• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تفسير: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تخريج حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الوجيز الـمنتقى من سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة ...
    شوقي محمد البنا
  •  
    وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)

وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2025 ميلادي - 5/5/1447 هجري

الزيارات: 222

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع اسم الله الجبار

 

1- معاني اسم الله الجبار.

2- الآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله الجبار.

3- الواجبات العملية من اسم الله الجبار.

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بهذه المعاني والآثار الإيمانية العظيمة لاسم الله الجبار، والواجبات العملية.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، نحن على موعد بإذن الله تعالى مع اسم من أسماء الله تعالى الحسنى، نتعرف على معانيه، وعلى الواجبات العملية لهذا الاسم؛ إنه اسم الله تعالى: [الجبَّار].

 

ورد في القرآن الكريم مرةً واحدةً في سورة الحشر، في قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون؟))، وفي رواية: ((يأخذ الجبَّار سماواته وأرضيه بيده، ثم يقول: أنا الجبَّار، أنا الملك، أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون؟))؛ [رواه ابن ماجه]، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزةً واحدةً، يتكفَّؤُها الجبَّار بيده؛ كما يكفأ أحدُكم خبزته في السفر، نزلًا لأهل الجنة))؛ يعني: مثلما الخباز يقلب الرغيف بين يديه يمينًا وشمالًا.

 

الوقفة الأولى: معاني اسم الله الجبار:

قد يتخيَّل البعض أن أسماء الله تعالى؛ مثل: (الجبَّار) و(القهَّار)، هي أسماء لقصم الظالمين والانتقام من الجبابرة فقط؛ أي إنها بمعنى: القوة والقهر والغلبة، أو يتبادر إلى الأذهان أن الجبَّار: هو الذي يجبر غيره على فعل شيء! نقول: نعم، هذه معاني؛ لكن هناك معنًى آخر يغيب عنا: وهو معنى: الجبر والإصلاح؛ قال الطبري رحمه الله: "الجبَّار: يعني المصلح أمور خلقه، المصرفهم فيما فيه صلاحهم".

 

فهناك من الأسماء الحسنى ما يبعث في النفس الطمع والرجاء؛ مثل: اسم الله الرحمن، الرحيم، الغفور، الودود.

 

وهناك من الأسماء الحسنى ما يبعث في النفس الخوف؛ مثل: القهَّار، الجبَّار، المتكبِّر، العظيم، العزيز، ذي الانتقام؛ ومن هنا يكون المؤمن بين الخوف والرجاء؛ قالوا: المؤمن في العبادة مثل الطائر له رأس وجناحان: فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان أو أحدهما صار نهبة لكل صائد وكاسر.

 

واسم الجبار: تتحقق فيه هذه المعاني الثلاثة؛ ففيه خوف ورجاء ومحبة؛ فتقول: "يا جبَّار، عليك برقاب الجبابرة"، و"يا جبَّار اجبر قلوب عبادك المنكسرين".

 

قال قتادة رحمه الله: "جبر خلقه على ما يشاء من أمره".

 

وقال الخطابي رحمه الله: "هو الذي جبر الخلق على ما أراد من أمره ونهيه؛ يقال: جبره السلطان وأجبره"، ويقال: "هو الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب المعاش والرزق"، ويقال: "بل الجبار العالي فوق خلقه؛ من قولهم: تجبر النبات: إذا علا واكتهل، يقال للنخلة التي لا تنالها اليد طولًا: الجبارة"، وقال الشوكاني رحمه الله: "جبروت الله: عظمته، والعرب تسمي الملك: الجبَّار".

 

وقال السعدي رحمه الله: "الجبار: هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه".

 

فيكون اسم الجبار له ثلاثة معانٍ:

الأول: جبر القوة؛ فهو سبحانه وتعالى الجبَّار الذي يقصم ظهور الجبابرة والظلمة، فكل جبَّار وإن عظم فهو تحت قهر الله تعالى وجبروته، وفي يده وقبضته؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 18].

 

الثاني: جبر العلو؛ فإنه سبحانه وتعالى فوق خلقه، عالٍ عليهم، وهو مع علوِّه عليهم قريب منهم يسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويعلم ما توسوس به نفوسهم.

 

الثالث: الجبار الذي يجبر المنكسرين؛ وهو جبر الرحمة والإصلاح؛ فإنه سبحانه وتعالى يجبر كسر الضعفاء والفقراء بالغنى والقوة، ويجبر المنكسرة قلوبهم بإزالة كسرها، وهذا المعنى مأخوذ من الجبر؛ وهو إصلاح الكسر.

 

فلولا اسم الله الجبار ما استطاع يتيم أن يعيش بعد يُتْمه! وما استطاع فقير أن يعيش بين الناس! لكن الجبَّار يجبره حسيًّا بالمال، ومعنويًّا؛ فيكون من أعز الناس إليهم، وتكون له مكانة عند الناس برغم فقره! إنه الجبَّار سبحانه: جبر الفقير فأغناه، وجبر الخاسر فعوَّضه، وجبر المريض فشفاه، وجبر الذليل فأعَزَّه.

 

ومن صور جبر الله تعالى:

• يجبر النقص في الفرائض بسنن ونوافل الصلوات، ويجبر النقص في صيام رمضان بالنوافل أيضًا.

 

• يجبر عثرات المؤمنين عندما يخطئون؛ وذلك بفتح باب التوبة والمغفرة لهم، بل ويناديهم ويتودد إليهم؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

• يجبر بخاطر من يجبر بخاطر اليتامى؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة))، وأشار بأصبعيه؛ يعني: السبابة والوسطى؛ [متفق عليه].

 

• النهي عن أن يتناجى اثنان دون الثالث؛ لئلا يكسر خاطره؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كنتم ثلاثةً، فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن ذلك يحزنه))؛ [متفق عليه].

 

بل هناك من سور القرآن نزلت لجبر خواطر المنكسرين؛ فهذه سورة الضحى جاء في سبب نزولها: ما ثبت في الصحيحين عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: "اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلةً أو ليلتين، فأتت امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 1 - 3]، وفي رواية: "أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: ودع محمد؛ فأنزل الله: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾؛ تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بما سيعطيه، وجبرًا له.

 

وهذه سورة الكوثر: نزلت تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم، يبشره ربُّه بهذا الخير العظيم؛ لما تكلم بعض المشركين بعد موت أحد أبناء النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له؛ لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه؛ فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3].

 

وهذه سورة عبس: جاء في سبب نزولها: أن قومًا من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد طمع في إسلامهم؛ فأقبل عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه (وكان كفيفًا)، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه ابن أم مكتوم كلامه، فعبس وأعرض عنه؛ فنزلت الآيات: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ [عبس: 1 - 10]؛ فعاتبه الله تعالى بهذا العتاب اللطيف، تطييبًا وجبرًا لهذا الأعمى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه، ويقول إذا رآه: ((مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي))، ويقول له: ((هل لك من حاجة؟))؛ [ذكره الطبري في جامع البيان].

 

بل نزلت سورة كاملة تطيب خاطر صبي صغير؛ وهو زيد بن أرقم رضي الله عنه عندما سمع قول عبدالله بن أبي "رأس المنافقين" لأصحابه، وكان بمعزل عن جيش المسلمين: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل؛ ويقصد بالأعز نفسه، وبالأذل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه! فسمع زيد بن أرقم رضي الله عنه ذلك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء المنافق وحلف، وجحد! قال زيد: فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار اللوم على زيد، كيف تنقل مثل هذا الكلام الخطير؟! أنت غلام لا تعلم ماذا يترتب على مثل هذا الكلام؛ حتى نزل: ﴿ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأُذُن الغلام، فقال: ((وفت أذنك، وفت أذنك يا غلام)).

 

وقد نظم ابن القيم رحمه الله هذه المعاني الثلاثة من اسم الله تعالى: "الجبار" في قصيدته: "النونية"؛ فقال:

وكذلك الجبَّار من أوصافه
والجبر في أوصافه نوعان
جبر الضعيف وكل قلب قد غدا
ذا كسرة فالجبر منه دان
والثاني جبر القهر بالعز الذي
لا ينبغي لسواه من إنسان
وله مسمًّى ثالث وهو العلو
فليس يدنو منه من إنسان

 

الوقفة الثانية: الآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله الجبار:

فإن كل معنى من المعاني الثلاثة لاسم الجبار له أثر عظيم في حياة المسلم؛ ومن هذه الآثار:

1- اسم الجبَّار: يزيد في قلب المؤمن تعظيم الله تعالى؛ فعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

 

2- اسم الجبَّار: رسالة لكل مكسور الخاطر، ويمنح الثقة والأمان للضعفاء والمظلومين؛ لأن الله تعالى سيجبر ضعفهم، ويرفع الظلم عنهم، وينتقم ممن ظلمهم، فهو سبحانه جبَّار للضعفاء والمنكسرين، وجبَّار على الظالمين الكاسرين.

 

3- اسم الجبَّار: رسالة لكل مظلوم، ورسالة تهديد ووعيد لكل ظالم وكل طاغٍ متجبر؛ فقد توعَّد الله تعالى الجبابرة بالعذاب والنكال؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 15 - 17].

 

وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبَّارون؟ أين المتكبرون، ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون)).

 

وفي رواية: ((يأخذ الجبار سماواته وأرضيه بيده))، وقبض يده، فجعل يقبضها ويبسطها، ((ثم يقول: أنا الجبَّار، أنا الملك، أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون؟)).

 

4- اسم الجبار: يربي المسلم على التواضع؛ في صحيح مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).

 

نسأل الله العظيم أن يجبر كسرنا، وأن يغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا.

 

الخطبة الثانية

الواجبات العملية من اسم الله الجبار:

أيها المسلمون عباد الله، وبعد أن تعرفنا على المعاني، والآثار الإيمانية لمطالعة اسم الله الجبَّار؛ فما هي الواجبات العملية من اسم الله الجبار، أو ما هو حظ المؤمن من اسم الله الجبار؟

 

أولًا: دعاء الله تعالى باسمه الجبَّار:

عندنا ديون، وهموم، وأوجاع، ولا أحد يستطيع أن يجبرنا إلا الجبَّار جل جلاله، وتأمل هذا الذكر والدعاء بين السجدتين، وهو من السنن القولية للصلاة؛ فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين: ((اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني، واجبرني، وارزقني، وعافني))؛ [رواه أحمد، وأبو داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني]؛ قال ابن الأثير رحمه الله: "واجبرني؛ أي: أغنني، من جبر الله مصيبته؛ أي: رد عليه ما ذهب منه وعوضه، وأصله من جبر الكسر"، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: ((اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني، واهدني لصالح الأعمال والأخلاق؛ فإنه لا يهدي لصالحها، ولا يصرف سيئها إلا أنت))؛ [رواه الطبراني].

 

ثانيًا: جبر الخواطر:

يقول سفيان الثوري رحمه الله: "ما رأيت عبادة أجل وأعظم من جبر الخواطر"، وقال بعض السلف: من سار بين الناس جابرًا للخواطر، أدركه الله في جوف المخاطر؛ كما قال الله تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

وقد وردت نصوص كثيرة في فضل جبر الخواطر والترغيب فيه؛ ومنها: تفريج الكروب وتيسير الأمور؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))؛ [رواه مسلم]، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "اجعل من يراك يدعو لمن ربَّاك؛ فجبر الخواطر عبادة لا يعرفها إلا القليل"، وقيل: "جبر الخواطر لا يكلف شيئًا، لكنه يحيي قلوبًا مكسورة".

 

ومن صور تطييب النفوس وجبر الخواطر:

1- المواساة عند فَقْدِ الأحِبَّة، أو عند حدوث المصائب؛ فنقدم واجب العزاء لجبر خاطر أهل المتوفي.

 

2- زيارة المرضى؛ لجبر خاطرهم، وتخفيف ألم المرض عنهم.

 

3- الاعتذار للآخرين، وقبول أعذار المعتذرين؛ فإن ذلك من وسائل تطييب النفوس، وجبر الخواطر.

 

4- تبادل الهدايا؛ فإن الهدية لها أثر واضح في تطييب النفوس.

 

5- الابتسامة؛ فهي مفتاح القلوب.

 

6- قضاء حوائج الناس؛ فهي من أحب الأعمال إلى الله تعالى؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربةً، أو يقضي عنه دَيْنًا، أو يطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا))؛ [رواه الطبراني، وصحَّحه الألباني].

 

7- التزاوُر؛ فإن زيارة الإخوان له أثر كبير في تطييب النفوس، ونشر المحبة والأُلْفة بين المتزاورين.

 

8- التعامل مع اليتيم والسائل برفق؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 9، 10]؛ أجمل تطييب للخاطر، وأرقى صورة للتعامل مع الضعفاء.

 

9- إعطاء اليتامى والفقراء من الميراث عند حضور قسمة الميراث؛ وذلك بأن يخصص لهم من المال شيئًا يجبر خاطرهم، ويسدُّ حاجتهم؛ حتى لا يبقى في نفوسهم شيء؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8].

 

مواقف من جبر النبي صلى الله عليه وسلم للخواطر:

• عندما جاء فقراء المهاجرين مكسوري الخاطر بسبب فقرهم وأن الأغنياء سبقوهم إلى الله تعالى بفضل أموالهم؛ فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن جبر خواطرهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ‌ذهب ‌أهل ‌الدثور من الأموال بالدرجات العلا، والنعيم المقيم يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدَّقون، قال: ((ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله؛ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين))؛ [متفق عليه].

 

• وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسًا في بيته، منكسًا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال ثابت: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حبط عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجل فأخبره أنه قال: كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة))؛ [رواه البخاري]؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم انشغاله بالدعوة وهمومها، لم يغفل عن غياب ثابت بن قيس رضي الله عنه، عن مجلسه وفقده له، فتحرَّى خبره صلى الله عليه وسلم، وفرَّج عنه كربته، وزاده بشارةً عظيمةً كبيرةً؛ فماذا لو لم يتفقَّد النبي صلى الله عليه وسلم، ثابت بن قيس، ويُفرِّج عنه أعظم كربة يراها ثابت؟!

 

• وفي قصة زاهر وكان ذميم الخلقة؛ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يشتري هذا العبد؟)) فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكن عند الله لست بكاسد))، أو قال: ((أنت عند الله غالٍ))؛ [رواه أحمد، وغيره]؛ فجبر بخاطره: ((أنت عند الله غالٍ)).

 

• وهذا عمر رضي الله عنه يقول: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه، وإذا هما يبكيان؛ فقلت: "أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما".

 

ثالثًا: الحذر من الجبروت والظلم:

لأن صفة الجبار في الإنسان صفة ذم له؛ فإن الجبروت؛ بمعنى: الكبرياء والعز والعلو، هي صفة كمال استأثر الله تعالى بها نفسه، لكن التجبر صفة نقص عند البشر، وهو بمعنى القهر والظلم والطغيان، ومن ثم فالتجبر أو الجبروت في حق الإنسان صفة ذميمة؛ فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين، فيصيبه ما أصابهم))؛ [رواه الترمذي وقال: حديث حسن]؛ معنى: "يذهب بنفسه"؛ أي: يرتفع ويتكبر.

 

ولذلك ورد منفيًّا عن صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين؛ فقال تعالى عن يحيى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14]، وقال تعالى عن عيسى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]، وقال تعالى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ [ق: 45].

 

وقد توعَّد الله تعالى الجبابرة بالعذاب والنكال في الآخرة؛ كما مَرَّ معنا قول الله تعالى: ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 15 - 17]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، وأذنان يسمع بهما، ولسان ينطق به، فيقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من ادَّعى مع الله إلهًا آخر، وبالمصورين))؛ [رواه أحمد]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تحاجَّت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين))، وفي رواية: ((قال الله تبارك وتعالى للنار: إنما أنت عذابي أُعذِّب بك من أشاء من عبادي)).

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المتواضعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر
  • خطبة: وقفات مع اسم الله العدل
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)
  • وقفات مع اسم الله القريب (خطبة)
  • وقفات مع اسم الله الستير (خطبة)
  • أسباب البركة في العمر
  • وقفات تربوية مع سورة الكوثر (خطبة)
  • وقفات تربوية مع سورة الكافرون (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع اسم الله الفتاح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع الذكاء الاصطناعي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 0:26
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب