• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العمل بكل ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أقسام القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفلق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    سر الإلحاح في الدعاء
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    صفة الرحمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الفرع الرابع: أحكام طارئة متعلقة بالعورة (من ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: استحالة استمرار ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من مائدة التفسير: سورة القارعة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العدل في الرضا والغضب (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الأول)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

وقفات تربوية مع سورة الفلق

وقفات تربوية مع سورة الفلق
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/11/2025 ميلادي - 2/6/1447 هجري

الزيارات: 34

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات تربوية مع سورة الفلق


1- فضائل سورة الفلق.

 

2- معاني كلمات السورة، وأنواع الشرور المذكورة فيها.

 

3- الأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بفضائل ومعاني السورة، وأنواع الشرور المذكورة فيها، والأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، مع سورة هي من أعظم سور القرآن، تعالج شرورًا خفيةً غير ظاهرة، هي أخطر ما يكون على الإنسان؛ فإنها تذكر الداء والدواء، وهي من السور المهمة التي تكثر قراءتها في اليوم والليلة؛ ألا وهي سورة: الفلق.

 

فهيا بنا نتعرف على فضل هذه السورة، ومعاني كلماتها، وأنواع الشرور المذكورة فيها، والأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

 

سورة الفلق: من السور المكية، وهي إحدى المعوذات، وآياتها خمس آيات.

 

وأسماء السورة: (سورة الفلق)؛ لورود لفظ الفلق فيها، وهذا مما انفردت به عن باقي السور، ومن أسمائها: (سورة: قل أعوذ برب الفلق)، وتسمى مع سورة الناس: (بالمعوذتين)، وتسمى مع سورة الإخلاص والناس: (بالمعوذات).

 

يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5].

 

موضوعات السورة: الحث على الاعتصام والاستعاذة بالله تعالى من الشرور التي تضر العبد في دينه ودنياه؛ بل قل: تعالج أربعةَ شرور وآفات، هي أخطر ما يكون على الإنسان، وخطورتها أنها شرور خفية غير ظاهرة:

الشر الأول: شر كل ذي شر من سائر الخلق؛ في قوله تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2].

 

الشر الثاني: شر ما يحدث في الظلام من دوابَّ ولصوص وشياطينَ؛ في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ [الفلق: 3].

 

الشر الثالث: شر السواحر النفاثات في العقد؛ في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4].

 

الشر الرابع: شر حاسد إذا حسد؛ في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5].

 

الوقفة الأولى: فضائل سورة الفلق:

1- فمن فضائل سورة الفلق: أنها مع سورة الإخلاص، وسورة الناس من أعظم سور القرآن الكريم، ولم ينزل مثلها في الكتب السابقة؛ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: ((لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عقبة بن عامر، ألَا أعلمك سورًا ما أُنزلت في التوراة ولا في الزبور، ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلهن، لا يأتين عليك ليلة إلا قرأتهن فيها: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، قال عقبة: فما أتت عليَّ ليلة إلا قرأتهن فيها، وحُق لي ألَّا أدعهن وقد أمرني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

 

2- ومن فضائلها: أنها مع سورة الناس من أفضل ما نزل من القرآن الكريم؛ ولذلك فقد فرح بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألم ترَ آياتٍ أُنزلت عليَّ الليلة لم يُر مثلهن قط: و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]))؛ [رواه مسلم].

 

3- ومن فضائلها: أنها من أحب السور إلى الله تعالى وأبلغها عنده؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عقبة بن عامر، إنك لن تقرأ سورةً أحب إلى الله عز وجل، ولا أبلغ عنده من: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، فإن استطعت ألَّا تفوتك في صلاة فافعل))؛ [رواه ابن حبان، وأحمد، وصححه الألباني].

 

4- ومن فضائلها: أنها من أفضل ما يتعوذ به من الشرور والآفات؛ عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما، وترك ما سواهما))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني]، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قيل: بلى، فقال: قل أعوذ برب الناس، وأعوذ برب الفلق))؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني].

 

5- ومن فضائلها: أنها حصن حصين وحِرز متين من كل شر وبلاء لمن تعوَّذ وتحصن بها؛ عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قال: ((خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئًا، فقال: قل، فلم أقل شيئًا، ثم قال: قل، فلم أقل شيئًا، ثم قال: قل، فقلت: يا رسول الله، ما أقول؟ قال: قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تُمسي وحين تصبح ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء))؛ [رواه أبو داود، وحسنه الألباني].

 

6- ومن فضائلها: أنها رُقية للمريض؛ عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده؛ رجاء بركتها))؛ [متفق عليه]، وفي رواية: ((فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به))؛ [رواه البخاري]، وثبت عنها أيضًا: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات))؛ [رواه مسلم].

 

7- ويكفي أنها اشتملت على التعوذ من هذه الشرور الخطيرة، وقد استوعبت هذه الأربع كل ما يُخاف أذاه وضرره؛ قال ابن القيم رحمه الله: "اشتملت سورة الفلق على الاستعاذة من كل شر في العالم".

 

الوقفة الثانية: معاني كلمات السورة، وأنواع الشرور المذكورة فيها.

قوله: ﴿ قُلْ ﴾؛ أي: قل متعوذًا.

 

افتتحها الله تعالى بالأمر بالقول، والسور المفتتحة بالأمر بالقول خمس سور: سورة الجن، والكافرون، والإخلاص، والفلق، والناس.

 

قوله: ﴿ أَعُوذُ ﴾؛ أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم.

 

قوله: ﴿ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾؛ أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.

 

قوله: ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2]، هذا هو الشر الأول، وهذا يشمل جميع ما خلق الله تعالى من الإنس والجن، وجميع الحيوانات؛ فيُستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها، ويشمل حتى نفس الإنسان؛ لأن النفس أمارة بالسوء؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53].

 

وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ بالله تعالى من شر ما خلق؛ كما في صحيح مسلم عن خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من نزل منزلًا، ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)).

 

وقد يقول قائل: ولماذا خلق الله تعالى هذه الأشياء ما دامت فيها هذه الشرور؟ والجواب: أن في خلقها حِكمًا كثيرةً؛ منها:

أن الأشياء تعرف بضدها؛ كيف تعرف الخير وأنت لا تعرف الشر؟ كيف تعرف نعمة الإيمان وأنت لا تعرف الشرك؟ كيف تعرف نعمة الصحة وأنت لا تعرف المرض؟ وكيف تعرف نعمة الغِنى وأنت لا تعرف الفقر؟

 

ومنها: أن طبيعة الإنسان الظلم والطغيان؛ كما وصفه الله تعالى: ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7]؛ فيأتيه الضر ليقف بين يدي ربه متضرعًا خائفًا منيبًا؛ فلو لم يجعل الله تعالى في الأرض مصادرَ للخوف، لاستغنى الإنسان عن الله سبحانه وتعالى؛ فبهذه الأشياء المخيفة تبقى ملتجئًا إليه، وإذا التجأتَ إليه سعدت بقربه؛ من أجل أن يسعدك.

 

ومنها: أن الدنيا دار امتحان؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، وقال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35]؛ ليعرف المسيء من المحسن: ﴿ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 22].

 

ومنها: أن الإنسان لا يعلم العواقب: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]، وقال تعالى: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

ومنها: أن الشر في بعض صوره يكون لصاحبه طهورًا وكفارة لذنوبه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة؛ في جسده وأهله وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة))؛ [صحيح الجامع].

 

ومنها: ليندفع به شرًّا أكبر؛ كخرق الخضر للسفينة، وقتله للغلام.

 

الخلاصة: إن الشر ليس مقصودًا ابتداءً؛ بل هو خير في حقيقته، فيظهر فيه فضل الله تعالى على المطيع، وعدله مع العاصي، فأفعال الله تعالى كلها حكمة؛ تدور بين الفضل والعدل.

 

ثم ذكر سبحانه وتعالى ثلاثة شرور أخرى، مع أنها داخلة في كل ما يُستعاذ منه، لكن للتنبيه على أن هذه الشرور أعظم أنواع الشر خطرًا.

 

قوله: ﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ [الفلق: 3]؛ هذا هو الشر الثاني: والغاسق هو: الليل إذا أقبل بظلامه، وقيل: شدة الظلام؛ كما قال تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78].

 

وقيل: إنه القمر؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر، فقال: ((يا عائشة، استعيذي بالله من شر هذا؛ فإن هذا هو الغاسق إذا وقب))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني]؛ ومعنى: إذا وقب: أي دخل.

 

وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والسمرَ بعد هدوء الليل؛ فإن أحدكم لا يدري ما يبث لله من خلقه، غلِّقوا الأبواب، وأوكئوا السِّقاء، وأكفئوا الإناء، وأطفئوا المصابيح))؛ [رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني].

 

والليل ليس شرًّا في نفسه، ولا الشر من عمله؛ وإنما هو وقت تكثر فيه الشرور؛ حيث تنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.

 

وفي الليل تنتشر الشياطين، وتنتشر السباع، وتنتشر الهوامُّ، ويُبيَّت فيه للمكر، ويبيت فيه بالخداع، ويُخطط فيه للحروب، ويُخطط فيه للاغتيالات؛ فأكثر جرائم القتل والسرقة، والاختطاف والاغتيال، وهتك الأعراض إنما تقوى بالليل، لأن ظلامه يسترها، ويُعين عليها، ويعوق عن النظر والاستنجاد.

 

وكذلك: أهل المجون والخلاعة، والخمور والفجور، ومراقصهم وقنواتهم وتجمعاتهم يشتد سلطانها وسلطانهم بالليل؛ لأنه وقت راحة الناس وتفرغهم.

 

ولذلك جاء الأمر بكف الصبيان عند غروب الشمس؛ في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ترسلوا فواشيكم، وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمةُ العشاء؛ فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء))، وفي رواية: ((فإن للجن انتشارًا وخطفةً))؛ والمعنى: لا ترسلوا مواشيكم للرعي، ولا أولادكم للعب إذا غابت الشمس.

 

وجاء النهي عن سفر الإنسان وحده في الليل؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده))؛ [رواه البخاري]؛ يعني: من الضرر والآفات، والنهي هو لمن يسافر في الطرق الخالية الموحِشة.

 

قوله: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4]؛ هذا هو الشر الثالث: وهو: شر السحر والسحرة؛ والنفاثات في العقد هن: السواحر من النساء اللاتي يعقدن الخيوط، وينفثن بريقهن على العقد، مع تمتمةٍ برُقًى شيطانية، وأسماء وأرواح جنية خبيثة؛ لينعقد ما صنعن من سحر.

 

وذكر النفاثات؛ لأن النساء هن الغالب، ويحتمل أن المقصود الأنفس؛ فيشمل الذكر والأنثى.

 

قوله: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]؛ هذا هو الشر الرابع: وهو شر الحاسد إذا حسد؛ أي: وأعوذ بالله من شر كل حاسد من الإنس والجن يتمنى زوال نعمة الله عن غيره، إذا حسده وأراده بسوءٍ بعينه الخبيثة، أو بقوله أو بفعله.

 

والحسد داء خطير من أمراض القلوب، والحسد هو أول ذنب عُصي الله به في السماء، وأول ذنب عُصي به في الأرض؛ فحسد إبليسُ آدمَ، وحسد قابيلُ هابيلَ.

 

وكفى بالحاسد إثمًا أن ملايين المسلمين يتعوذون من فعلته في اليوم والليلة عشرات المرات: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5].

 

ويدخل في الاستعاذة بالله من الحسد: العين، ومن شرورها؛ وفي الحديث: ((أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ اشتكيت؟ فقال: نعم، قال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، اللهُ يشفيك، باسم الله أرقيك))؛ [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].

 

نسأل الله العظيم أن يحفظنا من كل سوء وبلاء، ومن شر كل نفس هو آخذ بناصيتها.

 

الخطبة الثانية

الأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها:

أيها المسلمون عباد الله، إن سورة الفلق مع سورة الإخلاص، وسورة الناس، شُرعت قراءتها في مواطن كثيرة؛ لأهميتها الشديدة، ولأنها الحصن الحصين من الشرور والآفات؛ ومن هذه الأوقات والأحوال:

1- عند النوم؛ فإنها تكفيك من الشر، وتمنعه؛ فعن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات))؛ [رواه البخاري].

 

2- ومنها: في الصباح والمساء؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء))؛ [رواه أبو داود، وحسنه الألباني].

 

3- ومنها: دبر الصلوات المكتوبة؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة))؛ [رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني]؛ والمعوذات هي: الإخلاص والفلق والناس.

 

نسأل الله العظيم أن يحفظنا من كل سوء وبلاء، ومن شر كل نفس هو آخذ بناصيتها.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة الكوثر (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة الكافرون (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة الإخلاص (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة المسد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع سورة المرسلات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العاديات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الستير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/6/1447هـ - الساعة: 9:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب