• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

جريمة في عرض البحر

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

المصدر: ألقيت بتاريخ: 21/9/1431هـ

تاريخ الإضافة: 9/6/2010 ميلادي - 26/6/1431 هجري

الزيارات: 8967

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جريمة في عرض البحر

 

أمَّا بعد:

فأُوصِيكم - أيُّها الناس - ونفسي بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أيها المسلمون:

ومنذ وقوع المسجد الأقصى تحت احتِلال اليهود الأنجاس الأرجاس، والمسلمون تتعدَّد محاولاتهم لِصَدِّ عدوان أولئك المُجْرمين المغتصِبين، غير أنَّ الكَفَرة ومَن شايَعَهم من الخوَنَة لم يجهلوا يومًا سرَّ قوَّة المسلمين، ولم يخفَ عليهم مصدرُ عزَّتهم، والطريق إلى انتِصارهم، فما زالوا منذ ذلك الحين يوجِّهون ضرباتهم القاسية لكلِّ مَن يُحاوِل رفْع علَم الجهاد في تلك الديار، حتى بقيت فئةٌ مؤمنة من أُسُود الجِهاد، وصقور الفِداء في قطاع غزة، متمسِّكين بالحق ثابِتين على الصراط المستقيم، عَرَفُوا بيقينٍ لا يُخالِجه شكٌّ، ولا يُداخِله ريبٌ، أنَّ أكثر من ستين عامًا من احتِلال الديار، وتدنيس المقدَّسات، وتشريد أهلها - لن يُزِيله ويقشع غمَّته إلا الجهاد في سبيل الله، فبدَؤُوا في مشْرُوعهم الجهادي المُبارَك، وراحوا يعدُّون ما استَطاعوا مِن قوَّةٍ، مع ما هم فيه مِن قلَّة يدٍ، وضعف مدد، إلاَّ أنَّ الله - جلَّ وعلا، وهو ناصِرُ أوليائِه - بارَك في جُهُود أولئك المُستَضعَفِين، ومنَّ عليهم بما أفزَع قلوبَ الصَّهاينة، وخلَع أفئدتهم، فوجَّهوا قُواهم صَوْبَ ذلك القِطاع الصغير، وقصَدُوا تلك البُقعة الضيِّقة، حتى جعلوا منها سجنًا كبيرًا أحاطوه بكيدهم ومكرهم، وكيد مَن وراءهم من النصارى الحاقِدين، والمنافِقين المتربِّصين، والخوَنَة المُنهَزِمِين.

 

فعاشَ المسلمون هنالك على مَدَى أربع سنوات سجْنًا عالميًّا، خذَلَهم فيه كلُّ مَن في الأرض إلا قليلاً، إلا قليلاً من المسلمينَ الذين لم يستَسِيغوا البقاء على هذا الذلِّ، ولم يصبروا على تلك المهانة، ولم تحتَمِل أكبادهم ما يتجرَّعه إخوانهم هناك من مَرارة، فأبوا إلا أن يُنظِّموا حملةً لفكِّ الحِصار عن إخوانهم، وسيَّروا لذلك سُفُنًا مُحَمَّلة بالإمدادات السلميَّة والأغذية، والأدوية والألبسة، وساروا على مشهدٍ منَ العالم المُدَّعِي محبَّة إشاعة الأمن ونشْر السلام، غير أنَّ العداء اليهودي الأزلي لكلِّ صلاحٍ وخير، وفضل ورحمة، أبَى إلاَّ أن يقطَع السبيل دون تلك الحملة المُبارَكة، وكشَّر عن أنياب الحقد، وأظهر دفين البغضاء، وأبدى ما تُخفِيه الصدور من كرهٍ للسلام، ونبْذٍ للأمن، فأرسَل سفنه وجهَّز مَدافِعَه لضَرْبِ تلك القافلة الخيريَّة، لتختَلِط مياه البحر بدِماء أولئك الرجال المُسالِمين، والتي كان أغلبها من دماء المسلمين الطاهرة الزكيَّة.

 

ويرى الغربُ بمجالسه الدولية، ومحافله العالمية، ومؤسساته الشاملة، ما يجري، فلا يحرِّك لذلك ساكنًا ولا يرفع به رأسًا، بل يجتَمِع كبراؤه لساعاتٍ في مجلس أمنهم، فلا ترضى قلوبهم القاسية ولا تسمح نفوسهم المقحلة ولو ببيانٍ يُصدِرونه لاستِنكار ما جرى، ويظلُّ المسلِمون في غزة رهن سجنٍ طال أمَدُه، وتلحق محاولة المسلمين السلميَّة هذه بسابقاتها، شاهدة على إخفاق ما يُسمَّى بمبادرات السلام على مختلف صورها، وهكذا يظلُّ العداء اليهودي على ما كان عليه، وتبقى سنَّة الله في خلقه كما هي؛ ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً ﴾ [فاطر: 43]، ﴿ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

 

أيُّها المسلمون:

إنَّ اليهود هم اليهود، كانوا وما زالوا منذ آلاف السنين على ما هم عليه، فهم قتَلَة الأنبياء، وهم أكَلَة السُّحت والرِّبا، كذبوا على الله وحرَّفوا كتبه، ونقَضُوا المواثيق ولم يَفُوا بالعهود، لَم يَعِيشوا يومًا إلا على الوحشيَّة وإراقة الدماء، إنَّهم أشدُّ الناس للمؤمنين عداوةً بشهادة القرآن؛ ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ﴾ [النساء: 122]، قال - سبحانه -: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، وإن مَن يتوهَّم أنَّ يهود اليوم غير يهود الأمس، أو أنَّ المفاهيم لديهم قد تبدَّلت، حتى صار التعايُش معهم بسلامٍ مُمكِنًا - إنَّ مَن يظنُّ ذلك فإنَّه إنما يسعى خلفَ سرابٍ خدَّاع، ويعيش في سكرة وَهْمٍ عَرِيض، وها هي الأيَّام تكشف لصِغار العقول ذلك الواقع، وتبيِّنه وتجلِّيه، مع أنَّنا - ورب الكعبة - لَم نكن منه يومًا في شك، كيف وقد أخبر الصادق - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن استِمرار خبثهم وامتِداد كفرهم، حتى يكونوا من جند المسيح الدجَّال في آخر الزمان؛ حيث يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((يتبع الدجَّالَ من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة))؛ رواه مسلم؟!

 

وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تقوم الساعة حتى تُقاتِلوا اليهود، حتى يَقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله))؛ متفق عليه.

 

وإنَّ هذه الجريمة وإن كانتْ في النظر الفطري السوي مثار استِنكار وامتِعاض، وتعدُّ لدى المُنصِفين ولو من غير المسلمين جريمة بشعة بكلِّ المقاييس والمعايير، إلا أنها ليست لِمَن يَعرِف اليهود بأولى جرائمهم، ولن تكون لدى مَن فقه السُّنَن هي الأخيرة؛ بل إنها لا تعدُّ شيئًا يُذكَر بالنظر إلى ما سبَق من شَنِيع أفعالهم، وقبيح جرائمهم على مدى التاريخ، وقد أخْبَرَنا - سبحانه - في كتابِه بجملةٍ من كبائرهم؛ لنَعرِف حقيقتهم، ولا نغترَّ بزَيْفهم:

فقال - تعالى -: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ [النساء: 155].

وقال - سبحانه -: ﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 156 - 157].

وقال - تعالى -: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18].

وقال - سبحانه -: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64].

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30].

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 160 - 161].

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى ﴾ [الأحزاب: 69].

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأنفال: 13].

فهل يُنْتَظَر ممَّن تلطَّخوا بكلِّ تلك الجرائم، وأتوا العظائم مع ربهم، وقتلوا أنبياءَه، وآذوا أولياءَه - أنْ يُسالِموا أحدًا من العالمين، أو يرضَخُوا لحكمه؟ هل يُنتَظر ممَّن أكلوا الرِّبا، وتناولوا السُّحتَ، واستولوا على أموال الناس بالباطل - أن يرحموا صغيرًا، أو يقدروا كبيرًا، أو يهتزوا لصرخة ثَكلَى، أو ينتَفِضوا لبكاء يتيم، أو يألموا لعَوِيل أرملة؟!

 

إنهم لا يراعون في أحدٍ ذمَّة ولا عهدًا، ولا يخافون الله في أحدٍ من خلقه؛ قال - تعالى - عنهم: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]، وقال - تعالى -: ﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: 64]، وإنَّ ما فعَلَه أولئك المجرِمون مع أفراد هذه الحمْلة الذين هم عُزَّل، ولا يُرِيدون إلا ملْء بُطُون جائعة، وإحياء أنفس ذاوية، وستر عورات بادية، إنَّ هذا ليَحمِل في مَضامِينه رسالةً بيِّنة الحروف، واضحة المعنى، ظاهرة المغْزى، رسالة فحواها: أن لا طريق إلى نصرةِ أهل غزَّة - أيها المسلمون - ولو جئتم مسالمين، وتنازَلتم عن كثيرٍ من حقوقكم، وحاوَلتم الوُصُول إلى إخوانكم بطُرُق مهذَّبة، وأساليب مؤدبة!

 

ألا فلنتقِ الله - أيُّها المسلمون - ولنعضَّ بالنواجذ على عقيدتنا، ولنَثبُت على ما جاءَنا منَ الحقِّ في كتاب ربِّنا وسنَّة نبيِّنا، ولا يغترنَّ أحدٌ مِنَّا بما تتناوَله الساحةُ السياسية أو الثقافيَّة أو الإعلامية، من محاولاتٍ لإقناع المسلمين بالتخلِّي عن مبادئهم، والتنصُّل من أصولهم الشرعيَّة، ودمجهم فيما يسمَّى بالعولمة أو الشوملة، أو نحوها من شعارات رنَّانة برَّاقة، وهي في حقيقتها تَنازُل وتَخاذُل، وتَواطُؤٌ لا حَدَّ له ولا مُنتَهى، ومع فَداحة الحدث وما أصاب إخواننا في أرض المحشر من اعتِداءات تُصبِّحهم وتُمسِّيهم، إلا أنَّنا ندعو للتَّفاؤُل وتلمُّس جوانب الخير، وترقُّب المِنَح في ثنايا المِحَن، فإنَّ تَعاطُف المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها مع إخوانهم في فِلَسْطين ما زال في ازدياد، والكره العالمي لليهود ما فَتِئَ ينمو يومًا بعد آخر، وهذه دُوَل تسحب سفراءَها ومُمثِّليها لديهم، وأخرى تَلغِي زيارات رسميَّة مقرَّرة، وثالثة تستَدعِي سُفَراء اليهود لديها؛ احتِجاجًا على ما فعلوا، وهنا احتِجاج وهناك استِنكار، فلنُلحَّ على الله بالدعاء، ولنحذر من اليأس والقنوط؛ فإنَّ الله ناصرٌ عباده وأولياءَه، والعاقبة للمتَّقين.

وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلاَ
تَيْئَسْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمَنِ

وإنَّه وإن كان قد أصاب إخواننا من الابتِلاء أشده، فإنَّ لهؤلاء من انتقام الله نصيبًا في الدنيا قد نالوه مِرارًا؛ ﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ﴾ [النساء: 104]، وموعد الجزاء الأكبر يوم الحساب؛ ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر: 51 - 52]، ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

 

اللهم إنَّا نسألك العافية، اللهم أنت عضدنا ونصيرنا، بك نَحُول وبك نَصُول، وبك نُقاتِل، اللهم مُنزل الكتاب، ومُجرِي السحاب، وهازم الأحزاب، اللهم اهزم اليهود وانصرنا عليهم، اللهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم.

 

الخطبة الثانية

أمَّا بعدُ:

فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه ولا تعصوه؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

أيها المسلمون:

وقد يتساءَل غَيُور فيقول: لماذا ينتَصِر اليهود الخوَنَة المُجرِمون على المسلمين؟ ولماذا يطول أذاهم ويتأخَّر نصر المسلمين عليهم؟ وحتى لا تذهب العقول بعيدًا، وتتوغَّل في تذكُّر الأسباب الماديَّة الدنيويَّة، فإنَّنا نُسارِع لنذكر بأنَّ الأمَّة الإسلاميَّة كانت على مَدَى قرون طويلة هي الرائدة والقائدة، وظلَّت هي الغالبة المنتصِرة لمَّا كانت مع ربها، ناصرة لدينه، مُحكِّمة لشرعه، حافظة لأمره ونهيه، وسنَّة الله في ذلك واضحة، والآيات القرآنية بها مستفيضة؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 56]، وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 173]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ﴾ [الحج: 40]، وإنما حصلت الانتِكاسة، وظهرتِ النكْبة، وبدأ التراجُع عن الصدر إلى الذنب، وتركت المقدمة إلى المؤخرة، بسببٍ مِنَّا أنفسنا، حين بدَّلنا وغيَّرنا؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وقال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53]، وقال - سبحانه -: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال - سبحانه -: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [النساء: 79].

 

ولا يشكُّ عاقل مُنصِف ذو بصرٍ وبصيرة في أنَّ الأمَّة قد غيَّرت وبدَّلت، وانحرَفت عن منهج ربها وابتَعدت، وتنكَّبت سنَّة نبيِّها وانصَرَفت، واستَسلَمت لهذه المؤامرات الحقيرة الخَطِيرة التي حُبِكت، وصدَّقت بالكذب الصراح الذي تَراه ليلَ نهار، وتشبَّثت بمؤامرات الاستِسلام المُسمَّاة - زورًا وبهتانًا - بمبادرات السلام، ظانَّة أنها - بإلقاء سلاحها المادي والمعنوي، واعتِماد تلك المفاوضات والمبادرات - قادرة على منْع المَذابِح الوحشيَّة، وإبطال الهجمات الهمجيَّة، وإيقاف مسلسل ارتِكاب الجرائم، والتخفيف من خطر التسلُّح المُعادِي، ولا والله، لا يَنصُر الله مَن لم ينصره، ولا والله، لا يحفظ الله مَن لم يحفظه.

 

ألاَ فلنتقِ الله - عبادَ الله - ولنتقرَّب إليه، ولنأتمر بأمره، ولننتهِ عن نهيه، ولنكن معه ولنصبر؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120].

 

وقال - تعالى - في الحديث القدسي: "مَن عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ ممَّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يَتَقَرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمَع به، وبصره الذي يُبصِر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحاضرة الثانية - شرح دوائر الخليل بن أحمد الفراهيدي(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • وصف البحر والمحيط في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عرض كتاب: تاريخ المسلمين في البحر المتوسط(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتابين عن (منهج أبي حيان في تفسيره البحر المحيط) لأحمد شكري وبدر البدر(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • الخلاف في طهورية ماء البحر(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • نضال الذاكرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قاع البحر في آيات القرآن(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • ملخص بحث: جرائم الإعلام الجديد - دراسة تحليلية لواقع جرائم شبكات التواصل الاجتماعي وكيفية مواجهتها عربيا ودوليا(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • أسرار البحار في القرآن الكريم(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب