• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الضحك والبكاء في الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    رسول الشيب
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    من مفاسد التصوير (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    محمد بن إسماعيل البخاري وإجماع الأمة على تلقي ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ضيافة الصديق سعة بعد ضيق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مشاهد من همة الصحابة في القيام بحق القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    طلب العلم وتعليمه فضائل وغنائم (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    يا معشر الشباب... تزوجوا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خلاف العلماء في طرق تطهير الماء المتنجس
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    إدمان التسوق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المزابنة والمحاقلة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    زاد الداعية (11) {واصبر على ما أصابك}
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    تحريم إنكار إرادة الله تبارك وتعالى أو إرادة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    القواعد الشرعية المستنبطة من النصوص الواردة في ...
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

المسلم الإيجابي (خطبة)

المسلم الإيجابي (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2025 ميلادي - 15/4/1447 هجري

الزيارات: 624

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسلم الإيجابي

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام:1]، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص:70].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف:9]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى:25].. وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله وسلم عليهِ، وعلى آله وصحابتهِ والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

أمَّا بعدُ: فأوصيكم أيها الكرام ونفسي بوصية الله القائل: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ﴾ [التغابن:16].

 

معاشر المؤمنين الكرام: لو أراد الأنسان أن يقيس قيمته وقدره فكيف يقيسُها؟

 

هل تقاسُ بقدر أموالِه وممتلكاته؟

 

أم بقدر منصبهِ ومسؤولياته؟

 

أم بقدر نسَبهِ وأصلهِ وموروثاته؟

 

لا شك أن تلك الأشياء كلِها لها قيمةٌ كبيرةٌ عند الناس، ولكن قيمةَ المرءِ وقدرَهِ إنما تُقاسُ بمقدار استقامتهِ وصلاحه، وما يتحلى به من أخلاقٍ حسنة، ومبادئ قيّمة.

 

قيمةُ المرءِ وقدرهِ إنما تقاسُ بما يقدمهُ من خيرٍ متعدٍ، ونفعٍ مستمر، يعودُ نفعهُ عليهِ وعلى مجتمعه، عاجلًا وآجلا.. في الحديث الحسن، قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ منَ النَّاسِ مفاتيحَ للخيرِ، مغاليقَ للشَّرِّ، وإنَّ منَ النَّاسِ مفاتيحَ للشَّرِّ مغاليقَ للخيرِ، فَطوبى لمن جعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الخيرِ على يدَيهِ، وويلٌ لمن جَعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الشَّرِّ على يديهِ".. هكذا يا عباد الله: فقيمةُ المرءِ بقدر إحسانه وإيجابيته.. تأمل ما يقوله الله تعالى على لسان عيسى بن مريم عليه السلام: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) [مريم:31]، قال المفسرون: "أي جعلني نفّاعًا حيثما كنت واينما اتجهت.. فهو إيجابيٌ، كالغيث أينما وقعَ نفع..

 

وما هي الإيجابية يا عباد الله؟.. الإيجابيةُ: أن تكون عنصرًا فاعلًا في الحياة، تعطي أكثر مما تأخذ، وتبادر بالخير قبل أن يطلب منك، وتحبُّ لإخوانك المسلمين ما تحبه لنفسك.

 

الإيجابية: طاقةٌ بنائه، وروحٌ وثابة، تدفعُ صاحبها ليكون عنصرًا فاعلًا في أسرته ومجتمعه، نافعًا لنفسه ولأمته، في الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: «خير الناسِ أنفعهم للناس».

 

الإيجابية: شعورٌ بالمسؤولية، وسعيٌ للإصلاح، وتعاونٌ على البر والتقوى، واستجابةٌ لداعي الخير والفلاح، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال:24].

 

الإيجابية: أن تسير في دروب الطاعة بعزيمة، وأن تمضي في إعمار الحياة بهمّة، وأن تواجه التحدياتِ بقوة، وأن تجتازَ الأزماتِ بثبات، تؤمنُ أنّ الخيرَ غالب، وأنَّ وعدَ الله حقٌّ نافذ، وأنَّ العاقبة للمتقين، وأنَّ الله لا يضيع أجر المحسنين.

 

الإيجابية: ألا تكتفي بأداء ما فُرض عليك، بل أن تبحث عن أبواب الطاعة والبر بنفسك، وأن تسعى إليها بحرصٍ واهتمام، وأن تطلبها برغبةٍ والحاح، فإذا أتاك التكليف أديتهُ بإتقان، في الحديث الحسن: "إن الله يحبُ إذا عمِلَ أحدكُم عملًا أن يتقنهُ".

 

الإيجابية: أن ترى في العمل الصالح فرصةً ومتعه، وأن ترى في خدمة الناس شرفٌ ورفعة، وأن ترى في الابتلاء طهارةً وتزكية.. في الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته".. وقال ابن القيم: "العجز آفة، والكسل داء، وما ارتفع من ارتفع إلا بالجد والعزم".

 

فالإيجابية هي التفاعل مع الحياة، وهي روح الإسلام، وهي سر قوة الأمة، وهي طريق النصر والتمكين، وهي سبيل السعادة في الدنيا والآخرة. ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [المائدة:48].

 

لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم هو أعظم الإيجابيين، وأكبر المنجزين، ما عرف اليأس طريقًا إلى قلبه، ولا تمكّن الإحباط من روحه، فكان صلى الله عليه وسلم دائم التفاؤل، واسع الأمل، عظيم البشر، إيجابيًّا في جميع أحواله، وفي كل أحيانه، في الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: (إنْ قامَتِ السَّاعةُ وبيَدِ أحَدِكُم فَسيلةٌ، فإنِ استَطاعَ ألَّا تقوم حتى يَغرِسَها؛ فليغرسها).

 

والانسانُ الإيجابي: هو المستفيدُ من كل لحظةٍ من لحظاته، المستثمرُ لطاقاته ومواهبهِ وقدراته، السعيدُ بحالهِ وأحواله وامكانياته، المتفائلُ خيرًا لمستقبله وما بعد وفاته، الشاكرُ لربه كريم فضلهِ وعظيمَ هباته.

 

المسلمُ الإيجابي: حسنةٌ أخلاقهُ وتعاملاته، صادقٌ لا يكذب، وفيٌ لا يغدر، أمينٌ لا يغش، قريبٌ خيره، بعيدٌ شره، هينٌ لين، لطيفُ المعشر، كريمُ المخبر، في الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا".

 

المسلمُ الإيجابي: واصلٌ لرحمه وذوي قراباته، محسنٌ إلى والديه وإخوانهِ وأخواته، رفيقٌ بزوجته وأبنائهِ وبناته، في الحديث الصحيح: قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".

 

المسلمُ الإيجابي: مسارعٌ في الخيرات، مبادرٌ في المكرمات، سبّاقٌ إلى الطاعات، يسعى لأن يكون عنصرًا فعالًا في مجتمعه، مساهمًا بكل ما يقدر عليه من خدمته ونفعه، داعيًا إلى الخير بقوله وسمتهِ وفعله، ﴿ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون ﴾ [المؤمنون:61].

 

المسلمُ الإيجابي: معتنٍ بنفسه وصحته، مهتمٌ بحمال مظهرهِ ونظافته، محافظٌ على لياقته وقوته، منضبطٌ في غذائه وراحته.. يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا.. وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".. والله جميلٌ يحبُّ الجمال.. ويحبُّ أن يرى على عبده آثارَ نعمته.

 

المسلمُ الإيجابي: يشعرُ بمسؤوليته تجاه أمته، فلا يكتفي بأن ينجو بنفسه، بل يسعى في صلاح الآخرين ونجاتهم، يبذل المعروف، ويُعين المحتاج، ويواسي المكروب، يعلم أنَّ التكافل شريعة، وأنَّ التعاون عبادة، وأنّ نفعَ الناسِ من أعظم القربات عند الله.

 

المسلمُ الإيجابي: يوقنُ أنّ الكلمةَ الطيبةَ صدقة، وأنّ الابتسامةَ الصادقةَ بلسم، وأنّ صنائعَ المعروفِ تقي مصارعَ السوء، وأنّ اللهَ في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه، وأنّ من فرجَ عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا فرجَ اللهُ عنه كربةً من كربِ يومِ القيامة.

 

المسلمُ الإيجابي: صادقٌ نصوح، غيورٌ على مصالح المسلمين، لا يترك أخاه على خطأ، ولا يرى منكرًا فيسكت، يهتمُ بالإصلاح، ويبذلُ النصيحة بكل رفقٍ ولين.. لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدينُ النصيحة»، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من لم يهتم بأمر المسلمينَ فليس منهم".

 

المسلمُ الإيجابي: يغتنمُ أوقاتهُ في الطاعات، ويستثمر ما وهبه الله من القدرات والطاقات، ولا يكتفي بملء وقته بالحسنات، بل وبأن لا تتوقفَ حسانتهُ بعد الممات، إما بصدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفعُ به.

 

المسلمُ الإيجابي: منضبطٌ في سلوكه، فلا يتبع هواه، ولا ينغمس في الملذات والشهوات، بل يسيرُ على منهج الله، متوكلًا على الله، موقنٌ أنّ رزقهُ لن يتعداه، وأنّ ما شاءَ اللهُ كان وما لم يشأ لم يكن.

 

والمسلمُ الإيجابي: لا ينهارُ عند المصائب، ولا يجزعُ عند الخطوب، ولا يتسخطُ عن الشدائد، بل يثبتُ ويصبر، ويحتسبُ ويسترجع، ويؤمنُ أنّ ما أصابهُ لم يكن ليخطئه، وما أخطئهُ لم يكن ليصيبه.. وأنّ الفرجَ قريب.. وأنّ مع العُسر يُسرا.. إنّ مع العُسر يسرا.

 

المسلمُ الإيجابي: يُحسنُ الظنَّ بربه، ويتفاءلُ ولا يتشاءم.. ويعلمُ ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف:56]، و﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ [الحج:65].. ﴿ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِين ﴾ [آل عمران:171]، ﴿ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيم ﴾ [الأنفال:28].. وأنه ﴿ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون ﴾ [يوسف:87].. وما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتِها.. يُغيرُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ.

 

فليكن كل واحدٍ منا إيجابيًا في فكره وتوجهاته، إيجابيًا في طاعاته وعباداته، إيجابيًا في أخلاقه ومعاملاته، إيجابيًا في عمله وواجباته، إيجابيًا في تواصله وعلاقاته، إيجابيًا في ترشيد نفقته والمحافظة على أقاته، إيجابيًا في كل شأنٍ من شؤون حياته.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر:18]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه...

معاشر المؤمنين الكرام: فرقٌ كبير، بين الإنسان الإيجابي والإنسان السلبي، فلنتأمل قوله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل:76]..

 

وإنّ من الناس من هو إيجابيٌّ ولو لم يُعرَف اسمُه، وما عليك ألا يعرفك الناس إذا كان الله يعرفُ صدقك وإخلاصك، ولذا فقد خَلَّد القرآن بعض الأفعال، وأخفى أصحابها، فإنما الرجالُ بأفعالها وإخلاصها، قال تعالى: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس:20].. ومثله ذلك الرجل الذي أسرع إلى موسى محذِّرًا: ﴿ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص:20]، فكانت إيجابيته، سببًا في إنقاذ نبيٍّ ورسالته..

 

والإيجابية ليست حكرًا على البشر؛ فهدهدُ سليمان لم يرضَ أن يكونَ سلبيًا، ولم يقفُ متفرجًا، بل قال في ثقةٍ وإيجابية: ﴿ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل:22]، فكان بذلك سببًا في إسلام مملكةٍ بأكملها.. حتى أنّ الملكةَ قالت: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل:44].. وتلك النملة الرائعة التي رأت الخطر يداهم مكانها وأهلها، وعلى الرغم من صغر حجمها، وضعف قوتها، إلا أنها لم تستصغر نفسها، ولم تحتقر دورها، ونادت في بني جنسها: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل:18]، فخلّد القرآن صوتها، وأشاد بإيجابيتها، وتبسم نبيُّ الله سليمان من قولها.. فالإيجابية: ليست حكرًا على كبير، ولا على صاحب منصب، بل قد يقوم بها رجلٌ مجهول، أو طائرٌ ضعيف، أو نملةٌ صغيرة.. فإذا بها تصنع فارقًا ضخمًا، وتغيّر واقعًا فاسدًا، وتُسجَّلُ في كتاب الله تذكارًا خالدًا..

 

فهلا وقفت مع نفسك لتسألها: تُرى ما هو أثري الإيجابي في أهلي ومجتمعي؟.. وهلا سألت نفسك بصدقٍ: كم مرةٍ مرّت بك فرصةٌ إيجابية، فلم تستثمرها حتى ذهبت؟.. كم موقفٍ كان يمكن أن تكون فيه سببًا لنجاة شخصٍ أو هدايته لكنك لم تحرك ساكنًا؟!

 

فما حجتك وما عذرك: وهل ينفعك أن الخيرَ سيقوم به غيرك.. أم هو احتقارٌ لشأنك وما يمكنك أن تفعله.. كيف ذاك؟ والهدهد والنملة يشهدان عليك، ألا أحدَ أصغر من أن يكون إيجابيًّا.

 

فاعلم أنّ الله لا ينظرُ إلى ضَعفك ولا إلى قِلّتك، وإنما ينظرُ إلى صدقك وعزيمتك؟.. فأري الله من نفسك خيرا.. فربَّ كلمةٍ صادقةٍ تخرجها لله ينقذُ الله بها إنسانًا من الضلال.. وربّ نصيحةٍ خالصةٍ تقولها يغيّرُ الله بها قلوبًا مظلمة.. وربّ بذرةٍ خيرٍ تبذرها هنا أو هناك، يبارك الله فيها فتثمرُ إصلاحًا ومشروعا مباركًا..

 

فاتقوا الله عباد الله وكونوا إيجابيين في كل شأن من شؤون حياتكم، فإن الأمة أحوج ما تكون اليوم إلى مسلمين ايجابيين.. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون ﴾ [التوبة:105]..

 

يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سمات المسلم الإيجابي (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشباب المسلم على مفترق طرق الجاهلية الحديثة: بين مطرقة "النسوية" وسندان "الحبة الحمراء"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين الفحل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المسلم دائم النفع طيب الأثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة بعنوان: كيف يستثمر المسلم وقته: فوائد وتوجيهات لطالب العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هو السني؟ وهل يخرج المسلم من السنة بوقوعه في بدعة جاهلًا أو متأولا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عقيدة المسلم تجاه الصحابة: 50 معتقدا من القرآن عن الصحابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/4/1447هـ - الساعة: 9:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب