• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عمل تفضل به غيرك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: إصلاح المجتمع، أهميته ومعالمه
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أراد أن يسلم، فليحذر من داء الأمم (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة: وقفات مع شهر رجب
    خالد سعد الشهري
  •  
    تكريم المرأة في الإسلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    الهدي النبوي في التعامل مع المخطئ (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    العافية (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: الدعاء على الأبناء سهم يرتد
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ الأمانات ومحاربة الفساد عبادة ومسؤولية مشتركة ...
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    العيش بأهداف سامية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الناس (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    لولا بنو إسرائيل
    د. خالد النجار
  •  
    الأشواق (خطبة)
    د. محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم بلوش ...
  •  
    فكأنما وتر أهله وماله (خطبة) - باللغة الإندونيسية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تفسير سورة العاديات
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

فضائل الحياء (خطبة)

فضائل الحياء (خطبة)
حامد عبدالخالق أبو الدهب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2025 ميلادي - 6/7/1447 هجري

الزيارات: 16

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل الحياء

 

الخطبة الأولى

مقدمة:...

1- الحياءُ في القُرآن:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباسًا يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الْأَعْرَاف: 26].

 

في (إحياء عُلُوم الدين): "﴿ وَلِباسُ التَّقْوى ﴾ يعني: الحياء"، وفي (تفسير روح البيان) لإسماعيل حقي: "شبهت التقوى بالملبوس من حيث إنها تستر صاحبها وتحفظه مما يضره كما يحفظه الملبوس". قال قتادةُ والسدي: هو العمل الصالح؛ لأنه يقي مِنَ العذاب كأنه قال: لباس التقوى خيرٌ مِنَ الثياب؛ لأنَّ الفاجر- وإن كان حسن الثياب- فهو بادي العورة. قال الشاعر:

إنِّي كأنِّي أرى مَنْ لا حياء له
ولا أمانة وسط القوم عريانا 

وقال: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]، وَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وَقَالَ: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

 

2- الحياءُ في الأحاديثِ:

1- في (رياض الصالحين): حديث (680) عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار وَهُوَ يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُ، فَإنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ»؛ متفقٌ عَلَيْهِ.

 

2- وفيه: حديث (681) عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ»؛ متفقٌ عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلمٍ: «الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ»، أَوْ قَالَ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ».

 

3- وفي حديث (682) عن أَبي هريرة- رضي الله عنه-: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ- أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَوْلُ: لا إلهَ إِلَّا الله، وَأدْنَاهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ»؛ متفقٌ عَلَيْهِ. «البِضْعُ» بكسر الباءِ ويجوز فتحها: وَهُوَ مِنَ الثَّلاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ. و«الشُّعْبَةُ»: القِطْعَةُ وَالْخَصْلَةُ. وَ«الإمَاطَةُ»: الإزَالَةُ. وَ«الأَذَى»: مَا يُؤْذِي كَحَجَرٍ وشوك وَطِينٍ ورماد وَقَذَرٍ وَنَحْو ذَلِكَ.

 

4- وفي حديث (683) عن أَبي سعيدٍ الخُدْري- رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه"؛ متفقٌ عَلَيْهِ.

 

5- وفي (المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة): "عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ، وَالْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ"؛ [قال الألباني]: صحيح لغيره - "الصحيحة" (495)، "الروض" (744).

 

6- وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ»؛ ابن ماجه. حديث (4181) [حكم الألباني]: حسن.

 

7- وفي (صحيح البخاري) الأحاديث (3483 - 3484 - 6120) ولفظُ أولها: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ».

 

في (مدارج السالكين): (فَصْلٌ: مَنْزِلَةُ الْحَيَاءِ:... وَفِي هَذَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَمْرُ تَهْدِيدٍ. وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ؛ أَيْ: مَنْ لَمْ يَسْتَحِ صَنَعَ مَا شَاءَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَمْرُ إِبَاحَةٍ؛ أَيِ: انْظُرْ إِلَى الْفِعْلِ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَهُ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَحْيَا مَنْهُ فَافْعَلْهُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ).

 

وفي (الداء والدواء) لابن القيم: (فَصْلٌ: الْمَعَاصِي تُذْهِبُ الْحَيَاءَ: وَفِيهِ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، وَالْمَعْنَى: مَنْ لَمْ يَسْتَحِ فَإِنَّهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ مِنَ الْقَبَائِحِ؛ إِذِ الْحَامِلُ عَلَى تَرْكِهَا الْحَيَاءُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَيَاءٌ يَرْدَعُهُ عَنِ الْقَبَائِحِ، فَإِنَّهُ يُوَاقِعُهَا، وَهَذَا تَفْسِيرُ أَبي عُبَيْدَةَ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ مِنْهُ مِنَ اللَّهِ فَافْعَلْهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي تَرْكُهُ هُوَ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ مِنَ اللَّهِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ.

 

فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ تَهْدِيدًا؛ كَقَوْلِهِ: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فُصِّلَتْ: 40]. وَعَلَى الثَّانِي: يَكُونُ إِذْنًا وَإِبَاحَةً.

 

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَحْمِلُ الْمُشْتَرَكَ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ؛ لِمَا بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالتَّهْدِيدِ مِنَ الْمُنَافَاةِ، وَلَكِنَّ اعْتِبَارَ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ يُوجِبُ اعْتِبَارَ الْآخَرِ. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الذُّنُوبَ تُضْعِفُ الْحَيَاءَ مِنَ الْعَبْدِ، حَتَّى رُبَّمَا انْسَلَخَ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا لَا يَتَأَثَّرُ بِعِلْمِ النَّاسِ بِسُوءِ حَالِهِ وَلَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ وَقُبْحِ مَا يَفْعَلُ، وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ انْسِلَاخُهُ مِنَ الْحَيَاءِ، وَإِذَا وَصَلَ الْعَبْدُ إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَبْقَ فِي صَلَاحِهِ مَطْمَعٌ.

وَإِذَا رَأَى إِبْلِيسُ طَلْعَةَ وَجْهِهِ
حَيَّا وَقَالَ: فَدَيْتُ مَنْ لَا يُفْلِحُ

وَالْحَيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَيَاةِ، وَالْغَيْثُ يُسَمَّى حَيا- بِالْقَصْرِ- لِأَنَّ بِهِ حَيَاةُ الْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ بِالْحَيَاءِ حَيَاةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَمَنْ لَا حَيَاءَ فِيهِ فَهُوَ مَيِّتٌ فِي الدُّنْيَا، شَقِيٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَبَيْنَ الذُّنُوبِ وَبَيْنَ قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ الْغَيْرَةِ تَلَازُمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَدْعِي الْآخَرَ وَيَطْلُبُهُ حَثِيثًا، وَمَنِ اسْتَحَى مِنَ اللَّهِ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ، اسْتَحَى اللَّهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَحِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ لَمْ يَسْتَحِ اللَّهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ).

 

وفي (فتح الباري) لابن حجر: (قَوْلُهُ: "فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِكْمَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ دُونَ الْخَبَرِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي يَكُفُّ الْإِنْسَانَ عَنْ مُوَاقَعَةِ الشَّرِّ هُوَ الْحَيَاءُ. فَإِذَا تَرَكَهُ صَارَ كَالْمَأْمُورِ طَبْعًا بِارْتِكَابِ كُلِّ شَرٍّ. وَقَدْ سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى شَرْحِهِ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَوَاخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأُشِيرَ هُنَا إِلَى زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ: الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ؛ أَيْ: إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَ شَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَسْتَحِي إِذَا فَعَلْتَهُ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنَ النَّاسِ، فَافْعَلْهُ. وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى هَذَا مَدَارُ الْإِسْلَامِ. وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ يُسْتَحَى مِنْ تَرْكِهِ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ يُسْتَحَى مِنْ فِعْلِهِ. وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَالْحَيَاءُ مِنْ فِعْلِهِ جَائِزٌ، وَكَذَا مَنْ تَرَكَهُ فَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ، وَقِيلَ: هُوَ أَمْرُ تَهْدِيدٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ، وَمَعْنَاهُ: إِذَا نُزِعَ مِنْكَ الْحَيَاءُ، فَافْعَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّ اللَّهَ مُجَازِيكَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ أَمْرِ الْحَيَاءِ. وَقِيلَ: هُوَ أَمرٌ بِمَعْنى الْخَبَر؛ أَيْ: مَنْ لَا يَسْتَحِي يَصْنَعُ مَا أَرَادَ).

 

8- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ». قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ»؛ سُنن الترمذي حديث (2458). [حكم الألباني]: حسن.

 

9- وعن أبى هُرَيْرَةَ-رضى اللهُ عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"؛ البخاري- واللفظُ له-حديث (6069) وأخرجه مُسلمٌ. حديث 52 - (2990) ولفظه: قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَاةٌ، إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ"، قَالَ زُهَيْرٌ: «وَإِنَّ مِنَ الْهِجَارِ» وفي (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد): وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ رَجَلٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: "أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِي مِنَ اللهِ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ قَوْمِكَ"؛ انظر: (صَحِيح الْجَامِع: 2541، الصَّحِيحَة: 741).

 

3- الحياء في الآثار:

1- في (رياض الصالحين): (قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ- أيْ النِّعَمِ- ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى حَيَاءً).

 

2- 4- وفي (حلية الأولياء): (عن زاذان عن سلمان- رضي الله عنه- قال: إن الله تعالى إذا أراد بعبد شرًّا، أو هلكة: نزع منه الحياء، فلم تلقه إلا مقيتًا ممقتًا؛ فإذا كان مقيتًا ممقتًا، نزعت منه الرحمة؛ فلم تلقه إلا فظًّا غليظًا، فإذا كان كذلك، نزعت منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائنًا مخونًا؛ فإذا كان كذلك، نزعت ربقة الإسلام من عنقه، فكان لعينًا ملعنًا.

 

وعن عبيد بن عمير قال: آثروا الحياء مِنَ الله، على الحياء مِنَ الناس. وعن أبي سليمان الداراني قال: إذا استحى العبد من ربه عز وجل، فقد استكمل الإيمان).

 

5-7- وفي (الرسالة القُشيرية): "وقيل: إِذَا جلس الرجل ليعظ النَّاس ناداه ملكاه: عظ نفسك بِمَا تعظ بِهِ أخاك وإلا فاستحيي من سيدك فَإِنَّهُ يراك... وعن أبى بَكْر الوراق قال: رُبَّمَا أصلي لِلَّهِ تَعَالَى ركعتين فأنصرف عَنْهُمَا وأنا بمنزلة من ينصرف عَنِ السرقة من الحياء... وَقَالَ ابْن عَطَاء: مَا نجا من نجا إلا بتحقيق الحياء؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾.

 

8- أقسامُ الحياء: في (مدارج السالكين): (فَصْلٌ: مَنْزِلَةُ الْحَيَاءِ:... [أَقْسَامُ الْحَيَاءِ]: وَقَدْ قَسَّمَ الْحَيَاءَ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ: حَيَاءُ جِنَايَةٍ وَحَيَاءُ تَقْصِيرٍ. وَحَيَاءُ إِجْلَالٍ. وَحَيَاءُ كَرَمٍ. وَحَيَاءُ حِشْمَةٍ. وَحَيَاءُ اسْتِصْغَارٍ لِلنَّفْسِ وَاحْتِقَارٍ لَهَا. وَحَيَاءُ مَحَبَّةٍ. وَحَيَاءُ عُبُودِيَّةٍ. وَحَيَاءُ شَرَفٍ وَعِزَّةٍ وَحَيَاءُ الْمُسْتَحْيِي مِنْ نَفْسِهِ. فَأَمَّا حَيَاءُ الْجِنَايَةِ: فَمِنْهُ حَيَاءُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا فَرَّ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «أَفِرَارًا مِنِّي يَا آدَمُ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ. بَلْ حَيَاءً مِنْكَ».

 

وَحَيَاءُ التَّقْصِيرِ: كَحَيَاءِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ! مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. وَحَيَاءُ الْإِجْلَالِ: هُوَ حَيَاءُ الْمَعْرِفَةِ. وَعَلَى حَسَبِ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ يَكُونُ حَيَاؤُهُ مِنْهُ.

 

وَحَيَاءُ الْكَرَمِ: كَحَيَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ إِلَى وَلِيمَةِ زَيْنَبَ، وَطَوَّلُوا الْجُلُوسَ عِنْدَهُ. فَقَامَ وَاسْتَحْيَا أَنْ يَقُولَ لَهُمُ: انْصَرِفُوا.

 

وَحَيَاءُ الْحِشْمَةِ: كَحَيَاءِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ؛ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنْهُ.

 

وَحَيَاءُ الِاسْتِحْقَارِ وَاسْتِصْغَارِ النَّفْسِ: كَحَيَاءِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ يَسْأَلُهُ حَوَائِجَهُ، احْتِقَارًا لِشَأْنِ نفسه، واستصغارًا لها.

 

وَفِي أَثَرٍ إِسْرَائِيلِيٍّ: «إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ لَتُعْرَضُ لِيَ الْحَاجَةُ مِنَ الدُّنْيَا. فَأَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَكَ هِيَ يَا رَبِّ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَلْنِي حَتَّى مِلْحَ عَجِينَتِكَ. وَعَلَفَ شَاتِكَ».

 

وَقَدْ يَكُونُ لِهَذَا النَّوْعِ سَبَبَانِ:

أَحَدُهُمَا: اسْتِحْقَارُ السَّائِلِ نَفْسَهُ. وَاسْتِعْظَامُ ذُنُوبِهِ وَخَطَايَاهُ.

الثَّانِي: اسْتِعْظَامُ مَسْئُولِهِ.

 

وَأَمَّا حَيَاءُ الْمَحَبَّةِ: فَهُوَ حَيَاءُ الْمُحِبِّ مِنْ مَحْبُوبِهِ، حَتَّى إِنَّهُ إِذَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ فِي غَيْبَتِهِ هَاجَ الْحَيَاءُ مِنْ قَلْبِهِ، وَأَحَسَّ بِهِ فِي وَجْهِهِ. وَلَا يَدْرِي مَا سَبَبُهُ. وَكَذَلِكَ يَعْرِضُ لِلْمُحِبِّ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِ مَحْبُوبِهِ وَمُفَاجَأَتِهِ لَهُ رَوْعَةٌ شَدِيدَةٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَمَالٌ رَائِعٌ. وَسَبَبُ هَذَا الْحَيَاءِ وَالرَّوْعَةِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ لِلْمَحَبَّةِ سُلْطَانًا قَاهِرًا لِلْقَلْبِ أَعْظَمَ مِنْ سُلْطَانِ مَنْ يَقْهَرُ الْبَدَنَ. فَأَيْنَ مَنْ يَقْهَرُ قَلْبَكَ وَرُوحَكَ إِلَى مَنْ يَقْهَرُ بَدَنَكَ؟ وَلِذَلِكَ تَعَجَّبَتِ الْمُلُوكُ وَالْجَبَابِرَةُ مِنْ قَهْرِهِمْ لِلْخَلْقِ وَقَهْرِ الْمَحْبُوبِ لَهُمْ، وَذُلِّهِمْ لَهُ. فَإِذَا فَاجَأَ الْمَحْبُوبُ مُحِبَّهُ، وَرَآهُ بَغْتَةً، أَحَسَّ الْقَلْبُ بِهُجُومِ سُلْطَانِهِ عَلَيْهِ، فَاعْتَرَاهُ رَوْعَةٌ وَخَوْفٌ. وَسَأَلْنَا يَوْمًا شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ فَذَكَرْتُ أَنَا هَذَا الْجَوَابَ. فَتَبَسَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. وَأَمَّا الْحَيَاءُ الَّذِي يَعْتَرِيهِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ - كَأَمَتِهِ وَزَوْجَتِهِ - فَسَبَبُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذَا السُّلْطَانَ لَمَّا زَالَ خَوْفُهُ عَنِ الْقَلْبِ بَقِيَتْ هَيْبَتُهُ وَاحْتِشَامُهُ. فَتَوَلَّدَ مِنْهَا الْحَيَاءُ. وَأَمَّا حُصُولُ ذَلِكَ لَهُ فِي غَيْبَةِ الْمَحْبُوبِ: فَظَاهِرٌ. لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ فَوَهْمُهُ يُغَالِطُهُ عَلَيْهِ وَيُكَابِرُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مَعَهُ. وَأَمَّا حَيَاءُ الْعُبُودِيَّةِ: فَهُوَ حَيَاءٌ مُمْتَزِجٌ مِنْ مَحَبَّةٍ وَخَوْفٍ، وَمُشَاهَدَةِ عَدَمِ صَلَاحِ عُبُودِيَّتِهِ لِمَعْبُودِهِ، وَأَنَّ قَدْرَهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْهَا. فَعُبُودِيَّتُهُ لَهُ تُوجِبُ اسْتِحْيَاءَهُ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ. وَأَمَّا حَيَاءُ الشَّرَفِ وَالْعِزَّةِ: فَحَيَاءُ النَّفْسِ الْعَظِيمَةِ الْكَبِيرَةِ إِذَا صَدَرَ مِنْهَا مَا هُوَ دُونَ قَدْرِهَا مِنْ بَذْلٍ أَوْ عَطَاءٍ وَإِحْسَانٍ. فَإِنَّهُ يَسْتَحْيِي مَعَ بَذْلِهِ حَيَاءَ شَرَفِ نَفْسٍ وَعِزَّةٍ. وَهَذَا لَهُ سَبَبَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا. وَالثَّانِي: اسْتِحْيَاؤُهُ مِنَ الْآخِذِ، حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ السَّائِلُ. حَتَّى إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكَرَمِ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِمُوَاجَهَتِهِ لِمَنْ يُعْطِيهِ حَيَاءً مِنْهُ. وَهَذَا يَدْخُلُ فِي حَيَاءِ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْ خَجْلَةِ الْآخِذِ. وَأَمَّا حَيَاءُ الْمَرْءِ مِنْ نَفْسِهِ: فَهُوَ حَيَاءُ النُّفُوسِ الشَّرِيفَةِ الْعَزِيزَةِ الرَّفِيعَةِ مِنْ رِضَاهَا لِنَفْسِهَا بِالنَّقْصِ، وَقَنَاعَتِهَا بِالدُّونِ. فَيَجِدُ نَفْسَهُ مُسْتَحِيًا مِنْ نَفْسِهِ، حَتَّى كَأَنَّ لَهُ نَفْسَيْنِ، يَسْتَحْيِي بِإِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى. وَهَذَا أَكْمَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَاءِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اسْتَحْيَى مِنْ نَفْسِهِ. فَهُوَ بِأَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ غَيْرِهِ أَجْدَرُ).

 

الخطبة الثانية

4 - مِنْ أخبار وقِصصِ أهل الحياء:

1- قِصَّة نبي الله مُوسى في مَدْيَنَ: قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 23 - 25].


2- قِصَّة النَّبيِّ مع أضيافه حِين بِنائه على زينب بنتِ جحشِ: قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾[الأحزاب: 53].

 

في صحيح البخاري، حديث (4793) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: «ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ» وَبَقِيَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا ثَلاثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ القَوْمَ خَرَجُوا فَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ البَابِ دَاخِلَةً، وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ.

 

وأخرجه مُسلمٌ. حديث 89 - (1428) بلفظ: عَنْ أَنَسٍ، وَهَذَا حَدِيثُ بَهْزٍ، قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ: «فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ»، قَالَ: فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي، حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا، فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي، وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي، فَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُكِ، قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي، فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، قَالَ، فَقَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعَمَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ رِجَالٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ الطَّعَامِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعْتُهُ، فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ، وَيَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أَخْبَرَنِي، قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ مَعَهُ، فَأَلْقَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَنَزَلَ الْحِجَابُ، قَالَ: وَوُعِظَ الْقَوْمُ بِمَا وُعِظُوا بِهِ. زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِي حَدِيثِهِ: ﴿ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ﴾ [الأحزاب: 53] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ وَاللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الأحزاب: 53].

 

وفي (أسباب النزول) للواحدي: (قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللَّهِ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَوْلَمَ عَلَيْهَا بِتَمْرٍ وَسويقٍ وَذَبَحَ شَاةً، قَالَ أَنَسٌ: وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ بِحَيْسٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَدْعُوَ أَصْحَابَهُ إِلَى الطَّعَامِ فَدَعَوْتُهُمْ، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَجِيئُونَ فَيَأْكُلُونَ فَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ الْقَوْمُ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ دَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ. فَقَالَ: "ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ" فَرَفَعُوا فَخَرَجَ الْقَوْمُ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَنْفَارٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَأَطَالُوا الْمُكْثَ، وَتَأَذَّى مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ شَدِيدَ الْحَيَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا).

 

3- في صحيح مُسلم، حديث 36 - (2401)... أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ- فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ»، وأخرجه البخاري- مُعَلَّقًا- في كتاب الصلاة. باب: (12) ما يُذكرُ في الفخذ: وَقَالَ أَبُو مُوسَى: «غَطَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ»، وأخرجه موصولًا. حديث (3695) بلفظ: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ»، فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. قَالَ حَمَّادٌ، وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ، سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى، بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا».

 

وفي (تأويل مُختلف الحديث) لابن قُتيبة: "55- قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ- هَلِ الْفَخْذُ مِنَ الْعَوْرَةِ؟ قَالُوا: رُويتُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَن بن جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهِ وَهُوَ كَاشِفٌ فَخْذَهُ، فَقَالَ: «غَطِّهَا؛ فَإِنَّ الْفَخْذَ مِنَ الْعَوْرَةِ». ثُمَّ رُويتُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ، كَاشِفًا فَخْذَهُ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَلَسَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: "أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ"، قَالُوا: وَهَذَا خلاف الحَدِيث الأول. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّه لَيْسَ هَهُنَا اخْتِلَافٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَوضِع، فَإذْ وُضِعَ بِمَوْضِعِهِ زَالَ مَا تَوَهَّمُوهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ. أَمَّا حَدِيثُ جَرْهَدٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ فَخْذَهُ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ وَبَيْنَ مَلَئِهِمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ: "وَارِ فَخْذَكَ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْعَوْرَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ"، وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنَّهَا عَوْرَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ غَيْرُهَا. وَالْعَوْرَةُ صِنْفَانِ: أَحَدُهُمَا فَرْجُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالدُّبُرُ مِنْهُمَا، وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتُرَاهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكُلِّ مَوْضِعٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ. وَالْعَوْرَةُ الْأُخْرَى: مَا دَانَاهُمَا مِنَ الْفَخْذِ، وَمِنْ مَرَاقِّ الْبَطْنِ.


• قلتُ: (أي: مارق مِنْهُ. منقول من هامش الكتاب. طبعة المكتب الإسلامي - مؤسسة الإشراق)، وَسُمِّيَ ذَلِكَ عَوْرَةً، لِإِحَاطَتِهِ بِالْعَوْرَةِ، وَدُنُوِّهِ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْعَوْرَةُ، هِيَ الَّتِي يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُبْدِيَهَا فِي الْحَمَّامِ، وَفِي الْمَوَاضِعِ الْخَالِيَةِ، وَفِي مَنْزِلِهِ، وَعِنْدَ نِسَائِهِ، وَلَا يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يُظْهِرَهَا بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي جَمَاعَاتِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ، وَلَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ حَلَّ لِلرَّجُلِ، يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يُظْهِرَهُ فِي الْمَجَامِعِ. فَإِنَّ الْأَكْلَ عَلَى الطَّرِيقِ وَفِي السُّوقِ حَلَالٌ، وَهُوَ قَبِيحٌ، وَوَطْء الرَّجُلِ أَمَتَهُ حَلَالٌ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَيْثُ تَرَاهُ النَّاسُ وَالْعُيُونُ. وَكَانُوا يَكْرَهُونَ الْوَجْسَ


• قلتُ: (أي: الصَّوْت الْخَفي. منقول مِنَ الطبعة المذكورة)، وَهُوَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ، بِحَيْثُ تُحِسُّ أَهْلُهُ الْأُخْرَى الْحَرَكَةَ وَتَسْمَعُ الصَّوْتَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ خَالِيًا، فَأَظْهَرَ فَخْذَهُ لِنِسَائِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَأْنَسُ بِهِ، فَلَمْ يَسْتُرْهُ، فَلَمَّا صَارُوا ثَلَاثَةً، كَرِهَ بِاجْتِمَاعِهِمْ مَا كَرِهَهُ لِجَرْهَدٍ، مِنْ إِبْدَائِهِ لِفَخْذِهِ بَيْنَ عَوَامِّ النَّاسِ، واستتر مِنْهُم).





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كم خسرت المجتمعات بغياب الحياء (خطبة)
  • تذكير الأتقياء بخلق الحياء (خطبة)
  • تذكير النبلاء بخلق الحياء (خطبة)
  • الحياء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مائة حديث في فضائل الصحابة رضي الله عنهم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوافي في فضائل يوم عرفة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل لا إله إلا الله(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • فضائل وثمرات الاستغفار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأخلاق: الحياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل الورع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل وغنائم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طلب العلم وتعليمه فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحسان للوالدين: فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/7/1447هـ - الساعة: 12:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب