• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق غير المسلمين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من قصص أنطونس السائح ومواعظه: (3) صاحب الكرم
    بكر البعداني
  •  
    تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الثالث: وقت المغرب
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    حديث: حين نزلت آية المتلاعنين: أيما امرأة أدخلت ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الأسماء الحسنى
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الاستصناع
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    رسالة إلى خطيب
    الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
  •  
    أسباب تليين القلوب
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم عليهما السلام)

سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم عليهما السلام)
أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/9/2025 ميلادي - 21/3/1447 هجري

الزيارات: 222

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق

(زكريا، ومريم عليهما السلام)


ضمن الله سبحانه إجابة أي دعاء ندعوه به؛ حيث قال: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، في هذه الآية لم يقل سبحانه: بعض، بل قال: (كل) ما سألتموه، فلن يرد الله أي سائل خائبًا أبدًا، وهذه قاعدة مهمة يجب أن نضعها في الحسبان؛ فليس بينك وبين تحقيق أمنيتك إلا أن تسأله سبحانه.


هناك من يدعو ربه، فيحقق الله سبحانه له دعوةً خارقة، لم يتوقع إجابتها، ويستغرب من تحقق هذا الدعاء؛ فهذا زكريا عليه السلام حينما استُجيبت دعوته قال: ﴿ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ [مريم: 8]، فأجابه الله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾ [مريم: 9]، قد يكون استغرابه أن هذا الابن جاء من زوجته التي لا يمكن أن تلد، ولكن مهما يكن، فالله سبحانه وتعالى قد حقق دعاءه؛ رغم كبر سنه، وكون زوجته عاقرًا، ولعلنا نتفكر في هذه الإجابة، وأسبابها، وكيف حدث هذا الأمر، وكيف يمكن أن يستجيب الله لنا في أمور قد لا نتخيل وقوعها، ولعلنا نبحث في سر استجابة الدعاء الخارق بشكل سريع.


نجد أن الله سبحانه وتعالى حثَّنا، ويحثنا دائمًا على الدعاء، وبشكل مستمر، وضمن لنا عددًا من الصفات الباهرة؛ يقول سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، والدعاء في هذه الإجابة المضمونة ليس دعاء أي إنسان عاديٍّ؛ بل دعاء المضطر الذي أحاط به السوء من كل جانب، فأصبح مخلصًا لله سبحانه، قاطعًا قلبه عمن سواه، موقنًا بإجابة الدعاء، فيجيبه الله سبحانه، بل ويكشف عنه السوء، ويُمكِّن له في الأرض، فالله في هذه الآية يقول: من سيجيب المضطر غيره؟ وهذا فضل، ومنَّة منه سبحانه.


والله قريب جدًّا من السائلين، بعكس ما نتصور: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]؛ حيث ربط الإجابة بالاستجابة له سبحانه، ووعد بالرشاد في كل الأمور، وكذلك يطلب منا ربنا أن نكون قريبين جدًّا من الذين يدعون ربهم بالليل والنهار، ولا نبتعد عنهم أبدًا، ونصبر على معيتهم؛ يقول سبحانه: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 28].


بل ويقول سبحانه: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴾ [الفرقان: 77]، وهذا يعني أن الله لا يهتم، ولا يبالي بنا، لولا أننا ندعوه، فالدعاء يحبه الله ويرضاه، ويطلبه منا؛ وفي آية أخرى وصف من لا يدعو الله بالاستكبار عن عبادته: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].


حتى إن الله يجيب دعوة الكفار إذا أخلصوا له في الدعاء: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].


وكل ما سبق دليلٌ واضح على أن خالق الأرض والسماء، ومكور الليل والنهار، ومسخر الشمس والقمر يريد منا أن ندعوه، فكرمه سبحانه لا ينتهي أبدًا، وفضله لا ينقطع.


لنعُد بعد هذه المقدمة إلى السر العظيم لاستجابة دعاء زكريا ومريم عليهما السلام، فقد قام زكريا برعاية مريم، والقيام بشؤونها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾ [آل عمران: 37]، وذلك بعد أن أنبتها الله نباتًا حسنًا، وخلد ذكرها في القرآن بسبب تنفيذها وصية ربها في قوله تعالى: ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]، وبسبب تقواها؛ كما قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 18]، وبسبب تصديقها بكتب، وكلمات ربها، وقنوتها له: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12].

 

ويكمن سر الاستجابة لدعاء مريم أنها كانت تعبد ربها، وتدعوه في المحراب، وهو هنا ليس المحراب الذي يصلي فيه الإمام، بل هو غرفة بُنيت لمريم تتعبد فيها؛ "مكان مرتفع شريف وُضع للعبادة"؛ ومن العجيب أنه ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ﴾ [آل عمران: 37]، فاستغرب زكريا من مصدر هذا الرزق؛ فربما يكون هناك من يتولى أمرها غيره، وهو من فاز بكفالتها بعد خصومةٍ انتهت بالاستهام بينه وبين جماعة من أحبار بني إسرائيل في عهده، ليشرفوا بكفالتها؛ فسألها بقوله: ﴿ أَنَّى لَكِ هَذَا ﴾ [آل عمران: 37]، يريد أن يتبين، قالت: ﴿ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37]، وهنا توقف زكريا، وربط بين شيئين مهمين؛ هما: أن الرزق الذي أعطاه الله مريمَ أتى بسبب العبادة في المحراب، والثاني: بسبب الدعاء؛ فدعا ربه بدعاء غير الذي كان يدعوه به من قبل؛ فقد كان يدعو ربه دائمًا، ويستجيب الله لدعائه؛ يقول زكريا ممتنًّا باستجابة ربه لدعائه الدائم: ﴿ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4]، ولكن توقفه هذه المرة واستغرابه أتى بعدما رأى أمرًا خارقًا لدى مريم، فأراد أن يدعو دعاءً خارقًا؛ فدعا ربه بأن يرزقه الولد، رغم عدم إمكانية ذلك واقعيًّا بالعقل المجرد؛ فهو شيخ طاعن في السن، وهن عظمه، واشتعل رأسه شيبًا، لا يُرجى منه الإنجاب، وامرأته عاقر، لا تلد، اجتمعت كل أسباب المنع، بعدما رأى زكريا الرزق عند مريم، وقع كلامها من أن الله يرزق من يشاء بغير حساب موقعَ القَبول لديه، وحرَّك في نفسه أن يدعو الله بالولد الذي كان يتمناه، وكان من الصعب تحقيقه، وقياسًا بما رأى عند مريم من الرزق العظيم، علِم أن من يسوق الرزق إلى هذه المرأة المنقطعة لعبادتها سيرزقه بالولد إذا حقق هذا الشرط، فدعا ربه بثلاثة أدعية موزونة؛ الدعاء الأول: دعا زكريا ربه أن يهب له ذريةً طيبة، وليس ولدًا فقط، وهذا شيء عجيب، ويقودنا أن ندعو كما دعا زكريا؛ حيث دعا بالذرية، ووصف هذه الذرية بالطيبة، وهذه حكمة عظيمة، وعجيبة، تستلزم أن نفهم كيف ندعو الله بدعاء شامل نافع؛ قال تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]، الدعاء الثاني: وفيه ثقة كبيرة، وحسن ظن بالله أن يجيبه؛ حيث دعا أن يهبه - ليس ابنًا فقط - بل أن يجعل هذا الابن رضيًّا صالحًا، يحمل كل علامات الخير؛ فقال في دعائه: ﴿ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 4 - 6]، الدعاء الثالث: دعا زكريا ربه بأنه وحيد، ليس لديه أبناء، وهذا يُظهر الشفقة عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ [الأنبياء: 89]، إضافةً إلى ذلك كله، كانت المناداة خفية؛ حيث نادى ربه نداءً خفيًّا، دلالة على الإخلاص، والبعد عن الرياء، فقد تضرع بعيدًا عن أعين الناس، نداء خفيًّا، بصوت ومكان خفي، وقلب تقي؛ قال تعالى: ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم: 3]، ولم يدعُ ربه فقط، بل سارع إلى فعل الطاعة؛ وفي ذلك يقول سبحانه: ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الأنعام: 85].


فكان الرد سريعًا: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39]، ومن العجيب أن الله أشار إلى المحراب مرة أخرى بعد أن ذكره عند مريم، ليخبرنا أن القرب من الله سبب في إجابة الدعاء، والفاء هنا تعقيبية، تعني أن استجابة الدعاء جاءته مباشرة بعد دعائه وهو قائم يصلي في المحراب، ولم تكن البشارة من الله مباشرة بالولد فقط، بل جعل في هذا الولد خمسَ خِصال عظيمة؛ وهي: أنه مصدق بكلمة من الله، وسيد، وحصور، ونبي، ومن الصالحين؛ ثم يقول سبحانه في موطن آخر: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، فأصلح زوجته أيضًا؛ لأنه اتصف بالمسارعة في الخيرات، والدعاء في كل أحواله، والخشوع، ويعود ذكر المحراب مرةً ثالثة، فمن فرحته ببشارة العزيز الجبار قام إلى قومه لينصحهم، فخرج من محرابه، وطلب منهم كثرة ذكر الله، لأن لها سببًا في إجابة الدعاء؛ قال تعالى: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11]، ولم يتوقف الأمر على أن وهب الله له الولد؛ بل أعطاه اسمًا جديدًا: ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7]، وتسميته من قِبل الله سبحانه منقبة عظيمة لزكريا، ولم يتسمَّ به أي مخلوق على وجه الأرض قبله، إضافة إلى أن هذه التسمية رمز للحياة الدائمة.


لعلنا أدركنا سرًّا عظيمًا لإجابة الدعاء، وارتباط هذه الإجابة بالتعلق بالله؛ يقول سبحانه: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وربط ذكر العبد لله بأن الله يذكر من ذكره: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، وطلب أن نذكره أشد من ذكرنا لآبائنا: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]، بل إنه حتى على مشارف الحرب يدعونا إلى ذكره؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وأول ما يفعله الشيطان حتى يسيطر علينا، ينسينا ذكر الله سبحانه: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19]، فما أحوجنا إلى الله! والله ليس بحاجة إلينا، وما أكرم الله! وما ألطفه! فإذا كنا نريد استجابة دعائنا مباشرة، فلا بد من الإقبال عليه بقلب حاضر، وإخلاص ظاهر، وحسنِ ظنٍّ به، وإلحاح في الدعاء، بأن ندعوه بأسمائه، وصفاته، والحذر الحذر من المحرمات من النظر، والغِيبة، وغيرها من المعاصي، والمحافظة على الصلوات، وبقية العبادات، ويمكن احتواء هذا كله في التقوى؛ فهي جامعة للقرب من الله، والبعد عن معصيته، فبعد ذلك يمكن أن يُستجاب لنا، وبسرعة؛ مثل زكريا، ومريم عليهما السلام؛ يقول سبحانه عن التقوى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، فانتظروا فتحًا كبيرًا في البركات من السماء والأرض، فالسماء ستمطر ليس خيرًا، أو رزقًا، أو بركةً فقط، بل ستمطر (بركات)، والأرض لن تنبع خيرًا، أو رزقًا، أو بركةً فقط، بل ستنبع (بركات)، وهل تظنون أن الله يخلف وعده؟ فهذا وعد رباني كبير وعظيم؛ فاستعدوا لجمع هذه البركات، وهيئوا أنفسكم لما يطلبه الله منكم، فستجدون خيرًا عظيمًا من رب كريم مجيب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب استجابة الدعاء
  • أوقات وأماكن استجابة الدعاء
  • فضل الوضوء قبل النوم: النوم على وضوء سبب من أسباب استجابة الدعاء
  • أوقات وأماكن وأزمنة استجابة الدعاء
  • الصيام وأثره في استجابة الدعاء

مختارات من الشبكة

  • إكرام الله شرف عظيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء للأولاد سر من أسرار النجاح والفلاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لفتة سعدية عظيمة جدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الكبير، العظيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحن إسلامنا عظيم عظيم.. رائعة الشاعر محمود مفلح(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر لها أجر عظيم وثواب جزيل عند الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/3/1447هـ - الساعة: 13:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب