• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد ...
    إيلاف بنت فهد البشر
  •  
    أثر البركة والبركات محقها بالسيئات وللحصول عليها ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    التسبيح مكفر للخطايا
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    دعاء الأنبياء عليهم السلام على الكفار
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    وعد الآخرة
    محمد حباش
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    كفى بالموت واعظا (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    متى ينال البر؟
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    فقه العمل الصالح (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة))
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    شرح حديث دعوات المكروب
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التيسير على الناس وذم الجشع (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    نعمة الأمن ووحدة الصف (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    {ليس عليكم جناح}: رفع الحرج وتيسير الشريعة
    بدر شاشا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

وعد الآخرة

وعد الآخرة
محمد حباش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/10/2025 ميلادي - 28/4/1447 هجري

الزيارات: 87

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وعد الآخرة

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.

﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ﴾ [يوسف: 9]، هكذا بدأت قصة بني إسرائيل مع القتل، ولما كان الدافع واحدًا والتشابُه كبيرًا بين قتل ابن آدم الأول لأخيه، وقصة يوسف مع أخوته، ولما علم الله من بني إسرائيل عتوهم في القتل، جاء الردع الإلهي الشديد، بعد ذكر قصة القتل الأول من ابن آدم، فقال سبحانه: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].


فقد عاش بنو إسرائيل في مصر في أمان كما وعدهم أخوهم يوسف بقوله: ﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ﴾ [يوسف: 99]، وإن كان إخوة يوسف تابوا من فعلتهم وغفر الله لهم، وعاشوا وذريتهم بأمان، فإنه خلف من بعدهم خلف- إلا من رحم الله- غيَّروا وأفسدوا، ولما كان من سنن الله في خلقه التي لا تتخلف ﴿ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53]، فالله لا يُغيِّر ما بقوم من نعمة وعافية وخير بضده، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة إلى معصية، ومن صلاح إلى فساد، سلَّط الله عليهم آل فرعون يسومونهم سوء العذاب ويُقتِّلون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وما إن نجَّاهم الله من فرعون وقومه، حتى عبدت طائفة منهم العجل، فجاء العقاب من جنس ما عتوا فيه، بقتل من لم يعبد العجل من عبده، ولو كان أبًا أو ابنًا أو أخًا، فقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 54].


أخذ الله عليهم الميثاق ألَّا يسفكوا دماء إخوانهم، بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ﴾ [البقرة: 84]، فأقروا ثم نقضوه، قال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [البقرة: 85]، فبعد اعترافهم بالميثاق وهو مع رب العالمين، نقضوه وتظاهروا مع غيرهم على قتل إخوانهم، لا يرقبون فيهم إلًّا ولا ذمة.


لم يسلم منهم حتى الأنبياء- أشرف الخلق- عبر التاريخ، قال تعالى: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون ﴾ [آل عمران: 112].


وقد أعلم الله إعلامًا صريحًا أنه سيعاقبهم إلى يوم القيامة بسبب إفسادهم في الأرض، فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167]، فالله سريع العقاب، والظالم لا بد له من جزاء.


لكن لهم وقفتان في التاريخ كبيرتان، يفسدان فيهما في الأرض فسادًا كبيرًا، علمهما عالم الغيب والشهادة، فأخبرنا بما سيفعلونه، ووعد وعدًا لن يخلفه، قد مرَّ وعد أولاهما، وبقي وعده الثاني، يؤمن به أولو العلم منا ومن آمن منهم: ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ﴾ [الإسراء: 108]، ذكره الله في سورة الإسراء مرتين، وسماه بوعد الآخرة؛ أي: الوعد الثاني، فقال: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]، وقال: ﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾ [الإسراء: 104].


وقد ذكر كثيرٌ من المفسرين أن وعد الآخرة المذكور في الآية الثانية هو يوم القيامة، وإن كان هذا التفسير محتملًا، فإنه بعيد عن معنى وسياق الآيات، لأسباب:

• لم يختلف اثنان في أنَّ وعد الآخرة في الآية الأولى هو الذي يلي وعد أولاهما، فكيف يُفسر في الآية الثانية (وهو في نفس السورة، ولم يُذكر في غيرها من القرآن) أنه يوم القيامة، خاصة وأنَّ يوم القيامة جاء صريح اللفظ فيها في قوله تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ [الإسراء: 13]، وقوله: ﴿ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الإسراء: 58]، وقوله: ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الإسراء: 97].


• أنَّ الجمع ليوم القيامة عام في جميع الناس، وليس مختصًّا ببني إسرائيل، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 103]، وقال: ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الواقعة: 49-50]، فأي مزية لهم على غيرهم من الأمم أنهم مجموعون ليوم القيامة؟


• إذا تأملنا أسماء يوم القيامة في القرآن، وجدناها جاءت بلفظ: الساعة، واليوم الآخر، ويوم الدين، ويوم التغابن، ويوم الخروج، ويوم الحسرة، والحاقة، والصاخة، والواقعة، والغاشية، والقارعة، والطامة الكبرى... ولم يُذكر "وعد الآخرة" في القرآن إلا في سورة الإسراء وتسمى كذلك سورة "بني إسرائيل".


وقالت طائفة أخرى "وعد الآخرة": نزول عيسى صلى الله عليه وسلم[1]، وهذا خطأ، لأسباب:

• أنَّ الخلافة الإسلامية ستعود، بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليل، وستكون في الأرض المقدسة، قبل نزول عيسى صلى الله عليه وسلم، فعن عبدالله بن حوالة الأزدي- رضي الله عنه- قال: "وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يده على رأسي، ثم قال: يا بن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا، والأمور العظام، والساعة يومئذٍ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك"[2]، فالذين نراهم اليوم مستضعفين في الأرض هم الأئمة غدًا، وهم الوارثون.


وعن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمران بيت المقدس خراب يثرب[3]، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال»[4].


• أنَّ الدجَّال يهودي، فعن أبي سعيد الخُدْري، قال: قال لي ابن صائد وأخذتني منه ذَمامة: "هذا عذرتُ الناسَ، ما لي ولكم؟ يا أصحاب محمد، ألم يقل نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إنه يهودي» وقد أسلمت، قال: «ولا يُولَد له» وقد وُلِد لي، وقال: «إن الله قد حرم عليه مكة» وقد حججت"[5]، وهم يسمونه "المشياح"؛ أي: الممسوح[6]، وهم ينتظرونه لجمعهم من الشتات، وإعادة بناء الهيكل في القدس، وإعادة مجد بني إسرائيل.


وأنه سيخرج من خراسان، يتبعه أقوام عراض الوجوه، فعن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدَّجَّال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان[7]، يتبعه أقوام[8] كأن وجوههم المجان المطرقة[9]"[10].


فإذا مرَّ بأصبهان تبعه يهودها، فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الدَّجَّال من يهود أصبهان[11] سبعون ألفًا، عليهم الطيالسة[12]»[13].


• وأنَّ الدَّجَّال وجنده من اليهود سيحاصرون بيت المقدس الذي يكون فيه المسلمون يومئذٍ، فعن أبي الطفيل، قال: كنت بالكوفة، فقيل: خرج الدَّجَّال، قال: فأتينا على حذيفة بن أسيد وهو يحدِّث، فقلت: هذا الدَّجَّال قد خرج، فقال: اجلس، فجلست، فأتى عليّ العريف[14]، فقال: هذا الدَّجَّال قد خرج وأهل الكوفة يطاعنونه، قال: اجلس، فجلست، فنُودي إنها كذبة صباغ، قال: فقلنا يا أبا سريحة، ما أجلستنا إلا لأمر فحَدِّثنا، قال: "إن الدَّجَّال لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدَّجَّال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها ويمنع داخلها، ثم جبل إيلياء[15]، فيحاصر عصابة من المسلمين، فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم[16] فيقتل الدَّجَّال ويهزم أصحابه، حتى إن الشجر والحجر والمدر، يقول: يا مؤمن، هذا يهودي عندي فاقتله"[17].


قال الألباني: (وما تقتضيه سنة الله الكونية التي منها ما أفاده قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وذلك أن من المعلوم أن عيسى عليه السلام ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وأنه يصلي خلف المهدي رضي اللَّه عنه، وهذا يعني أنَّ عيسى عليه السلام يكون مع المؤمنين في بيت المقدس حين يحاصره الدَّجَّال، ويكون معه سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة، وهذا يعني: أن لا يهود يومئذٍ في فلسطين، أو على الأقل في بيت المقدس، وهذا وذاك يعني: أن دولة اليهود يكون المسلمون قد قضوا عليها.


وواقع المسلمين اليوم- مع الأسف- لا يوحي بأنهم يستطيعون ذلك؛ لبعدهم عن الأخذ بالأسباب التي تؤهلهم لذلك؛ لأنهم لم ينصروا الله حتى ينصرهم؛ ولذلك فلا بد لهم من الرجوع إلى دينهم؛ ليرفع الذل عنهم- كما وعدهم بذلك نبيُّهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حتى إذا خرج المهدي ونزل عيسى؛ وجد المسلمين مستعدين لقيادتهم إلى ما فيه مجدهم وعزهم في الدنيا والآخرة، فعليهم أن يعملوا لذلك كما أمر الله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة: 105] الآية)[18].


فمعنى قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾ [الإسراء: 104]- والله تعالى أعلم- إشارة إلى ما جاء في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]، فبنو إسرائيل الذي جاءوا لوعد الآخرة، بعد أن تفرقوا في أنحاء الأرض كلها، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ﴾ [الأعراف: 168]، قد اجتمعوا اليوم في فلسطين، من كل حَدَب وصوب، فيما يسمونها أرض الميعاد، يلبون نداء القدر الذي قضى الله به عليهم، وإن استمر الإمداد المادي من النصارى وغيرهم؛ فهذا ما أخبر به عز وجل في قوله: ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ [الإسراء: 6]، فاللَّه تعالى كتب عليهم الذل والهوان ﴿ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 112]، وهنا استثناء عن هذا القضاء الإلهي عليهم، وذلك إذا أراد اللَّه تعالى لهم الغلبة والنصر، ﴿ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾ [آل عِمرَان: الآية 112]، إذا ظاهرهم الناس من النصارى وغيرهم ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 73]، الذين يمدونهم بالقوة والطغيان، فإذا أراد اللَّه لهم ذلك بحيث يصيرون أعزاء أقوياء، قد جاءوا من كل أفق من آفاق الأرض مسوقين إلى حتفهم، مدعوّين إلى قدرهم المقدور، في قوله تعالى: ﴿ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾.. قال الضحاك: أي آتينا بكم من كل قبيلة، واللفيف: الجماعات مِن قبائل شَتى، فإذا اجتمعوا وقامت لهم دولة وسلطان، فسدوا وأفسدوا، فيسلط الله سبحانه وتعالى عليهم من يضربهم بيد البلاء، فيشتت شملهم، ويمزِّق جمعهم.


وإنه وإن خذل المسلمين من وصفهم الله بقوله: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52]، و"عسى" من الله واجبة الوقوع، وسوف ﴿ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54].


أما الخريطة التي نقشوها على باب (الكنيست)، وعلم دولتهم الذي يحتوي على خطين أزرقين أفقيين متوازيين أحدهما يشير إلى النيل، والآخر يشير إلى الفرات، بينهما أرضية تحمل "نجمة داود"، والتي ترمز إلى امتداد سلطان دولتهم من النيل إلى الفرات، فلن يكون لها وجود إلا في قلوبهم التي هي أشد قسوة من الحجارة، ولا يطول عمر أمة إذا طغت، لكنها ستحاول ذلك:

• بالتخويف والقبضة الأمنية في الداخل والخارج بالقتل والتخريب.


• بتفكيك المجتمع عبر زرع الطائفية أو العرقية أو الطبقية أو الرذيلة.


• بالدعاية والإعلام بتعظيم الذات، وقلب الحقائق، وشيطنة الخصوم ولو كانوا من أتقى الناس.


• بالتحالف مع دول أجنبية.


• بشراء الوقت بالفساد أو الرفاه الجزئي.


لكن إذا جاء وعد الآخرة، وإنه والله لقريب، فمخزون البترول في العالم حسب التقديرات إذا استمر بالاستهلاك الحالي يكفي لحوالي خمسين سنة، والكهرباء محدودة المدى مع ثقل البطاريات وعدم كفاية المعروض من المواد الخام المستخدم في خلايا الوقود مثل البلاتين والليثيوم يعيق الإنتاج الضخم، والهيدروجين السائل صعب التخزين[19] والنقل بكفاءة، والوقود الحيوي ينافس المحاصيل الزراعية ويتطلب مساحات زراعية كبيرة، والعالم الذي استُعطف بالمحرقة قد أدرك حقيقة الصهاينة وأنهم شر من النازية، والأهم من ذلك وهو الأساس أنَّ العائدين من أمة محمد إلى دينهم كُثر، والإسلام أسرع الديانات انتشارًا على وجه الأرض، وعن قريب سيسلط الله على اليهود الغاصبين عبادًا يدخلون البؤس والشقاء عليهم من شدة بأسهم وبطشهم وانتقامهم، إذ عزاهم اللَّه إلى نفسه فقال ﴿ عِبَادًا لَنَا ﴾ [الإسراء: 5]، فيخربون ديارهم فوقهم، ﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحمَكُمْ ﴾ [الإسراء: 8]؛ أي: عسى يا بني إسرائيل أن يعطف عليكم ربكم نتيجة هذا الذل الذي اشربتموه، والتسلط الذي ابتلاكم به: ﴿ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ﴾ [الإسراء: 8]؛ أي: كلما أفسدتم في الأرض عدنا إلى عهدنا معكم، بأن نسلط عليكم عبادًا لنا أشداء أقوياء، وسيبقون هكذا، كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، إلى نزول عيسى صلى الله عليه وسلم.


وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلِّم تسليمًا كثيرًا.



[1] بل إن كثيرًا من الناس يظن ذلك، حتى تقاعسوا عن نصر إخوانهم في فلسطين.

[2] صحيح سنن أبي داود: 2535.

[3] المدينة المنورة.

[4] صحيح الجامع: 4096.

[5] صحيح مسلم: 90 - (2927).

[6] وهو والله ممسوح العين، كما وصفه رسولنا صلى الله عليه وسلم.

[7] تضم اليوم أجزاء كبيرة من أفغانستان وتمتد إلى تركمانستان الجنوبية وأوزبكستان الشرقية وشمال شرق إيران.

[8] الأزبك والأتراك.

[9] عراض الوجوه: شبه صلى الله عليه وسلم وجوههم بالترس.

[10] صحيح الترمذي: 2237.

[11] إحدى محافظات إيران.

[12] جمع طيلسان، وهو غطاء للرأس.

[13] صحيح مسلم: 124 - (2944).

[14] القيم على الجماعة من الناس.

[15] ليس جبلًا بالمفهوم الجغرافي، بل تسمية قديمة لمنطقة القدس وما حولها.

[16] قال الألباني: (وأما في دمشق فيصلي مقتديًا بالمهدي كما تدل عليه سائر الأحاديث المتقدمة)؛ قصة المسيح الدجال (ص: 105).

[17] المستدرك على الصحيحين 8862، قال محقق الكتاب الشيخ عادل مرشد:حديثصحيح، وهو في حكم المرفوع؛ (قصة المسيح الدجَّال للألباني، ص: 18).

[18] "الضعيفة" (13/  1/ 382 - 383).

[19] درجة حرارة تخزينه: 253° تحت الصفر، ويتطلب مساحة أكبر للتخزين، فيخزن في مؤخرة الطائرة أو على الجناحين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم استخدام صيغة من صيغ العقود المركبة بوعد(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الوعد الإلهي بين حتمية الوقوع وخفاء الحكمة: نظرات في تناول القرآن لعمرة القضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وعد الأمين من الثورة إلى التمكين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسطية أهل السنة في نصوص الوعد والوعيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عدم الوفاء بالوعد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوفاء بالوعد(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/4/1447هـ - الساعة: 11:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب