• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اغتنموا أوقاتكم.. (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    وقف أحاديث الآحاد
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الرد على صاحب المقال السخيف: يوميات عصيد البخاري!
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الوصف الشجي لصبر الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحياة الطيبة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فضائل الورع (خطبة)
    حامد عبدالخالق أبو الدهب
  •  
    خطبة: العبرة من الحوادث وسرعة الفناء
    د. علي برك باجيدة
  •  
    خطبة: الجريمة وطرق علاجها
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    في الاستدلال لحجية السنة بقوله تعالى: {إن هو إلا ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    خطبة: تأملات في بشرى ثلاث تمرات - (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أسماء الله (الرحمن والرحيم)
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: {إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

اغتنموا أوقاتكم.. (خطبة)

اغتنموا أوقاتكم.. (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2025 ميلادي - 21/6/1447 هجري

الزيارات: 14

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اغتنموا أوقاتكم


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

عباد الله: اعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم من البدع والضلالات والنار؛ أما بعد أيها المؤمنون:

فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسندٍ صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد، والألباني في السلسلة الصحيحة، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلةٌ، فإن استطاع ألَّا يقوم حتى يغرسَها فليفعل))، ومعنى الحديث: إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، والفسيلة: هي النخلة الصغيرة، فإن استطاع أن يغرسها قبل أن يقوم من موضعه فليفعل، ولا يتأخر عن ذلك.

 

أيها المؤمنون: هذا الحديث النبوي الشريف يدل على أن المسلم مطلوب منه أن يغتنم ساعاتِ عمره إلى آخر لحظة من حياته، وأن المطلوب منه أن يبادر إلى عمل الأعمال الصالحة، حتى ولو كان قيام الساعة قريبًا منه، واغتنام المؤمن لعمره في طاعة ربه إلى آخر لحظة من حياته، فيه امتثال لقول الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة لا يتندمون على شيء من دنياهم، ندمَهم على ساعاتٍ من أعمارهم مرَّت عليهم في الدنيا ولم يغتنموها بذكر الله تعالى؛ روى الطبراني في المعجم الكبير بسندٍ حسَّنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة، من حديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يندم أهل الجنة على شيء ندمَهم على ساعةٍ لم يذكروا اسم الله فيها))، وللأسف الشديد إننا في عصرٍ نجد فيه كثيرًا من المسلمين لا يغتنمون أعمارهم في طاعة ربهم، وأكثرهم يقضون أوقاتهم فيما لا يعود عليهم بالنفع في دنياهم ولا في أُخراهم؛ لهذا أحببنا في هذه الخطبة أن نجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بالوقت؛ ومنها: ما أهمية الوقت؟ وما أبرز خصائصه؟ وكيف اعتنى به القرآن والسنة؟ وما واجبنا نحو أوقاتنا وأعمارنا؟

 

أيها المؤمنون: الوقت من أعظم نِعم الله على عباده؛ لأن المؤمن إذا استثمر وقته في طاعة ربه وعبادته، فإنه بذلك يتأهل لدخول الجنة؛ قال ابن القيم رحمه الله: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، وهو يمر مرَّ السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته، وإن عاش فيه عيشَ البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأمانيِّ الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم، والبطالة، فموت هذا خير له من حياته".

 

أيها المؤمنون: ولأهمية الوقت، فقد أقسم الله تعالى به في بداية بعض السور القرآنية، والله تعالى لا يقسم إلا بما هو عظيم؛ ليلفت أنظار الناس لأهمية الوقت؛ حتى يغتنموه في طاعات ربهم، والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد أن الله يقسم بأشرف الأوقات وأفضلها في اليوم والليلة؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [الليل: 1، 2]، وقال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ [الضحى: 1، 2]، وقال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 1، 2]؛ قال الإمام ابن كثير: "العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر، ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 2]؛ أي: إن كل إنسان في المتاجر والمساعي وصرف الأعمار في أعمال الدنيا، لَفِي نقص وضلال عن الحق حتى يموت، ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: 3] فإنهم في ربح لا في خسر؛ لأنهم عملوا للآخرة ولم تشغلهم أعمال الدنيا عنها".

 

أيها المؤمنون: جعل الله تعالى الليل والنهار يتعاقبان ويخلف أحدهما الآخر؛ حتى يغتنمهما من يتذكر بآيات ربه، ومن أراد أن يشكر الله تعالى؛ قال الله: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62]، وأمرنا الله تعالى أن نعمُر أهمَّ الأوقات في الليل والنهار بطاعته وعبادته؛ قال تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]؛ قال ابن الجوزي في تفسيره: "الدلوك هو الزوال، وهو ميل الشمس عن كبد السماء إلى جهة الغروب، وقال الزجاج وأبو عبيدة: والمراد بقوله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78]؛ يعني: صلاة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾ [الإسراء: 78]: صلاة الصبح، وسُميت صلاة الفجر قرآنًا؛ لأن فيه قراءة القرآن، ومشهودًا؛ أي: تشهده الملائكة".

 

أيها المؤمنون: من لا يغتنم عمره ووقته في طاعة ربه، فإن ندمه سوف يطول، حينما تأتيه سكرات الموت، فيتمنى العودة إلى الدنيا لعمل الأعمال الصالحة، لكن أمنيته لن تتحقق، لأن وقته المحدد قد انتهى، وساعة رحيله قد دَنَتْ؛ قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، والمفرطون في أوقاتهم وأعمارهم ستطول حسرتهم وندامتهم، عندما يكونون من أهل القبور، عندما يتخلى عنهم أهلوهم وأموالهم، ولا يبقى معهم إلا أعمالهم؛ كما أخبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد؛ يرجع أهله وماله، ويبقى عمله)).

 

أيها المؤمنون: وتزداد حسرةُ المفرطين في أوقاتهم أكثر في حياتهم البرزخية، عندما يرَون بأعينهم ما أعدَّه الله تعالى لمن عصاه من عذاب أليم في قبورهم، وما أعده من نعيم لمن أطاعه؛ لأن القبر إما ((روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران))؛ [كما صح في الحديث عند الترمذي]؛ وقال تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 - 8].

 

أيها المؤمنون: ولأهمية الوقت فقد اعتنى به الصالحون من هذه الأمة؛ ولهم في ذلك أقوال متعددة:

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لأكره أن أرى أحدكم سَبَهْلَلًا – فارغًا - لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة"، وقال ابنه عبدالله كما عند البخاري في صحيحه: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخُذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسُه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي"، وكان الحسن البصري رحمه الله يقول عن حال السلف: "أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشدَّ حرصًا منكم على دراهمكم ودنانيركم"، وقال ابن الجوزي رحمه الله: "يا بن آدم، يا من أيام عمره في حياته معدودة، وجسمه بعد مماته مع دودة، ومع ذلك لجهل الإنسان يفرح بمرور الأيام، وانقضاء الأعوام"، وقال ابن القيم: "ضياع الوقت أشد من الموت؛ لأن الموت يحجبك عن الناس، وضياع الوقت يحجبك عن الله والدار الآخرة".

 

أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يُعيننا على اغتنام ما بقيَ من أعمارنا في طاعته، قلت ما قد سمعتم، فاستغفروا الله، يا فوز المستغفرين!


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المؤمنون:

فمن أهم خصائص الوقت أنه سريع الانقضاء، وتزداد هذه السرعة عند اقتراب قيام الساعة؛ لهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة الصغرى سرعة انقضاء الوقت؛ روى الإمام أحمد في مسنده، بسند صححه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، وتكون الساعة كقدر احتراق السعفة))؛ لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكِّر أصحابه، ويحثهم على اغتنام أوقات أعمارهم الفاضلة فيما يُقربهم إلى الله تعالى، قبل أن تحِلَّ بهم موانع العمل وقواقعه، فيندموا على أوقاتهم في وقتٍ لا ينفع فيه الندم؛ صحَّ عند الحاكم في مستدركه، ووافقه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يعظه: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك))، والجامع بين هذه الوصايا النبوية هو ضرورة اغتنام الإنسان لوقته وعمره، قبل أن تهجم عليه موانع العمل وقواطعه.

 

أيها المؤمنون: ومن رحمة الله بعباده أنَّ من اغتنم منهم وقته وعمره في طاعة ربه، ثم حال بينه وبين عمل تلك الطاعات عذرٌ من مرض أو سفر؛ فإن الله تعالى يكتب له أجره كاملًا الذي كان يعمله في وقت صحته وإقامته؛ روى الإمام البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر، كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا))؛ قال الحافظ ابن حجر: "وهو في حقِّ من كان يعمل طاعةً فمُنع منها، وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها".

 

أيها المؤمنون: وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من لا يغتنم وقت صحته ووقت فراغه في طاعة الله، فإنه قد غبن نفسه وظلمها؛ روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))؛ قال الإمام النووي: "معنى الحديث: أن الإنسان يغبن نفسه في هاتين النعمتين، فلا يستفيد منهما، ولا يشكر الله عليهما"، فإذا أنعم الله على عبدٍ بوقتٍ صحَّ فيه بدنه، ووجد فراغًا في وقته، فعليه أن يغتنم ذاك في طاعة ربه؛ كما قال تعالى لرسوله: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7، 8]؛ قال ابن كثير: "أي: إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها، وقطعت علائقها، فانصب إلى العبادة".

 

أيها المؤمنون: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أقدام الخلائق يوم القيامة لن تزول إلى الجنة أو إلى النار، حتى يُسألوا عن أربعة أمور هامة؛ ومنها سؤال عن أوقات أعمارهم فيما قضَوها، وعن أوقات شبابهم فيما بلوها؛ روى الإمام الترمذي في سننه، بسندٍ قال عنه: حسن صحيح، ووافقه الألباني، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيمَ أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟))؛ قال المباركفوري: "هذا الحديث يدل على أن الإنسان سيُسأل عن كل شيء في يوم القيامة، ويجب عليه أن يُعد لكل سؤال جوابًا".

 

أيها المؤمنون: اغتنموا أوقاتكم وأعماركم فيما يقربكم من ربكم؛ تنالوا خيرَي الدنيا والآخرة، وإياكم والتفريط في وقتكم؛ فتندموا عليه في وقت لا ينفع فيه الندم.

 

أسأل الله أن يوقفنا وإياكم لاغتنام ما بقيَ من أوقاتنا وأعمارنا في طاعته؛ إنه أرحم الراحمين.

 

هذا، وصلوا وسلموا - رعاكم الله - على محمد بن عبدالله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشرًا))، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

 

وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين.

 

اللهم بارك لمن حضر معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حلَّ أو ارتحل، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعَفاف والغِنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علمتنا الهجرة (خطبة)
  • الاستبشار بنزول الأمطار (خطبة)
  • التقوى خير زاد
  • لا تظالموا.. (خطبة)
  • التذكير بأيام الله (خطبة)
  • المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الوقت في حياة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرص على الوقت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استثمار الوقت في الإجازة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته واستثماره (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الوصف الشجي لصبر الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحياة الطيبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بعدما حجوا وضحوا(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فضائل الورع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العبرة من الحوادث وسرعة الفناء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 0:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب