الدَّنيئة إلاَّ عَجْز أو خَوْف، وقد كَشَّروا في زَمَنِنا عن وُجوهِهم الكالِحة، وأظهروا بَواطِنَهم الفاسدة، وأعْلنوا ما كانوا بالأَمْس يُسِرُّون لَمَّا رأَوْا أنَّه قد مُكِّن لهم.

 

إنَّ مِن وسائلهم الخبيثةِ في نَشْر نِفاقهم وتمَرُّدِهم على شريعة الله - تعالى - مُحاولاَتِهم المكرَّرةَ في إسْكات مَن يَدْفعون شرَّهم مِن دُعَاة الحقِّ والهُدَى؛ لأنَّهم يَكْشفون للعامَّة باطِلَهم، ويفْضحون أمْرَهم، ويبيِّنون لهم فسادهم، فيلجأ المنافقون إلى تحريض السَّاسة والعامَّة على أهل العلمِ والدَّعوةِ والاحْتساب، ويسْعَون بالوِشَاية فيهم، وتسليط قُوَى الكفر عليهم؛ للنَّيْل منهم تَحْت دَعاوى الإرهاب والتشَدُّد، والرَّجْعية والوهَّابية، ونحو ذلك، ولا يتورَّعون عن أيِّ وسيلة قَذِرة في تحقيق مُرَادهم، فيستَحِلُّون في سبيل ذلك الكذِبَ والتدليسَ والتَّزوير، والغِشَّ والغَدْر والخداع؛ ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 9].

 

وهذا ما فعَلَه أسلافُهُم في عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين حرَّضُوا المشْرِكين غيْرَ مرَّة على غَزْو المَدِينة، وأَوْعَزوا بذلك لليهود، ووَعَدُوهم بِمَعُونَتِهم والوقوف معهم، وكشَفُوا لهم عَوْراتِ المؤمنين، كما فُصِّل ذلك في سورة الحشر.

 

بل إنَّ المنافقين أرادوا إسْكَاتَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الأبَدِ حين تآمَرُوا على قَتْله في غَزْوة تبوك، لكنَّ الله - تعالى - عصَمَه منهم.

 

ومِن وسائل المنافقين في الصدِّ عن الحقِّ: مُضَارَّة المؤمنين في دِينهم، واقتحامُ شريعتهم عليهم؛ بالخَوْض فيها بلا عِلم، واسْتِحْلال محرَّماتِها، وإسقاط واجباتِها، كما تَنْضَح به صحُفُهم وفضائيَّاتُهم، بِدَعْوى أنَّ الدِّين ليس حِكْرًا على أحَد، ومِن حقِّ كلِّ أحدٍ أنْ يُبْدِيَ فيه رأْيَه، مع إبراز مَن أتى بقول شاذٍّ في الشَّريعة، سواءٌ أقاله بِجَهل أم بِهَوى، ورَفْعِ شأْنِه، وفرْضِ رأيه على الناس، ومصادَرَة قولِ مَن خالَفَه مِن جُمهور أهْل العِلم، والتَّشْغيب عليهم به، والطَّعْن فيهم، وصَدِّ الناس عنهم.

 

وهذه المضارَّة لأهْل العلم والإيمان التي يَفعلها مُنافِقُو عصْرِنا بإبراز شُذوذ الأقوال وخَطَئها، وقَمْعِ صَحِيحها، قد فعَلَه المنافقون في عَهْد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حِينَ ابْتَنَوْا مَسجدَ الضِّرار: ﴿ كُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ﴾ [التوبة: 107]، وما يُحْدِثونه في وسائل إعلامهم من إشْعال الفِتَن، وتأليب النَّاس على أهل العِلم والخير، والسُّخْرية بهم وبِمَا يُبلِّغونه من دِين الله - تعالى - قد فعلَه المنافقون في عَهْد الرِّسالة.

 

وقصَّ الله - تعالى - ذلك علَينا؛ لِنَحْذَرهم، ونُحَذِّر الناس مِن طُرُقهم الخبيثة، فأخبَرَنا - سبحانه - عن سخريتِهم بِقُرَّاء الصَّحابة - رضي الله عنهم - وبَيَّن - تعالى - لنا أنَّهم يَسعَوْن في إشعال الفِتَن بين الناس:﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 47 - 48].

 

تأمَّلوا قوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ﴾ [التوبة: 47] والإِيضاعُ هو الإسراع، والمَعْنى إسراعُهم بالشَّرِّ والنَّميمة والفِتنة.

 

لقدْ كان في مُنافِقِي العَهْد النبويِّ مَن يَحْضرون الغَزْو مع المؤْمِنين؛ لِلإِفساد وإحْدَاث الفِتنة، وكان مِنهم مَن يَحضرون مَجالِسَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِيَنقلوا لليهود والمشركين ما يُحَدِّث به؛ لأَجْلِ الطَّعْن فيه، وإثارةِ البلبلة بين الناس.

 

ومُنَافِقُو عَصْرِنا يَفْعلون ذلك حين يُرْسِلون محرِّريهم ومحرِّراتِهم لِمَجالس أهْل العِلْم؛ لِيَلتقِطُوا شيئًا مِن أقوالِهم، ثم يَزِيدوا عليه مِن كَذِبِهم، ثم يَنشُروه في إعلامهم لا هدَفَ لهم مِن افترائِهم إلاَّ إسقاطُ العلماء الربَّانيِّين المُحْتَسِبين عليهم، وإرْهاب غيْرِهم أنْ يَسْيروا سِيرتَهم في الصَّدْع بالحق، والاحتساب على أهْل النِّفاق والفساد.

 

ووَيْلٌ ثُمَّ ويْل لِمَن أَرْخى سَمْعَه لمقولات المنافقين الفاسدة في العلماء الربانيِّين المُحْتَسِبين، وصدَّقَهم في كَذِبِهم، وأعانَهم على فُجُورِهم في خُصومتهم، فإنَّه شريكٌ لهم، وقد يُعاقَب على ذلك بِزَيغ القلب، وفساد المعتَقَد؛ لأنَّ الله - تعالى - قد تأَذَّن بحَرْبِ مَن حارب أولياءَه، فقال - سبحانه - في الحديث القدسي ((مَن عَادَى لي وَلِيًّا فَقَد آذَنتُه بِالحَربِ))؛ رواه البخاري، فإنْ لم يَكُن مَن قضَوْا جُلَّ أعمارهم في العِلْم والدَّعْوة والاحْتِساب أولياءَ الله - تعالى - فمَن يكون أولياؤُه؟!

 

فاتَّقوا الله - عبادَ الله - واحْذَروا حبائل المنافقين ووسائِلَهم في الصَّدِّ عن دِين الله - تعالى - ولا يَغُرَّنَّكم زُخْرُف قولِهم، وبَهْرَج كَذِبهم، ولو ملأَ الأسماع، وسُوِّدَتْ به الصحف؛ فإنَّهم دُعَاة على أبواب جهنم، مَن أجابَهم قذَفُوه فيها.

نسأل الله - تعالى - أن يَكْبِتَهم ويُذِلَّهم، ويَقْطَع الحبال الممتدَّة إليهم، وأنْ يَكْفِي المؤمنين شرَّهم، إنَّه سَمِيع مُجِيب.

وصَلُّوا وسلِّموا على نبيِّكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صد المنافقين عن الخير ودعوتهم إلى الشر
  • تكبر المنافقين وإفسادهم في الأرض
  • سخرية المنافقين بالدين وأهله
  • فجور المنافقين في الخصومة
  • فرح المنافقين بمصاب المؤمنين
  • المنافقون يريدون أن يبدلوا كلام الله
  • تفسير قول الله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا}
  • تفسير قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا}
  • سيكولوجية المنافقين ومثلهم في القرآن الكريم
  • الصد عن دين الله
  • من صفات المنافقين (10) ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا
  • الحكمة من وجود المنافقين
  • أنواع المنافقين
  • بعض صفات المنافقين
  • الغيبة والنميمة وقطع الأرحام عند المنافقين
  • يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف
  • معاملة المنافقين في الإسلام
  • سبب ترك قتل المنافقين

مختارات من الشبكة

  • أسباب الصدود عن الحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سياسة الدولة الإسلامية في التعامل مع الطابور الخامس ( المنافقين )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحتاج توبة المنافقين(استشارة - الاستشارات)
  • تأمل ما تنطوي عليه نفوس المنافقين من البغض لدين الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة التاسعة) مصارع المنافقين في قلوبهم وألسنتهم وأيديهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انظر سفاهة أحلام المنافقين في تعاملهم مع الله تعالى!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كشف المنافقين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب