• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحرير رواية ابن عباس في أن الرفث في الحج ما قيل ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    وجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطورة الغش وأهم صوره
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    تفسير سورة القارعة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    أبو الحسن علي (خطبة)
    د. محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم بلوش ...
  •  
    فرص وكنوز ليالي الشتاء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    {ألم نجعل الأرض مهادا}
    د. خالد النجار
  •  
    الصدقة على النفس كل يوم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير
    أحمد بن سليمان المنيفي
  •  
    عظمة وكرم (خطبة) - باللغة الإندونيسية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    عناية الإسلام بالمرأة وحفظه لحقوقها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آفات اللسان (4) اللعن (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    الحديث الثاني والعشرون: وجوب الابتعاد عن الغضب؛ ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    إشراقة آية: ﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ﴾
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تحرير رواية ابن عباس في أن الرفث في الحج ما قيل عند النساء

الشيخ عايد بن محمد التميمي

عدد الصفحات:21
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 21/12/2025 ميلادي - 2/7/1447 هجري

الزيارات: 99

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

 

اشتَهر عن ابن عباسٍ رضي الله عنه[1] تفسيره الرفث في الحج بالرفث القولي المقيد بـ"ما قيل عند النساء"، أو "ما رُوجع به النساء"، وإنشاده البيت وهو مُحرِمٌ: وَهنَّ يمشين بنا هميسا ... إلخ[2].

 

وهذه هي إحدى روايات تفسير ابن عباس الرفث في هذه الآية، وقد اختُلف في إسناد هذه الرواية في الجملة على زياد بن حصين؛ فتروى عنه عن أبيه[3]، وعنه عن أبي العالية، ورواه عبدالرزاق في مصنفه (4/  418) عن معمر عن عوف عن زياد عن أبيه، أو عن أبي العالية، (كذا على الشك).

 

وقد ذكر الشيخ سعد الحميد في تخريجه سننَ سعيد بن منصور (354) أنَّ الأرجح من رواية عوف عن زياد أنها عن أبيه (وهي في سنن سعيد بن منصور وغيره)، لا عن أبي العالية[4].

 

لكن الرواية عن زياد نفسه:

جاء في كلام أبي حاتم في كتابي: "العلل" و"الجرح والتعديل" - أن الأصح فيها أنها عن أبي العالية؛ لأنها رواية البصريين عنه، وأما الأخرى فرواية الكوفيين عنه، كذا نقل ابنه كلامه في كتابيه[5].

 

ولكننا لم نقِف على رواية زياد إياها عن أبي العالية إلا من رواية راويين كوفيين فحسب[6].

 

وعوف بصري، والأصح في روايته كما سبق أنها عن زياد عن أبيه[7].

 

ولم نقف على رواية كوفي هذه الرواية عن زياد عن أبيه، والأظهر أن يكون مراد أبي حاتم عكس ذلك؛ فتكون رواية من رواه عن زياد عن أبيه أصح عند أبي حاتم.

 

وكما سبق فإن أباه حصينًا مجهولٌ، ولا يَعرف أبو حاتم راويًا عنه غير ابنه زياد؛ فتكون روايةً غير صحيحة عند أبي حاتم، والله أعلم.

 

وقد جاءت رواية ابن عباس هذه عند ابن جرير في تفسيره (3/  459)، من طريق قتادة عن رجل عن أبي العالية به، وهذا كما ترى إسناد فيه إبهام[8]، وقد رواه ابن قتيبة في كتابه "عيون الأخبار"[9] من طريق شعبة عن قتادة عن أبي العالية به، لكن راويه عن شعبة: حجاج بن نُصير، وهو الفساطيطي البصري، وهو ضعيف، والراوي عنه - شيخ ابن قتيبة - يزيد بن عمرو: هو ابن البراء الغنوي، كما صرح ابن قتيبة باسمه كاملًا في كتابه غريب الحديث، وهو مجهول؛ لا يُعرف فيه جرحٌ أو تعديل، وقد ذكره ابن حبان في ثِقاته وسكت عنه، وقال الألباني في الضعيفة (345): (لم أَعرِفْه)، وقال شاكر في حاشية الطبري: (لم أجد له ترجمة).

 

فالأصح في رواية قتادة ما رواه ابن جرير في تفسيره؛ فإنها عن بندار عن غندر عنه، وهي أصح دون شك.

 

إذًا فرواية ابن عباس هذه في تفسير الآية في إسناديها جهالة، والحكم بالجهالة في رواية زياد هو الأظهر من مقتضى تقرير أبي حاتم.

 

ولرواية ابن عباس هذه علة أخرى أشار إليها الإمام أحمد[10]؛ فإنه حين سُئل عن رواية ابن عباس هذه، وتكرَّر السؤال عليه، كرر - رحمه الله - الجواب ثلاث مرار بأنها رواية مختلَف في إسنادها، ولم يرجِّح أيًّا من الوجهين، وقال: لا أدري، فكأنه يُعلها بالاختلاف، أو على أقل تقدير: يتوقَّف فيها[11].

 

ومن الاختلافات في رواية زياد هذه في المتن:

إضافة إلى ما سبق من الاختلاف في الإسناد -: ما في رواية إسحاق عن شريك[12] عن الأعمش عن زياد عن أبي العالية؛ فإن فيها جوابًا مختلفًا، وهو أنه حين قال أبو العالية لابن عباس بعد إنشاده البيت: أليس هذا الرفث؟ قال: "لا، إنما الرفث إتيان النساء والمجامعة"؛ رواه ابن جرير في تفسيره (3/  464)[13].

 

ومن الاختلافات في المتن أيضًا:

سقوط لفظة الشاهد في البيت في رواية إسحاق عن شريك سالفة الذكر، بل سقط الشطر الثاني كاملًا في رواية جرير (هو ابن عبدالحميد الضبي) عن الأعمش عند الحاكم في المستدرك (4/  101 - وصححه)، والبيهقي في سننه الكبير (5/  67) من طريقه[14].

 

وذكر الذهبي في مهذَّب السنن الكبير (4/  1811 رقم 7797) أنه رواه جماعة عن الأعمش عن زياد عن أبي العالية، وذكر الشطر الأول فقط.

 

لكن الثوري وغيره يَروونه عن الأعمش، فيذكرون البيت كاملًا، كذلك عون [الصواب: عوف] عن زياد عن أبي العالية عند ابن جرير، والظاهر في رواية شريك عن الأعمش عن زياد عن أبي العالية عند ابن جرير أن شريكًا هو من أبهم محل الشاهد[15]، وكذا لا يذكر بعض الفقهاء محل الشاهد حين يذكرون رواية ابن عباس هذه، كحرب الكرماني (ت280) في مسائله وأبي إسحاق الحربي (ت 285) في غريب الحديث (3/  1109)، وابن قدامة (ت620) في المغني (5/  112)، بل كذلك يصنع عدة من اللغويين -كصاحب العين - ممن لم يذكروه في أي موضع تامًّا[16]، فيحتمل أن ذلك عن قصد منهم، لكن احتمال عدم ذكرهم الشطر الثاني لأجل الاختصار أظهر في كلام هؤلاء اللغويين مما هو في كلام بعض من سَمَّيناهم من الفقهاء، فالحربي مثلًا في كتابه "غريب الحديث"، لم يختصر الأبيات التي قبل أو بعد شطر البيت هنا، بل اقتصاره في كتابه عامة على الشطر الأول دون الثاني قليل جدًّا، مقارنةً بذكر البيت تامًّا بشطريه.

 

وروى ابن قتيبة (ت 276) في كتابه "عيون الأخبار"[17] الشطر الثاني بلفظ: "ننل"، وابن قتيبة أعرفُ برواية الشعر من غيره ممن رووا هذا الأثر مسندًا[18]، وقد يَشهَد لها أن في بعض نسخ مصنف ابن أبي شيبة: "يكن لميسًا" أو: "لم يكن لميسًا"[19].

 

وها هنا أيضًا إشكالٌ لفظي معنوي في أثر ابن عباس - محل النقاش - وهو الفرق بين ألفاظ القيد فيه، فمن التعبيرات عنه[20]: "ما قيل بحضرة النساء"[21]، أو "بحضرتهنَّ"[22]، أو "عند النساء"[23]، أو "بين أيديهن"[24]، أو "ما ووجه به النساء"[25]، أو "ما خُوطِب به النساء"[26]، أو مخاطبة الزوجة بذلك[27]، أو "ما روجِع به النساء"[28]، أو "مراجعة النساء"[29]، وما رُوجع به النساء ومراجعتهنَّ أخصُّ مما قيل بحضرتهنَّ، كذا مخاطبة النساء أو الزوجة بذلك، لكن الفرق في المراجعة أظهر، فإن فيها رجوع الكلام بين الطرفين كالمناقشة والمحاورة[30]، ولا تكاد تجد التنبيه على الفروق هنا عند هذه المسألة، بل نجد بعضهم يتسهل بتأول بعض ألفاظه أو يَشرَحها بما هو أعمُّ أو أخص، فأبو المظفر السمعاني (ت 489) في تفسيره (1/  200) يَشرح رواية "ما روجِع به النساء" بقوله: "أي يذكر في مشاهدتهن"، كذا قال، وهو تفسير أخص بأعم، وبعكس ذلك نجد ابن جرير (3/  477) يجعل من معنى "عند النساء": فيُصرح لهنَّ بجماعهنَّ". وهذا تقييدٌ مضاف إلى أصل القول، خاصة قول ابن عباس.

 

وجعل أبو علي الفارسي معنى التعريض بالجماع:

أي عند النساء ويراجعنَّ به، واستدل برواية أخرى[31]، وقال مجد الدين ابن الأثير (ت 606) - شارحًا رواية ابن عباس: ما روجِع به النساء -: "كأنه يرى الرفث الذي نهى الله عنه ما خوطِبت به المرأة، فأما ما يقوله ولم تسمعه امرأة، فغيرُ داخل فيه"؛ النهاية (2/  24)، ومثله في إتحاف السادة المتقين للزَّبيدي (4/  270)، (4/  435) (طبعة الميمنية، سنة1311)، وأصله كلام الأزهري (ت370) في تهذيب اللغة (15/  78 -دار الكتاب العربي)، (لكن الازهري لم يتشكَّك بعبارة: "كأنه" كما تشكَّك صاحبا النهاية والإتحاف)، ونقل كلام الأزهري جماعة[32]، كذا قالوا، وبين هاتين الصورتين - كما لا يخفى -: صورة ما تسمعه النساء ولا تخاطب به ولا تراجع، فهل هو عندهم داخل في حكمه أم لا؟ وتأمل تعبير ابن الأثير والزَبيدي بـ"كأنه" الذي يدل على شكهم في تمام فَهْم مراد ابن عباس.

 

كما اختلفت عباراتهم في الرفث القولي أصلًا؛ هل هو التعريض أم التصريح؟ فبعضهم فسَّره بالتصريح[33]، وبعضهم بالتعريض[34]، وبعضهم بهما[35]، وقد لا يكون ذكر التصريح والتعريض من باب الخلاف، (أو التناقض إن كان من قائل واحد)، إذا خرجنا الاختلاف هنا على تغاير المراد بالتصريح وعدمه، أهو في اللفظة والعبارة، أم بالمخاطب والمقصود؟ والله أعلم.

 

ويُضاف إلى ما سبق أنه قد جاء عن ابن عباس غير هذا القول الذي في هذه الرواية محل النقاش، فقد فسر الرفث في آية الحج بالجماع في رواية خصيف عن مقسم (ابن أبي شيبة وابن جرير)، وعاصم الأحول عن بكر (ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم)، والتميمي (ابن جرير)، وحجاج عن عطاء (سعيد بن منصور)، وعبدالملك عن عطاء (ابن جرير)، وأبي الضحى (ابن جرير)، والضحاك (ابن جرير)، والعوفيين (ابن جرير) وعكرمة، (ذكره البخاري في صحيحه 1572)، كلهم عن ابن عباس (في آية الحج خاصة)، وهو قول جمهور العلماء من السلف والخلف[36]، وبعض العلماء يقتصر على هذه الرواية عن ابن عباس[37]، أو يذكر أكثر من رواية عنه، لكن لا يذكر رواية التقييد بأنه ما ذكر عند النساء[38]، وكثيرٌ منهم إن ذكر رواية التقييد أخَّرها[39]، وكذا جلُّ تفاسير أصحاب ابن عباس للرفث ليس فيها التقييد بما قيل عند النساء؛ كما عن مجاهد وسعيد بن جبير وطاوس وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار وعكرمة[40].

 

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه إطلاقه أن الرفث في الحج التعريض[41] بذكر الجماع؛ رواه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق ابن طاوس عن أبيه عنه، وعند سعيد بن منصور (338) وغيره من الطريق نفسه: "الرفث في الحج العرابة (وعند عبدالرزاق وابن جرير: الإعرابة)، والتعريض بذكر النكاح"[42]، وليس في روايات طاوس هذه عن ابن عباس التقييد بما قيل عند النساء، لكن جاء عند البيهقي من طريق علي بن عاصم عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: "التعرض للنساء بالجماع"، وضعَّفه الذهبي في مهذَّب السنن الكبير (7795)، ورواه العقيلي والطبراني من طريق ابن طاوس به مرفوعًا، لكنه لا يصح، وقد أعلَّه العقيلي في الضعفاء (3/  19-20)، والضياء في المختارة والذهبي في الميزان، وأغرب السيوطي في الجامع والمناوي في التيسير فصحَّحاها مرفوعة، وقال السيوطي في الإتقان: بسند لا بأس به؛ كذا قال، مع أن ضعفه مرفوعًا ظاهرٌ جدًّا، ورواه ابن جرير في تفسيره (3/  458) عن ابن طاوس من قوله بنحو اللفظ السابق: "التعريض للنساء بالجماع".

 

والرواية عن ابن عباس في تفسير الآية بنحو ما قيل عند النساء، لو صحَّت فإنها لا تنفي عدَّه الجماعَ من الرفث؛ فإنه قد ثبت عنه النص عليه (أعني تفسير الرفث بالجماع)، ثم هو لا شك أَولى، وقد حكى غيرُ واحدٍ من العلماء الاتفاقَ على دخوله في معنى الرفث: (وإنما الخلاف في دخول ما دون ذلك)، ولذلك جاء عن ابن عباس من رواية سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عنه (عند ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما) - أن التعريض بذكر الجماع هي العرابة (بكسر العين أو فتحها)، وأنها أدنى الرفث؛ كذا قال، أي: هي نوع منه، وهو أدناه، وفي رواية لابن جرير وغيره من طريق ابن طاوس عن أبيه عنه أيضًا أن التعريض بذكر الجماع من الرفث، (وهو أصح أسانيد رواية طاوس عنه، ونحوه في الجعديات (2197) عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس)، وتأمل التبعيض هنا بـ"من"، وهي كذلك بالتبعيض في رواية أبي الزبير عن طاوس[43]، وهذا التبعيض يفيد هنا دفعَ قصد التقييد، وأن مفهوم جواز سواه غير معتبر، ولعله لذلك عمَّم ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة عنه (عند ابن جرير وغيره) معاني الرفث.

 

والخلاصة:

أن هناك أكثر من عشر روايات عن ابن عباس يفسِّر فيها آية: {فَلَا رَفَثَ} بغير هذا التفسير المقيَّد بنحو ما قيل عند النساء، وكذا جلُّ تفاسير أصحابه، وقول عامة العلماء على خلاف هذا القيد في معنى الآية، ولا دلالة على حصره في اللغة بذلك.

 

والرفث أصله القول الفاحش أو قول الفحش[44]، كما قرَّر ذلك جماعة من اللغويين والمفسرين وغيرهم؛ كالزجاج في معاني القرآن (1/  132)، والأزهري في التهذيب (15/  77 - دار الكتاب العربي)، والماوردي في النكت، (وفسَّر الفُحش بذكر الجماع في غير موضعه)، والواحدي في البسيط، وبيان الحق في إيجاز البيان وباهر البرهان، والرازي في تفسيره، وابن الفرس في أحكامه، وكذا فسَّر غيرُ واحدٍ من العلماء العرابة أو الإعرابة التي جاء ذكرها - في بعض روايات تفسير ابن عباس وغيره - هذه الآيةَ بنحو ذلك؛ قال الخطابي (ت 388): "معنى العرابة ما قَبُحَ من الكلام والتعريب مثله"[45].

 

وقد جعل أبو إسحاق الشاطبي (ت 795) في كتابه "الموافقات" روايةَ ابن عباس - محل النقاش - من باب المنهي عنه الذي تُجيزه مصلحة البيان؛ هذا مُحصل تقريره[46].

 

وقد يدل على ذلك أن هذه الرواية لو صحت لكانت من الأمر النادر جدًّا في الصحابة ومَن تبِعهم؛ فكأنه من باب الحاجة التي تقدَّر بقدرها[47]؛ لأنه لو كان مفسوحًا لهم مطلقًا لوجدنا أمثلة كثيرة في ذلك؛ لأن الصحابة ومَن تبِعهم يَكثُر استشهادهم بالشعر، والأشعار يَكثُر فيها وصف النساء والمجون والفحش[48]، وعلى تقرير الشاطبي السابق ينبغي أن يكون الفرق بين ما في أثر ابن عباس من النهي حال الإحرام، وما ليس منهيًّا عنه في غير الإحرام: أن ما ليس منهيًّا عنه هو ما قيل عند زوجة في غير حج وعمرة، أما في الحج والعمرة، فحتى إن قيل عند زوجة، فهو منهي عنه[49]، ولقائل أن يقول: البيان يسهل هنا دون حاجة إلى إنشاد ما فيه فُحش، والله أعلم.

 

وقد ذكر الشاطبي في كتابه الآخر "الاعتصام" أن الشعر الجائز إنشاده هو ما لا رفث فيه، وأن ذلك الذي كان عليه عملُ الصحابة والتابعين، ومَن يُقتدَى به من العلماء[50].

 

وذكر النووي (ت 676) عن العلماء كافة أن الشعر الذي فيه فُحش ونحوه لا يُباح إنشاده، وأن ما فيه فُحش ونحوه هو الذي أنكره الخلفاء وأئمة الصحابة، وفضلاءُ السلف[51].

 

وذكر ابن رجب (ت795) أن إنشاد شعر الجاهلية الذي كان يترخَّص فيه الصحابة إنما كان مما ليس فيما حرَّم الله من وصف خمر ونحوه[52]، وذكر أن ما جاء عن التابعين من الرُّخصة في الشعر يُحمَل على ذلك أيضًا[53].

 

وقال عطاء - أعلم تلاميذ ابن عباس بالمناسك -:

لا بأس بالشعر للمحرم ما لم يكن فحشًا[54]، وقد قيل: إنما الخلاف في المراد من الرفث في آية الحج (سورة البقرة: 197) خاصة، وإلا فالكل ممنوع[55]. وذكر أبو حامد الغزالي (ت505) أنه كذلك يَحرُم سماع الشعر الذي فيه شيء من الخنا والفحش، خلافًا لشعر النَّسيب[56].

 

حتى ابن قتيبة (ت276) على توسُّعه في نقل بعض ذلك، ومشابهته بعض[57] طريقة الجاحظ هنا في مغالطاته الحجاجية، واستخفافه بمخالفيه[58]، فإنه مع ذلك انتقد الإكثار من نقل ألفاظ الرفث في الأدب[59]، وكذلك استنكَر أن يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب أدبي، قد ذُكرت فيه أقوال فاحشة[60]، بل نجد المتنبي وهو الشاعر المحض قد استهزأ مرةً بشاعر وبقصيدته لأجل ما فيها من المجون والخلاعة[61].

 

وإنشاد كلام غيرك من أبيات الجاهليين ليس كوصفك الذاتي، وإنشاد أبيات الجاهليين قد لا يظهر فيه قصدُ الوصف الذي قصَده الشاعر معنًى، بله شخصًا، وقد يكون إنشادها للاستشهاد بمعنى أو مَثَل فيها، أو مدارسة لغوية ونحوية وأدبية[62].

 

ويُنبه أخيرًا:

إلى أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة ليس ككلام غيره، وحال الحاجة غير السَّعة، وما كان من باب مقابلة الكلام السيئ بجنسه ليس كالتفكُّه بذلك الكلام ابتداءً، وما يحتمل من كلام السلف أنه خطأ، أو كان أول الإسلام، ليس كغيره، والتلفظ بشيء حال فورة الغضب (خاصة في الحرب وشدة الإساءة؛ كالاتهام بخِذلان النبي صلى الله عليه وسلم) - ليس كقول ذلك ابتداءً دون داعٍ ولا دافعٍ في حال التبسُّط، بله الإفتاء بذلك وتسويغه عمليًّا مطلقًا، مع فروقٍ أخرى سبقت الإشارة إلى بعضها، والله أعلم.

فعليك بالتفصيل والتبيُّن فال
إطلاق والإجمالُ دون بيانِ
قد أفسدا هذا الوجودَ وخبطا ال
أذهان والآراء كل زمان

 

تنبيهات:

1- النقاش السابق كله في تفسير الرفث في آية الحج خاصة، أما الرفث في آية الصيام فهو الجماع بلا خلاف؛ كما قال الجصاص في أحكام القرآن (1/  383)، وابن عبد البر في الاستذكار (10/  246)، والباجي في المنتقى (3/  18)، وغيرهم[63].

 

2- قال ابن العربي المالكي (ت 543) في أحكام القرآن (1/  150) - معلقًا على تفسير الرفث في آية الحج برواية ابن عباس المقيدة بما قيل عند النساء -: (وفيه نظر؛ فإن الحج مُنع فيه من التلفظ بالنكاح، وهي كلمة، فكيف بالاسترسال على القول يذكر كله، وهذه بديعة)؛ كذا قال، وفي نظره نظرٌ؛ فالكلمة التي يُعقَدُ بها، ليست ككلمةٍ غُفْلٍ من العقد.

 

3- عن ثعلب (ت291) في تفسير آية الحج: (هو ألَّا يأخذ ما عليه من القشف، مثل تقليم الأظفار ونتْف الإبط، وحلق العانة، وما أشبهه، فإن أخذ ذلك كله فليس هناك رفث)[64]. وهذا تفسير غريب، لم أرَ مَن سبقه به أو تبِعه، والله أعلم.



[1] وقد كرر الجاحظ الاحتجاج به، بل جعله أساس الاحتجاج بالسلف في هذا الباب لمذهبه المتسع، والدليلَ المكتَفى بمثله في تجويز ذكر الألفاظ الفاحشة؛ فإنه قال في كتابه الحيوان (3/  40) بعد ذكره هذه الرواية والبيت محتجًّا على مخالفي مذهبه: (وقد كان لهم في عبدالله بن عباس مقنع)؛ يعني في تجويز ذلك.

والجاحظ هو شيخ المحاجين في هذه الأمور (أي: تدوين المجون وإنشاده)، (عبدالله الرشيد، تدوين المجون، ص200)، وفي موضع آخر ذكر أثرًا في الباب عن علي، وعلق عليه نحو تعليقه على أثر ابن عباس؛ فقال: (فعلَى عليٍّ المعوَّلُ في تنزيه اللفظ وتشريف المعاني)؛ الحيوان (3/  42)، وأثر عليٍّ الذي ذكره هو وغيره من الأدباء لا يُعرف له إسنادٌ أصلًا، والله أعلم.

وقد كرَّر الجاحظ كثيرًا تقرير هذا الأمر والاستخفاف بمخالفيه، واستعمل في سبيل ذلك أساليبَ تضمنت مغالطات عدة.

[2] وهو بيت مع كثرة تداوله لا يُعرف قائله، ولا يُعرف له مصدرٌ إلا عن ابن عباس في هذه الرواية التي ستأتي مناقشتها، (وانظر: حاشية شاكر على تفسير ابن جرير، 4/ 126)، والمشهور أن لميسًا اسم امرأة، وقيل: ليس اسم امرأة؛ (انظر: أبوعلي الفارسي، الحجة، 2/ 289).

[3] وأبوه حصين بن قيس مجهول؛ ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وسكَتا عنه، ولا يُعلم فيه جرح أو تعديل، وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه لا يَعلم مَن روى عنه غير ابنه زياد.

[4] وذكر أنه تفرَّد بروايته عن عوف عن زياد عن أبي العالية: إسحاق الأزرق عند ابن جرير في تفسيره.

[5] ابن أبي حاتم، العلل، 3/ 228؛ ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، 3/ 529.

[6] وهما: إمام الكوفيين الأعمش (عند ابن أبي شيبة وغيره)، وفطر بن خليفة (عند الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة [نسخة السردي، الجزء الأول/ 16/ ب]، وابن عبدالبر في التمهيد19/ 54)، وقد رواه ابن جرير، 3/ 461 عن فطر عن زياد عن أبي العالية من قوله مختصرًا.

[7] وينبه إلى أن رواية هشيم عن عوف عن زياد عند سعيد بن منصور هي عن أبيه، لكن في بعض طبعات سنن البيهقي من طريق سعيد عن هشيم عن عوف عن أبي العالية به، هو خطأ، والله أعلم، وهو على الصواب كما في سنن سعيد بن منصور: في طبعة هجر لسنن البيهقي، 9/ 503، ومهذب سنن البيهقي للذهبي، 7797.

[8] والإبهام جهالة شديدة، لا يعتد بإسنادها في باب المتابعات والشواهد.

[9] ابن قتيبة، عيون الأخبار، دار الكتب المصرية 1996م، 1/ 321؛ المكتب الإسلامي 2008م، 1/ 457.

[10] في مسائل حرب الكرماني، 3/ 1274، تحقيق فايز حابس.

[11] وقد صحح رواية ابن عباس هذه الحاكمُ في مستدركه، لكنه رواها بالشطر الأول من البيت فحسب دون الثاني-كما سيأتي-، ثم إن تساهل الحاكم في مستدركه معروف عند علماء الحديث متفق عليه(انظر: ابن دحية الكلبي، العلم المشهور، 1/ 276؛ النووي، المجموع، 1/ 268، 2/ 360، 4/ 546؛ ابن تيمية الفتاوى، 22/ 426؛ ابن القيم، الفروسية، ص245؛ السيوطي، الحاوي، 2/ 225)، وكذا صرح بتصحيحه بكار المرواني(انظر: نفح الطيب، 3/ 335)، ولكن بكارًا لا يُعرَف بالعلم، بل بالأدب والزهد، وقد احتج بها الشافعي (رواه البيهقي في المعرفة، 7/ 188)، لكن سيأتي تخريج معناها عنده رحمه الله.

[12] وشريك وإن كان في ضبطه ضعف، لكن قال وكيع: "لم يكن أحد أروى عن الكوفيين من شريك"، وقال ابن المبارك: "شريك أعلم بحديث الكوفيين من سفيان الثوري"؛ (انظر: المزي، تهذيب الكمال، 3/ 385).

[13] ثم ذكر ابن جرير سنده إلى عون[الصواب: عوف] عن زياد، وذكر أنه بنحو رواية شريك، والاختلاف بين هذا الجواب والأجوبة السابقة ظاهر، بل الألفاظ الأخرى كذلك بينها شيء من الاختلاف، كما سيأتي، ويستغرب من ابن جرير أن جعلها نحو رواية عوف عن زياد، مع أنه هو قد روى رواية عوف تامة، والاختلاف بينهما ظاهر جدًّا.

[14] ورواه ابن جرير في تفسيره، 3/ 460 من طريق جرير عن الأعمش بالتصريح بذكرها، لكنه رواه عن ابن حميد عنه، وهو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف، بل ضعَّفه عدة تضعيفًا شديدًا، أما رواية الحاكم - والبيهقي من طريقه - فمن طريق محمد بن عبدالسلام عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير، وإسحاق هو ابن راهويه الإمام، ومحمد بن عبد السلام هو ابن بشار النيسابوري، رواي التفسير عن إسحاق، وثقه الذهبي (التذكرة، 2/ 164)، وابن عبدالهادي (طبقات علماء الحديث، 2/ 359)، وقال ابن الصلاح: كان معتمد يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه وأمينهما في أصولهما وفي القراءة عليهما؛ (طبقات ابن الصلاح، 1/ 247).

[15] وانظر تفسير الطبري، طبعة شاكر، 4/ 130(3598، 3599)، وانظر حاشية2.

[16] خلافًا لمثل ابن دريد (ت321) في الجمهرة وأبي منصور الأزهري (ت370) في التهذيب؛ فقد ذكرا البيت مرة ناقصًا - دون محل الشاهد - ومرة تامًّا بشطريه.

[17] ابن قتيبة، عيون الأخبار، دار الكتب المصرية 1996م، 1/ 321؛ المكتب الإسلامي 2008م، 1/ 457.

[18] وإشارة بعض المحققين إلى كونها من تغيير بعض النساخ: خلاف الأصل، ودعوى لم يستدلوا عليها.

[19] انظر: ابن أبي شيبة، طبعة كنوز إشبيليا، 8/ 347/ ح3، ذكروا خمس نسخ ليس فيها إلا: "يكن" أو "لم يكن"، خلافًا لنسخة واحدة فقط)، وأشار محقِّقو طبعة الفاروق الحديثة 5/ 412/ ح2 إلى أنه ليس في النسخ التي بين أيديهم (أربع نسخ) لهذا الموضع من مصنف ابن أبي شيبة إلا هاتان اللفظتان.

[20] التعبير عنه رواية لقول ابن عباس أو غيره أو نقلًا له، أو التعبير عنه حكاية للقول وشرحًا له؛ (أي التعبير من حاكيه ولا ينقله أو يرويه نصًّا عن ابن عباس أو غيره).

[21] كالسرخسي في المبسوط والمرغيناني في الهداية والموصلي في الاختيار والنووي في المجموع، وابن كثير في تفسيره، وصدر الدين المناوي في كشف المناهج والعيني في العمدة.

[22] كابن عطية والقرطبي وأبي حيان في تفسايرهم.

[23] من طريق حصين عند ابن جرير، 3/ 458، ومن طريق قتادة عن رجل عن أبي العالية عنه عند ابن جرير، 3/ 459، ومن طريق حجاج بن نصير عن شعبة عن قتادة عن أبي العالية عنه عند ابن قتيبة في عيون الأخبار، وهو اللفظ الذي يُورده أكثر من ذكر هذا الأثر من الأدباء وغيرهم.

[24] كالواحدي في البسيط، 4/ 35.

[25] رواه ابن أبي شيبة في نسخة؛ [انظر: ابن أبي شيبة، طبعة كنوز إشبيليا، 8/ 347] عن أبي معاوية عن الأعمش عن زياد عن أبي العالية عنه؛ وروى ابن جرير، 3/ 461 نحوه من قول أبي العالية.

[26] رواه عبدالرزاق في مصنفه، 4/ 418 – التأصيل - وغيره من طريق زياد عن أبي العالية عنه، ورواه عبدالرزاق أيضًا، 4/ 418 بلفظ: "ما كلم به النساء"؛ من طريق معمر عن عوف عن زياد عن أبيه أو عن أبي العالية عنه.

[27] كالذي صح عن عطاء في قول الرجل لامرأته: إذا حللت أصبتك؛ قال: ذاك الرفث؛ رواه ابن جرير، 3/ 460. ونحوه عن طاوس عند ابن أبي شيبة14708 وابن جرير.

[28] جاء من طريقي حصين (عند سعيد بن منصور وابن جرير)، وأبي العالية (عند ابن جرير، ونسخة لابن أبي شيبة؛ [انظر: ابن أبي شيبة، طبعة كنوز إشبيليا، 8/ 347/ ح4، وذكروا في نسخة: "ملوحة به"])، وجاء من طريق فطر عن زياد عن أبي العالية عنه عند الزبير بن بكار في الفكاهة[نسخة السردي، الجزء الأول/ 16/ ب].

[29] كالجصاص وأبي علي الفارسي في الحجة والواحدي في البسيط والراغب في تفسيره.

[30] فالأصل في المفاعلة أن تكون بين طرفين، وانظر: شرح الرضي على الشافية، 1/ 98-101؛ حاشية الخفاجي على البيضاوي، 4/ 186.

[31] أبوعلي الفارسي، الحجة، 2/ 288.

[32] كالهروي في كتاب الغريبين، 3/ 759، (ونسختا الظاهرية 2/ 26/ أ وباريس 2/ 105/ أ)، والبغوي في شرح السنة، وصدرالدين المناوي في كشف المناهج، 2/ 351، والزبيدي في تاج العروس، 5/ 263، وينقله جماعة دون تسمية الأزهري؛ كما في مجمع الغرائب لعبدالغافر الفارسي (ت529)، 3/ 180، والفائق للزمخشري (ت538)، ولسان العرب.

[33] قاله نفطويه(ت323)؛ [نقله الهروي، كتاب الغريبين، 3/ 759(والظاهرية 2/ 26/ أ؛ باريس 2/ 105/ أ؛ تشستربيتي3/ 2/ أ)]، وابن عُزيز (ت330) في غريب القرآن، ص235.

[34] هو قول ابن عباس (رواه سعيد بن منصور في سننه338 وغيره عن ابن طاوس عن أبيه عنه، والبيهقي عن أبي الزبير عن طاوس عنه، [لكن قرئت في طبعة هجر9/ 502: التعرض بدل التعريض، وهي لا تطابق التعريض صراحة إلا في بعض السياقات، وهي محتملة هنا])، وابن الزبير (رواه الطحاوي في أحكام القرآن، 2/ 32 وأقره ابن عباس)، وهو ظاهر قول طاوس؛ (رواه ابن جرير، 3/ 462، وذكره ابن أبي حاتم والثعلبي، وظاهر رواية ابن جرير أن الرفث تورية وتكنية، والإعرابة هي الإيضاح والتصريح)، وقاله أيضًا ابن الجوزي في غريب الحديث، 1/ 404.

[35] قال الحميدي (ت488)، "الرفث: القبيح من الكلام، وما روجع به النساء من تعريض وتصريح"؛ تفسير غريب ما في الصحيحين، ص274.

[36] نسبه إلى الجمهور جماعة من المفسرين وغيرهم؛ كابن عبدالبر في التمهيد، 19/ 55 والاستذكار، 10/ 246، والواحدي في البسيط، 4/ 34، وابن العربي في المسالك، 4/ 430، والنووي في المجموع، 7/ 140، وأبي حيان في البحر المحيط، 2/ 288.

[37] وهي الرواية التي اقتصر عليها البخاري في صحيحه عن ابن عباس؛ فقد ذكر عن شيخه أبي كامل بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس: "...والرفث الجماع والفسوق المعاصي"؛ صحيح البخاري، 2/ 79(1572)، وانظر: الفتح، 3/ 433.

[38] مثلًا لم يذكر ابن أبي حاتم في تفسيره سوى قولين، وروى كليهما عن ابن عباس، وهما: التعريض بذكر الجماع، والجماع، ولم يذكر عن ابن عباس ولا عن غيره قيد ذكره عند النساء، بله ما فوقه؛ كمراجعتهن به، والرواية الأولى التي رواها ابن أبي حاتم (لفظها: التعريض بذكر الجماع)، لا يظهر فيها ذلك القيد؛ (أي: عند النساء)، ولذلك حين يُحكى القول المقيد بها، يزاد إلى نحو هذه العبارة ما يدل على ذلك القيد؛ (انظر مثلًا: تفسير الثعلبي، 5/ 156)، ولا ينافي ذلك أن ذكره عند النساء نوع من أنواع التعريض، أو ما يسمى الإعرابة، ومن ذلك ما يمثل به بعضهم من قول الرجل لامرأته: إذا حللتِ أصبتُك، فلا يلزم من هذا المثال أن يكون قوله للمرأة قيدًا له، كما أنه ليس مقيدًا عند أحد بقوله عند امرأته دون غيرها.

[39] كالثعلبي والبغوي وابن عطية، والنووي في المجموع، 7/ 140؛ قدَّم رواية ابن عباس هذه (أن الرفث في هذه الآية هو الجماع)، وجزم بها، وأخر الرواية الأخرى - محل نقاشنا - وعبَّر عنه بأنها مروية عنه.

[40] وكلها رواها ابن جرير في تفسيره، حاشا قول عطاء بن يسار، (وقد رواه ابن أبي شيبة، 13399)، ومما وافق بعضهم فيه أحد ألفاظ أثر ابن عباس - موضع النقاش -: رواية لعطاء: "إذا حللت أصبتك، ذاك الرفث"؛ رواه ابن جرير، 3/ 462، ورواية لطاوس يفسِّر فيه الرفث بالإغراء به؛ رواه عبدالرزاق في مصنفه، 6/ 277، ومن طريقه ابن المنذر في تفسيره، 2/ 630، ويجاب عنهما بأنهم يفسرون الرفث هنا بأحد معانيه، ولا يحصرونه فيه، والدليل على ذلك أنهما فسراه في موضع آخر بغير ذلك، أو بما هو أعم من ذلك، من ذلك قول عطاء: "الرفث هو الجماع"؛ (رواه ابن وهب [الجامع - تفسير القرآن، 2/ 40(70)]، وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطحاوي في أحكام القرآن وابن جرير - من طرق - وقال عطاء: "الرفث الجماع وما دونه من قول الفحش"؛ رواه ابن جرير، بل نجد الراوي عنه نفسه كابن جريج مثلًا يروي عنه القولين، ورواية طاوس يحتمل أنها تصحيف لكلمة الإعرابة، وعلى كل حال فإنه قد ثبت عن طاوس في موضع آخر ذكره الإعرابة وتفسيرها بالإيضاح بالجماع؛ رواه ابن جرير، 3/ 462، وأخطأ الصنعاني في التنوير، 6/ 300 وغيره بظنِّهم كلمةَ الإعرابة في الحديث: الإغراء به.

[41] والتعريض خلاف التصريح؛ (انظر: الأزهري، تهذيب اللغة، 1/ 294؛ الجوهري، الصحاح، 1/ 382؛ ابن رسلان، شرح سنن أبي داود، 19/ 373)، وقد يكون التصريح وعدمه في اللفظة والعبارة، أو المخاطب والمقصود.

[42] وروى ابن جرير عن عطاء: "كانوا يكرهون الإعرابة، يعني التعريض بذكر الجماع وهو محرم".

[43] رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات، 2197، وروى ابن أبي شيبة، 14711 من طريق أبي الزبير عن طاوس عن ابن الزبير أن الإعراب من الرفث، وصدقه ابن عباس.

[44] وأصح الأسانيد إلى زياد بن حصين - الذي عليه مدار أثر ابن عباس محل النقاش - عن أبي العالية عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة، 14707 عن أبي معاوية عن الأعمش عنه، جاء فيها ذكر الفحش بدل الرفث: "إنما الفحش ما ووجه به النساء وهم محرمون"، ونقل الزمخشري في أساس البلاغة، 1/ 367 وغيره أن الرفث باللسان هو المواعدة للجماع، ينقله هو ومن تبِعه دون تسمية قائله (قيل)، ونقل الماوردي في النكت وغيره هذا عن الحسن، ولم أجده مسندًا عنه، والذي رواه ابن جرير، 3/ 465 - وذكره ابن أبي حاتم دون سند - عن الحسن البصري تفسيره الرفث هنا بالجماع.

[45] الخطابي، غريب الحديث، 2/ 566.

[46] الشاطبي، الموافقات، 4/ 91-95، 4/ 117-118؛ وبنحوه قرر ابن الازرق(ت896) في مثالنا (رواية ابن عباس هذه)، وجعله من مقتضى تقرير أبي القاسم البرزلي (ت844)؛ (ابن الازرق، روضة الأعلام، 2/ 529-530. وانظر أيضًا: الوقشي، التعليق على الموطأ، 1/ 390)، وهذا - والله أعلم - هو ظاهر صنيع الإمام الشافعي، وأن مثل ذلك إنما هو لمصلحة الإفتاء وحاجته، وإلا فإن "الشعر كلام؛ حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه"؛ (انظر: البيهقي، المعرفة، 7/ 188-189، مجد الدين ابن الأثير، الشافي، 3/ 400-401)، وذكر الماوردي أن حكاية شعر الفحش (أي مجرد نقله لا إنشاؤه) إن كان لضرورة الإنكار، لم يجرح قائله، وإن كان اختيارًا جرح؛ (الماوردي، الحاوي الكبير، 17/ 210)، ويذكر شيخ الشافعية أبو القاسم ابن كج أن الشاعر لا تقبل شهادته إذا كان في شعره يفحش ويشبب بامرأة بعينها، أو يصف أعضاءً باطنة؛ (انظر: النووي، روضة الطالبين، 11/ 229، وظاهره أن المقيد بالتعيين هو التشبيب فحسب، وأما وصف الأعضاء الباطنة فمردود الشهادة ولو لم يصف امرأة معينة، وهو الذي قرَّره الرملي الكبير في حاشية أسنى المطالب، 4/ 346، ولكن ظاهر صياغة الرافعي في العزيز، 21/ 549-550 (ط.دبي) لكلام ابن كج أنه يرى التقييد بالتعيين حتى في وصف الأوصاف الباطنة؛ لأنه علله بهتك الستر، والله أعلم).

 

[47] أي ما كان من الرخص الحاجية لا الحاجيات الكلية المباحة؛ فإن الأُولى هي التي تقدر بقدرها لا الثانية؛ (وانظر: الشاطبي، الموافقات، 1/ 468).

[48] بل بالغ تاج الدين السبكي (ت771) فقال: "المجون ... لم يخل عنه الأدباء"؛ (تاج الدين السبكي، معيد النعم، ص82)، وفي إطلاقه هذا نظر بيِّن؛ فكم من أديب خلا عنه، وقال أسامة بن منقذ(ت584): "الأشعار في صفات النساء كثيرة، لا تُحصر ولا تعد، ولا يُحيط بها حدٌّ"؛ (أسامة بن منقذ، كتاب أخبار النساء، ص441).

[49] والفحش عندهم ممتنع في الإحرام وغيره؛ ولذلك نجد الحافظ ابن رجب حين ينقل في كتابه نزهة الأسماع، ص57 أثر عطاء يذكره في سياق مطلق، مع أن أثر عطاء جاء في قول الشعر للمحرم.

[50] الشاطبي، الاعتصام، دار ابن الجوزي، 2/ 110.

[51]النووي، شرح مسلم، 15/ 14، وانظر: ابن عبدالبر، الاستذكار، 26/ 50-54.

[52] وأوصاف شعر الفحش والمجون أشد أثرًا على المستمع من إنشاد أبيات فيها أوصاف خمر ونحوه.

[53] ابن رجب، نزهة الأسماع، ص57 وما بعدها.

[54] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، 14142 وغيره بإسناد على رسم الصحيحين عن عطاء.

[55] قاله سراج الدين ابن نجيم، النهر الفائق، 2/ 67؛ كذا قال، وعبارة ابن قدامة أصح وأدق؛ فقد قال: "وكل ما فسِّر به الرفث ينبغي للمحرم أن يَجتنبه"؛ المغني، 5/ 113.

[56] أبوحامد الغزالي ، إحياء علوم الدين، 3/ 27، وفي الحديث: "الراوية أحد الشاتمين"؛ رواه عبدالرزاق في جامعه، 21172- التأصيل - من مرسل محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان، وفي الأثر عن علي رضي الله عنه: "القائل الفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء"؛ رواه البخاري في"الأدب" المفرد وغيره، وهو ثابت عن علي رضي الله عنه، وقد ذكر المبرد في آخر كامله رسائل المنصور ومحمد بن عبدالله بن حسن العلوي، وذكر أنه سيمسك عن ذكر بعضها، واستشهد بمقولة: "الراوية أحد الشاتمين"، (الكامل، 3/ 1487) وكذا أمسك الحصري عن بعض ما يسوء، واستشهد بهذه العبارة في أول كتابه؛ (أبو إسحاق الحُصْري، جمع الجواهر، ص4).

[57] لأنه أخف من الجاحظ في ذلك تأصيلًا وواقعًا في كتبه، بل صرح ابن قتيبة بذم الجاحظ في مزيد توسعه في هذا الباب؛ (انظر: ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث، ص111).

[58] خاصة في كتابيه عيون الأخبار والأشربة.

[59] ابن قتيبة، عيون الأخبار، 1/ م.

[60] ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث، ص111.

[61] ابن رشيق، العمدة، 1/ 156-157.

[62] وانظر: ابن أبي الدنيا، الإشراف في منازل الأشراف، ص269(347)؛ ابن الأزرق، روضة الأعلام، 2/ 529-534؛ ابن الهمام، فتح القدير، 7/ 410؛ العدوي، حاشية كفاية الطالب الرباني، 2/ 505؛ عبدالله الرشيد، تدوين المجون، ص205.

[63] وفي كتاب شقائق الأترج للسيوطي ص8 أن عبد بن حميد أخرج عن ابن عباس: "الرفث في الصيام الجماع، وما دونه من قول الفحش"، والظاهر أنه خطأ، والذي في تفسير ابن أبي حاتم وغيره عنه أنه هنا (آيات الصيام): الجماع، والله أعلم، وقد قرَّر البقاعي في نظم الدرر، 3/ 77-78 عدم حصر الرفث في آيات الصيام بالجماع، لكنه أخذ حصرها بالجماع من السياق.

[64] انظر: ابن سيده، المحكم، 11/ 128.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تحرير قدر الصاع النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل (PDF)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحرير الأقوال في صوم الست من شوال لابن قطلوبغا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من فوائد التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير لأحمد بن عبد الله البعلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحرير المسائل والأقوال في صيام الستة من شوال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحرير أقوال المذاهب في الأصل بالشروط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحرير مبحث المزيد في متصل الأسانيد من كتاب علوم الحديث لابن الصلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحرير قول ابن تيمية في مسألة: حكم طلب الدعاء من الأموات لأيمن سعود العنقري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/7/1447هـ - الساعة: 16:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب