• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    النبي المعلم (صلى الله عليه وسلم)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    المسلم لا يهاب الفقر ولا يرضى به
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    القول المبين في بيان حقوق الإمام على المأمومين
    السيد مراد سلامة
  •  
    الآيات الإنسانية المتعلقة باللسان والشفتين في ...
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    تفاءل لتشفى
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    النفس اللوامة (محاسبة النفس)
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    السعي في طلب الرزق (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    الخلاصة في حكم الاستمناء
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    إثبات النبوة (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    تحريم التسمي أو الاتصاف بما خص الله به نفسه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة الإندونيسية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    حقوق المساجد
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خرق القوانين المركزية للظواهر الكونية بالمعجزات ...
    نايف عبوش
  •  
    التسبيح هو أحب الكلام إلى الله تعالى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

المسلم لا يهاب الفقر ولا يرضى به

المسلم لا يهاب الفقر ولا يرضى به
أشرف شعبان أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2025 ميلادي - 16/5/1447 هجري

الزيارات: 92

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسلم لا يهاب الفقر ولا يرضى به

 

مع أن الفقر وما يُسببه من جوعٍ وعُري، قد يكون سببًا رئيسًا لارتكاب جرائم تبلغ في فظاعتها وشناعتها الخروجَ من الملة، أو بيع الوطن والأهل، أو العرض والشرف، والاتجار في المخدرات والممنوعات، وارتكاب سائر أنواع المنكرات والمحرمات، مرورًا بالسرقة ووصولًا إلى القتل أو الانتحار، وغيرهم من مختلف الجرائم - فإن المسلم لا يشكِّل الفقر أو الجوع عنده أيَّ فزع أو خطر، ولا يُبعده قيد أُنملة عن دينه، وهذه الحقيقة قديمة قدمَ الإسلام ويؤكِّدها لنا القائمون على التنصير والذين يستخدمون سلاحَ الطعام والدواء لإبعاد المسلمين عن دينهم، فمع الإمكانيات الهائلة والطاقات العظمى التي وُضعت وتُوضَع كلَّ يوم تحت أيديهم، فإنهم لم ولن يأتوا بالنتائجَ المرجوَّة لديهم، وما يكشف عن حقيقة أغراضهم، إنهم قد تركوا بلادهم تكتظ بالمفاسد، وتغوص في الرذائل؛ حيث المخدرات بأنواعها وجرائم الشذوذ الجنسي من لواط واغتصاب، وزنا المحارم، والعربدة والسلب والنهب، والانتحار والاضطرابات النفسية والعصبية، وقد جاؤوا محمَّلين بدعاويهم الباطلة وافتراءاتهم الكاذبة، واهمين وظانين ظن السوء أنهم يستطيعون أن يساوموا المسلمين على دينهم، ولكن هيهات!

 

إن معدَّل الجرائم في جميع الدول الإسلامية التي يقع سكانها تحت خط الفقر مجتمعةً، لا يُذكَر بجوار معدل الجرائم في أمريكا وحدها، فقد بلَغ جريمةً كلَّ 27 ثانية، فالفقر مهما كانت أسبابه ومسبباته، فإنه لا يَرُدُّ مسلم عن دينه ولا يدفَعه إلى الانحراف.

 

ذاق المسلمون الأوائل أشدَّ أصناف العذاب والفقر والجوع، ولم يُبعدهم أو يردهم كلُّ ذلك عن دينهم، ورَد بأسانيد مختلفة عن موسى بن عقبة وعن ابن إسحاق وعن غيرهما أن كفار قريش أجمعوا أمرهم على قتْل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلَّموا في ذلك بني هاشم وبني المطلب، ولكنهم أبوا تسليمه صلى الله عليه وسلم إليهم، فلما عجزت قريش عن قتله عليه الصلاة والسلام، أجمعوا على منابذته ومنابذة من معه من المسلمين ومَن يَحميه من بني هاشم وبني المطلب، فكتبوا بذلك كتابًا تعاقدوا فيه على ألا يناكحوهم ولا يُبايعوهم، ولا يدعوا سببًا من أسباب الرزق يصل إليهم، ولا يقبلوا منهم صلحًا، ولا تأخذهم بهم رأفة، حتى يُسلم بنو المطلب رسول الله عليه الصلاة والسلام إليهم للقتل، وعلقوا الكتاب في جوف الكعبة، والتزم كفار قريش بهذا الكتاب ثلاث سنوات بدءًا من المحرم سنة سبع من البعثة إلى السنة العاشرة منها، وحوصِر بنو هاشم وبنو المطلب ومَن معهم من المسلمين، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شِعب بني المطلب، فجهد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون جهدًا شديدًا في هذه الأعوام الثلاثة، واشتد عليهم البلاء، وفي الصحيح أنهم جهدوا حتى كانوا يأكلون الخبط وورق الشجر، ولقد قوطع محمد علية الصلاة والسلام، ومعه أصحابه المسلمون عن سبيل كلِّ معايشة اقتصادية واجتماعية مع يني قومه، فلم تُترَك سلعة تتسلَّل إلى أيديهم، ولم يُترك طعام يدخل إلى بيوتهم، حتى راحوا يأكلون ورق الشجر وهم على ذلك صابرون، وهو ما يشبه في عصرنا الحالي ما يسمى بالحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى الصليبية على الدول الصغرى، وبالأخص الإسلامية منها، ولكن هناك فرق بين مسلمي الأمس ومسلمي اليوم، بين الذين راحوا يأكلون ورق الشجر، صابرين متمسكين بعقيدتهم واثقين في فرج الله ونصره، وبين من يحنون رؤوسهم، ويُهرعون هنا وهناك طالبين رضى اليهود والنصارى، مخالفين بذلك أمر الله، وذلك بمجرَّد التلويح باستخدام سلاح الحصار الاقتصادي، ولم يكن هذا هو الابتلاء الوحيد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحياة الصحابة معه، بل كانت حياتهم سلسلة متواصلة من الابتلاءات، فقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وهاجر إليها من قبله ومن بعده أصحابُه، تاركين المال والأرض والممتلكات المختلفة، واستقبلوا بوجوههم شطر المدينة المنورة، لا يبتغون عن إيمانهم بالله بديلًا، إيمانًا كاملًا متكاملًا بكل ما أنزله عز وجل على نبيا عليه الصلاة والسلام، إيمانًا يَقَرُّ في القلوب ويصدِّقه العمل بكل ما جاءت به الشريعة، لا تطبيق جزء وترك جزءٍ، ولا تطبيقه عامًا وتركه عامًا؛ كما أخرج مسلم والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: ألستم في طعام وشراب ما شئتم؟ لقد رأيتُ نبيكم صلى الله عليه وسلم، وما يجد من الدقل "التمر" ما يملأ بطنه، وفي رواية لمسلم عن النعمان رضي الله عنه؛ قال: ذكر عمر رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيتُ رسول الله يَظَلُّ الْيَوْمَ وَمَا يَجِدُ طَعَامًا يَمْلَأُ بَطْنََهُ، وأخرج أبو نعيم في الحلية والخطيب وابن عساكر وابن النجار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسًا، فقلت: يا رسول الله، أراك تصلي جالسًا فما أصابك؟ قال: (الجوع يا أبا هريرة)، فبكيت، فقال: (لا تبكِ يا أبا هريرة، فإن شدة الحساب يوم القيامة لا تُصيب الجائع إذا احتسب في دار الدنيا)، وعند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان يمر بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال ثم هلال، لا يوقد في بيوتهم شيء من النار لا لخبزٍ ولا لطبيخٍ، قالوا: بأي شيء كانوا يعيشون يا أبا هريرة؟ قال: الأسودان: التمر والماء، وأخرج الترمذي، وصحَّحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة وأهله طاويًا "جائعًا"، لا يجدون عشاءً، وإنما كان أكثر خبزهم الشعير.

 

وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: إن فاطمة رضي الله عنها ناولت النبي صلى الله عليه وسلم كسرة من خبز الشعير، فقال لها: (هذا أول طعام أكله أبوك منذ ثلاثة أيام)، وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن بجير رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام - قال: أصاب النبي صلى الله عليه وسلم جوعًا يومًا، فعمد إلى حجر فوضعه على بطنه، ثم قال: (ألا رُبَّ نفس طاعمة ناعمة في الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة، ألا رُبَّ مُكرم لنفسه وهو لها مُهين، ألا رُبَّ مُهين لنفسه وهو لها مُكرم). وأخرج أحمد عن محمد بن كعب القرظي أن عليًّا رضي الله عنه قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار، وأخرج أحمد ورواته رواة الصحيح عن عبد الله بن شقيق قال: أقمت مع أبي هريرة رضي الله عنه بالمدينة سنة، فقال لي ذات يوم ونحن عند حجرة عائشة رضي الله عنها: لقد رأيتنا وما لنا ثياب إلا البِرادُ الخشنة، وإنه ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعامًا يُقيم به صُلبه، حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر، فيشد به على أخمص بطنه، ثم يشده بثوبه ليُقيم صلبه.

 

وأخرج الطبراني عن انس رضي الله عنه قال: كان السبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَمُصُّون التمرة الواحدة، وأكلوا الخبط حتى ورِمت أشداقهم "جوانب فمهم"، وأخرج البيهقي عن جابر رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمَّر علينا أبا عبيده رضي الله عنه، نتلقى عيرًا لقريش، وزوَّدنا جرابًا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيده يعطينا تمرة تمرةً، قال: فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: كنا نَمُصُّها كما يَمص الصبي، ثم نشرب عليها الماء، فتَكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بِعِصِيِّنا الخبط، ثم نَبُلُّه بالماء فنأكُله، وعند الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندقَ وأصحابُه، قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع.

 

أسند ابن وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: حدثنا عن شأن ساعة العُسرة، فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد "حر شديد"، فنزلنا منزلًا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطِع، حتى إن الرجل لينحر بعيره، فيعتصر فرثه فيشربه، ثم يجعل ما بَقِيَ منه على كبده.

 

وقال عمران بن حصين: كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله، وجاء فقال: (يا عمران، إن لك عندنا منزلة وجاهًا، فهل لك في عيادة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، قلت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقام وقمت معه، حتى وقف بباب فاطمة، فقرع الباب، وقال: (السلام عليكم، أأدخل؟)، فقالت: ادخل يا رسول الله، قال: (أنا ومن معي؟)، قالت: ومَن معك يا رسول الله؟ قال: (عمران)، فقالت فاطمة: والذي بعثك بالحق نبيًّا، ما عليَّ ألا عباءة، قال: (اصنَعي بها هكذا وهكذا)، وأشار بيده، فقالت: هذا جسدي قد واريته، فكيف برأسي؟ فألقى إليها مِلأةً كانت عليه خَلِقة، فقال: (شدي على رأسك)، ثم أذنت له فدخل، فقال: (السلام عليكم يا ابنتاه، كيف أصبحتِ؟)، قالت: أصبحت والله وجِعة، وزادني وجعًا على ما بي أني لست أقدِر على طعام آكُله، فقد أضرَّ بي الجوع، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (لا تجزعي يا ابنتاه، فو الله ما ذقت طعامًا منذ ثلاث، وإني لأكرم على الله منك، ولو سألت ربي لأطعمني، ولكني أثرت الآخرة على الدنيا، ثم ضرب بيده على منكبيها، وقال لها: أبشري؛ إنك لسيدة نساء أهل الجنة)، قالت: فأين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، قال: (آسية سيدة نساء عالمها، ومريم سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، إنكن في بيوت مِن قصبٍ، لا أذى فيها ولا صخب ولا نصب، ثم قال لها: اقنعي بابن عمك، فو الله لقد زوَّجتك سيدًا في الدنيا سيدًا في الآخرة).

 

أخرج أحمد والنسائي والطبراني عن أبي ريحانة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فقال: أصابنا ذات ليلة بردٌ شديد، حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الخندق، فيدخل فيها، ويُلقي عليه حَجْفَتَه.

 

أخرج الطبراني عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: لقد رأيت حمزة رضي الله عنه وما وجدنا عليه ثوبًا نُكفنه فيه غير بُردة إذا غطَّينا بها رجلَه خرج رأسه، وإذا غطَّينا بها رأسه خرجت رجلاه، فغطَّينا رأسه، ووضعنا على رجليه الإذخر: "حشيش طيبة الرائحة تُسقَّف بها البيوت فوق الخشب".

 

وأخرج ابن ماجه والحاكم عن أنس رضي الله عنه قال: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف واحتذى المخصوف، وقال: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعًا، ولبس حلسًا خَشنًا، قيل للحسن: ما البشع؟ قال: غليظ الشعير، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسيغه إلا بجرعة من ماء.

 

وقال علي لعمر رضي الله عنهما: إن أردت أن تلحق بصاحبيك، فارفَع القميص وانكُس الإزار، واخصِف النعل، وكُلْ دون الشِّبع، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان إضجاع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه وسادة من أَدَمٍ حَشوُها ليفٌ؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح وابن ماجه.

 

ولم تكن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا حياة الصحابة على هذه الوتيرة، من الفقر والجوع والشقاء والعذاب، فقد عاش عليه الصلاة والسلام حتى فُتحت له الأرض، وكَثُرت غنائمها، وعمَّ فيؤها، اغتنى من لم يكن له من قبلُ مالٌ ولا زاد، ومع هذا فقد كانت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام كما كانت من قبلُ، ولكن كان ذلك اختيارًا للاستعلاء على متاع الحياة الدنيا، ورغبةً خالصة فيما عند الله، رغبة الذي يَملِك، ولكنه يعف ويستعلي ويختار.

 

وهذه المحن جعلت مسلمي الأمس واليوم والغد أشدَّ صلابة أمام شبح الفقر والجوع، لا يهابونه أو يرضخون له، وهذا ما أخبرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال: (فوالله ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم إن تُبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على مَن قبلكم، فتنافسوها كما تنافَسوها، فتُهلككم كما أهلكتهم)، فالأمة التي ضحى أبناؤها بكل غالٍ ونفيس في سبيل الله، عندما هجروا الأرض والمال والأهل، متجهين إلى حيث لا يعلم إلا الله، وسط مجاهل الصحراء وأهوالها سيرًا على الأقدام، ويتناوبون ركوب بضعة إِبل تقل كثيرًا عن أعدادهم، ولمسافات طويلة تشق وسائل مواصلات اليوم على اختراقها، فأي فقرٍ يُخشى عليها بعد ذلك.

 

أمة أكل أبناؤها أوراق الشجر، ومَصَّ السبعة منهم التمرة الواحدة، وربط آخرون الحجر على بطونهم؛ تأسيًا برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، أيُخشى عليها أن يُقطَع عنها إمدادات القمح أو الشعير، أمة كادت رقاب أبنائها تُشق من العطش، أيُخشى عليها منع المنح والهبات عنها، أمة تحمَّل أبناؤها قلة الثياب حتى لم يجدوا ما يُكفَّن فيه أمواتهم، ولا ما يحمي أحياءهم من قرص البرد وقيظ الحر، أيُخشى عليها حجب أجهزة التكييف والفيديو، وسائر أجهزة الترفيه عنها، أمة أخرجت العالم كله من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، وخضعت لها إمبراطورية الفرس والروم، فلا يُخشى عليها أبدًا الفقرُ والجوع.

 

والمسلم إذا كان لا يخاف الفقر، ولكنه لا يرضى به، ولا يستسلم له، ويعمل ما في الوسع لتفادي الوقوع فيه، فقد وصف عليه الصلاة والسلام الفقر بالكفر: (كاد الفقر أن يكون كفرًا)، وكان يستعيذ بالله منه ويدعو ربَّه بقوله: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، قال رجل: أيعدلان؟ قال: نعم)، وقال: (اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أَظلم أو أُظلم).

 

المراجع:

(1) إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي.

(2) الإسلام الدين الفطري الأبدي، لأبي النصر مبشر الطرازي الحسيني.

(3) حياة الصحابة محمد يوسف الكاندهلوي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نحن الفقراء
  • أنتم الفقراء إلى الله (خطبة)
  • من آداب الصيام: العطف على الفقراء والمساكين
  • حج الفقراء وحج الأغنياء
  • عناية الإسلام بالفقراء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أخلاق البائع المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زاد المسلم في حلية طالب العلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ما لا يسع المسلم جهله في الفقه والأخلاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إشكالية اختيار الثغر: كيف يجد الشاب المسلم دوره في نصرة دينه؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • زاد المسلم في الرقية الشرعية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم الإيجابي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشباب المسلم على مفترق طرق الجاهلية الحديثة: بين مطرقة "النسوية" وسندان "الحبة الحمراء"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين الفحل(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/5/1447هـ - الساعة: 21:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب