• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تسخير الكون للإنسان: نظرات وتأملات
    عامر الخميسي
  •  
    التقادم في القضايا المدنية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستقامة طريق السلامة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: معالم القدوة من سيرة الرسول صلى الله عليه ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    قصة التوكل والمتوكلين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تنافس الصحابة - رضي الله عنهم - في حفظ القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    النجش
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    وليس كل ما يروى عن الصالحين وقع: إبراهيم بن أدهم ...
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسباب مضاعفة الحسنات
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الإلحاد جفاف معنوي.. وإفلاس روحي
    نايف عبوش
  •  
    الاحتكار
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    البهائم تلعن عصاة بني آدم
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    زاد الداعية (10): التوحيد أولا وقبل كل شيء
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ذلكم وصاكم به (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

الاستقامة طريق السلامة

الاستقامة طريق السلامة
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/9/2025 ميلادي - 24/3/1447 هجري

الزيارات: 90

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستقامة طريق السلامة

 

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].

 

تمهيد:

إن الله تعالى خلق الإنسان وكَرَّمَه غاية التكريم؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وجعله في أحسن تقويم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وأعلى مقام التكريم للإنسان أن ينال شرف العبودية لله وحده لا شريك له؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ومن كمال منظومة التكريم للإنسان في الدنيا والآخرة، إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإنزال الكُتب معهم؛ قال تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [البقرة: 213]، ومن فضل الله وكرمه أن جعلَ أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أُخرجت للناس، ونبيها خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين عليه الصلاة والسلام، وكتابها القرآن الكريم أعظم الكتب السماوية محفوظ بحفظ الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

فمن أراد الحياة الكريمة والعزَّة في الدنيا والآخرة، فليستمسك بدين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. وصدق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنَّا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العزة بغيره"[1].

 

وهناك ارتباطٌ وثيق بين العزة في الدنيا والآخرة، وبين طاعة الله تعالى والالتزام بشرعه أمرًا ونهيًا؛ قال ابن القيم رحمه الله: "فإن العِزَّ كل العَزِّ في طاعة الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]؛ أي: فليطلُبها بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعة الله، وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعِزَّني بطاعتك، ولا تُذِلَّني بمعصيتك"[2].

 

وأختم هذا التمهيد بذكر آيتين تتشابهان مع الآية موضوع المقال تؤكدان معنى أن العزة لله جميعًا؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يونس: 65].

 

أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:

قال السعدي رحمه الله: "أي: يا من يريد العزة، اطلبها ممن هي بيده، فإن العزة بيد الله، ولا تنال إلا بطاعته، وقد ذكرها بقوله: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ من قراءةٍ وتسبيح وتحميد وتهليلٍ، وكلِّ كلام حسن طيب، فَيُرفع إلى الله ويُعرض عليه، ويُثني الله على صاحبه بين الملأ الأعلى، ﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِح ﴾ من أعمال القلوب وأعمال الجوارح ﴿ يَرْفَعُهُ ﴾ الله تعالى إليه أيضًا، كالكلم الطيب، وقيل: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة، فهي التي ترفع كلمه الطيب، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى الله تعالى، فهذه الأعمال التي ترفع إلى الله تعالى، ويرفع الله صاحبها ويعزه.

 

وأما السيئات، فإنها بالعكس يريد صاحبها الرفعة بها، ويمكر ويكيد، ويعود ذلك عليه، ولا يزداد إلا إهانة ونزولًا، ولهذا قال: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾، يهانون فيه غاية الإهانة، ﴿ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾؛ أي: يهلك ويضمحل، ولا يفيدهم شيئًا، لأنه مكرٌ بالباطل، لأجل الباطل"[3].

 

الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال:

أولًا: كُل ما في السماوات والأرض وما بينهما تحت ملك الله تعالى، وتَصرِفه، ومشيئته سبحانه، ولا يُعجزه شيء بتاتًا البتة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، فالعزة الواردة في الآية موضوع المقال شيء من الأشياء، فهي له وبيده سبحانه؛ "فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعًا"؛ قال تعالى: ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83]؛ قال السعدي رحمه الله: "فإن الله تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملك له، وعبيد مسخرون ومدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكمية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية"[4].

 

ثانيًا: طالما أن كلَّ الأشياء بيده سبحانه، وفي ملكه، وتحت قهره، وتصرفه، ومن ضمنها "العزة"، فالواجب أن يتوجه الإنسان بطلبها مباشرة منه جل جلاله وحده دون غيره؛ قال الشنقيطي رحمه الله: "من كان يريد العزة فإنها جميعها لله وحده، فليطلبها منه وليتسبَّب لنيلها بطاعته جل جلاله، فإن من أطاعه أعطاه العزة في الدنيا والآخرة"[5].

 

ثالثًا: إن الإيمان بالله تعالى محور أساس ومنطلق مهم في التعامل مع مطالب الحياة كلها خيرها وشرها، بل هو سفينة النجاة للسير بها في بحار الحياة ومحيطاتها، فكلما قوي إيمان العبد ويقينه بالله، عاش مطمئنًّا مستريح البال، ولا يتأتى ذلك إلا لمن عَمَرَ قلبه بالإيمان، ومن ضمن مطالب الحياة المهمة "إرادة العزة"؛ قال ابن عثيمين رحمه الله: "تكون العزة بما علَّق الله العِزَّة عليه، وهي الإيمانُ ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، فمتى أراد الإنسان العزة فليكن مؤمنًا"[6].

 

رابعًا: لما كان المنطلق الأساس للعزة، وكل مطالب الحياة، هو الإيمان بالله تعالى، والناس فيه بين مُقل ومستكثر، فإنهم يتفاضلون في ذلك بحسب ما لديهم من إيمان ويقينٍ؛ قال ابن عثيمين رحمه الله: "وكل ما كان الإنسان أكثر إيمانًا بالله، وأقوى إيمانًا بالله، كان أكثر عزة وأقوى عزة"[7]، وقال القاسمي رحمه الله: "وفي دعاء القنوت: "إنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ"[8]، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، وله من العز بحسب طاعته، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه، وله من الذل بحسب معصيته"[9].

 

خامسًا: يقع بعضُ الناس في خطأ جسيم بسبب غفلتهم، أو جهلهم عند اللجوء للكفرة، ومن هم في فلكهم من المشعوذين والدجالين، وهناك من لا يقل عنهم غفلةً وجهلًا ممن يسعى للتبرك بالأولياء أحياءً وأمواتًا، والاعتقاد فيهم بطلب نفع، أو دفع ضرٍّ، ومن ذلك طلب العزة منهم؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أخبر تعالى بأن العزة كلها لله وحده لا شريك له، ولمن جعلها له؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جانب الله تعالى والإِقبال على عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"[10].

 

سادسًا: حكى القرآن الكريم عن إبليس قوله: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]؛ قال السعدي رحمه الله: "إن إبليس أقسم بعزة الله ليغوينَّهم كلهم أجمعين"[11]، وإبليس الذي استحق اللعن من الله تعالى ﴿ لَعَنَهُ اللَّهُ ﴾ [النساء: 118]، أدرك أن الله تعالى مالك العزة والقوة والسلطان جل جلاله، بينما بعض الناس في غفلةٍ وجهلٍ مطبقٍ؛ كما تمت الإشارة إليه في الفقرة السابقة (خامسًا)؛ حيث يطلبون العزة من غير الله تعالى، ولكن الموفَّق مَن وفقه الله، والهادي من هداه الله، نسأل الله التوفيق والهداية.

 

سابعًا: إن العنايةَ بأسماء الله الحسنى علمًا وفهمًا وتطبيقًا، تفتح للعبد مجالات أوسع من العبودية لله تعالى، وقد يصل بها إلى أعلى مقامات العبودية، فمن عَلِمَ وَفَهِمَ أن من أسماء الله تعالى الحسنى "العزيز"؛ "أي: الذي له العزة كلها؛ عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، فممتنع أن يناله أحد من المخلوقات وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته"[12].

 

من عَلِم ذلك امتلأ قلبه إيمانًا ويقينًا بقدرة الله تعالى، فلا يتوجه بعد ذلك عند إرادة العزة إلا لمن يمتلكها وهو الله وحده جل جلاله، فهو يُعِزُّ من يشاء ويُذِلُّ من يشاء؛ قال تعالى: ﴿ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]؛ قال السعدي رحمه الله: ﴿ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ ﴾ بطاعتك، ﴿ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ﴾ بمعصيتك، ﴿ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ﴾، لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك"[13].

 

ثامنًا: السبيل الموصل لرضا الله تعالى، والنيل من فضله وإحسانه، ومنها إعزازه في الدنيا والآخرة؛ العناية التامة بالعمل الصالح من أقوال وأعمال خاصة ومتعدية، ولا شك أن في مقدمتها الفرائض المكتوبة، جاء في الحديث القدسي: "ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ"[14].

 

قال ابن القيم رحمه الله: "أخبر سبحانه أنَّ أداء فرائضه أحبُّ ما تقرَّب به إليه المتقرِّبون، ثم بعدها النوافل، وأنَّ المحبَّ لا يزال يُكثر من النوافل حتى يصير محبوبًا لله، ولما حصلت هذه الموافقة من العبد لربِّه في محابِّه، حصلت موافقة الربِّ لعبده في حوائجه ومطالبه"[15].

 

تاسعًا: لَما كان أحبُّ الأعمال الصالحة إلى الله تعالى أداءَ الفرائض، كما ورد في الحديث القدسي: "ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه"[16]، فالواجب على المسلم العناية بها عناية تامة، وبخاصة أداء الصلوات في وقتها المحدد، ولا ينشغل، أو يتشاغل عنها إلا بعذر شرعي، أما الإكثار من نوافل العبادات التي وردت الإشارة إليها في الحديث القدسي السابق، وتُكسب العبد محبة الله تعالى، فهي من الأعمال الصالحة، وتشمل: السنن المؤكدة، والمندوبات، والتطوعات في مجالات العبادة، سواء البدنية؛ كالصلاة، وقراءة القرآن الكريم، والصيام، والحج والعمرة، والعبادات المالية؛ كالصدقات، والتبرعات المالية، والواجب أن يتفقه المسلم في معرفتها ليعبد الله على علم، ومن المهم الإشارة هنا إلى دعاء الله تعالى بإعانته على ذكره وشكره وحسن عبادته، كما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ"[17].

 

ومن الوصايا المهمة في هذا الباب المداومة وعدم الانقطاع عن أداء هذه النوافل؛ استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قَلَّ"[18].

 

عاشرًا: من أعظم العوائق لنيل مطالب العبد وحوائجه، ومنها العزة في الدنيا والآخرة الشرك بالله تعالى، فهو أكبر الكبائر، ثم ارتكاب الفواحش ما ظهر وما بطن، فكلما كان الإنسان بعيدًا عن طاعة الله تعالى والالتزام بشرعه أمرًا ونهيًا، كان من الشيطان أقرب، وسلك به مسالك الغواية والضلال، حتى يورده المهالك والعياذ بالله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36].

 

قال ابن باز رحمه الله: "من غفل عن ذكر الله، وعن قراءة القرآن، وعن طاعة الله من الصلوات، وغيرها؛ قيَّض الله له الشياطين حتى تصدَّه عن الحق، وحتى تُلهيه في الباطل - نعوذ بالله - ومن قام بأمر الله، وأدى حق الله، واستعمل نفسه في ذكر الله، وطاعة الله، عافاه الله من الشيطان، وحفظه من الشياطين، نسأل الله السلامة".

 

الحادي عشر: من جمال الإسلام أن يكون المسلمُ واضحًا في أقواله وأعماله، متخلقًا بأجمل الأخلاق متجنبًا للرياء، صادقًا، أمينًا، صافي القلب، لا يمكر بأحد، ولا يخادع أحدًا، قدوته الحسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، الذي زكاه الله في أخلاقه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وكلما كان المسلم مقتديًا بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، عاش المسلمون مع بعضهم متوادين متراحمين متعاطفين كمثل الجسد، كما جاء في الحديث الشريف: "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ؛ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ، تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى"[19].



[1] مصنف ابن أبي شيبة، (18/ 320)، الحاكم، المستدرك، (1/ 62).

[2] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، (ص59).

[3] تفسير السعدي (ص: 685).

[4] تفسير السعدي (ص: 700).

[5] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (6/ 280).

[6] تفسير العثيمين (فاطر، ص: 81).

[7] تفسير العثيمين (فاطر، ص: 81).

[8] الألباني، صحيح أبي داود، (1425).

[9] تفسير القاسمي (7/ 373).

[10] تفسير ابن كثير (2/ 385).

[11] تفسير السعدي (ص: 717).

[12] انظر: السعدي، تفسير أسماء الله الحسنى، (ص: 214).

[13] تفسير السعدي (ص: 127).

[14] صحيح البخاري، حديث رقم: (6502).

[15] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، (ص: 430 - 438).

[16] صحيح البخاري، حديث رقم: (6502).

[17] الألباني، صحيح أبي داود، حديث رقم: (152).

[18] صحيح البخاري، حديث رقم: (6464)، صحيح مسلم، حديث رقم: (2818).

[19] صحيح البخاري، حديث رقم: (6011)، صحيح مسلم، حديث رقم: (2586).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاستقامة
  • بين الدقائق الفرعية وأصول الاستقامة
  • الاستقامة سبب للنجاة من النار (بطاقة)
  • الاستقامة بعد الحج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما هي المصادر التي يأخذ منها الأصوليون علم أصول الفقه؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طريقة القرآن المعهودة وأثرها في الترجيح عند الإمام ابن القيم (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الاعتراض بطريق التماس إعادة النظر (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خمسون طريقة في الاستنباط الفقهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقوق الطريق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل البحر انشق لموسى طريقا واحدا أو اثني عشر طريقا؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/3/1447هـ - الساعة: 13:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب