• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تنبيه وتحذير من عصابات الدجل أو الابتزاز
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: ...
    د. حسناء علي فريد
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة النصر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    هل الزيادة دنيوية أم دينية في قوله تعالى: {لئن ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    بادروا إلى الأعمال الصالحة (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    هدايات سورة النحل (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    تحرير رواية ابن عباس في أن الرفث في الحج ما قيل ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    وجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطورة الغش وأهم صوره
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    تفسير سورة القارعة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    أبو الحسن علي (خطبة)
    د. محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم بلوش ...
  •  
    فرص وكنوز ليالي الشتاء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    {ألم نجعل الأرض مهادا}
    د. خالد النجار
  •  
    الصدقة على النفس كل يوم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

بادروا إلى الأعمال الصالحة (خطبة)

بادروا إلى الأعمال الصالحة (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2025 ميلادي - 3/7/1447 هجري

الزيارات: 210

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بادروا إلى الأعمال الصالحة


الخطبـة الأولى

إن الحمد لله، نَحمَده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

عباد الله، اعلموا أن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم من البدع والضلالات والنار؛ أما بعد:

فأيها المؤمنون؛ روى ابن حبان في صحيحه بسندٍ حسَّنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ولبعض ألفاظه شواهد في الصحيحين، عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عمِلَ به العبدُ دخل الجنة، قال: "يؤمنُ بالله"، قلتُ: يا رسول الله، إن مع الإيمان عملًا، قال: "يرضَخُ مما رزَقَه الله"، يعني: يتصدَّق، قلتُ: وإن كان مُعدِمًا لا شيء له، قال: "يقول معروفًا بلسانه"، قلتُ: فإن كان عيِيًّا لا يُبلِغُ عنه لسانُه، قال: "فيُعينُ مغلوبًا"، قلتُ: فإن كان ضعيفًا لا قدرة له، قال: "فليصنع لأخرق"، قلتُ: فإن كان أخرق - يعني: لا يُحسِنُ صنعة - فالتفتَ إليَّ، فقال: "ما تريدُ أن تدَعَ في صاحبك شيئًا من الخير، فليَدَع الناسَ من أذاه"، قلتُ: يا رسول الله، إن هذا كلَّه ليسير، قال: "والذي نفسي بيده، ما من عبدٍ يعملُ بخصلةٍ منها يريدُ منها ما عند الله، إلا أخذَت بيده يوم القيامة حتى يدخل الجنة".

 

أيها المؤمنون، هذا الحديث النبوي الشريف يبيِّن لنا حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على سؤاله عن الأعمال الصالحة التي مَن عمِلها كانت من أسباب رضوان الله عن العبد، ودخوله الجنة، وسنجعل من هذا الحديث النبوي في هذه الخطبة مدخلًا للحديث عن الأعمال الصالحة، وسيدور حديثنا فيها عن أهمية الأعمال الصالحة، وعن أنواعها، وعن ثمراتها في الدنيا والآخرة؟

 

أيها المؤمنون، خلق الله تعالى الجن والإنس لعبادته وطاعته، وتكفَّل لهم بأمور أرزاقهم ومعايشهم؛ حتى يقوموا بعبادته وحده لا شريك له؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ [الذاريات: 56، 57].

 

وخلق السماوات والأرض، وما فيها من عوالِمَ ومخلوقات متنوعة، وسخر ما فيهما لبني آدم؛ ليَختبرهم أيهم سيُحسن أعماله وَفْق ما أمره الله به؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7].

 

وقد زيَّن الله تعالى هذه الأرض بأنواع من الشهوات المتعددة، والمتَع المتنوعة؛ ليختبرنا أينا سيعمل أعمالًا صالحة حسنة وَفق منهاج الله وشرعة، ومَن سيجاهد شيطانه وهواه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7].

 

أيها المؤمنون، إنما خلق الله الموت والحياة؛ ليبتلي الناس بعمل الأعمال الصالحة الحسنة التي ستكون من أسباب سعادتهم في دنياهم وبعد مماتهم؛ قال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1- 2].

 

وهذه الأعمال التي عمِلناها في الدنيا لن يُضيع الله منها شيئًا، وسيَجزينا عليها في الآخرة أحسنَ الجزاء وأعظمَ الثواب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30].

 

أيها المؤمنون، نحن في عصر كثُرت فيه فتنُ الشبهات والشهوات التي قد تَعصِف بإيمان العبد، فيَنقلِب على عقبَيه من الإيمان إلى الكفر، ومن الهداية إلى الضلالة في قت قصير، وهذه الفتن من كثرتها قد تدفع المؤمن إلى أن يَبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليلٍ، ولا عاصم لنا من ذلك إلا بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة، وهو ما دلنا عليه نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: ((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ، فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِن الدُّنْيَا))؛ قال الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُحَرِّمًا لِدَمِ أَخِيهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ، وَيُمْسِي مُسْتَحِلًّا لَهُ، وَيُمْسِي مُسْتَحِلًّا لَهُ، وَيُصْبِحُ مُحَرِّمًا لَهُ.

 

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الفتن من كثرتها، أنها تُشبه قطرات المطر التي ستصيب كلَّ مَن تعرَّض لها، ولن يَسلَمَ منها إلا من سلَّمه الله؛ روى الشيخان عَنْ أُسَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْر)).

 

أيها المؤمنون، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المؤمنين بالمبادرة إلى عمل الأعمال الصالحة، وهم في زمن السعة والإمهال، قبل أن تَحِل بساحتهم موانعُ الأعمال الصالحة وقواطعها، وهي موانع كثيرة، إن سلِم المؤمن من واحدة منها، لم يَسلم من الأخرى؛ روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسن، عن أبي هريرة رضيَ اللَّه عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: ((بادِروا بالأعمالِ سبعًا: هل تنظرون إلا فقرًا مُنسِيًا، أو غنًى مُطغِيًا، أو مرضًا مُفسِدًا، أو هرَمًا مُفنِّدًا، أو موتًا مُجهِزًا، أو الدَّجَّالَ، فشرٌّ غائبٌ يُنتَظرُ، أو السَّاعةُ، فالسَّاعةُ أدهى وأمرُّ)).

 

وهذه الموانع يَجدُر بنا أن نقف عندها في هذه الخطبة بما يتناسب مع وقتها المحدد، وأول هذه الآفات الفقر الذي ينسي صاحبه عمل الأعمال الصالحة، وذلك لأن الفقر يَجلب لصاحبه الهموم والغموم، ويُنسي الاهتمام بالأعمال الصالحة التي تَنفعه في أخراه.

 

أما الآفة الثانية، فهي الغنى المطغي، فإذا كثُر المال مع إنسان لا دين له، جعَل من ماله وسيلة للحصول على أكبر قدر من الملذات والشهوات، ويأخذها مِن حِلِّها وحرامها، وحين ينغمس في هذه الملذات والشهوات، لا يجد في وقته متسعًا لعمل الأعمال الصالحة، وهنا يحمله هذا الغنى على الكفر والطغيان؛ كما قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق 6: 7].

 

أيها المؤمنون، أما الآفة الثالثة، فهي أن يصاب الإنسان بمرض يُفسد عليه بدنه، فلا يستطيع القيام بكثيرٍ من العبادات والطاعات التي كان يقوم بها عندما كان صحيحًا معافًى، فالصحة والسلامة من الأمراض والأسقام نعمةٌ ينبغي للمؤمن أن يَستغلَّها في طاعة ربِّه؛ روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ والفراغ)).

 

أما الآفة الرابعة، فهي الموت المجهز على صاحبه، فلو سلِم الإنسان من المرض، وكان في أتم صحة وعافية، فإنه معرَّض لموتٍ مُجهز سريعٍ، يأتيه على حين غفلة منه، وهو في كامل صحته وعافيته، وما أكثر ما نسمَع من أخبار موت الفجأة في عصرنا! وكم خطَف موت الفجأة من أناس وهم في كامل صحتهم، والقصص في ذلك كثيرة ومشهورة، وصدق الله القائل: ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف:34].

 

أما الآفة الخامسة، فهي الهرم المفنِّد، فإذا مد الله في عمر الإنسان وطال عمره، فإن الإنسان معرَّض لأن يُرَدَّ إلى أرذل العمر، ويصل إلى الشيخوخة المتقدِّمة، ورُبَّما يصاب بالهذيان والخَرَف، وفِقدان الذاكرة، عند ذلك لن يقوم بعبادة ربه، ولن يتمتع بحياته، وصدق الله القائل: ﴿ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 68]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [النحل:70].

 

أيها المؤمنون، أما الآفة السادسة، فهي فتنة المسيح الدجَّال، وفتنة الدجال فتنة عظيمة؛ لأن الله يُجري على يديه خوارقَ عظيمة وفتنًا جسيمة، ولا ينجو من فتنته إلا مَن ثبَّته الله، وكان معه رصيد سابق من علم نافعٍ وأعمال صالحةٍ، ولِعِظَم فتنة الدجال فقد حذَّر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشدَّ تحذيرٍ، وأمر أمَّته أن يستعيذوا بالله منه، ومن فتنته في دبر كلِّ صلاة.

 

أما الآفة السابعة، فهي قيام الساعة، وهي أشد الآفات وأعظم البليَّات، فقيام الساعة حدث رهيب وعصيب، وقد وصف الله الساعة بأنها أدهى وأمرُّ؛ قال الله تعالى: ﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾، والمعنى أن قيام الساعة أشدُّ المصائب وأكثرُ مرارةً من كل المصائب التي مرَّ بها الإنسان في دنياه، لمن غفَل عنها ولم يَعُدَّ لها العدة؛ من أعمال صالحةٍ ومن عباداتٍ وقرباتٍ قبل حلولها وقدومها.

 

أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يَجعلنا وإياكم من المبادرين إلى الأعمال الصالحة في كل وقت وحين، قلت ما قد سمعتم، فاستغفروا الله يا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكُره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيها المؤمنون، الأعمال الصالحة المطلوب من المسلم القيام بها على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: أعمال صالحة يعود نفعُها على صاحبها فقط، ولا يتعدَّى نفعها إلى غيره؛ كالصلاة والصيام، وقد رغَّب الإسلام في القيام بهذه العبادات، وذكر بعضًا من فضائلها، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟! قال: "الصلاةُ في جوف الليل"، قال: فأيُّ الصيام أفضل بعد رمضان؟! قال: "شهر الله المُحرَّم".

 

ومن الأعمال الصالحة التي يقتصر نفعُها على صاحبها: ذكر الله تعالى؛ روى أحمد والترمذي والحاكم، وصحَّحه عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبِركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق - أي: الفضة - وخيرٌ لكم مِن أن تلقَوا العدو، فتَضرِبوا أعناقكم ويضرِبوا أعناقكم؟!"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكرُ الله.

 

أيها المؤمنون، النوع الثاني من الأعمال الصالحة: أعمال صالحة يتعدَّى نفعُها من صاحبها إلى غيره من الخلق، وهذه الأعمال أجرُها عند الله عظيمٌ، ومن تلك الأعمال بذلُ المعروف للناس والإحسانُ إليهم، والسعي في قضاء حوائجهم؛ روى الطبراني في معجمه الصغير بسند حسَّنه الألباني في صحيح الجامع عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرورْ تُدخله على مسلم، أو تَكشِف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تَطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرًا)).

 

أيها المؤمنون، من عظمة الإسلام أنه جعل من الأعمال الصالحة الإحسان إلى غير بني آدم من ذوات الأكباد الظامئة والبطون الجائعة، ففي الصحيحين قال - صلى الله عليه وسلم -: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر"، وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن امرأةً بغيًّا سقَت كلبًا، فغفر الله لها".

 

أيها المؤمنون، النوع الثالث من أنواع الأعمال الصالحة أن يكفَّ الإنسان شرَّه عن الناس، فإن عجز الإنسان عن نفع الناس، فلا أقل من أن يكفَّ شرَّه عنهم، وهو بفعله هذا كأنه تصدَّق على نفسه، ففي الصحيحين فعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضل؟! قال: "الإيمانُ بالله، والجهادُ في سبيل الله"، قلتُ: أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل؟! قال: "تكُفُّ شرَّك عن الناس، فإنها صدقةٌ منك على نفسك".

 

أيها المؤمنون، قوموا بما فرض الله عليكم من الأعمال الصالحة حق القيام، وتحرَّوا في أعمالكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتكون أعمالكم مقبولة عند ربِّكم، واستكثِروا من الأعمال الصالحات، فهي سبب فلاحكم في دنياكم وأخراكم، فقد قال ربُّكم جل جلاله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ الحج:77].

 

نسأل الله أن يوفِّقنا وإياكم لعمل الصالحات، وأن يكفر عنا السيئات، وأن يُدخلنا به الجنة دار رحمته، ويُنجينا به من عذاب جهنم، إنه سميعُ الدعاء.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

 

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنَّك حميدٌ مجيد.

 

وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حَوزة الدين. اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارِك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارِك له في أهله وولده، وبارِك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.

 

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خيرُ مَن زكاها، أنت وليُّها ومولاها.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

 

اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عِصمة أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعَل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموت راحةً لنا من كل شرٍّ.

 

اللهم اغفِر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

 

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأعمال الصالحة ورزق الإنسان
  • فضائل الأعمال الصالحة
  • فضل إخفاء الأعمال الصالحة
  • اغتنام العشر الأواخر بالأعمال الصالحة (خطبة)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل إلى الله بصالح الأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ادعوا الله بصالح أعمالكم وأخلصها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: القدوة الصالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن أعمال ترفع الدرجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العشر الأواخر من رمضان وأسرار الاعتكاف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/7/1447هـ - الساعة: 16:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب