• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة: احفظ الله يحفظك
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    لماذا ضحك النبي صلى الله عليه وسلم عند دعاء ...
    عمرو شكري بدر زيدان
  •  
    المنكرات الرقمية: فريضة الحسبة في زمن الشاشات
    د. خالد طه المقطري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب إعانة الله لك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عداوة الشيطان للإنسان
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تحريم الحلف بالملائكة أو الرسل عليهم الصلاة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها
    بدر شاشا
  •  
    مناقشة بعض أفكار الإيمان والإلحاد (WORD)
    الشيخ سعيد بن محمد الغامدي
  •  
    مجلس ختم صحيح البخاري بدار العلوم لندن: فوائد ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الإمامة في الدين نوال لعهد الله وميراث الأنبياء ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

شبح الغفلة

شبح الغفلة
نوال محمد سعيد حدور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/8/2025 ميلادي - 10/2/1447 هجري

الزيارات: 122

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شبح الغفلة

 

مقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

فقد قال ابن القيم رحمه الله: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن في الدنيا جنةً، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"، فطوبى لمن أصلح دنياه، واعتنى بأجلِّ مضغة؛ هي هذا القلب الذي هو محل نظر الإله، ليتنعم بلذة العبودية والانقياد والخضوع لربٍّ اصطفاه وميَّزه بالعقل عن الأنعام، فأحسن إليه وتولاه؛ لأن هذا العبد بدوره أحسن الظن بربه، وتعاهد قلبه بالتربية والتزكية لينال هذه التصفية من مولاه؛ لذلك يجدر بالعبد أن يتفقد قلبه، ويجتهد في الإصلاح ليدلف جنة الانشراح والسَّكينة، بعيدًا عن منغِّصات الأسقام التي قد تعتريه إن غفل عن مداواته.

 

وحديثنا اليوم عن مرض قد استفحل وتفشى في عصرنا بشكل رهيب، والحديث عن هذا المرض حديث ذو شجون، ومغبونٌ من أُصيب بهذا الداء المُهلك، والمتأمل في آيات الله يجد أن الله سبحانه حذر من الغفلة، وبيَّن عقاب من وقع فيها بالهلاك؛ فالغفلة مرض خطير أصاب الكثير من الناس، ومشكلة الغفلة أن الأنام لا يشعرون بها؛ لأنهم لا يدركون مخاطرها على حياتهم وبعد مماتهم.

 

والغافل اللاهي يضيع نفسه ويظلم غيره، ولا يفيق من غفلته إلا على مصيبة كبيرة، أو عندما يباغته الموت، هذا هو الغافل، أما العاقل فهو من يراجع نفسه ويحاسبها؛ ففي الحديث: ((الكَيْسُ من دان نفسه وعمِل لِما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله))[1]، ويجدر بنا كمسلمين موحِّدين، نؤمن باليوم الآخر وبالجنة والنار، أن ندرك مدى خطورة هذا الداء ومهلكاته حتى نتجنبه، فحريٌّ بنا أن نلتمس صلاح هذا القلب، فسلامة القلوب من كافة الأسقام أمر ملزم لنجاة المرء؛ حيث قال ربنا سبحانه: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]؛ قلب سليم من الشرك والشبهات، وكل الأدواء.

 

تعريف الغفلة:

1. لغة:

مصدر غفل يغفُل غفولًا وغفلة: تركه وسها عنه، وأغفلت الشيء: تركته غفلًا وأنت له ذاكر، والتغافل والتغفُّل: تعمد الغفلة، والغفل: من لا يُرجى خيره، ولا يُخشى شره، وما لا علامة فيه[2]، وفي الحديث: ((من اتبع الصيد غفل))[3]؛ أي: يشتغل به قلبه، ويستولي عليه حتى يصير فيه غفلة، وقيل: الغفلة سهو يعتري الإنسان في قلة التيقظ والتحفظ.

 

2. اصطلاحًا:

قيل: متابعة النفس على ما تشتهيه، وقيل: إبطال الوقت بالبطالة. وقيل: الغفلة عن الشيء هي ألَّا يخطر ذلك بباله[4].

 

وقيل: غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له، وقد استُعمل فيمن تركه إهمالًا وإعراضًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]، وقد جاء هذا المعنى في آيات كثيرة.

 

الفرق بين الغفلة والنسيان:

الغفلة من حيث المفهوم اللغوي: عدم حضور الشيء في البال بالفعل، وهي ترك باختيار الغافل، وهي أعم من النسيان، والله سبحانه وتعالى لما نفى عن نفسه أنه غافل؛ لأن نسبة الغفلة إلى الله نسبة نقص، فالله عز وجل ليس بغافل ولا ينسى كما يحدث مع باقي البشر.

 

أما النسيان من حيث المفهوم اللغوي: فهي معلومة كانت في الذاكرة ثم ذهبت، وهو ترك بغير اختيار الإنسان؛ وفي قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، لم يقل سبحانه: لا تكن من الناسين، لأن النسيان لا يدخل تحت التكليف فلا يؤاخَذ عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، أو ما استُكرهوا عليه))[5].

 

الفرق بين السهو والغفلة والنسيان:

ذكرنا فيما سبق أن الغفلة هي عدم حضور المعلومة أصلًا وهي أعم من النسيان والسهو، أما السهو فهو الغفلة والذهول، والفرق بينه وبين النسيان أن الناسي إذا ذكَّرته تذكَّر، والساهي إذا ذكرته لا يتذكر، هذا الفرق فيما إذا كان السهو سهوًا عن الشيء، أما السهو في الشيء فهو بمعنى النسيان كذا قال العلماء[6].

 

كما فرَّق العلماء بين السهو في الشيء والسهو عن الشيء؛ فالسهو في الشيء ليس بمذموم، ولذا ذمَّ الله عز وجل الساهين عن الصلاة؛ فقال: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]؛ وذلك لأن السهو عن الشيء ترك له مع القصد، والسهو في الشيء ترك له مع غير القصد.

 

وقيل: السهو يكون لما علمه الإنسان وما لا يعلمه، والنسيان لما غاب بعد حضوره، والمعتمد أنهما مترادفان، أما الغفلة: عدم إدراك الشيء مع وجود ما يقتضيه، وباختصار:

النسيان: معلومة كانت في الذاكرة وذهبت.

 

السهو: معلومة كانت في الذاكرة ونعرفها، لكنها ذهبت جزئيًّا في وقت محدد، وتعود بعد ذلك.

 

الغفلة: معلومة غير موجودة أصلًا، فالسهو والنسيان قد تعرفه من ذاتك، أو قد تحتاج من يعرفك به، أما الغفلة فلا يوجد أي معلومات، وتحتاج لمن يخبرك بها من الخارج.

 

ورودها في القرآن والسنة:

1. الغفلة في القرآن الكريم:

ذُكرت الغفلة في آيات كثيرة من سور القرآن؛ حيث حذر الله منها وبيَّن عقاب من وقع فيها؛ ونذكر بعضها فيما يلي:

* قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

 

وقوله تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]، فالغفلة في هذه الآية قرينة التكذيب بالآيات.

 

وقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 22]، فيوم القيامة ينتبه العبد لغفلته، لكن لن تنفعه يقظته؛ لأن الاستعداد والاستدراك يكون قبل الفوات وقبل الممات.

 

تدارس الآيات:

الوقفة الأولى:

قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

 

التفسير:

ولقد خلقنا للنار - التي يعذب الله فيها من يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن والإنس، لهم قلوب لا يعقلون بها، فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا، ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته، ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله، فيتفكرون فيها، هؤلاء كالبهائم التي لا تفقه ما يُقال لها، ولا تفهم ما تبصره، ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما، بل هم أضل منها؛ لأن البهائم تبصر منافعها ومضارَّها وتتبع راعيها، وهم بخلاف ذلك، أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته؛ [التفسير الميسر].

 

المقصد:

وصف لأهل النار مع بيان خطر الغفلة وعاقبتها في الآخرة.

 

الوقفات التدبرية:

ما مناسبة ذكر هذه الآية لما قبلها؟

 

لما ذكر الله تعالى أنه هو الهادي وهو المضل، أعقبه بذكر من خُلق للخسران والنار، وذكر أوصافهم فيما ذكر، وفي ضمنه وعيد الكفار[7].

 

وأيضًا لما انقضت تلك القصص كقصة من خلقه الله ليكون من أهل جهنم، مع ما لها من المناسبة للتذييل الذي خُتمت به القصة؛ ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ﴾ [الأعراف: 178]، فأسفرت أن أكثر الخلق هالك، صرح بذلك هنا؛ فقال: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾ [الأعراف: 179][8].

 

ما المراد من نفي هذه الإدراكات؟

 

إن المراد من نفي هذه الإدراكات هو نفي الانتفاع بها فيما طلب منهم من الإيمان، وليس المراد نفيها عن هذه الحواس[9].

 

فهم جعلوا كأنهم فقدوا الفقه بالقلوب، والإبصار بالعيون، والسماع بالآذان؛ لأنهم لا يتدبرون شيئًا من الآيات.

 

ما هي أعظم الأسباب التي يحرَم بها العبد لذة النعيم في الدارين؟

 

من أعظم الأسباب التي يحرَم بها العبد خير الدنيا والآخرة داءُ الغفلة المضادة للعلم، وقد ذمَّ الله تعالى أهلها.

 

ما دلالة استعمال صيغة القصر في قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]؟

 

لتعليل كونهم أضل من الأنعام؛ وهو بلوغهم حد النهاية في الغفلة، وبلوغهم هذا الحد أُفيد بصيغة القصر الادعائي إذ ادَّعي انحصار الغفلة فيهم، فهي غفلة لا تداركَ منها حين تفضي بالغافل إلى الشقاء الأبدي[10].

 

في هذه الآية حصل تدرج في وصفهم بهذه الأوصاف، إلى أن بلغ بهم الأمر إلى حد النهاية من الغفلة، كيف وقع ذلك؟

 

وقع هنا التدرج في وصفهم بهذه الأوصاف من نفي انتفاعهم بمداركهم، ثم تشبيههم بالأنعام، ثم الترقي إلى أنهم أضل من الأنعام، ثم قصر الغفلة عليهم[11].

 

ما وجه الشبه بين وصفهم بالغافلين، وكونهم أضل من الأنعام؟

 

وجه كونهم أضل من الأنعام، إنما البهائم مستعملة فيما خُلقت له، ولها أذهان تدرك بها مضرتها من منفعتها؛ ولذلك كانت أحسن حالًا منهم لأنهم آثَروا ما يفنى على ما يبقى، فسُلبوا خاصية العقل؛ ولهذا تم تشبيههم بالأنعام التي فقدت العقول، ولا تنتفع بحواسها[12].

 

الهدايات التدبرية:

تذكر - أيها العبد - أن لك عقلًا ميزك الله به عن البهائم؛ لتعقل به أمر الله وما نهى عنه في آياته، فاتقِ الله تهتدِ لما ينفعك.

 

وهبك الله آلة الإدراك لتفقه وتبصر وتسمع بها هدايات الآيات، فاحذر من حُجُب الغفلة أن تباغتك، فتتخبط في دياجير الضلال.

 

لقد خلقك الله في أحسن تقويم، ووهبك السمع والبصر والعقل؛ لتنتفع بها وتنقاد لخالقك وتعبده وحده ولا تشرك به، فانتبه واحذر أن تكون البهائم أفضلَ منك في تجنب ما يضرها والانقياد لأربابها، فلو فقهت لكانت أعقل منك.

 

الوقفة الثانية:

﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 22].

 

التفسير:

لقد كنت في غفلة من هذا الذي عاينت اليوم أيها الإنسان، فكشفنا عنك غطاءك الذي غطى قلبك، فزالت الغفلة عنك، فبصرك اليوم فيما تشهد قويٌّ شديد.

 

المقصد:

التذكير بسوء عاقبة الغافلين المكذبين بالبعث، وما استحقوا من وعيد وعذاب، مع ندمهم وحسرتهم لِما عاينوه من أهوال في ذلك اليوم.

 

الوقفات التدبرية:

ما دلالة استعمال النكرة في لفظ الغفلة؟

 

الغفلة الذهول عما شأنه أن يُعلم، وأُطلقت هنا على الإنكار والجحد على سبيل التهكم؛ ورشح ذلك قوله تعالى: ﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ﴾ [ق: 22]؛ بمعنى بيَّنَّا لك الدليل بالحس، فهو أيضًا تهكم[13].

 

ماذا يقصد بالغطاء في هذه الآية؟ وما الصورة البيانية المستعملة في قوله تعالى: ﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ﴾ [ق: 22]؟

 

يقصد بها الغفلة التي كانت تحجبك عن الاستعداد لهذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح[14].

 

وكشف الغطاء كناية عن الغفلة كأنها غطَّت جميعه أو عينيه فهو لا يبصر، فإذا كانت القيامة زالت عنه الغفلة، فأبصر ما لم يكن يبصره في حياته[15].

 

فالنفس إذا تم تجردها بالموت من تعلُّقها بالبدن، رأت ما لم تره[16].

 

ما دلالة إيثار لفظ غفلة على غافلًا؟

 

للدلالة على تمكن الغفلة منه[17].

 

﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ [ق: 22]، مَن المخاطَب في هذه الآية؟

 

هذا خطاب من الله للعبد، فإنه في الدنيا في غفلة عما خُلق له، ولكنه يوم القيامة ينتبه[18].

 

ما الغرض من استعمال أسلوب التوبيخ واللوم والتعنيف في هذه الآية؟

 

يُقال للمعرِض المكذِّب يوم القيامة هذا الكلام توبيخًا ولومًا وتعنيفًا؛ لأنه كان مكذبًا لهذا اليوم، تاركًا للعمل الصالح كون الغفلة غطَّت قلبه، فكثر نومه واستمر إعراضه، فتزول هذه الغفلة يوم القيامة فيتنبه، ولكن في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفائت، ولا يستدرِك ما فات، وهذا كله تخويف من الله للعباد، وترهيب بذكر ما يكون على المكذبين في ذلك اليوم العظيم[19].

 

الهدايات التدبرية:

دوامُ ذكر الله سبحانه والإيمان الصادق سببٌ لزوال حجب الغفلة التي تحول بين المرء وقلبه.

 

تذكر العبد لهادم اللذات والإيمان باليوم الآخر، يجعله في تيقُّظ دائم لهذا اليوم بإعداد زاد التقوى.

 

لنتخلص من غطاء الشهوات والشبهات؛ حتى تُرفع عنا حجب الغفلة اليوم اختيارًا، قبل أن تُرفع قسرًا في الآخرة، لنُبصِرَ بعيني قلوبنا ما كنا عنه غافلين.

 

2. الغفلة في السُّنَّة:

وردت لفظ الغفلة في الأحاديث النبوية بعدة معانٍ؛ منها: اشتغال القلب بأمر دنيوي.

 

فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلب غافل))[20].

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ عشر آيات في ليلة لم يُكتب من الغافلين))[21].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر الله، إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار، وكان ذلك المجلس عليهم حسرة))[22].

 

وقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم صورةً للإنسان الغافل في الحديث التالي: ((إن الله يبغض كل جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ سخَّاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة))[23].

 

أما الجعظري فهو الرجل الفظ الغليظ المستكبر، وأما الجواظ فهو الجَمُوع المَنُوع؛ أي: الذي يحرص على جمع المال بنية فاسدة، وقيل: جوَّاظ: الكثير اللحم المختال في مشيته، وقيل: إن السخَّاب كالصخَّاب؛ أي: كثير الضجيج والخصام، فهذا الرجل كأنه لم يُخلق للعبادة، وإنما خُلق للدنيا وشهواتها، فإنه إن فكر فكر للدنيا، فمن أجلها يخاصم ويزاحم ويقاتل، وبسببها يتهاون ويترك كثيرًا من أوامر الله عز وجل، وينتهك المحرمات من أجلها، وإن من الخسارة أن تضيع حياة الإنسان في الأكل والشرب والنوم كالبهائم، عاملًا ناصبًا في النهار يقوى على التجارة ليحصل شهوة المال، مضيعًا للفرائض وقراءة القرآن والنوافل، وإذا جاء إلى بيته ليلًا نام نومة الغافلين، متمتعًا بفراشه، مرتميًا عليه كالخشب الملقى أو الجيفة القذرة منهكًا متعبًا، لا يسمع نداء صلاة الفجر، لا يسمع لعبادة ربٍّ أكرمه بهذه النعم التي لم يقدرها، ولم يؤدِّ حق شكره، فكيف يلبي النداء والغفلة من عمت بصيرته؟ فإذا ما مات، انتبه من غفلته، فيا له من خسران!

 

3. الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذم الغفلة:

الحسن البصري: "يا بن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك".

 

ابن القيم رحمه الله: "خمسة أشياء تورث خمسة: كثرة الضحك تورث قسوة القلب، وكثرة النوم تورث نسيان الآخرة، وكثرة الأكل تورث الغفلة، وكثرة مخالطة الناس تورث الفتور، وكثرة الذنوب تورث الوحشة في القلب".

 

علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله جعل الطاعة خزانة، مفتاحها الدعاء، ومصرفها الغفلة".

 

أنواع الغفلة:

وأما عن أنواع الغفلة فثلاثة؛ وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن:

1. غفلة عن التفكر في آيات الله:

وذمَّ الله المعرضين عن الآيات التاركين للتفكر فيها والاعتبار بها؛ قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [يوسف: 105].

 

قال ابن كثير: "يخبر تعالى عن غفلة أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده، بما خلقه الله في السماوات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت، وسيارات وأفلاك دائرات، والجميع مسخَّرات".

2. غفلة عن ذكر الله:

فلا يذكر الغافل ربه إلا قليلًا، وربما ما ذكره أبدًا، فلا يرجوه ولا يخاف منه؛ يقول الله تعالى محذرًا نبيه من ذلك: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205].

 

ولما غفل الإنسان عن ذكر الله، ازداد مرضه فانتقل إلى النوع الثالث:

3. غفلة عن الموت والآخرة والمصير:

قال تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39].

 

أسباب الغفلة:

الغفلة لها أسباب كثيرة، ولكن من أبرزها ما يأتي:

أولًا: الجهل بالله تعالى وبأسمائه وصفاته، وأفعاله ودينه: إن العلم بالله لو رسخ في القلب، وأدرك العبد قَدْرَ الله وعظمته، لجعله يخشى ربه ويعبده؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

ثانيًا: حب الدنيا والانشغال بالتكاثر في الأموال والأولاد: صدق القائل سبحانه: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]، كما قيل: إن حب الدنيا رأس كل خطيئة، والغفلة هي ثمرة حب الدنيا؛ قال الحسن البصري: "لا يبلغ أحدهم من علمه بدنيا أن يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، ولا يُحسِن يصلي".

 

ثالثًا: المعاصي: من أعظم أسباب الغفلة سواء كانت صغائر أو كبائر، فكم من خطأ صغير ساق إلى خطأ أعظمَ، وتتوالى الأخطاء حتى يجد في قلبه غطاء، يُسمَّى رانًا، فلا يعقل حقًّا ولا باطلًا.

 

رابعًا: صحبة الغافلين: إن المرء على دين خليله، فاختر خليلًا يذكِّرك بالله، ويسحبك للخير والبر سحبًا؛ فقد رسم القرآن مشهد تبرؤ أصحاب السوء من بعضهم يوم القيامة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

خطر الغفلة:

قد علِمنا أن الغفلة مرضٌ فتَّاك من أمراض القلوب، وقد حذَّر الله منها، وبيَّن أيضًا عقاب من وقع فيها؛ ومما يدل على هذا ما يلي:

أولًا: إنها توقع في الهلاك: قال الله تعالى في قوم فرعون: ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 135، 136]، فأسباب هلاك فرعون كثيرة، ولكن منها سببان: تكذيبهم بآيات الله وتغافلهم[24].

 

ثانيًا: الختم على القلوب والسمع والبصر لمن أُصيب بالغفلة الكاملة: كما ذكرنا في سورة الأعراف الآية 179؛ إذ شبههم الله بالأنعام بل هم أضل.

 

ثالثًا: الغفلة قرينة التكذيب بآيات الله تعالى.

 

رابعًا: لعظم خطر الغفلة نهى الله عنها رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، والغافلون الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فإنهم حُرموا خير الدنيا والآخرة[25].

 

خامسًا: الغفلة صفة من صفات أهل النار.

 

سادسًا: الحذر من الغفلة لأن أكثر الناس وقعوا في الغفلة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس: 92].

 

سابعًا: الغفلة تغلق على العبد أبواب الخير، وتفتح له أبواب الشر.

 

ثامنًا: من أعظم خطر الغفلة أن من غفل عن الله، عاقبه بأن يُغفله عن ذكره ويتبع هواه، ويكون أمره ضائعًا معطلًا.

 

تاسعًا: أهل الغفلة لهم الحسرة يوم الحسرة: ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يُجعل بين الجنة والنار، ثم يُذبح ثم يُنادى: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم))[26].

 

عاشرًا: اقتراب الساعة والموت للناس وهم في غفلاتهم؛ وقال أبو العتاهية:

الناس في غفلاتهم
ورحى المنية تطحن

من علامات الغفلة:

أولًا: التكاسل عن الطاعات خاصة فريضة الصلاة: قد نؤخِّرها ونتهاون فيها، ونكسَل عن طلب العلم الذي يزيل عنا هذه الغفلة.

 

ثانيًا: استصغار المحرمات والتهاون بها: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ((إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال به هكذا، فقال أبو شهاب بيده فوق أنفه))[27].

 

ثالثًا: إلف المعصية ومحبتها والمجاهرة بها: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((كل أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلانُ، عمِلت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه))[28].

 

علاج الغفلة:

لعلاج الغفلة طرق ووسائل عديدة؛ نذكر أعظمها نفعًا:

أولًا: العلم: يُعرَف العلم لغةً أنه نقيض الجهل، فيجب على العبد تعلُّم العلم النافع؛ وهو معرفة الله ونبيه ومعرفة دين الإسلام؛ لأن للعلم مكانة وأهمية في صلاح القلوب؛ قال الله عز وجل: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، ولم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالازدياد إلا في العلم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].

 

ثانيًا: ذكر الله تعالى على كل حال:

قال الله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].

 

ثالثًا: مجالس الذكر علاج لغفلة القلوب بالأدلة التالية:

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حِلَقُ الذكر))[29].

 

رابعًا: أعظم الذكر وأعظم العلاج للغفلة قراءة القرآن للأدلة التالية:

وقال الله عز وجل: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].

 

قال خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه: "تقرب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب بشيء أحب إليه من كلامه"، وقال عبدالله بن مسعود: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله"[30].

 

والأذكار نوعان: ذكر مطلق؛ مثل قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وبقية الأذكار المعروفة، والذكر المقيد؛ مثل: أذكار الصباح وأذكار المساء، وأدبار الصلوات، والاستيقاظ من النوم، والدخول والخروج، وغير ذلك.

 

خامسًا: أعظم علاج للغفلة التوبة والاستغفار للأدلة التالية:

قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

سادسًا: الدعاء والتضرع لله تعالى: ومن ذلك: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يسأل الله يغضب عليه))[31].

 

سابعًا: الحرص على النوافل كقيام الليل، وقراءة القرآن بتدبر.

ثامنًا: الإكثار من ذكر الموت والقبر: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكثروا من ذكر هادم اللذات))؛ يعني الموت[32].

 

تاسعًا: قصر الأمل دواء لطول الأمل:

قد علمت يا عبدُ أنك ساكن في دار غير مقيم فيها للأبد، دار خراب إلا إذا عمرت بذكر الله وبُني فيها ما يُبنى للعيش هناك في الدار الآخرة حيث الموطن الحقيقي؛ فلا يغرنك طول الأمل وقد سبقك من سبقك إليها، الأحباب والأهل قد عمروها من قبل وفارقوها، ليتخذوا الثرى مسكنًا لهم، فهل أعددت زاد التقوى يا عابر السبيل إذا حان الرحيل، أم أنك ما زلت في غفلة قد غشِيك ما غشيك من طول الأمل؟

 

رسالة المجلس:

﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 1، 2].

 

شبح الغفلة:

هب أنك سكنت القصور والعباد كلهم لك دانوا

أليس مصيرك قبرًا والتراب عليك حثوا؟

فمتى تعتبر ولا تتجبر أين الأحبة ها قد مضوا؟

قف على القبور، أين المحتقر والمعظم قد فنوا

كنت فوق التراب مع الذئاب تأكل حتى الشبع

اليوم تسمع قرع النعال، يا حسرتاه هل من مشفع؟

أين الاستغفار والتسبيح والتهليل والقرآن ليشفع؟

أين الأبناء والخلَّان؟ أين المال والذهب ليدفع؟[33]

تم بحمد الله، والصلاة والسلام على خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.



[1] سنن الترمذي برقم: 2459، وصححه الألباني.

[2] لسان العرب لابن منظور 11/ 497، والقاموس المحيط للفيروزآبادي.

[3] أحمد في المسند 3/440، 237، وأبو داود برقم: 2860، وحسن إسناده العلامة الألباني.

[4] الجرجاني ص109.

[5] مدارج السالكين لابن القيم 2/ 434، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

[6] فتاوى الشيخ العثيمين رحمه الله.

[7] تفسير أبي حيان 5/ 227.

[8] تفسير ابن عاشور 9/ 282، مدمج مع تفسير البقاعي نظم الدرر 2/87 ثانيًا.

[9] تفسير أبي حيان 5/ 528.

[10] تفسير ابن عاشور 9/ 85.

[11] تفسير ابن عاشور 9/ 85.

[12] تفسير السعدي.

[13] تفسير ابن عاشور 26/309.

[14] تفسير الوسيط للطنطاوي.

[15] تفسير ابن عاشور 26/ 309.

[16] الرد على المنطقيين لابن تيمية.

[17] تفسير ابن عاشور 26/309.

[18] تفسير السعدي.

[19] تفسير السعدي.

[20] رواه أحمد في مسنده 2/ 177.

[21] رواه الحاكم في المستدرك 1/ 556، وصححه.

[22] سنن أبي داود 3/ 920.

[23] صحيح الجامع للألباني.

[24] تفسير ابن كثير.

[25] تفسير تيسير الكريم الرحمن للسعدي.

[26] متفق عليه: البخاري: كتاب الرقاق، باب: صفة الجنة والنار برقم: 6548، ومسلم برقم: 1850.

[27] البخاري كتاب الدعوات.

[28] متفق عليه.

[29] الترمذي، كتاب الدعوات، وحسنه الألباني في صحيح السنن: 3/ 445.

[30] الطبراني في الكبير: 8658.

[31] الترمذي كتاب الدعوات، رقم الحديث: 3673، صححه الألباني.

[32] سنن الترمذي.

[33] نوال محمد سعيد حدور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغفلة: أسبابها وعلاجها
  • ذكر الله جل جلاله بين الغفلة وضدها
  • تكبيرة الإحرام بين الغفلة والاهتمام
  • شهر شعبان بين الغفلة والاهتمام (خطبة)
  • الدرس التاسع: الغفلة
  • العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين

مختارات من الشبكة

  • ميانمار: أهالي بلدة مورونغ يواجهون شبح مجاعة متوقعة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شبح مشكلة جديدة يطل برأسه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الملتزمون.. أشباح تخوف!!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبح التقاعد(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الروس وشبح عودة دولة الخلافة(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • شبح الطلاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • بين الفرانكو أراب والنفور من العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الفريكة ( قصة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أحلام وكوابيس مفزعة(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/2/1447هـ - الساعة: 14:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب