• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المندوبات في الوصايا عند الحنابلة: دراسة فقهية ...
    سمر بنت عبدالرحمن بن سليمان السكاكر
  •  
    رحلة القلب بين الضياع واليقين
    ريحان محمدوی
  •  
    حق المساواة بين الناس في الإسلام
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الغضب من لهيب النيران
    شعيب ناصري
  •  
    فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    هديه النبي صلى الله عليه وسلم في التداوي بسور ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الحياء (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    من أقوال السلف في حكم الاحتفال بالمولد النبوي
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    أتعجبون من غيرة سعد؟! (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من مائدة التفسير: سورة العصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الخوف والرجاء (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة: كيف نربي شبابنا على العقيدة الصافية؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حقيقة الدنيا في آية
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    لأنه من أهل بدر
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حق المساواة بين الناس في الإسلام

حق المساواة بين الناس في الإسلام
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2025 ميلادي - 3/3/1447 هجري

الزيارات: 89

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق المساواة بين الناس في الإسلام

 

الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهابُ المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب.

 

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه، صلاة تشرق إشراق البدور.

 

وبعد:

جاء الإسلام ووجد الناس يتفاضلون في الخلق والنشأة، ويتميزون في الأحساب والأنساب، ويتقاتلون للحمية والعصبية، ناسين أنهم من أصل واحد ومصدر واحد.

 

المساواة في الإسلام:

إن الإسلام قد حرص كل الحرص على تقرير المساواة بين الناس في القيمة البشرية، وقرر أن الناس سواسية كأسنان المشط، في أصل نشأتهم وتكوينهم، وأنه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، ولا بين العربي والأعجمي، ولا بين الأبيض والأسود، ولا بين السيد والعبد، ولا بين الغني والفقير، لأن هؤلاء جميعا ينحدرون من أصل واحد هو آدم، وآدم من تراب. فالإسلام لا يسمح بقيام نظام طبقي تسيطر فيه طبقة على أخرى، كما لا يسمح بتحكم فئة تدعي لنفسها الاستعلاء بالبيئة أو العنصر أو اللون أو الجاه على الفئات الأخرى، بل إنه ألغى كل سبب يدفع الإنسان إلى الاستعلاء والتحكم في الآخرين فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1] وفي خطبة حجة الوداع قال صلى الله عليه وسلم: « الناس سواسية كأسنان المشط».


قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]. هذا إعلام من الرب تبارك وتعالى إلى جميع الناس بأن أصلهم واحد ومرجعهم واحد.

 

والشعوب أعم من القبائل والقبائل تتشعب إلى فصائل وإلى عشائر وإلى عمائر وإلى أفخاذ وهذا التنوع في الأنساب وفي الألوان وفي الألسنة ومثله التنوع في الطبائع وفي الأخلاق وفي المواهب كل ذلك الهدف منه التعارف والوئام والتعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات وإلا لا تفضيل لجنس على جنس ولا للون على لون، ولا لشعب على شعب، ولا لقبيلة على قبيلة؛ فإن التفاضل لا يرجع إلى الجنس ولا إلى اللون ولا إلى الوطن، ميزان التفاضل واحد هو الإيمان والمؤمن أفضل من الكافر،المؤمن أعلى من الكافر، والمسلم أفضل من المشرك ثم المؤمنون فيما بينهم يتفاوتون ويتفاضلون وميزان التفاضل فيما بينهم هو التقوى فأتقاهم لله تعالى هو أكرمهم عنده قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [أخرجه مسلم]، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم بنو آدم وآدم من تراب» [سنن الترمذي (3955)]، وإذن الناس جميعًا في أصلهم وفي شرفهم وفي عنصرهم ينتسبون إلى أصل واحد هو الطين والتراب ولذلك لا يتفاوتون في هذا لا يتفاوتون في الأصل ولا في الشرف إنما يتفاوتون في الأمور الدينية في طاعة الله تبارك وتعالى وفي متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم أما تقسيمهم إلى شعوب وإلى قبائل وأما اختلافهم في الأنساب فالمقصود منه التعارف والتآلف روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة للأهل ومثراة للمال ومنسأة للأثر» [مسند أحمد (2/374)، سنن الترمذي (1979)]، هذا هو المبدأ العظيم الذي جاء به ديننا القويم فكرس مبدأ المساواة بين البشر وجعل ميزان التفاضل واحدا هو الإيمان والتقوى فالناس إنما يتفاضلون بهذا الميزان.

 

نعم هذا هو المقياس الحقيقي للتفاضل بين الناس هذا هو المبدأ الذي ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام عليه هذا أبو ذر سليل بني غفار تلك القبيلة العربية الأصيلة المشهورة يحذره النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من الانسياق وراء المقاييس الجاهلية ويغرس في نفسه هذا المبدأ الإسلامي العظيم الرائع المساواة بين البشر ومبدأ التفاضل بالتقوى وقد أثمرت هذه التربية النبوية أيما ثمرة فانصهرت تلك القبائل العربية في بوتقة الإسلام حتى صاروا جميعا كالجسد الواحد فانطلقوا ينشرون الإسلام بين أمم الأرض فإذا بالأمم والشعوب تنصهر في بوتقة الإسلام إذا بالأسود والأحمر والأبيض والعربي والأعجمي إخوانا متحابين تحت ظل الإيمان.

 

في يوم من الأيام وفي موقف من المواقف فقال لأحد إخوانه في الإيمان وقد غاضبه ونازعه في أمر من الأمور انطلق لسان أبي ذر وغلبته الجبلة دون أن يقصد ذلك فقال له: يا ابن السوداء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب غضبًا شديدًا ولام أبا ذر ووبّخه فقال له: «أعيّرته بأمه إنك امرؤٌ فيك جاهلية» [صحيح البخاري (30)، صحيح مسلم (1661)].

 

حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم دقيق رقيق عادل منصف حتى في توبيخه لم يقل لأبي ذر إنك امرؤ جاهلي فحاشا أبا ذر أن يكون كذلك فهو مؤمن مسلم تربى في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم لكنها بقية ضئيلة بقيت في نفسه فنبهه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أنه يجب عليه أن يعالج تلك البقية الباقية أن يروض نفسه على مبادئ الإسلام العظيم مبدأ المساواة بين الناس مبدأ التفاضل بالتقوى وذهب أبو ذر يروض نفسه فماذا فعل رضي الله عنه وأرضاه ذهب إلى أخيه ذلك الذي أغضبه فاعتذر له واستسمحه حتى رضي عنه وسامحه ثم وضع أبو ذر خده على الأرض وقال له: «يا ابن أخي ضع قدمك على خدي» هكذا حاول أبو ذر أن يروض نفسه على مبادئ الإسلام على مبدأ المساواة بين الناس على مبدأ التفاضل بالتقوى على هذا المبدأ الإسلامي الرائع العظيم الذي لا بديل له سوى الجاهلية.

 

الجاهلية إذا طغت فالناس حينئذ يتفاضلون بالعنصرية... العنصرية للون أو العنصرية لجنس أو العنصرية لوطن وحينئذ يعاقبهم الله تبارك وتعالى بالذل والهوان هذا هو وعده على لسان النبي صلى الله عليه وسلمقال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: «كلكم بنو آدم وآدم من تراب لينتهين قوم عن تفاخرهم بالآباء أو ليكونن أهون على الله من الجعلان» [مسند أحمد (2/361)، سنن أبي داود (5116)].

 

الله أكبر، هذا هو الإسلام، وهذه عدالته حتى مع غير المسلمين، وهذا هو الإسلام الذي يدخل فيه الناس أفواجا.

 

المساواة في القضاء:

ومن المساواة في الإسلام المساواة أمام القضاء، يعتمد القضاء في الإسلام على التشريع الإلهي، فإذا كان الناس أمام التشريع سواء، فهم عند تنفيذه كذلك سواء، لا تفريق في ذلك بين القاضي والمقضي له، والحاكم والمحكوم، وكل إنسان في الإسلام تطاله يد القضاء كائنا من كان حين يقتضي الأمر ذلك، وقد عمل بالمساواة أمام القضاء منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلموعهد الخلفاء الراشدين، فقد روت عائشة رضي الله عنها « أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله، ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟ » ثم قام فخطب فقال: «أيها الناس! إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» [صحيح البخاري ح (6788)، وأخرجه أيضًا مسلم ح (1688)].

 

كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه مسافرا وقد ربط درعه الحديدية التي كان يلبسها للقتال وراء ه على ظهر الجمل وحين وصل إلى المكان الذي كان يقصده بحث عن الدرع فلم يجدها كانت قد سقطت منه أثناء الرحلة دون أن ينتبه إليها وبينما هو يمشى في أحد الأسواق إذ رأى درعه عند رجل يهودي فأوقفه وطلب منه أن يردها إليه ولكن اليهودي امتنع وقال لعلي رضي الله عنه «إن الدرع درعي ولن أسلمها إليك»، فطلب منه علي رضي الله عنه أن يصحبه إلى القاضي ليحكم بينهما، ومثُل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والرجل اليهودي أمام قاضي المدينة المنورة وكان يدعى« شريحا» و حكى سيدنا علي للقاضي قصة ضياع درعه وكيف عثر عليها عند اليهودي وطالب بإرجاعها لكن اليهودي أصر على أن الدرع له وانه يملكها من زمنٍ طويل وان الدروع تتشابه وطلب القاضي شريح من سيدنا علي الدليل على أن الدرع له فأشار إلى علامات على الدرع يعرفها بها، ولكن القاضي لم يقتنع بأدلته وحكم للرجل اليهودي بالاحتفاظ بالدرع، وامتثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لحكم القاضي وهو مقتنع بان الدرع درعه وان القاضي اجتهد وأخطأ.

 

وهمّ علي رضي الله عنه بالانصراف ولكن الرجل اليهودي استوقفه وقد بهره ما رأى من عدل المسلمين وسمو أخلاقهم وقال له: «يا أمير المؤمنين إن الدرع درعك وقد عثرت عليها بعد أن سقطت منك وكنت قادرًا على أخذها مني دون اللجوء إلى القاضي فأنت أقوى مني جسدًا وأكبر سلطانًا ومع ذلك لم تستعمل قوتك ولا سلطانك ولجأت إلى حكم الشرع كغيرك من عامة الناس»، ثم التفت إلى القاضي وقد تأثر وتحركت مشاعره لعظمة ما رأى وقال: « إذا كان ما حكمت به هو الإسلام فاني أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»[ بتصرف وقد ذكره السيوطي في ((تاريخ الخلفاء)) (142) وقال: أخرجه الدراج في جزئه المشهور بسند مجهول عن ميسرة عن شريح القاضي].

 

أيها الأحباب:

بعد أن أعلن القرآن مبدأ المساواة في قوله: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقف الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ليعلن في خطابه الخالد: «الناس من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى». هذه المساواة فقد نفذت في المساجد حيث كان يلتقي فيها الأبيض والأسود على صعيد واحد من العبودية لله عز وجل والخشوع بين يديه، ولم يكن الأبيض ليجد غضاضة أو حرجًا في وقوف الأسود بجانبه. ونفذت في الحج حيث تلتقي العناصر البشرية كلها من بيضاء وملونة على صعيدٍ واحد وبثياب واحدة من غير تمييز بين أبيض وأسود واستعلاء من البيض على السود.

 

بل إننا لنجد ما هو أسمى من هذا، فقد أمر سول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا الحبشي رضي الله عنه يوم فتح مكة أن يصعد فوق الكعبة ليؤذن من فوقها ويعلن كلمة الحق، والكعبة هي الحرم المقدس عند العرب في الجاهلية، وهي القبلة المعظمة في الإسلام، فكيف يصعد عليها عبد ملوّن كبلال؟ كيف يطؤها بقدميه؟

 

فما كان صعود بلال على سطح الكعبة إلا إعلانًا لكرامة الإنسان على كل شيء وأن الإنسان يستحق هذه الكرامة لعلمه وعقله وأخلاقه وإيمانه لا لبشرته وبياضه، فما يقدم الإنسان بياضه إذا أخَّره عمله، ولا يؤخره سواده إذا قدمه ذكاؤه واجتهاده.

 

لمَّا جاء المسلمون لفتح مصر وتوغلوا فيها حتى وقفوا أمام حصن بابليون رغب المقوقس في المفاوضة مع المسلمين، فأرسل إليهم وفدًا ليعلم ما يريدون، ثم طلب منهم أن يرسلوا إليه وفدًا، فأرسل إليه عمرو بن العاص عشرة نفر فيهم عبادة بن الصامت، وكان عبادة أسود شديد السواد، طويلًا حتى قالوا إن طوله عشرة أشبار، وأمره عمرو أن يكون هو الذي يتولى الكلام، فلما دخلوا على المقوقس تقدمهم عبادة بن الصامت فهابه المقوقس لسواده وقال لهم: نحّوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني، فقال رجال الوفد جميعًا: إن هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا، وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا، وإنما نرجع جميعًا إلى قوله ورأيه، وقد أمره الأمير دوننا بما أمره، وأمرنا ألا نخالف رأيه وقوله، فقال لهم: وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم؟ قالوا: كلا وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعًا وأفضلنا سابقة وعقلًا ورأيًّا، وليس ينكر السواد فينا، فقال المقوقس لعبادة: تقدم يا أسود وكلمني برفق فإني أهاب سوادك، وإن اشتد كلامك علي ازددت لك هيبة، فقال عبادة - وقد رأى فزع المقوقس من السواد -: إن في جيشنا ألف أسود هم أشد سوادًا مني.

 

وفي عام (100) من الهجرة أي منذ ثلاثة عشر قرنًا شكت جارية سوداء تسمى فرتونة إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بأن لها حائطًا قصيرًا يُقتحم منه عليها فيُسرق دجاجها، فأرسل عمر فورًا إليها يخبرها أنه أرسل إلى والي مصر يطلب إليه أن يصلح لها حائطها ويحصن لها بيتها، وكتب إلى واليه في مصر أيوب بن شرحبيل: «إن فرتونة مولاة ذي أصبح قد كتبت إليَّ تذكر قصر حائطها وأنه يسرق منه دجاجها وتسأل تحصينه لها. فإذا جاءك كتابي هذا فاركب أنت بنفسك إليه حتى تحصنه لها!» فلما وصله الكتاب ركب بنفسه إلى الجيزة ليسأل عن فرتونة حتى عثر على محلها، فإذا هي سوداء مسكينة، فأعلمها بما كتب به أمير المؤمنين وحصّن لها بيتها. [سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم صـ163 - 164، التاريخ الإسلامي (15 /77)]..

 

هذا ما فعلناه قبل أكثر من ثلاثة عشر قرنًا... وهذا مثل من حضارتنا.

 

أسأل الله تعالى أن يجعلني من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق المسنين (1)
  • حقوق الأم (1)
  • حقوق الأم (2)
  • حقوق المظلوم
  • حقوق الزوج على زوجته
  • حقوق المرأة (1)
  • حقوق الطريق (1)
  • حقوق الميت (2)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين حق الأم وحق الزوجة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • الفرق بين حقوق الله وحقوق الآدميين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الموريسكيون: بين حق الاعتذار، وحق العودة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة القصص: قصة الصراع بين الخير والشر أو الصراع بين الحق والباطل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأكيد حقوق ولاة الأمر وشرح الحديث النبوي: "ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم"(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/3/1447هـ - الساعة: 11:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب