• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    من صفات الرجولة في القرآن الكريم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    الكشف الصوفي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير: ( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    إشراقة آية {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حديث القرآن عن عيسى عليه السلام وأمه (خطبة)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الله الخالق الخلاق (خطبة) – باللعة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الوصف بالجاهلية (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)

كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2025 ميلادي - 13/6/1447 هجري

الزيارات: 48

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كسب القلوب مقدم على كسب المواقف

 

الحمدُ كلُّ الحمدِ أولهُ وآخره.. لله ربّ الكونِ أحمدهُ وأشكره.. الحمد لله حمداً لا منتهى لحده، ولا حساب لعدده، ولا انقطاع لأمدهُ.. سبحانهُ وبحمده، لا تُحصى نِعمُهُ، ولا تُكافئُ عطاياهُ، ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ لنا سواهُ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل:53].. وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسولهُ ومصطفاهُ، وخليلهُ ومجتباهُ، طوبى لمن والاهُ وتولاهُ، واتبعَ سنَّتهُ واهتدى بهداهُ، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابهِ واتباعه ومن والاه، وسلِّم تسليماً كثيراً لا حدَّ لمنتهاه.

 

أمَّا بعدُ: فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران:102].

 

معاشر المؤمنين الكرام: نقف في هذه الخطبة مستعينين بالله، نقفُ مع قاعدةٍ عظيمةٍ من قواعد السلوك والأخلاق.

 

قاعدةٍ رائعةٍ تُطفَأ بها العداوات، وتُكتسب بها المودّات، وتهنأُ بها البيوتُ والمجتمعات.

 

قاعدةٌ جليلةٌ من طبقها هدأت نفسه، واطمأنّ قلبه، وحسنت سمعته، وأحبَّ الناسَ وأحبّوه، وأحبَّه قبل ذلك ربُّ الناس.

 

قاعدةٌ مميزة يصفو بها العيش، وتطيب بها الحياة، ويعيش معها المرءُ في راحةٍ وسعادةٍ.

 

إنها قاعدة: كسبِ القلوب مقدمٌ على كسب المواقف.

 

فالقلوبُ شأنها شأنٌ عظيم، بل إنّ فوزَ الدنيا والآخرة مدارهُ على سلامة القلوب، تأملوا قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء:88].

 

ومن هو القلبُ السليم؟؟.. القلبُ السليم: هو القلبُ السالمُ من الشرك والبدع، ومن المعاصي والذنوب، ومن أدواء القلوب وأدرانها.. ومن أمراض الشبهاتِ والشهوات.. ومن كل مالا يرضي الله جل وعلا.. في الحديث الصحيح أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ الناس أفضل؟.. قال: "كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لا إِثْم فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلا غِلَّ وَلا حَسَدَ"، والمخموم هو النظيف، من خمَّ البيتَ إذا نظفه.. وفي توجيهٍ نبويٍّ آخرَ يقولُ صلى الله عليه وسلم: "لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَلِيم الصَّدر".. فإذا قيل هذا في حقِّ الطاهرِ المطَهرِ صلى الله عليه وسلم، فهو في حقِّ غيرهِ أولى وأحرى، فهنيئًا لمن داومَ على إصلاح قلبهِ، وتعاهَدَهُ بالعنايةِ والتربية، وعمِلَ على تطهِيرهِ وتزكيته..

 

كسبُ القلوب مقدمٌ على كسب المواقف، فالقلوب دائمة، والمواقف مؤقتة.. كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فالقلبُ هو محلُ نظرِ الرب جلّ وعلا، وموطنُ صلاحِ العبدِ أو فساده.. ففي صحيح مسلم يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمالِكُمْ"، وفي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فكُنْ راقياً مترفقًا.. فالرفقُ سجيّة النبلاء، وخلقٌ الأنبياء.. ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران:159].. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».. وفي صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف".. وفي رواية صحيحة: "إنّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرفقَ في الأمر كله".. وفي رواية ثالثة: "من يُحرَم الرفق يُحرَمِ الخير كله".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فكُنْ متسامحًا، يعفو ويصفح، ويقابلُ الإساءة بالإحسان.. عسى أن تكونَ من المحسنين، ففي محكم التنزيل: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران:134].. وفي صحيح مسلم، قالَ عليه الصلاة والسلام: «مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ».

 

كسب القلوب مقدمٌ على كسب المواقف.. ففي صحيح مسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتَحُ أبواب الجنة يومُ الاثنين ويومُ الخميس، فيغفر لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا).

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فتخير الفاظك، وانتق كلماتك.. فالكملة الطيبة صدقة، والكلمة الخبيثةُ سهمٌ مسموم.. وفي صحيح البخاري ومسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت".. ولقد بلغ ديننا العظيم من الذوق والرقي أن يأمر المتحدث إن كان لديه أكثرَ من كلمةٍ تؤدِّي نفس المعنى، أن يختارَ الأحسَنَ من بينها؛ تأمل: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء:53]، فهو لم يأمر بالقول الحسَن، وإنما القول الأحسن.

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فكن دائم الابتسامة، هين الجانب، لين القول، سهل المعاملة، في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرُكم بمَن يُحرَّمُ على النَّارِ، وبمَن تُحرَّمُ علَيهِ النَّارُ؟ علَى كلِّ قَريبٍ هيِّنٍ سَهلٍ".. وفي رواية: " تحرُمُ النارُ على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ، قَريبٍ سَهلٍ".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فتغافل عن الهنات، ولا تُضخّم الزلات، فالتغافل عن الزلات من شيم الأكابر، وتدقيق النظر في الهنات يورث التناكُّر.. قال الإمام أحمد رحمه الله: "تسعة أعشار العافية في التغافل".. وقال الإمام سفيان الثوري: "الكيّسُ العاقلُ هو الفَطِنُ المتغافل".. وقال ابن الجوزي: "من لم يُدارِ الناسَ مات همًّا".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فإياك وسوء الظن، فإنه يفتح أبواب الفتنة، ويغلق نوافذ الود.. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات:12].. وفي صحيح البخاري: "إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا".. وفيه أيضاً: "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. فتحلَّى بالحِلم، فهو سيّد الأخلاق، وتاجُ المروءة، ومَلاك العقل.. ففي محكم التنزيل: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان:63].. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: لأَشَجِّ عبْدِ الْقَيْس: إِنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الحِلْم، وَالأَنَاة".

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.. ففي الحديث المتفق عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه".. ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾ [الحجرات:10].

 

كسبُ القلوب مقدمٌ على كسب المواقف، وسلامةُ الصدر راحةٌ في الدنيا قبل أن تكون نجاةً في الآخرة.. ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "ربِّ تقبَّلْ توبَتي، واغْسِلْ حَوْبَتي، وأجِبْ دعْوَتي، وثَبِتْ حُجَّتِي، واهدِ قَلْبِي وسدِّدْ لساني، واسْلُلْ سَخِيمةَ قَلْبِي"، أي أخرج ما فيه من الأدواء.. فإذا كان سيدُ الخلق صلى الله عليه وسلم يسألُ ربَّه صفاءَ الصدر، فكيف بنا؟.

 

كسبُ القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف، وتلك هي وصية القرآن، ودعوة الصالحين لبعضهم: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ [الحشر:10].. وفي صحيح مسلم: "لا تختلِفوا فتختلِفَ قلوبُكم".

 

ألا فاتقوا الله، عباد الله.. واعلموا أنّ مكارم الأخلاق لا تظهرُ إلا في المواقف الصعبة، وكريمُ الخلقِ لا يفقِدُ خُلُقهُ مع من لا خُلق له، وهل تكونُ المُداراةُ إلا مع السُّفهاء وأصحاب الطِّباع الشَّرِسة، ومن صفا قلبه؛ صفا له عيشه، ومن أحبَّ لإخوانه ما يحبّ لنفسه؛ كان من أهل الإيمان، ومن أصلح ما بينه وبين الله؛ أصلح الله ما بينه وبين الناس.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير ﴾ [الحجرات:12].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ﴾ [التغابن: 16].

 

معاشر المؤمنين الكرام: كسب القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف.

 

ومن علامات التوفيق: أن يُرزَقَ العبدُ ذوقًا راقِيًا، وأدباً عالياً، وخلقاً مهذباً، يحترِم المشاعر، ويقدر الآخرين.. ويبتعدُ عن كل ما يؤذي المشاعر.. وتذكروا رحمكم الله أن: البشاشة مصيدةٌ المودة، وأن البرُّ شيءٌ هينٌ: وجه طليقٌ وكلامٌ لين.. وأنَّ الجوابَ الرقيق يُطفئ الغضب، وأنَّ الصوتَ الهادئ أقوى من الصُّراخ.. وإنَّ الذوقَ يهزمُ الوقاحةَ.. ومن أراد أن يكونَ ذا ذوقٍ رفيع، فليتذوق كلامهُ قبلَ أن يُخرجهُ من فمه، فإن وجدَ كلمةً مُرةً، فليستبدلها بأخرى حلوة، فإنما هي كلمةٌ مكان كلمة، ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت:34].. وفي الحديث الصحيح: "شرُّ الناسِ عند الله منزلةً يوم القيامة من تركَه الناسُ اتِّقاء فُحشِه".

 

احبتي الكرام: نحن عادةً ما نقومُ باختيار أفضلِ أنواع الطعامِ لنرتقي بصحتنا ورشاقتنا.. فلمَ لا ننتقي أفضلَ الكلمات لنرتقي بأخلاقنا وتعاملاتنا.. ولئن كان الجمال يجذبُ العيون، فإنَّ اﻷ‌ﺧﻼ‌ﻕَ تأسرُ القلوب.. ولئن الكلامُ مهماً، فإنّ الطريقة التي نتكلمُ بها أهمُّ.. ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء:53].

 

ومن أراد أن يكون صدره وقلبه سليماً، فليتذكر أن كسب القلوبِ مقدمٌ على كسب المواقف، وليأخذ بما استطاع من أسباب تزكية النفس وسلامة الصدر، وأولها: إخلاصُ العمل لله تبارك وتعالى، فالإخلاص هو الأساس.. ثم مجاهدةُ النفس على اتباع مرضاة الله.. ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ﴾ [العنكبوت:69].. وقال جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون ﴾ [الأنفال:24].. كما أن مما يُعين على سلامة الصدر: تلمُّس الأعذار للآخرين؛ قال أحد السلف: "إذا بلغك عن أخيك شيءٌ تكرهه، فالتمِس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرِفه".

 

ومنها أن نعلم أن الشيطان لنا بالمرصاد، حريص على زرع الفتنة بيننا، قال تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾ [الإسراء:53].. وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ"، فلنحذره يا عباد الله..

 

ومن أراد السلامة لقلبه والشفاء لما في صدره، فليحسن صحبة القرآن؛ قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس:57].. ﴿ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء:9].. فبقدر إقبال العبد على كتاب الله يكون شفاء صدره، وسلامة قلبه..

 

كما أن مِن أعظم ما يُعين على سلامة القلب كثرة الدعاء لإخوانك المسلمين، وفي محكم التنزيل علَّمنا ربنا دعوة عظيمة: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر:10].. وقد كان من دعاء نبيِّنا عليه الصلاة والسلام: "وأسألك قلبًا سليمًا"..

 

ألا فاتقوا الله عباد الله، واجتهدوا في تزكية أخلاقكم، وإصلاح ذات بينكم، والتعالي على حظوظ النفس، ومسببات الخلاف.. ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ﴾ [التغابن:16]..

 

يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من صفات القلوب
  • عندما يختم الله على القلوب
  • مغناطيس القلوب
  • غيث القلوب

مختارات من الشبكة

  • بين كسب القلوب وكسرها خيط رفيع.. فاحذر!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما ينتفع به المسلم بعد موته من كسبه أو كسب غيره (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حديث: كسب الحجام خبيث(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • كسب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة (2) التجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كسب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة (1) رعي الغنم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كسب الثواب في رمضان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كسب رضا الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضوابط كسب المال في الشريعة الإسلامية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/6/1447هـ - الساعة: 14:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب