• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحديث الحادي والعشرون: الحث على إنظار المعسر ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    فضل التبكير لصلاة الجمعة (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    وما بعد العسر فرح (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الحث على الإكثار من بعض الأعمال
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    خطبة: شهر رجب، فضله، ومحدثاته
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    المواساة وجبر الخواطر (خطبة)
    د. عبدالحميد المحيمد
  •  
    لطائف من القرآن (5)
    قاسم عاشور
  •  
    حديث: يا رسول الله، إن ابنتي مات عنها زوجها وقد ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أحكام سجود السهو (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أحكام المصافحة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ما كان الله ليذر المؤمنين على ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الإلحاد الناعم: حين يتسلل الشك من نوافذ الجمال ...
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سنن باقية من سورة الأنفال
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الدعاء (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: من تلعنهم الملائكة

خطبة: من تلعنهم الملائكة
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/10/2025 ميلادي - 24/4/1447 هجري

الزيارات: 14317

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطْبَةٌ: مَنْ تَلْعَنُهُمُ المَلَائِكَةُ


الخُطْبَةُ الأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْجَزِيلَ، وَتَوَعَّدَ مَن ظَلَمَهُمْ أَوْ قَهَرَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ: لَيْسَ أَضَرَّ عَلَى المُسْلِمِ مِنْ أَنْ يُلْعَنَ مِنْ أَحَدِ النَّاسِ، فَفِي هَذَا اللَّعْنِ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ الشَّيْءِ الكَثِيرِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلعْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّعْنَ يُؤَثِّرُ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ صَادِقَ الإِيمَانِ، وَيُعِيدُ حِسَابَاتِهِ، وَيُحَاسِبُ نَفْسَهُ، لِمُعَالَجَةِ مُسَبِّبَاتِ هَذَا اللَّعْنِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ اللَّعْنُ مِمَّنْ رَأَوْهُ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ، وَمِمَّنْ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ؟ إِنَّهُمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ. فَلْيَتَصَوَّرِ المُؤْمِنُ، وَلْتَتَصَوَّرِ المُؤْمِنَةُ أَعْمَالًا قَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَلَكِنْ تَلْعَنُهُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى صَنِيعِهِمْ هَذَا، وَقَدْ يَسْتَمِرُّ هَذَا اللَّعْنُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَأَعْدَادُهُمْ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ، وَقَطْعًا يَتَعَدَّوْنَ عَشَرَاتِ المِلْيَارَاتِ، وَدُعَاؤُهُمْ مُسْتَجَابٌ، وَلَعَنَاتُهُمْ مُتَحَقِّقَةٌ، وَنَتِيجَتُهَا الطَّرْدُ وَالإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَةِ اللهِ. وَمِنْ أَهَمِّ هَذِهِ الأَعْمَالِ الَّتِي يَنْبَغِي الحَذَرُ مِنْهَا، حَتَّى لَا تُصِيبَنَا لَعَنَاتُ المَلَائِكَةِ، فَنُحْرَمَ الخَيْرَ العَظِيمَ مِنْ جَرَّاءِ هَذَا اللَّعْنِ وَيُصِيبُنَا الضَّرُّ العَظِيمُ:

1- أَوَّلًا: سَبُّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَسَبُّ الصَّحَابَةِ جُرْمٌ عَظِيمٌ، وَالدِّفَاعُ عَمَّنْ سَبُّوهُمْ لَا يَقِلُّ جُرْمًا عَنْ ذَلِكَ، وَاخْتِرَاعُ الأَعْذَارِ لِصَنِيعِهِمُ المَمْقُوتِ وَالتَّعَاوُنُ مَعَهُمْ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ»؛ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

 

يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي
رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه
لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ
وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ
لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

 

2- ثَانِيًا: الإِحْدَاثُ فِي مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَمَنْ سَعَى لِلْإِفْسَادِ فِي مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوِ الإِحْدَاثِ فِيهَا أَوِ اسْتِحْلَالِ حَرَمَاتِهَا فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَنْ.

 

3- ثَالِثًا: المِزَاحُ أَوِ الجِدُّ، بِالإِشَارَةِ إِلَى المُسْلِمِ بِآلَةٍ قَاتِلَةٍ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهَا اللَّعْنَ وَالطَّرْدَ وَالإِبْعَادَ عَنْ رَحْمَةِ اللهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمِنْ أَوْضَحِ الأَمْثِلَةِ عَلَى ذَلِكَ: مَنْ يَمْزَحُ مَعَ أَخِيهِ فِي سَيَّارَتِهِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ دَهْسَهُ، أَوْ مَنْ يَتَجَاوَزُهُ فِي السَّيْرِ بِطَرِيقَةٍ غَيْرِ نِظَامِيَّةٍ، وَكَمْ رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا عَنْ حَوَادِثَ مُفْجِعَةٍ، وَوَفَيَاتٍ مُحْزِنَةٍ، وَشَبَابٌ فَقَدُوا فِي رِيَعَانِ شَبَابِهِمْ، أَوْ أَصَابَهُمْ الشَّلَلُ التَّامُّ بِسَبَبِ هَذَا المِزَاحِ، وَكَمْ قُتِلَ مِنْ قَتِيلٍ مِنْ جَرَاءِ المِزَاحِ بِإِشْهَارِ السِّلَاحِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُصِرُّ بَعْضُهُمْ عَلَى عَدَمِ الاِعْتِبَارِ بِمَا مَضَى، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111]. فَهَذِهِ أَفْعَالٌ مُحَرَّمَةٌ فِي الإِسْلَامِ، مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ نَجِدُ مَنْ يَتَسَاهَلُ فِي هَذَا تَسَاهُلًا وَاضِحًا.

 

4- رابعًا: وَمِنَ الكَبَائِرِ أَنْ يُحَوِّلَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ إِقَامَةِ الحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا، وَبَيْنَ إِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِ، إِمَّا بِإِيْوَائِهِ أَوْ إِخْفَائِهِ، أَوِ الدِّفَاعِ عَنْهُ بِالبَاطِلِ، مِنْ أَجْلِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ، فَإِنَّهُ يَنَالُ اللَّعَنَاتِ المُتَوَالِيَةِ مِنَ اللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «َمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوَدُ يَدَيْهِ، فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»؛ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ. وَفِي هَذَا الحَدِيثِ تَحذِيرٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَدَافِعُ عَنِ البَاطِلِ، وَخَاصَّةً بَعْضُ المُحَامِينَ، وَإِنْ كَانُوا قِلَّةً، فَإِنَّهُمْ يُحَوِّلُونَ بَيْنَ أَصْحَابِ الحُقُوقِ وَنَيْلِ حُقُوقِهِمْ بِتَزْيِيفِ الكَلاَمِ بِالبَاطِلِ وَالدِّفَاعِ عَنْهُ، فَيُدَافِعُونَ بِذَلِكَ عَنْ مَنْ يَسْتَحِقُّونَ العِقَابَ، وَيُحْرِمُونَ أَصْحَابَ الحُقُوقِ حُقُوقَهُمْ، وَيُنصِرُونَ أَهْلَ البَاطِلِ وَالظُّلْمِ. اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

1- أولًا: وَمِنَ الكَبَائِرِ مَا يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ بِالانْتِسَابِ لِغَيْرِ آبَائِهِمْ، مِنْ أَجْلِ مَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ، فَيُخْلِطُونَ فِيهَا بَيْنَ الأَنْسَابِ، وَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الكَذِبِ وَالتَّزْوِيرِ وَالخِدَاعِ، وَتَنْقَطِعُ أَوَاصِلُ رَحِمِهِمْ، وَلَا يُعْرَفُ أَخْوَالُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا أَعْمَامُهُمْ، وَخَاصَّةً الجِيلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْهُمْ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا». رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

2- ثانيًا: وَمِنَ الكَبَائِرِ مَا يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ: منْ خِيَانَةُ الأَمَانَةِ، وَعَدَمُ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَعَدَمُ الالْتِزَامِ بِذَلِكَ. فَمَنْ خَانَ مُسْلِمًا أَو نَقَضَ عَهْدًا أَعْطَاهُ لمُسْلِمٌ فَقَدْ خَفَرَ ذِمَّتَهُ، وَجَاءَ الوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِفَاعِلِ هَذَا الجُرْمِ، بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُخْفِرَ ذِمَّةَ مُسْلِمٍ، وَلَا يُوَقِّعَهُ فِي وَرَطَاتٍ أَو نَكَباتٍ مَادِّيَّةٌ وَجَسَدِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ، بِسَبَبِ إِخْفَارِهِ لِذِمَّةِ ذَلِكَ المُسْلِمِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: مَنْ يَكْفُلُ مسلمًا ثُمَّ يَخُونُ المَكْفُولَ الكافل، وَلَا يُفِي بِالِالْتِزَامَاتِ، فَيُوقِعَ الكَافِلَ فِي وَرَطَاتٍ مَالِيَّةٍ لَا نَاقَةَ لَهُ فِيهَا وَلَا جَمَلٌ، وَمَنْ يَتَأَخَّرُ فِي سَدَادِ مَا عَلَيْهِ مِن مَدْيُونِيَّاتٍ قَدْ يُكْفَلُ بِهَا، فَيُورِطُ الكَافِلَ، وَلَا يُرَاعِي حُرْمَةَ مُسْلِمٍ، وَيَتَسَاهَلُ فِي ذُمَمِ النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ. وَكَأنَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنه بَعِيدًا، وَيَتَسَاهَلُونَ بِهَذِهِ الأُمُورِ، وَهُمْ زَرَعُوا فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَبُيُوتِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ أَضْرَارًا عَظِيمَةً جَرَّاءِ هَذَا التَّسَاهُلِ وَالتَّهَاوُنِ، والاسْتِخْفَافِ بِأَمْوَالِ النَّاسِ وَأَعْرَاضِهِمْ وَذُمَمِهِمْ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]. فَكَيْفَ يَهْنَأُ مُسْلِمٌ فِي حَيَاتِهِ وَالْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ مِنْ جَرَاءِ خَفْرِهِ لِذِمَّةِ مُسْلِمٍ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ سَيَنْتَقِلُ مِنْ وَرْطَةٍ إِلَى وَرْطَةٍ، وَمِنْ بَلِيَّةٍ إِلَى أُخْرَى، وَمِنْ مُصِيبَةٍ إِلَى أُخْرَى حَتَّى يَرْتَدِعَ وَيَتَّقِيَ اللهَ، وَيُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

 

3- ثالثًا: وَمِنَ الكَبَائِرِ مَا تَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النِّسَاءِ، مِنْ امْتِنَاعِهِنَّ عَنْ أَزْوَاجِهِنَّ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُنَّ، وَمَعَ أَنَّهُ اسْتَحَلَّها بِكَلِمَةِ اللهِ وَبِمَالِهِ، فَلِمَاذَا تُحَرِّمُهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَعَلَيْهَا أَنْ تَتَصَوَّرَ أَنَّ مِلْيَارَاتٍ إِن لَمْ تَكُنْ تَرِيلْيُونَاتٍ مِنَ اللَّعَنَاتِ تَنْزِلُ عَلَيْهَا، تسْأَلُ اللهَ أَنْ يَطْرُدَهَا وَيُبْعِدَهَا عَنْ رَحْمَتِهِ، حَتَّى تَصْبِحَ، وَإِذَا اسْتَمَرَّتْ فِي مَنْعِهِ فَإِنَّ هَذِهِ اللَّعَنَاتِ قَدْ تَسْتَمِرُّ أَيَّامًا أَوْ أَسَابِيعَ أَوْ أَشْهُرًا، حَتَّى تَرْجِعَ، فَكَيْفَ سَتَعِيشُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بِهَنَاءٍ، وَالْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا.

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتَيْهِمَا لِلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُم بِعِنَايَتِكَ، وَاجْعَلْهُم هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ. وَأَصْلِحْ بِهِمَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ. اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا. اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَأَكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ، وَاحْطِنَا بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَامْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ. (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا). اللَّهُمَّ احْفَظِ الأَبْنَاءَ وَالْبَنَاتَ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُمْ بِعِنَايَتِكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَإِيَّاهُمْ مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمُؤَدِّي الزَّكَاةِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. هَذَا فَصَلُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَن أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَلَا وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ، يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فوائد وأحكام: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم...}
  • خطبة الملائكة
  • تحريم الحلف بالملائكة أو الرسل عليهم الصلاة والسلام
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت
  • خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل
  • خطبة: الذين يصلي عليهم الله وتصلي عليهم الملائكة
  • خطبة: ليس منا (الجزء الأول)

مختارات من الشبكة

  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فضل التبكير لصلاة الجمعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما بعد العسر فرح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شهر رجب، فضله، ومحدثاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المواساة وجبر الخواطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام المصافحة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: المسلم الإيجابي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الدعاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/6/1447هـ - الساعة: 18:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب