• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الشتاء وميادين العبادة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الله الله في إسلامكم (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الحديث السادس عشر: تحريم سب الأموات
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حقوق المطلقات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العمل بكل ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أقسام القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفلق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    سر الإلحاح في الدعاء
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    صفة الرحمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الفرع الرابع: أحكام طارئة متعلقة بالعورة (من ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: استحالة استمرار ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من مائدة التفسير: سورة القارعة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الله الله في إسلامكم (خطبة)

الله الله في إسلامكم (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2025 ميلادي - 3/6/1447 هجري

الزيارات: 59

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الله الله في إسلامكم

 

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ باللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70]..

 

أما بعد: فإنَّ خيرَ الكلام كلامُ الله تعالى، وخير الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلُّ محدثة بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ ظلالة في النار..

 

معاشر المؤمنين الكرام: منذ أن وجدّ الحقُّ والباطلُ وهما في صراعٍ وتدافع، ولولا ذلك لفسدت الأرضُ ومن عليها، ففي محكم التنزيل: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة:251]، فالصراعُ والتدافعُ بين الحق والباطلِ مستمرٌ لا يتوقفُ إلى قيام الساعة.. ومن نتائج ذلك أن تختلف المجتمعات في صفاتها، وأن تتنوع في مناهجها وشرائعها، فتلتقي كل جماعةٍ على شرائع ومناهج تؤلف بينها، وتميزها عن غيرها، قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ﴾ [المائدة:48].. ولقد حبى الله تعالى أمة الإسلام شرعًا عظيمًا، وهداها صراطا مستقيمًا.. من تمسك به أعزَّه الله وأسعده بقدر ما يتمسَّك به، ومن أعرض عنه وتركه، أذلَّه الله وأشقاه بقدر ما يترك منه.. جزاءً وفاقًا.. عطاءً حسابًا..

 

وعلى هذا فمن أصول الإسلام ولوازمه، أن يتميز المسلم بشخصيته الخاصة، وأن يستقل بمنهجه وطريقته، وسمته وهيئته، وأن يعتز ويفتخر بدينه وشرعه وملته، مهما كانت أحوالُ الكفارِ قوةً وتقدمًا وحضارة، ومهما كانت أحوالُ المسلمين ضعفًا وتخلفًا وفرقة، جاء في الحديث: "ليس منا من تشبه بغيرنا".

 

وهناك نصوصٌ كثيرةٌ متنوعة، من الكتاب والسنة، تنهى المسلم عن التشبه بأصحاب الملل الأخرى، وتبينُ أنهم في ضلالٍ مبين، وأن من قلَّدهم فقد ضلَّ مثلهم، قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴾ [الرعد:37].. وقال جل وعلا: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًَا لَّمِنَ الظَّالِمِين ﴾ [البقرة:145]..

 

ومعلوم يا عباد الله أنَّ الله قد أكمل لنا الدين، وأتمَّ علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا.. فهو دينٌ شاملٌ كامل، دينٌ خيارٌ وسط؛ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة:143]، ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ﴾ [آل عمران:110]..

 

فيا أيها المسلم: يا من تتبوأُ أعلى مقام، وتتسنمُ أشرفَ مكانة، كفاك فخرًا أنك على دين الإسلام.. كفاك شرفًا أنّ الله هو من أكرمك وأعزك.. ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون:8].. وأيُّ تكريم لك أيها المسلم أعظمَ من أن ينزِّلَ الله لك كتابًا خاصًا يخاطبكُ فيه ويناديك، ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُون ﴾ [الأنبياء:10].. وأيُّ تكريمٍ أجلَّ وأسمى من أن يرسلَ اللهُ لك أعظمَ خلقه, وأشرف رسله، ليزكيك ويهديك إلى صراطٍ مستقيم: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ [آل عمران:164].

 

لقد كرَّمك الله أيها المسلم: يوم أن جعلك من خير أمّةٍ أخرجت للناس.. وسيكرَّمك الله أيها المسلم كرمًا عظيمًا: يوم أن يجعلك شهيدًا على الناس يوم القيامة، ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة:143].

 

فكم أنت عظيمٌ وعزيزٌ أيها المسلم، لو عرفت قدرك وقيمتك وتميزك.. ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران:139].

 

نعم يا عباد الله: العزيز من أعزه الله، ومن يهن الله فما له من مكرم، ونحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام، بالإسلام فقط، ومهما ابتغينا العزةَ بغير الإسلام أذلنا الله.. فكيفَ يرضى مسلمٌ لنفسه أن يضيِّعَ هذه المكانة العالية، كيف يرضى مسلمٌ لنفسه بالهون والدون، ويُعرِضُ عن مصدر عزته، الكتابِ والسنة.. كيف يرضى وقد كرَّمهُ الله، أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن ينقلب مُقلِّدًا بعدما كان مُرشدًا؟.. كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالًا بعدما كان دالًا، وأن يُصبحَ تابعًا بعدما كان متبوعًا؟.. أليس هذا مِصداقُ قولِ من لا ينطقُ عن الهوى: صلى الله عليه وسلم: "لتتبعُنّ سَنَنَ من كان قبلكم، شبرًا بشر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه".. لا إله إلا الله: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص:50].. لا إله إلا الله: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك:22].

 

والنَّبِيّ الكريم صلى الله عليه وسلم، قد رسم للمسلم شخصيةً مستقلةً متميزة، ينفرد بها عن غيره من الملل والنِحل، ولا يكون فيها تابعًا لأحد، حتى في صغائر الأمور.. وهذا من أعلى مقامات التربية؛ ومن أهم مقومات بناء الشخصية القوية، قال تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية:18].. وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة:49].. وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ﴾ [الأنعام:153].. وكثيرًا ما نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كلِّ ما يُفضي إلى مشابهة الكفار، حتى صار ذلك أصلًا من أصول الدين، ومَعْلَمًا بيّنًا من معالم الهُدَى، وطريقًا واضحًا للمسلمين.. فجاءت الأحاديثُ الصحيحةُ، واضحةً صريحةً، تأمر بالمخالفة، وتنهى عن المشابهة، فقال عليه الصلاة والسلام: «خالفوا اليهودَ»، «خالفوا النصارى»، «خالفوا المشركين»، وقال: «ليس منّا من تشبَّه بغيرنا»، وقال: «المرء مع مَن أحب».. وقال: «من تشبَّه بقوم فهو منهم».. حتى أصبح ذلك معلومًا مشهورًا، بل إنّ اليهود أنفسهم قالوا متعجّبين من وضوح هذا المنهج وصرامته: «ما يريدُ هذا الرجلُ أن يدعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه».. والخبرُ في صحيح مسلم.. فاحذروا يا عباد الله التشبه بالكفار، واعتزَّوا بدينكم، واستقلوا بشخصيتكم، وتميَّزوا بمنهجكم، ولا يستخفنَّكم الذين لا يوقنون، ولا تتبعوا سبيل المفتونين، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، ﴿ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم:32].

 

واعلموا أن إِسلامَ الوُجهِ للهِ عز وجل، والاستسلام لشرعه ودينه، هو أعظمُ أَسبَابِ الفوزِ والنَّجَاةِ، قَالَ سُبحَانَهُ وتعالى: ﴿ بَلَى مَن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ فَلَهُ أَجرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ ﴾ [البقرة:112]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَن يُسلِمْ وَجهَهُ إِلى اللهِ وَهُوَ مُحسِنٌ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقَى وَإِلى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [لقمان:22].

 

فالمُسلِمَ الحقُّ يهِبُ نَفسَهُ لله، يستسلم وينقادٌ لِرَبِّهِ ومولاه؛ ليس فقط في عِبَادَاتِهِ، بل وَفي عَادَاتِهِ ومعاملاته، وَجَمِيعِ شُؤُونِ حَيَاتِهِ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين * قُلْ إِنَّ صَلاَتي وَنُسُكي وَمَحيَايَ وَمَمَاتي للهِ رَبِّ العَالمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ ﴾ [الأنعام:161].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا من الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: فتن هذا الزمان كثيرة وخطيرة، ومن أعظمها وأشدها خطورة، ما يتعلقُ بإعادة تشكيل العقولِ والقناعات، وذلك من خلال توظيف الحضارات القديمةِ البائدة، وإحياء ذكر رموزها الوثنية، وأمجادها وطقوسها الكفرية.. وتقديم ذلك على أنه هويةٌ أصيلة، وأمجادٌ قوميةٌ تليدة، ليُعاد من خلال ذلك وأشباههِ تشكيلُ الانتماءِ والهوية، ولتُمحى من ذاكرة الأجيالِ شيئًا فشيئًا معالمُ الإسلامِ المشرقة، ومسلماته الثابتة، وليغيب عنها أنَّ هذا الدين هو سرُّ عزتها وكرامتها.. وأنّ الإسلام هو الذي وحّد القلوب، وحرَّر الإنسان من عبودية الحجر والبشر، وصنع أمةً لم تعرف الدنيا مثلها عدلًا ورحمةً، ونورًا ورقيًّا.. وأنَّ المسلم له شخصيةٌ مستقلة، ومنهجٌ متميزٌ مختلف.. وأنّ مصدرَ فخرِ المسلم هو دينهُ وقُرآنه.. ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُون ﴾ [الأنبياء:10].. فأين افتخارنا واعتزازنا بالإسلام.. وأين توظيفُ الطاقات والامكانياتِ لخدمة القرآن.. وأين المشاريع المشابهة لإيصالِ أنوارهِ إلى المحرومينَ منه من الاقربين والأبعدين.. فاحذروا يا عباد الله، واعلموا أنَّ أعظمَ ما يحتفي به المسلم ويفتخر هو قوة إيمانه، وأن أعظمَ إنجازات المسلم هي التقوى وتعلم آيات القرآن.. ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون ﴾ [العنكبوت:51]، وفي صحيح البخاري: «خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القرآن وَعَلَّمَهُ»، وفي الحديث الصحيح، «أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته».. فالله الله في الإسلام والقرآن.. فأغلى وأعزَّ ما لدى المسلمِ دينهُ وعقيدتهُ وإيمانه وقرآنه، فبها ينالُ رِضَا الرَّحْمَنِ، وَالْخُلْدَ فِي الْجَنَّان، وبدونها فمآلهُ الضلالُ والخسران، والخلودُ في النيران.. وأعداءُ الملِّةِ والدين أشدَّ ما يكونون حِرصًا على فتنة المسلمِ وصدِّهِ عن دينه، بأي وسيلة كانت، قال تعالى: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾ [هود:18]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الممتحنة:2]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام:116]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة:49].. وغيرها من الآيات كثير...

 

كما أنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا وحذرنا بأنَّ هذه الأمّةَ ستتعرضُ لمحنٍ وابتلاءاتٍ شديدةٍ، وفتنٍ كقطع الليلِ المظلمِ، يلتبسُ فيها الحقُّ بالباطل، ويضِلُ بسببها خلقٌ كثيرٌ.. ففي البخاري ومُسلم قال عليه الصلاة والسلام: "يكونُ في آخرِ الزمانِ فِتَنٌ كقِطَعِ الَّليلِ المظلِمِ، يُصبِحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويُصبِحُ كافرًا"، وفي رواية: "يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعرَضٍ منَ الدنيا قليلٍ".. وصحَّ أنه صلى الله عليه وسلم حذَّر أمته من دُعاة الفتن، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكونُ دُعاةٌ على أبوابِ جَهنَّمَ، مَن أجابَهم إليها قَذفُوه فيها)، قلتُ: يا رسولَ اللهِ! صِفْهم لنا، قال: "هم قومٌ مِن جِلدتِنا، يَتكلَّمونَ بألْسنتِنا"، وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "يكونُ في آخرِ الزمانِ دجَّالون كذَّابون، يأتونكم من الأحاديثِ بما لم تسمَعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلُّونَكم ولا يَفتِنونكم"..

 

ومن أوضح الواضحات في دين الله.. وجوب الحبُّ في الله والبغض في الله، أي أنّ تحبَّ ما يحبهُ اللهُ جلّ وعلا، وأن تكرهَ ما يكرهُهُ اللهُ عزّ وجلّ.. وأنّ كلَّ من أحبَّ الكافرين أو عظَّمهُم، أو رضيَ بشيءٍ مما يخصهم.. أحياء كانوا أو ميتين، فقد خالف أمر الله.. ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [المجادلة:22]..

 

ألا فمن كان حريصًا على سلامة دينه، راغبًا في فوزه ونجاته، فليتق الله وليلزم هَديَ دينه وكتاب ربه، وليتبع سبيل المؤمنين، وليحذر طريق المشركين والمغضوب عليهم والضالين.. قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم:30]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعوة للتفكر (خطبة)
  • فكن ذا عزيمة (خطبة)
  • ذكرك أخاك بما يكره (خطبة)
  • المنهج الرباني القويم في التعامل مع القرآن الكريم (خطبة)
  • خطبة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه
  • مناظرة الحيدة: المناظرة الكبرى (6)

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (أ) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • لطائف من القرآن (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الاعتداء على البيئة في الإسلام: أدلة شرعية ورؤية متكاملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في العلاقات الدولية وأساليبها(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • الإسلام يدعو إلى الرفق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دعا إلى تأمين معيشة أهل الذمة من غير المسلمين عند العجز والشيخوخة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/6/1447هـ - الساعة: 16:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب