• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

حقوق البنات

حقوق البنات
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2025 ميلادي - 6/1/1447 هجري

الزيارات: 392

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق البنات

 

الحمد لله أعطى كل شيء خَلْقه ثم هدى، وألزم عباده بما أنزل من الهدى، أحمده على ما أرشد وهدى، وأشكره على ما أسدى وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ إليه تُرفع النجوى، وهو منتهى كل شكوى، وإليه المآب والرُّجعى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبع هديهم واقتفى.

 

و بعد:

حديث اليوم عن حقوق البنات في الإسلام، فإن للبنتِ في الإسلامِ مَكانةٌ سامِيَة، ميلادُها فرحَةٌ كبرى وبِشَارَة عُظمى، فهي رَيحانة الحاضر وأمُّ المستقبل، تربي الأجيالَ، صانعةُ الأبطال، رمزُ الحياءِ، عُنوان العفّة، وقد كتب أحدُ الأدباء يهنِّئ صديقًا له بمولودَة: «أهلاً بعطيّة النساء وأم الدنيا وجالبَة الأصهارِ والأولادِ الأطهار والمبشِّرةِ بإخوةٍ يتسابقون ونجَبَاءَ يتلاحقون».

 

منزلة البنات في الإسلام:

الإسلام أعلى وأعلَنَ مكانةَ البنت، وأنزلها منزلةَ الحبِّ والاحترام، فقد روى الترمذيّ عن عائشة أمِّ المؤمنين- رضي الله عنها-قالت: «ما رأيتُ أحدًا أشبَهَ سمتًا ودلاًّ وهديًا برسول الله في قيامِها وقعودِها من فاطمةَ بنتِ رسول الله، قالت: وكانت إذا دخَلَت على النبيِّ قامَ إِليها فقبَّلَها وأجلَسَها في مجلِسِه».


ولله در من قال:

أُحِبُّ البناتِ وحُبُّ البنا
تِ فرضٌ على كل نفسٍ كريمه
فإن شُعيبًا مِنْ أجل ابنتي
ه أخدمه اللهُ موسى كليمَه



من تكريمِ البنت هذه القصّةُ التي تحمِل مغزى تربويًّا بليغًا، ففي الصحيحَين عن أبي قتادة الأنصاريِّ -رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي وهو حامِلٌ أُمامَةَ بنتَ زينب بنتِ رسول الله، فإذا سجَدَ وضَعَها، وإذا قام حملها».


يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50].


وتأملوا وتدبروا ابتدأ الله تعالى بذكر الإناث، وورد عن بعض السلف: «إن من يُمْن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أنه عز وجل قال: ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 49]، ولعل في ذلك تشنيعًا على المشركين، وبيانًا لقبيح أفعالهم وخبث أعمالهم، لما كانوا يرتكبونه من حُمقٍ في جاهليتهم بوأدهم للبنات، وكرههم لهن، واشمئزازهم عند ولادتهن، قال سبحانه وتعالى في ذلك: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].

 

نوع غريب من الرجال:

رغم هذا التحذير فهناك الكثير من الرجال، لا يزال يستقبل قدوم البنات بالتجهم والعبوس، والمشكلة الكبرى هي إذا كانت البنت المولودة، هي الثالثة أو الرابعة، فتكون ولادتها مصيبة من المصائب خاصة على الأم المسكينة التي تعيش في خوف وقلق من ردة فعل الأب.

 

وقد سمعنا عن أزواج طلّقوا زوجاتهم بسبب هذا الموضوع. وكأن الزوجة هي المسؤولة الوحيدة. ونحب أن ننبه هنا إلى أن الطب الحديث قد أثبت أنه ليس للزوجة ذنب إذا أنجبت أنثى، لهذا ليس من حق الزوج أن يغضب أو يثور إذا حدث ذلك، لماذا؟ لأن الطب يقول: إن البويضة التي تحملها المرأة لها نوع واحد في كل نساء الأرض. بعكس الحيوان المنوي الذي يفرزه الرجل، فهو عند الرجل يحتوي على نوعين التذكير والتأنيث.

 

إذن الرجل هو المسؤول عن هذا الأمر، فَلِمَ التشنيع والظلم، لِمَ؟

ويروى في ذلك أنه كان لأبي حمزة الأعرابي زوجتان، فولدت إحداهما بنتاً، فعز عليه ذلك واجتنبها، وصار يسكن في بيت الأخرى، فأحست الأولى به يوماً عند الثانية فجعلت تلاعب ابنتها الصغيرة وتقول:

ما لأبي حمزة لا يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا
تالله ما ذلك في أيدينا
بل نحن كالأرض لزارعينا
ننبت ما قد بذروه فينا

 

فلما سمعها ندم على ما فعل ورجع إليها.

 

يا سبحان الله كيف تشمئز النفوس حين ترزق بمن هُن سترٌ من النار، ومن بِحُسْن تربيتهن يحظى بمرافقة سيد الأبرار في أعظم وخير دار؟!

 

والغريب أنّ مسلسل الظلم يستمر عند بعض الناس، فبعدما تنشأ البنت تسمع أول ما تسمع كلمات الدعاء عليها بالموت، حتى ولو بالمزاح والمداعبة، فإذا طلبت شيئاً وألحت في طلبه أُفهمت أنها أرخص من أن تُعطى ما تطلب، وإذا اختصمت مع أخيها الولد، ضُرِبَت وأُهِينَت على مسمع ومرآى من الولد حتى يشمت فيها ويرضى. وقد يعاملها إخوتها الذكور بالقسوة والشدة، والويل لها كل الويل إذا تأخرت في تلبية أي طلب لهم. فعندها ربما يضربونها ويشتمونها ويحتقرونها. أين هؤلاء عن ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده-الذكور- عليها، أدخله الله تعالى الجنة» [أبو داود في الأدب 5146 باب فضل من عال يتيماً، والحاكم صححه ووافقه الذهبي].

 

وبعض الآباء قد يزوّج بنته فاسقاً عاصياً أو يتاجر بها، أين هؤلاء عن معاملة الرسول لبناته فقد كان يستقبل ابنته فاطمة إذا دخلت عليه ويُقبِّلها ويُجلسها مكانه ويقول: «مرحباً يا ابنتي» [البخاري].

 

إن المؤمن حقيقٌ أن يرضى بما قسم اللهُ له، وقضاء الله خيرٌ من قضاء المرء لنفسه، وما يدري المرء أين يكون الخير والصلاح، فلرب جاريةٍ خيرٌ لأهلها من غلام.

 

ورد عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة جاءت إليها ومعها بنتان لها، قالت: فسألتني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئًا، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيّ صلى الله عليه وسلمفحدثتهُ حديثها، فقال: «من اُبتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار» [أخرجه البخاري في الزكاة (1329)، ومسلم في البر والصلة (4763)]، وفي لفظ: «إن الله قد أوجب لها بها الجنة، وأعتقها بها من النار».

 

البنات نعمةٌ مباركة:

البناتُ نعمةٌ وهِبَة من الله، وفَضلُهن لا يخفى، هنّ الأمهات، هنّ الأخوات، هن الزَّوجات، جعل الله البنت مفتاحَ الجنّةِ لوالديها، تسهِّل لهما الطريقَ إليها، تبعِدهم عن النار، بل تضمن لهم أن يُحشَروا مع النبيِّ لمن أحسن إليهن، فهنئًا لك أبَا البناتِ بهذا الشرف من رسول الله، كيف لا وأنتَ بإحسانِ تربيَتِهنّ تعِدّ شَعبًا وتبني مجدًا، فعن عقبةَ بنِ عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كان لَه ثلاثُ بناتٍ فصَبَر عليهنّ وأطعَمَهنّ وسقاهنّ وكساهنّ من جِدتِه كُنّ له حجابًا من النار يومَ القيامة» [السنن الكبرى: كتاب النكاح باب الرغبة في النكاح 7/78.]، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كُنّ له ثلاثُ بنات يؤوِيهن ويرحمهنّ ويكفلهنّ وجبت له الجنّة البتة»، قال: قيل: يا رسول الله، فإن كانتا اثنتين؟ قال: «وإن كانتا اثنتين»، قال: فرأى بعضُ القومِ أن لو قال له: واحدة لقال: واحدة. [البخاري في الأدب وأحمد- الترغيب والترهيب] وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عالَ جارِيَتين - يعني بنتَين - حتى تبلغا جاء يومَ القيامة أنا وهو وضم أصابعه». [أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات (1837)، ومسلم بنحوه في البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات (4765)].

 

وعن أنس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهن ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة، وفرق بين إصبعيه»[ السلسلة الصحيحة " 3 / 24].

 

فما أعظم هذا الأجر، وما أجلّ هذه المنزلة؟

وكفى بذلك فضلاً وفخرًا وأجرًا.

 

إنه عملٌ مبارك يفوز صاحبه بثلاثة أمور:

أولها: يُحْجب عن النار، فلا يدخلها.

 

ثانيها: يُحشر يوم الفزع الأكبر مع المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

ثالثاً: تجب له الجنة، بل ويكون فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم.

 

فما أعظم هذا الأجر، وما أجلّ هذا الثواب، الذي لا يُحرمه إلا محروم.

 

وهذا الجزاء العظيم مُقيَّد بشروط، ومهمّات شاقة، تحتاج إلى جهاد وصبر يحققها العبد، فيفوز بهذا الجزاء والأجر.

 

وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: «من اُبتلي من هذه البنات بشيء»، فسماهن بلية، قال القرطبي في تفسيره سماهن بلاءً لما ينشأ عنهن من العار أحياناً.

 

فما هي هذه الشروط والقيود التي قُيّد بها هذا الأجر العظيم؟!

الشروط اجتمعت في قوله: «فأحسن إليهن».

 

فالإحسان إلى البنات إحساناً يوافق الشرع، هو الشرط الجامع والقيد الأكبر.

 

فقال صلى الله عليه وسلم: «يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن».

 

قال الحافظ: وهذه الألفاظ يجمعها لفظ الإحسان.

 

فما معنى الإيواء؟! وما المراد بكفايتهن؟! وكيف نرحمهن؟!

أما الإيواء، فيكون على ثلاثة أمور:

أولها: إيواؤها إلى أم صالحة، تكون قدوة لها فأول الإيواء، إيواء البنات إلى أم صالحة تقية عفيفة تصونهن وتحفظهن.

 

أما سمعت نصيحة المصطفى صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك».

 

ثانيها: إيواؤها في خدرها، في بيتها تعليمها أن تقر في بيتها ولا تخرج منه إلا لضرورة أو حاجة أو قُرْبة أو صلاة جماعة وطلب علم:«يشهدن الخير ودعوة المسلمين».

 

وانظر رحمك الله كيف أضاف الله عز وجل البيوت إلى النساء في ثلاثة مواضع من كتابه مع أنها تابعة لأوليائهن، فقال تعالى: و ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 34].


وقال تعالى: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1] وقال تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]، فاحرص على تربية بناتك على القرار في البيوت، إلا ما دعت له الضرورة، وعليك بالحزم فإنه أنفع لدينهن وأعز لك في الدنيا والآخرة.

 

ثالثها: الإيواء إلى بيت عامر بالذكر والطاعة والعمل الصالح، فبعض النساء لا يخرجن من البيت؟! ولكن بيوتهن عامرة بشياطين الإنس والجن، بيوت لا يحتجب فيها النساء من الرجال الأجانب، لا غطاء ولا حجاب.

 

وبعض النساء لا يخرجن من البيوت، ولكن بيوتهن عامرة بأجهزة الفساد، وقنوات الغناء والزنا فتتعلم الحرام وتشاهده وتسمعه، وتُفتن في دينها وتضل وتفسد، أكثر مما لو كانت في الأسواق والأرصفة.

 

فهل هذا إيواء؟!

إن الإيواء الحقيقي يكون في خدر ساتر يحافظ على عرضك ويصونه.

لبيتٌ تخفق الأرواح فيه
أحب إليّ من قصر منيف
ولبس عباءةٍ وتقر عيني
أحب إليّ من لبس الشفوف

 

قال صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة».

 

كان هذا هو الإيواء؟ فما المراد بقوله: «يكفيهن؟!».

 

المراد، قد فسره في رواية مسلم بقوله: «من عال جاريتين حتى تبلغا»، قال النووي رحمه الله: «عالهما قام عليهما بالمؤونة والتربية».

 

ويفسره أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «وكساهن من جِدته».

 

نعم كفاية المرأة حاجاتها الضرورية من طعام ولباس ومؤنة من الواجبات ومن أعظم القربات التي يشتغل بها الرجال. يكفيهن هذه الأمور، فلا يحتجن إلى الخروج من الدار للعمل والكسب؟! يكفيهن هذه الضرورات فلا يفكرن في المعصية والانحراف؟! يكفيهن، ولم يقل يطغيهن، كما يفعل بعض الآباء - هداهم الله - فيبالغ في توفير طلبات ابنته، كلما اشتهت اشترى لها، وكلما صاحت تطلب أمراً، سارع بخيله ورجله مستجيباً لها مطيعاً أمرها، حتى إن بعض الآباء يشترى لبناته في المرحلة الأساسية جوالاً لماذا؟!

 

إن هذا الإغداق مُهلك للفتاة مُوجب لقصر حياتها الزوجية، فما أن تنتقل هذه الفتاة إلى دار زوجها، وتفقد هذا الدلال إلا وتنشز على بعلها وتفتقد ما نشأت عليه.

 

ورحم الله أحد مشايخنا، كان يقتصر على نوعين من الفاكهة يقول: أخشى أن يتعودن على الأصناف المتعددة فتزوج إحداهن بفقير فتزهقه، تقول أبي كان يفعل كذا وكذا، ويشتري كذا وكذا.

 

ويزداد الأمر سوءاً إذا كانت الأم مشغولة عن تربية البنات بزياراتها وخروجها الدائم من المنزل، والأسوأ من ذلك إذا كانت الأم من هذا النوع المستهتر بالدين والأخلاق كاللاتي يربين بناتهن على الطريقة الغربية، أو حسب ما يشاهدونه في الأفلام والمسلسلات، فيجنين على أنفسهن وبناتهن.

 

وفي الطرف الآخر، نجد من الرجال من يقصر على النساء في تلبية ضروراتهن، بل ويصيح فيها: لماذا لا تخرجين وتعملين مثل فلانة؟! فيضجر بتلبية حاجاتها وكفايتها.

 

الإحسان إلى البنات بالرحمة:

القيد والشرط الثالث: الذي يندرج تحت معنى الإحسان إلى البنات، قوله وبرحمهن فما هي حقيقة الرحمة؟! وما المراد بها!!

 

المعنى الذي يتبادر إلى الذهن أول وهلة، هو المعنى الظاهر والعام للرحمة يرحمهن: أي يعطف عليهن ويشفق عليهن ولا يضربهن إلى غير ذلك من معاني الرحمة. ولا شك أنّ هذا حق. ولكن الرحمة الحقيقية بالبنات تتمثل في أمرين:

الأول: رحمتهن، بالسعي والعمل الجاد على تجنيبهن النار وبئس القرار. وذلك بتربيتهن على شعائر الإسلام وإقام الصلاة والحجاب والستر والعفاف. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

فالرجل الذي يعطف على بناته ويدللهن ويحسن إليهن مادياً ومعنوياً ثم هو لا يأمرهن بصلاة أو صيام ولا ستر أو حجاب، فهذا ظالم لهن؛ لأنه لم ينصح لهن ولم يأخذ بأيديهن ويبعدنهن عن النّار.

 

النوع الثاني من الرحمة: رحمة غرائزهن ومشاعرهن، فمن الآباء من لا يرحم مشاعر بناته ولا يراعي غرائزهن فيدخل في بيته ما يثير الشهوات ويحرك المشاعر، ويدفع إلى الفجور والبغاء، من مجلات هابطة وقنوات ساقطة، فترى الفتاة مناظر تحرك الجبال، فتقع في صراع داخلي بين شهوتها وغريزتها وبين دينها وخوفها من ربها، والبعض منهن ممن لا دين لها تصارع غريزتها وخوفها من العار والعادات، ثم لا يلبث داعي الشهوة والغريزة أن ينتصر ويتغلب ويأخذ بناصية المسكينة إلى شفا النار وغضب الجبَّار.

 

ومن مظاهر عدم رحمة مشاعر البنات، تأخير زواجهن حتى يبلغن سناً، يزهد فيه الشيوخ فضلاً عن الشباب وتذهب سنون هذه المسكينة حسرات عليها، وذلك بسبب تعنت والدها أو حتى كبْره، الذي يمنعه من عرضها على الأخيار والصالحين. وربما كانت تعمل ويأخذ أبوها أجرها فيحبسها، ويرد الأكْفْاء عنها لأجل ذلك، وربما كان صفيق الوجه، قليل الحياء، يعلل فعلته الشنيعة في بناته بما مضى من نفقتهن، ويمن عليهن بحق أوجبه الله تعالى لهن، فيحرم بناته أعظم لذة في الدنيا وهي الزواج وطلب الولد، وقد تمتع هو من قبل بهذه النعمة، فأي أنانية تلك، وأي قلوب قُدّت من حَجَر قلوب هؤلاء الآباء.

 

فلنتق الله ولنُحسن إلى بناتنا.

 

أهمية تربية البنات:

تربيةُ البنات لها أهمّيّة كبيرة، فهي قُربى إلى الله، وقد قائل القائل: «إذا علّمت رجلاً فقد علّمت فرداً، وإن علّمت امرأة فقد علّمت جيلاً أو أمة».

الأمُّ مَدْرَسَةٌ إذَا أَعْدَدتَها
أَعْدَدتَ شَعْبًا طيِّبَ الأعراقِ
الأمُّ روضٌ إن تعهده الحيا
بالرَّي أورق أيّما إيراقِ


والمرأةُ المسلمة لها أثرٌ في حياة كلِّ مسلم، هِي المدرسةُ الأولى في بِناء المجتمع الصّالح، هي ركيزةُ المستقبل، فهي الزوجةُ الصالحة والأمّ الحانِيَة وحاضِنة الأبناء، وإذا نشأتِ البنتِ صالحةً في بيتها متديِّنة في سلوكها فإننا بذلك نضمَنُ بإذن الله بناءَ أسرة مسلمةٍ تخرِّج جيلاً صالحًا قويًّا في إيمانِه جادًّا في حياتِهِ مِنَ الفتيات، يَكنَّ مصدرًا للفضيلة والتقوى، يَبنِينَ المجتمعَ ولا يهدِمنَه، يؤسِّسنَ الأسرةَ ولا يهربن منها، ينشرن الخير والحبَّ، قال تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34].

 

التربية الصحيحة:

التربيةُ الصحيحة للفتاةِ تقتضي:

أولاً: تَعاوُنَ الأب والأمّ القويّ والتنسيق الفكريَّ بينهما لتؤتيَ التربية أُكُلَها.

 

ثانياً: الأساس الأوّل في بناء الفتاةِ التركيزُ على حبِّ الله وحبِّ رسولِه، وتعليمُها الفرائض الدينيّة، تنشِئَتها منذ الصغر على الدين والفضيلة، وتدعيم ذلك بقراءة قصصُ أمّهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وقصصُ الصحابيّات اللاتي صنعنَ المجد بجودَةِ تربيّتهن.

 

ثالثاً: تحقِّق التربية جودَتَها حين تكون الأمّ قدوةً حسنة لابنتها، متمثِّلةً قِيَمَ الإسلام، مع سلوكٍ حسَن وسيرة حميدة في حركاتها وملابِسِها وتصرُّفاتها، حينئذٍ تحاكي البنت أمَّها، وتكون صورةً صادقة عنها في السلوك.

 

رابعاً: تربيةُ البنت على خُلُق الحياء حارسٌ أمين لها من الوقوع في المهالك، فإن مشَت فعلى استحياء، زِيّها ورداؤها استِحياء، سِمَتُه الحياء، وقولُها وفعلها وحرَكاتها يهذِّبه الحياء، كما قالصلى الله عليه وسلم: «والحياءُ خيرٌ كلُّه، ولا يأتي إلا بخيرٍ» [ رواه البخاري ومسلم عن عمران بن حصين].

 

خامساً: الكلمةُ الطيّبة والرفقُ واللين في الأسلوب وسيلة مهمّة في التربية، وإذا قارنها قلبٌ مفعَم بالمحبّة والودّ من الوالدين عمِل عمله وآتى أكُلَه في تسديدِ السُّلوك، وله آثار نافعة، ويهدي إلى الاقتناع والقَبول، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24].

 

سادساً: حُسْنُ اختيار الصديقةِ مسألة لا مساومةَ فيها، وعليه فإنَّ الصداقة لها تأثير بالغ في السلوكِ والأفكارِ والثقافةِ الشخصيّة، فصَديقاتُ السوء كالشّرَرِ الملتهِب، إذا وقع على شيء أحرقه، وفي الحديث: «المرء على دين خليلِه، فلينظر أحدُكم من يخالل»[أخرجه أحمد (2/303)، والترمذي في: الزهد، باب: ما جاء في أخذ المال بحقه (2378)، وأبو داود في الأدب، باب: من يؤمر أن يجالس (4833) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسنه الألباني في الصحيحة برقم (927)].

 

سابعاً: تفكُّكُ الأسرةِ، ضَعفُ الروابِط بين أفرادِها، كلٌّ يَهيم في وادٍ، الأب هناك، والأمّ هنالك، يولِّد جفوةً وجفوةً تتراكَم أضرارُها فوقَ بعضها على الفتاة، وقد ينكشِفُ الغطاءُ بعد فواتِ الأوان عن سلوك غيرِ حميدٍ.

 

أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته،: إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق الصحابة (1)
  • حقوق الأرحام
  • حقوق الأولاد (3)
  • حقوق المسنين (1)
  • حقوق المسنين (2)
  • حقوق الأم (2)
  • حقوق الانسان (1)
  • حقوق المظلوم
  • حقوق الطفل (1)
  • حقوق الطفل (2)
  • حقوق الزوجة على زوجها (1)
  • حقوق الزوج على زوجته
  • حقوق اليتيم (1)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتِّفاقيات حقوق الإنسان(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • حقوق الوالدين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق البنات على آبائهن(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الزوجة على زوجها (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الثامن والعشرون: حقوق الزوج على الزوجة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب