• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير العلمي: كيف ...
    محمد نواف الضعيفي
  •  
    أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    الله لطيف بعباده
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لطائف من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
    سائد بن جمال دياربكرلي
  •  
    فصل آخر: في معنى قوله تعالى: {فإذا سويته ونفخت ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    علة حديث: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التذكير بأيام الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التسبيح سبب للحصول على ألف حسنة في لحظات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    حين يتجلى لطف الله
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: الحذر من الظلم
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حين يستحي القلب يرضى الرب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    البعثة المحمدية وحال الناس قبلها
    عبدالقادر دغوتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

التذكير بأيام الله (خطبة)

التذكير بأيام الله (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2025 ميلادي - 9/5/1447 هجري

الزيارات: 2005

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التذكير بأيام الله


الخطبة الأولى

الحمد لله مُنْشِئِ الموجودات، وباعث الأموات، وسامع الأصوات، ومجيب الدعوات، وكاشف الكربات، وعالم الأسرار والخفيات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ربنا الله ورب جميع الكائنات، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدُالله ورسوله، وصفيُّه من خلقه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه وتمسك بسُّنته، واقتدى بهديه إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]؛ أما بعد:

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، والإمام الترمذي في سننه، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْهُ، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102])).

 

أيها المؤمنون: إن الظالم إذ ظلم غيره وطغى وتجبر، فإن الله تعالى يُمهله ولا يُهمله، ولا يُعاجله بالعقوبة عند أول ظلمه؛ عسى أن يُقلع عن ظلمه ويتوب إلى ربه مما جَنت يداه، لكنه إذا استمر في ظلمه وطغيانه، أخذه الله وهو في أَوْجِ قوته، وفي عزِّ سطوته، وجَعَلَ يومَ هلاكه يومًا من أيام الله، يعتَبِر به كل من كان له قلبٌ، أو ألقى السمع وهو شهيد.

 

وقد أمرنا الله أن نسير في الأرض، ونعتبر بأيام الله تعالى التي أهلك الله فيها الظالمين؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137]، فسنن الله تعالى في الخلق قد انقضت، والأمم المكذِّبة والظالمة قد انقرضت وهلكت، فتفكروا في أحوالهم، واعتبروا بما حلَّ بهم؛ وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 6].

 

أيها المؤمنون: إن التأمل في أيام الله تعالى يُذكرنا بحقيقة جليَّة واضحة؛ وهي أن الأمر كله لله عز وجل، وأن المُلك لله لا لغيره، وأن الله تعالى هو صاحب القوة المطلقة في هذا الكون، وأنه الذي يملك النفع والضر، والخَلق والرزق، والإحياء والإماتة، وأن ما سواه من المخلوقين لا يملكون شيئًا؛ وصدق الله القائل: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 3].

 

أيها المؤمنون: إن أيام الله تعالى في إهلاك الظالمين أيام كثيرة ممتدة عبر تاريخ البشرية الطويل، من لدن قومِ نوحٍ عليه السلام الذين أغرقهم الله تعالى، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ قال تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 17]، وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ﴾ [السجدة: 26]، فالله تعالى لم يُهلك أجيالًا ولا أممًا، ولا دولًا ولا شعوبًا، بل أهلك قرونًا كاملة بما فيها من أمم وحضارات ودولٍ، طغت في الأرض وتجبَّرت، وظلمت غيرها ولم ترعَ حقًّا لله ولا لخلقه، كل تلك القرون أهلكهم الله جميعًا، وأصبحت أيامُ هلاكهم من أيام الله للمعتبرين والمتَّعظين؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ﴾ [النجم: 50 - 52].

 

أيها المؤمنون: من أيام الله تعالى يومُ هلاك الله تعالى لقوم عاد، وكان هؤلاء القوم أشداء جبارين، فأرسل الله إليهم نبيه هودًا عليه السلام، ولما دعاهم إلى الله تعالى أعرضوا عن دعوته، وكفروا بالله تعالى، ولما ذكرهم بأيام الله في إهلاك الله تعالى لقوم نوح الذين كانوا من قبلهم؛ حتى لا يسيروا في طريقهم، فيحلَّ بهم ما حلَّ بقوم نوح؛ فقال لهم هود عليه السلام كما حكى الله عنه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 69]، ولكنهم لم يعتبروا بأيام الله تعالى التي أهلك فيها قوم نوح عليه السلام، واغتروا بقوتهم، فأنزل الله بهم أليمَ عذابه وعقابه؛ بأن أرسل الله عليهم ريحًا صَرْصَرًا في أيام نحساتٍ، فما أغنت عنهم قوتهم من الله شيئًا؛ قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [فصلت: 15، 16].

 

أيها المؤمنون: من أيام الله تعالى يوم هلاك الله تعالى لثمود قوم صالح عليه السلام، فقد أرسل الله تعالى إليهم نبيه صالحًا عليه السلام، فدعاهم إلى الله تعالى وحذرهم بأن عاقبة كفرهم ستكون قريبة من عاقبة قوم عاد الذين كانوا من قبلهم، وذكَّرهم بنِعم الله عليهم، وحذَّرهم من الفساد في الأرض؛ فقال لهم كما حكى الله عنه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74]، لكنهم أعرضوا عن دعوته، وعقروا الناقة التي أيَّد الله بها نبيه صالحًا عليه السلام، وطلبوا منه أن يُنزل الله بهم عذابه إن كان نبيًّا صادقًا، فأنزل الله بهم عذابه وأهلكهم بصاعقة من السماء، ولم تغنِ عنهم قوتهم من الله شيئًا؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [فصلت: 17].

 

أيها المؤمنون: من أيام الله تعالى يوم هلاك الله تعالى لأصحاب مدين قوم شعيب عليه السلام، فلما بعثه الله تعالى إلى أهل مدين، فدعاهم إلى الله تعالى، ذكَّرهم بأيام الله تعالى في إهلاك من سبقهم من الأمم المكذِّبة، إن هم أعرضوا عن دين الله تعالى، وكذَّبوا رسوله عليه السلام؛ فقال لهم: ﴿ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 89]، ولكن قومه لم يعتبروا بما حل بالأمم قبلهم، كقوم نوح وعاد وثمود، فكفروا بالله تعالى وكذبوا رسولهم، فأرسل الله عليهم صيحة من عنده فأصبحوا في دارهم جاثمين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [هود: 94]، أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المعتبرين بأيامه في أعدائه، ومن المعتبرين بما قصَّه علينا في كتابه، إنه أرحم الراحمين.

 

قلت ما قد سمعتم، فاستغفروا الله؛ يا فوز المستغفرين!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المؤمنون:

فالمتأمل في سِيَر الأمم السابقة وأخبار القرون الماضية، يجد أن بني إسرائيل أكثر أمة ذكَّرها الله بأيامه، وأمر نبيه موسى عليه السلام أن يذكِّرهم بتلك الأيام؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [إبراهيم: 5]، والمعنى: يا موسى ذكِّر قومك من بني إسرائيل بأيام الله فيهم، وأيام الله تعالى الأيامُ التي يظهر فيها للناس عظمة الله وقدرته، وأيام الله هي الأيام التي يظهر فيها للناس أن الله عز وجل هو القاهر فوق عباده، وأن كل ما عدا الله عز وجل من جبابرة الأرض، ومن يدَّعون فيها الملك والسلطان، أنهم مخلوقات ضعيفة لا يملكون من أمرها شيئًا، إذا جاءها عذاب الله وانتقامه.

 

أيها المؤمنون: وقد عقَّب الله تعالى على تلك الآيات السابقة بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [إبراهيم: 5]، والمعنى أن في أيام الله في إهلاكه للظالمين لَآياتٍ لكل صبَّار في وقت المحن، وشكورٍ في وقت المنح والعطايا؛ وذلك أن الإنسان يتقلب في حياته بين الشدة والرخاء، ففي حال الشدة على العبد أن يكون صبَّارًا على أوامر الله عز وجل وطاعته، وصابرًا على قضاء الله وقدره، وفي وقت الرخاء والنعمة هو شكور لربه، وألَّا تحمله نِعم الله عليه على الأشَر والبَطَر، وكُفرانِ نِعم الله عليه، هذا هو المنتفع بآيات الله وأيامه.

 

أيها المؤمنون: ومن أيام الله يوم هلاك فرعون الذي علا في الأرض والذي قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]؛ أي: الآمر والناهي الذي يجب أن يُطاع فلا يُعصى، ومن قال: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51]، فكانت نهايته في كلمات يسيرة، قال الله فيها: ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ﴾ [الإسراء: 103]، فقد أغرق الله تعالى فرعونَ في اليمِّ وجيشه، ومن معهم أجمعين.

 

أيها المؤمنون: وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم النهايةَ المأساوية لفرعون عند غرقه، عندما حاول العودة إلى الله تعالى والتوبة إليه في لحظات عمره الأخيرة، حين أدركه الغرق، عندما شاهد العذاب وبلغت الروح الحلقومَ، وهو وقت لا يقبل الله فيه توبة التائب ولا عودة عائد؛ روى الإمام الترمذي في سننه، وأحمد في مسنده، بسند قال عنه العلامة الألباني: صحيح لغيره، من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أغرق الله فرعون، قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، فقال جبريل: يا محمدُ، فلو رأيتُني وأنا آخذٌ من حال البحر، فأدُسُّه في فيه؛ مخافةَ أن تُدركه الرحمة)).

 

أيها المؤمنون: اعتبِروا بأيام الله تعالى في أعدائه السابقين، وكونوا على يقينٍ أن من أهلك أهلَ القرون السابقة بظلمهم وبطغيانهم قادر على إهلاك من جاء بعدهم من صهاينة وصليبيين، وغيرهم من كفرة أهل الأرض، في كل زمان ومكان، فجدِّدوا صِلتكم بربكم، وخُذوا بأسباب نصرة دينه ينصركم على أعدائكم.

 

عباد الله: وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر، وعثمان وعليٍّ، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين.

 

اللهم بارك لمن حضر معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حلَّ أو ارتحل.

 

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليها ومولاها.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعَفاف والغِنى.

 

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شرٍّ.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وقوموا إلى صلاتكم؛ يرحمكم الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)
  • رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تذكير أهل الديانة بخلق الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء التاسع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير (للأحياء) من الأحياء بحقوق الأموات عليهم!(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • التذكير بليالي التشمير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لوامع الخركوشي بين التذكير والتفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إبراز معالم منهج ابن باديس في الإصلاح والتغيير من خلال تفسيره مجالس التذكير (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • التذكير بضوابط التكفير (WORD)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 10:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب