• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: تربية الشباب على حسن الخلق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإسلام منهج يقبل الآخر ويتعايش مع غير المسلمين
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    يا ابن آدم، لا تكن أقل فقها من السماوات والأرض ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حقوق البنات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    لا تنشغل بحطام زائل
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    فقه يوم عاشوراء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أدوات الكتابة المستخدمة في الجمع الأول في العهد ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    مصارع العُشَّاق: تشخيص الداء، ووصف الدواء (WORD)
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    الصدقات سبب في نزول البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس الثامن والعشرون: حقوق الزوج على الزوجة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    بناء الإنسان قيمة حضارية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    أيها الداعي! اعزم مسألتك وعظم رغبتك (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    العام الجديد والتغيير المنشود (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    عام تصرم وعام يتقدم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم

ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2025 ميلادي - 6/1/1447 هجري

الزيارات: 181

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا ظالم إلاّ سيبلى بأظلم

﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَاكَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾[1]

 

تمهيد:

إن الحياةَ الدينا لا تخلو غالبًا من منغصات وإشكالات وعداوات البتة، وبخاصة بين العلاقات البشرية على مختلف مستوياتها لضعف الإيمان، واختلاف الأفهام، وسوء النيات، وتعارض المصالح. ولعل قصة الأخوين هابيل وقابيل، وهما من أوائل البشر الذين سكنوا الأرض؛ وقد حدث بينهما إشكالات؛ وظلم وعداء صارخ من قابيل لأخيه هابيل انتهى بقتل قابيل لأخيه. وإذا لم تتسلح النفس بالإيمان والتقوى، فقد تستجيب لنداء النفس الأمارة بالسوء فيحدث منها الظلم والطغيان عند تعارض مصالحها وارتفاع نسبة الأنانية، وصدق الله تعالى: ﴿ كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ﴾[2]. قال ابن عثيمين رحمه الله: "الإنسان من طبيعته الطغيان والتمرد، متى رأى نفسه في غنًى، ولكن هذا يخرج منه المؤمن؛ لأن المؤمن لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين"[3]. ولا شك أن الطغيانَ وما ينتج عنه من ظلم الناس بعضهم بعضًاسبب رئيس في اختلال الأمن بين الناس، فيعيشون في عداوات وصراعات، فلا أمن ولا أمان على أنفسهم وأهليهم وأموالهم ومصالحهم.

 

من أجل ذلك حرص الإسلام، بمصدريه الأساسيين؛ القرآن الكريم والسنة المطهرة على تنظيم الحياة البشرية، بإيجاد تشريعات محكمة لولاة الأمر، لتنظيم وحفظ الضرورات الخمس، وهي: (الدين، النفس، العقل، النسل، المال)، ليعيش الناس في أمن وسلام، وهناك عقوبات إلهية يقدرها ويدبرها أحكم الحاكمين، وهي ما عُرف بتسميتها السنن الكونية، أو القواعد العدلية، ومنها: الآية موضوع المقال، حيث يُسلط الله على كل ظالم ظالمًامثله، ومنها؛ قاعدة: الجزاء من جنس العمل، وقاعدة: أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وغيرها كثير.

 

أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:

قال قتادة رحمه الله: "﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا ﴾ إنما يوالي الله بين الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أينما كان، وليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولعمري لو عملتَ بطاعة الله ولم تعرف أهل طاعة الله ما ضرك ذلك، ولو عملتَ بمعصية الله وتوليت أهل طاعة الله ما نفعك ذلك شيئاً"[4].

 

وقال السعدي رحمه الله: "من سنتنا أن نولي كل ظالم ظالمًامثله، يؤزه إلى الشر ويحثه عليه، ويزهده في الخير وينفره عنه، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها، البليغ خطرها، والذنب ذنب الظالم، فهو الذي أدخل الضرر على نفسه، وعلى نفسه جنى ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[5]. ومن ذلك، أن العباد إذا كَثُر ظلمهم وفسادهم، ومنْعِهم الحقوق الواجبة، ولَّى عليهم ظلمة، يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله، وحقوق عباده، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين،كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلح الله رعاتهم، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف"[6].

 

الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال:

أولاً: إن الله تعالى جعل للحياة سننًاتُنظم العلاقات البشرية، وهي سنن ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، قال عز وجل: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [فاطر: 43][7]. قال الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد إلا سنة الله بهم في عاجل الدنيا أن أُحِلَّ بهم من نقمتي على شركهم بي وتكذيبهم رسولي مثل الذي أحللت بمن قبلهم من أشكالهم من الأمم"[8]. ومن عَلِم بهذه السنن وفَقِهها كانت له عونًابعد الله تعالى في استقرار حياته الدنيوية، ومعبرًاآمنًابعون الله لحياته الأخروية، فالسعيد من اتعظ بغيره قبل فوات الأوان. قال عبد الرزاق البدر حفظه الله: "ومن لم يعتبر بحال غيره من المفرطين الذين سبقوه كان لمن بعده عبرة"[9].

 

ثانياً: تُعد سنة الابتلاء من أشمل السنن، قال تعالى: ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا ﴾[10]. وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًابما يُصيب الإنسان في حياته من خير وشر، قال سبحانه: ﴿ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗ ﴾[11]. ولما كانت العلاقات البشرية قائمة على تبادل المصالح؛ فهي في الغالب لا تخلو من مَدٍّ وَجَزرٍ في الأقوال والأفعال، لذلك جاء التوجيه القرآني الكريم منبهًاإلى قيامها على سنة الابتلاء مع الصبر عليها، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضٖ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرٗا ﴾[12]. قال الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: وامتحنا أيها الناس بعضكم ببعض، جعلنا هذا نبيًاوخصصناه بالرسالة، وهذا ملِكًا وخصصناه بالدنيا، وهذا فقيرًا وحرمناه الدنيا لنختبر الفقير بصبره على ما حُرم مما أعطيه الغنيّ، والملك بصبره على ما أعطيه الرسول من الكرامة، وكيف رضى كل إنسان منهم بما أعطى وقسم له، وطاعته ربه مع ما حُرم مما أعطي غيره"[13].

 

ثالثاً: لسلامة العلاقات البشرية ودوامها على المحبة والوئام بدلًامن الكره والخصام جاءت الشريعة السمحة بالعديد من التوجيهات التي تحث على الأخلاق الفاضلة، وحُسن التعامل مع الأخرين، ومنها؛ قوله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾[14]. ومنها؛ قوله صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُ ‌أَخُو ‌الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ"[15]. وعلى الرغم من وضوح هذه التوجيهات قد يحدث بسبب الضعف البشري، وتسلط الهوى والشيطان تناحر وتخاصم في العلاقات يصل أحيانًاإلى درجة الطغيان، ويكون معه ظلم وجور بالطرف الآخر.

 

رابعاً: الحذر كل الحذر من تجاوز الحدود وإلحاق الأذى والضرر بالأخرين. فالله تعالى وعد بِنُصْرَة المظلوم، ومن أصدق من الله قيلا؛ كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اتَّقوا دعوةَ المظلومِ؛ فإنها تُحملُ على الغَمامِ، يقولُ الله: ‌وعِزَّتي ‌وجَلالي ‌لأَنْصُرَنَّك ولوْ بَعْدَ حينٍ"[16]. ومن نصرة المظلوم أن الله تعالى يُسَلِّطُ عليه ظالمٌ مثله، مصداقًاللآية موضوع المقال: ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾، قال القرطبي رحمه الله: "نسلط بعض الظلمة على بعض فيهلكه ويذله، وهذا تهديد للظالم إن لم يمتنع من ظلمه سلط الله عليه ظالمًاآخر، ويدخل في الآية جميع من يظلم نفسه"[17]. وينبغي على الإنسان الموفق الحذر أشد الحذر من ظلم الآخرين، أو ظلم نفسه حتى لا تناله سنة الله في نصرة المظلوم، قال تعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ ﴾[18].

 

خامساً: جاء في القرآن الكريم أن الولاية ستة أنواع، وهي:

· ولاية الله للمتقين، ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾[19].


· ولاية الله للمؤمنين، ﴿ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ﴾[20].


· ولاية المؤمنين بعضهم بعضاً، ﴿ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ ﴾[21].


· ولاية الظالمين بعضهم بعضاً، ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾[22].


· ولاية الشيطان للكافرين، ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ ﴾[23]ْ.

 

ولتوضيح ذلك؛ قال الشنقيطي رحمه الله: "قوله تعالى: ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾[24]. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنَّه ولي المتقين، وهم الذين يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه، وذكر في موضع آخر أن المتقين أولياؤه، فهو وليهم وهم أولياؤه؛ لأنهم يوالونه بالطاعة والإِيمان، وهو يواليهم بالرحمة والجزاء، وذلك في قوله تعالى: ﴿ أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾[25]، ثم بين المراد بأوليائه في قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾[26]، فقوله تعالى: ﴿ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾ كقوله في آية الجاثية هذه: ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾[27]، وقد بين تعالى في آيات من كتابه أنَّه ولي المؤمنين، وأنهم أولياؤه، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾[28]، وقوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾[29]، وقوله تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ٱلۡكَٰفِرِينَ لَا مَوۡلَىٰ لَهُمۡ ﴾[30]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾[31]"[32].

 

سادساً: يغلب على الطبيعة البشرية الميل إلى من يُشاكلها بحكم الهوى والشهوات والعادات والتقاليد والأعراف السائدة، أو الاتجاه السائد في البيئة المحيطة، قال المراغي رحمه الله: "من شأن الأفراد والجماعات أن يميل كل منهم إلى من كان على شاكلته ويتولاه بالتعاون والتناصر فيما هم فيه مشتركون ويناوئون من يخالفهم في ذلك"[33]. وهنا وقفة تربوية مهمة، أن الإنسان الموفق بتوفيق الله تعالى لا يتجه في أي وجهة، أو يسير مع من هب ودب؛ حتى يعرف حقيقته ويسبر مآله من خير وشر لأن مسايرة الناس في توجهاتهم والتعلق بالعادات والتقاليد والأعراف قد يحصل من جرائها أخطاء شرعية لا تحمد عقباها، ويكون الإنسان بسببها تحت دائرة عقاب الله تعالى، وهذا الميل غير الواعي تجاه توجهات الناس والتعلق بالعادات والتقاليد ممقوت شرعًاوعقلاً، وهو من إفرازات الجاهلية؛ إذ قال أحدهم:

وما أنا إلّا من غزيّة إن غَوَت      غويتُ وإن ترشُد غزيّةُ أرشُدِ

 

سابعاً: إن الإسلامَ دينُ الكمال والخير والعدل، يرفض أعراف الجاهلية، ومنها الميل غير الواعي للعادات والتقاليد وما عليه الأباء والأجداد دون نظر وتمحيص بما يوافق الشرع من عدمه، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَلَايَهۡتَدُونَ ﴾[34]. وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا، فَلا تَظْلِمُوا"[35]. قال ابن عثيمين رحمه الله: "ينبغي للمسلم أيضًا ألا يكون إمَّعَةً يتبع كلَّ ناعق، بل ينبغي أن يُكَوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى، حتى يكون متبوعًا لا تابعاً، وحتى يكون أسوة لا مُتأسياً"[36].

 

ثامناً: إن الإنسانَ، أو الجماعة قد يبتلوا بظالم يسومهم سوء العذاب، أو بقحط، أو نكبات، أو جوائح، أو شدة، ولا يدرك الكثير من الناس أن ذلك تحقيق لسنة الله تعالى عليهم، وقد نبه وحذر ابن عثيمين رحمه الله من ذلك، فقال: "نرى الآن النكبات تأتي على المسلمين متنوعة، وما رأينا أحدًا إلا القليل النادر يقول: يا جماعة، ارجعوا إلى دينكم، البلاء منكم، والخطأ خطؤنا، والظلم ظلمنا، فلنرجع إلى ربنا، حتى لا يسلط علينا هؤلاء الظالمين؛ لأن الله يقول: ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾[37]، ليس ما أصابنا هو حدث مادي، أو خلاف من أجل المال، أو الاقتصاد، أو الحدود، أو الأرض، أو ما أشبه ذلك، وإنما هو قدرٌ إلهي، سَلّط بعضنا على بعض لأننا أضعنا أمر الله: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾[38]"[39].



[1] الأنعام: 29.

[2] العلق:6.

[3] تفسير العثيمين (جزء عم، ص: 260).

[4] تفسير ابن أبي حاتم، حديث رقم: (7900).

[5] فصلت: 46.

[6] تفسير السعدي (ص: 273).

[7] فاطر: 43.

[8] تفسير الطبري (12/ 478).

[9] الموقع الرسمي للشيخ عبدالرزاق البدر تحت عنوان السعيد من اتعظ بغيره.

[10] الملك:2.

[11] الأنبياء:35.

[12] الفرقان: 20.

[13] تفسير الطبري (19/ 252).

[14] النحل:90.

[15] صحيح مسلم، حديث رقم: (2564).

[16] فؤاد عبد الباقي، صحيح الترغيب والترهيب، حديث رقم: (2230).

[17] تفسير القرطبي (7/ 85).

[18] هود: 102.

[19] الجاثية: 19.

[20] البقرة:257.

[21] التوبة:71.

[22] الأنعام: 129.

[23] البقرة: 257.

[24] الجاثية: 19.

[25] يونس:62.

[26] يونس:63.

[27] الجاثية: 19.

[28] المائدة: 55.

[29] البقرة:257.

[30] محمد:11.

[31] الأعراف: 196.

[32] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (7/ 201).

[33] الأنعام: 29، (8/ 31).

[34] المائدة: 104.

[35] البغوي، شرح السنة، حديث رقم: (3444)، الترمذي؛ وقال حديث حسن غريب، رقم: (2007).

[36] مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين، (2 /301).

[37] الأنعام: 129.

[38] الشورى: 30.

[39] تفسير العثيمين، من فوائد قوله عز وجل: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رسالة من مظلوم إلى ظالمه: أشكرك أنك جعلتني من هؤلاء المحظوظين
  • الحصار الظالم: دروس وعبر (خطبة)
  • حسرات المجرمين والظالمين يوم القيامة (خطبة)
  • عاقبة الظالم والمظلوم (خطبة)
  • قصة الغلام والمؤمن مع الملك الظالم
  • لماذا لا يعاقب الله الكافرين والظالمين فورا؟

مختارات من الشبكة

  • ندم الظالمين (ويوم يعض الظالم على يديه)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • قول الله تعالى: ‏(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) وعيد للظالمين وأمل للمظلومين(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنيس المظلومين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (7)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنيس المظلومين (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل أكون ظالما لزوجتي إذا تزوجت حبيبتي الأولى التي مات زوجها؟(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/1/1447هـ - الساعة: 14:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب