• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ليسوا سواء!

محمد علي الخطيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/2/2008 ميلادي - 15/2/1429 هجري

الزيارات: 17025

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليسوا سواء!


• هل يصح تصنيفُ الكفار والمشركين صنفاً واحداً، المسيء منهم والمحسن، واتخاذهم جميعاً عدواً، لأن الكفر ملة واحدة؟!.


• التسويةُ بين الكفار ظلم وهضم، بل أجزمُ أنه حمق وسفه يضر بمصالح الأمة، ويستعدي عليها من ليسوا لها بأعداء!


• أهل النار وإن كانوا في العذاب مشتركين، إلا أنهم يتفاوتون فيه، وبعضهم أخف من بعض، وليس من في قعرها كمن في ضحضاح!


• ليس الكفر هو سبب مقاتلتنا للكفار، ولكنه رد العدوان وإزالة الفتنة.


• الأصل في العلاقات هو السلم.. ولا يسمح الإسلام لأتباعه بالتدخل في شؤون الآخرين إلا لضرورة.


• لا يجوز الاعتداء بدافع كرهٍ وبغضاء، ولا الجور يحملك عليه شنآن.


• يجب الاستفادة من أهل العدل والإنصاف من جميع الشعوب، واستمالتهم إلى صفنا، واستعمالهم في نصرة قضايانا، وتعبئتهم في معركتنا.

♦ ♦ ♦


بعض المسلمين يضع غير المسلمين جميعاً على اختلاف مواقعهم ومواقفهم في سلة واحدة، أو بتعبير أدق يجعلهم جبهة واحدة إذا استعملنا لغة الصراع، ويقولون: (الكفر ملة واحدة)، وبناءً على ذلك يصنف الكفار والمشركون صنفاً واحداً، المسيء منهم والمحسن، وفيهم المحسن! والجائر منهم والمنصف، دون تفريق أو تمحيص، ويتخذهم جميعاً عدواً؛ لأن الكفر ملة واحدة!. ويستشهد بعضهم في هذا المقام بقوله تعالى: ﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]، والآية دلت ولا ريب على أن الكفر ملّة واحدة، لقوله تعالى: «مِلَّتَهُمْ» فوحّد الملّة، وبقوله تعالى: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6].


أقول: إن القوم، وإن كانوا ملة واحدة في الكفر، لكنهم ليسوا سواء من حيث مواقعهم ومواقفهم من قضايا المسلمين، ومن حيث علاقتنا بهم في الدنيا، بل فيهم العدو والصديق، ومنهم المسيء الجائر الذي بسط يدَه ولسانَه إلينا بالسوء والأذى، وفيهم المسالم المحايد الذي كف الأذى، واعتزل فلم يضر ولم ينفع، وأمسك عن الشر، وهذا الإمساك في مفهوم الإسلام برٌّ ومعروف!. وفيهم العادل الذي يكره الظلم، ويحب الخير، وينصر المظلوم بغض النظر عن دينه أو عرقه. ويصدق هذا التصنيف على الأفراد والجماعات والدول. حتى أهل الجاهلية الأولى وجد فيهم بقية تأمر بالعدل وتنصر المظلوم، ومنهم أولئكم النفر الذين تداعَوا لنقض صحيفة المقاطعة، واستطاعوا أن يفكوا الحصار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقرابته في شِعب بني هاشم بعد ثلاث سنين من المقاطعة والتجويع. ومن قبل أن يبزغ نور الإسلام فيهم وهم في دياجير الجاهلية عقدوا حلفَ الفضول؛ لنصرة المظلوم في دار عبد الله بن جدعان، وشهده سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه خيراً بعدما بعث حتى قال: (شهدتُ حلفَ المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أنَّ لي حمرَ النعم وأني أنكثه). [السلسلة الصحيحة - مختصرة - (ج 4 / ص 524)]. قال في النهاية: اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية، وجعلوا طيبًا في جفنة، وغمسوا أيديهم فيه، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فسموا المطيَّبين.


نعم الكفار ليسوا سواء! وإن التسوية بين أهل الكفر في الدنيا لا تقبل عقلاً ولا حساً ولا شرعاً؛ وذلك لأن الله خلق الناس، وما جعلهم سواء، فكيف يستقيمُ عقلاً أن نسوي بين المحسن والمسيء أو بين العدل والمجرم، لا يستوون!. ولا يستقيم حساً أيضاً؛ لأن أكثر أهل الكفر ليسوا سواء، فإذا كان ذلك كذلك فالتسوية بينهم ظلم وهضم، بل أجزم أنه حمق وسفه يضر بمصالح الأمة، ويستعدي عليها من ليسوا لها بأعداء!. فإذا كنا مأمورين بدفع الذي بيننا وبينه عداوة بالتي هي أحسن؛ لتنقلب عداوته مودة، أفنأتي إلى المسالمين الغافلين بل الناصرين لنا ولقضايانا أكثر من بعض أبناء جلدتنا، فنتخذهم أعداءً، ألا ساء هذا التصور، وساءت تلك السياسة!!.


وإذا قلت: إن ديننا يعرف بالشرع لا بالعقل! أقول لك متجاوزاً نقد ما ينطوي عليه استعمال هذه العبارة على عمومها من خلل، أتجاوز ذلك خشية الاستطراد، لأقول لك: إن الشرع أيضاً يؤكد أن الكفار ليسوا سواء، فالشرع يأمر بالعدل، وليس من العدل أن تجعل المحسن كالمسيء كما أسلفت، وإن مقتضى هذا التصنيف أن تجعل أبا لهب كأبي طالب وكلاهما من أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلاهما كافر مشرك. فهل يستويان؟. كلا والله لا يستويان!!. ثم ماذا تقول في عثمان بن طلحة الحجبي بغيرته وعفته وأمانته ونخوته عندما صحب أم سلمة في هجرتها إلى المدينة، وكانت تقول: "والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيتُ صاحباً قط كان أكرمَ من عثمان بن طلحة!" وكان كافراً ثم أنعم الله تعالى عليه بالإسلام فيما بعد. [اقرأ قصة هجرتها في سيرة ابن هشام - (ج 1 / ص 468)]. ثم إذا كان الكفار جميعاً سواء، فبم تفسر استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض المشركين ووثوقه بهم، كعبد الله بن أريقط وكذلك بعمه العباس - رضي الله عنه - وقت أن كان مشركاً؟.


تفاوت الكفار في النار:

أما إذا قلت: نعم الكفار ملة واحدة، وكلهم سواء، كلهم في الآخرة مشتركون في الدار!. فأنا لا أقول غير ذلك، ومن أبجديات العقيدة الإسلامية أن الله لا يقبل من أحد ديناً في الآخرة غير الإسلام، ومعاذ الله أن أشك في كفر الكافر، ولست من أولئكم المنهزِمين، الذين اضطربت نفوسهم، ونادَوا بالخَلط بين الشرائع المنسوخة والمحرّفة وبين دين الإسلام بدعوى التقريبِ بين الأديان، أو أولئكم النفر الذين ضعُف الإيمان لديهم، فرأوا أن الصوابَ قد يشمَل الجميع، كأنّهم لم يسمَعوا قولَ الله عزّ وجلّ: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، فالكفار على اختلاف مللهم ونحلهم من مات منهم على غير التوحيد والإسلام هم من أصحاب النار، ولكن حتى النار ليست دركاً واحداً، وليس أصحاب الدرك الأول منهم كأصحاب الدرك الأسفل من النار؛ ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ﴾ [النساء: 145]، فأهلها - نعوذ بالله منها - وإن كانوا في العذاب مشتركين، إلا أنهم يتفاوتون فيه، وبعضهم أخف من بعض، وليس من في قعرها كمن في ضحضاح منها، ويشهد لذلك حديث العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: "نعم، هو في ضحضاحٍ من نار، ولولا أنا (أي شفاعته) لكان في الدرك الأسفل من النار". وسبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره لابن أخيه، وشفاعته صلى الله عليه وسلم له، وقال العلماء: هي خصوصية له وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها.


ومن الأدلة على تفاوت الكفار في النار، وأنهم ليسوا درجة واحدة قوله تعالى: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾ [الأنعام: 132]، أي ولكل عامل في طاعة الله أو معصيته مراتب ومنازل من عمله يبلغه الله إياها، ويثيبه بها إن خيراً فخير وإن شراً فشر. (قلت) والكلام لابن كثير: ويحتمل أن يعود قوله: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾ أي من كافري الجن والإنس، أي ولكل درجة في النار بحسبه كقوله: ﴿ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ﴾ [الأعراف: 38] وقوله ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ [النحل: 88] [انظر تفسير ابن كثير - جزء 2 - صفحة 239]. وفي تفسير قوله: ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 147] قال ابن كثير: أي إنما نجازيكم بأعمالكم كل بحسبه؛ للقادة عذاب بحسبهم، وللأتباع بحسبهم! والله أعلم، وعلى كل حال، فإن هذه المسألة ليست لي غرضاً، ولكنها وردت عرضاً.


خلل في فهم الولاء والبراء:

لا أحد يجادل في أن الكفر ملة واحدة، وأنه لا يقبل من أحد بعد البعثة المحمدية غير الإسلام، وأنه وحدَه دينُ الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال، أقول: لا أحد ينكر هذا أو يرتاب فيه أدنى ريب أو يجادل فيه، ولكن ما يؤخذ على بعض المسلمين أنهم يرون غير المسلمين جميعاً بمنزلة واحدة، أعني في الدنيا، ويتعاملون معهم بالتهمة وسوء الظن، ويظهرون لهم الكراهية والبغضاء، ويناصبونهم العداوة والحرب، ويعدون ذلك من مقتضى البراءة من المشركين، والأمر ليس كذلك، فالقوم منهم المحارب، ومنهم المعاهد، ومنهم العدو، وفيهم الصديق، ومنهم الخائن وفيهم الأمين، فكيف - والحال هكذا - نسوي بين الكفار؟ كيف نسوي بينهم وقد فرق الله بينهم؟ وأخبرنا بأن منهم الأمين ومنهم الخائن، ولم يزل الناس هكذا منذ خلقهم الله، فقال سبحانه: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]. يعقب صاحب الظلال على الآيات فيقول: "إنها خطة الإنصاف والحق وعدم البخس والغبن يجري عليها القرآن الكريم في وصف حال أهل الكتاب الذين كانوا يواجهون الجماعة المسلمة حينذاك؛ والتي لعلها حال أهل الكتاب في جميع الأجيال. ذلك أن خصومة أهل الكتاب للإسلام والمسلمين، ودسهم وكيدهم وتدبيرهم الماكر اللئيم، وإرادتهم الشر بالجماعة المسلمة وبهذا الدين.. كل ذلك لا يجعل القرآن يبخس المحسنين منهم حقهم، حتى في معرض الجدل والمواجهة. ا.هـ (في ظلال القرآن - ج 1 / ص 389).


الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم السلم لا الحرب:

قد تقول: ولكننا مأمورون بقتال الكفار، والله تعالى يقول: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 123].

أقول: نحن - المسلمين - مأمورون بقتال من قاتلنا من الكفار أو صدَّ عن سبيل الله، فليس الكفر هو سبب قتالنا إياهم، ولكنه رد العدوان وإزالة الفتنة في الأرض؛ لإظهار دين الله، والمقصود بالفتنة رد دعوة الإسلام ومنع الناس من اعتناقه وصرفهم عنه. قال تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين ﴾ [البقرة: 93 - 94]. فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله، لا تشرع مقاتلته، لأنه لا مضرة علينا من كفره، وإنما مضرة كفره على نفسه، وهذا قول جمهور فقهاء الإسلام، وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة، فإن الله سبحانه قال: ﴿ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]، وإن من الاعتداء مجاوزة قتل من يستحق القتل إلى قتل من لا يستحقه من النساء والأطفال والشيوخ ومن اعتزل. والآية السابقة أصلٌ ثابت من أصول تشريع الجهاد، وقاعدة كلية من قواعده تتصف بالعموم والشمول والثبات، في حين إن الآيات الأخرى التي توهم التناقض والاختلاف معها، فقد جاءت في سياق تاريخي معين، ونزلت في عدو محارب، كانت الحرب لا تزال مستعرة بينه وبين المسلمين، والمشركون هم الذين بدؤوها وسعروها، وكلما انطفأت أوقدوها، فلا يصح تنزيل هذه الآيات على قومٍ آخرين برآء مسالمين؛ لأن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم السلم لا الحرب، غير أن من أراد السلم فلا بدَّ له من قوةٍ تحميه، ولا مفر من الاستعداد للحرب، فالضرورة تقدَّر بقدرها. يقول الشيخ العلامة محمد أبو زهرة في (العلاقات الدولية في الإسلام): "الأصل في العلاقات هو السلم.. ولا يسمح الإسلام لأتباعه بالتدخل في شؤون الآخرين إلا لضرورة".


العدل مع الكفار واجب والبر بهم جائز أو مندوب أو واجب أحياناً:

إن العدل واجب لكل أحد وفي كل وقت، ولا يجوز الاعتداء بدافع كرهٍ وبغضاء، ولا الجور يحملك عليه شنآن، وهذا الحد واجب لكل أحد حتى العدو، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]. ولا يقف الأمر عند حد العدل والقسط في تعاملنا مع غير المسلمين، بل يبيح لنا البر بهم، والإحسان إليهم، وقد يتجاوز الإباحة إلى الندب أو الوجوب أحياناً، ولا يتسع المقام لتفصيل هذه الأحكام، قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]. ومن البر الواجب البر بالأبوين الكافرين وخدمتهما والإحسان إليهما، قال تعالى: ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]. جاء في الصحيحين وغيرهما أن أم أسماء قتيلة ابنة عبد العزى وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية، قدمت وهي مشركة في الهدنة بعد صلح الحديبية، على ابنتها أسماء بنت أبي بكر، فأتتها بهدايا وأقط وسمن وزبيب، فقالت لها: لا أقبل لك هدية، ولا تدخلي علي حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: إن أمي قدمت عليَّ وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك!. وفيها نزلت: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]. فهذا ديننا برٌّ وسلامُ وصلةٌ وتسامحٌ حتى مع الكافر ما لم يعتدِ ويظلم، وخاصة الوالدين، وبلغ التسامح والتسامي ذروته بإباحة الأكل من ذبائح أهل الكتاب ونكاح نسائهم كما قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ... ﴾ [المائدة: 5].


وإن تعجب فعجب قولُ بعض الطاعنين إنه دين قهر وجور وعسف، وإن تعجب فعجب أيضاً فهم من فهم أن عقيدة الولاء والبراء تقتضي غلظة وقطيعة وعداوة لغير المسلمين كافة، فكيف نصاهرهم إذن!.


وإن ما سبق تقريره لا يعني بحال:

• الشك في كفر الكفار أو تصحيح أديانهم.

• ولا يعني الانتقاص من خيرية الأمة ومكانتها، أو أن نرى والعياذ بالله تفضيل الكافر على المؤمن أو التسوية بينهما مهما كان شأن المؤمن ما دام في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

• ولا يعني أيضاً: موالاة الكافرين؛ لأن الولاء يعني المحبة الباطنة لهم من دون المؤمنين، ونصرتهم على إخواننا، وإفشاء أسرار المسلمين إليهم، وليس هذا من هذا، والفرق بينهما بيِّن!!.

• ولا يعني بحال الاطمئنان إلى الكافرين وترك الحذر، والمعادلة دقيقة.

• وبخصوص قوله تعالى: ﴿ لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]، فقد نزلت هذه الآيات فيمن آمَنَ من أحبار أهل الكتاب، كعبد الله بن سَلام وأسَد بن عُبَيْد وثعلبة بن سَعْية وأسَيد بن سعْية وغيرهم، فهم الأمة القائمة بأمر الله، المطيعة لشَرْعه المُتَّبِعة نبيَّ الله، فلا يستوون مع مجرمي أهل الكتاب وكفارهم. فالآيات ليست في محل البحث.


وخلاصة الكلام:

أن غير المسلمين ليسوا سواء، من حيث العلاقات والمصالح والسياسة، وذلك بحسب مواقفهم ومواقعهم، وأنه يجب الاستفادة من أهل العدل والإنصاف منهم، واستمالتهم إلى صفنا، واستعمالهم في نصرة قضايانا، وتعبئتهم في معركتنا، والله أعلم.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليسوا سواء
  • ليسوا ملائكة
  • المتنصرون ليسوا ظاهرة
  • ليسوا سواء

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليسوا سواء (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في فرنسا.. المهاجرون ليسوا سواء(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح حديث: ألا إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • إسبانيا: حزب سياسي: ضحايا سوريا ليسوا درجة ثانية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: المسلمون ليسوا مجتمعا موازيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: لجنة حكومية ترى مسلمي الروهنجيا ليسوا مواطنين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مدير المجمع الكنسي في هولندا: الإسلام والمسلمون ليسوا مشكلة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليس بحاجة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- ليسوا سواء
أدم محمود - اسوداني مقيم في ماليزيا 17-02-2014 04:49 PM

مقال رائع ومممتاز وفهم عميق للإسلام والشريعة ومقاصدها. ولكن كيف نسمي من آمَنَ من أحبار أهل الكتاب، كعبد الله بن سَلام وأسَد بن عُبَيْد وثعلبة بن سَعْية وأسَيد بن سعْية وغيرهم، أهل الكتاب بعد أن أصبحوا مسلمين؟ إذا كان الامر كذلك لشمتلهم كل عبارة " أهل الكتاب" وردت في القرآن الكريم! وإذا كان الأمر كذلك لشملت كلمة الكفار كل من كان كافرا ثم أسلم – والعياذ بالله. الإسلام يجب ما قبله. فلا عبد الله بن سَلام وأسَد بن عُبَيْد وثعلبة بن سَعْية وأسَيد بن سعْية يُعدوا من أهل الكتاب بعد إسلامهم، ولا كفار الجاهلية كفاراً بعد إسلامهم(بداهة). أهل الكتاب هم أهل الكتاب الذين لا يزالون على دينهم، فإذا أسلموا فهم مسلمون (بداهة).

1- الكفار درجات
كوثر أحمد شكيل - بنغلادش 10-03-2008 07:11 PM
نعم ، هذا صحيح ، والكفار ليسوا سواء
لكن بعض المسلمين يجعلهم جميعاً في سلة واحدة ، وجبهة واحدة ، بناء على فهم مغلوط للولاء والبراء ، والله أعلم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب