• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
  •  
    كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    يا أهل الجنة لا موت... لكم الحسنى وزيادة
    د. نبيل جلهوم
  •  
    خطبة: ففيهما فجاهد
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    قصص رويت في السيرة ولا تصح (4)
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة الفقه: نواقض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    العودة إلى بدء الوحي: سبيل الأمة للخروج من أزمتها ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الرضا كنز المحبين
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في ...
    عبدالله بن صالح بن محمد المحمود
  •  
    المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله ...
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم

لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2025 ميلادي - 10/3/1447 هجري

الزيارات: 602

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي تفرَّد بأوصاف عظمته وكماله، وتقدَّس بعزِّ كبريائه وجلاله، وتوحَّد بالخلق والإبداع، فلا شريك له في أفعاله، وعمَّ كلَّ مخلوقٍ جزيلُ أفضاله ونواله، هو الأول والآخر بالقِدَم والبقاء، الظاهر والباطن بالقهر والكبرياء، القدُّوس الصمد الغني عن جميع الأشياء، الواحد الأحد المنزَّه عن جميع الأشباه والشُّركاء، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيُّه من خلقه وحبيبه.

 

ألا يا رسولَ الله يا خيرَ مُرسلٍ
عليك صلاةُ الله لا تتناهَى
فيا فوزَ مَن صلَّى عليك مِن الوَرَى
صلاةً يَعُمُّ الكونَ منها سناها
عليك صلاةُ الله يا أشرفَ الورى
مَحِلًّا ويا أعلى البريَّة جاهَا
عليك صلاةُ الله ما هبَّت الصَّبا
وفاحَ بعَرف الْمِسك طيبُ شَذاها

 

وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نهجه وتمسَّك بسُنته، واقتدى بهدْيه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين؛ أما بعد:

فنقف اليوم مع التشريف والتعريف بمن هو معرَّف، لا يحتاج إلى تعريف، وإنما هي تذكرة للسُّعداء بصور مشرقة من حياة سيد النبلاء - صلى الله عليه وسلم - وكذلك تذكرةٌ للجهلاء الذين جهِلوا قدر سيد الأصفياء - صلى الله عليه وسلم - نتذكر فيها مشاهدَ شاهدة على نُبل سيد النبلاء وشرفه - صلى الله عليه وسلم - ولله درُّ القائل:

مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ
مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً
مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ
مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةً
مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ
مُحَمَّدٌ ثابِتُ المِيثاقِ حافِظُهُ
مُحَمَّدٌ طيِّبُ الأخْلاقِ والشِّيَمِ
مُحَمَّدٌ حاكِمٌ بالعَدْلِ ذُو شَرَف
مُحَمَّدٌ مَعْدِنُ الإنْعامِ وَالحِكَمِ
مُحَمَّدٌ ذِكْرُهُ رُوحٌ لأَنْفُسِنَا
مُحَمَّدٌ شُكْرُهُ فَرْضٌ عَلَى الأُمَمِ

 

الحليم العفو - صلى الله عليه وسلم -:

أيها الإخوة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ القمةَ والدرجة العالية في العفو والصفح، كما هو شأنه في كلِّ خلُقٍ من الأخلاق الكريمة، فكان عفوه يشمل الأعداء فضلًا عن الأصدقاء، وكان - صلى الله عليه وسلم - أجمل الناس صفحًا، يتلقَّى من قومه الأذى المؤلم فيُعرض عن لومهم أو تعنيفهم، أو مقابلتهم بمثل عملهم، ثم يعود إلى دعوتهم ونُصحهم كأنما لم يلقَ منهم شيئًا.

 

وفي تأديب الله لرسوله بهذا الأدب أنزل الله عليه في المرحلة المكية قوله: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [الحجر:85-86]، ثم أنزل عليه قوله: ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف:89]، فكان يقابل أذى أهل الشرك بالصفح الجميل، وهو الصفح الذي لا يكون مقرونًا بغضبٍ أو كبرٍ أو تذمُّرٍ من المواقف المؤلمة، وكان كما أدَّبه الله تعالى، ثم كان يقابل أذاهم بالصفح الجميل، ويعرض قائلًا: سلام.

 

وفي العهد المدني لَقِيَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من يهود المدينة أنواعًا من الخيانة، فأنزل الله عليه قوله: ﴿ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾[المائدة: 13]، فصبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم وعفا وصفح، حتى جاء الإذن الرباني بإجلائهم، ومعاقبة ناقضي العهد منهم).

 

وها هو حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «كَانَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: 186]، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: 109] إِلَى آخِرِ الآيَة [1].

 

- وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي اللهُ عنهما واصفًا النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((... ولا يَدفَعُ السيئةَ بالسيئةِ، ولكن يعفو ويَصفَحُ))[2].

 

ومن حلمه وعفوه - صلى الله عليه وسلم -: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ»، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قَالَ أَنَسٌ: «فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ»، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، «فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ»[3].

 

وأعظم من ذلك موقفُه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزَّه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلًا: (ما تقولون أني فاعل بكم؟)، قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال: (أقول كما قال أخي يوسف): ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]، (اذهبوا فأنتم الطُّلقاء)[4].

 

قالوا: أتحبُّ محمدًا؟
فأجبتُهم إني بحبِّ محمَّدٍ أتعبَّدُ
أحببتُ فيه هناءتي وسعادتي
ومفازتي مِن حرِّ نارٍ تُوقَدُ
وشفاعةٌ تُهدى لكلِ مُؤَمِّلٍ
وتواجُدي وسطَ النعيمِ أُخَلَّدُ
وتفاخري أنَّي نُسبْتُ لأُمة
يُعلِي مكانتَها النبيُّ محمَّدُ

 

إنه الرحمة المهداة - صلى الله عليه وسلم - حتى بالكائنات:

لقد تكلمنا عن نبي الرحمة المهداة، ورأينا كيف كانت رحمته شمولية تشمل جميع الكائنات، ونذكر صورة أخرى من صور رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالطير؛ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَةً معها فَرخان، فأخذنا فَرخَيها، فجاءت الحُمرةُ فجعلت تفرِش، فجاء النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (مَن فجَع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدَها إليها، ورأى قرية نمل قد حرَّقناها، فقال: من حرَّق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنَّه لا ينبغي أن يعذِّب بالنَّار إلَّا ربُّ النَّار)).

 

إنه الجواد الذي يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر - صلى الله عليه وسلم - عنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا»، أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، «فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ»، فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ[5].

 

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ، إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاءٍ كَثِيرٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ مِنْ شَاءِ الصَّدَقَةِ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً مَا يَخْشَى الْفَاقَةَ[6].

 

وهذا الموقف الحكيم العظيم يدل على عِظَم سخاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغزارة جوده؛ قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَلَا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ»[7].

 

رسولنا الصابر المحتسب على أذى قومه - صلى الله عليه وسلم -:

صبره - صلى الله عليه وسلم - على المشركين حينما آذوه، ورموه بالكذب والكهانة والسحر؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ المَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - «فَرَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَوْ أُبَيٍّ، تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِي البِئْرِ»[8].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه مـن الآيـات والـذكـر الحكيم، أقول ما سمعتـم واستغفروا الله لي ولكم.

 

الخطبةُ الثانية

أما بعد: فإبداء الاهتمام:

إخوة الإسلام، من صور النُّبل والرُّقي الأخلاقي أنه كان لا يفرِّق بين غني وفقير، فالكل سواء أمام الشريعة الغرَّاء، يُبدي الاهتمام للفقير قبل الغني وللضعيف قبل القوي، وللمريض قبل الصحيح؛ عن أنسٍ أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا يُهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهِّزه النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله: (إنَّ زاهرًا باديتُنا ونحن حاضروه))، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه وكان رجلًا دميمًا، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبيعُ متاعه، فاحتضَنه من خلفه ولا يُبصره الرجل، فقال: أرسلني، مَن هذا؟ فالتفت فعرَف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل لا يألو ما ألصَق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرَفه، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن يشتري العبدَ؟))، فقال: يا رسول الله، إذن والله تجدُني كاسدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لكن عند الله لستَ بكاسدٍ - أو قال: لكن عند الله أنت غالٍ)[9].

 

نبينا - صلى الله عليه وسلم - القدوة في العدل: فقد عمَّ عدله الخلق جميعًا، لم يفرِّق بين مسلم وغير مسلم، بل الكل أمام شرع الله تعالى سواء، لا محاباة ولا محسوبية في هدي خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا»[10].

 

نبي الرِّفق حتى مع مَن كفر به ولم يؤمن برسالته:

نبينا - صلى الله عليه وسلم - نبي الرفق والرحمة، لا يَظلِم أحدًا بسبب دينه أو معتقده، أو لونه أو لغته، بل لقد حذَّرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من أن نظلم معاهدًا، أو نكلِّفه فوق طاقته؛ قال أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ: إنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[11].

 

فلو سُئلت كلُّ الفضائل في الورى
لمن تنتمي؟ ما أصلُها؟ أين توجدُ؟
لقالت جميعًا: لا أبا لك إنَّه
بلا مريةٍ ما ذاك إلا محمدُ
فو الله ما دبَّ على الأرضِ مثلُهُ
ولا مثلُهُ حتى القيامةِ يوجدُ

 

الدعاء:

اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأَكرِمنا ولا تُهنا، وكُن لنا ولا تكُن علينا.

 

اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفَرته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا همًّا إلى فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتَها يا رب العالمين.

 

اللهم اجعل جَمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.

 

اللهم اهدِنا واهدِ بنا واجعلنا سببًا لمن اهتدى.

 

اللهم إن أردتَ بالناس فتنةً، فاقبِضنا إليك غيرَ خزايا ولا مفتونين، ولا مغيِّرين ولا مبدِّلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم احمل المسلمين الحُفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع.

 

اللهم لا تحرِم مصر وسائر بلاد المسلمين من الأمن والأمان.

 

‌اللهم مَن أرادنا وأراد ديننا وديارَنا وأمننا وأمتنا، وولاةَ أمرنا وعلماءَنا واجتماعَ كلمتنا - بسوءٍ، اللهم فاشْغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.



[1] صحيح البخاري» (6/ 40).

[2] «صحيح البخاري» (6/ 136).

[3] «صحيح البخاري» (8/ 24).

[4] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 118)، والسيرة النبوية لابن هشام 412/ 2.

[5] «صحيح البخاري» (2/ 78) ( )، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قطُّ، فقال: لا، وكثرة عطائه، 4/1806، (رقم 2312).

[6] أخرجه ابن خزيمة (2371)، وأخرجه مسلم (2312).

[7] أخرجه: البخاري 8/ 118 (6445)، ومسلم 3/ 74 (991) (31).

[8] «صحيح البخاري» (5/ 45).

[9] ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 6/48.

[10] البخاري، حديث (3475)، ومسلم، حديث (1688).

[11] «سنن أبي داود» (3/ 171).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم
  • أخلاق النبي مع العصاة والمخالفين
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
  • النظام في هدي خير الأنام صلى الله عليه وسلم
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)
  • شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • ماذا لو..؟ (شعر)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر والأضحى"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو كنت تاجرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا لو سكت من لا يعلم؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تفسير: (قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا لو كنت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/3/1447هـ - الساعة: 15:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب