• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طهارة المرأة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الفرق بين الشبهة والشهوة
    عصام الدين أحمد كامل
  •  
    السجع في القرآن بين النفي والإثبات
    د. عبادل أحمد دار
  •  
    التوثيق القرآني لبيت المقدس
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    التجارة مع الله (تجارة لن تبور)
    نجلاء جبروني
  •  
    أحكام سلس البول
    د. خالد النجار
  •  
    المولد النبوي: رؤية تاريخية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تأملات في سورة ق (خطبة)
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الخلال النبوية (29) {يتبعون الرسول النبي الأمي}
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في فاحشة اللواط
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    من قصص الأنبياء (3)
    قاسم عاشور
  •  
    وقفات مع اسم الله القريب (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الفرق بين الشبهة والشهوة

الفرق بين الشبهة والشهوة
عصام الدين أحمد كامل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/9/2025 ميلادي - 11/3/1447 هجري

الزيارات: 164

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرق بين الشبهة والشهوة


ينتاب ابن آدم سِنة من الغفلة قد تؤدي عند الاستهانة بها إلى داء، وربما تستفحل فتسري في الوجدان والجَنان كما الوباء، إن لم يتداركها في بادئ أمرها، ونحن في زمان تهب علينا الفتن من كل حدب وصوب، ولا يُستطاع دفعها مهما بالغ المرء في العزلة، وأوصد دونها الأبواب؛ روى مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((تُعرَض الفتن على القلوب عرضَ الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشربها نُكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب أبيضَ مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُربادًّا كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه)).

 

والشبهة والشهوة من أقسى أمراض العقل والقلب فتكًا بابن آدم، وقد قال بعض العلماء: "أفضل الناس من لم تُفسد الشهوة دينه، ولم تُزل الشبهة يقينه"، وهناك فرق بين الشبهة والشهوة.

 

أولًا: الشبهة:

1- فالشبهة محلها العقل، واختلال الفكر، والحياد عن منهج الله، ومن أعراضها التباس الحق بالباطل واختلاطه، والخلط بين ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وبين ما هو مبتدع وليس صحيحًا، وقد عرفها ابن القيم رحمه الله فقال: "الشبهة وارد يرِد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق".

 

2- والشبهة نوعان: عارضة ومفتعلة.

• فالعارضة: هي ما تعترض الفهم من بعض مسائل الدين، ومن حديث النفس، وإزالتها يكون بالعلم والحق؛ يقول تعالى: ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، ويقول تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وتلك لا يسلم منها أحد حتى العلماء، فلم يسلم أحدٌ منهم من قول: لا أدري، فلا يوجد من حوى العلم كله.

 

• أما المفتعلة: فهي مما لا يزال يثيره أعداء الدين من تشكيك في مسائل الشرع والإيمان، وذو اليقين الثابت لا يُلقي لها بالًا؛ لأنه يوقن بقوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، ففي القرآن وحده الرد على كل هذا، وهو يكون غالبًا ممن لا فَهم عنده لمعاني القرآن إجمالًا، أو لمعاني ومدلولات اللغة؛ فالحق تعالى يقول: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]، وقال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشتبهات استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحِمى، يوشك أن يواقعه، ألَا وإن لكل ملِكٍ حِمًى، ألَا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألَا وإن في الجسد مضغةً؛ إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألَا وهي القلب))؛ [رواه البخاري من حديث النعمان بن بشير]، فالحديث يأمرنا باتقاء الشبهات عندما يلتبس علينا أمرٌ، أهو حلال أم حرام، ومن الورع اجتناب تلك الشبهات؛ وفي حديث صحيح لأبي داود قوله صلى الله عليه وسلم: ((... ألَا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العِي السؤال)).

 

3- والشبهة لا تصلح أن تكون دليلًا على شيء أو يُبنى عليها حكم أو تصور، وإذا اختلط الدليل بشبهة فلا يُعتد به إلا بزوالها.

 

ثانيًا: الشهوة:

الشهوة هي تقديم مطلوب الهوى على طاعة الله ومرضاته، كمن يهوى المُسكرات وجمع الأموال بالربا، ويقارف العشق المحرم؛ يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، يقول ابن القيم: دخل الناس النار من ثلاثة أبواب: باب شبهة أورثت شكًّا في دين الله، وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته، وباب غضب أورث العدوان على خلقه، وقيل بأن ميل الطباع هذا نحو الشهوة ليس من قبيل الإرادة... قال الراغب الأصفهاني: أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريد، وذلك في الدنيا ضربان: صادقة وكاذبة، فالشهوة الصادقة ما يختل البدن من دونها كشهوة الطعام عند الجوع؛ والشهوة الكاذبة هي ما لا يختل البدن من دونه، وقوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾ [آل عمران: 14] يحتمل الشهوتين؛ وأما قوله عز وجل: ﴿ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾ [مريم: 59]، فهذا من الشهوات الكاذبة ومن المشتهيات المستغنى عنها، وذلك في قوله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وهناك ما يسمونه بالشهوة الخفية، وهي كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه، ويُصِر عليه وإن لم يعمل به، وقيل: هي حب اطلاع الناس على العمل، يقول تعالى: ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ: 54]؛ أي: يرغبون فيه من الرجوع إلى الدنيا.

 

وقد اختلف المفسرون في إسناد التزيين في قوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾ [آل عمران: 14] فأسنده بعضهم إلى الشيطان؛ لأن حب الشهوات مذموم، ولأنه سمَّى ذلك متاع الحياة الدنيا وهي مذمومة عندهم، وأسنده بعضهم إلى الله تعالى - وهذا هو الصواب – لأنه سبحانه أباح الزينة والطيبات وأنكر على من حرم ذلك بقوله: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32]، فإباحة الله زينة الله في الدنيا غير منافية لنيلها في الآخرة؛ ولأنها وسائل للآخرة بتكثير النسل، وكثرة الصدقات والمبرَّات والجهاد، وغفل الجميع أن كلام المولى عز وجل هنا عن سُنَّة من سنن الله في تكوين البشر، فالمراد أن الله تعالى أنشأ الناس على هذا وفطرهم عليه، ومثل هذا لا يجوز إسناده إلى الشيطان بحال، وإنما يُسند إلى الشيطان ما قد يعد من أسبابه كالوسوسة التي تُزين للإنسان عملًا قبيحًا، ولذلك لم يُسند القرآن إلى الشيطان إلا تزيين الأعمال؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الأنفال: 48]، وقال تعالى: ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 43]، أما الحقائق وطبائع الأشياء فلا تُسند إلا إلى الخالق الحكيم الذي لا شريك له؛ قال عز وجل: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7]، وقال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ﴾ [الأنعام: 108].

 

فالله تبارك وتعالى هو الذي زين ذلك بما جبل النفوس على محبة هذه الشهوات والميل إليها وشدة الرغبة فيها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]، وقال: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]؛ لشدة علوق القلب بذلك؛ وقد ذكر تعالى ذلك في العداوة فقال: ﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14]، و"من" هنا للتبعيض؛ لأن بعضهم أي بعض الزوجات والأولاد يحثون على طاعة الله، والبعض الآخر لا يحثون، وأما إنهم فتنة فلا شك أن الأموال والأولاد فتنة، ولهذا قال بعض السلف: "جاء أن ابن مسعود كان يقول في الاستعاذة من الفتن: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن، وليس من الفتن، لأن أولاده وأمواله فتنة".

 

وقد قال الإمام الشعراوي: "قول الحق سبحانه: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾ [آل عمران: 14]، فمن المُزيِّن؟ إن كان في الأمر الزائد على ضروريات الأمر، فهذا من شغل الشيطان، وإن كان في الأمر الرتيب الذي يضمن استبقاء النوع فهذا من الله".

 

فالشهوات هي أغراض متعلقة بحاجة الجسد، تفصح عنها النفس راغبة فيها، والمسلم لا يشبع إلا من شهواته الصادقة بالحلال، ومن لم يراعِ الحلال والحرام في إشباع شهواته، أو سعى خلف الشهوات الكاذبة؛ فهو ممن يتبع الشهوات الذين ذمهم الله تعالى بقوله: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ [مريم: 59، 60].

 

وأما كون الشبهة والشهوة من أمراض القلوب، فدليله قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32]، فهذا مرض الشهوة، وقد قال تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 125]، فهذا مرض الشبهة، وهو أشد من مرض الشهوة؛ ولذا قال ابن تيمية رحمه الله: "واتباع الأهواء في الديانات أعظم من اتباع الأهواء في الشهوات؛ فالشهوة تطرأ وتزول، وقد يندم ويتوب ويستغفر، وقد يأتي بالحسنات المكفِّرة من صلوات وجمعة وصوم رمضان والحج... أما من اعتقد شيئًا فمن الصعب إثناؤه عنه، حتى وإن أظهر اقتناعه، وإن أقر بصحة الأدلة".

 

يقول ابن القيم رحمه الله: "القلب يتوارده جيشان من الباطل: جيش شهوات الغي، وجيش شبهات الباطل، فأيما قلب صغا إليها وركن إليها، تشرَّبها وامتلأ بها، فينضح لسانه وجوارحه بموجبها، فإن أُشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات، فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه".

 

وجبهة الشيطان لها جيشان، أحدهما: جيش الشهوات، والآخر: جيش الشبهات، والناس مقسومون بين هذين الجيشين، منهم أسارى الشهوات، ومنهم أسارى الشبهات.

 

والمأسورون بالشهوة ينقسمون إلى قسمين:

• أصحاب الشهوة الحسية؛ كشهوة البطن والفَرْجِ.

• وأصحاب الشهوة المعنوية؛ كحب الرئاسة، وحب الانتقام، وحب الشهرة والظهور وغير ذلك.

 

والشبهة كذلك تنقسم إلى قسمين:

شبهة في التعامل مع الله، وتنقسم إلى قسمين:

(أ) شبهة عقدية تتعلق بالتصور والعلم، يلقيها الشيطان للإنسان، ولا يزال الشيطان بابن آدم يقول له: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له: فمن خلق الله؟ فهذه شبهات الشيطان في المجال العقدي.

 

(ب) الشبهة في التعامل معه في العبادة، فما يصيب الناس من الوسواس في الطهارة وفي الصلاة، وكذلك ما يعرض لهم من شبه الأعذار عن الازدياد من الخير؛ هي من شبهات الإنسان التي تحول بينه وبين الازدياد من الطاعة قبل أن يفوت الأوان.

 

وشبهة في التعامل مع الناس وتنقسم إلى قسمين؛ لأن الإنسان فيها بين إفراط وتفريط:

(أ) شبهة الإفراط: كأن يقدس الناس ويحترم بعضهم احترامًا كبيرًا، حتى يضفي عليهم صفة من صفات الألوهية، أو يعتبرهم بمثابة الرسل المعصومين، ويستسلم بين يديهم حتى يكون كالميت بين يدي غاسله، وهذه لا شك مبالغة، فالإنسان يقدَّر ولا يقدَّس، وهو عرضة للقبول والرد، يمكن أن تحسن خاتمته ويمكن أن تسوء.

 

(ب) شبهة التفريط: كأن يظن الإنسان بالناس ظن السوء؛ فهذا يتهمه بالشرك، وهذا يتهمه بالبدعة، وهذا يتهمه بالفسوق، وهذا يتهمه بالتقصير، وهو دائمًا مقوم للناس، قد شغل وقته بتقويم الآخرين، وكل ما له من الاهتمام هو في مستويات الناس، وهذا النوع على خطر عظيم.

 

قال ابن قيم الجوزية: "وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل... فالأول: أصل فتنة الشبهة، والثاني: أصل فتنة الشهوة".

 

ويقول رحمه الله: "ولا ينجي من هذه الفتن إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دِق الدين وجلِّه، ظاهره وباطنه، عقائده وأعماله، حقائقه وشرائعه، فيتلقى عنه حقائق الإيمان وشرائع الإسلام، وما يثبته لله من الصفات والأفعال والأسماء وما ينفيه عنه، كما يتلقى عنه وجوب الصلوات وأوقاتها وأعدادها، ومقادير نصب الزكاة ومستحقيها، ووجوب الوضوء والغسل من الجنابة، وصوم رمضان؛ فلا يجعله رسولًا في شيء دون شيء من أمور الدين؛ بل هو رسول في كل شيء تحتاج إليه الأمة في العلم والعمل، لا يُتلقَّى إلا عنه، ولا يؤخذ إلا منه".

 

ويقول رحمه الله: "ففتنة الشبهات تدفع باليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر؛ ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطةً بهذين الأمرين؛ فقال: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وبكمال العقل والصبر تُدفع فتنة الشهوة، وبكمال البصيرة واليقين تُدفع فتنة الشبهة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • { فذكر إن نفعت الذكرى }
  • في رحاب سورة الشورى
  • { ثم تاب عليهم ليتوبوا }
  • فإنها محرمة عليهم أربعين سنة
  • {لا ينطق عن الهوى}
  • هكذا كنا ثم قست قلوبنا

مختارات من الشبكة

  • الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما الفرق بين حروف المعاني - حروف المباني - الحروف الأبجدية؟ ستفهم الفرق الآن(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • صفة جمع المصحف في عهد عثمان والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر الصديق رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين الفرقة الناجية وباقي الفرق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعض ما يتعلق بالثلاث والسبعين فرقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب والغزو الفكري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بيان الفرق بين بعض العبارات الجهمية الصريحة وبين العبارات المجملة التي يقولها عامة المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين محاولة أبرهة هدم الكعبة وبين المحاولات التي بعده(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/3/1447هـ - الساعة: 18:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب