• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (11) ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    الآيات الإنسانية في القرآن الكريم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    آثارك بعد موتك (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الأدلة العلمية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدارس أصول الفقه: تأصيل المناهج والمدارس
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تفسير: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: اتقوا الملاعن الثلاثة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الحديث التاسع: الراحمون يرحمهم الرحمن
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    وقفات تربوية مع شورة قريش (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطبة: علموا أولادكم كيف نتعامل مع المعلم
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (37) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    قصة عجوز بني إسرائيل والمسائل المستنبطة منها
    عبدالستار المرسومي
  •  
    خدعوك فقالوا: قرآنيون! (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    عدالة أبي بكرة وصحة حديث ولاية المرأة: دراسة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

آثارك بعد موتك (خطبة)

آثارك بعد موتك (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/10/2025 ميلادي - 13/4/1447 هجري

الزيارات: 393

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آثارك بعد موتك


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي تفرد بجلال ملكوته، وتوحَّد بجمال جبروته، وتعزز بعلو أحديته، وتقدَّس بسمو صمديته، وتكبَّر في ذاته عن مضارعة كل نظير، وتنزَّه في صفائه عن كل تناهٍ وقصور، له الصفات المختصة بحقه، والآيات الناطقة بأنه غير مشبه بخلقه.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، شهادة موقن بتوحيده، مستجير بحسن تأييده

 

يا واحد في ملكه أنت الأحد
ولقد علمت بأنك الفرد الصمد
لا أنت مولود ولست بوالد
كلا ولا لك في الورى كفوًا أحد

 

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وحبيبُه.


هذا النبي محمد خير الورى
ونبيهم وبه تشرف آدم
وله البها وله الحياء بوجهه
كل الغنى من نوره يتقسم
يا فوز من صلى عليه فإنه
في جنة المأوى غدًا يتنعم
صلى عليه الله جل جلاله
ما راح حاد باسمه يترنم

وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسك بسنته، واقتدى بهديه، واتَّبَعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين، ثم أما بعد:

فالعبد منا أخرجه الله تعالى لهذه الحياة القصيرة ليُنجي نفسه من نارٍ حرُّها شديدٌ، وقعرُها بعيدٌ، ومقامعُها من حديد، وأجرى الله تعالى على العبد ما قدمه لنفسه في الدنيا من حسنات أو سيئات، ولا يظلم ربُّك أحدًا، وحديثنا اليوم عن آثار العبد بعد وفاته، فأعيروني القلوب والأسماع؛ فإن هذا الأمر من الأهمية بمكان.

 

العنصر الأول: أنت مسافر منذ أخرجت من بطن أُمِّك

أخي السلم، أنت منذ ولدتك أُمُّك مسافر من دار الغرور إلى الدار الآخرة، فالدنيا مفازة يقطعها ابن آدم ليصل بعدها إلى الدار الآخرة، فليس لك الراحة في هذه الدار حتى يستقر بك القرار في جنة تجري من تحتها الأنهار.

 

يقول ابن القيم رحمه الله: "لم يزل الناس مذ خلقوا مسافرين، وليس لهم حط لرحالهم إلا في الجنة دار النعيم، أو في النار دار الجحيم، والعاقل يعلم أن السفر بطبعه مبنيٌّ على المشقة والأخطار؛ بل هو قطعة من العذاب واللأْواء، ومن المحال أن يطلب في السفر عادة النعيم والراحة واللذة والهناء، فكل وطأة قدم أو أنَّة من أنات المسافر بحساب، وكل لحظة ووقت من أوقات السفر غير واقفة والمسافر غير واقف. فإذا ما نزل المسافر أو نام أو استراح، فهو على قدم الاستعداد للسير في قطع المفاوز والقفار. وقد انعقد المضمار وخفي السابق، والناس في هذا المضمار بين فارس وبين راجل وبين أصحاب حمر معقرة.

 

وفاز بالسبق من قد جد وانقشعت
عن أفقه ظلمات الليل والسحب

هلكى هذا السفر كثير وكثير، والناجون فيه قليل، الناجي فيه واحد من ألف وكفى، لا تعجب لهالك كيف هلك؛ ولكن اعجب لناجٍ كيف نجا، الرواحل قليلة، والبعض في هذا السفر كإبل سائبة لا تكاد تجد فيها راحلة، والبعض الآخر كإبل نجيبة صابرة نادرة، وأنعم بها من راحلة! النجائب في المقدمة وحاملات الزاد في المؤخرة.

 

رفعت لنا في السير أعلام
السعادة والهدى يا ذلة الحيران
فتسابق الأبطال وابتدروا لها
كتسابق الفرسان يوم رهان
وأخو الهوينى في الديار مخلف
مع شكله يا خيبة الكسلان
إلى كم ذا التخلف والتواني
وكم هذا التمادي في التمادي
وشغل النفس عن طلب المعالي
ببيع الشعر في سوق الكساد

 

العنصر الثاني في ظلال قول تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12].


أخي المسلم، آثارك بعد موتك هي تلكم البصة التي يتركها الإنسان في هذه الحياة من خير أو من شر، فيكتب له أجرها إن كانت عملًا صالحًا، ويكتب عليه وزرها إن كانت عملًا سيئًا.

 

يقول السعدي- رحمه الله- في قوله: ﴿ وَآثَارَهُمْ ﴾ وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرًا؛ من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيرُه، أو عمل مسجدًا، أو محلًّا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر.

 

ولهذا «من سنَّ سُنَّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ سُنَّةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة»، وهذا الموضع يبين لك علوَّ مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرمًا، وأعظمهم إثمًا.

 

﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ ﴾ من الأعمال والنيات وغيرها ﴿ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾؛ أي: كتاب هو أُمُّ الكتب، وإليه مرجع الكتب، التي تكون بأيدي الملائكة، وهو اللوح المحفوظ [1].

 

مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات

وتأملوا في دعاء خليل الرحمن- عليه الصلاة والسلام- ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 83-84].

 

يقول الطبري في تفسيرها: "واجعل لـي فـي الناس ذكرًا جميلًا، وثناءً حسنًا، بـاقـيًا فـيـمن يجيء من القرون بعدي".

 

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذه الحقيقة، عن جَرِيرِ بن عبداللَّهِ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ في الإِسْلام سُنةً حَسنةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وأَجْرُ منْ عَملَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورهِمْ شَيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإِسْلامِ سُنَّةً سيَّئةً كَانَ عَليه وِزْرها وَوِزرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بعْده مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزارهمْ شَيْءٌ» [2].

 

العنصر الثالث: آثارك بعد موتك

رصيدك من الحسنات الجارية هي آثارك بعد موتك من أعمال صالحات قدمتها بين يديك، يجري عليك أجرها، ويدخر لك ذخرها، ولقد بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أمورًا سبعة يجري ثوابها على الإنسان في قبره بعد ما يموت، وذلك فيما رواه البزَّار في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعٌ يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من عَلّم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته»[3].

 

وروى ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علمه ونشره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته»[4].

 

وإليكم بيان ذلك بحول الله وطوله:

1-علمٌ علَّمه ونشره:

فمن الآثار الطيبة التي يتركها العبد بعد وفاته أن يترك علمًا؛ بأن ألَّف كتابًا وتركه يتعلَّم منه الأجيال، فهذا من أفضل الأعمال؛ لذا قالوا علم الرجل ولده المخلد، أو علم الناس القرآن والسنن، فكل من علم بالقرآن ومن عمل بالسنن، فهو في ميزان حسناته بعد وفاته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ دعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثْلُ أجور مَنْ تَبِعَهُ، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضَلالَة كان عليه من الإثمِ مِثْلُ آثام من تَبِعَهُ، لا يَنْقُص ذلك من أوزارهم شيئًا».

 

قال ابن مسعود وعكرمة وعطاء وغيرهم في قوله تعالى: ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ [الانفطار: 5]؛ أي: ما قدمت من خير يعمل به بعدها، وما أخَّرت من شر يعمل به بعدها [5].

 

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [6].

 

«إلا من ثلاثة» فإن ثوابها يدوم للعامل بعد موته، وذلك لدوام أثره، فدام ثوابه، وأثبت التاء؛ إما لأن المعدود مذكر؛ أي: ثلاثة أعمال، أو لحذفه؛ أي: ثلاث خصال، والأول أقرب. «صدقة جارية» هي الوقف «أو علم ينتفع به» هو التعليم والتصنيف، والثاني أقوى؛ لطول بقائه على ممرِّ الزمان، قاله القاضي تاج الدين السبكي [7].

 

2-ولدٌ صالح تركه:

وهذا الإطلاق يفيد انتفاع الوالد بولده الصالح سواء دعا له أم لا. كمن غرس شجرةً فأكل منها الناس، فإنه يحصل له بنفس الأكل ثواب، سواءً دعا له من أكل أم لم يدع. فالوالد ينتفع بصلاح ولده مطلقًا، وكل عملٍ صالح يعمله الولد فلأبويه من الأجر مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيء؛ لأن الولد من سعي أبيه وكسبه؛ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ»[8]، والله عز وجل يقول: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39].

 

وهذا يوجب على الآباء أن يجتهدوا في تربية أبنائهم، وإصلاح أحوالهم، حتى ينتفعوا بصلاحهم، وإلا فمجرد وجود الولد بعد الوالد لا ينفعه في آخرته، فإن لم يكن الولد صالحًا لم ينفع أباه ولم يضره؛ لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، لكن إن صلح انتفع أبوه بصلاحه، وذلك فضل الله، والأول عدله؛ لذا كان دعاء الأنبياء والصالحين أن يرزقه الله تعالى أبناء صالحين.

 

3-مصحفٌ ورَّثه:

فمن اشترى مصحفًا ووضعه في البيت ليقرأ فيه أولاده أو وضعه في المسجد ووقفه لله تعالى، فإنه يأتيه من ثواب ذلك المصحف بعد موته، ويلحق بالمصحف كتب العلم الشرعي؛ ككتب العقيدة الصحيحة، والتفسير، والحديث، والفقه، ونحوه ذلك من العلوم الشرعية، فإذا اشترى الرجل كتبًا منها ووضعها في بيته ليقرأ فيها أولاده، أو وضعها في المسجد ووقفها لله تعالى، فإنه لا يزال يأتيه من ثواب هذه الكتب إلى يوم القيامة.

 

فاحرصوا- رحمكم الله- على إنشاء مكتبات في بيوتكم وفي مساجدكم، وساهموا فيها بشراء المصاحف والكتب، فإنها مما ينفعكم بعد موتكم.

 

4-مسجدٌ بناه: إن الله تعالى اتخذ في الأرض بيوتًا لعبادته:

﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36- 37].

 

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في بناء المساجد فيقول: «من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة»[9].

 

فجودوا- رحمكم الله- على بيوت الله ولا تبخلوا، فما تضعونه في بيوت الله من أموالكم يأتيكم ثوابه بعد موتكم، وتجدون بره وثوابه يوم الدين.

 

ويلحق بالمساجد المدارس ونحوها مما يعود نفعه على المسلمين.

 

5-بيتٌ لابن السبيل بناه: فمن بنى بيتًا ووقفه على ابن السبيل يأوي إليه وينزل فيه في سفره فإنه يأتيه من ثواب ذلك بعد موته.

 

ومعنى ذلك أن الإسلام يُرغِّب في بناء بيوت المسافرين- التي تُعرف بالفنادق- تطوعًا، لينزل فيها المسافرون مجانًا؛ لأن الغالب على المسافرين الحاجة وقلة المال؛ ولذا كثر في القرآن الكريم الوصية بابن السبيل.

 

6-نهرٌ أجراه:

إنَّ أهمية الماء في الحياة لا تخفى على أحد، فقد جعل الله من الماء كل شيء حي.

 

والإسلام يُرغِّب في العمل على توفير الماء للمحتاجين، وسقاء العطشى، فمن أجرى نهرًا يشرب منه الناس ويستقوا، فإن له الجنة، عن عثمان- رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ»[10].

 

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِشْرِ بن بَشِيرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ، وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بني غِفَارٍ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: رُومَةٌ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِعْنِيها بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي، وَلا لِعِيَالي غَيْرُهَا، لا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ- رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَجْعَلُ لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَهُ لَهُ عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إِنِ اشْتَرَيْتُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: قَدِ اشْتَرَيْتُهَا، وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ[11].

 

7- صدقة أخرجها من ماله: حالة كونه يخشى الفقر ويأمل الغنى، فإن هذه الصدقة يأتيه من ثوابها بعد موته ما شاء الله.

 

صدقة جارية ومنها المشاريع الاقتصادية التي ينفع الله بها الأمة.

 

فالبدارَ البدارَ......والمسارعة إلى أن تدَّخر لك أخي الكريم عند الله ما ينفعك غدًا ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

 

نسير إلى الآجال في كل لحظةٍ
وأعمارنا تطوى وهن مراحلُ
ترحل من الدنيا بزاد من التُّقى
فعمرك أيام وهن قلائلُ

 

فالأيام تطحن الأعمار طحن القمح في الرحى. ثم تذرى الأعمال أدراج الرياح، ولا يبقى إلا ما رضيه الله سبحانه، وأحبه من الأقوال والأفعال.

 

إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدًا
فإنما الربح والخسران في العمل

 

أخي الحبيب، بادر الأيام بالعمل الصالح، واملأ خزائنها بالفرائض والنوافل قبل أن تبادرك هي بموتٍ أو عجزٍ، وقبل أن تجدها فارغة خاوية تقول: ﴿ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24].

 

أخي الكريم:

خذ لك زادين من سيرةٍ
ومن عملٍ صالح يُدَّخر
وكن في الطريق عفيف الخُطا
شريف السماع كريم النظر
وكن رجلًا إن أتوا بعده
يقولون مرَّ وهذا الأثر

 


[1] تفسير السعدي (ص: 692).

[2] أخرجه الطيالسي (ص 92، رقم 670)، وأحمد (4/ 357، رقم 19179)، ومسلم (4/ 2059، رقم 1017).

[3] حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم: 3596.

[4] حسنه الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه برقم: 198.

[5] شرح الزرقاني (2/ 62).

[6] أخرجه أحمد (2/ 372، رقم 8831)، والبخاري في الأدب المفرد (1/ 28، رقم 38)، ومسلم (3/ 1255، رقم 1631).

[7] دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 177).

[8] أخرجه أحمد (6/31، رقم 24078).

[9] البخاري: في الصلاة، باب من بنى مسجدًا 648/1.

[10] أخرجه البخاري (4/ 15).

[11] البخاري: في الصلاة، باب من بنى مسجدًا 648/1.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)
  • هل تركت عملا يلحقك بعد موتك ولو يسيرا؟
  • تفسير: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)

مختارات من الشبكة

  • العلم النافع: صفاته وعلاماته وآثاره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله: الأثر والعبر (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في حقيقة الموت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 12:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب