• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عيد الأضحى 1446 هـ
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    شموع (110)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حين يجمع الله ما تفرق بالدعاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    من مائدة الفقه: فروض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حديث: أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أهمية وثمرات الإيمان باليوم الآخر
    سالم محمد أحمد
  •  
    الفرق بين قوله تعالى في أبواب الجنة: {وفتحت}، ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    خطبة: شكوى الآباء من استراحات الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)

وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
ميسون عبدالرحمن النحلاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2025 ميلادي - 10/1/1447 هجري

الزيارات: 84

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)

وقفات مع مقدمة السورة - 1-

 

تستغرق مقدمة سورة آل عمران اثنتين وثلاثين آية، تكاد تغطي كل ما بسط في قلب السورة من مواضيع تدور في فلك المحور الرئيسي للسورة؛ وهو الألوهية والعبودية.

 

الأسس العقائدية التي أتت عليها المقدمة:

أولًا: تبدأ السورة بتقرير عقيدة التوحيد مشفوعة بصفات الله الواحد الأحد:

﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1، 2]، هذا الأصل الذي تسير في فلكه كل مواضيع السورة وجزئياتها ومنحنياتها: من آيات الوحدانية، إلى منزل الكتاب، إلى مرسل الرسل، إلى رب المعجزات، إلى صاحب القدرة المطلقة في الخلق، في الموت والحياة، في النصر والهزيمة، في بسط الرزق لمن يشاء ومنعه عمن يشاء.. وكل ذلك بأمر كن فيكون!

 

هو الله الذي لا يفلح من يعصيه، ولا يشقى من يطيعه ويستهديه.. هو الله!

 

هو الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا ينبغي التألُّه والتعبُّد إلا لوجهه، فكل معبود سواه باطل، هو "الحي القيوم " وهما من أعظم صفات الله عز وجل:

فالحي، سبحانه هو الدائم في وجوده الباقي حيًّا بذاته على الدوام أزلًا وأبدًا، هو حي لا يموت كما في قوله تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]. قال ابن جرير الطبري: "وأما قوله: ﴿ الْحَيِّ ﴾ فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة والبقاء، الذي لا أول له يحد، ولا آخر له يؤمد".

 

والقيوم: هو القائم بنفسه مطلقًا لا بغيره، الباقي أزلًا وأبدًا، أو القائم بتدبير أمور الخلق، وتدبير العالم بجميع أحواله، فهو القائم بأمور خلقه في إنشائهم، وتولي أرزاقهم، وتحديد آجالهم وأعمالهم، وهو العليم بمستقرهم ومستودعهم، وهو الذي يقوم به كل موجود، حتى لا يتصور وجود شيء ولا دوام وجوده إلا بقيوميته وإقامته له سبحانه وتعالى.

 

وقد روت أسماء بنت يزيد أم سلمة الأنصارية رضي الله عنها حديثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم يفيد أن في هذه اسم الله الأعظم، قال صلى الله عليه وسلم: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163] و﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1، 2]"؛ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.

 

ومن دلائل ألوهية الحي القيوم، سبحانه:

• أنه هو المصدر الأزلي للكتب السماوية: ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ [آل عمران: 3]، فهو الذي بعث الأنبياء على اختلاف شرائعهم برسالة التوحيد، واختصَّ بالذكر التوراة والإنجيل، والقرآن، الذي نزل مصدقًا لما جاء بهما وخاتمًا للشرائع جميعها، ناسخًا لها.

 

• وأنه جل في علاه أنزل الشرائع التي سبقت القرآن لهداية الناس، ولردهم عن طريق الضلال الذي أوغلوا فيه لما تطاول عليهم الزمان: ﴿ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 3، 4].

 

• ولنفس السبب أنزل الفرقان: يقول ابن كثير: "﴿ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [آل عمران: 4]، وهو الفارق بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والغي والرشاد، بما يذكره الله تعالى من الحجج والبينات، والدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات، ويبينه ويوضحه ويفسره ويقرره، ويرشد إليه وينبه عليه من ذلك. وقال قتادة والربيع بن أنس: الفرقان هاهنا القرآن"؛ انتهى.

 

• ثم إنه جل جلاله أعَدَّ لمن يكفر بهذا الهدى بعد أن بيَّنه الله له وأوضح له سبله وطرائقه عذابًا شديدًا يوم القيامة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 4]؛ أي: منيع الجناب عظيم السلطان، ﴿ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ ممن كذب بآياته وخالف رسله الكرام، وأنبياءه العظام.

 

• ومن دلائل ألوهيته أنه متفرد بعلم الغيب، وبعلم السر وأخفى، وهو فقط الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ومن له بعلم الغيب إلا الله؟! ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]. ويربط القرطبي علم الغيب المذكور في هذه الآية، بافتراء النصارى وقولهم: إن عيسى هو الله أو ابن الله، فيقول: "قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]، هذا خبر عن علمه تعالى بالأشياء على التفصيل، ومثله في القرآن كثير. فهو العالم بما كان وما يكون وما لا يكون، فكيف يكون عيسى إلهًا أو ابن إله وهو تخفى عليه الأشياء؟"؛ انتهى.

 

• ومن صور تفرُّده بعلم الغيب أنه هو الذي يصوِّر الإنسان في رحم أمه بالمكان الذي يريده، بالزمن الذي يريده، على النحو الذي يريده، ومن يتأمل هذه الآية يجد أن خلق الإنسان وتصويره في رحم أمه يبدأ من اللحظة التي أراد الله بها الزواج بين والديه، والغيب متمثل في كل جزئيات هذه الرحلة.. فلا أحد يدري من سيكون شريك حياته على وجه القطع قبل أن يكتب الله له الزواج بها؛ ولا أحد يعلم بعد الزواج ما إذا كان سيُرْزَق أولادًا أم لا، ولا أحد يعلم هل ستكون ذريته ذكورًا فقط أم إناثًا فقط، أم ذكورًا وإناثًا؟ وهل سيولدون متعافين أم مرضى أم معاقين.. أحياء أم أمواتًا؟.. ثم هل يمكن لأحد أن يتصرف بما في الأرحام فيجعله ذكرًا أو أنثى، جميلًا أو قبيحًا، غبيًّا أو ذكيًّا؟ ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 6] هو الذي خلق، وهو المستحق للألوهية وحده لا شريك له، وله العزة التي لا ترام.

 

ثم يأتي بعد ذلك من يحدثك بألوهية العلم..سبحانه وتعالى ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9].. سبحانه!

 

ويرى ابن كثير أن هذه الآية فيها تعريض بل تصريح بأن عيسى ابن مريم عبدٌ مخلوق، كما خلق الله سائر البشر؛ لأن الله تعالى صوَّره في الرحم وخلقه كما يشاء، فكيف يكون إلهًا كما زعمته النصارى- عليهم لعائن الله- وقد تقَلَّب في الأحشاء، وتنَقَّل من حال إلى حال، كما قال تعالى في سورة الزمر: ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [الزمر: 6].

 

• ومن دلائل ألوهيته، أنه هو الذي أنزل الكتاب فجعل منه المحكم والمتشابه فتنة للناس، فمن كان في قلبه زيغ اتَّبَع المتشابه، ومن كان راسخًا في العلم قال: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]؛ يقول تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

يقول ابن كثير: "يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ﴿ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد"؛ انتهى.

 

تفصيل في المحكم والمتشابه:

•"عن ابن عباس أنه قال:" المحكمات ناسخه، وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وما يؤمر به ويعمل به.

 

وكذا روي عن عكرمة، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والسدي، أنهم قالوا: المحكم الذي يعمل به.

 

• وعن سعيد بن جبير: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [آل عمران: 7] يقول: أصل الكتاب، وإنما سماهن أم الكتاب؛ لأنهن مكتوبات في جميع الكتب.

 

وقال مقاتل بن حيان: لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهن.

 

وقيل في المتشابهات: إنهن المنسوخة، والمقدم منه والمؤخر، والأمثال فيه والأقسام، وما يؤمن به ولا يعمل به؛ رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس؛ تفسير ابن كثير.

 

جاء في تخريج المسند لشعيب الأرناؤوط، عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن منكم من يقاتل على تأويله، كما قاتلت على تنزيله"، قال: فقام أبو بكر، وعمر فقال: "لا، ولكنه خاصف النعل"، وعلي يخصف نعله.

 

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

التخريج: أخرجه النسائي في السنن الكبرى، وأحمد واللفظ له.

 

وقد جاء في شرح الحديث، أنه كان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه نصيب عظيم من التضحية في سبيل الله منذ بداية الإسلام وإلى مماته.

 

وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن منكم من يقاتل على تأويله"، يقاتل بسبب التأويل الخطأ للقرآن الكريم من عقول غير مؤهلة لتأويله، فتقع الفتن بين الناس بسبب هذا الخطأ "كما قاتلت على تنزيله"، وذلك القتال على التأويل مثل قتال النبي صلى الله عليه وسلم للناس حتى يؤمنوا بالقرآن المنزل.

 

قال أبو سعيد الخُدْري: "فقام أبو بكر، وعمر" ظنًّا منهما أنهما من سيقاتلان على تأويل القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا" ليس أنتما من سيفعل ذلك، "ولكنه خاصف النعل" يشير بذلك إلى الشخص الذي يخيط النعل في جانب من المجلس، "وعلي يخصف نعله"؛ فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن عليًّا رضي الله عنه هو من سيقاتل طائفةً من المسلمين على تأويلهم الخطأ للقرآن، وقد حدث ذلك فقد قاتل علي رضي الله عنه ومن معه من الصحابة الخوارج على تأويل القرآن بغير ما أراده الله عز وجل.

 

• ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم، ولهذا قال: ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: الإضلال لأتباعهم، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم.

 

وقوله: ﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: تحريفه على ما يريدون.

 

• ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]:

"عن ابن عباس أنه قال: التفسير على أربعة أنحاء: فتفسير لا يعذر أحد في فهمه، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم، وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل. ويروى هذا القول عن عائشة، وعروة، وأبي الشعثاء، وأبي نهيك، وغيرهم"؛ قاله ابن كثير.

 

جاء في صحيح البخاري عن ‌عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم".

 

وقال الإمام أحمد: عن الزُّهْري، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا يتدارءون فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما أنزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضًا، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه".

 

• ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أصحاب العقل السليم، والفهم القويم.

 

• ثم قال تعالى عنهم مخبرًا عن أولي الألباب هؤلاء أنهم يدعون ربهم خوفًا ورهبةً من زيغ القلوب قائلين: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران: 8]؛ أي: لا تملها عن الهدى بعد إذ أقمتها عليه، ولا تجعلنا كالذين في قلوبهم زيغ، الذين يتبعون ما تشابه من القرآن ولكن ثبتنا على صراطك المستقيم، ودينك القويم ﴿ وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ ﴾ [آل عمران: 8]؛ أي: من عندك ﴿ رَحْمَةً ﴾ [آل عمران: 8] تثبت بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا، وتزيدنا بها إيمانًا وإيقانًا ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

 

عن أم سلمة، وهي أسماء بنت يزيد بن السكن، سمعها تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه: "اللهم مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك"، قالت: قلت: يا رسول الله، وإن القلب ليتقلب؟ قال: "نعم، ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه"، فنسأل الله ربنا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب.

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9]، فهم يؤمنون يقينًا بأن الله جامع الناس ليوم الحساب؛ لذلك هم يخشونه حق الخشية، فلا يكون منهم إلا ما يرضيه.

 

ثانيًا: مسألة القوة المادية في الحروب العقائدية:

أولًا: القاعدة الإلهية في قوة الجبابرة من الكفرة: لا المال ولا الجاه ولا الذرية مانعة من قدرة الله وجبروته:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 10].

 

فالذين كفروا بآيات الله وكذبوا رسله، وخالفوا كتابه، مستندين إلى قوتهم وجبروتهم في تكذيبهم هذا، إنما يعيشون حياة الوهم، وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد والأتباع والشهرة والمنصب وقوة البطش بنافع لهم، وهم في ذلك بين أمرين: إما أن يموتوا وهم في قوتهم وعلى ظنهم هذا، فيتحولون إلى وقود لنار جهنم بعد موتهم، أو أن يعيشوا ليروا ظهور أمر الله عليهم وهم في ذروة جبروتهم، ثم يهلكهم الله ويلحقون بأسلافهم وقودًا لنار جهنم، فيشهدوا العذاب مرتين في الدنيا والآخرة.

 

• ومثال ذلك فرعون ومن قبله من الأمم الغابرة التي عصت وطغت وتجبَّرت واستكبرت على رسل ربها، ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [آل عمران: 11].

 

لكن يهود المدينة لم يكونوا ليعيروا بالًا لهذه القاعدة الإلهية؛ فقد كان من أمرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال: "يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله ما أصاب قريشًا"، فقالوا: يا محمد، لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا!" نعم، لقد نسي هؤلاء مثل فرعون والأقوام من قبله، فذكرهم الله بالأمس القريب ببدر وما كان من شأنها، فأنزل تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 12] إلى قوله: ﴿ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13].

 

• تطبيق القاعدة معركة بدر: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13]، فقد كان كفار قريش يوم بدر ثلاثة أضعاف المسلمين، كان المؤمنون يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا والمشركون بين التسعمائة والألف.

 

• وفي قوله تعالى: ﴿ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ﴾ [آل عمران: 13]، قولان: الأول، فيما حكاه ابن جرير: "يرى المشركون يوم بدر المسلمين مثليهم في العدد رأي أعينهم؛ أي: جعل الله ذلك فيما رأوه سببًا لنصرة الإسلام عليهم.

 

• والقول الثاني: "أن المعنى في قوله: ﴿ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ﴾؛ أي: ترى الفئة المسلمة الفئة الكافرة مثليهم؛ أي: ضعفيهم في العدد، ومع هذا نصرهم الله عليهم.

 

• لكن قد يتساءل أحدنا: كيف الجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى في قصة بدر في سورة الأنفال: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ﴾ [الأنفال: 44]؟

 

• والجواب يكمن في اختلاف "الرؤيا" عند التحام المعركة، كما يقول ابن كثير: "والجواب: أن هذا كان في حال، والآخر كان في حال أخرى، كما قال السدي، عن الطيب عن ابن مسعود في قوله: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ﴾ [آل عمران: 13]، قال: هذا يوم بدر. قال عبدالله بن مسعود: وقد نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلًا واحدًا، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ﴾ [الأنفال: 44].

 

وقال أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جانبي تراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة. قال: فأسرنا رجلًا منهم فقلنا: كم كنتم؟ قال: ألفًا. فعندما عاين كلا الفريقين الآخر رأى المسلمون المشركين مثليهم؛ أي: أكثر منهم بالضعف، ليتوكلوا ويتوجهوا ويطلبوا الإعانة من ربهم عز وجل. ورأى المشركون المؤمنين كذلك ليحصل لهم الرعب والخوف والجزع والهلع، ثم لما حصل التصاف والتقى الفريقان قلل الله هؤلاء في أعين هؤلاء، وهؤلاء في أعين هؤلاء، ليقدم كل منهما على الآخر"؛ انتهى ابن كثير.

 

ثانيًا: المغريات "المادية الدنيوية" التي تحول بين المؤمن وبين الثبات في المعركة:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].

 

والآية تلخص معوقات الثبات أمام الغزو الفكري والعسكري على حد سواء، وهذا ما يصرح فيه السياق في غزوة أحد، عندما كان انهزام فئة من المسلمين أمام إغراء الغنائم أهم عوامل الهزيمة!

لكن الله عنده حسن المآب! وعنده ما هو أفضل بكثير من هذا المتاع الزائل المنقضي:

﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]. ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ يعطي كلًّا بحسب ما يستحقه من العطاء.

 

ثم يصف الله "الذين اتقوا" الذين صدقوا وعد الله، ففضلوا نعيم الله الخالد على نعيم الدنيا الزائل فاستحقوا ذلك النعيم: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 16، 17].

 

ثالثًا: تقرير وحدة الألوهية التي انعقد عليها دين البشرية "الإسلام"، فكانت دين الرسالات جميعًا:

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، قرن الله جل في علاه شهادته بوحدانيته بشهادة الملائكة وأولو العلم. اللهم اجعلنا منهم.

 

روى الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني جبير بن عمرو القرشي، حدثنا أبو سعيد الأنصاري، عن أبي يحيى مولى آل الزبير بن العوام، عن الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، قال: "وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب"؛ ابن كثير.

 

وقوله جل جلاله: ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾؛ أي: بالعدل، قاله ابن عباس.

 

دين البشرية الإسلام:

وتشترك آل عمران مع سورة البقرة في عرض هذا الموضوع، لكن آل عمران تفصل فيه وهذا ما سنطالعه في وقفاتنا مع قلب السورة إن شاء الله.

 

يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 19].

 

وهذا إخبار وتقرير من الله تعالى أن الدين عند الله هو الإسلام منذ آدم عليه السلام وحتى محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، ومن يتخذ دينًا غير الإسلام فلن يقبل منه، قال الشوكاني في تفسيره فتح القدير: "عن قتادة في قوله: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ قال: الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه، لا يقبل غيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لم يبعث الله رسولًا إلا بالإسلام.

 

﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [آل عمران: 19]، والسبب في الاختلاف هو البغي، قال الشوكاني: "في قوله: ﴿ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ يقول: بغيًا على الدنيا وطلب ملكها وسلطانها، فقتل بعضهم بعضًا على الدنيا من بعد ما كانوا علماء الناس"؛ فتح القدير للشوكاني.

 

وقال ابن كثير: "بغى بعضُهم على بعض، فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم، فحمل بعضهم بغض البعض الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله، وإن كانت حقًّا، ثم قال: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 19]؛ أي: من جحد بما أنزل الله في كتابه فإن الله سيُجازيه على ذلك، ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه"؛ انتهى.

 

والحمد لله رب العالمين.

يُتْبَع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (5)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (1)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/1/1447هـ - الساعة: 9:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب