• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
  •  
    كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    يا أهل الجنة لا موت... لكم الحسنى وزيادة
    د. نبيل جلهوم
  •  
    خطبة: ففيهما فجاهد
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    قصص رويت في السيرة ولا تصح (4)
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة الفقه: نواقض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    العودة إلى بدء الوحي: سبيل الأمة للخروج من أزمتها ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الرضا كنز المحبين
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في ...
    عبدالله بن صالح بن محمد المحمود
  •  
    المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله ...
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

فضل التواضع

فضل التواضع
رمزي صالح محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2025 ميلادي - 10/3/1447 هجري

الزيارات: 143

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل التواضع

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وآله وأصحابه أجمعين. أما بعد:

فهذه رسالة قد جمعتها في فضل التواضع، وما أشرفه وأكرمه من خُلُق، وقد جعلتها في سبعة أبواب:

الباب الأول: ما هو التواضع.

الباب الثاني: ما جاء في كتاب الله في الحض على التواضع.

الباب الثالث: ما جاء في السنة الصحيحة من ذلك.

الباب الرابع: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء قبله.

الباب الخامس: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه.

الباب السادس: ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم.

الباب السابع: ما جاء عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة.

 

الباب الأول: ما هو التواضع:

التواضع ضد الكبر، فإذا علمنا ما هو الكبر علمنا ما هو التواضع. وخير من عَرَّف لنا الكبر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَدْخُلُ الجنةَ من كان في قلبِهِ مثقالُ ذرةٍ من كِبْرٍ» فقال رجلٌ: إن الرجلَ يحبُ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعلُه حسنةً، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ جميلٌ يحبُ الجمالَ، الكِبْـرُ بَطَرُ الحقِ، وَغَمْطُ الناسِ». رواه مسلم في صحيحه[1].

 

قال العلماء: «بَطَرُ الحقِ» يعني دفعه وإنكاره، و«غَمْطُ الناسِ» يعني احتقارهم[2].


فنستطيع من هذا التعريف الصحيح للكبر أن نعلم ما هو التعريف الصحيح للتواضع، فنقول إن التواضع ليس في ترك لُبْس الثياب أو الأحذية الحسنة الجيدة ولو كانت غالية الثمن، فكم من الصحابة ومن السلف الصالح وأئمة الدين من كان يلبسها، وإنما التواضع في كلمتين اثنتين، الأولى: قبول الحق من أي أحد وعدم دفعه ولا إنكاره، والثانية: عدم احتقار الناس ولا ازدرائهم.

 

وهذا ما قاله علماء السلف في تعريفهم للتواضع: فعن إبراهيم بن الأشعث، قال: سألتُ الفضيلَ بن عِياض عن التواضع، فقال: «التواضعُ أن تخضعَ للحقِ وتنقادَ له، ولو سَمِعْتَهُ من صَبِيٍّ قَبِلْتَهَ منه، ولو سَمِعْتَهُ من أجهلِ الناسِ قَبِلْتَهَ منه»[3].

 

وعن هشام بن حسان أن قوما سألوا الحسن البصري رحمه الله فقالوا: أي شيء التواضع يا أبا سعيد؟ قال: «يخرج من بيته فلا يلقى مسلما إلا ظن أنه خير منه»[4].

 

الباب الثاني: ما جاء في كتاب الله في الحض على التواضع:

قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37].

 

قال الطبري رحمه الله: «أي لا تمش في الأرض مختالا مستكبرا»[5].

 

وذكر لنا عز وجل في وصية لقمان لابنه قوله:

﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18].

 

قال ابن كثير رحمه الله:

«أي لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم، ولكن أَلِن جانبك وابسط وجهك إليهم»[6].

 

الباب الثالث: ما جاء في السنة الصحيحة:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تبارك وتعالى: من تواضعَ لي هكذا - وجعل الراوي باطِنَ كَفِّهِ إلى الأرضِ، وأدناها إلى الأرضِ - رفعتُه هكذا - وجعل باطِنَ كَفِّه إلى السماءِ، ورفعَها نحوَ السماءِ». رواه أحمد بإسناد صحيح[7].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ما نَقَصَتْ صدقةٌ من مال، وما زادَ اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عِزّا، وما تواضعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَه اللهُ». رواه مسلم في صحيحه[8].

 

وعن مصعب بن سعد قال: رأى سعد بن أبي وقاص أن له فضلًا على من دُونَه من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم - يعني بسبب شجاعته وغير ذلك - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تُنصَرونَ وتُرزقُون إلا بضُعفائِكم». رواه البخاري في صحيحه[9].

 

وفي رواية قال: «إنما ينصرُ اللهُ هذه الأمةَ بضعيفِها، بدعوتِهم وصلاتِهم وإخلاصِهم». رواها النسائي في سننه[10].

 

قال العلماء: «أراد صلى الله عليه وسلم بذلك ‌حض ‌سعد ‌على ‌التواضع، ونفي الزهو على غيره، وترك احتقار المسلم في كل حالة»[11].

 

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ابْغُونِي ضُعفاءَكم، فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائِكم». رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح[12].

 

قال العلماء: «ابْغُونِي ضُعفاءَكم» أي اطلبوا لي الضعفاء، وهم من يستضعفهم الناس لرثاثة حالهم، كي أستعين بهم، «فإنكم إنما ترزقون وتنصرون» على أعدائكم «بضعفائِكم» بسببهم، فلا يغتر الأقوياء بقوَّتهم. وقيل إن هذا قاله صلى الله عليه وسلم عند الخروج للجهاد، وطلبهم ليكتبهم في ديوان المجاهدين ويستعين بهم[13].

 

الباب الرابع: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء قبله:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خَيْرَ البَرِيَّةِ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك إبراهيمُ عليه السلام». رواه مسلم في صحيحه[14].


قال النووي رحمه الله: «قال العلماء: إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا تواضعا واحتراما لإبراهيم صلى الله عليه وسلم، ‌لِخُلَّتِهِ وأبوته، وإلا فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم» ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على من تقدمه، بل قاله بيانا لما أمر ببيانه وتبليغه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «ولا فخر»»[15].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «نحن أحقُ بالشكِّ من إبراهيمَ إذ قال: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]، ويَرْحَمُ اللهُ لوطًا لقد كان يأوي إلى رُكنٍ شديدٍ، ولو لَبِثْتُ في السجنِ طولَ ما لَبِثَ يوسُفُ لأجبتُ الداعِيَ». رواه البخاري ومسلم[16].


قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم «نحن أحقُ بالشكِّ من إبراهيمَ» يعني أن إبراهيم عليه السلام عندما قال ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ﴾ [البقرة: 260] لم يقلها شَكًّا في قدرة الله عز وجل على إحياء الموتى، فلو كان شَكًّا، لكنا أولى بذلك منه، فلما لم نشك نحن، دَلَّ ذلك على أن إبراهيم لم يشك، فالمراد به نفي الشك عن إبراهيم.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ويَرْحَمُ اللهُ لوطًا لقد كان يأوي إلى رُكنٍ شديدٍ» يشير إلى قول لوطٍ عليه السلام ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود: 80] وذلك عندما جاءه قومه، وأرادوا أن يفعلوا الفاحشة مع أضيافه، فتمنى لوط ساعتها أن لو كان يأوي إلى ركن شديد، أي أقارب وعشيرة تمنعه. وكأنه من شدة الأمر نسي أنه كان يؤوي إلى أشد ركن وهو الله عز وجل.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ولو لَبِثْتُ في السجنِ طولَ ما لَبِثَ يوسُفُ لأجبتُ الداعِيَ» أي لو سجنتُ فترة طويلة، كالتي قضاها يوسفُ في السجن، ثم جاءني رسول الملك، كما جاء يوسف، لبادرت بالخروج من السجن، ولم أفعل كما فعل يوسف، حيث طلب إظهار براءته أولا قبل الخروج، وهذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم تواضعا، وثناء على يوسف عليه السلام، وبيان لصبره[17].


وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا ينبغي لعبدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يُونُسَ بنِ مَتَّى». رواه البخاري ومسلم[18].


قال الخطابي رحمه الله: «وإنما خص يونس بالذكر فيما نرى والله أعلم، لما قصه الله تعالى علينا من شأنه، وما كان من قلة صبره على أذى قومه فخرج مغاضبا، ولم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل»[19].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما يهوديٌ يَعْرِضُ سلعةً له، أُعطي بها شيئًا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجلٌ من الأنصار، فقام فلطم وجهَه، وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أَظْهُرِنا؟ فذهب اليهوديُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبا القاسم، إن لي ذِمةً وعهدًا، فما بالُ فلانٍ لطم وجهي، فقال: «لم لطمتَ وجهَه» قال: قال - يا رسول الله - والذي اصطفى موسى على البشر وأنت بين أظهرنا، قال: فغضبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى عُرِفَ الغضبُ في وجهِه، ثم قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكونُ أولَ من بُعِثَ، فإذا موسى آخذ بالعَرْشِ، فلا أدري أحوسب بصعقته يومَ الطور، أو بعث قبلي». رواه البخاري ومسلم[20].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن عِفريتًا من الجن تَفَلَّتَ عليَّ البارحةَ ليقطعَ عليَّ الصلاةَ، فأمكنني اللهُ منه، فأردتُ أن أَرْبِطَهُ إلى ساريةٍ من سَواري المسجدِ حتى تُصبحوا وتنظروا إليه كلُّكم، فذكرتُ قولَ أخي سليمان: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ [ص: 35]، فَرَدَّهُ اللهُ خاسِئًا». رواه البخاري ومسلم[21].


«العِفْريت» هو العاتي المارد من الجن. «تَفَلَّتَ» أي تعرض لي في صلاتي فجأة.

 

الباب الخامس: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رَأَوْهُ لم يقوموا، لما يعلمونَ من كراهيتِه لذلك». رواه أحمد بإسناد صحيح[22].


وعن أنس رضي الله عنه أيضا، أن امرأة كان في عَقْلِها شيءٌ، فقالت: يا رسولَ اللهِ إن لي إليك حاجةً، فقال: «يا أمَّ فلانٍ انظري أيَّ السِّكِكِ شِئْتِ، حتى أقضيَ لك حاجَتَكِ» فخلا معها في بعضِ الطرقِ، حتى فرغتْ من حاجَتِها. رواه مسلم في صحيحه[23].


قال النووي: (خلا معها في بعض الطرق) أي وقف معها في طريق مسلوك، ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، لكن لا يسمعون كلامها، لأن مسألتها مما لا يظهره والله أعلم[24].


وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مرَّ على صِبيانٍ فَسَلَّمَ عليهم، وقال: «كان النبيُ صلى الله عليه وسلم يَفعلُه». رواه البخاري ومسلم[25].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بَعَثَ اللهُ نبيًا إلا رَعَى الغَنمَ»، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنتُ أرعاها على قَرارِيطَ لأهلِ مكةَ». رواه البخاري[26].


والقراريط جمع قيراط، والقيراط جزء من الدينار أو الدرهم، فالمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم لأهل مكة على شيء يسير من المال، وهذا المعنى رجحه طائفة من العلماء كالحافظ ابن حجر وشيخنا ابن عثيمين، وقيل إن قراريط هذا هو اسم مكان في مكة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرعى فيه الغنم، قاله إبراهيم الحربي ورجحه ابن الجوزي[27].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أهديَ إليَّ ذراعٌ لقبلتُ، ولو دُعيتُ إلى كُرَاعٍ لأجبتُ». رواه البخاري في صحيحه[28].


الذراع معروف، والمعني به ذراع الشاة، والكُراع جمعه أكارع، وعوام الناس يقولون كوارع وهو خطأ، وهو معروف أيضا، وهو أطراف الدابة وقوائمها. قال العلماء: في هذا الحديث دليل على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وتواضعه، وجبره لقلوب الناس، وعلى قبول الهدية، وإجابة من يدعو الرجل إلى منزله، ولو علم أن الذي يدعوه إليه شيء قليل[29].


وعن قُدَامَةَ بنِ عبد الله رضي الله عنه، قال:

«رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يرمي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يومَ النحرِ على ناقةٍ له صَهْبَاءَ، لَا ضَرْبَ، وَلَا طَرْدَ، وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ».

 

رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن[30].


«صَهْبَاء» أي يخالط لونها حُمْرة، قال العلماء: أي ما كانت الناس تُضْرَبُ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تُطْرَدُ، ولا يُقالُ لهم: تنحوا عن الطريق، ولعل مقصود قُدامة بهذا التعريض بالذين كانوا يعملون ذلك[31].


الباب السادس: ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أول خطبة خطبها أبو بكر الصديق رضي الله عنه على المنبر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، بدأها بحمد الله، والثناء عليه بالذي هو أهله، ثم قال: «أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله. والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم. قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله»[32].


وروى أبو داود في الزهد أيضا هذه الخطبة مختصرة من طريق قيس بن أبي حازم عن أبي بكر، ثم نقل عن الحسن البصري أنه قال: «بلى والله إنه لخيرهم، ولكن المؤمن يهضم نفسه»[33].


وعن خُبَيْبِ بن عبد الرحمن قال: سمعت عمتي أنَيْسَةَ قالت: كُنَّ جواري الحي ينتهين بغنمهن إلى أبي بكر الصديق فيقول لهن: «أتحبون أن أَحْلُبَ لكم حَلْبَ ابن عَفْراء؟»[34].


وعن أنس بن مالك، قال: كان أبو بكر يخطبنا فَيَذْكُرُ بَدْءَ خلق الإنسان فيقول: «خرج من مجرى البول مرتين»، فيذكر حتى يتقذر أحدُنا نفسَه[35].


وعن طارق بن شهاب قال: لما قَدِمَ عمرُ أرضَ الشام أتِيَ بِـبِـرْذَون فَرَكِبَه، فهزه، فكرهه، فنزل عنه، ورَكِبَ بعيرَه، فَعَرَضَتْ له مَخَاضَةٌ، فنزل عن بعيره، ونزع مُوقَيْهِ، فأخذهما بيده، وخاض الماء، وهو ممسك بعيره بخطامه، أو بزمامه، فقال له أبو عبيدة بن الجراح: لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض، قال: فصك في صدره، ثم قال: «أَوِّهْ - يَمُدُّ بها صوتَه - لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذلَ الناس، وأقلَ الناس، وأحقرَ الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله»[36].


وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضا:

«إِن العبدَ إِذا تواضع لله رفع الله حَكَمَتَه، وقال: انْتَعِش نَعَشَك الله، فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس كبير، وإن العبد إذا تكبر وعدا طَوْرَه وَهَصَه الله إلى الأرض، وقال اخسأ أخسأك الله، فهو في نفسه كبير، وفي أعين الناس صغير، حتى لهو أحقر عندهم من خِنزير»[37].


«رفع الله حَكَمَتَه» أي قَدْرَه ومنزلته. «انْتَعِش نَعَشَك الله» أي ارتفع رفعك الله، والعرب تقول: قد انْتَعَشَ الرجل: إذا ارتفع بعد خمول، أو استغنى بعد فقر. «وَهَصَه الله إلى الأرض» أي حَطَّه وضرب به الأرض[38].


وقال الحسن البصري: «رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقيل - يعني ينام القيلولة - في المسجد وهو يومئذ خليفة، ويقوم وأثر الحصباء في جنبه»[39].


وفي رواية أخرى قال: «رأيت عثمان ينام في المسجد متوسّدًا رداءَه»[40] يعني جعل رداءه وِسادة يضع عليها رأسه وعن عقيل بن عبد الرحمن الخولاني قاضي الموصل قال: حدثتني عمتي وكانت تحت عَقِيل بن أبي طالب، قالت: «دخلت على علي بْن أبي طالب وهو جالس على برذعة حمار مبتلة»[41].


وعن عون بن عبد الله، قال: قال عبد الله بن مسعود «لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يَحِلَّ بِذِرْوَتِهِ، ولا يَحِلَّ بِذِرْوَتِهِ حتى يكونَ الفقرُ أحبَّ إليه من الغنى، والتواضعُ أحبَ إليه من الشرف، وحتى يكون حَامِدُهُ وَذَامُّهُ عنده سواءً».

 

قال عون: ففسرها أصحاب عبد الله، قالوا: «حتى يكونَ الفقرُ في الحلال أحبَّ إليه من الغنى في الحرام، وحتى يكون التواضعُ في طاعة الله أحبَّ إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون حامدُه وذامُّه في الحق سواءً»[42].


وعن خالد بن عمير العدوي، قال: خطبنا عتبة بن غزوان رضي الله عنه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فذكر خطبته......، فكان مما قال فيها: «وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما، وعند الله صغيرا»[43].


وعن عبد الله بن حنظلة أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه مر في السوق، وعليه حزمة من حطب، فقيل له: أليس قد أغناك الله عن هذا؟ قال: بلى، ولكن أردت أن أدفع به الكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر»[44].


وعن محمد بن سيرين قال: «دخل حذيفةُ المدائن وهو على حمار، وقد سدل رجليه من جانب، ومعه عِرْق لحم يَتَعَرَّقُه، وهو أمير»[45].


«يَتَعَرَّقُهُ» يعني يأكله.

 

وعن ثابت البُناني قال: «كان سلمان أميرًا على المدائن، فجاء رجل من أهل الشام من بني تيم الله معه حِمْل تين، وعلى سلمان أَنْدَرْوَرْد وعَباءة، فقال لسلمان: تَعالَ احْمِلْ، وهو لا يعرف سلمان، فحمل سلمان فرآه الناس فعرفوه فقالوا: هذا الأمير، قال: لمْ أعرفك، فقال له سلمان: لا حتى أبْلُغَ منزلَك»[46].


وعن رجل من بني عبس قال: «أتيتُ السوقَ فاشتريتُ عَلَفًا بدرهم، فرأيتُ سلمان ولا أعرفه، فسخّرتُه، فحملتُ عليه العلف، فمرّ بقوم فقالوا: نحمل عنك يا أبا عبد الله، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا سلمان صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: لم أعرفك، ضَعْه عافاك الله، فأبَى حتى أتى به منزلي فقال: قد نويتُ فيه نيّةً فلا أضعه حتى أبلغ بيتَك»[47].

 

وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: نزلنا الصِّفَاحَ فإذا نحن برجل نائم في ظل شجرة قد كادت الشمس تبلغه، قال: فقلت للغلام: انطلق بهذا النِّطْعِ فأظله، فلما استيقظ إذا هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: فأتيته أسلم عليه، قال: فقال: «يا جرير، تواضع لله، فإن من تواضع لله رفعه الله يوم القيامة»[48].


وعن ثعلبة ‌بن ‌أبي ‌مالك أن أبا هريرة أقبل في السوق يحمل حزمة حطب، وهو يومئذ خليفة لمروان - يعني على إمرة المدينة - فقال: «أوسع الطريق ‌للأمير يا ‌ابن ‌أبي ‌مالك»، فقلت: أصلحك الله، يكفي هذا، قال: «أوسع الطريق ‌للأمير» والحزمة عليه[49].

 

وعن سليمان بن ربيعة أنه حج في إمرة معاوية في عِصَابَةٍ من قراءِ أهلِ البصرةِ، فقالوا: والله لا نرجعُ حتى نلقى رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مرضيا يحدثنا بحديث، فلم نزل نسأل حتى حُدثنا أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه نازلٌ في أسفلِ مكةَ، فَعَمَدْنَا إليه فإذا نحن بِثَقَلٍ[50] عظيم يرتحلون، ثلاثمائة راحلة، منها مائة راحلة ومائتا زامِلَة، قلنا: لمن هذا الثَّقَلُ؟ فقالوا: لعبد الله بن عمرو، فقلنا: أكل هذا له؟ وكنا نُحدث أنه من أشد الناس تواضعا، فقالوا: أما هذه المائة راحلة فلإخوانه يحملهم عليها، وأما المائتان فلمن نزل عليه من أهل الأمصار له ولأضيافه، فعجِبنا من ذلك عجبا شديدا. فقالوا: لا تعجبوا من هذا فإن عبد الله بن عمرو رجل غني، وإنه يرى حقا عليه أن يكثر من الزاد لمن نزل عليه من الناس، فقلنا: دلونا عليه، فقالوا: إنه في المسجد الحرام، فانطلقنا نطلبه حتى وجدناه في دُبُرِ الكعبة جالسا، رجل قصير أَرْمَصُ بين بُردينِ وعِمامةٍ، وليس عليه قميصٌ قد عَلَّقَ نعليه في شِماله[51].


وعن أبي بُرْدَةَ قال: جلست إلى رجل من المهاجرين يعجبني تواضعه، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله وأستغفره كل يوم مائة مرة». رواه النسائي[52].


ورواه مسلم في صحيحه وفيه تسمية هذا الرجل وهو الأَغَرُّ المُزَنِيُّ رضي الله عنه[53].


وعن عبيد بن سلمان قال: «كنت جالسا عند معاوية فرأيته متواضعا، ولم أر له سياطا غير مخاريق كمخاريق الصبيان، من رقاع قد فُتِلَت، يفقعون بها»[54].


وعن يونس بن حَلْبَس قال: «رأيتُ معاوية في سوق دمشق على بغلة له، وخلفه وَصِيف قد أردفه، وعلى معاوية قميص مرقوع الجيب، وهو يسير في أسواق دمشق»[55].


والوصيف هو الخادم.

 

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:

«إنكم لَتُغْفِلُونَ أفضلَ العبادةَ التواضعَ»[56].


الباب السابع: ما جاء عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة:

روى مسلم في صحيحه قصة أويس بن عامر القرني ولقائه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، وأن عمر قال له: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: «أكون في غَبْرَاءِ الناسِ أحبُّ إليَّ»[57].


قال النووي: «غَبْرَاء الناسِ» أي ضعافهم وصعاليكهم وأخلاطهم الذين لا يؤبه لهم، وهذا من إيثار الخمول وكتم حاله[58].

وعن إبراهيم النخعي، قال: «كان علقمة يتزوج إلى أهل بيت دون أهل بيته يريد بذلك التواضع»[59].


وعن أبي شداد قال: سمعتُ الحسن البصري، وذُكر عنده الذين يلبسون الصوف، فقال: «إن أقواما أكنّوا الكِبْرَ في قلوبِهِم، وأظهروا التواضعَ في لباسهم، والله لأحدهم أشدّ عُجْبًا بكِسائِهِ من صاحب المِطْرَفِ بِمِطْرَفِهِ»[60].


عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: «رأيت مصعب بن سعد عليه مُلاءة صفراء وهو قاعد مع المساكين»[61].


وعن مُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ قال: «ما أحبُ أن يعرفني بطاعته غيرُه»[62].


وعن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني قال: حدثني أبو عبد الله، عن أبي أنه كان واقفًا بعرفة، فَرَقَّ، فقال: «لولا أني واقفٌ فيهم بعرفة لقلتُ قد غُفِرَ لهم»[63].


وأورده الذهبي في السير ثم قال معقبًا:

كذلك ينبغي للعبد أن يُزْرِيَ على نفسِهِ، ويَهْضِمَها[64].


وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال: «رأيت أم الدرداء مع نساء المساكين جالسة ببيت المقدس»[65].


وأم الدرداء هذه هي أم الدرداء الصغرى، فإن أبا الدرداء رضي الله عنها كان له امرأتان كلتاهما يقال لهما أم الدرداء:

الأولى: أم الدرداء الكبرى، واسمها خَيْرَة بنت أبي حدرد، وهذه رأت النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتوفيت قبل أبي الدرداء.

 

والثانية: أم الدرداء الصغرى، واسمها هُجَيْمَة الحِمْيَرِيَّة، تزوّجها بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهذه طال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد[66].


وقال أيوب السختياني رحمه الله: «ينبغي للعالِم أن يضع التراب على رأسه تواضعًا لله عز وجل»[67].


وقال أيضا: «ما صدقَ اللهَ عبدٌ إلا سَرَّهُ أن لا يُشْعَرَ بمكانه»[68].


وقال: «إن قوما يريدون أن يرتفعوا، فيأبى الله إلا أن يضعهم، وآخرين يريدون أن يتواضعوا، فيأبى الله إلا أن يرفعهم»[69].


وقال: «إذا ذُكِرَ الصالحون كنتُ منهم بِمَعزِل»[70].


وقال حماد بن زيد: «ما رأيت محمد بن واسع إلا وكأنه يبكي، وكان يجلس مع المساكين والبكائين»[71].


وقال يحيى بن أبي كثير: «أفضلُ العملِ الورعُ، وخيرُ العبادةِ التواضعُ»[72].


وقال يحيى بن أبي كثير أيضا: «رأس ‌التواضع ‌ثلاث: أن ترضى بِالدُّونِ من شرف المجلس، وأن تبدأ من لقيته بالسلام، وأن تكره المِدْحَة والسمعة والرياء بالبِـرِّ»[73].


ومعنى «وأن تكره المِدْحَة والسمعة والرياء بالبِـرِّ» أي إذا عملت عملا من أعمال البر والخير، فلا تحب أن يمدحك أحدٌ عليه، أو أن يسمع الناس به أو يرونه، والله أعلم.

 

وقال إبراهيم بن أدهم: «لا ينبغي للرجلِ أن يضعَ نفسَهُ دونَ قَدْرِه، ولا يرفعَ نفسَهُ فوقَ قَدْرِه»[74].


وقال يوسف بن أسباط: «يجزئُ قليلُ الورعِ من كثيرِ العملِ، ويجزئُ قليلُ التواضعِ من كثيرِ الاجتهادِ»[75].


وقال الطيب بن إسماعيل: كان من دعاء الخليل بن أحمد:

«اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقِك، واجعلني في نفسي من أوضع خلقِك، واجعلني عند الناس من أوسط خلقِك»[76].


وعن شعيب بن حرب، قال: بينا أنا أطوف، إذ لكزني رجل بمرفقه، فالتفت فإذا أنا بالفضيل بن عياض، فقال: يا أبا صالح، فقلت: لبيك يا أبا علي، قال: «إن كنت تظن أنه قد شهد الموسم شر مني ومنك فبئس ما ظننت»[77].


وعن بشر بن الحارث، قال: قال الفضيل لسفيان بن عيينة: «لئن كنت تحب أن يكون الناس مثلك، فما أديت النصيحة لربك، كيف وأنت تحب أن يكونوا دونك!»[78].


وعن شعيب بن حرب قال: «من رضي بأن يكون ذَنَبًا أبى الله عز وجل إلا أن يجعله رأسا»[79].


وعن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعتُ الشافعي يقول «التواضعُ من أخلاقِ الكرامِ، والتكبرُ من شِيَمِ اللئامِ».

 

وسمعته يقول: «أرفعُ الناسِ قَدرًا من لا يرى قَدرَهُ، وأكثر الناسِ فَضلًا من لا يرى فَضلَهُ»[80].


وقال أبو عثمان الحِيري: «الخوف من الله يوصلك إلى الله، والكبر والعجب في نفسك يقطعك عن الله، واحتقار الناس في نفسك مرض عظيم لا يداوى»[81].


وقال أبو حاتم بن حِبَّان: «التواضع تواضعان: أحدهما محمود والآخر مذموم. والتواضع المحمود: ترك التطاول على عباد الله والإزراء بهم، والتواضع المذموم: هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه»[82].


وقال أبو حاتم أيضا: «ما رأيت أحد تكبر على من دونه إلا ابتلاه اللَّه ‌بالذلة لمن فوقه»[83].


وقال بعضهم:

«‌حَقِيقٌ ‌بِالتَّوَاضُعِ ‌مَنْ ‌يَمُوتُ... وَحَسْبُ الْمَرْءِ مِنْ دُنْيَاهُ قُوتُ»[84].


ومعني هذا البيت أن من يموت جدير بأن يتواضع، ويكفي الإنسان من دنياه قوت وهو ما يسد جوعته.



[1] صحيح مسلم (91).

[2] شرح النووي على مسلم (2/ 90).

[3] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (88) وأبو نعيم في الحلية (8/ 91) ورواه البيهقي في شعب الإيمان (10/ 510) من وجه آخر عن الفضيل.

[4] الزهد لأحمد بن حنبل (1598) ورواه أيضا المعافى بن عمران الموصلي في الزهد (154) وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (116) والبيهقي في شعب الإيمان (10/ 511) من طرق عن الحسن البصري رحمه الله.

[5] «تفسير الطبري» (14/ 597).

[6] «تفسير ابن كثير - ط ابن الجوزي» (6/ 116).

[7] مسند أحمد ط الرسالة (309) ومسند أبي يعلى الموصلي (187) وقال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد. مسند الفاروق ت إمام (3/ 44) وقال الألباني: سنده صحيح. سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 434)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[8] صحيح مسلم (2588).

[9] صحيح البخاري (2896).

[10] سنن النسائي (3178) والسنن الكبرى للبيهقي (6389) وقال الألباني: صحيح.

[11] فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني (6/ 89).

[12] مسند أحمد ط الرسالة (21731) وسنن أبي داود (2594) وسنن الترمذي (1702) وسنن النسائي (3179) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألباني: صحيح، وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

[13] دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (3/ 94) والتنوير شرح الجامع الصغير (1/ 250) وعون المعبود شرح سنن أبي داود مع حاشية ابن القيم (7/ 184).

[14] صحيح مسلم (2369).

[15] شرح النووي على مسلم (15/ 121).

[16] صحيح البخاري (3372) وصحيح مسلم (151).

[17] شرح النووي على مسلم (2/ 183) وفتح الباري (6/ 411 و413 و415).

[18] صحيح البخاري (3395) وصحيح مسلم (2377).

[19] «معالم السنن» (4/ 310).

[20] صحيح البخاري (2412) وصحيح مسلم (2373).

[21] صحيح البخاري (461) وصحيح مسلم (541).

[22] مسند أحمد ط الرسالة (12345)، الأدب المفرد (946) سنن الترمذي (2754)، وقال ابن تيمية: إسناده صحيح. كما في الرد على الإخنائي (ص: 154)، وكذلك قال الألباني ومحققو المسند.

[23] صحيح مسلم (2326).

[24] شرح النووي على مسلم (15/ 83).

[25] صحيح البخاري (6247) وصحيح مسلم (2168).

[26] صحيح البخاري (2262).

[27] فتح الباري (4/ 441) ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1991) لعلي القاري و«شرح رياض الصالحين» لابن عثيمين (3/ 83).

[28] صحيح البخاري (2568) و(8715) ومسند أحمد (9485) و(10243).

[29] «تهذيب اللغة» (1/ 202) لأبي منصور الأزهري، و«تصحيح التصحيف وتحرير التحريف» (ص439) للصفدي، وفتح الباري (9/ 245 و246).

[30] مسند أحمد ط الرسالة (15415) وسنن النسائي (3061) وقال الذهبي: حديث حسن. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 293) وقال الألباني: صحيح، وقال محققو المسند: إسناده حسن.

[31] شرح المشكاة للطِيبي (6/ 1984) ومرقاة المفاتيح (5/ 1793).

[32] أوردها ابن كثير في البداية والنهاية ط إحياء التراث (5/ 269) نقلا عن السيرة لابن إسحاق وقال: إسنادها صحيح.

[33] الزهد لأبي داود (31) و(32).

[34] «الطبقات الكبير» لابن سعد (10/ 342 ط الخانجي) وإسناده صحيح.

[35] مصنف ابن أبي شيبة (7/ 92) والتواضع والخمول لابن أبي الدنيا (200) وإسناده صحيح.

[36] الزهد والرقائق لابن المبارك (584) وشعب الإيمان للبيهقي (10/ 487) وإسناده صحيح.

[37] مصنف ابن أبي شيبة (7/ 96) وروضة العقلاء لابن حبان (ص: 59) وشعب الإيمان للبيهقي (10/ 454) وغيرهم، وقال الحافظ ابن حجر: هذا موقوف صحيح الإسناد، وقد يقال لا مجال للرأي فيه فيكون له حكم الرفع. «الأمالي المطلقة» (ص88).

[38] الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري (1/ 397 و483) «الغريبين في القرآن والحديث» لأبي عبيد الهروي (6/ 2038) و«لسان العرب» (7/ 108) لابن منظور.

[39] «الزهد لأحمد بن حنبل» (675) وبنحوه في (674) و«تاريخ دمشق لابن عساكر» (39/ 225) و«سير أعلام النبلاء» (4/ 568).

[40] «الطبقات الكبير» (3/ 57 ط الخانجي) و«تاريخ المدينة» لابن شبة (3/ 1017).

[41] أخبار القضاة لوكيع (3/ 219) والمجالسة وجواهر العلم للدينوري (419)، وقال محقق المجالسة الشيخ مشهور: إسناده حسن.

[42] الزهد لأحمد بن حنبل (863).

[43] صحيح مسلم (2967).

[44] رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على الزهد (1019) وأبو يعلى الموصلي في مسنده، كما في المطالب العالية (13/ 464) وإتحاف الخيرة (7/ 375) وقال البوصيري: سنده صحيح، والطبراني في المعجم الكبير (13/ 147) وقال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (1/ 99). وكذلك صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3257).

[45] شعب الإيمان (10/ 488) وبنحوه في «الزهد» لأحمد بن حنبل (1013).

[46] «الطبقات الكبير» (4/ 82 ط الخانجي).

«أَنْدَرْوَرْد» فوق التُّبَّان ودون السراويل، تغطي الركبة. و«التُّبَّان» سراويل صغير، مقدار شبر، يستر العورة ‌المغلظة. و«السراويل» معروف والأشهر عند أهل اللغة أنه مفرد، وجمعه السراويلات. وقال بعض النحويـيـن إنه جمع، وإن مفرده سِروال. وهذا هو الأشهر عند عامة الناس. «غريب الحديث» للخطابي (2/ 198) و«مختار الصحاح» (ص45) و(ص147).

[47] «الطبقات الكبير» (4/ 82 ط الخانجي).

[48] مصنف ابن أبي شيبة (7/ 120) والزهد لأحمد بن حنبل (813) وغيرهما. «الصِّفَاح»: موضعٌ بَيْنَ حُنَين وأنْصَابِ الحَرَم، يَسْرة الدَّاخل إِلَى مَكَّةَ. النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 35).

[49] «الزهد لأبي داود» (284) و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (67/ 372).

[50] (الثَّقَلُ) بفتحتين مَتاعُ المسافرِ وحَشَمُهُ مختار الصحاح (ص: 49).

[51] «المستدرك على الصحيحين» للحاكم ط. الرسالة (9/ 337) وقال محققو المستدرك: إسناده محتمل للتحسين. وحلية الأولياء لأبي نُعيم (1/ 291) وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 281).

[52] السنن الكبرى للنسائي (10205).

[53] صحيح مسلم (2702).

[54] الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (519) وتاريخ دمشق لابن عساكر (59/ 171).

[55] الشريعة للآجري (1952) وتاريخ دمشق لابن عساكر (59/ 171) وأورده الذهبي في السير ط الرسالة (3/ 152).

[56] السنن الكبرى للنسائي (11852)، ورواه أيضا وكيع في الزهد (213)، وأبو داود في الزهد (324) وغيرهم، وقال أبو عبد الله الداني صاحب الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين (481): إسناده صحيح.

[57] صحيح مسلم (2542).

[58] شرح النووي على مسلم (16/ 96).

[59] حلية الأولياء (2/ 100).

[60] «الطبقات الكبير» (9/ 169 ط الخانجي) والتواضع والخمول لابن أبي الدنيا (66).

[61] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (104).

[62] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (23).

[63] «الطبقات الكبير» (9/ 208 ط الخانجي) وشعب الإيمان (10/ 512).

[64] سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 534).

[65] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (105).

[66] «سير أعلام النبلاء» (4/ 277) «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 124).

[67] مصنف ابن أبي شيبة (7/ 240) والمجالسة وجواهر العلم (2/ 329) و(7/ 135) وشعب الإيمان (3/ 303).

[68] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (35).

[69] «الطبقات الكبير» (9/ 247 ط الخانجي).

[70] شعب الإيمان (10/ 512).

[71] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (106).

[72] شعب الإيمان (10/ 461).

[73] «التواضع والخمول لابن أبي الدنيا» (118) و«مجلس في التواضع» لأبي محمد الجوهري (ص45).

[74] شعب الإيمان (10/ 499).

[75] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (87) وحلية الأولياء (8/ 243).

[76] التواضع والخمول لابن أبي الدنيا (21).

[77] شعب الإيمان (10/ 513).

[78] شعب الإيمان (10/ 514).

[79] شعب الإيمان (10/ 516).

[80] «مناقب الشافعي» للبيهقي (2/ 200) وشعب الإيمان (10/ 515).

[81] شعب الإيمان (10/ 499).

[82] «روضة العقلاء ونزهة الفضلاء» (ص59).

[83] «روضة العقلاء ونزهة الفضلاء» (ص62).

[84] «التبصرة» لابن الجوزي (1/ 62).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل التواضع (خطبة)
  • فضل التواضع للمؤمنين

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نسبة الفضل لله {ذلك من فضل الله علينا}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الرب العلي فيما فضل الله به النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر الله المحرم وفضل صومه وصيام عاشوراء(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عن فضل عشر ذي الحجة وفضل الأضحية وأحكامها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فضل الأذان: كل من سمع المؤذن يشهد له بالفضل من عدو أو صديق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في حكم بيع فضل الماء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/3/1447هـ - الساعة: 15:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب