• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم التسمي أو الاتصاف بما خص الله به نفسه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة الإندونيسية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    حقوق المساجد
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خرق القوانين المركزية للظواهر الكونية بالمعجزات ...
    نايف عيوش
  •  
    التسبيح هو أحب الكلام إلى الله تعالى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من أخطاء المصلين (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام شدة محبة الصحابة ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن السعادة
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    أنين مسجد (5) - خطورة ترك الصلاة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن ...
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    أقوال العلماء حول طهارة العين النجسة بالاستحالة
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حقوق المساجد

حقوق المساجد
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2025 ميلادي - 15/5/1447 هجري

الزيارات: 107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق المساجد

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغامًا لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفّع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر.

أما بعد:

فحديثنا في هذه اللحظات عن حقوق بيوت الله؛ المساجد.

 

أهمية المساجد:

إنها بيوت الله - جلا وعلا - فيها يُذكر اسمه، ومنها يُنادى إلى طاعته وعبادته، وفيها تحيا القلوب وترتفع الأرواح.

 

إنها المساجد فيها تسجد الجباه، وتترطب بالذكر الألسن، وتتراص الصفوف، وتتوحد وتتألف النفوس.

 

إنها المساجد أحب البقاع إلى الله، ما إن تدخل إلى المسجد متوضأً إلا وعدّاد الحسنات يشتغل حتى لو لم تصلّ أو تذكر الله أو تقرأ قرآن فأنت في أجورٍ عظيمة ما دمت في ضيافة ملك الملوك جل جلاله.

 

إنها المساجد من أحبها ولازمها وعلّق قلبه بها وأكثر فيها من الصلاة والذكر والقرآن كان ممن يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

 

نتحدث عن بيوت الله عز وجل التي أخبر الله عنها وذكر نسبتها إليه فقال: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، وقال جل شأنه: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ ﴾ [التوبة: 18].

 

المسجد هو بيت كل مؤمن وتقي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «الْمَسْجِد بَيتُ كُلّ تَقِيّ »[1].

 

المساجد هي بيوت الرحمن، ومأوى ملائكته، ومهابط رحمته، ودور عبادته وملتقى عباده المؤمنين، لا تُبنى لأجل المباهاة والزينة، ولا تتخذ آثار ومتاحف ومظاهر للمفاخرة، وإنما تُبنى لإقامة الصلاة وذكر الله فيها، والمسجد في كل حي يعتبر كمستشفى الحي، فإذا كان المستشفى يعالج الأمراض الجسمية، فالمسجد يعالج النفس البشرية من أمراضها النفسية، ويوجهها إلى طريق الاطمئنان والسلام والسعادة في الدارين، وذلك بالصلاة والذكر والخطب والمواعظ وحلقات العلم التي تقام فيه.

 

المساجد رغّب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بنائها فقال كما روى الشيخان: «من بنى لله مسجدا، يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتا في الجنة»[2].

 

ورغّب في عمارتها بالذكر والطاعة كذلك فقال -صلى الله عليه وسلم-: « من غدا على المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا كلما راح أو غدا » [3]، وروى مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من تطهر في بيته ثم مشى على بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجته 'فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه »[4].

 

و روى بعض أصحاب السنن والحاكم وابن حبان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة »[5]، وهذا يخص المحافظين على صلاتي العشاء والفجر على وجه الخصوص، وبالأخص صلاة الفجر.

 

نقف مع بيوت الله وهناك كثيرٌ من المسلمين لا يدركون حقوقها وأحكامها وآدابها.

 

عمار المساجد هم أهل الله عز وجلا.

 

أهل المساجد هم صفوة من العباد والخلق الذين يجيبون نداءه، ويهبون إلى طاعته، ويقبلون إلى مرضاته، يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].


..، يقول ابن كثير: « شهد الله بالإيمان لعُمار المساجد ».

 

إنما يعمر مساجد الله تعالى على الحقيقة من جمع الصفات الخمس المذكورة في الآية الثانية وهي: الإيمان بالله سبحانه إيمانًا صادقًا لا تشوبه أي شائبة من الشرك، وآمن باليوم الآخر بما فيه من حساب وثواب أو عقاب، وجعل عمله كله مبنيا على هذا الإيمان، وأقام الصلاة التي هي عمود الإسلام ورأس العبادات البدنية. وآتى الزكاة التي هي رأس العبادات، ولم يخش إلا الله جل وعلا.

 

وروى عبد الرزاق عن عمر بن ميمون أنه قال: «كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أدركتهم وهم يقولون أن المساجد بيوت الله في الأرض، وأنه حق على الله أن يكرم من زراه فيها، وأنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها».

 

لكن الضيف يجب أن يُراعي أدب المكان، وأدب المضيف - وهو الرحمن سبحانه وتعالى - فنحن في بيوته ونحن أنما جئنا لعبادته، فإن هذه البيوت بيوت الله سبحانه وتعالى.

 

الزينة والنظافة:

من حقوق المساجد أن نراعي ما يجب لها من الزينة، قال تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، مع ما ورد في السنة النبوية - يستحب التجمل عند الصلاة ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد و.. الطيب لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك، وكذلك نستحضر هنا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- المشهور المعروف الذي يتبادله الناس ويتذاكرونه، وكثيراً ما يخالفونه وهو ما روى البخاري (855)، ومسلم (564) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، ولْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ»


قال بعض العلماء استنباطاً من هذا الحديث: « أن الآكل لهذه الثمرة قبل الصلاة تسقط عنه الجماعة، ويجب عليه ألا يصلي مع الناس، حتى لا يؤذيهم»، والمقصود هنا كراهة الرائحة وكلما هو من هذا الباب داخل به وملحق به.. المدخنون الذين يؤذون الناس برائحتهم - شاءوا أو أبوا - قد آذوا المصلين وآذوا ملائكة الله المقربين،، ومثل ذلك كذلك من يأتون إلى المساجد وهم قد فرغوا من أعمالهم من غير أن يتهيئوا ولو بإزالة العرق فضلاً من أن يغيروا ملابسهم؛ ليزيلوا هذه الروائح الكريهة! وبعضهم تضايقك رائحته فلا تكاد تشعر بما تريد أن تقبل عليه من طاعة الله وعبادته!

 

روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أيما رجل خرج من بيته يوم الجمعة واغتسل ثم أدهن وتطيب من طيب امرأته فخرج يريد الصلاة ثم دخل وصلى ركعتين ولم يحدث أحد فأنصت حتى يفرع الإمام ثم صلى مع الناس غفر الله له ما بين تلك الجمعة إلى الجمعة الأخرى».

 

وقال ابن كثير وغيره في قول الله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [النور: 36].


قال: أن تُطهّر من الأدناس والأرجاس الظاهرة والباطنة؛ فإن رفع ذكر الله ليس بمجرد تلاوة القرآن وإقامة الصلاة، بل يدخل فيه مثل هذه الأمور.

 

ونظافة المساجد أمرها مهم وعظيم وأجرها كبير، كما روى أبو داود وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد»[6]، أي داخل في الأجور المباركة والعظيمة أن تأخذ قشرة أو قشه صغير فتقمُّها من المسجد وتطهّره وتنظّفه.

 

روى البخاري وغيره كذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأةً كانت تقمّ المسجد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي تأخذ ما يكون في المسجد من الأذى والقذى - فتقمه وتخرجه فماتت، فتفقدها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعلم بها، فقال: «أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلُّوني على قبرها»[7]. ثم ذهب وصلّى عليها بعد دفنها.

 

وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (بينما نحن في المسجد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مه مه!! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزرموه، دعوه». فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاه، فقال: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله -عز وجل- والصلاة وقراءة القرآن » ثم قال -صلى الله عليه وسلم- لصحابته «أهريقوا على بوله ذنوبا من ماء - أي دلوا من ماء- فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين وسكنوا ولا تنفروا»[8].

 

ومن الناس من يستهين بالبصاق فلا يبالون بأن يبصقوا على الأرض أو على الجدران في أي مكان حتى في المسجد. وإذا كان البصاق على الأرض في الطرقات أذىً وإضراراً للغير، ومجافاة لآداب السلوك -وبخاصة بعد انتشار المناديل الورقية وغيرها- فإن فعله في المسجد أكثر إيذاء، حتى عده الشارع خطيئة، فقد روى الشيخان عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها»[9].، وروى مسلم عن أبي ذر ا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «عُرضت عليَّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالهم الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن [10].

 

الدعاء عند الدخول والخروج:

من حقوق المساجد الدعاء عند الدخول والخروج، فيُسن لمن أراد الدخول إلى المسجد أن يقدم رجله اليمنى أثناء الدخول ثم يقول: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه الكريم، من الشيطان الرجيم، بسم الله، اللهم صل وسلم على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قدم رجله اليسرى وقال: بسم الله، اللهم صل وسلم على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك، اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم[11].

 

عدم رفع الصوت فيها:

كم نسمع في المساجد من حديث ليس فيه ذكرٌ ولا طاعة، بل ربما كان حديث في أودية الدنيا، أو غيبة ونميمة!

 

وكم ترتفع الأصوات! وكم تعلوا الضحكات! حتى أن بعض الناس ربما يختلف عليه الأمر ويلتبس هل هو في مسجد أو في مكان آخر؟

 

استمعوا إلى هذا الحديث - الذي يرويه السايب بن يزيد - عند البخاري في صحيحه قال: كنت في المسجد فحصبني رجل - يعني رماني بحصى صغيرة من ورائي - فالتفت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لي: اذهب فأتني بهذين الرجلين - رجلان كانا يتحدثان بصوت عالي - قال: فأتيته بهما، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من الطائف! فقال: « لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما - أي ضرباً - ترفعا أصواتكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي رواية - في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم»!

 

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت فيها واعتبر بعض العلماء النهي للتحريم، فجاء في فقه السنة قوله: يحرم رفع الصوت على وجه يشوش على المصلين ولو بقراءة القرآن، ويستثنى من ذلك درس العلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: « إن المصلي يناجي ربه جل جلاله فلينظر بم يناجيه؟ ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن » [12]، وروى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: « ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة »[13] ...

 

اغلاق الجوالات وما شابه من مزعجات للمصلين:

نتكلم عن حقوق المساجد وآدابها حين أيقن الكفار أن الصلاة هي أعظم شعيرة عند المسلمين، هي التي تربطهم بربهم، وهي التي تريحهم من همومهم، وتنفس عنهم غمومهم.

 

وعلم الأعداء أن للمساجد حُرمة عظيمة عند المسلمين، ومن هذا المنطلق حاول الأعداء جاهدين إيجاد طريق لإزالة هذه الحرمة من قلوب المسلمين، ولهذا عمدوا إلى مخطط الهاتف الجوال وإدخال الأغاني والموسيقى المحرمة إلى المساجد، وقد نجحوا نجاحاً باهراً لم يسبق له نظير، نتيجة الجهلاء من الناس.

 

فما بالنا اليوم بمن يأتون المساجد في ضيافة الرحمن جل جلاله، واقفون بين يدي العزيز الجبار، وبدل أن يخشعوا في صلاتهم، وينصتوا لإمامهم، ويُنيبوا إلى ربهم، تجدهم يدخلون بهواتفهم المحمولة، دون إغلاق، بل يتركونها تعمل لينطلق منها موج هادر من الموسيقى المحرمة شرعاً وعرفاً، تصعق المستمع، وتشغل الخاشع، تغضب الرحمن جل جلاله، وترضي الشيطان وأعوانه، أصوات مفجعة، ونغمات مفزعة، وأغان موجعة، أدخلوها أعظم البقاع حرمة وقدسية، وأحب البلاد إلى رب البرية، فأين عقول أولئك البشرية؟ والله - تعالى -يقول: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]، ويقول - سبحانه -: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32] .

 

عدم دعاء وسؤال غير الله فيها:

ومن حقوق المساجد عدم دعاء وسؤال غير الله فيها، فهناك صورة محزنة مؤلمة متكررة دائمة - والتي ألفها الناس حتى صاروا ينكرون على من ينكرها " السؤال في المساجد والتسول فيها " مع أننا نسمع قول الله جلا وعلا: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18].


قال السعدي في تفسيره: " المقصود الأمران معاً: دعاء العبادة، ودعاء المسألة "[14].

 

كيف تسأل في بيت الله غير الله؟ وقد كان هشام عبد الملك يطوف - مرة - بالبيت الحرام، فلقي سالم بن عبد الله - من أئمة التابعين - فسلّم عليه، وقال: سلني حاجتك! قال: أني استحي من ربي أن أسأل غيره وأنا في بيته! فلما خرج قال: نحن الآن قد خرجنا من المسجد فسلني حاجتك! قال: من أمر الدنيا أم من أمر الآخرة؟ قال: من أمر الدنيا فأمر الآخرة لا أملكه! قال: أما الدنيا فما سألتها من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها![15]

 

عدم نشد الضالة فيها:

ومن حقوق المساجد عدم نشد الضالة فيها وهذا من الأمر المهم، جاء في حديث أبي هريرة ا عند البخاري في صحيحه يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من سمع رجل ينشد ضالته في المسجد فليقل: لا ردّها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبنى لهذا »[16]، هذا لا يسأل الناس مالاً! وإنما له حاجه -ضلت عليه ناقته أو بعيره - يقوم فيقول للناس: بعيري كذا وكذا هل رآه منكم من أحد؟

 

عدم البيع والشراء فيها

ومن حقوق المساجد عدم البيع والشراء فيها يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه النسائي والترمذي: «من سمعتموه يبيع ويشتري في المسجد فقولوا له: لا أربح الله تجارتك»[17]، وهذا سنة، وحملها أهل العلم على التحريم، فإن من باع واشترى في المسجد ارتكب أمراً محرماً؛ لأنه خدش قداسة الشريعة، وانتهك حرمتها وصيانتها.

 

الصغار في المساجد

وحين نتكلم عن المساجد لا بد أن نتكلم عن الصغار من الأبناء الذين لا يعلمّهم آباءهم آداب المساجد وحرمة المساجد ومكانة المساجد، يعيثون فيها فساداً يلعبون فيها، بل إنهم قد يجعلون فيها من النجاسات والقاذورات ما إذا كان عشر معشار ذلك في بيته لقام على ابنه ضرباً أو وعداً ووعيداً حتى يزجره عن ذلك ويمنعه منه، وهم يسرحون أبنائهم في المساجد كأنما يسرحونهم في الملاعب أو الملاهي غير عابئين ولا آبهين بذلك، ربما يلحقهم الإثم بما يشوشون على المصلين ويفقدونهم من الخشوع أو الانتفاع بالاستماع، وهذا أمرٌ كثير بيّن. وليس معنى هذا أن نمنع صغارنا من دخول بيوت الله، والتعوّد عليها والصلاة فيها؛ وإنما تربيتهم على تعظيم بيوت الله والأدب فيها، فالله الله في بيوت الله وفي مساجد الله أن تعظم وأن يرفع فيها اسمه، وأن يتهيأ المسلم لها بما ينبغي لها.

 

عدم تخطي الرقاب

ومن حقوق المساجد عدم تخطي الرقاب الذي يحصل في الجمعة وغيرها، فلا يجوز للداخل إلى المسجد أن يتخطَّى الرقاب، ويُفرِّق بين الجالسين، أو يقيم أحداً من مكانه؛ ليجلس هو، ففي "صحيح مسلم" أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده، فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا»[18].

 

وفي صحيح البخاري أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم ,قال: « لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج؛ لا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام؛ إلا غفر الله ما بينه وبين ا لجمعة الأخرى»[19].

 

وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة، فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته؛ كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها»[20].

 

وعندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة وهو يخطب قال له صلى الله عليه وسلم: «اجلس فقد آذيت»[21].

 

حجز الأماكن:

ومن حقوق المساجد عدم حجز الأماكن فيها.. فمن حجز وهو في نفس المسجد، أو خرج من المسجد لعارض وسيرجع عن قرب، فإنه لا بأس بذلك؛ لكن بشرط: إذا اتصلت الصفوف يقوم إلى مكانه، لئلا يتخطى الرقاب.

 

وأما ما يفعله بعض الناس أن يحجز أحدهم ويذهب إلى بيته فينام ويأكل ويشرب، أو إلى تجارته فيبيع ويشتري، فهذا حرام ولا يجوز.

 

سنة تحية المسجد:

ومن حقوق وآداب المسجد سنة تحية المسجد سن النبي صلى الله عليه وسلم للداخل إلى المسجد تحية المسجد، نافلة يتقدم بها بين يدي عبادته في المسجد، وهي ركعتان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة في الصحيحين: « إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين »[22]، حتى أوجبها بعض أهل العلم والدليل على ذلك: « أن رجلاً دخل يوم الجمعة والمصطفى صلى الله عليه وسلم يخطب وجلس ولم يصلِ، قال: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِ ركعتين وأوجز »[23].

 

حُرمة اتخاذ القبور مساجد

من المحذور في المساجد: أن تتحول إلى مقابر، كما فعلت بعض الأمم والجاليات والشعوب حولها، رأيناها جهاراً نهاراً، حولوا مقابرهم إلى مساجد بنوا حولها وجعلوها مزارات ومساجد عندها يُستغاث ويدعى غير الله ويشرك بالله عزوجل، يقول عليه الصلاة والسلام: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »[24]

 

وذلك لأنهم جعلوا القبر مكاناً يصلى فيه، والإسلام بريء من هذا العمل، المسجد شيء والقبر شيء آخر، والأموات لا يملكون ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً. وإنما أتينا إلى المسجد لندعو حياً قديراً قوياً عالماً، يضر وينفع ويحيي ويميت سبحانه وتعالى.

 

الزخارف والنقوش:

ومن حقوق المساجد منع الزخارف والنقوش التي لا فائدة منها، بل فيها إضاعة المال والإسراف والتبذير، وإشغال المصلين عن العبادة.

 

ومن أشراط الساعة: زخرفة المساجد والتباهي بها، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أشراط الساعة أن يتباهى الناس بالمساجد»[25].

 

وزخرفة المساجد، هو نقشها، وعلة النهي والله أعلم أن ذلك علامة الترف والتبذير والإسراف، إضافة إلى أنه يشغل الناس عن صلاتهم، أضف إلى ذلك قول ابن عباس كما في صحيح البخاري أنه من عمل اليهود والنصارى: "لتُزخرفُنّها كما زخرفت اليهود والنصارى". لهذا ولغيره ورد النهي.

 

سل السيوف ورؤوس النبال:

عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: «إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها؛ أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء»[26].

 

إقامة الحدود فيها:

فلا يجوز إقامة الحدود في المساجد؛ لاحتمال أن يتلطخ المسجد بشيء من النجاسة الخارجة من المحدود؛ فيتأذى الملائكة والمصلون من هذه النجاسة، وهذا لا يليق بالمساجد؛ لأنها بيوت الرحمن، وهي مواطن تنزل فيها السكينة، وتغشى أهلها الرحمة، وتحفهم الملائكة، ويطمئن فيها المسلمون، وفيها تتأدب القلوب، وتتهذب النفوس، وتصفو الأرواح، وفيها كل معاني الرحمة واللطف؛ لأن رسالتها معنوية، فلا يليق إقامة الحدود بها؛ لما فيها من معاني التخويف والردع، والزجر والتعذيب، والتنكيل.

 

وقد جمع بعض العلماء في ذلك خمس عشرة خصلة، فقال: "من حرمة المسجد أن يسلم وقت الدخول إن كان القوم جلوساً، وإن لم يكن في المسجد أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأن يركع ركعتين قبل أن يجلس، وألا يشتري أو يبيع، ولا يسل فيه سهماً ولا سيفاً، ولا يطلب فيه ضالة، ولا يرفع فيه صوتاً بغير ذكر الله -تعالى- ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا ينازع في المكان، ولا يضيق على أحد في الصف، ولا يمر بين يدي مصلٍّ، ولا ييصق ولا يتنخم ولا يتمخط فيه، ولا يفرقع أصابعه، ولا يعبث بشيء من جسده، وأن ينزه عن النجاسات والصبيان والمجانين، وإقامة الحدود، وأن يكثر ذكر الله -تعالى- ولا يغفل عنه فإذا فعل هذه الخصال فقد أدَّى حق المسجد، وكان حرزاً له وحصناً من الشيطان الرجيم.

 

كيف تتعامل مع الله إذا دخلت بيته؟

أول تعامل تحرص عليه إذا ذهبت إلى بيته أن تعرف لماذا تذهب إلى هناك لماذا تذهب إلى المسجد؟ الجواب ربنا تعالى خلق الخلق لغاية واحدة فقط خلقهم لكي يحبوه، يقول ابن القيم: ما خلق الله الروح إلا لمحبته سبحانه.

 

المحب يشتاق لمحبوبه ويود رؤيته ومن عادة المحبوب أيضا إن لم يجد محبوبه فان لا اقل أن يقصد مكانه ويذهب إلى بيته.

 

والله تعالى يعلم أن الذين يحبونه من خلقه يشتاقون إليه ولكنه سبحانه فوق السماء السابعة وقد احتجب عن الخلق في الدنيا وحجابه النور فلا يمكنهم رؤيته وقد أخر اللقاء إلى يوم القيامة، موعدنا معه سبحانه في الآخرة .

 

ولكن علم الله تعالى أن المؤمنين لشدة محبتهم لله فإنهم يصعب عليهم أن ينتظروا إلى يوم القيامة، يصعب عليهم أن يصبروا إلى ذلك الحين سيشتاقون إليه فبماذا أمر سبحانه لكي يخفف عنهم.

 

جعل له في الأرض بيتا ينسب إليه فيقال هذا بيت الله، مسجد الله وكما أن المحب يتردد دائما على بيت محبوبه فكذلك حبيب الله يذهب خمس مرات إلى بيت الله وذلك لشدة محبته لله، ولكي يتذكر عند وقوفه بين يدي الله في اللقاء الأصغر يتذكر موعد اللقاء الأكبر في الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت»[27].

 

اليوم نريد أن يكون الذهاب إلى بيت الله مختلفا.

 

انتبه معي إلى هذا التعامل، في العادة عندما تخطئ في حق عزيز عليك فانك ترسل له رسالة تعتذر فيها، فإذا كان حبيبا على قلبك فانك تتصل به أما إذا كنت تحبه أكثر وأكثر فانك تذهب إليه في بيته وتتأسف منه، طيب لله المثل الأعلى.

 

كلنا أصحاب ذنوب وكلنا أخطأنا في حق ربنا كل ابن ادم خطاء وخير الخاطئين التوابون، استشعر عند ذهابك إلى بيت الله انك تريد أن تعتذر عن ذنوبك فتذهب إلى ربك لكي تسأله الصفح والمغفرة، أين تذهب إليه في داخل بيته لتعتذر منه وهو الكريم الجواد لن يخيبنا لن يردنا.

 

أخي الحبيب:

كما أنك أنت لا تدخل بيتك أي أحد فإن الله تعالى أيضا لا يدخل بيته كل أحد.

 

هل تحب أنت لكل أحد أن يدخل بيتك؟ لا طبعا، أيضا ربنا لا يحب أن يدخل بيته أي أحد، الحمد لله أن الله اختارك لتدخل بيته، وانظر إن شئت إلى المسجد الواحد كم عدد اللذين يسكنون حوله، طيب كم عدد اللذين يدخلونه، هل عرفت الآن ماذا اقصد ولهذا إذا كنت أنت مما اختارهم الله لدخول بيته ففرح، افرح بطريقك إذا ذهبت إليه لأنه هو سبحانه يفرح بك إذا ذهبت إليه. قال صلى الله عليه وسلم: «ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى_ يقال بش فلان لصديقه أي فرح به واقبل عليه_ إلا أن تبشش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم»[28].

 

أخي الحبيب: لا تدخل هذا المكان الطاهر بدخول روتيني عادي بلا شعور ولا استحضار لكل هذه المشاعر وسوف يتغير تعاملك مع الله إذا دخلت بيته.

 

أسأل الله أن يجعلنا من أهل المساجد ومن عمار المساجد وممن قلوبهم معلقة بالمساجد إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

رسالة المساجد

إن للمسجد في المجتمع الإسلامي دوره التاريخي يبقى بقاء العقيدة ويخلد خلود الإيمان، ومن مناراته تعلو أصوات المؤذنين، وتتكرر كلمات التوحيد التي توالت رسل الله تبينها لأممها واضحة المعالم، نيرة السبل، بيّنة المراسيم هذه العقيدة التي تجمع الشتيت وتلم الشعث وتربط الأفراد بعضهم ببعض دون نسب ولا صلة، فتذوب أمامها كل الفوارق، وتزول بها كل الحواجز..

 

بهذه العقيدة أصبح الحفاة العراة رعاة الشاة سادة وقادة..

 

وأصبحت الأمة الإسلامية مهيبة الجانب عزيزة السلطان موفورة الكرامة أقامت في إطار عقيدتها حضارة شامخة وحياة سعيدة.

 

إذن فالمسجد هو المركز الأول للإشعاع الروحي والعلمي لأنه مكان العبادة والتعلم وموطن التذكير والتفقيه والتوجيه.

 

ولم تكن رسالة المسجد في الإسلام قاصرة على الصلاة وحدها بل كانت المساجد ولا تزال مفتحة الأبواب لا يرد عنها طالب علم أو قاصد ثقافة.

 

ففي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أقام فقراء المهاجرين وفي هذا المسجد استقبل الرسول صلى الله عليه وسلمالوفود ومنه انطلقت البعوث وأرسلت الجيوش.

 

ولقد كان هذا المسجد الجامعة الأولى التي ربى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على يديه خير تربية فقهوا في دين الله فكانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العمل.

 

فكان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون إلى هذه المدرسة فيصيبون فيها علماً وهدى وفضائل وأدباً وأحكاماً ما اتسعت لذلك أوقاتهم وساعدت عليه ظروفهم.

 

ولقد كانت التربية العملية في هذه المدرسة الأولى لها المقام الأول في العناية لأنها نتيجة العلم وثمرته.

 

فأصبحت إطاراً لكل فضيلة وسياجاً من كل ظلم، ومناجاة من كل رذيلة، وحماية من كل كبر.

 

فكانت أساليب رسول الله صلى الله عليه وسلمفي تربية أصحابه المثل الأعلى في تكوين الإنسانية بأسمى صفاتها.

 

إن المسجد حصن من حصون الإسلام كيف لا يكون ذلك وفيه قرآن يتلى وصلاة تقام وتسبيح لله يرتفع.

 

كيف لا يكون المسجد خير ما يبنى على الأرض والرسول صلى الله عليه وسلميقول: «من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة»[29].

 

ولهذا نرى أن المسلمين إذا نزلوا أرضاً أو فتحوا مصراً يكون عملهم الأول أن يبنوا مسجداً لله فهو موضع عبادتهم ومركز تجمعهم، ومجلس قضائهم علانية بأحكام الله، وما ذهبت دولة المسلمين وضاع سلطانهم واستهان بهم أعداؤهم إلا بانحرافهم عن عقيدتهم، وما زهد المسلمون في مساجدهم إلا يوم ضعف شأنهم وانحطت كرامتهم وتفرقت كلمتهم وتمزقت ديارهم.

 

هذه هي مكانة المسجد في الإسلام استقيناها من نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وهم القدوة الحسنة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

 

اللهم اجعلنا ممن قلوبهم معلقة بالمساجد، اللهم اجعلنا ممن يعمرها بالبر والتقوى يارب العالمين. وصلّي الله اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



[1] أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6/ 176 ) الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2/ 341).

[2] أخرجه ابن ماجه (738) واللفظ له، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) (1557) باختلاف يسير، وابن خزيمة (1292).

[3] صحيح البخاري: كتاب الأذان (662)، صحيح مسلم: كتاب المساجد (669) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] صحيح، صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا... حديث (666).

[5] رواه أبوا داود (557) الصلاة والترمذي (2/ 23عارضة) الصلاة وقال: هذا حديث غريب وابن ماجة (779) وصححه الألباني.

[6] رواه أبو داود (461).

[7] أخرجه البخاري في الجنائز (1337)، ومسلم في الجنائز (956)

[8] أخرجه البخاري (10/ 541-ح6128)، ومسلم (1/ 236، 237-ح284، 285).

[9] رواه البخاري (1/ 511: 415)؛ ومسلم (1/ 390: 552)

[10] رواه مسلم (553).

[11] رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. (صحيح ابن ماجه 771).

[12] الموطأ (1/ 80) (3) كتاب الصلاة (6) باب العمل في القراءة - رقم (29).

[13] رواه أبو داوود والنسائي والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.

[14] تيسير الكريم الرحمن، ص 740، مؤسسة الرسالة، تحقيق عبد الرحمن بن معلا اللويحق،2000م.

[15] البداية والنهاية/ جزء 9.

[16] مسلم (1/ 367) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (18) باب النهى عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد.

[17] النسائي في عمل اليوم والليلة: (ص 219) - رقم (176).

[18] أخرجه مسلم (2178)، والشافعي (663) ورواية جابر برقم (665).

[19] البخاري: (2/ 430، 431) (11) كتاب الجمعة (6) باب الدهن للجمعة رقم (883).

[20] رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر صحيح أبي داود رقم (331).

[21] رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (989.

[22] رواه مالك في "الموطأ" 1/ 162 وعنه البخاري (444) ومسلم 1/ 495 وأبو داود (467) والترمذي (316) والنسائي 2/ 53 وابن ماجه (1013) والبيهقي 3/ 53.

[23] صحيح. رواه البخاري (931)، ومسلم (875) (55).

[24] أخرجه البخاري في الجنائز [1330]، ومسلم في كتاب المساجد [529]، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[25] رواه النسائي وابن خزيمة بسند صحيح

[26] البخاري (452)، ومسلم (2615).

[27] رواه الترمذي (2867).

[28] صحيح ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان.

[29] رواه البخاري في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب ( 65 ): من بنى مسجداً 1/ 162 ح ( 450 )، و مسلم في صحيحه، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب ( 4 ): فضل بناء المساجد والحث عليها 1/ 378 ح ( 533 / 24 ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقصود المساجد (خطبة)
  • فضائل المساجد وآداب عمارتها (خطبة)
  • النساء لا تذهب إلى المساجد!
  • تذكير العابد بفضائل وآداب المساجد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق البيئة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حقوق العمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الوطن (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق الوالدين(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/5/1447هـ - الساعة: 14:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب