• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

زمهرير الشتاء..حكم وأحكام

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: تاريخ الخطبة: 10 من محرم 1429هـ.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2008 ميلادي - 10/1/1429 هجري

الزيارات: 72346

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زمهرير الشتاء..حكم وأحكام

 

الحمد لله العليم الحكيم؛ لطف بعباده فلم يرهقهم عسرا، وما جعل عليهم في دينهم حرجا، فأنزل سبحانه المعونة على قدر المؤونة، وجعل الصبر على قدر البلاء، وأمر بأداء الواجبات حسب المستطاع ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة:286] نحمده على ما هدانا وشرع لنا، ونشكره على ما أعطانا وأسبغ علينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ بيده آجال العباد وأرزاقهم، وهو وحده القادر عليهم، ولو شاء سبحانه لأهلكهم بغتة ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء:133] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ كان رحيما بأمته، حريصا عليها، يَعِزُّ عليه عنتُها، ويترك العمل مخافة أن يفرض عليها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أعلام الهدى، وأُولي البر والتقوى، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه، وخذوا من شدة ما يمر بكم في الدنيا من أحوالها وأكدارها وأزماتها معتبرا لشدة يوم القيامة وكربه؛ فإن كرب القيامة ينسي شدة الدنيا وكربها ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس:35-37].


أيها الناس: خلق الله تعالى الأرض وما عليها، وأهبط آدم إليها، وجعلها مستقرا لبني آدم بما سخر لهم فيها ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [الأعراف:24].

 

ومنذ أن سكن البشر الأرض ورِزْقُ الله تعالى يأتيهم فيها، والكوارث الكونية سواء كانت عذابا أم ابتلاء لم تُفْنِ البشر كلهم، بل يبقى منهم بقية يتناسلون ويتكاثرون ويعمرون الأرض؛ لحكمة يريدها الله تعالى.


والشمس والقمر مسخران للأرض ومن عليها، ومقدران بما ينفع الناس ولا يهلكهم، ولو كانت الشمس أقرب إلى الأرض لأحرقتها ومن عليها، والناس يتأذون من الشمس في شدة الحر فكيف لو اقتربت!! ولو كانت الشمس أبعد عن الأرض لتجمدت الأرض ومن عليها، والعقلاء يدركون ذلك في شدة البرد المهلك، فيعلمون نعمة الله تعالى عليهم بتقدير موقع الشمس من الأرض، فسبحان من خلق كل شيء فقدره تقديرا.


وشدة البرد، وشدة الحر نَفَسَان من جهنم؛ لتذكير العباد في الدنيا بنار الآخرة؛ ليتقوا ما يوردهم إياها، ويأخذوا بأسباب النجاة منها، روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشْتَكَتْ النَّارُ إلى رَبِّهَا فقالت: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لها بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الْحَرِّ وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الزَّمْهَرِيرِ) متفق عليه.


والبرد مهلك، كما أن الحر مؤذٍ، لكن الحَرَّ لا يهلك في الغالب؛ ولذا فالناس يخافون البرد ويتقونه أكثر من الحر، وقد دلَّ القرآن على هذا المعنى؛ ففي سورة النحل ذكر الله تعالى في أولها أصول النعم، ومنها بهيمة الأنعام وقال سبحانه فيها ﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [النحل:5] وفي آخر السورة ذكر مكملات هذه النعم من المتاع والأثاث ومنها قوله سبحانه ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾ [النحل:81] وسرابيل البأس هي لباس الحرب، فلم يذكر لباس البرد من المكملات؛ لأنه عز وجل ذكره من الأصول والأساسات في أول السورة.


ومن كمال نعيم أهل الجنة أنهم لا يجدون فيها حرًَّا ولا بردا قال قتادة رحمه الله تعالى: عَلِم الله تعالى أنّ شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا. ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان:13] والزمهرير هو البرد القاطع، قال ابن مسعود رضي الله عنه: هو لونٌ من العذاب.


وعن الأصمعي رحمه الله تعالى قال: كانت العرب تسمي الشتاء الفاضح - وكأنه والله أعلم يفضح الفقير، فلا صبرَ له عليه، بخلاف الحر فيصبر عليه - فقيل لامرأة منهم: أيما أشد عليكم القيظ أم القُرُّ؟ فقالت: يا سبحان الله، من جعل البؤس كالأذى؟ فجعلت الشتاء بؤسا والقيظ أذى.


والعرب تسمي الشتاء ذكرا والصيف أنثى؛ لقسوة الشتاء وشِدَّة غلظته، ولين الصيف وسهولة شكيمته.


قال الزمخشري: وعادتهم أن يذكروا الشتاء في كل صعب قاس، والصيف وإن تلظى قيظه وحمي صلاؤه وعظم بلاؤه فهو بالإضافة إلى الشتاء هوله هين على الفقراء؛ لما يلقونه فيه من الترح والبؤس؛ ولهذا قيل لبعضهم: ما أعددت للبرد؟ قال: طول الرعدة، وفظاظة الشدة.


ويُذكر عن عمر رضي الله عنه أنه كان يتعاهد رعيته إذا حضر الشتاء، ويكتب لهم قائلا: إنّ الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارًا ودثارًا؛ فإنّ البرد عدو سريعٌ دخوله، بعيدٌ خروجه.


أيها الإخوة: ولأنَّ شدة البرد تؤذي الناس وقد تهلكهم؛ فإن الله تعالى قد خفَّف عنهم في كثير من الأحكام الشرعية لأجل ذلك؛ فأباح عز وجل لهم التيمم في شدة البرد، وعدم وجود وسائلَ لتسخين الماء؛ مما يُظَن معه الهلاك أو الضرر، وفي ذلك أقرَّ النبي عليه الصلاة والسلام عمرو بن العاص لما أجنب في غزاة وتيمم وصلى بالناس.


ولكن مجرد المشقة ليست عذرا في ترك الوضوء أو الاغتسال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص في ذلك لأجل المشقة فقط؛ ولأن الوضوء في البرد شاق على كل الناس، روى الإمام أحمد عن رَجُلٍ من ثَقِيفٍ قال: (سَأَلْنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ثَلاَثاً فلم يُرَخِّصْ لنا فَقُلْنَا: إن أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ فَسَأَلْنَاهُ أن يُرَخِّصَ لنا في الطُّهُورِ فلم يُرَخِّصْ لنا).

 

ومن تخفيف الله تعالى على عباده، ورحمته عز وجل بهم: أن شرع سبحانه لهم المسح على الخفين.


وأباح لهم الصلاة في رحالهم إذا كان البرد شديدا مصحوبا بأمطار أو ريح تضر الناس وتؤذيهم؛ كما روى نَافِعٌ رحمه الله تعالى: (أَنَّ بن عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ في لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ فقال: ألا صَلُّوا في الرِّحَالِ، ثُمَّ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذا كانت لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يقول ألا صَلُّوا في الرِّحَالِ) رواه الشيخان واللفظ لمسلم.


وللمؤمن رخصةٌ في لبس القفازين أثناء الصلاة ذكرا كان أم أنثى؛ إذ لا مانع يمنع من ذلك.


وتغطيةُ الوجه أو بعضُه بلثام أو غيره مكروه في الصلاة، فإنْ احتاج له المصلي لاتقاء هواء بارد، كما لو صلى في الخلاء؛ زالت الكراهية، وجاز له ذلك.


ومع هذه التراخيص العظيمة للمؤمنين من رب العالمين فإنه سبحانه يُعْظِم لهم المثوبة على تحمل المكاره في طاعته عز وجل؛ فمن أسباب محو الخطايا ورفع الدرجات: إسباغُ الوضوء على المكروهات، كما جاءت بذلك الأحاديث، ومعلوم أن إسباغ الوضوء في شدة البرد، وكثرةِ الملابس على المتوضئ مما يكرهه ويشق عليه، لكنه يفعل ذلك قربةً لله تعالى، فاستحق ما رُتب عليه من أجر عظيم.


وليحذر المسلم من التقصير في إسباغ الوضوء، وترك غسل أجزاء من بعض الأعضاء، كالوجه والكعبين، ولا سيما المرفقين، مع كثرة اللباس، وعُسْرِ حَسْرِ الأكمام عنهما.


وتسخينُ الماء في شدةِ البرد مما يحفظ النفس من العطب والمرض، ويعين على إسباغِ الوضوء وإتمامِ الطاعة فلم يكن به كراهة، ويُخشى على من تنزَّه عنه قربةً من الغلو والتنطع.


قال شُراح الحديث: تسخينُ الماء لدفع برده ليقوى على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور.اهـ والله عز وجل لا حاجة له في تعذيبنا وإرهاقنا، فكلُّ ما أعان على إتمام العبادة، ولم يكن منصوصا على المنع منه، ولا يترتب عليه ضرر فمباح للمؤمن أن ينتفع به.


وليحذر العبدُ من سبِّ الريح وإن آذته ببردها وشدتها؛ فإنها من الله تعالى، وقد يُصاب بالحُمى من جراء البرد فلا يَسُبُّها أيضا؛ لأنها من الله تعالى؛ ولأنها تُحرق ذنوب العبد، وتخفف عنه، فكان فيها خير له ولو أقعدته وأسهرته وآذته.


ويَكثرُ في البرد إيقاد النار ووسائلِ التدفئة؛ فليحذر المسلم منها؛ فإن النار عدو له، وكم من حوادث هلك فيها أفراد وأسرٌ بسبب التساهل في ذلك، روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تَتْرُكُوا النَّارَ في بُيُوتِكُمْ حين تَنَامُونَ) وعن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال:(احْتَرَقَ بَيْتٌ على أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ من اللَّيْلِ فلما حُدِّثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِشَأْنِهِمْ قال: (إِنَّ هذه النَّارَ إنما هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ فإذا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ) روى الحديثين البخاري ومسلم.


ويُكره أن تكون النار في قبلة المصلي فريضة كانت أم نافلة، ولو شُعْلَةَ مِدْفَأةٍ أو شمعة؛ لما فيه من التشبه بالمجوس الذين يُصَلُّون للنار أو إليها، وقد نُهينا عن التشبه بالكفار.


أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، إنه سميع مجيب.


أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم...


الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة:123].


أيها المسلمون: موجة البرد القارس التي أصابت كثيرا من الدول، وأضرت بكثير من البشر هي من دلائل قدرة الله تعالى على عباده، ولو شاء سبحانه لجمَّد الأرض ومن عليها، فلا يملكون لذلك دفعا ولا تخفيفا.


كما أن هذه الموجة الباردة تذكرنا نعم الله تعالى علينا؛ فإننا طوال العام وأعومًا سابقة نرفل في النعم، ونتمتع برزق الله تعالى؛ فلا نجد حرّاً يؤذينا، ولا نحس بردا يضرنا، بما خفف الله تعالى عنا، ورزقنا من الغذاء والكساء والمراكب والمتاع، حتى نسي كثير منا أنهم في نعمة الله تعالى، أو أنهم محتاجون إليها فبطروا وطغوا، فإذا لسعتنا موجةٌ كهذه ذكَّرتنا نعم الله تعالى علينا، فحقيقٌ بنا أن نبالغ في شكرها بأقوالنا وأفعالنا.


وهذه الموجة الباردة أثبتت لنا ضعف البشر، وافتقارهم إلى عفو الله تعالى عنهم، ورحمته بهم، وإنعامه عليهم، ولو عذبهم لكان ذلك عدلا منه سبحانه، ولكنه يعفو عن كثير.


وما أصاب الناس وما يصيبهم من الحر والقُرِّ والكوارث سببه تقصيرهم في طاعة الله تعالى، واجتراؤهم على معصيته، وضعفُ التناهي عن المنكر فيما بينهم، وهذه تذكرةُ الله تعالى لهم وإنذارُه وإعذاره، فلنحذر عقوبة الله تعالى ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف:99].


عباد الله: تذكروا في هذا البرد القارس أحوال الفقراء والمعدمين من إخوانكم؛ فلا يجدون كساء يحمي أجسادهم، ولا فراشا يقيهم صقيع الأرض، ولا طعاما يُقوِّي عودهم على البرد، ولا يملكون وسائل للتدفئة، ومنهم مَنْ بيوتهم مداخلُ ومخارج للهواء البارد من قلة ذات اليد، ومنهم من يسكنون صفيحا يجمدهم وأسرهم وأولادهم..فارحموهم رحمكم الله تعالى؛ فإنهم محتاجون إلى عونكم..


تلمسوا حاجاتهم، وأعينوهم في نوائبهم.. دفئهوهم وأسرهم وأولادهم، وبُلُّوا بالطعام أكبادهم..تلمسوهم بأنفسكم أو وكلاء عنكم في الأحياء الفقيرة، والبلاد البعيدة؛ فإن ذلك من شكر نعمة الله تعالى عليكم، ومن معونة إخوانكم ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة:110].


تذكروا يا عباد الله وأنتم تنعمون وأسركم وأولادكم بالدفء والشبع والاستقرار.. تذكروا إخوانا لكم شردتهم القوى الظالمة الغاشمة فهم ونساؤهم وأطفالهم في ملاجئ ومخيمات لا تقيهم من الهواء، ولا تحميهم من الصقيع، في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال، وغيرها من بلاد المسلمين المغتصبة..


تذكروا إخوانكم في غزة وقد حاصرهم اليهود، وخذلهم العالم كله؛ فمنعوا عنهم الطعام والكساء والوقود؛ ليوهنوا عزيمتهم، ويكسروا إرادتهم، وقد طال حصارهم حتى نفد ما عندهم أو يكاد، فمن لهم بعد الله تعالى إلا إخوانهم.


تذكروا أولئك كلَّهم فإنهم إخوانكم.. يا ترى ما هو حالهم وقد ضاقت عليهم الحيلة؟! وما هو حال نسائهم وأطفالهم في هذا البرد القارس مع شح الطعام وقلة اللباس، وانعدام وسائل التدفئة، سلوا الله تعالى لهم المعونة؛ فهم في حال لا يعلمها إلا الله تعالى، وأكثروا لهم من الدعاء؛ فإن إحساسكم بهم من إيمانكم، وهو دالٌ على حياة قلوبكم تجاه إخوانكم (وإِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) (وتَرَى الْمُؤْمِنِينَ في تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى له سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وصلوا وسلموا على نبيكم....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أحكام الشتاء
  • وجاء الشتاء
  • سنن النبي مع صوارف الشتاء
  • وقفات مع الشتاء البارد
  • أحكام الشتاء (1)
  • آيات الله في الشتاء
  • وجاء الشتاء
  • أوراد الضعفاء في فصل الشتاء
  • الشتاء حكم وأحكام
  • خطبة الزمهرير
  • خطبة: الشتاء حكم وآداب وعبر

مختارات من الشبكة

  • الزمهرير (خطبة عن الشتاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الزمهرير (خطبة عن الشتاء)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فقه أحكام البرد والشتاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وأحكام في الشتاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث الشتاء فوائد وعبر وحكم وأحكام وهمسات وومضات (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غنائم وكنوز الشتاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشتاء عبر وأحكام(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الشتاء عبر وأحكام (محاضرة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فصول السنة في المجموعة الشعرية "اتجاه الضوء" للشاعر خالد بن سعد طلق الروقي (رحمه الله)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حال المؤمن في الشتاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- زمهرير الشتاء..
hassan - maroc 19-01-2008 06:05 PM
sa3alaykom walahi ani ohibokom fi allh walih mawdo3 jamil jazakom allh khayran wasalamlamo
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب