• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

اليقين ضد الشك (13)

عبدالفتاح آدم المقدشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/6/2010 ميلادي - 27/6/1431 هجري

الزيارات: 9383

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اليقين ضد الشك (13)

 

بسم الله، والحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشْرف المرسَلين، وآله وصحْبِه ومَن تبِعه بإحْسان إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعد:

فاعلَم أنَّ حلاوة الإيمان مِن أهمِّ النِّعَم الَّتي أنعَم اللهُ بها على عباده المسلمين؛ لذلك تجد أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((ذاق طعمَ الإيمان: مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّد نبيًّا))[1].

 

فالحديث يدلُّ على أنَّ مَن لَم يرْضَ بالله ربًّا، ودِينِ الإسلام دينًا، وبمحمَّد نبيًّا، لَم يذُق طعمَ الإيمان، كما هو ظاهر في سياق الحديث، ولكن اعلمْ أنَّ كلَّ هذا لا يكون إلَّا بعد العِلم، فمَن تذوَّق حلاوة شيء فلا بدَّ أن يتأثَّر به، وبالتَّالي لا بدَّ أنْ يَطلبه ويستَسيغه ويتلذَّذ به[2]، وقد قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [محمد: 19].

 

وقد تَرْجم البخاريُّ في كتابه الجامع لهذه الآية، فقال: باب العِلم قبل القول والعمل.

 

واعلم أيضًا أنَّ الرِّضا بأصول الدِّين هي النِّعْمة الحقيقيَّة التي يتنعَّم بها المسلم، كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فإذا أخذْنا بِما رضِي اللهُ لنا، وهو الإسلام، واكتفيْنا بنعمته الَّتي أنعمها اللهُ عليْنا؛ بل وكمَّلها وأتمَّها عليْنا، فإنَّنا سنُرضي الله سبحانه كما ينبغي؛ بل وسيَحْدُث مثل ذلك الرّضا في الآخرة إن شاء الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: 8].

 

وعليْنا أن نعرف الخطوات الآتية؛ لِنرْتقي إلى الرِّضا المطْلوب منَّا كما يحبُّه الله ورسوله:

الخطوة الأولى: لا بدَّ مِن العِلم والعمَل بالأصول الثَّلاثة: وهي معرفة الله عزَّ وجلَّ بأنَّه هو الرَّبُّ الخالق الرَّازق، مدبِّر الأمور، مالك الدُّنيا والآخِرة، وهذا ما يُعرف بتوْحيد الربوبيَّة، ولا يكْفي هذا النَّوع من التَّوحيد؛ بل ولا يُنجي صاحبَه من النَّار؛ إذْ كانت كفَّار قريش تقرُّ به كما ورد في القُرآن في آيات كثيرة تبيِّن ذلك، كقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: 31].

 

وأمَّا توْحيد الألوهيَّة، فهو أن تَعبد الله بِما استَعبَدك به مِن العبادات بالتَّوحيد، وألَّا تشرك به شيئًا، ومنْه إفْراد الحكم لله وحْده، والدُّعاء، والنَّذْر له وحْده، إلى غير ذلك مِن سائِر العبادات.

 

وأمَّا توْحيد الأسماء والصِّفات، فهو أن تعتقِد وتعبد الله بالعِلْم والإقرار، بأسْمائه الحُسْنى وصفاته العُلا، مِن غير تحريف ولا تأويل، ولا تَمثيل ولا تَعطيل، ولا تكْييف ولا تفويضٍ لمعانيها المعلومة.

 

وكذلك لا بدَّ مِن معرفة دِين الإسلام بالأدلَّة، فدينُنا الإسلامي له مرجِعان أساسيَّانِ؛ وهما الكتاب والسُّنَّة، وما يلحقُهما من الإجْماع والقياس الصَّحيح والمصالح المُرْسلة؛ لذلك يطمئنُّ قلبُك وينشرح وتشْعُر بالحلاوة الإيمانيَّة؛ بل وتهتدي بتلك الأدلَّة راضيًا بها.

 

أمَّا مَن أتاك بآرائه الشَّخصيَّة، أو بالخرافات أو بالخزعبلات، فمِن السَّهل أن تضرب بأقواله عرض الحائط إنْ لم يأْتِ لك بدليل صريح صحيح مِن الكتاب والسُّنَّة، أو ما يلحقهما مِن أصول التَّشريع.

 

وكذلك لا بدَّ مِن معرفة حامل الرِّسالة العظيمة محمَّدٍ النَّبيِّ الأمِّيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرحمة المهداة، العاقب الذي يُحشر النَّاس على عقِبه، الماحي الضَّحوك القتَّال، الفارق بين الحقِّ والباطل، السِّراج المنير، مُخرِج النَّاس من ظُلمات الظلم والجهل والبغْي والمنكر والفساد، إلى سبُل السَّلام، وإلى نور العدْل والعِلم والصَّلاح والإحسان، والخير والكرامة والشَّرف والرِّفعة في الدنيا والآخرة.

 

فهذه الأمور الثلاثة سيُمْتحن بها المرء في قبرِه، فيُقال له: مَن ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُّك؟

قال البخاري: حدَّثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عرْوة، عن امرأتِه فاطمة بنت المنذِر، عن أسماء بنت أبِي بكر رضِي الله عنْهما؛ أنَّها قالت: أتيتُ عائشة رضي الله عنْها زوجَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين خسفَت الشَّمسُ، فإذا النَّاس قيامٌ يصلُّون، وإذا هي قائمة تصلِّي، فقلتُ: ما للنَّاس؟ فأشارَت بيدِها إلى السَّماء، وقالت: سبحان الله! فقلتُ: آية؟ فأشارَت: أي نعم، قالت: فقمتُ حتَّى تجلَّاني الغَشْيُ، فجعلتُ أصبُّ فوق رأسي الماء، فلمَّا انصرف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، حمِد اللهَ وأثنَى عليه، ثمَّ قال: ((ما مِن شيء كنتُ لَم أره إلَّا قد رأيتُه في مقامي هذا، حتَّى الجَنَّة والنَّار، ولقد أوحي إليَّ أنَّكم تُفتَنون في القبور مثلَ أو قريبًا مِن فِتْنة الدَّجَّال - لا أدري أيَّتهما قالت أسماء - يُؤتى أحدُكم فيُقال له: ما عِلْمُك بهذا الرَّجُل؟ فأمَّا المؤمن، أو الموقِن - لا أدْري أيَّ ذلك قالت أسماء - فيقول: محمَّد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ جاءنا بالبيِّنات والهدَى، فأجبْنا وآمنَّا واتَّبعنا، فيقال له: نَمْ صالحًا، فقد علِمْنا إنْ كنتَ لموقنًا، وأمَّا المنافق، أو المرتاب - لا أدري أيَّتهما قالت أسماء - فيقول: لا أدري، سمعت النَّاس يقولون شيئًا فقلتُه))[3].

 

ولاحظ قولَه: "سمعتُ الناسَ يقولون شيئًا فقلتُه"؛ لأنَّه لم يَرفَع رأسَه بالهدَى الَّذي جاء به نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

الخطوة الثَّانية: شروط التَّوحيد؛ وهي العِلمُ المُنافي للجهل، والمحبَّةُ المنافية للكراهية، والصِّدقُ المنافي للتَّكذيب والنِّفاقِ، والإخلاصُ المنافي للشِّرْك، والقبولُ المنافي للرَّدِّ، والانقيادُ المنافي للإعراض، واليَقينُ المنافي للشَّكِّ، وهذا اليقين هو أعْظم شرطٍ - في نظَري - الَّذي يمكن أن تحقِّق به إيمانَك وتشعُر بسبَبِه بحلاوة الإيمان، أمَّا باقي الشروط فهي تبَع لهذا الشَّرط، فمَن أوْصل عِلْمه إلى درجة اليقين، فلا بدَّ أن ينتفع بعلمه، وأن يحبَّ ربَّه، وأن يَقبل شرْعه، وأن يُصدِّق إيمانه بالاعتقاد والقول والعمل، وأن يُخلص في دينه، وأن ينقاد له، والله أعلم.

 

الخطوة الثالثة: العِلم مع العمل، والدَّعوة إلى الله والصَّبر، وقد اشتملَت سورة العصْر على هذه المعاني الجليلة، وحكمتْ على مَن لم يتَّصف بها بالخسران، فتأمَّلها؛ لذلك نقول: لا يُمكن مَن أخلَّ بشيءٍ مِن هذه الأربعة في هذه السُّورة أن ينال رضا الله سبحانه مع كونِه سيشعر بدلًا مِن ذلك شعورًا منكَّدًا لا محالة، أمَّا مَن قام بكلِّ ما عليه مِن الواجبات والحقوق، وصبر في سبيل ذلك على الأذى وتحمَّله، فسيشعُر على الأقلِّ أنَّه قد ألقَى عن عاتِقه تبعة المسؤولية أو المؤاخذة عليه يوم القيامة.

 

فوالله الَّذي لا إلهَ إلَّا هو، ما ذُقْتُ حلاوة الإيمان إلَّا بعد ما وقع في يدي كتاب "فتح المجيد"، فعند ذلك فهِمْتُ لبَّ الرّسالة الَّتي يريدها الله سبحانه مِن البَشَر، وكذلك عندما وقع في يدي كتاب "العقيدة الواسطيَّة" عرفتُ ربي بأسمائِه وصفاته كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه؛ لهذا أُوصي كلَّ المسلمين أن يَعتَنوا بهذيْن الكتابين العظيمين؛ ليذوقوا ما ذقتُه.

 

من ثَمرات الرِّضا بالدِّين الإسلامي وحلاوة الإيمان:

1- التَّعظيم: أي تعظيم الله في أوامره ونواهيه، وتعظيم دينِه وشعائره ونبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم.

2- الطُّمأْنينة والرَّاحة النفسيَّة: وهذا ما يَعرفه ويشعر به كلُّ مَن أنعَمَ الله عليه بنِعْمة الإيمان والإسلام، حتَّى كان يقول أحد السَّلَف: "إنَّنا لفي نعمة، لو كان يعْرِفُها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف"، ويقول آخر: "إنَّ في الدنيا جنَّة، مَن لم يدخُل فيها لا يدخُلها في الآخرة"، أمَّا حديث: ((الدنيا سجن المؤمِن، وجَنَّة الكافر))، فهو بالنسبة لما ينْتَظر كلًّا منهما مِن الجَنَّة والعذاب في الآخرة.

3- التَّشمير عن ساعد الجدِّ للواجبات والمستحبَّات: مع كراهية الفسق والعصيان والكفر، كما قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [الحجرات: 7]، وهذه مِن أنعَم النِّعَم الَّتي يتنعَّم بها المؤمنون الرَّاشدون؛ لذلك قال تعالى بعدها: ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الحجرات: 8]، ومَن فقَد هذا الشعور والإحْساس أو التَّأثير، فليتَّهم نفسَه.

4- المحبَّة الخالصة للمُسلمين جميعًا: كما جاء في "صحيح البخاري":

 

حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنَّى، قال: حدَّثَنا عَبْد الوَهَّاب الثَّقَفيُّ، قال: حدَّثَنا أيُّوبُ، عَنْ أبي قِلابَةَ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَال: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَد حَلاوَةَ الإيمَان: أنْ يَكُونَ اللَّهُ ورَسُولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُما، وأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأن يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّار))[4].

 

ومن المحبَّة الخالصة للمسلمين جميعًا أن يسلِّم المرْء على مَن لا يعرف.

 

والتصدّق عليه وهو لا يعرف، والدُّعاء له وهو لا يعرف، والزِّيارة له إذا مرض وهو لا يعرف؛ بل للعطف عليه وللمواساة فقط؛ ولذلك هذا هو خير الإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو: حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَن أبي الخَيْرِ، عنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنْهُما؛ أنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَال: ((تُطْعِمُ الطَّعامَ، وتَقْرَأُ السَّلامَ على مَنْ عَرَفْتَ ومَنْ لَمْ تَعْرِفْ))[5].

 

وأيضًا مِن ذلك أن يكون المسلم مسالمًا وآمنًا ومحافظًا، كما في الحديث: ((المسلم مَن سلِم المسلمون مِن لسانه ويدِه، والمؤمن مَن أمِنَه النَّاس على دمائِهم وأموالهم، والمُهاجر مَن هجَرَ ما نَهى اللهُ عنْه)).

 

وروى عبد الله بن عمرو في "صحيح البخاري" بلفظ:

حدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أبي إياسٍ، قالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ أبي السَّفَرِ، وإسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَال: ((المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِه ويَدِه، والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ))[6].

 

وكذلك جاء في حديث أبي موسى بلفظ:

حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، قال: حدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ أبي بُرْدَةَ، عَن أبي بُرْدَةَ، عَنْ أبي مُوسَى رضي الله عنْه قال: قالُوا: يا رَسُولَ اللَّه، أيُّ الإسْلامِ أفْضَلُ؟ قال: ((مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِه ويَدِه))[7].

 

وأيضًا من ذلك أن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه، كما في "صحيح البخاري":

حدَّثَنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنَسٍ رضِي الله عنْه، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

وعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قَال: حدَّثَنا قَتَادَةُ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قَال: ((لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيه ما يُحِبُّ لِنَفْسِه))[8].

 

فكلُّ مَن أحبَّ لأخيه ما أحبَّ لنفسه، لا يُمكن أن يحسُده أو يحتقرَه، أو يتكبَّر عليه أو يفتخِر عليه، أو يغْمزه ويسخر منه، أو يبغضه... إلخ؛ لأنَّ كلَّ ذلك من خطوات الشَّيطان، ومن أجْل الافتتان بالدنيا؛ لذلك لا يُمكن أن تجِد عالِمَيْن مُخلصَين للهِ يتحاسدانِ، أو زوجين أحبَّ كلٌّ منهما الآخر في سبيل الله يتشاجران.

 

لذلك اعلم أيُّها الأخ الكريم أنَّ حبَّ المؤمنين بعضهم لبعض على مرتَبتَين:

المرتبة الأولى: درجة الإيثار؛ وهي أن تحبَّ له الخير أكثر ممَّا تحبُّه لنفسِك، ويندُر هذا؛ بل وقلَّما توجد هذه الصِّفة، ولا يُمكن أن يتحلَّى بها إلَّا الخلَّص الصبورون.

 

المرتبة الثَّانية: درجة الحبِّ العادل إن صحَّ التَّعبير؛ أي: أن تحبَّ لأخيك ما تحبُّ لنفسك، أمَّا إذا ضعُفتْ فيك هذه الصِّفة فلا شكَّ أنَّك ستقع في الظُّلم، ولا بدَّ أيضًا أن تتَّصف بالصِّفات المذْمومة الآنفة الذِّكْر، ولا يخفى على اللَّبيب ما سينتج عن هذه الصِّفات مِن الشُّرور - إن عاجِلًا أو آجلًا - مِن الاختِلاف، وحمْل الإحَن والضَّغائن؛ بل والفتن والاقتِتال؛ لذلك أنقذَنا اللهُ بنعمة الإسلام الَّتي جعلتْنا كلَّنا إخوة في الله، كما قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 103].

 

5- أن يعيش المسلم حياة طيِّبة: كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: 123]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: 2]؛ أي: أصلح حالهم.

 

بل إنَّك تجد في القرآن أنَّ الكافر والمنافق ولو أُعطي أموالًا وفيرة، وبنين شهودًا، فإنَّه سيتعذَّب بهما، كما قال تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: 55].

 

وإنَّك تجد المؤمن المصاب بالفقْر أو بالمرَض المزْمِن، أو بأيِّ مصيبة من المصائب صابرًا محتسبًا، ويعيش عيشةً هادئة طيِّبة حسنة، عن أبي سعيدٍ سعد بن مالك بن سنان الخُدْري رضِي الله عنْه؛ أنَّ ناسًا من الأنصار سألوا رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم؛ فأعْطاهم، ثمَّ سألوه فأعْطاهم، حتَّى نفِد ما عنده، فقال لهم حين أنفقَ كلَّ شيءٍ بيده: ((ما يكُن عندي مِن خيرٍ فلَن أدَّخِرَه عنكم، ومَن يَستَعفِفْ يُعفَّه الله، ومَن يَستغْنِ يُغْنِه الله، ومَن يَتصبَّر يصبِّرْه الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوْسَع مِن الصَّبر))[9]، وما ذاك كلُّه إلَّا نتيجة الرِّضا عن الله سبحانه ودِينِه ورسوله جملة، ونتيجة الإيمان الَّذي تزوَّدناه مِن تعاليم دِين الإسلام نفسِه، كالرِّضا بالقضاء والقدَر، والصَّبر والشُّكر على السَّرَّاء والضَّرَّاء... إلخ.

 

لذلك مِن الدُّعاء المأْثور عن ابنِ مسعود رضِي الله عنْه؛ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول: ((اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك الهُدى والتُّقى والعفاف والغِنَى))[10].

 

فكُلُّ مَن وَجد مِن نفسِه هذه الصفات الَّتي في هذا الدُّعاء، لَم يَفُتْه شيء، ومَن فاته شيءٌ مِن ذلك فاتَه خيرٌ كثير.

 

فإذا كان مجرَّد ذِكْرك لله - فضلًا عن عبادته سبحانه وطيب مُناجاته - يُطمْئِنُ قلبَك ويَشْرحُه، وتنزل عليك السَّكينة وتغشاك الرَّحمة؛ بل وتحسُّ أنَّ الله جليسُك ويذكرُك إنْ ذكرتَه وحدك، وإنْ ذكرتَه في ملأٍ ذكرَك في ملأٍ خير منه؛ بل ويُباهي بك الملائكة - كما ورد بذلك أحاديث - فما ظنُّك بفضائل الأعمال الأخرى؟

 

رُوي أنَّ أحد السَّلف زاره صاحبٌ له فقال له: ألا تستوحش؟ فقال له: كيفَ أستوحِش والله سبحانه وتعالى هو جليسي؟! لأنَّ في الحديث: ((أنا جليس مَن ذكرني)).

 

والله أعلم.



[1] رواه مسلم عن العبَّاس رضي الله عنْه.

[2] لذلك قد ترى بعض الناس يقرؤون القرآن - للأسف الشديد - بنفسيَّة ضعيفة ميتة، وعندما يفتح الجرائد أو المجلات فإذا به دبَّتْ فيه الحياة وانتعَش، وقرأها بمعنويَّات عالية، فسبحان الله! والسِّرُّ في ذلك هو فقْد طعْم الإيمان، والرضا به في قلبِه، وعدَم الشعور بقيمة الدِّين وأنَّه يحتاج إليه ويَنفعه في الدنيا والآخرة، والله المستعان، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.

[3] رواه البخاري برقم (1005).

[4] رواه البخاري برقم (16).

[5] رواه البخاري برقم (12).

[6] رواه البخاري برقم (10).

[7] رواه البخاري برقم (11).

[8] رواه البخاري برقم (13).

[9] متفق عليه.

[10] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليقين ضد الشك (1)
  • اليقين ضد الشك (2)
  • اليقين ضد الشك (3)
  • اليقين ضد الشك (4)
  • اليقين ضد الشك (5)
  • اليقين ضد الشك (6)
  • اليقين ضد الشك (7)
  • اليقين ضد الشك (8)
  • اليقين ضد الشك (9)
  • اليقين ضد الشك (10)
  • اليقين ضد الشك (11)
  • اليقين ضد الشك (12)
  • اليقين ضد الشك (14)
  • اليقين ضد الشك (15)

مختارات من الشبكة

  • اليقين المنافي للشك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التطبيقات الحديثة لقاعدة: اليقين لا يزيله الشك(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • اليقين الذي ينفي الشك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليقين لا يحتاج إلى شك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) مع الأمثلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علم اليقين ويقين العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة اليقين من الإيمان… والشك من الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليقين لا يزول بالشك وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القاعدة الفقهية: ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: اليقين لا يزول بالشك(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- رد الشكر
أبو محمد عبد الفتاح آدم المقدشي - الصومال 24-06-2010 02:09 PM

وجزاكم الله خيرا أخ يزيد على مرورك الكريم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب