• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    الحديث الخامس: خطورة الرياء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    تذكير أهل الديانة بخلق الأمانة
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خلاف العلماء في حكم جلد الميتة بعد الدباغ
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    عناية الصحابة - رضي الله عنهم - بحفظ القرآن وضبطه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    كيف تكون عبدا ربانيا
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    لقاء حول البنوك (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

تذكير أهل الديانة بخلق الأمانة

تذكير أهل الديانة بخلق الأمانة
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2025 ميلادي - 18/3/1447 هجري

الزيارات: 122

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تذكير أهل الدِّيانة بخُلق الأمانة

 

لماذا هذه الموعظة؟

1- لبيان أهمية وفضائل وثمرات خلق الأمانة.

 

2- لبيان خطورة تضييع الأمانة.

 

3- لبيان صور من الأمانات التي يجب حفظها.

 

4- بيان حال السلف؛ بذكر صور مضيئة في حفظ الأمانات.

 

5- للحصول على الأجر والثواب.

 

مقدمة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

أيها الإخوة، إننا على موعد مع خُلق من أخلاق الأنبياء والمرسلين، خُلق عظيم، وفضيلة من فضائل المؤمنين؛ إنه خُلق الأمانة؛ فإننا بحاجة كبيرة لأنْ نتحدث عن الأمانة؛ لأنَّ التفريط فيها انتشر، ولأن كثيرًا من الناس لا يبالون بتضييعها.

 

فقد عظَّم الله تعالى أمرها، ورفع شأنها، وأعلى قدرها؛ فبها تُحفظ الحقوق، وتؤدَّى الواجبات، وتُصان الدماء والأموال والأعراض، وبها تُعمر الديار والأوطان، ويُقام الدين، ويُعبد الله في أرضه، وبها ينال العبد رضا ربه، وثناء الناس له من حوله، فلا يستغني عنها الأفراد ولا الدول، ولا الشعوب والمجتمعات، وقد أمر الإسلام بخلق الأمانة وبيَّن أهميته وفضله وأثره في الحياة الدنيا والآخرة؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

ولأهمية الأمانة: فقد نزلت في جذر قلوب الرجال؛ ففي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: ((أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال - أي: في وسطها - ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة))، ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: ((ينام الرجل النومة فتُقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، [والمعنى: أن الأمانة تذهب حتى ما يبقى منها إلا اليسير]، ثم ينام النومة فتُقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل المجل، كجمرٍ دحرجته على رجلك فنفِط فتراه مُنتبرًا، وليس فيه شيء، ثم أخذ حصًى، فدحرجه على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يُقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا، حتى يُقال للرجل: ما أجلده! [أي: ما أقواه!] ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان))، قال حذيفة رضي الله عنه: "ولقد أتى عليَّ زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلمًا ليردنه عليَّ دينه، ولئن كان نصرانيًّا أو يهوديًّا ليردنه عليَّ ساعيه [أي: من يتولاه]، وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانًا وفلانًا".

 

فهيا بنا نقف هذه الوقفات في بيان فضائل وثمرات خلق الأمانة، وبيان خطورة تضييع الأمانة، مع ذكر صور من الأمانات التي يجب حفظها.

 

الوقفة الأولى: تعريف الأمانة:

الأمانة: هي كل حق لزِمك أداؤه وحفظه؛ والمعنى: أنك تحفظها وتؤديها؛ فمن حفظها ولم يؤدِّها فليس بأمين، ومن عرضها للتلف ثم أدَّاها فليس بأمين.

 

وقال القرطبي رحمه الله: "كل ما يوكل إلى الإنسان حفظه، ويخلَّى بينه وبينه".

 

ومعنى حفظ الأمانة وعدم تضييعها: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك.

 

الوقفة الثانية: فضائل وثمرات خلق الأمانة.

1- حفظ الأمانة علامة من علامات إيمان العبد؛ فقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين الأمانة والإيمان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم))؛ [سنن الترمذي، وقال: حسن صحيح]، وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((ألَا أخبركم بالمؤمن؟ من أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم))؛ [رواه أحمد وصححه الألباني].

 

2- حفظ الأمانة سر السعادة في الدنيا والآخرة؛ فهي من أعز ما يحرص المسلم على الاتصاف بها؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع إذا كن فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: صدقُ الحديث، وحفظ الأمانة، وحسن الخلق، وعفَّة مطعمٍ))؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب].

 

3- حفظ الأمانة وعدم تضييعها سبب من أسباب محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبدالرحمن بن أبي قراد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سرَّه أن يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله؛ فليصدق حديثه إذا حدَّث، وليؤدِّ أمانته إذا اؤتمن، وليُحسن جوار من جاوره))؛ [رواه البيهقي وحسنه الألباني في المشكاة].

 

4- حفظ الأمانة، وعدم تضييعها من أسباب دخول الجنة، بل ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغُضوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم))؛ [رواه أحمد وابن حبان، والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع].

 

5- الأمانة يكفيها أهمية وفضلًا أنها من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد عُرف بها صلى الله عليه وسلم، ولُقب بها قبل البعثة؛ ولذلك لما نزل عليه الوحي قالت له خديجة رضي الله عنها وهي تُطمئنه: "فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث".

 

وقصة وضع الحجر الأسود مشهورة؛ حيث فرح القوم بمقدمه صلى الله عليه وسلم وقالوا: هذا الأمين.

 

وفي قصة هرقل مع أبي سفيان رضي الله عنه، لما قال له هرقل: "سألتك: ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمر بالصلاة، والصدق، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وهذه صفة نبي"؛ [متفق عليه].

 

أما أمانته بعد البعثة: فقد أدى الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة الكبرى التي تكفَّل بها؛ وهي الرسالة، أعظم ما يكون الأداء، وتحمل في سبيلها أعظم أنواع المشقة، فما تركنا إلا على محجة بيضاء؛ فنحن نشهد: أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة.

 

6- حفظ الأمانة وعدم تضييعها من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: ((ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدِّها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يده، فقال: ألَا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب؛ فإنه ربَّ مبلَّغ أسعد من سامع))؛ [رواه أحمد وأبو داود].

 

7- ومما يبين عظمها وأهميتها أنها تؤدَّى حتى للبَر والفاجر؛ قال ميمون بن مهران رحمه الله: "ثلاثة يؤدَّين إلى البر والفاجر: الأمانة، والعهد، وصلة الرحِم".

 

ولما جاء الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة ترك عليًّا رضي الله عنه في مكة لأداء الأمانات، ورد الودائع إلى أهلها، برغم ما فعلوه معه ومع أصحابه الكرام من اضطهاد وإيذاء، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا هذا الخلق العظيم؛ فأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاثَ ليالٍ وأيامها، حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحِق برسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

8- الأمانة بها يعلو شأن الإنسان إذا اتصف بها؛ فقد رفع بها النبي صلى الله عليه وسلم شأن أبي عبيدة رضي الله عنه، لما أرسله إلى أهل نجران لقبض مال الجزية؛ ففي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: ((جاء صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: ابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا، فقال: لأبعثن معكم رجلًا أمينًا حقَّ أمين، فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‌هذا ‌أمين ‌هذه ‌الأمة))، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لكل أمة أمينًا، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح)).

 

9- الأمانة من صفات صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين؛ فما من نبي إلا وقد قال لقومه وهو يدعوهم: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 107، 108]، تكررت في سورة الشعراء خمس مرات متواليات.

 

واتصف بها موسى عليه السلام؛ قال الله تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].

 

واتصف بها هود عليه السلام؛ قال الله تعالى عنه وهو يخاطب قومه: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].

 

ولما اتصف بها يوسف عليه السلام؛ جعلت الملِك يقول له: ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف: 54].

 

وقد وصف الله تعالى بها جبريل عليه السلام؛ كما قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193]، وقال تعالى: ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 21].

 

10- حفظ الأمانة وعدم تضييعها من أعظم أسباب تفريج الكربات؛ ففي خبر الثلاثة الذين آواهم المبيت في الغار وانطبقت عليهم الصخرة؛ فتوسل كل منهم بصالح الأعمال فقال أحدهم: ((... اللهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له، وذهب فثمَّرت أجره، حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدالله، أدِّ إليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك: من الإبل والبقر، والغنم والرقيق، فقال: يا عبدالله، لا تستهزي بي، فقلت: لا أستهزي بك، فأخذه كله فاستاقه، فلم يترك منه شيئًا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون))، وتأمل: كيف حفظ له هذه الأمانة، بل ثمَّر له هذه الأمانة حتى صارت واديًا من الغنم.

 

الوقفة الثالثة: خطورة تضييع الأمانة.

1- فإن تضييع الأمانة علامة على نقص الإيمان، وآية من آيات المنافقين؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))؛ [رواه البخاري]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: ((لا إيمانَ لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع].

 

2- تضييع الأمانة من صفات اليهود؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75].

 

3- ولخطورة تضييع الأمانة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من ضدها وهي الخيانة؛ فتأمل هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئستِ البطانة)).

 

4- وتضييع الأمانة علامة من علامات الساعة؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: ((أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة))، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الزمن الذي تُقلب فيه الحقائق، وتُزوَّر الوقائع، وتُغيَّر العناوين، فقال: ((سيأتي على الناس سنواتٌ خدَّاعات يُصدق فيها الكاذب، ويُكذب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة))؛ [ابن ماجه في سننه، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه].

 

5- خائن الأمانة مفضوحٌ يوم القيامة على رؤوس الأشهاد؛ ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الغادر ينصب الله له لواءً يوم القيامة، فيقال: ألَا هذه غَدرة فلان)).

 

الوقفة الرابعة: صور من الأمانات التي يجب حفظها؛ (مجالات الأمانة).

فإن الأمانة مفهومها واسع في دين الإسلام؛ فهي لا تقتصر على حفظ ودائع الناس فقط كما يظن البعض؛ وإنما هي تشمل كل ما اؤتمن عليه العبد من الحقوق، سواء أكانت هذه الحقوق لله تعالى أو للعباد، وسواء أكانت في الأفعال أو الأقوال؛ ويمكن تقسيم مجالات الأمانة التقسيم الآتي:

أولًا: الأمانة التي تتعلق بحقوق الخالق جل جلاله؛ وهي أمانة التكليف، وأمانة القيام بالعبادات والواجبات؛ فقد خلقنا الله تعالى، وأنعم علينا بنعمة العقل؛ ولذلك كلَّفنا بالتكاليف الشرعية، وأعظم الأمانات التكليفية هي أمانة التوحيد؛ وذلك بإخلاصه لله وحده، وحفظه من شوائب الشرك؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172].

 

والصلاة أمانة في عنقك، تؤديها في أوقاتها كاملةَ الشروط والواجبات والأركان، والصيام أمانة بينك وبين الله، والزكاة أمانة والله مطَّلع عليك في أدائها كاملةً أو ناقصةً، والمؤذن أمين على الوقت؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن))؛ [رواه أبو داود بسند صحيح].

 

وهذا الدين أمانة في أعناق الجميع، أمانة في عنق المسلم من حيث الدعوة إلى الله تعالى، وتبصير العباد، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر؛ قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

ثانيًا: الأمانة التي تتعلق بحقوق الخلق؛ وذلك في المعاملات وغيرها:

ومنها الأمانة في البيع والشراء والتجارة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((التاجر الأمين الصدوق المسلم، مع الشهداء يوم القيامة))؛ [رواه ابن ماجه، وقال عنه الذهبي: حديث جيد الإسناد].

 

ومنها الأمانة في العهود والمواثيق، والمواعيد والوفاء بالديون؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283].

 

ومنها الأمانة في حفظ الأسرار؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما المجالس بالأمانة))؛ سواء صرح بذلك، أو ما دلت عليه القرائن؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت، فهي أمانة))؛ [رواه الترمذي بسند حسن].

 

ومن صور ذلك: تصوير الإنسان، أو تسجيل حديثه وكلامه دون علمه أو إذنه، ونشر ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل؛ فهذا التصرف من خيانة الأمانة.

 

قال الحسن البصري رحمه الله: "إنما تجالسوننا بالأمانة، كأنكم تظنون أن الخيانة ليست إلا في الدينار والدرهم، إن الخيانة أشد الخيانة أن يجالسنا الرجل، فنطمئن إلى جانبه، ثم ينطلق فيسعى بنا".

 

ومنها الأمانة التي تتعلق بحقوق الجيران؛ بالإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم.

 

ومنها الأمانة في بذل النصيحة لمن استنصحك، وإبداء الرأي السديد لمن استشارك؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المستشار مؤتمن))؛ [رواه أبو داود والترمذي]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أشار على أخيه بأمرٍ يعلم أن الرشد في غيره؛ فقد خانه))؛ [رواه أبو داود].

 

ثالثًا: الأمانة التي تتعلق بحقوق الأسرة:

فهناك أمانة تتعلق بحق الوالدين؛ ببرهما والإحسان إليهما، والدعاء لهما في حياتهما وبعد موتهما؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رجل من الأنصار: يا رسول الله، هل بقيَ من برِّ أبوي شيء أبرُّهما به بعد موتهما؟ قال: ((نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصِلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهما)).

 

وأمانة تتعلق بحق الزوجة؛ وذلك بالنفقة عليها، وحسن معاشرتها، وحفظ أسرار الزوجية؛ ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجلَ يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها)).

 

وأمانة تتعلق بحق الأبناء؛ وذلك بحسن تربيتهم؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يعول)).

 

وأمانة تتعلق بذوي القربى والأرحام؛ وذلك بصلتهم وتعاهدهم.

 

رابعًا: الأمانة التي تتعلق بحفظ النفس؛ فهذه النفس التي أودعها الله تعالى فيك أمانة، والصحة أمانة، والجوارح أمانة عندك، وسوف تُسأل عنها يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

 

خامسًا: الأمانة التي تتعلق بالوظائف العامة؛ فكلٌّ في مجاله مؤتمن؛ فقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم الوظائف أماناتٍ، ونصح الضعفاء بعدم طلبها والتعرض لها؛ ففي صحيح مسلم أن أبا ذرٍّ رضي الله عنه سأله أن يستعمله فضرب بيده على منكبه، وقال: ((يا أبا ذر، إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها)).

 

والله سبحانه تعالى سائلٌ كلًّا عما ائتمنه عليه؛ ففي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته))، وفي الصحيحين عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يومَ يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة))، وفي رواية: ((فلم يحطها بنصحه، لم يَرَحْ رائحة الجنة)).

 

الوقفة الخامسة والأخيرة: صور مضيئة في حفظ الأمانات.

1- في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اشترى رجل من رجل عقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني؛ إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتَع منك الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا)).

 

فإن المتصوَّر في هذه الدنيا أن يختلف هذان الاثنان حول ملكية الذهب، يحاول كل منهما أن يثبت أنه حقه، ولكن سبحان الملك! إن كلًّا منهما يجتهد أن يثبت أن المال من حق صاحبه، وكأنه بلاء يريد أن يدفعه عن نفسه؛ إنها: الأمانة والعِفة والإيثار، فكل منهما يتعفَّف عن المال، ويُؤثِر صاحبه به.

 

ومن الدروس المستفادة من هذه القصة: أنه إذا وجد الإنسان شيئًا لا يخصه، يجب عليه أن يعيده لأصحابه، بل ولا يحق له أن يأخذ ما يشك في ملكيته.

 

2- قال ابن جرير رحمه الله: "لما قُدم بسيف كسرى مع بقية الكنوز، قال عمر رضي الله عنه: إن أقوامًا أدوا هذا لذوو أمانة، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنك عففتَ يا أمير المؤمنين فعفَّت الرعية، فدفعوا الأموال لعمر رضي الله عنه، فلما رآها بكى، فقال: والله الذي لا إله إلا هو إن قومًا دفعوها إليَّ لأمناء".

 

3- وهذا ابن المبارك رحمه الله يعود من مرو في خراسان إلى الشام ليرد قلمًا استعاره من صاحبه، ومكث في هذه الرحلة شهرًا كاملًا.

 

4- وهذا أبو حنيفة رحمه الله كان له شريك في التجارة، يُقال له بشر، فخرج بشر في تجارته بمصر، فبعث إليه أبو حنيفة سبعين ثوبًا من ثياب خزٍّ، فكتب إليه: إن في الثياب ثوب خز معيبًا بعلامة كذا، فإذا بعته فبيِّن للمشتري العيبَ، قال: فباع بشر الثياب كلها، ورجع إلى الكوفة، فقال أبو حنيفة: هل بيَّنت ذلك العيب الذي في الثوب الخز؟ فقال بشر: نسيت ذلك العيب، قال: فتصدق أبو حنيفة بجميع ما أصابه من تلك التجارة، [الأصل والفرع جميعًا]، قال: وكان نصيبه من ذلك ألف درهم، وقال: مال قد دخلت فيه الشبهة، فلا حاجة لي به.

 

نسأل الله العظيم أن يرزقنا الأمانة والأخلاق الفاضلة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خلق الأمانة (خطبة)
  • خلق الأمانة (قصة للأطفال)
  • خطبة: خلق الأمانة

مختارات من الشبكة

  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء التاسع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير (للأحياء) من الأحياء بحقوق الأموات عليهم!(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • إذا ذكرت الله في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موجة الحر: تذكير وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله حياة القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير أهل الإيمان بوجوب الاطمئنان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذكير بنعمة إدراك رمضان وما ينبغي فيه لأهل الإيمان(مقالة - موقع العميد: عبدالعزيز بن عبدالله القصير)
  • تذكير أهل الطاعة بأقسام الشفاعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/3/1447هـ - الساعة: 11:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب