• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المولد النبوي: رؤية تاريخية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تأملات في سورة ق (خطبة)
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الخلال النبوية (29) {يتبعون الرسول النبي الأمي}
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في فاحشة اللواط
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    من قصص الأنبياء (3)
    قاسم عاشور
  •  
    وقفات مع اسم الله القريب (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
  •  
    كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    يا أهل الجنة لا موت... لكم الحسنى وزيادة
    د. نبيل جلهوم
  •  
    خطبة: ففيهما فجاهد
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    قصص رويت في السيرة ولا تصح (4)
    بكر البعداني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

التجارة مع الله (تجارة لن تبور)

التجارة مع الله (تجارة لن تبور)
نجلاء جبروني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/9/2025 ميلادي - 11/3/1447 هجري

الزيارات: 126

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التجارة مع الله (تجارة لن تبور)

 

الحمد لله الذي خلق الناس فلم يتركهم هملًا، وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملًا، وأنزل كتابه العظيم نورًا وهدًى، وصرف فيه للناس من كل شيء مثلًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد أشرف من اصطفاهم الله أنبياء ورسلًا؛ أما بعد:

فالتجارة ببساطة هي عملية بيع وشراء بين طرفين أو أكثر بغرض الربح، وقال عنها بعض الشيوخ من التجار: هي اشتراء الرخيص وبيع الغالي.

 

والتجارة لها أنواع كثيرة؛ مثل: التجارة المحلية، والتجارة الدولية، والتجارة الإلكترونية.

 

ومن فوائد التجارة أنها تحقق النمو الاقتصادي، وتوفر فرص العمل، وتلبي احتياجات الناس من السلع المختلفة، وتسهم في التطور وزيادة الدخل، وتكوين الثروات، وتحقيق الرفاهية، وخلق التنافس بين الأسواق.

 

ولكن هل تعرف ما هي أفضل وأعظم التجارات؟

أفضل وأعظم التجارات هي التجارة مع الله عز وجل، ومن كانت تجارته مع الله، فتجارته رابحة في الدنيا والآخرة؛ لأنه تاجَرَ مع الجواد الكريم سبحانه الذي يعطي على القليل الثوابَ العظيم.

 

ولنبدأ الحديث بهذه القصة الواقعية لرجلٍ أراد أن يتاجر مع الله، وماذا حدث له؟

قصة المهندس صلاح عطية، مهندس زراعي مصري وُلد بقرية تسمى "تفهنا الأشراف" بمحافظة الدقهلية.

 

بعد انتهائه من الدراسة عام 1947م، اتفق مع مجموعة من زملائه على تأسيس مشروع تجاري لتربية الدواجن، ولكن لم يكن عندهم المال الكافي.

 

كان عددهم تسعة أشخاص، جمع كل واحد من الشركاء التسعة مبلغ 200 جنيه مصري، وهو مبلغ ضئيل جدًّا، لكنه كبير بالمقارنة بقدراتهم المحدودة، لدرجة أنهم باعوا ذهب زوجاتهم أو أراضيهم، واقترضوا ليكمل كل واحد منهم المبلغ، وظلوا يبحثون عن الشريك العاشر حتى يبدؤوا الشركة لكن لا جدوى، إلى أن جاء المهندس صلاح عطية بطل القصة وقال: "وجدت الشريك العاشر"، وحين سألوه من هو الشريك العاشر قال: "الله".

 

ووافق الجميع، وتم تسجيل العقد بالشهر العقاري ومن بين بنوده أن 10% من الأرباح هي لله عز وجل، وسمَّوه (سهم الشريك الأعظم).

 

مرَّت الدورة الأولى بنجاحٍ منقطع النظير، وقرر الشركاء زيادة نسبة الشريك الأعظم، حتى وصلت النسبة إلى %50، وقام الشركاء بصرف أموال الشريك العاشر على بناء معهد ديني ابتدائي للبنين وآخر للبنات، ومعاهد إعدادية وثانوية للبنين والبنات، وتم التقديم على طلب لإنشاء كلية أزهرية، فتم الرفض؛ لأنها قرية ولا محطة للقطار بها، والكليات لا تكون إلا بالمدن، فقرروا بناء محطة قطار على نفقتهم، ومن ثَمَّ إنشاء الكلية، ولأول مرة بتاريخ مصر يتم عمل كلية بقرية صغيرة، ولاحقًا بُنيت كليات أخرى وأنشئ بيت للطالبات يتسع لـ 600 طالبة، وآخر للطلاب بسعة 1000 طالب بالقرية، ومنح الطلاب تذاكرَ مجانية للقطار؛ لتسهيل وصولهم للكلية.

 

لم تقف حدود عطاء المهندس صلاح عند هذا الحد، بل عمَّم التجربة على القرى المجاورة بمشاريع مماثلة، وساعد الفقراء والأرامل والعاطلين عن العمل، وتكفَّل بجهاز الفتيات اليتيمات للزواج، وكان يصدِّر الخضراوات للدول المجاورة، ولكن قبل ذلك يترك جزءًا منها ليُوزَّع على الفقراء.

 

كان المهندس صلاح يرفض إطلاق اسمه على المشاريع الخيرية، وحقَّق نجاحًا كبيرًا في قريته، وقضى - بفضل الله تعالى - على البطالة والفقر، ولقبه الناس بـ (ملياردير الغلابة).

 

وبالنهاية تم الاتفاق على جعل المشروع كاملًا لله، على أن يحصل المهندس على راتب شهري محدد، بدلًا من نصف الأرباح.

 

تُوفِّيَ المهندس عام 2016م تاركًا وراءه الكثير من الخير، وشهِدت جنازته مئات الألوف من المشيِّعين؛ مما جعلها من أكبر الجنازات في مصر، ونعاه الكثير من الشخصيات في مصر، بالرغم من أنه كان بعيدًا كل البعد عن الإعلام، ولم يعرف به الكثير من الناس إلا بعد وفاته، رحمه الله رحمة واسعة، وجعله في الفردوس الأعلى من الجنة.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد: 18].

 

التجارة إن لم تكن مع الله فهي مع سواه:

"كل إنسان في هذه الدنيا يتاجر، والتجارة إما أن تكون مع الله عز وجل، وربح هذه التجارة سعادة الدنيا والآخرة، والحياة الطيبة في الدنيا، والسعادة الأبدية في جنة الله عز وجل، وإما أن تكون تجارة مع الشيطان، وربحها الضنك والهم والغمُّ، والحزن والشقاء في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة"[1].

 

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها))[2]؛ أي: كل إنسان يسعى بنفسه إلى طاعة الله، فيكون منقذًا نفسه من النار، أو يسعى بنفسه إلى طاعة الشيطان وهوى النفس، فيُهلك نفسه.

 

إنما الدنيا كسُوقٍ تزيَّنت، ولا بد لكل إنسان أن يدخلها، ولا بد من بيع ولا بد من شراء، ولا بد لكل إنسان أن يمشي رائحًا أو غاديًا، وسلعته الكبرى التي سيبيعها هي النفس، لكن من يكون المشتري؟

 

فإن باعها لله أعتقها إذًا، وكان الثمن الذي سيقبضه الإنسان هو الجنة، وقد ربح البيع.

 

فالمؤمنون يتاجرون بأوقاتهم وأنفاسهم وأموالهم مع الله عز وجل، فيربحون سعادة الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

 

1-أن التجارة مع الله رابحة، لا يمكن بحال من الأحوال أن تخسر أبدًا:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]؛ أي: لن تخسر ولن تكسَد.

 

الفرق بين التجارة مع الله وتجارات الدنيا:

قال تعالى: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 30].

 

التجارة مع الله لن تخسر أبدًا ولن تهلِك، بارَت السوق أي: كسدت، أما تجارات الدنيا، فهي عُرضة للخسارة والهلاك والكساد.

 

2- من الفروق كذلك بين التجارة مع الله وتجارات الدنيا؛ أن أرباح التجارة مع الله عز وجل عالية جدًّا، أما تجارات الدنيا فالربح فيها - إن حصل – فهو ربح محدود:

فما من نوع من أنواع التجارة في العالم يعطي أرباحًا فوق 10% – 20%، وحتى لو أعطى 100 % أو 200%، فغاية الأمر أن يربح الدرهم درهمًا أو درهمين.

 

أما التجارة مع الله فيقول تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261].

 

هذا هو ربح التجارة مع الله عز وجل، الدرهم فيها يربح (700) درهم، ولا يمكن أن توجد مثل هذه الأرباح في أي تجارة للدنيا.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))[3] ، و((من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنةً))[4] ، و((من قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غًرست له نخلة في الجنة))[5].

 

3- ومن الفروق أيضًا أن تجارات الدنيا قد يدخلها الغش، أما التجارة مع الله، فلا يمكن أن يدخلها ذلك؛ لأن الله تعالى خبير بصير؛ ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

 

فالتجارة مع الله نوع خاص من التجارات، وأكثر الناس يعرفون كيف يتاجرون في الدنيا، وكيف يحصِّلون الأموال، لكن القليل منهم من يعرف كيف يتاجر مع الله، وكيف يربح مع الله أعظم الربح، ويسعد أعظم السعادة.

 

فينبغي للعبد أن يسأل نفسه: مع من يتاجر؟ هل مع الله، أم مع الشيطان؟

أيها التائهون في غمرات الحياة، اللاهون في ملذات الدنيا، الذين تشعَّبت بهم الهموم، وتنوَّعت لديهم الأهداف، واختلطت عليهم السبل، فضاعوا في صحراء الحياة، وغرقوا في بحارها؛ فهذا قد صبَّ همه في جمع الأموال وضاع بين العقود والصفقات، وهذا جعل كل همه وظيفته، وانهمك يسأل عن المرتب والزيادات، وهذه همها الأزياء والموضات، وأخرى همها الأموال والسيارات، فضلًا عمن أضاعوا أوقاتهم في الملاعب، وفي الغناء، في الفضائيات، في المحرمات – لا بد أن نعرف حقيقة الحياة؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

 

هذه الحياة إلى زوال وإلى فناء، غدًا سنلقى الله تعالى فيسألنا عن كل لحظة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره: فيمَ أفناه؟ وعن شبابه: فيمَ أبلاه؟ وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن علمه: ماذا عمل فيه؟))[6].

 

هذه دعوة إلى التجارة الرابحة:

دعانا الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل إلى التجارة معه تبارك وتعالى، وإلى صفقة مربحة، وقد بيَّن طرفيها؛ فقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الصف: 10 - 12].

 

هذه وصية ودلالة وإرشاد من أرحم الراحمين لعباده المؤمنين، لأعظم تجارة، وأجَلِّ مطلوب، وأعلى مرغوب؛ فقال سبحانه:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الصف: 10]: نادنا بأشرف الأسماء وأفضل الأوصاف، نادانا باسم الإيمان، الذي هو شرط قبول الأعمال وأساس الفلاح والنجاة.

 

﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الصف: 10]: تجارة رابحة، ثمرتها النجاة من العذاب الأليم، والفوز بالنعيم المقيم.

 

﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الصف: 11]: الإيمان اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالقلب والجوارح، يزيد بطاعة الرحمة، وينقص بطاعة الشيطان.

 

﴿ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [الصف: 11]: تبذلون أموالكم وأرواحكم لنصرة دين الله، وإعلاء كلمته.

 

﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الصف: 11]: هذه هي الصفقة الرابحة في الدنيا والآخرة.

 

﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الصف: 12]: من تحت مساكنها وقصورها، وغُرفها وأشجارها، أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبنٍ لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفًّى، ولهم فيها من كل الثمرات.

 

﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ [الصف: 12]: جمعَت كل طيب، من علوٍّ وارتفاع، وحسن بناء وزخرفة، حتى إن أهل الغرف من أهل عليين، يتراءاهم أهل الجنة كما يتراءى الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي، وحتى إن بناء الجنة بعضه من لَبِنٍ ذهبًا وبعضه من لبن فضة، وخيامها من اللؤلؤ والمرجان.

 

وسُميت الجنة جنة عدن؛ لأن أهلها مقيمون فيها، لا يخرجون منها أبدًا، ولا يبغون عنها حِولًا، ذلك الثواب الجزيل، والأجر الجميل، الفوز العظيم، الذي لا فوز مثله.

 

كيف تكون التجارة مع الله؟

الأصل أن الإنسان خُلِقَ للعبادة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

 

ولأن الله خلقنا بشرًا ولسنا ملائكة، فلن نستطيع العبادة أربعًا وعشرين ساعة، فللبشر طاقات محدودة، ولهم متطلبات تقتضيها طبيعتهم البشرية:

1- متطلبات بدنية؛ مثل: المأكل والمشرب والراحة؛ ((فإن لجسدك عليك حقًّا)).

 

2- متطلبات اجتماعية؛ مثل: القيام على أمور الأهل والأولاد، وصلة الرحم، وحق الزوج: ((إن لزوجك عليك حقًّا))، ((وإن لولدك عليك حقًّا)).

 

3- متطلبات مالية؛ من السعي في طلب الرزق.

 

4- متطلبات دينية؛ من القيام بالفرائض والواجبات الشرعية التي أمرنا الله بها.

 

كيف تتاجر مع الله في ظل كل هذه المتطلبات؟

الجواب: لو قمنا بأداء المتطلبات الثلاثة الأولى على وجهها الصحيح، وجعلنا النية فيها لله، سوف تتحول إلى عبادة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((وإنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك))[7].

 

ثم لا بد مع ذلك من القيام بالفرائض والواجبات التي أمر الله بها، وتخصيص الوقت المتبقي بعد القيام بهذه الواجبات والمتطلبات للتفرغ للعبادة الحقة؛ كالاجتهاد في صلاة النافلة، وقراءة القرآن والذكر، وغير ذلك، حتى تكون حياتنا كلها لله تعالى؛ كما قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

 

إذًا التجارة مع الله تعالى تكون بعدة أمور:

1- إخلاص النية في جميع الأعمال الدينية والدنيوية لله تعالى وحده.

2- أداء الفرائض في أوقاتها.

3- تحقيق المتطلبات الدنيوية بدون إسراف.

4- تخصص باقي الأوقات للطاعات والأعمال الصالحة، وعدم الاسترسال في المباحات.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

 

البعض ألهاه التكاثر في الأموال والأولاد والمناصب، حتى أصبح البعض عبيدًا للأموال والمناصب، والملابس والمساكن والشهوات؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعِس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أُعطِيَ رَضِيَ، وإن لم يُعطَ سخط، تعِس وانتكس، وإذا شِيك فلا انتقَش))[8].

 

لو نظرنا إلى العالم اليوم، لوجدنا التنافس من أجل المال، من أجل المادة، من أجل الدنيا، المناصب، الكراسي، فيحدث الظلم والكذب، والافتراء والوساطة، والحقد والحسد والبغضاء، وتُنتهك الحقوق، كل ذلك من أجل متاع زائل.

 

عندما تكلم الله تعالى عن طلب الرزق قال: (امشوا)؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].

 

وعندما تكلم عن طلب الجنة قال: (سارعوا – سابقوا)؛ قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].

 

هذا هو التنافس الأمثل، والهدف الأسمى، الذي لا ينشأ عنه غلٌّ ولا إثم، ولا عداوة ولا بغضاء.

 

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 22 - 26].

 

أمثلة من التجارة الرابحة مع الله:

1- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة، أو يُحط عنه ألف خطيئة))[9].

 

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره))[10].

 

3- قال صلى الله عليه وسلم: ((أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا))[11].

 

4- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة، فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كَوْمَاوَيْنِ في غير إثمٍ، ولا قطع رحِم؟ فقلنا: يا رسول الله، نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيُعلِّم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خير له من ناقتين، وثلاثٌ خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل))[12].

 

5- قال صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يومٍ، مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكُتب له مائة حسنة، ومُحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حِرزًا من الشيطان، يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضلَ مما جاء إلا رجل عمِل أكثر منه))[13].

 

6- قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبدٍ مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعةً تطوعًا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة، أو إلا بُني له بيت في الجنة))[14].

 

7- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به))[15].

 

هذه هي التجارة الرابحة، أن تجتهد في عبادة ربك.

 

أن تحرص على الحسنات، أن تغتنم الأوقات في مرضاة رب الأرض والسماوات.

 

هذه هي التجارة مع الله، أن يبيع العبد نفسه لله؛ قال سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207].

 

يبيع نفسه لله، ويسلمها كلها لله، فكل حياته لله، في كل لحظة، في كل حين، في كل تصرف، في كل قول أو فعل، أو حركة أو سكنة، لا يرجو من وراء هذا البيع لله إلا رضاه سبحانه.

 

هذه الآية نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه لمَّا أراد الهجرة، منعه كفار مكة، وكان ذا مال يتاجر به، فلما اعترضوه، عرض عليهم عرضًا، فقال: إن شئتم أُخلي بینكم وبین مالي، وتُخلوا بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهاجر إليه، فخلوا بينه وبين الهجرة، وأخذوا كل ماله، فلما أقبل على المدينة؛ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ربح البيع أبا يحيى)).

 

فقه التجارة مع الله[16]:

1- من فقه التجارة مع الله عز وجل: أن يتوخَّى العبد الإخلاصَ في كل قول وعمل؛ لقول الله عز وجل: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3]، ولقوله عز وجل: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

 

فكل عمل كان مشوبًا مغمورًا بإرادةٍ غير الله، يجعله الله عز وجل يوم القيامة هباءً منثورًا، ويوم القيامة يأتي أناسٌ بحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا؛ كما قال عز وجل: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23].

 

2- ومن فقه التجارة مع الله عز وجل، ألَّا يعمل العبد عملًا إلا بنية، فالعبد ينبغي له أن يكون فقيهًا في تجارته، فيتاجر بمباحاته مع الله عز وجل؛ لأن النية الصالحة ترفع العمل المباح، فتجعله من الطاعات، فالأكل والشرب والسعي على المعاش والمذاكرة للطلاب والنوم، وغير ذلك من الأمور المباحة، إذا نوى العبد فيها نية صالحة ترتفع إلى درجة الطاعات؛ كما قال معاذ رضي الله عنه: "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي".

 

3- ومن فقه التجارة مع الله عز وجل: أن ينوي العبد في كل عمل نياتٍ كثيرةً صالحة؛ لأن ثواب العامل على عمله يكون بمقدار عدد النيات التي يجمعها في عمله؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))، بعد قوله: ((إنما الأعمال بالنيات))، فقوله: ((إنما الأعمال بالنيات))[17] ؛ أي: أصل قبول العمل وشرطه النية، ثم قال: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))، وليس هذا تكرارًا للقاعدة الأولى؛ لأن التأسيس أولى من التأكيد، فهو هنا يؤسس قاعدة جديدة، فالجزء الأول من الحديث يدل على أن أصل قبول العمل توفر النية الصالحة، ثم قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))؛ أي: ثواب العامل على عمله بالنيات الصالحة التي يجمعها في العمل الواحد، فإن من أتى المسجد للصلاة وحدها، ليس كمن أتى المسجد من أجل الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقاء أخ يحبه في الله عز وجل، وتفقد مصالح المسلمين وقضاء حاجاتهم، أو كمن أتى للصلاة ونظافة المسجد، أو غير ذلك من النيات الصالحة التي يمكن أن يجمعها العبد في هذا العمل الصالح، فثواب العامل على عمله يزيد بزيادة النيات الصالحة التي يجمعها في العمل الواحد.

 

4- ومن فقه التجارة مع الله عز وجل: أن يتأكد العبد أن أحواله وأعماله مطابقة لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من عمِل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد))[18] ؛ أي: مردود على عامله وغير مقبول.

 

فلا بد أن يتأكد العبد أن العمل مطابق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104].

 

5- ومن فقه التجارة مع الله أن يحذر الشيطان من أن يُفسد عليه أعماله، أو يضيع حسناته، أو ينقص أجره، بصرف قلبه عن العبادة، فلا يخشع فيها، أو يشغله بالدنيا أثناء تأديتها، أو يدخل الرياء أو حب المدح إلى قلبه، أو يدخل عليه الغرور أو العُجب فيُحبط عمله، مثل التاجر الذي عمل بالتجارة، وربح الملايين، ثم استغفله أحد اللصوص فاستولى على ما في خزانته.

 

أصحاب التجارة مع الله، أصحاب التجارة الرابحة:

"رجال استقاموا على عبادة الحي الذي لا يموت، تأسوا بسيد المرسلين، وعملوا أعمال الصالحين، واتبعوا سيرة المؤمنين.

 

رجال ليلهم قيام، ونهارهم صيام، يطلبون رضا ذي الجلال والإكرام.

 

رجال كحلوا أعينهم بالسحر، وغضُّوها عما لا يحل من النظر، لزموا مساجد الملك الرحمن، وجالت قلوبهم في علوم القرآن، رجال صحبوا القرآن بحسن العمل، ولم يغتروا بطول الأمل، ونصبوا لأعينهم تقريب الأجل، واشتاقت نفوسهم إلى الملك الأعلى الأجَلِّ، رجال إذا نظروا اعتبروا، وإذا سكتوا تفكروا، وإذا ابتُلوا استرجعوا، وإذا جُهل عليهم حلموا، وإذا علموا تواضعوا، وإذا عملوا رفقوا، وإذا سُئلوا بذلوا، رجال رضوا من الدنيا بالقليل، فأزمعوا إلى الآخرة التحويل، ورغبوا في ثواب الملك الجليل، وحنوا إلى النعيم الدائم الجزيل، رجال هم بالغداة والعشي في بيوت الله الطيبة، يدعون بألسنتهم رغبًا ورهبًا، ويسألونه بأيديهم خفضًا ورفعًا، ويشتاقون إليه بقلوبهم غدوًا وعشيًّا، يدبون على الأرض بغير مرح ولا ميل ولا ترح، يعبدون الرحمن، ويتلون القرآن، ويشفقون من عذاب النيران، ويخافون يومًا يكثر فيه الويل والأحزان، قد تجنبوا كل ريبة وبهتان، ولم يأمنوا مكر الملك الديَّان، رجالٌ المساجد مأواهم، والله جل جلاله معبودهم ومولاهم، تركوا المعاصي خوفًا من الحساب والسؤال، وبادروا إلى الطاعة وحسن الأعمال، رجال اطمأنت قلوبهم بذكر الرحمن، وحفِظوا ألسنتهم من العيب والبهتان، إن التجارة الخاسرة الكاسدة البائرة هي لمن عصى وخالف الهدى الذي جاء به رسول رب العالمين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فهذا ما ربحت تجارته مع الله، وإن كسب الأموال الكثيرة؛ قال الله عز جل عن المنافقين: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16]"[19].



[1] كتاب دروس الشيخ أحمد فريد (ج8، ص4) المكتبة الشاملة. https://shamela.ws/book/7720/72#p1

[2] أخرجه مسلم (223)، والترمذي (3517)، والنسائي (2437)، وأحمد (22908) واللفظ له.

[3] أخرجه الترمذي (2910) واللفظ له، وأبو نعيم في حلية الأولياء (6/263)، والبيهقي في شعب الإيمان (1983) باختلاف يسير.

[4] صحيح الجامع (6026) إسناده جيد.

[5] صحيح الترمذي (3465).

[6] صحيح الترغيب (3593).

[7] صحيح البخاري (1295).

[8] صحيح البخاري (2887).

[9] صحيح مسلم (2698).

[10] أخرجه مسلم (245)، وأحمد (476)، وابن أبي شيبة (49) بلفظه.

[11] أخرجه البخاري (528)، ومسلم (667).

[12] صحيح مسلم (803).

[13] صحيح البخاري (6403).

[14] صحيح مسلم (728).

[15] صحيح البخاري (1904)، ومسلم (1151).

[16] https://shamela.ws/book/7720/75 كتاب دروس الشيخ أحمد فريد، ج8، ص6، المكتبة الشاملة.

[17] صحيح البخاري (1).

[18] صحيح البخاري (2697)، ومسلم (1718).

[19] https://saaid.org/Doat/alshwairek/31.htm فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ، صيد الفوائد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التجارة مع الله
  • التجارة مع الله أربح التجارات
  • التجارة مع الله
  • التجارة مع الله أربح (بطاقة)

مختارات من الشبكة

  • الحج عبادة وتجارة، دنيا وآخرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من قصص الأنبياء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/3/1447هـ - الساعة: 11:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب