• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    محاسن الألطاف الربانية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    النجش في البيع
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    الصلاة.. راحة القلوب ومفتاح الفلاح (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    خطبة: الأدب مع الخالق ورسوله ومع الخلق فضائل ...
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    أبو بكر الصديق بين الوحي والعقل
    إبراهيم بن سعد العامر
  •  
    خطبة: فضل القرآن وطرائق تفسيره
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    ذلك جزاء المحسنين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: فصاحته وحسن ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    إرشاد القرآن إلى حفظ الأيمان (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    من معجزاته صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أربعة يعذرون في الإسبال
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة المسد (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    شم العرار من إيثار النبي المختار (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة جمعة عن الهواتف والإنترنت ووسائل التواصل
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

محاسن الألطاف الربانية (خطبة)

محاسن الألطاف الربانية (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2025 ميلادي - 27/5/1447 هجري

الزيارات: 254

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محاسن الألطاف الربانية

 

الحمد لله اللطيف الخبير، عمَّ بلطفه العالَمِينَ، وخصَّ به عبادَه المؤمنينَ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، أخبَر عن ربه بما يملأ القلوب عبوديةً له وتعظيمًا، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أهمية الحديث عن محاسن الألطاف الربانية:

أيها المسلمون، ما أضعفنا في هذه الحياة! نسيرُ فنتعثر كثيرًا ونصيب أقل، ولطف الله تعالى يحيط بنا في كل شؤوننا، ويسعفنا في كل مخاطرنا، ويؤمننا من كل مخاوفنا، فيتكرم بلطفه ويجود علينا، وييسر لنا ما حسبناه عسيرًا، فيكون لطفه عطاءً، أو يحيل بيننا وبين ما رغبنا به فيمنعه حكمة لا ندركها، والعبد متقلبٌ بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل، فهو محتاجٌ إلى العون عند الأوامر، وإلى اللطف عند النوازل، وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل، فإن كمَّل القيام بالأوامر ظاهرًا وباطنًا ناله اللطف ظاهرًا وباطنًا، وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر، وقلَّ نصيبه من اللطف في الباطن، فإن قلت: وما اللطف الباطن؟ قيل: هو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع، ولولا لطف الله لامتلأت القلوب وحشةً وخوفًا ورعبًا، ولما طاب بالحياة عيش.

 

القرآن والسنة يحدثاننا عن لطف الله:

أيها المسلمون، لقد ذُكر في القرآن والسنة أن من أسماء الله تعالى اللطيف، ومن صفاته سبحانه لطفه بعباده، وقد كرر ذكره في القرآن؛ ليركن قارئه إلى الله تعالى، ويطمئن للطفه سبحانه مهما عظمت الكروب والشدائد، وازدادت الأخطار والمخاوف، ولطف الله سبحانه يدور في القرآن على معنيين عظيمين يحتاج إليهما المؤمن؛ وهما: أن علمه سبحانه دقَّ ولطف حتى أدرك السرائر والضمائر والخفايا، والمعنى الثاني: أنه يوصل لعباده المؤمنين مصالحهم، ويدفع عنهم ما أهمَّهم من أخطارهم بطرق لا يشعرون بها ولا يتوقعونها، فمن الآيات التي تدل على دقة علم الله تعالى قول الله تعالى: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 102، 103]، وقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 13، 14].


ولما نهى سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم عن الخضوع بالقول، وتبرج الجاهلية، وأمرهن بالقول المعروف ختم الآيات بقوله سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]، ومنه قول لقمان الحكيم: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16].

 

ويتجلى لطف الله تعالى في إيصال نفعه لعباده من تيسير أمورهم ورزقهم، بما يحتسبون وما لا يحتسبون، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج: 63]، ويقول الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19]، وفي السنة النبوية حدثنا نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- عن ربه، وهو أعرف الخلق به، فوصفه بأنه اللطيف، فعن قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أن عائشة- رضي الله عنها- قالت: إن النبي- عليه الصلاة والسلام- قَالَ له: في تتبعها للنبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من عندها خفية لزيارة البقيع: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»؛ مسلم.

 

مظاهر ألطاف الله تحيط بنا:

أيها المسلمون، إن من معاني اسم الله اللطيف: هو الذي يوصل إلى عباده نعمه، ويدفع عنهم نقمه، بلطفه وإحسانه، ويسوقهم إلى كمالهم وسعادتهم، بطرق خفية قد لا يشعرون بها، ولا يهتدون لمعرفتها، إلا إذا لاحت لهم عواقبها، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19]، فيجعل العطاء في المنع، والرفعة في الابتلاء، والمنحة في ثنايا المحنة، فيمنعك أحيانًا ليحفظك، ويبتليك ليرفعك، فربما منعك شيئًا مما تحب؛ لئلا يمسك ضر ما تكره، اللطف كل اللطف أن يحفظك الله من مخبئات الأقدار التي يعلمها ولا تعلمها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن العبد لَيَهمَّ بالأمر من التجارة والإمارة، حتى ييسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإني إن يسرته له أدخلته النار، فيصرفه الله عنه، فيظل يتطيَّر- (أي: يتشاءم)- يقول: سبقني فلان، دهاني فلان، وما هو إلا فضل الله عز وجل)؛ جامع العلوم والحكم.

 

وأعرف خلق الله به أنبياؤه ورسله، فمن نظر فيما جرى عليهم من الأمور التي في ظاهرها امتحان وابتلاء، وبأساء وضراء، ولكن في باطنها لطف ورأفة، ورفق ورحمة، أيقن أن الأمر كله بيد اللطيف الخبير، وانظر إلى نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام وهو يتنقل بين أصناف البلاء؛ من الحسد في البيت إلى الجب، ومن الجب إلى القصر والرق، ومن القصر إلى السجن، ثم من السجن إلى ملك خزائن الأرض، فمن مظاهر لطف الله به أن الجب كان حماية له من القتل، والرق حماية من التيه في الصحراء، والسجن ابتلاء، ووقاء من دواعي المعصية، وفيه التقى بمن أوصل نبأه إلى الملك، فأصبحت هذه البلايا والرزايا سببًا لرفعة يوسف عليه السلام في الدنيا والآخرة، وجمع الله شمله بوالديه وأهله، وهو في غاية العز والعظمة والرفعة، مع ما منَّ الله تعالى به عليه من النبوة ليقول الله: ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100].


وهذه مريم الصِّدِّيقة حينما ظهر عليها الحمل تقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ [مريم: 23]، فتدعو على نفسها بالموت، ولا تعلم أنها صارت بهذا الحمل آية من آيات الله الباهرة الدالة على عظيم قدرته القاهرة، وأن في بطنها نبيًّا من أولي العزم من الرسل، وأنها بفضل هذا الذي حملت به رفعت إلى مصاف الصديقين ﴿ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ﴾ [المائدة: 75]، فظنتها كربات، وإنما كانت من الله كرامات، قال الله تعالى: ﴿ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 21]، ومن لطف الله بعباده وعنايته بهم أنه يقدر أرزاقهم، بِمَا يَحْتَسِبُونَ وَمَا لَا يَحْتَسِبُونَ، وَبِمَا يَظُنُّونَ وَمَا لَا يَظُنُّونَ، وكل ذلك بحسب علمه بمصالحهم، لا بحسب رغباتهم؛ لطفًا بهم وبرًّا، وكرمًا وإحسانًا، ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]، وفي مسند الإمام أحمد عن محمود بن لبيد الأنصاري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تعالَى ليَحمي عبدَه المؤمنَ منَ الدُّنيا، وهوَ يحبُّهُ، كما تَحمونَ مريضَكمُ الطَّعامَ والشَّرابَ تخافونَ عليهِ»؛ الجامع الصحيح.


إن مظاهر لطف الله بعباده كثيرة، لا يمكن حصرها، أو الإحاطة بها، فمنمظاهر لطف الله بنا نحن في سياقنا الدنيوي، فإننا غارقون في لطف الله، والحكايات والقصص التي عاشها كل منا كثيرة متنوعة، أتذكر أنت كم مرة ضاقت بك السبل، وتقطعت بك الأسباب، وخلت نفسك غارقًا لا مفر؟ ولكنَّ لُطف الله تدخل في اللحظة الأخيرة، وأنجاك من كل ما كنت تخشاه، في دراستك، أو عملك، في أولادك، وأهلك، في كل دقائق الحياة يغمرنا فضل لطف الله، ويجعل لوجودنا شكلًا آخر، ألا يستحق ذلك أن نشكر الله حق الشكر؟! ونعبده مخلصين، مقرين له بالكرم والفضل ظاهرًا وباطنًا؟!

 

تعلق الإنسان بغير الله وأضراره:

أيها المسلمون، إذا كانت هذه ألطاف الله تحيط بنا من كل الجهات في الظاهر والباطن، فكيف يتعلق الإنسان بغير الله وهو ينظر إلى ألطاف الله به؟! قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18]. قال ابن القيم: (من تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل)، وصدق الله اذ يقول: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ﴾ [يس: 74، 75]، فإذا كانت مقادير كل شيء بيده سبحانه، ومصير العباد إليه، وآجالهم وأرزاقهم عنده؛ بل سعادتهم وشقاؤهم في الدنيا والآخرة لا يملكها أحد سواه؛ وجب أن تتعلق القلوب به وحده، وألَّا تذل إلا له، ولا تعتز إلا به، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تركن إلا إليه؛ لأنه هو الذي يحيطنا بلطفه، ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، فالنفع والضر بيده سبحانه، ولا يملكهما غيره، ولا يقعان إلا بقدره، ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ﴾ [الأحزاب: 17]، يتعلق الناس بغير الله مع علمهم أن الأمور بيد الله، الغريق في البحر، والتائه في الصحراء، يناديه الغريق فينجيه، ويسأله التائه فيؤويه، ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 63، 64]، المريض يتململ على فراشه، عجز الطبيب، وخفي الدواء، وتعطلت الأسباب، فيقول: "يا الله" فإذا الفرجُ وإذا اللطف وإذا الشفاء: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]. المديون تضيق عليه الأرض بما رحبت، وتُغلق في وجهه الأبواب، فيطرق باب الكريم، ويقول: "يا الله" فيأتيه الفرج القريب من اللطيف الخبير والسميع المجيب: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].

 

المبتلى بأي بلاء تُعجزه الحيل، وتضيق عليه السُّبُل، فإلى من يرفع الشكوى؟! وإلى من يبث النجوى؟! إلى اللطيف سبحانه، عالم السر وأخفى، فإذا العنايةُ واللطف من الله: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، نركب البحر، ونركب الجو، فإذا القلقُ وإذا الخوف وإذا الوجل، فمن ندعو؟ ومن نرجو؟ ألا الله اللطيف، تقلُّ الأمطار، وتجفُّ الآبار، وتموتُ الأشجار، وتفسدُ الثمار، فمن يأتينا بالماء، ومن يعيد الحياة؟ إنه الله اللطيف الخبير، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج: 63].

 

كيف نستشعر ألطاف الله في حياتنا:

أيها المسلمون، كيف ننال لطف الله تعالى؟ باليقين ببالغ حكمته، وعظيم رحمته، ولزوم تقواه وطاعته، فهو القائل سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وإن ومن أعظم ما نستدرُّ به لطف الله جل وعلا، أن نعمل بمقتضى اسمه اللطيف في حياتنا، فنحسن إلى من حولنا، ونعين من استعان بنا، ونواسي الحزين، ونلتمس الأعذار للمخطئين، فلا نجرح بكلماتنا، ونتأنى في أحكامنا فلا نظلم، نتخلق بخلق اللطف واللين، فاللطف قيمة تقاس بكثرة العطاء، وصدق المشاعر، ورقي التصرف، وجمال الخلق، بل بالرفق في كل حين وآن، فإن اللطيف سبحانه يحب الرفق: «إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمرِ كلِّه»؛ صحيح بن حبان عن عائشة رضي الله عنها، فلندخل اللطف في بيوتنا، وفي أعمالنا، وفي مساجدنا وأسواقنا، ولننشر قيمة اللطف في مجتمعنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العطايا والمنح بعد المحن (خطبة)
  • أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)
  • رحلة على مركب الأمنيات (خطبة)
  • سنة التدافع وفقهها (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • محاسن الإسلام والشرائع للزاهد البخاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (4)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (3)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • مقدمة في محاسن الصدق ومساوئ الكذب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من محاسن الإسلام (2)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من محاسن الإسلام (1)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • جاء الإسلام فتبدلت المساوئ محاسن والرذائل فضائل(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/5/1447هـ - الساعة: 18:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب